الفراشة أصبح فتيات Ftayat.com : يتم تحديث الموقع الآن ولذلك تم غلق النشر والمشاركات لحين الانتهاء من اتمام التحديث ترقبوا التحديث الجديد مزايا عديدة وخيارات تفاعلية سهلة وسريعه.
فتيات اكبر موقع وتطبيق نسائي في الخليج والوطن العربي يغطي كافة المجالات و المواضيع النسائية مثل الازياء وصفات الطبخ و الديكور و انظمة الحمية و الدايت و المكياج و العناية بالشعر والبشرة وكل ما يتعلق بصحة المرأة.
عشقي عالمي
18-11-2022 - 04:36 pm
  1. ثم قهقهت مرة أخرى و هي تهز رأسها بخفة و تستدير نحو الداخل ..

  2. مقصّه ..!! * * * *

  3. و لو عندها تيلفون كيف بترمسينها ..

  4. اتسعت عينا أمها بادراك قبل أن تزفر بضيق .. تابعت وديمة ..

  5. ضربتها أمها بخفة على ذراعها و هي تنهرها مدافعة عن ابنتها بالرضاعة ..

  6. أيجدن في نفوسهن النشاط لشق الإبتسامة بعد يومهن الدراسي .. عجيب ..!!

  7. داانوه ..


كيفكم يافراشات
جبت لكم روايه من اروع الروايات ومن جد انصدمت لمن بحثت عنها في قوقل في منتدى الفراشه وماحصلتها وفي نفس الوقت فرحت لان ودي انزل روايه جنان واغلبها القاها موجوده <المهم مالك بالطويله اخلصي هع
انا كنت ماتقبل بعض الروايات الامارتيه علشان مافهم اللهجه بس هذي الروايه من جد غيرتخليك تفهمينها وتاخذك في جو رومانس وخيال
ومضحك في نفس الوقت
ومااقول الا مبدعه ياليتني غريبه
~~~~~~~~~~~~~~~~
يله بسم الله نبدأ الدخول في خطوات هااديه لقراءة الرائعه ( خطوات تغفو على عتبات الرحيل )
للكاتبه .... ليتني غريبة
إليهم ..
من سكنوا حنايا الذاكرة .. استحلوها و استبدوا بها .. فأضحت عاجزة عن النسيان ..
من لازلت من الأمس إلى يومي .. حتى غدٍ .. أعيش على تلك الصور الغابرة .. حيث وجوههم الذاوية ..
لم أعد أميّز ملامحها ..
إليها ..
تلك العاجزة عن إخلاء سبيل أطياف الراحلين .. متشبثة بألمها .. غارقة به ..
مجنونة ..
تسخر من أحزانها بابتسامة .. تدمي روحها ..
إليكم ..
لمكامن الشعور في تلك القلوب الرحبة .. مشاعر دفينة ..
لفوضى الإحساس في نفوس مضنية .. أحاسيس حائرة ..
حتما ..
ستتفجر ..!
إليّ ..
لدمعتي الغبية التي لا أعرف لها سببا .. مشاعري المتخبطة بين أضلعي ..
حائرة .. متوجسة ..
لا تعرف الهدوء للحظة ..
إلا بعد دوي الرحيل ..!
.
.
ألفت لي مسكنا هنا .. يجرني إليه الحنين عائدة ..
لأحط الرحال مجددا .. بين وريقاتي الخاوية ..، و أحرف ..
ستتساقط هامات الكلمات منهزمة ..
تحت وطأة ما ستحمله هذه الحكاية ..
لا شيء يجعلني بهذه النشوة ..
كالدنو منكم مجددا
  • همسة ،،،

فوضى تعتري روحي .. أتيه بها و تبعثرني .. بحاجة لأن أرمي بأثقال ما يحير إحساسي هنا ..
لربما إهتديت إلى تلك الطرقات التي ستعيدني .. إلى عتبات الرحيل ..
أو الحنين ..
أخيرا ،،
كل بوح لقلمي هنا هو لي .. مني .. و إليّ ..
أي حرف سيستبى من بين وريقاتي في ذمة من سينشلها من جعبتي إلى يوم الوعيد ..
خطوات مسروقة
.
.
ترتعش و تكاد ركبتاها أن تتهاوى .. لم تعد تقوى الوقوف .. و قوة زائفة تهتز على وجهها ..
تتزعزع ..
جسده القوي يميل على الباب .. واثقا .. ساخرا ..
  • تبينيه أظهر ..؟!

يرتجف صوتها و هي تتدارك قلبها الأحمق .. قد يفضحها ..
و هي ترفع بصرها بشموخ منكسر .. و سبابتها المتخاذلة تشير نحو الباب ..!
  • هيه إظهر ..

ما زال البرود يسكن عينيه .. يجتاح جسدها المرتعد .. و هي تريد أن تغمض عينيها للحظات فقط ..
لكنه سيدرك كم هي ضعيفة ..
و سيسعده ذلك ..
لا ..
لن يغلبها ..
عادت تنظر لوجهه الجامد اللامبالي .. تبحث في قسمات وجهه المتصلب عن صدى لإحساسها الأخرق ..
حتما لن تجد شيئا ..
هو .. هو
لم يتغير ..
و لن يفعل ..
شدت يدها و إصبعها يجد طريقه للثبات ..
و تكابد دمعة تسعى للفرار ..
  • إظهر من بيتيه .. إظهر من حياتيه ..

.
الخطوة الأولى
كانت الشمس قد تبوأت مكانا في صدر السماء .. لتسلّط أشعتها الحارقة بلا رحمة .. تشعل الأرض جحيما ..
تلهب جدران تلك المنازل المتهاوية .. تذيب الأنفاس ..
و تكوي وجهها المتغضن بضيق .. و هي تلهث بتعب .. إذا كانت هذه أضواء شمس دنيا باهتة ..
و تحيلهم رمادا في هذا اليوم ..
فليجرهم الله من نار الآخرة إذا ..
رحمتك يا رباه .. الحر شديد هذا اليوم ..
تنفض الثوب المبتل بين يديها لتعلقه على حبل الملابس .. و هي تشخر ساخرة .. تحت وطأة هذه الشمس و حرارتها .. ستعود بعد لحظات لتجمع هذه الملابس ..
واصلت نفض الملابس و هي تنتعش لثوانٍ خادعة بالقطرات التي تتناثر منها .. فقد تعطل جهاز تنشيف غسالتهم .. عليهم نشر الثياب مبتلة تماما ..
تنهدت بقوة .. لا بأس ما دامت سترطب الأجواء في هذا الحر القاتل ..
مسحت جبينها المحمر بتعب ..و هي تواصل نشر الملابس .. حانت منها التفاته سريعة للسور القصير المتخاذل ..
المشترك بينهم و بين جيرانهم .. فكرت بداخلها أن ترمي بعض الحصى لتنبه فاطمة .. فتلاقيها ..
سرعان ما تراجعت عن هذه الرغبة ..
فهن بالتأكيد سيتحدثن عبر الفرجة التي توجد في الجدار القابع خلف المطبخ ..
و تحت لسعات هذه الشمس .. لا تعتقد بأنها ستجد متعة في الحديث .. الأفضل أن تتوجه للداخل فور انتهائها من هذه الملابس .. كي تقضي ما تبقى من أعمال ..
انتهت من نشر الملابس لتجيل نظرها في الباحة الخلفية لمنزلهم .. الباحة الضيقة .. التي لا يتجاوز طولها الثلاثة أمتار و عرضها المترين ..
حملت سلة الغسيل .. و استدارت متوجهة للحمام .. لتضعها حيث مكانها .. قرب الغسالة .. و لكنها توقفت عند باب المطبخ .. لتدلف بهدوء .. و هي تراها تدير ظهرها لها و تحرك الملعقة في القدر ..
مدت يدها تلمس كتفها لتنبهها إلى وجودها .. فالتفتت تلك بسرعة ثم ابتسمت بشغب و هي تشير لوجهها الجميل ضاحكة ..
عقدت الأولى جبينها بضيق .. لابد أن وجهها محمر بشدة فبشرتها البيضاء ستحترق حتما تحت أشعة الشمس ..
صفقت بيدها ثم دفعتها في وجهها بحركة طفولية مضحكة .. لتهتز تلك مجددا في ضحكة متقطعة و عينيها الواسعتين مغمضتين ..
قبل أن تشير لها أختها بيدها بحركة فنجان يشرب و تشير لعلبة الشاي في رف قريب .. و هي ترفع صوتها بشدة ..
  • سوي جاهي .. سوي جاهي ..

هزت تلك رأسها و أشارت إلى عينيها ..
  • أن عوني ..

ابتسمت تلك و اقتربت منها تطبع على خدها قبلة قويّة .. و تقول بصوت عادي تعلم أنها لن تسمعه و لكن تحرك شفتيها بوضوح ..
  • تسلم عيونج ..

خرجت من المطبخ و وضعت السلة في الحمام الوحيد في المنزل باستثناء الحمام الملحق بالغرفة الخارجية الحقيرة التي يطلقون عليها مجلس الرجال ..!
أي رجال .. تلك الغرفة الضيقة لن تكفي سبعة منهم ..
نظرت للمساحة الصغيرة بين الغرف الثلاث التي يعتبرونها صالة و مكانا للجلوس حيث وضعوا جهاز التلفاز المسن .. ارتاحت لمرآها نظيفة ..
رفعت بصرها نحو الباب المقابل مباشرة .. لتتقدم بهدوء و تدير المقبض و تدفعه .. ليكشف خلفه عن غرفة ضيقة وُضع في زاويتها على الأرض مرتبة مربعة فُرش عليها غطاء و وزعت بها مخدتين عريضتين و بطانية ثقيلة ..
و بجانبها جلست تلك على الأرض بين يديها ثوبا لم تتبين ما الذي تفعله به .. اقتربت ببطء كي لا تشد ناظرها حركتها .. لتجدها ترتق شقا في طرف الثوب بإبرة .. جلست بجانبها لترفع تلك رأسها بابتسامة حنونة ..
شيء كالحلم ارتسم على وجهها الذي خطت به الأيام ما يكبر سنها الحقيقي .. بادلتها هي الابتسامة بصدق و هي تصيح بصوت عالٍ ..
  • أمااه .. جاهي .. جاهي في الصالة ..

و تشير بيدها لتفهمها ما تقصد .. فتهز أمها رأسها بهدوء و هي تشير لما بين يديها .. ففهمت مقصدها بأن تريد أن تنهي ما بين يديها .. و هي تسمع حديثها المتقطع ..
  • ثوب عفااه .. تبااه يوم ..

تذكرت .. أوف ،، عفرا و ما تريد .. فكرت بأن تلقي نظرة سريعة على فاطمة لتسألها الآن ما تريد ..
وقفت بسرعة و ركضت بخفة لتصل إلى الباحة الخلفية الضيقة خلف البيت .. فتلتقط بعض الحصى من الأرض و ترميها على المظلة التي تظلل جزء بيت جيرانهم الخلفي .. حيث يوقفون سيارتهم الوحيدة ..
لحظات و يصلها صوت فاطمة الناعمة و هي ترفعه كي تسمعها ..
  • منوه ..

رفعت صوتها هي الأخرى ..
  • فطوم أنا حور ..

أتاها صوت فاطمة مجددا ..
  • بلاج حور ..؟
  • تعالي صوب الفتحة برمسج ..

و ركضت للجدار القابع خلف المطبخ .. لتدس وجهها في الفتحة المستديرة .. قبل أن يطل وجه فاطمة من الجانب الآخر ..
  • مرحباا ..

ابتسمت حور بود ..
  • أهلين ..
  • هاا شعندج بسرعة الغدا ع النار أخاف يحترق ..!

ابتسمت حور مازحة ..
  • و إذا بيحترق بتفرق يعني .. بيسمم أهلج بيسممهم .. محترق و الا لا ...

مطت فاطمة شفتيها ..
  • مالت عليج .. أنا أستاهل لي أخطط أطرش لج من الصالونة ..

اتسعت عينا حور بلهفة ..
  • مسوية صالونة اليوم ..

نفخت فاطمة صدرها ..
  • عيل .. الحين خلصينيه شعندج ..

رفعت عينيها للأعلى بحرج .. تشعر بالضيق دوما لإضطرارها أن تطلب من صديقتها شيئا رغم أنهم اعتادوا على تبادل احتياجاتهم ..
  • آآم .. فطوم بتخبرج .. بعده فستان عرس خوج سالم عندج ..؟!

هز فاطمة رأسها بعجب ..
  • هيه .. بس هذا مفصلتنه قبل أربع سنين يمكن يطلع قصير عليج ..

هزت حور رأسها بسرعة ..
  • لا هب أنا لي أباه .. عفاري تبا فستان للتخرج .. تعرفين باقلها شهرين و تتخرج من الثنوية .. قلت أشوفه بعده عندج ..؟!

ابتسمت فاطمة بحب ..
  • أفاا عليج .. إلا عنديه .. و بييبه لج العصر إن شا الله .. كم حور عدنا .. تستاهل عفااري ..

قالت حور ببؤس ..
  • على الله يطلع على مقاسها .. ناقة هاي هب بنية .. شوي و تطولنيه ..

ضحكت فاطمة برقة ..
  • عادي لو ما يا عليها بنفكه من تحت أهم شي تلبس فستان في التخرج شرات باقي البنات ..

ابتسمت حور و مدت يدها عبر الفتحة لتقرص وجنة صديقتها بحب ..
  • يعلنيه هب بلاج يا الغالية ..

أسدلت فاطمة أهدابها بخجل مصطنع ..
  • أحرجتينيه ..
  • قولي و الله ..!
  • و الله ..
  • هب كأنها هاي ريحة غداكم يحترق ..

اتسعت عينا فاطمة برعب .. الغداء.. و ركضت مسرعة .. فيما صرخت حور خلفها و هي تقهقه بقوة ..
  • لا تنسين تييبين الفستان عسب تقايسه الناقه ..

ثم قهقهت مرة أخرى و هي تهز رأسها بخفة و تستدير نحو الداخل ..

مقصّه ..!! * * * *

نقلت طفلتها بعناية من يدٍ إلى أخرى و هي تدلف البيت بهدوء شديد .. تعلم جيدا أين ستجد أصحابه في هذا الوقت .. توجهت مباشرة نحو المطبخ .. لتتسع ابتسامتها حالما وقعت عيناها على أمها و هي تدور و تساعد الخادمة في إعداد الغداء ..
  • السلام عليكم ..

التفتت أمها بحنان و هي تتقدم منها ..
  • و عليكم السلام و الرحمة .. مرحبا .. مرحبا .. حيا الله من يا ..

قبلت رأس أمها و هي تناولها الصغيرة لتسلم عليها ..
  • يحييج و يبقيج فديتج .. شحالج أمايا ..

تخرجها من المطبخ و تقودها للصالة ..
  • بخير يعلج الخير .. شحالج انتي و شحال مريومتي - و ضمت الصغيرة لصدرها بحنان - بعدها مريظة ..؟!

تنهدت إبنتها ..
  • يسرج حاليه .. مريوم تونيه يايبتنها من العيادة مسويلها أكسجين .. إدعيلها انتي بس ..
  • الله يشفيها ..
  • آمين ..

مدت أناملها تمررها على شعر ابنتها الغارقة في حضن أمها ..
  • خالتيه وديمة شحالها ..

نظرت لها أمها شزرا ..
  • لازم بتخبرين عنها سميتج .. ما تنشدتي عن خوانج ..

ضحكت وديمة بمرح ..
  • شوه أمايه ليكون تغارين ..!

عقدت أمها جبينها ..
  • أغار من شوه .. صدق ما عندكن سالفة يا بنات هالزمن ..

ابتسمت بهدوء ..
  • لا صدق أمايه .. خالوه شحالها .. من زمان عديبها ..

تنهدت أمها بأسى ..
  • لا تخبرينيه .. و الله أنا لي من زمان عنها .. من أسبوعين يمكن هب داريه عنها .. التهيت بالبيت و العيال و ما رمت أسير لها .. هي لو عندها تيلفون كان زين ..

ابتسمت وديمة بمرارة لزلة أمها ..

و لو عندها تيلفون كيف بترمسينها ..

اتسعت عينا أمها بادراك قبل أن تزفر بضيق .. تابعت وديمة ..

  • التيلفون عند هالخبلة حوورووه ... بس دومها مبندتنه ..
  • هيه ترانيه تخبرت مايد البارحة و قاليه إنها ما تبطله .. مادري عيل ليش يايبتنه ..
  • شوه يايبتنه بعد .. هذا لي يقاله ريلها يايبنه لها .. بس ما تبطله خايفة يتصل .. و الله إنها مشفرة هالبنية .. إلا ما أرضعتيها شي من العقل يا أميه ..

ضربتها أمها بخفة على ذراعها و هي تنهرها مدافعة عن ابنتها بالرضاعة ..

  • حور أعقل عنج ظامة هل بيتهم كلهم هي و المها .. غير أبوها ما سوى خير يوم فرها في ذمة هالريال .. عنبوه من ملك عليها ما شافت شيفته ،،، أمبونها هب عارفتنه هي و أهله لي ما شافتهم غير يوم الملكة المنحوس ..

خففت وديمة عن أمها ..
  • شوه تبين ابهم .. هاييلا هلهم .. و متفاهمين .. تعرفين انتي البير و غطاه .. خلينا برا هالسالفة أخير لنا ..

قالت أمها بقوة ..
  • هاي بنتيه ..
  • أدري فديتج .. بس شوه بتغيرين انتي من الوضع ..؟! ما باليد حيله يا أميه .. إذا أبوها راضي بالوضع .. نحن مالنا حجة عليه ..

نفخت أمها بقهر و هي تنظر لوجه الطفلة ..
يقع ظلم كبير على تلك الفتاة و الكل يتفرج ..!
  • * * * *

عقدت جبينها بشدة و هي ترى المسألة تتعقد في عينها أكثر .. فأكثر .. حقا لن تجني شيئا من خلف هذه الفيزياء بخلاف خلل سيصيب دماغها مع نهاية العام ..
صفقت الكتاب بقوة لتدسه في حقيبتها المدرسية .. و تضم غطاء رأسها جيدا .. لتنظر عبر نافذة الحافلة للخارج و تزفر ببطء ..
زحمة الشوارع الضيّقة و هذه الأحياء المتقاربة .. و السيارات العائدة من أعمال أصحابها ..
كانت أصوات الفتيات في الحافلة المدرسية و هي تقلهم للبيت من المدرسة تعلو و تتفاوت و ضحكاتهن تملأ الجو ..

أيجدن في نفوسهن النشاط لشق الإبتسامة بعد يومهن الدراسي .. عجيب ..!!

من زحمة الأصوات يصل لمسامعها صوتين تألفهما كما تألف اسمها .. ضحكاتهن .. و حكاياتهن المتحمسة ..
رغم عنها وجدت نفسها تبتسم و هي تستمع لأختها التي تصغرها بسنتين و هي تتحدث بصوت عالٍ عن قصة تعرف هي جيدا أنها لم تحدث قط ،، و لكنها تستمتع بسرد الأكاذيب و الحكايات الملفقة .. هذا ما يجعلها محط الأنظار من زميلاتها .. هي و أختها الأخرى التي تكبر الصغيرة بسنة .. يستطعن الاندماج بسرعة معا في أي مكان ما ،،، و لم يكن ذاك صعبا عليهن في المدرسة .. حيث جميع من ينضم لذاك المجتمع يقاربهن في السن ..
شعرت بثقل يقع بجانبها على طرف المقعد الخالي .. لترى أختها التي تصغرها بسنة مسترخية و هي تلف غطاء رأسها بعنف ..
  • أوف .. حر .. بموت .. عفاري لو انصهرت حطونيه في الثلاجة ..

و راحت تضحك بشدة على نكتتها السخيفة .. فيما هزت عفرا رأسها باستخفاف ..
  • وين هاي الثلاجة لي بتسدج ..؟!

نظرت بطرف عينها و هي تقول بتكبر ..
  • شوه أخت عفرا .. عندج شك في رشاقتي ..؟!

رفعت عفرا حاجبا ساخرا ..
  • لا حشا .. امنوه بيشك في حجمج يا نورة ما شا الله .. إنتي يقين تسدين عين الشمس ،،،

ابتسمت نورة بخبث ..
  • كأنج تسبينيه .. بس ما عليه ،، ناقة ما ألومج أكيد تغارين ..

نظرت لها بضيق .. لا تحب أن يعيّرها أحد بطولها .. خصوصا شقيقاتها القصيرات القامة اللواتي تفوقهن طولا ..
  • ما برد عليج يا حكيم الأقزام .. أشري لختج خليها تيي .. قربنا من راس شارع الفريق ..

رفعت نورة يدها بحماس و هي تشير لأختهن و تقول بصوت مرتفع تريد أن يصلها من بين أصوات الفتيات ..

داانوه ..

التفتت دانة نحوهن قبل أن تشير نورة لمقدمة الحافلة .. فالتقطت دانة حقيبتها ثم تقدمت للكرسي لتدفع نورة إلى الداخل و تجلس بجانبها .. رغم ضيق الكرسي الذي بالكاد اتسع لثلاثتهن .. إلا أنهن لم يشعر بالضيق .. لحظات و توقفت الحافلة عند موقفهن المعتاد .. حملن حقائبهن المدرسيّة على أكتافهن قبل أن يرفعن أطراف غطاء رؤوسهن على وجوههن و ينزلن من الحافلة تباعا ..، تحركت الحافلة مبتعدة و مفسحة لهن الطريق ليقطعن المسافة المتبقية بين البيت و المنزل مشيا على الأقدام .. تذمرت دانة بشدة ..
  • ما بوصل البيت إلا أنا متسبحة عرق .. حر حر .. أف .. الله المستعان ..

كادت تبكي حين رأت سيارة مقبلة من الشارع البعيد ..
  • لا .. هب ناقصينه هالسبال بعد ،،،

التفتن جميعا ليرن السيارة المقبلة .. هتفت نورة بحنق ..
  • و الله العظيم لفره بحصى ،، هالثور ما يفطن .. عنبوه ما يحشم ييرانه .. أنا أقول شعنه ما تم معرس غير سنة امنوه يروم لواحد شراته هالحقير ..

كانت عفرا هادئة و صارمة ,,
  • ما عليكن امنه .. سون طاف و امشن و لا تلفن يمين و لا شمال .. نورة و الله ليوصل الخبر لبوية هب حور لو رديتي عليه .. خليه يخيس هو و رمسته السم .. طنشن و الا بيشجعه المرادد .. سيده ..

قالت دانة بغصة ..
  • لو أروم أقول لبوية بس .. و الله ليدفنه في القاع الكلب ..

همست نورة مع إقتراب السيارة التي أصبحت تمشي بقربهن ببطء ..
  • خبلة انتي ..؟! بيدفنه و بيدفنا وياه .. ابوج ما عنده ون تو .. بقول انتن يريتنه .. طبيه الخايس ما يرزا ..

و ببطء أنزل زجاج نافذة السيارة ببطء شديد .. و هو يقول بصوت يحاول جاهدا أنا يكون رقيقا ..
  • السلام عليكن بنات ..

واصلن البنات يحثثن الخطى بصمت .. لم يعدن حتى يتبادلن الأحاديث فيما بينهن ..
  • أفاا ما تردن السلام .. السلام لله .. ما تبن توصيله ..

تشعر نورة بشيء يتصاعد في صدرها .. تريد أن تتوقف لتلتقط حجرا من حجارة هذا الشارع المهمل لترميها على رأسه عديم النفع .. و صوته النشاز يصلهن و هو يقول بخبث ..
  • حرام و الله غصون البان تمشي تحت هالشمس .. فديت عرضاتهم العرب .. لو من أهلكن كان حطيت موتر و دريول خاص يوصلكن الين باب الحجرة ..

همست نورة بحقد لا يسمعها إلا أختيها ..
  • إنقلع زين .. انته لو تروم سير بدل موترك .. لو تغازل ع سيكل أشرف لك من هالكشرة ..

حبست أختيها الضحكات باستماتة .. و تنفسن الصعداء حين لاح البيت الصغير لهن من بعيد .. قال هو مودعا ..
  • الوعد باكر يا الغراشيب .. ارقبنيه ..

و أسرع من سير سيارته .. لا يستطيع اللحاق بهن حين يقتربن من البيت يخشى على نفسه من أبيهن ..
في حين تنهدت دانة بارتياح ..


التعليقات (7)
عشقي عالمي
عشقي عالمي
الخطوة الثانية
.. خطوات تلتمس طريق البداية ..
في غياهب ظلمات النعاس صوت الطرقات يشق السكون الخامل .. ينتشلها من رقادها بقوة .. لترفع رأسها بتعب من على المخدة و شعرها الجاف يسقط على وجهها .. فتتذمر بصوت أثقله النعاس ..
- امنوه ..
كانت تلك أمها التي صاحت بها و هي لا تزال تطرق الباب بقوة ..
- رويض نشي و صلي العصر لا تطوفج الصلاة ..
هز رأسها الثقيل تنفض النوم قبل أن تقول ..
- انزين خلاص ..
سكون أعقب الكلمات لترتمي مجددا على السرير .. خمس دقائق فقط ثم ستصلي .. خمس دقائق .. تقلبت على الفراش الوثير .. و راح جفناها يثقلان .. قبل أن تجفل بفزع حين عادت الطرقات تلح على بابها بقوة ..
- روضوه نشي صلي ..
مسحت وجهها بتعب ..
- نشيت .. و الله نشيت ..
ألقت نظرة على ساعة الحائط لتجد عقاربها تشير للرابعة و النصف .. فدفعت عنها غطاء السرير متوجهه نحو الحمام لتتوضأ .. تخطو على أرضيته الرخامية الفخمة ..
أدارت الصنبور ليتدفق الماء الدافئ بقوة تحويه بين يديها لتنثره على وجهها البارد فتسترخي قليلا ..
كان اليوم متعبا للغاية ،،، المزيد من المحاضرات .. المزيد من الواجبات المنزلية .. ثم تأتي إلى البيت تنشد الراحة لسويعات قليلة فلا تجدها ..!!
تنهدت و هي تتوضأ ببطء .. قبل أن تخرج لترتدي ما يناسب الصلاة و تلف غطاء رأسها بإحكام ..
ترفع يديها لجانب رأسها .......
- الله أكبر ..
* * * * *
تشد الغطاء لرأسها بقوة و هي تتمسك بثوب أختها الكبرى .. فيما راحت أختها الأخرى تسحب طرف الغطاء ..
- أقولج خوزي أخيرلج .. و الله تتصفعين ..
صاحب الصغيرة باكية ..
- حور قولي لهند .. أنا حجزت المكان قبلها .. أبا أوقف عدالج ..
صاحت هند بقسوة لا تظهرها إلا نادرا ..
- مزنووه خوزي أخيرلج .. عطيتج ويه أنا أوقف كل يوم عدالها في الصلاة ..
أغمضت حور عيناها لبرهة قبل أن تنهرهما بقوة ..
- بس إنتي وياها راحت علينا الصلاة و انتن تظاربن .. مزنووه شتبين بالوقفة عداليه ..
ضربت الأرض بقدمها ..
- ما أسمعج يوم تقرين ..
اتسعت عينا نورة بدهشة و هي تضحك ..
- يالخراطة أنا آخر وحدة و أسمعها .. - ثم غمزت بخبث - قولي إنج تبين عدالها يا الياهل ..
- أنا هب ياهل .. حور ما أسمعج .. ليش هندووه كله توقف عدالج .. و لا مرة قد وقفت عدالج ..
صاحت عفرا بإحباط ..
- فكنا وحدة توقف عسب نصلي .. ما ترزا علينا صلاة الجماعة كل الحسنات تروح في ظراباتكن .. يا الله حور عنديه إمتحان أبا أذاكر ..
تنهدت حور و هي تقترب من هند ..
- هند خليها توقف عداليه هالمرة .. حرام عليج .. راعي ختج الصغيرة .. ليس منا من لم يعطف على صغيرنا ..
كانت وجه هند واثقا و هي تقول ببرود ..
- و من لم يحترم كبيرنا وين راحت .. ما يخصنيه أنا هذا مكانيه كل يوم أصلي عدالج ..
كانت دانة تشير للمها و تشرح سبب تأخير صلاتهن .. فاقتربت من حور و هي تشير لهن ..
- سوعه .. صلاه أووح .. أكاني .. أكاني ..
التفتت حور لمزنة بغضب ..
- يا الله تعالي من الصوب الثاني مكان مهاوي .. و إن ما خليتي حركات الدلع هاي بسنعج .. راحت الصلاة و السبة دلعج ..
تحركت مزنة بفرحة لتقف بجانب حور و كأنما لم تسمع توبيخها .. اصطفن جميعا جنبا إلى جنب تؤمهن حور .. التي نهرت مزنة مرة أخرى ..
- قذلتج ظاهرة .. دخليها ..
عادت مزنة تلف غطاء رأسها على وجهها الطفولي الصغير ..
قبل أن تنتهي و تنظر لحور بابتسامة بادلتها إياها رغما عنها .. قبل أن تنظر للأمام و تخفض عينيها ..
- الله أكبر ..
* * * * *
تنزل درجات السلم ببطء و هي تتثاءب بإرهاق .. لازال الإغراء قويا بأن تعود لتستلقي على فراشها الدافئ الوثير في ظلمة غرفتها و برودة مكيف الهواء ..
و لكن بمجرد أن وصلت منتصف السلم حتى طارت تلك الأفكار آخذةً معها ما تبقى من رغبة بالنوم و هي تتوقف في مكانها بذهول .. عينيها تتسع شيئا فشيئا و هي تمعن النظر في ذاك الوجه الصارم .. ابتسمت بحب و احترام و هي تسارع بالنزول .. و وجهها يشع فرحا برؤيته .. حتى وصلت إلى حيث استرخى على الأريكة ..
- السلام عليكم ..
رد ابتسامتها بهدوء و هي تنحني لتسلم عليه ..
- و عليكم السلام و الرحمه .. مرحبا بالشيخة روضة ..
جلست بجانبه و هي تقول ..
- لمرحب بااقي .. شحالك غيث ..
- بخير الله يعافيج .. اشحالج انتي .. و اعلوم دراستج ..
- لعلوم طيبة تسرك و ترفع راسك .. وينك معاد ييت البيت .. تولهنا عليك ..!
وضع يده على يدها يشد عليها ..
- مشغول فديتج .. وينها شيخة ..؟!
هبت واقفة تلتقط دلة القهوة من على الطاولة التي أمامها و تصب فنجانا له .. تمده باحترام ..
- مادريبها يمكن تصلي ..!
التقط الفنجان ليرتشفه دفعة واحدة ..
- سيري شوفيها .. أبا أسلم عليها قبل لا أظهر ..
هزت رأسها بطاعة لتنطلق بسرعة إلى الأعلى .. فيما خرجت أمها من المطبخ متوجهة إلى حيث يجلس هو ..
- حيا الله من يا ..
نظر غيث لزوجة أبيه و هي تجلس بوهن على الكرسي المقابل ..
- يحييج و يبقيج ..
- شحالك فديتك .. رب الشغل هب تعب عليك عقب الإدارة ..
أجابها بهدوء ..
- لا هب تعب ..
قالت بحنان ..
- يدتك شحالها ..
- طيبة ما عليها باس ..
دوما يبتر أطراف الحديث ،،، صمتت للحظة .. قبل أن تعود فتقول ..
- غيث ابوية .. طفت الثلاثين ما تبا تعرس ..
نظر لها غيث بسخريه و هو يكبح ضحكة فظّة ..
- أنا معرس عموه ..
عقدت جبينها لوهلة قبل أن تتذكر ثم يزداد الجبين إنعقادا و هي تقول بشيء من الضيق ..
- بعدك تباها بنت عمّك ..
رفع أحد حاجبيه متسائلا بغرور ..
- هيه بعدنيه .. حد قالج غير هالرمسة ..؟
هزت رأسها نفيا و هي تقول ..
- لا .. يا غير لك سنة و شي مالك عليها محد ياب طاري العرس ..
لم يرد على هذا السؤال و كأنما لا يستحق ذلك .. ظل وجهه الجامد ينظر للأمام .. فعادت تقول بشيء من التوتر ..
- كانك ما تباها ،، من اليوم نخطبلك شيختاا ..
نظر لها بشيء من البرود و صوته الصارم يتساءل ..
- شوه عموه .. شايفة شي ع البنية ..
هز رأسها بسرعة تنفي ذلك .. و صوتها يتضاءل ..
- لا حشى .. بس ....
استرخى أكثر في مقعده و التقط كوب الماء يرتشفه ببطء كأنا وجد في ارتباكها ما يسليه ..
- بس شوه ..؟!
عقدت جبينها و هي تقول بسرعة ..
- انته تعرف إن أمها صمخه و ختها بعد .. يمكن عيالك ييون شراتهم ..
كاد غيث يختنق بالماء الذي يشربه .. أبناءه ..!! لم يفكر بشيء كهذا ،،، الزواج ليس من أولوياته .. و لا يهمه .. آخر ما يريده الآن هو تضييع الوقت في دوامة تفاهات نسائية .. رد بقسوة و عينيه تتسلطان على زوجة أبيه المهزوزة ..
- البنت عايبتنيه و لو أمها بكما عميا ما تشوف .. أنا تخيرتاا لنيه أباها .. و صكي السالفة ..
انتفضت تحت وطأة كلماته و نظراته القاسية .. و وضع هو الكأس الفارغ على الطاولة بقوة .. لا يهمه أن يكذب فهو معتاد على ذلك .. و لكنه يجد فائدة من هذا الزواج ،،، على الأقل لا يزعجونه بطلبهم منه أن يتزوج كما كانوا يفعلون مسبقا .. رغم أن والده وجد وسيله يضغط بها عليه بعد أن استلم إدارة الشركة الجديدة .. و هي حثه على تحديد موعد الزواج ..يسانده في ذلك أعمامه الثلاثة .. و إبن عمه فهد .. شعر بالبرود يسري في صدره و هو يتذكر نظراته الحاقده على الغداء هذا اليوم .. قست ملامح وجهه أكثر قبل أن يرفع عينه نحو الاثنتين اللتان تنزلان الدرج بسرعة .. اغتصب ابتسامه فاترة صغيرة يستقبل بها أخته التي لم يرها منذ ما يقارب الأسبوعين ..
- مرحبا بشيختهم ..
سلمت عليه بأدب و جلست بجانب أمها .. قبل أن تقول بصوت خشن نوعا ما ..
- لمرحب بااقي .. شحالك ..
قال بسرعة و هو ينهض من مكانه ..
- حاليه طيب .. شعندكن .. ساعة لين تنزلين تسلمين ..
ارتبكت شيخة و هي ترد ..
- لا بس كنت أصلي .. ايلس .. ما شفناك ..
قال بهدوء ..
- مستعيل .. مرة ثانية ..
اقتربن يسلمن عليه مرة أخرى قبل أن يدير ظهره لهن متوجها للخارج ..
في اللحظة التي خرج تجاوز فيها الباب خارجا .. تنهدت أمهن بشيء من الراحة ،،، وجود ابن زوجها الأكبر دوما يرهبها و يربكها .. التفتت لابنتها الصغرى تنظر إليها شزرا ..
- ما شا الله عليج .. غادية حرمة .. ما نشوفج ترتزين بالكندورة إلا يوم خوج هنيه .. و الا صراويلج ما تخلينها ..
أدارت لأمها جانب وجهها .. ليست في مزاج للرد عليها ..
زفرت بضيق و هي تستشعر محاضرة ما قادمة في الطريق ..
.
.
.
في اللحظة التي خرج فيها من الباب وقعت عيناها على السيارة التي دلفت للتو من البوابة الرئيسية متوجهة ببطء نحو الفيلا .. اشتد فكه بقسوة و هو يرى أخيه الأصغر منه سنا يترجل منها دون أن ينتبه إليه .. فهتف بحزم ..
- حامد ..
أجفل بقوة قبل أن يلتفت لأخيه الأكبر الذي يقف أمام باب البيت كالوحش المستعد لأن يفتك به .. صفق باب السيارة بسرعة ثم اتجه نحوه ليسلم بقلق ..
- مرحبا و الله .. السلام عليك بو سيف ..
لكن غيث لم يرد سلامه .. قال بصوت يقطر جليدا ..
- وين كنت اليوم ع الغدا ..؟
جال ببصره متجنبا التقاء بعينيه الحادتين ..
- كنت معزوم عند الشباب ..
صمت يمر للحظات قبل أن يهز غيث رأسه بهدوء و يقول بصوت صارم ..
- لو ييت يوم الخميس مرة ثانية و لقيت الرياييل كلهم ملتمين إلا انته .. ما تلوم إلا نفسك ..
ثم قبض على كتفه بقوة ساحقة و هو يصر على أسنانه بغضب ..
- سمعت ..
هز حامد رأسه بارتباك ..
- إن شا الله ..
تركه و هو يأخذ نفسا عميقا ..
- شوه مسوي في الشركة ..
- الدوام طيب ..
هز رأسه بجمود ..
- فهد مأذنك ..؟!
هز رأسه بلا ..
- ما يروم و أبويه في الشركة لي شرات ما له .. هب عبده يتأمر عليّه ..
نظر له غيث بقوة ..
- لا تيلس تتعنتر .. فهد يتصيّد لك و بيدور أي شي عسب يستفزك ..
* * * * *
أضافت ورق الشاي على الماء و هو يغلي تراقب تقلبه ببطء و لونه يتحول تدريجيا إلى الأحمر .. قبل أن تطفئ الموقد و تضع الإبريق في الصحن الذي وضعت به الأكواب و توجهت نحو الباحة الأمامية الصغيرة التي كانت مصبّه إسمنتية قاسية فرشت عليها قطعة حصير بالية ،،، تصل هناك لتجد والدها و قد سند ظهره على الجدار و مدد قدميه للأمام متكأ على مخدة ثقيلة .. جلس نايف بجانبه يقرأ شيئا من كتابه بصوت عالٍ و أبوها يهز رأسه مستمعا و أمها جالسة بقربه و تلعب بشعر رأس مزنة الملقى في حجرها .. و مقابله استرخت المها و بيدها كتاب ما لم تتبينه .. فيما تقطع عفرا الجدار الذي يحتوي الباب .. ذهابا و إيابا و هي تردد متمتمة ما تحاول حفظه .. لم تجد لدانة أو نورة أثرا لابد أنهما تستذكران دروسهما بالداخل ..
تعلم جيدا بأن الأولى تتضايق من الإزعاج أثناء استذكار دروسها .. و الثانية لا تجد بدا من ملازمة شقيقتها ..
وضعت الصحن على الأرض و راحت تسكب الشاي في أكواب و توزعه .. مدت الأول لأبيها و هي تحدثها ..
- عفاري ،، جاهي ..
أشارت بيدها ..
- لحظة بس ..
و تابعت سيرها و هي تدس وجهها في الكتاب بلهفة ..
التفتت للمها و مدت لها كوبا من الشاي ثم لامست ركبتها برقه لتنبهها ...رفعت رأسها عن الكتاب بانتباه ..
- أشكورااه ..
وضعت حور يدها على صدرها بابتسامه .. ثم راحت ترتشف الشاي ببطء ..حرارته تلذع طرف لسانها ..
و هي تراقب وجه أمها المستدير .. فكرت بأن أكثر من يقاربها شبها هي المها و هند .. غريب في حين أنا المها هي الوحيدة التي ورثت عاهتها .. في حين اكتفت هي و بقيّة البنات بلون بشرتها الأبيض و مال نايف للون أبيهن ..
ابتسمت حين فكرت بأن المها أيضا تملك ملامح مشتركة مع أبناء خالتها و بالأخص مايد ..!
أدارت طرف إصبعها على حافت الكوب ،، اشتاقت له كثيرا .. مر أسبوع طويل لم تره فيه .. رغم أنه وقتا طويل مر و لم ترى أحدهم خلاله إلا أنها لم تعتد منه أبدا غيابا طويلا كهذا ..!
تعلم أنه منشغل بالبحث عن وظيفة ،، و أنه يحاول جاهدا إيجاد عمل له بعد أن تخرج بشهادته المتواضعة تمنت له التوفيق من قلبها ،،، و فكرت بأن ترسل له رسالة نصية عبر هاتفها ذاك كما اعتادت ..هبت واقفة على قدميها فسألها أبوها ..
- وين ..؟؟
ارتبكت و هي تقول له ..
- بسير أشوف البنات داخل و رادة ..
هز رأسه موافقا و هو يطلب من نايف أن ينهض لكي يمشي على ساقيه المتورمتين من الوقوف ،، دوما يكون والدها أكثر هدوءا في العصر .. يشرب الشاي .. و يقوم نايف بتدليك قدميه بالمشي عليها .. لا تعلم حقا كيف يحتمل ثقل إبنه على قدميه ،،، لا بد أنه يشعر بتعب شديد حد التبلد ..!
دفعت باب غرفتهن المشتركة لتجد نورة و قد انبطحت على بطنها و هي تهمس بصوت خافت و عيناها على كتابها .. فيما وقت دانة أمام مرآة خزانة الملابس العتيقة .. و هي تجمع شعرها بيد واحدة و ترفعه إلى الأعلى و تدير رأسها إلى كل الجوانب متأملة .. تنظر لها حور بعجب ..
- شوه تسوين ..؟
التفتت لها دانه ..
- أتخيل شعري قصير .. شوفي كيف بيظهر شكلي ..!
هزت حور كتفيها فلم يبدو لها أي فرق واضح و هي تشد شعرها الطويل إلى الأعلى ..
- عادي ما شي تغيير ..
تركته دانة و نفضت رأسها ليتناثر شعرها حول وجهها ..
- لنيه ما قصيته .. بس تدرين شوه .. حلو الطويل ما أتخيل عمريه قاصة شعريه ..!!
شخرت نورة باستهزاء ..
- تتخيل بعد ،، أقول ماما .. حتى التخيلات إنسيها لا يسمعج أبويه و يلعن خيرج ..
عقدت دانة جبينها ..
- تبالغين ،، هب لهالدرجة .. حور .. حلو الطويل صح ..
حور و هي تبحث تحت أكوام الأغراض المتزاحمة في خزانتها الخاصة ..
- هيه حلو ..
عادت دانة تنظر للمآة ..
- تخيلي شعريه كيرلي .. أووف بيطلع رهيب ..
أخرجت حور رأسها للحظة من الخزانة باستفهام ..
- شوه كيرلي ..؟!
- يعني ملتوي شرا الفير .. صح نوري ..
نورة و عيناها لا تزال تتجول على أشطر كتابها ..
- حمدي ربج إن شعرج و شعر خواتج طالع على أمايا .. تخيلي وارثين كشّة أبويه و نحن ما عدنا استشوار ..!! ما تخيل ،،، بتشوفين بنات المدرسة ييزن منه ليف لمطبخهم ..
ضحكت دانة بقوة ..
- واايد تبالغين .. بعدين ابوية هب لهذاك الزود شعره خشن .. بس صدق حلو إن شعورنا طالعه على أمايا .. نايف مسكين يمكن يطلع على أبوية .. صح حور ..؟!
ما زالت تنثر أكوام الأغراض بلا كلل .. و ذهنها مشغول بغير ما تقول دانه ..
- هم .. هيه ..
- أونه هيه .. انتي ما تسمعينيه .. شوه تسوين ..
تأففت حور بضيق ..
- أدور التيلفون ..
استوت نورة جالسة بلهفة ..
- بتظهرينه ..؟؟؟
وقفت حور بعيدا عن الخزانة و هي تلقي نظرة شاملة .. أين وضعته يا ترى ..!
- لا بس بطرش مسج لمايد .. بس مالقيته ..
قالت نورة بحماس ..
- بدور وياج حور ..
نظرت لها شزرا ..
- مشكورة خلج في كتبج ..
لوحت نورة بيدها بضيق ..
- هاي يزاتيه انيه أبا أساعدج ..
طرقعت بإصبعها و هي تتذكر مكانه ..
- انتي ما تساعدينيه لوجه الله .. يا غير بتناشبينيه .. الا ربيعتيه .. أو بنت صفي .. و مس كول بس .. تأذين الواحد ..
ضحكت دانة بهدوء و هي تعقد شعرها على قمة رأسها .. و تلتقط كتابها من حقيبتها المرمية على طرف فراشها ..
- عطوها .. لقطي ويهج نوري .. بعدين أي مس كول .. صدق ويه فقر ،، حبيبتي رقمها خط ..
ألقت نورة عليها نظرة متكبرة ..
- جب زين ..
أخرجت حور رأسها من الخزانة بفرحة .. و هي ترفعه بين يديها ..
- لقيته ..!
تركت دانه الغرفة و هي تلوح بيدها ..
- مبروك ..
.. فيما أعادت نورة رأسها لكتابها .. جلست حور على الفراش الأقرب لها و هي تنظر إليه .. منذ مدة طويلة لم تخرجه من مكانه .. نظرت للجهاز الذي ما زال جديدا لندرة استعماله و شاشته اللامعة .. و مر ببالها صورة زوجة أبيه و هي تقدم الكيس لها بفتور في تلك الليلة .. نفضت الصورة بسرعة ،،، لم تكن تلك أفضل لياليها على الإطلاق .. الحقيقة أنه بعد تلك الليلة لم يتغير شيء في حياتها أبدا باستثناء امتلاكها لهذا الهاتف و طقم المجوهرات التي احتفظت به أمها لها .. حياتها ما زالت تسير على نفس المنوال و هذا مريح لها جدا .. فبالنسبة لها كان الضغط كبيرا لكي توافق على الزواج .. ابتسمت ساخرة .. زواج ..!!
غريب .. هي لا تعرف هذا الزوج أبدا .. لو رأته يمشي في الشارع لن تتعرفه .. هذا رائع . فبهذا نالت مرادها .. تكون متجاهَله و مرمية أفضل من أن تكون بعيدا عن إخوتها و أبويها .. و تجد نفسها وسط مجموعة من الأقرباء لم تصادفهم طوال حياتها و الحديث عنهم محرم عنهم بين هذه الجدران ..! من يستطيع إخبارهم عن أولئك الأقرباء المجهولين ..؟؟ أمها ..؟! مستحيل هي نفسها لم تصادفهم .. أبوها ..؟! انتفضت بذعر لمجرد التفكير في سؤاله .. سيخنقها بيديه .. فموضوع أهله هذا جرح مكشوف ليست مخبولة لتذر عليه الملح و تثير جنونه .. لربما كانت أمها نورة تعرف شيئا عن الموضوع ..؟؟
- شوه تسوين تخاطر عن بعد .. ليش تتأملين التيلفون ..
لم تدر حور بالا لتعليق نورة ،، و صوت طنين الهاتف يرتفع معلنا وصول رسالة جديدة ،، ابتسمت بحب هذه من أحد إخوتها .. فلم تضف أيّة أرقام لهذا الهاتف باستثناء أربعة .. إخوتها الثلاثة و رقم أمها نورة .. حتى رقمه هو لا تعرفه ،، و تكاد تكون متيقنة بأنه لا يعرفه هو الآخر .. و إلا لما لم يحاول الاتصال إلى الآن ..!
كانت الرسالة من وديمة .. قرأتها على عجل قبل أن تبتسم بهدوء ،، لتختار إحدى الرسائل الأخرى من الهاتف و تعيد إرسالها لها ..
تفتح صفحة جديدة الآن تبتسم بشغب و هي ترص أحرف العتاب على شاشة هاتفها ..
لحظات ،، تضيف إسمه ..
إرسال الآن ..
.
.
و فتح الباب على إتساعه لتنتفض بذعر هي و نورة .. عقدت جبينها بعصبية و هي تنهرها بحدة ..
- ما عندج اسلوب .. خشعتي الباب ..
هزت دانة رأسها ..
- سوري سيس .. ويايه ضيوف ..
و تنحت جانبا .. سامحه لها بالدخول ،، سدت بجسدها النحيل الباب ترتدي - الكندورة - و الحجاب الأبيض العريض الذي غطى و جهها و نصف جسدها .. تزيله بهدوء و هي تقول بمرح ،،
- السلام عليكم ..
اعتدلت نورة بسرعة جالسة .. و هبت حور واقفة بترحيب ..
- مرحبا فطوم .. و عليكم السلام و الرحمه ..
وضعت الكيس الذي تحمله بيدها على السرير الأقرب و سلمت على حور و نورة ..
- لمرحب بااقي حواري .. شحالج ..
- ترتوب ،، و انتي ..
- زي البومب .. نورة شحالج ..
نورة تغلق الكتاب بهدوء و تضعه جانبا ..
- بخير الله يعافيج .. شحالج انتي ..
- الحمد الله ،،،
أجالت بصرها في الغرفة التي لم تكن مرتبة جدا .. فراش إحداهن ما زال غطاءه مرميا و كتب مزنة على فراشها مبعثرة ، خزانة حور التي نهضت لتغلقها مفتوحة على مصراعيها و الفوضى فيها تعلن تلقيها هجوما منذ لحظات .. ابتسمت بهدوء ..
- ياخي أحب أيلس في حجرتكن فيه جو حلوو ..
ضحكت نورة ..
- تطنزين ،، تراها مرتبة الحين .. حمدي ربج ما قد شفتيها الصبح يوم نسير المدرسة كيف تكون ..
ضحكت فاطمة .. و حور تغلق الهاتف و تدسه في الخزانة ..
- لا الحمد الله عيل .. الله رحمنيه ،، حورووه مسودة الويه ،، ليكون ترمسين عنتر من ورانا ..
قلبت حور شفتيها باشمئزاز ..
- أخيه .. ما يقى إلا هو ..
ضحكت فاطمة بقوة ..
- أونه أخييه .. شفتيه إنتي أصلا .. سالم خوية يقول إنه غاوي ..
بدا الاستياء واضحا على وجه نورة و دانة و هن يتبادلن النظر عند ذكرها لإسمه .. في حين جلست حور بجانب فاطمة التي استقرت بجانب نورة ..
- أحيانا أشك فيه أخوج هذا أحسه هب طبيعي .. دندون .. سيري زقري عفاري و المها ..
دانة تجلس قربهن و شيء من البرود يضطرم في صدرها بعد ذكر فاطمة لأخيها ..
- عفاري تسوي جاهي و بتييبه الحين .. و المها تمسد أبوية ..
التفتت فاطمة نحو حور بعتب ..
- سبالوه ليش ما قلتيليه إن أبوج هنيه .. و الله قفطت .. أخيّل منه ..
قالت حور بلا مبالاة ..
- جب زين .. تدرين به أبوية ما يظهر مكان العصر .. و بعدين شيبه كبر أبوج .. لا تستحين و لا عندج خبر ..
دفعت عفرا الباب بقدمها و هي تتقدم بصحن يحوي إبريق شاي و أكواب و صحن من البسكويت ..
أفسحن مجالا لها بينهن و هن يتزاحمن في هذه الفرجة الضيقة ،، و نورة تقول بدهشة ...
- بسكوت من وين يبتيه ..
أشارت عفرا برأسها لفاطمة ..
- فطوم يابته ..
نظرت نورة لفاطمة ..
- تعالي كل يوم ..
قرصتها فاطمة ..
- غصبن عنج .. - ثم نظرت لعفرا - عفاري سيري جربي الفستان قبل لا نتقهوى أبا أشوفه عليج ..
هزت عفرا رأسها و التقطت الكيس المرمي على فراش دانة و توجهت إلى الحمام ..
قالت فاطمة بحبور ..
- باركن ليه ..
نورة بلهفة و هي تقضم بسكوته ..
- ع شوه .. انخطبتي .. و أنا أقول البنية توزع بسكوت .. ما حيدج كريمة ..
- إذا انخطبت بييج .. بتبرا منكن .. لا سجلت في التوطين و عقب خمس شهور .. آم يعني بداية تسعة ببدا دراسة وياهم ..
بدت الحيرة على وجوه البنات مع دخول المها للغرفة .. ابتسمت لها فاطمة .. فردت تلك الابتسامة بحلاوة و هي تجلس بجانب حور .. فيما تابعت فاطمة بحماس ..
- هذا برنامج مسونه الشيخ خليفه عسب يوطن الوظايف .. و المواطنين لي ما عندهم غير الثنوية .. يعني شرات حالتيه أنا و الأخت حور .. يسويلهم دورة في وحدة من الجامعات لمدة ست شهور أو أكثر يتعلمون فيها انجليزي و كمبيوتر .. و يعطيهم معاش ع الدراسة .. خلاف يحصلون شهادة و وظيفة زاهبة ترقبهم .. شرايكن ..؟!
اتسعت أعينهن بلهفة ..و قالت حور بقوة ..
- الله يطول عمره أبونا خليفه .. هب مقصر و الله ..روعة الصراحة منها تتكسبين و تشغلين وقتج ..
نظرت لها فاطمة بطرف عينها ..
- انزين يوم عايبتنج تعالي ويايه ..
رفعت حور حاجبيها .. بدأ سبب هذا الخبر يتبين لها .. و كأنما عرفت فاطمة بأن حور استشفت نواياها توسلتها ..
- دخيلج حور .. تخيلي أنا و انتي ندرس رباعة .. و بعدين انتي بتحصلين فايدة بدل اليلسة في البيت .. لج أربع سنين من خلصتي الثنوية و انتي مرتزة هنيه .. لا شغله و لا مشغله .. سجلي ويايه ..
هز حور رأسها على الفور رفضا ..
- لا فطوم أبدا أبدا .. ماروم ..
مطت فاطمة شفتيها .. و الإحباط بادٍ على وجهها ..
- ليش ..!
انعقدت حواجبها بعدم رضا على الفكرة ..
- وين أسير أدرس يختي .. امنوه بيتم في البيت ..؟!
هز فاطمة كتفيها ..
- أمج و المها ..!
نورة و دانة يستمعن بهدوء للنقاش فيما تراقب المها بصمت دون أن تستشف ما يجري ..
- تبينيه أخليهن بروحهن في البيت ..!! مستحيل حبيبتي .. تخيلي استوا شي عليهن ..! كيف بيتصرفن ..
تدخلت نورة بهدوء ..
- شوه بيستوي عليهن مثلا ..؟! و يعدين انتي طول عمرج تدرسين في المدرسة ما لج إلا أربع سنين من يلستي في البيت ..
نظرت لها حور بهدوء ..
- الحين تعودن يعتمدن عليّه أخت نورة .. لا ماليه بارض .. أنا ما ودرت الجامعة عسب ألقى لي يلهيني غيرها ..
تأففت فاطمة تظربها على كتفها بإحباط ..
- افف منج .. أحبطتينيه .. ع العموم قدامج خمس شهور تقررين فيها ..
شخرت حور ساخرة ..
- ع العموم ما ظنتيه أبوية بيوافق .. بيصكنيه طراق يلصقنيه في اليدار يوم أقوله بسير أشتغل مادري أدرس بمعاش ..
صمتن جميعا حين دفعت عفرا الباب و دلفت و هي ترتدي الفستان .. ثم سرعان ما ارتفعت صرخات التشجيع مع اتساع ابتسامتها و هي تدور حول نفسها مستعرضة ،،
نظرت لها حور بفرحة صادقة ،، كان الفستان قديما و قد ولت صرعته من زمن .. رغم ذلك بدا أن فاطمة قد حافظت عليه جيدا .. بدا رائعا و هو ينسدل بنعومة

عشقي عالمي
عشقي عالمي
تانشو شاكره لك احلى طله
بس وين الفراشات ماشوف ردود لايكون ماعجبتكم الروايه

عشقي عالمي
عشقي عالمي
الخطوة الرابعة
خطوات متعثرة ،،
الظلام الدامس ..
اللون الأسود يكسو كل شيء ،،
لا خيطٌ واحد من الضوء يخترق هذه الظلمات .. و برودة جو الغرفة تجمد أنفاس من رقد فيها ..
صدره يرتفع و ينخفض بسرعة ..
و كأنما يختنق ..
.
.
أو أن الأنفاس تخذله ..
يقارب الموت ..
يقاربه ..
خفقات قلبه تتسارع بجنون و هو يصارع ..
أنين خافت يخرج من بين شفتيه ،،
شيء يمزق الروح ..
أكان يقاوم ..؟؟
يستنجد ..؟
.
.
أم أنه آثر الاستسلام ..
ها هي الأنفاس تعلو ..
تعلو ..
ليفتح عينه في الظلام فجأة .. يده تلتمس قبسا من نور يعيد له الحياة ..
يضيء ضوء المصباح الواهي بجانب سريره الفسيح ..
صدره القوي العاري يرتفع و ينخفض بجنون ..
و وهو يمسح وجهه بقوة .. يعب الهواء بسرعة ..
قطرات عرق صافية تتألق على جبينه رغم برودة جو الغرفة ..
و الغثيان يتصاعد داخله ..
.
.
هذا الكابوس مجددا ..!
* * * * *
- دانوه ،، سكتي هالعيوز .. لا تتصفعين انتي وياها ..
صوت نورة يصيح من داخل الغرفة و هي تضحك ..
- وين بتحصلينها عسب تصفعينها .. ظنتيه ماتت هاي من يوم يدي .. و كلها الدود ..
تجاهلتها حور و هي تمرر المشط في شعر مزنة التي بدا عليها الضيق .. و هي تعود للصياح لدانة التي بدا أنها تنوي إسماع سكان الحارة جميعا صوت العجوز تلك ..!
- دانه .. قصري حس الراديوو ..
تذمرت مزنة بصوت عالٍ ..
- حور عورتينيه .. و صوتج عالي ..
لحظات و ينخفض صوت الأغنية التي لا تزال مسموعة في الصالة الضيقة ..أطلت برأسها من باب الغرفة و هي تكمل تزرير قميصها المدرسي ..
- هاا الشيخة حور .. قصرنا الصوت .. أي طلبات ثانية ..؟؟
عقدت حور جبينها تستعجلها ..
- هيه خلصن بسرعة الساعة سبع و ربع .. باقي ربع ساعة ع الباص ..
- خلصت أنا بلبس كندورتيه و العباة و ظاهرة .. عفاري وين ..
شدت حور رباط شعر مزنة قبل أن ترفعها واقفة بخفة ..
- ترقبكن في الحوش .. بسرعة ..
اختفت دانة في الغرفة .. قبل أن تساعد حور مزنة في ارتداء ملابسها ..
فتح باب غرفة أمهن لتخرج منه هند تحمل حقيبتها .. نظرت لمزنة بهدوء ..
- خلصتي ..؟؟
أجابتها حور بسرعة و هي تضع طعام مزنة في حقيبتها ..
- هيه خلصت .. ارقبيها هنوده الين تركب الباص زين ..؟؟
أومأت هند برأسها و هي تدنو منها لتطبع قبلة على خدها .. و فعلت مزنة المثل و حور تبتسم بحب ..
- فديتكن و الله .. الله يحفظكن .. و يوفقكن .. ودعتكن الله ..
حال تجاوزهن الباب خرجت دانة بقوة من غرفتهن .. ترتدي عباءتها و بيدها حقيبتها المدرسية .. و باليد الأخرى غطاء وجهها .. و هي تقول بحماس ..
- تأخرت و الله ما بقى الا عشر دقايق من الباص .. - ثم صاحت - نوري خلصتي ..!
ردت حور بسرعة ..
- نورة ترقبج برا .. خلصينا ..
اختفت دانة في غرفة أمها للحظات تودعها قبل أن تخرج بسرعة و هي تثبت غطاء رأسها و تطبع قبلة قوية على خد حور ..
- ما وصيج على فيروز .. أكليها و رقديها و وايقي عليها الين أرد .. تخاف تيلس بروحهاا فديتاا ..
ضحكت حور و هي تضربها على ظهرها ..
- اذا ما خشيت الراديو في مكان ما تحصلينه ما كون بنت ابويه .. أبااج تودرينه إثم هالعيوز ..
نظرت لها دانة بطرف عينها ..
- سهلة حبيبتي عنديه وسائل تجبرج على الاعتراف ..؟؟
- هه وسائل اعتراف أونه .. سيري يختي .. الحقي ع الباص .. محد بيوصلج ..
- لا تستهينين بي .. سهلة أتصل بالعيوز و أقولها تعزمنا بيتاا مرة ثانية .. و نشوف ريلج الغاوي م ...
اتعست عينا حور بشدة و هي تمد يدها لالتقاط شيء ما من حولها لترميه على دانة التي فرت ضاحكة و هي تصيح من الخارج ..
- أمزح وياج حور .. ادعيليه ..
صاحت حور بغيظ شديد ..
- يارب يعطونج الامتحان صعب اليوم و ما تفطنين منه سؤال واحد ..
ثم همست بجهد ..
- استغفر الله .. الله يسهل امتحانها ..!! - ثم عاد تصيح - الله يوفقكن ..
تنهد و هي تهب من مكانها و تلتقط الصحن العريض التي توزع عليه أكواب الشاي و بقايا الفطور لتحمله للمطبخ .. وضعته على المغسلة لتخرج متوجهة لغرفة أمها ..
فتحت الباب بهدوء لترتسم ابتسامة حانية على شفتيها .. و عيناها تلامس ذاك المنظر ،،
أمها ترح رأسها على مخدة جلست المها عند رأسها و بيدها القرآن تقرأ بصمت و هي تمسح على شعر أمها الذي سقط عنه غطاء البيت القطني ..
عادت لتغلق الباب دون أن ينتبه لها أحدا .. و توجهت للمطبخ لتنظفه بسرعة قبل أن تأتي أمها عذيجة لأخذ أمها للمستشفى ..
شيء واحد خالجها و هي تفرك الأكواب بالاسفنجة الغارقة بالصابون .. و وجه أمها الحبيبة المتعب يعاودها ..
تمنت بقوة أن تكون بخير ..
لأجلهم ..!
* * * * *
يضم شفته و عينيه القاسيتين تضيق بتفكير حد و هو يسند يده على لحيته المشذبة ،، يسند ظهره على كرسيه الجلدي لمريح خلف مكتبه الواسع .. متجاهلا ذاك الذي يقف منتظرا منه إشارة واحدة ..
رفع عينيه له بشرود.. و ارتجف جسد الأخير و هو يفكر بما قد يدور في عقله الشديد التعقيد ..! هل أصاب في تبليغه قبل أمس بالأمر .. هل كان عليهم حل الموضوع دون العودة إليه ..؟؟
رفع رأسه أخيرا و هو يحرك مقعده و يقول ببطء ..
- بطي .. شفته الريال ..؟؟
أجاب بطي بسرعة ..
- لا طال عمرك .. بس هو قال لغانم إنه نسيبك ..! طال عمرك كنت بتصرف أنا وياه بس قلت أكيد حضرتك تبا تعرف الموضع ..
ضاقت عيناه بتفكير مرة أخرى ..
- متأكد من الاسم ..؟
هز بطي رأسه ..
- متأكد طال عمرك .. مايد سلطان ربيّع ..
الآن تنم عن شفتيه ابتسامه غريبة و هو يدق سطح المكتب بقلمه الفضي ..
- أهاا .. و شهادته ..؟؟
- من الدرجة الثالثة ..
- احتياطي يعني ..؟
- أكيد .. لن لي مقدمين غيره شهاداتهم أحسن ..
نظر له غيث بصرامة ..
- المهم اسمعنيه .. و سو لي أقولك عليه .. ردو عليه قبول ..
اعترض بطي بضعف ..
- بس طال عم ...
أسكته غيث بقسوة ..
- سمعتنيه .. ردو عليه قبول .. و حطوه في مستوى شهادته .. ان شا الله تحطونه في الكاونتر .. المهم تشغلونيه عنديه هنيه في الشركة ..
أومأ بطي بطاعة ..
- حاضر ..
أدر كرسيه نحو الأوراق التي تناثرت في الطرف الأقصى من مكتبه ..
- توكل شوف شغلك .. و طرش ليه محمود ..
- حاضر طال عمرك ..
التقط الملف من على المكتب ليخرج بسرعة ،، حالما انغلق الباب خلفه ..
عم الهدوء جو المكتب الفخم .. لا صوتٌ يعلو هذا الهدوء سوى طقطقة القلم الرتيبة ..
.
.
و ابتسامة غامضة ،، لم أعرف لها سببا ..!
* * * * *
- شوه أقولج يا فطوم .. فحياتيه ما ندمت على شي كثر روحتيه لهم يوم اليمعه .. تمنيت انيه مت قبل لا يقوليه أبويه سيري لهم ..!
قال هذا و هي ترخي جفنيها ببؤس شديد و تسند ذقنها لركبتيها التين ضمتهما لصدرها .. نظر لها فاطمة بتعاطف قبل أن تحول بصرها للمها التي جلست جوار أختها بهدوء و هي غارقة في قراءة الكتاب الذي بين يديها غافلة عن ذاك الهم الذي لاح على وجه حور ..
لم تعلم حقا ما الذي أحزنها .. ! .. فما حدث لها كان طبيعيا في نظرها هي على الأقل ..
قالت بواقعية رأت معها أن أنف حور ينكمش اشمئزازا ..
- حور .. خلينا من مشاعرج و لي تحسينه .. و فكري بعقلج شويه .. تجاهلي فكرة إنه هالريال غريب و أول مرة تشوفينه و ركزي على انه ريلج .. تفهمين شوه يعني ريلج ..؟؟ الريال مالك عليج من سنة و شي .. و اذا ما شفتيه و لا شافج .. ما يبطل عقد الزواج و الا يخليه منتهي .. تتوقعين ريال معرس بوحدة و ما قد صادفها فمكان .. و فجأة يلقاها فبيتهم ..! شوه يعني بيخطف عنها و ما بيسلم .. ما ظنتيه !!
ثم ضيقت عينيها بتفكير .. متجاهله نظرات حور المقهورة ..
- أم .. تصدقين ردة فعله طبيعية .. اتخيلي واحد يلقى حرمته قدامه متغشية و شاردة ..!! هذا ريلج ماما .. يعني عادي يي الحين و ييرج من كشتج لبيتهم ..
اتسعت عينا حور باحتقار و هي تطرد هذا المشهد من مخيلتها ..
- قصوره الهرم .. ها لي ناقص بعد .. شوه صخلة أبوه ييرنيه من كشتيه .. يخسي .. أنا حور بنت حمد محد يغصبنيه ع شي ..
انفجرت فاطمة تضحك بقوة .. و جسدها يهتز أثر كلمات حور الساخطة التي تخالف الواقع المرير الذي تعيشه ..
نظرت لها حور بغلٍ شديد مدركة ما تضحك فاطمة عليه .. و هي تقول بغيظ ..
- لا تتحرين احتراميه لقرارات أبويه يعني غاصبنيه .. بس أنا أبر والدينيه .. - ثم ضربتها على كتفها مع استمرارها بالقهقهه - فطوم بتنطبين و الا بهالبيالة ع راسج .. سخيفة وحدة ..
دفعت فاطمة راحتيها مهدئة و هي تبتلع ضحكاتها .. صوتها لا زال مهتزا و هي تقول بسخرية ..
- و الله عجيب أمرج حواري .. المهم الحين قولي ليه .. كيف شكله ..؟؟
نظرت لها حور بغرابة ..
- شدرانيه ..!
لم تفهمها فاطمة ..
- شوه شدراج بعد .. ريلج .. كيف شكله ..؟! ما شفتيه ..؟
- لا ..!
اتسعت عينا فاطمة مفجوعه ..
- عيل منوه لي تقولين انه شل غشوتج ..؟
قالت حور بسخرية مرّة ،،
- هو مسود الويه ..
- ريلج ..؟
- هيه ..
نفخت فاطمة بضيق مع تخبطها بكلمات حور الغير مفهومة ..
- عيل كيف ما شفتيه ..؟
نظرت لها حور شزرا ..
- مالت عليج .. شوه قالولج .. فطوم أم عين زايغة ..؟؟ أنا زين منيه رديت نصخيه في صدريه .. و الا عينيه ما رفعتاا من القاع .. يمكن طالعته شوي .. بس أحس هاييك الساع ما أتذكر منها غير نفضة ايديه ..
بسطت راحتيها للأمام بعجز و شعور الهم يعاودها ..
- حطي نفسج فمكانيه .. فطوم و الله حسيت عمريه خايسة و الا آثمة و أنا واقفة عند هالغريب و ويهي ظاهر .. وديه انيه مت فمكاني و لا استوا لي استوا .. غير خواتيه لي حدرن و أنا واقفة عنده السبال و هو متقبض بيديه .. عمريه ما حسيت بهالاحراج فحياتيه .. بس تدرين شوه ..؟!
نظرت لها فاطمة متسائلة و هي ترى بريق امتنان صادق في عينيها .. لتقول باخلاص ..
- محد منهن طرت الموضوع .. و الا نشدتنيه .. ارتحت لنيه صدق ما ريد أرمس عن هالشي .. أحسه ينرفزنيه ..!
تنهدت بضيق مجددا ،، شعرت فاطمة بأنها قد أثقلت على صديقتها .. فغيرت موضوع الحديث بسرعة ،،
- أمج شحالها ..؟
تغيرت نظرتها لحنان جارف ..
- الحمد الله .. ادعيلها .. أمايا عذيجة يت مساعة و شلتاا الدختر ..
ابتسمت فاطمة بهدوء ..
- هيه .. الله يعافيها ..
.
.
أمضن ساعة أخرى من الصباح معا قبل أن تستأذن فاطمة متوجهة لبيتها ... حور و المها غرقن في إنهاء أعمال البيت ..
في اللحظة التي تخطت أم مايد الباب و هي تمسك بيد أختها الصغرى ،، ركضت المها و حور نحوها بلهفة ..
حور تلتقط عباءة أمها بسرعة و هي توجه الحديث لعذيجة ..
- أمايا عذيجة .. أميه بلاها.. شوه قالو لكم ..؟؟
نقلت عذيجة بصرها بين ابنتها بالرضاعة و ابنة أختها ،، لترى انعكاس اللهفة و القلق البالغ على وجوههن .. ابتسمت بهدوء تطمئنهن ..
- لا تخافن ما فيها إلا العافية .. يا الله خلنا نحدر من الحر ..
تنحن بسرعة مفسحات لها الطريق و هي تقود أختها ببطء .. أدخلتها غرفتها لتجلس بجانبها و هي تضع عباءتها جانبا و توسع من خناق غطاء رأسها الثقيل و تحرك البرقع بضيق ..
- لا إله إلا الله ،،
سارعت حور بإغلاق النافذة و إدارة مكيف الهواء قبل أن تجلس بجانب أمها عذيجة و هي تسألها بسرعة و الهم بادٍ على محياها ..
- أمااه .. شوه قالو لكم ..؟؟
تركت المها الوقوف بجانب الباب لتجلس بجانب حور و بدا عليها الخوف مما قد تقوله الخالة ..
لكن الابتسامة المطمئنة تلك لا زالت تعلو شفتيها .
- ما قالو شي غير لي نعرفه .. عطوها حبوب لوعة و فتمينات .. و موعد في العيادات ..
لحظات و لا زال القلق و التوتر يكسو وجوههن ..
- بلاكن ..؟
نظرت لها حور بشك ..
- الحين الحرمة من اسبوع ميهودة و لا تحط لقمة العيش في ثمها .. و عظامها مبردة .. و تقولين فيتامينات و مواعيد .. الله يهديج يا أميه .. يهال نحن .. قولي بلاها أمايا ..
ابتسمت عذيجة بعتب ..
- أفا يا حور شوه أكذب عليج أنا ..
احمر وجه حور ..
- محشومة فديتج .. بس معقولة ما قالوا شي ..؟؟
هزت كتفيها بدون اهتمام ..
- شوه بيقولون .. الحرمة حامل و عندها نقص تغذية ..
.
.
عقدت جبينها بشدة .. يخيّل لها فقط أنها سمعت .....
حامل ..!!
شحب وجهها بشدة و هي تنظر لأمها عذيجة تنتظر ضحكة تنهي هذه النكتة السخيفة ..
و لكن عذيجة لم تفعل شيئا أبدا .. كانت تتأمل وجه أختها بهدوء .. شعرت حور بجفاف شديد في حلقها و هي تتساءل بهمس مصدوم ..
- حامل ..؟
أدارت عذيجة رأسها لابنتها .. لترى عيناها المتسعتين بصدمة .. ماذا ..؟؟ ألم ؟؟؟
ابتسمت بحب لها ..
- ما تعرفون ..؟؟؟ عيل راحت عليّه البشارة .. أنا قلت أكيد تدرون يوم انه امكن تدري و أبوكن بعد ..!
لكن حور لم تكن تعرف .. شعرت بالضيق في صدرها .. و هي تنظر لوجه أمها المتعب ..
حامل ..!! في هذه السن المتأخرة ..!
قالت عذيجة بهدوء و هي ترى الفزع الذي علا وجه المها و هي ترى انعكاس الصدمة في وجه أختها الكبرى ..
- أمج حامل لها شهرين .. ما تعرفين ..!
ضمت قبضتها بقوة .. و هي تحتبس تلك المشاعر الكريهة التي راحت تضطرم في صدرها ..
- لا ،،
نظرت عذيجة للمها مجددا لتعتصر يدها بخفة .. فتلتفت المها بخوف لها .. ربتت على يدها عذيجة و هي ترفع صوتها و تشكل شفتيها .. و يدها تدور بتكور أمام بطنها ..
- أمج حامل .. بتييب ياهل .. حامل .. حامل ..
اتسعت عينا المها بمفاجأة .. قبل أن ترتسم ابتسامة ارتياح حقيقية على وجهها الجميل و هي تقف على قدميها بسرعة و تتوجه لأمها .. كانت السعادة الخالصة تتألق في عينيها و هي تضمها بخفة .. و ضحكة صافية تملأ جو الغرفة ..
حور لا تزال تجلس في مكانها .. تتجنب النظر إليهن .. ما بين حاجبيها يضيق ،، كانت عذيجة تنظر إليها بقلق ..
- حوور ..؟
رفعت حور عينها ببطء .. تجاهد لما تخفيه في نفسها ..
و هبت من مكانها بسرعة .. استدارت متوجهة للخارج و هي تقول بخفوت ..
- بسير أشوف الغدا ..
.
.
تسند يدها لحافة الموقد الدافئ و هي تراقب تصاعد الأبخرة ،، تغمض عينيها ..
تختفي خلفها للحظات فقط .. تنفصل عمّا حولها ..
تحتاج أن تنفرد بذاتها .. بعيدا عن قلبها .. عن عقلها ..
تريد الروح منها فقط .. لتستشف منها تلك المشاعر الخبيثة التي راودتها و هي تسمع خبر حمل أمها ..
لماذا يكتنفها النفور من هذا الأمر ..؟؟ و لماذا تشعر بالخذلان و الخيبة ..؟
لماذا تمنت أن تكون أمها عذيجة تمزح في تلك اللحظة ..؟؟
الإجابة واضحة تماما .. و لكنها تخجل من أن تعترف بها ..!
رغم ذلك لم تستطع منع ذاك الإحساس الذي تملكها و هي تدرك بأن أمها الذي تجاوز عمرها الثامنة و الثلاثين و أكبر بناتها أصبحت امرأة ناضجة ،،
على وشك أن تنجب طفلا آخر ..!!!
شدت قبضتها على الموقد .. لما حدث ذلك ..؟؟
ماذا حور ..؟
أَ كنتِ تتمنين أن تكون مريضة على حملها ..؟؟
ألا يسعدك أنها بخير و كل ما في الأمر مجرد أعراض حمل لا أكثر ..؟؟
و إذا كانت حاملا على كبر ..؟ ما الذي أتعسكِ يا ترى ..؟
نظرة الناس المتوقعة فقط ..؟؟ أم هو ذاك الشعور الخبيث باعتراضك على الأمر أنتِ أيضا ..!
غطت وجهها بكفيها و هي تكتم تلك المشاعر .. تخفيها ..
بل تختفي من اشمئزازها من نفسها ..
.
.
إذا كانت هذه هي ردة فعلها و هي ابنتها ..!
ماذا ستكون ردة فعل الناس من حولها على هذا الخبر ..
و الأهم ماذا ستكون ردة فعل البقية من إخوتها ..؟؟!!
* * * * *تجلس على آخر عتبات الدرج القصير و هي تباعد بين قدميها و تسند كوعيها بتثاقل على الركبتين و صوتها الخشن يرتد عن جدران السلم الضيق .. و هي تنظر لشعر صديقتها بجبين معقود ..
- آم .. حلوو .. سلامي وين قصيتيه ..؟؟
توقفت سلمى عن الاستعراض لتقول بصوت نافر محبط ..
- شيخوه يا الله عااد ..! حلوو بس ..؟؟
مررت يدها في شعرها الذي قصته و أصبح لا يتخطى أعلى رقبتها ..
- مالت عليج .. و الله مدحنه البنات .. قصيته روحيه في البيت .. ما يباله بعد ..
ثم جلست بجانب شيخة و هي تتنهد ،،
- يا الله عقبالج .. بيطلع عليج أحلى و بيي مرّة ياي على ستايلج بالقوو ..
لوحت شيخة بيدها دلالة عدم إهتمام .. الحقيقة أن ذهنها مشغول جدا ..
نظرت لها سلمى بمكر .. مدركة بما الذي قد يشغل بال شيخة ..
- لي ماخذ عقلج ..!
أجابتها شيخة ببرود ..
- محد ماخذ عقليه ..
اتسعت ابتسامة سلمى و هي تقول بثقة ،،
- متأكدة ..
نظرت لها شيخة بطرف عينها قبل أن تشيح بوجهها .. لتسأل سلمى بفضول ..
- شوه ؟؟ مستوي شي امبينكن ..؟؟
لحظات صمت قبل أن تتنهد شيخة بتعب ..
- لي يومين أتصل بها و ما ترد عليّه من عقب سالفة منى قاطعتنيه .. و الله مادري شوه أسويبها .. بتذبحنيه هاي .. المشكلة حتى في الجامعة ما أشوفها .. شكلها تتهرب منيه ..!!
ابتسمت سلمى لحال صديقتها .. و هي تقول بغلظة ..
- انزين هونيها و تهون .. ليش مضيقة صدرج ..؟؟
ردت شيخة بتعاسة بالغة ..
- وين أهونها .. تولهت عليهاا .. وايد هب متعودة أقطعها كل هالوقت من يوم عرفتها .. - أسندت رأسها بين كفيها و هي تهز حذائها الرياضي الخشن بتوتر - أحبها .. أحبهاا .. أموت فيهاا .. ما روم أعيش من دونها ..!!
ضحكت سلمى بصوت خشن عالٍ ..
- أوه .. شيخووه تعرفين تحبين و الله .. - ثم هبت من مكانها و هي تجمع طرفي عباءتها تخفي بنطالها - يا الله نشي ..
رفعت شيخة عينيها بملل ..
- ع وين ..؟؟
لمع الخبث في عيني سلمى ..
- حصلنا قاعة فاضية بنتيمع فيها .. و حمدة .. قصدي حمدان بيّمع الشلة كلها ..
ردت شيخة ببرود .. و هي ترفض تسمية تلك الفتاة بحمدان كما تحب أن يطلق عليها ..!!
- و شوه عندها الشيخة حمدة ع العزيمة ..
هزت سلمى كتفيها ..
- عازمة خويتها اليديدة تعرفها علينا .. و لا تيلسين تستفزينها تعرفين انها ما تحب حد يزقرها حمدة .. - ثم غمزت لها بخبث - و أكيد رايه بتكون هناك ..
اتسعت عينا شيخة بأمل ..
- متأكدة ..؟؟
هزت سلمى رأسها و هي تنحني لعقد أربطة حذائها الرياضي الكبير ..
- هيه حمدان قال كل الشلة بتيي .. أكيد حبيبتج وياهن ..
.
.
.
راحت شيخة تصلح من هندامها بعجل ،،
حسناً ..
ها هي تنزلق ..!!
ببطء ،،
* * * * *
ينظر إليها و هي تجلس بهدوء شديد على تلك السجادة الفاخرة .. تهز بين أناملها فنجانا .. و الشرود على محياها ..
تلك بسمة غريبة تناوش شفتيها .. رمق من الفرح أصبح له مسكنا في عينها منذ أن التقت بهن ،،
كم ودّ من قلبه لو كان هنا .. لو رأى إحساسا على وجهها عند رؤيتهن ..
شيء افتقده منذ رحيل ابنه ،،
أو بالأصح .. منذ نفيه ..
.
.
بهدوء يتراجع بالخطوات من حيث أتى .. ذاك الذنب لا يفارقه كل ما التقى بها .. لذلك لا يجد في نفسه القوة لتحمل ثقله ..
دوما الهروب من وطأة ألم يلوح في عينيها هو الحل الوحيد ،،
يشتاق إليها تلك العزيزة .. يشتاق لمجالستها .. للحديث معها ..
و لكنه يكره الوجع الذي يعتمر صدره كلما رأى التوسل الصامت في عينيها ..
.
.
نفض كل هذا من ذهنه و هو يجزم بأن عليه أن يحدث غيث بما يدور في رأسه ،،
لقد طال أمر كثيرا .. لربما كان يماطل حتى يتملص من الأمر ..
قست عيناه و هو يدفع باب مكتبه بقوة ..
يعلم جيدا كيف يلجم تمرده ،، عليه تنفيذ تلك الرغبة قريبا ..
و قريبا جدا ..!
* * * * *
أطلقت إطارات الحافلة صريرا مميزا و صوت الباب الأوكوردي يُفتح تلقائيا مع توقفها .. لينزل الثلاث خلف بعض لا يُتَبين منهن شيئا ..
تتنهد دانة مع انطلاق الحافلة مبتعدة بأسى ..
- هب كأنه الحر ياي بدري هالسنة .. عنبوه تونا فأول أربعة و الشمس تشوينا ..
تتذمر عفرا هي الأخرى و هي تهف بكتابها الذي تمسكه و تعدل من وضع حقيبتها بضيق ..
- تشوينا بس ..؟؟ ذوبتنا ..
ضحكت نورة بحماس ..
- ههه .. شوه الأخت آيسكريم .. و بعدين تعالي عفاري أستغرب أنا و الله ..
نظرت لها عفرا شزرا من خلف الغطاء .. متأكدة بأن تعليقا ما سيأتي الآن على عجل ..!
- من شوه ؟؟
- بما إنج ناقة فإنتي المفروض تقاومين العطش و الجوع و الحر.. و الا ليش سموج سفينة الصحرا ..
ضحكت دانة و نورة بقوة .. و مطت عفرا شفتيها ..
- سخيفة ..
تأوهت دانة ..
- يا الله .. الحين نوري فصخي الجوتي .. بنسوي قصف للسبال هذا ..
دون أن يستدرن إلى ما أشارت علمن أن إبن الجيران لم يفوت موعد وصولهن كالعادة .. و ها هي سيارته الخردة تمشي محاذاتهن ببطء ..
عفرا تهمس بسباب طويل متحمس .. و لا يسمعن الا هسيسها .. نورة بسخرية ..
- شوه عفاري غادية تاير ينخس ههه ..
عفرا تهمس بخفوت و صوت سالم يلاحقهن بحماس ..
- انطبن لا ترمسن الين نوصل البيت ..
رحن يمشين بسرعة كعادتهن .. و سالم يواصل المسير قربهن و صوته البغيض يشق الجو وصولا اليهن ..
- بلاهن الغراشيب ،، داخلات ماراثون ..؟؟ بالهون .. بالهون .. حرام هالطول ينهز .. لو مستعيلات أوصلكن .. يعلنيه فدا هالعرضات ..
نورة بقهر و هي تغالب غصة في صدرها ..
- الحيوان .. و الله لو ما صخ لفره بحصى .. ملعون الصير ..
كانت عفرا هي الأخرى تكتم تلك الحرقة التي تلهب صدرها .. ها هو البيت يلوح أمامهن .. سيبتعد الحثالة فورا ..
و كأنما أمره تفكيرها بذلك .. صاح بحماس و سيارته تبتعد ببطء ..
- الوعد باكر ..
لحظات و تزفردانة بيأس ..
- ذلف الحقير .. مادري الين متى بنتم ع هالحال ..!!
ردت نورة بحقد ..
- الين ما نلقى حد يوقفه عند حده الكلب ..
أحنت عفرا رأسها و هي تدلف من الباب الحديدي القصير ..
- ما بتلقن حد يوقفه عند حده غير أبويه .. تعرفن انه يخاف منه و الا ليش ما يقرب من البيت .. االحيوان ما يدري انه ما يي الا الساعة 3 الظهر .. بس بعد منوه منكن تروم تسير لبويه و تقوله .. - و راحت تخفض صوتها مع اقترابها من مدخل الصالة - أبويه .. تراه سالم ولد ييرانا كل يوم يرقبنا عند راس الفريق و ييلس يغزلنا ..
شخرت دانة بسخريه ..
- كان ما بيطير راس ثنتين منا قبل لا يفهم السالفة ..!! هذا أبوية تعرفينه ما عنده ون توو .. سيده يندفع ..
بمجرد وصولهن .. استقبلتهن صيحة نايف كالعادة ..
- حور .. شرفن الشيخات حطي الغدا ..
نظرت دانة لهند و مزنة اللواتي استلقين تحت التلفاز القديم ينظر لمسلسل ما يعرض عليه ..
- حشى هب صبي درام .. انته الصرط كله هذا وين يروح ..؟؟ ما يبين عليك ..
أجاب نايف ببرود ..
- ما يخصج ..
ظربتها عفرا على ظهرها ..
- اهب عليج .. ردي الشهادة لا تصكينه بعين ..
قال نايف بلا مبالاة ..
- خلن الهذرة و سيرن بدلن .. مساعة يالسين نرقبكن ..
ثم هب من مكانه متوجها للمطبخ ..
نظرت له دانة شزرا ..
- لا خلينيه أصكه عسب يخف ع العيشه شوي .. فقّرنا ما لقينا اللقمة لي تسد اليوع ..
ضحكت نورة و هي ترمي حقيبتها ..
- صادقة دندن - تجاهلت نظرة الضيق على وجه دانة و هي تأمر مزنة - مزنوه هاتي لي ماي ..
عقدت مزنة حاجبيها و مطت شفتيها بضيق ..
- ما يخصنيه .. هاذوه المطبخ قدامج .. سيري اشربي ..
اتسعت عينا نورة بدهشة مصطنعة ..
- أوفف .. شوه ..؟؟ ما سمعت و الله ..؟؟ دندن .. سمعتي شوه قالت الفص ..؟؟
قالت دانة بخبث متجاهله اسم التدليل الكريهة ...
- دندن فعينج .. هيه سمعت .. شكلها بشكارتنا تبطّرت و مستقوية ..
اقتربت دانة و نورة و هن يلقين عباءاتهن أرضا من مزنة .. حين اختفت عفرا في غرفتهن .. ترفع نورة كم عبائتها بتخويف ..
- شوه يسوون العرب بالبشاكير لي ما يسمعن الرمسة ..؟؟
دانة بمكر و هي ترى عينا مزنة تتسع خوفا فيما تلقي هند نظرة باردة عليهن و تتابع النظر

عشقي عالمي
عشقي عالمي
هذي خطوتين نزلتهم يالغوالي وابي تفاعل وردود مو بس مشاهدات
وماعندي مشكله اذا تبوني انزل ع ثلاث خطوات كل يوم
عشوقه بخدمتكم
بس اهم شي قلولي ايت افضل خط الروايه البارت الاول اوالبارت الرابع لان الاخير كبرته

عشقي عالمي
عشقي عالمي
مو معقوله يافراشات رد واحد والمشاهدات 65
ماتستاهل الكاتبه المبدعه ليتني غريبه

عطري أنفاسهـ
عطري أنفاسهـ
يسلمو ننتظر التكمله
فعلا الكاتبه ليتني غريبه مبدعه
عوافي خيتو

عشقي عالمي
عشقي عالمي
عوافي عطوره شاكره لك ع المرور
محد عبرني غيرك غلاي
لك احلى بوسه
~~~~~~~~~~
الخطوة الخامسة
خطوات تغفو ،،
صوت محرك السيارة المزوّد كان يعلو على ضحكته المجنونة و يصيح بابن عمه الواقف بعيدا عن الباحة الخلفية الخالية ،، التي يفترض بأنها خاصة بالإسطبلات القديمة ،،
- ها بو سلطان ..
أشار هزاع بيده في حركة دائرية للأعلى متحمسا ..
- عيدها .. عيدها ...........
مرة الأخرى ينطلق صوت المحرك المزعج مختلطا بصرير الإطارات الفظ ،، و أحمد يدير السيارة في حركات استعراضية مجنونة ..
يضحك هزاع بنشوة و هو يصفق تارة و يطلق الصفير تارة أخرى ،، أطلقت الإطارات صريرا عاليا كالصراخ بعد توقفها أخيرا ،، ليركنها أحمد في الموقف البعيد قبل أن يترجل صافقا بابها و هو يحث الخطى نحو هزاع بحماس .. عاد هزاع يصفق له بحرارة و هو يراه مقبلا نحوه ..
- و .. عاش بو شهاب .. يا ريال لو تدخل الموتر هذا السباق و الله ليحطمهم ..
وصل إليه أحمد بخطوات سريعة ليضع هزاع ذراعه على كتقه و هما يتوجهان للجانب الآخر من المزرعة الضخمة .. كان أحمد يلهث من الحماس ..
- أخ يا بو شهاب لو طايح عليه قبل الريس لي طاف كانيه لول الحين و كاتبين عنيه بدالك ..
قهقه هزاع بقوة و هو يشد على كتفه متبجحا ..
- أونه بدالك .. أقول ابويه خلهم يدخلونك السباق أول .. ناسي إنك احتياطي ..
لكزه أحمد بضيق في خاصرته ..
- و انا هب قاهرنيه غير الاحتياطي .. لو يخلونيه أسابق مرة بس .. بيحلفون عليّه ان محد يسابق عنهم غيري ..
- ههه انزين يوم بيخلونك تسابق .. يصير خير .. عاد هذاك اليوم أنا بنسحب و بعتزل .. ما روم لك ،،
رفع أحمد حاجبا و هو ينظر له شزرا ..
- تطنز هاا ..
ضحك هزاع بقوة ..
- شرايك بعد .. أكيد أطنز .. ياخي خلاص .. انته ما يأست .. انته ما عندك أي فرصة دامنيه موجود ع الساحة ..
دفعه أحمد و هو يخفي ابتسامة و ينظر لهزاع الذي نفخ صدره متظاهرا بالفخر ...
- خقيت أشوف يا هزاع .. ناسي ان أول من علمك التقحيص عمك أحمد ..
أشار لصدره بقوة .. ابتسم هزاع ..
- حشى ما نسيت انيه التلميذ لي غلب معلمه ..
هز أحمد كتفيه بخفة ..
- أقول يا خي غير اسالفة .. أشوفك تسدح الاهانات واحدة ورا الثانية ..
الابتسامة لا تفارق شفتي هزاع ..
- نغيرها .. ما خبرتك .. مصبح اتصلبيه ..
- شوماخر ..؟؟
- هيه ..
- قاص على عمره ..
- أدري .. ما نشدتنيه شوه يبابي ..
نظر له أحمد بفضول
- شوه يبا بك ..
رفع هزاع بصره لأعلى ..
- ام .. يبانيه أودر كنجز و أحول لا تهاب و ياهم يا ريال ..
لمعت عينا أحمد ..
- في ذمتك ؟؟؟
هز رأسه بثقة ..
- هيه .. شرايك ..؟؟
نظر له أحمد بشك ..
- بتخلي كنجز ؟؟
هز هزاع كتفيه ..
- ليش لا ..؟؟
اتسعت عينا أحمد ..
- هزاع ..!!
ابتسم هزاع مطمئنا ..
- لا تخاف .. ذليته شوي .. خلاف كنسلت السالفة ..
لكمه أحمد في كتفه و سيارة هزاع تلوح أمامهما بجانب البوابة الحديدية العملاقة ..
- و ليش ما قلت لا من البداية ..؟؟
ضحك هزاع ..
- لقيتاا فرصة ألعب بأعصابه شوي .. تعرفينيه ما أدانيه هالريال .. و تعرف إنهم بعد ما يحبونيه .. بس هالحركة منهم وراها شي ..!
فتح باب السائق ليستقل السيارة الفاخرة و يجلس أحمد بجانبه ..
- حد يدري اننا يايين هنيه ..؟؟
هز هزاع رأسه نفيا ..
- قلت لسيف إننا مواعدين شباب .. ليكون حامد يدري .. عادي يخبر غيث خوك ..!
- لا لا .. مايدري ... الحين خلنا نسير البيت العود سيده .. أبوية قال بيتعشون هناك الليلة ..
أدار هزاع المحرك و انطلق بسرعة جنونية مخلفا وراءه سحابة ضخمة من الغبار ..
.
.
و سرا .. لا يعلمان متى قد يُكشف النقاب عنه ..!!
* * * * *
كانت الشمس تميل للرقاد على حدود السماء الغربية ..
أشعتها الواهية تتسلل باستماتة لتصل إلى تلك الصالة الصغيرة ،،
يضحكن بصوتٍ عالٍ و الأولى تصفق يد الثانية بمرح .. فيما تنظر الاثنتين إليهن بحقد .. زفرت هي بضيق ..
- مالت عاليكن .. ما شي يضحك ..
و لكنهن استمررن بالضحك دون مبالاة .. عقدت الأخرى جبينها ..
- يا الله عااد .. عيدن التوزيع .. دورج فطوم ..
توقفت فاطمة عن الضحك .. و هي تنظر لنورة التي لا زالت تضحك ..
- لا هب دوري ..!! دور حور ..
لا زالت حور تنظر لهن بغيظ ..
- عفاري منوه وزع قبلج ..؟؟
أجابت عفرا بسرعة ..
- انتي ..
رفعت حور حاجبها ..
- يا الله فاطمة خانوو .. وزعي حبيبتي ..
أمسكت فاطمة بالأوراق ترتبها بسرعة و هي تبتسم لسخرية نورة ..
- متأكدات ما بتنسحبن .. عنبوه .. غسلناكن غسال ههه ,, طالعي ويه حور كيف غادي من القهر ..
نفخت حور مجددا ..
- جب ..
نظرت لها فاطمة بضحكة مكتومة ..
- تيكت ايزي حواري .. ليش زعلانه .. هاي هند .. ربح و خسارة ..
عقدت عفرا جبينها و هي تنظر لهن بتشكيك ..
- و الله انكن تغشن أنا متأكدة .. و الا من يلسنا و انتن تربحن ..
فاطمة توزع الأوراق بسرعة ..
- مس ناقة .. ان بعض الظن اثم .. عيب هالرمسة .. نحن لعبنا لعب شريف .. صح نوري..؟؟
لا زال الضيق من الخسارة ينفث من حور ..
- وزعي و انتي ساكته ..
ضحكت فاطمة بأريحية ..
- ههه .. حور بلاج محترقة ..
لوحت بيدها بانزعاج ،،
- ما يخصج .. اف .. وينها هاي دانوه .. حشى هب نسكافيه .. ذبيحه .. - رفعت صوتها ليصل للمطبخ القريب - دااندان ..
أتاها الرد الفوري من المطبخ و صوت دانة يصيح بعصبية ..
- دندن فعينج .. و الله ما ييب النسكافيه ..
اتسعت عينا عفرا بارتياع ..
- حوه حور .. شوه دندن انتي بعد .. آخر هالمذلة ما بتييب شي ..
عقدت جبينها و هي تجيب ،،
- هب ع كيفها بتييب .. - صاحت بقوة في وجه فاطمة - ايه انتي وياها .. شفتكن ..شفتكن .. رديها .. ردي الورقة ..
رمت نورة أوراقها مع رؤيتها لدانة تحمل صحنا صفت عليه أكواب القهوة و صحن بسكويت .. و هبت واقفة لتجلس بجانب المها التي كانت تجلس بهدوء لا تنصت لضجيجهن .. و كتاب ضخم استقر بين يديها ..
صاحت فاطمة بها ..
- بلاج شردتي .. دانة ما تبى تلعب ..!
لوحت بيدها و هي تلتقط كوبا من الصحن الذي وضع أمامها ..
- يختي ملينا .. خلاص بنات يسدنا لعب خلنا نسولف ..
رحن يلتقطن أكواب القهوة على التوالي .. و سألت فاطمة بفضول ..
- وين نايف و مزوون و هندووه .. مالهم شوف اليوم ..
أجابتها عفرا و هي تقضم قطعة بسكويت ..
- ساروا ويا أمايا أبويه موديهم قدا خالوه ..
ضحكت فاطمة و هي تقول بمكر ..
- و أنا أقول لعب ورقة في الصالة و أصواتكن شاله البقعة ..
سألتها دانة و هي تضيّق عينيها على عنوان الكتاب الذي بين يدي أختها ..
- أقول فطوم .. من وين تييبين هالكتب ..
- من عند عمتيه .. هي مديرة مدرسة و وايد تحب تقرا .. و الكتب لي ما تباها أنا يبتها للمها عسب تقرا فيها و تتثقف اروحها ..
رفعت حور حاجبا و هي تقول بتشكيك ..
- الصراحة أنا أخاف على ختيه .. تخيلي تكون لعمتج هاي معتقدات غريبة و تقرأ فيها و انتي تفرين كتبها ع المها و تلوثين تفكيرها ..
- ههه .. جب زين .. معتقدات أونه .. عفاري متى حفلة التخرج ..؟؟؟
نظرت عفرا للأعلى مفكرة ..
- آم .. ثلاث أسابيع تقريبا ..
قالت حور بحماس ..
- يبالنا نسوي بروفا للميك أب قبل الحفلة ..
سألت فاطمة ..
- منوه لي بيعدلها ..
أجابت دانة بسرعة ..
- حور ..
نظرت لها نورة باستفسار ..
- فطوم متى بتداومين في التوطين ؟؟
- شهر 9 ان شا الله .. أنا و حور لو غيرت رايها ..
و نظرت لها بأمل .. لكن حور هزت رأسها رفضا ..
- انتي ما تيأسين ..
.
.
تجاذبهن لأطراف توافه الأمور في الحديث ..
و تلك المزاحات الخفيفة ..
و هدوء تلك الجلسة الخالية من التعقيد ..
.
.
بساطة في الذاكرة لن تزول ..!
* * * * *
يشعر بالتوتر الشديد و ذاك يسلط نظرته المتمعنة عليه .. كانا قد اتخذا زاوية في المكان يجلسان فيها .. فيما انخرط الجميع في الأحاديث متفرقين في وسع مجلس بيت الجد الكبير ،، قال بصوت هادئ يخالف ما يعتمر داخله ..
- و الله يا غيث .. أنا قلت أرمسك أول تشاورها .. قبل لا أخبر أبويه .. و يخبر أبوك ،، لو هي ما تبانيه نبند الموضوع بهدوء .. و لا تستوي امبينا حساسيات .. تعرف انه لو ابويه و عمي اتفقوا ما بيردون الشور لنا ..
توقف عن الحديث بعد أن شعر بانه أطال التبرير .. لا يزال غيث ينظر له بتلك النظرة الثاقبة .. شيء يزعزع هدوء النفس حين تكون في حضرة شخصية بقوة شخصيته ..و حدتها .. لن يعلم قط ما الذي يدور في ذهنه .. سرعان ما انفرجت عن شفتيه ابتسامة هادئة و هو يربت على كتفه بهدوء ،،
- خلاص يا سيف .. فالك طيب .. ازهل السالفة .. أنا بشاورها و برد عليك ،، روضة ما بتلقى أحسن عنك ..
كاد يتهاوى تحت تلك الراحة التي سرت في عروقه و هو يرى الرضا يشع في عينيه .. كان يجد الأمر صعبا عليه حقيقةً ،، فهو رغم ثقته الكبيرة بنفسه .. و طبعه الهادئ الذي يجعله دائما مسيطرا على نفسه .. إلا أن التوتر يتملكه كلما فكّر بهذا الموضوع الذي أخذ يؤرقه ..
ماذا لو أنها أجابت بالرفض ..؟؟ تنهد بقوة نافثا تلك الأفكار مع أنفاسه .. ليس له سوى الصبر ،،
سيأتي أخاها قريبا باليقين ..
.
.
بدا الشرود على وجهه ..و هو يتخلخل لحيته الوقور بأصابعه .. ابتسم هو في نفسه.. مر وقت طويل لم يرى سيف بهذا التوتر .. رغم أنه يصغره بستة سنوات .. إلا أنه كان الأقرب لغيث من أبناء عمّه .. دفء غريب يشع في عروقه كلما وجد نفسه جالسا معه .. شيء من السكينة يغرق روحه و هو يستمع لصوته الهادئ الرتيب الذي لا يحمل إلا الصدق ،، كان سعيدا باختياره لروضه .. لن تجد روضة أفضل منه ..
تمنى بصدق و هو يرى جبين سيف ينعقد بتفكير .. أن توافق روضة بهدوء ..
.
.
لأنها إن لم تفعل سيجبرها على ذلك ..!
* * * * *
حين انبلج ضوء ذاك الفجر الجديد ..
بدا كعادته .. مشعا .. مفعما بالأمل ..
و لكنه كان يحمل في طياته شيئا مختلفا أيضا ..!
.
.
.
.
.
صفقت باب السيارة بمجرد أن استقلتها .. لتلتفت إلى جوارها و هي تقول بكسل ..
- هاي ..
لم ترفع روضة رأسها عن الأوراق التي بيدها ..
- أهلين ..
انطلق السائق فورا نحو الجامعة و روضة تأمره بصوتها الناعم ..
- حطونيه في الجامعة أول ..
سألتها أختها بصوتها الخشن ..
- ع شوه مستعيلة ..
تقلب روضة الأوراق ..
- عنديه امتحان .. أبا أوصل بدري ..
لكزت شيخة الخادمة التي استقرت في المقعد الأول بيدها ..
- صحيبه .. هاتي كلينكس ..
تناولها الخادمة علبة المحارم .. و هي تسأل بسخرية ..
- وينها بنت عمج مالها شوف هالايام .. أحيدها ما تفارق بيتنا وبيت يدي ..
رفعت روضة بصرها بعتب ..
- وداها عمي عند خالتا ..
- أحسن ..
هزت روضة رأسها بعدم رضا ..
- مادري بلاج عليها .. و هب حلوة حركاتج يوم تيلسين تتحرشين ابها ..هاي أكبر عنا ..
شخرت شيخة باستهزاء ..
- هيه بس عقل ما شي ..و الا عايبتنج حركاتاا يوم تلاحق غيث ..
رفعت حور حور حاجبها ..
- شوه بتحامين عن غيث ..؟؟
لوحت أختها بيدها و هي تلوي فمها ..
- هه .. ما يحتاي .. يعرف كيف يتصرف ويا هالأشكال ..
نظرت لها روضة بحزم ..
- خلاص عيل لا تدخلين ..
نفخت شيخة بقهر .. لا تريد أن تتشاجر مع روضة في بداية هذا اليوم .. لذلك قالت بضيق ..
- الحق ما تبين تسمعينه ..! عوشوه ما قامت تحشم حد .. عنبوه تتلصق في الريال عيني عينك ..
صفقت روضة بيدها على الأوراق ..
- شيخاني .. سدي السالفة بليز .. هب فاضية عسب أناقشج .. هي حرة تسوي لي تباه أبوها و موجود .. شوه تبين تربينها انتي ..؟؟ طبيها .. تأكليناا لحمها ع الصبح ..
لوحت شيخة بيدها بحركة لا مبالاة عصبية .. و هي تنظر عبر النافذة للخارج ..
الحقيقة أنها لا تدرك سبب مقتها الشديد لقريبتها هذه ..! أ لأنها دوما تسخر منها ..؟
من لباسها و طريقة حديثها .. و تصرفاتها .. لا تحب أن تسخر منها رغم أنها لا تبالي بها ..
ففراغ رأس تلك الدمية الملونة .. لن ينم عنه سوى تفاهات تُعرف بها ..
.
.
ارتفع صوت هاتف روضة المتحرك يشق سكون السيارة .. التفتت لها بتلقائية لتراها تنظر لشاشته بجبين معقود .. رفعت عينها لشيخة و هي تهمس ..
- غيث .....!!
* * * * *
لم يكن يفصل بينهن و بين فرصة الغداء إلا بضع دقائق .. شعرت بها تلكزها في خاصرتها بالقلم .. فهمست بجبين معقود ..
- آآآآي .. عورتينيه يا الدفشة ..!!
أشارت صديقتها للأمام .. لتنظر هي أيضا فتقع عينها بعين المعلمة التي نظرت لها بعتب .. و هي ترفع صوتها ..
- نورة .. انتبهي ويانا ..
شعرت بوجهها يحمر .. هذه هي المرة الرابعة تقريبا التي تجدها المعلمة شاردة الذهن في هذه الحصة ،، المشكلة أنها تجد هذه المادة مملة جدا .. التقطت قلما تتظاهر بتتبع الدرس معهم على الكتاب .. رفعت عينها لتجد منى تكتم ضحكتها و هي تهمس ..
- هاا .. ارتفعت و الا نزلت ؟؟
عقدت جبينها بعدم فهم ..
- شوه هي ..؟؟
انفرجت شفتيها عن ابتسامة و هي تخفض رأسها كي لا تراها المعلمة و هي تتحدث ..
- أسهم شركاتج لي تفكرين بها ..
ابتسمت نورة بهدوء ما عندج سالفة .. انت ...
بترت عبارتها مع وقوع ورقة صفراء صغيرة على طاولتها .. التقطتها بسرعة و هي ترى أحد صديقاتها في الطرف الأقصى تشير بيدها ..
فتحتها لتلتهم الكلمات بسرعة قبل أن تهمس ..
- شما تقول تسأل لو بنحضر التخرج .. عسب تييب لنا بطايق الدخول ..
نظرت منى للأعلى مفكرة و هي تسأل بخفوت ..
- انتي بتحضرين ..؟؟
صمتت نورة لبرهة و هي تفكر ساخرة بأنها لن تجد شيئا لائقا لترتديه رغم أنه حفل تخرج شقيقتها أيضا .. لكنها فضلت قضاء ذاك اليوم في النوم .. قالت بحزم ..
- لا ما بحضر ..
بدا الإحباط فورا على وجه صديقتها و هي تقول ..
- مالت عليج عيل أنا بعد ما بحضر ..
ابتسمت نورة و عينها لا تفارق خطوات المعلمة تخشى أن تراها و هي تتحدث .. راحت تخط الرد بالنفي في نفس الورقة الصفراء لتعطيها الفتاة التي أمامها .. ليتناقلن الورقة .. ألقت نظرة على ساعة الحائط .. لازالت تفصلهم دقائق عن انتهاء الحصة ،، تنهدت و هي تسند فكّها بضجر .. تدريجيا بدأت تغرق مجددا في التفكير ،، ابتعدت كثيرا عن هذه البقعة من الأرض قبل أن تشعر بمنى تلكزها مجددا .. انتفضت و نظرت بارتياع للمعلمة .. هل انتبهت لشرودها مجددا .. و لكنها كانت تدير لها ظهرها و هي تكتب على السبورة .. نظرت لمنى بغيظ ..
- ها ..؟؟؟؟!
كانت منى تكتم ضحكة و هي تهمش مشيرة للباب ..
- شوفي الاستهبال بس ..
نظرت للباب .. لترى عبر نافذته فتاة قامت بوضع قناع مطاطي لوجه بشع .. بدا شكلها مضحكا و هي تلصق وجهها بزجاج نافذة الباب ..و تبعده مرة أخرى .. لحظات و نورة مبتسمة لهذا المنظر و الفتاة مستمرة في حركاتها ثم فجأة اصطدم وجهها بالزجاج .. إذ يبدو أن أحدا ما قام بدفعه إلى الأمام على غفلة .. انفجرت نورة و منى و بضع فتيات أخريات كن يراقبن الأمر بابتسامة .. لتلتفت المعلمة مع هروب فتاة القناع .. و هي تقول بضيق ..
- خير .. يالسة أنكت أنا ..؟؟
التزمن الفتيات الصمت باستثناء نورة التي لم تستوعب سوى منظر الفتاة و رأسها يدفع ليلتصق بالنافذة .. كانت تضحك بأريحية غير منتبه لوجود المدرسة التي ركزت الملعمة نظرها عليها ..
- ههه ..
قرصتها منى بخوف ..
- نورووه .. بس المعلمة تطالعج ..
رفعت نورة عينها بسرعة و هي تخنق الضحكة باستماتة .. كانت المعلمة تقترب من مقعدها و هي تعقد ذراعيها و نظرة صارمة تعلو وجهها الحاد ..
- هاا نورة .. ضحكينا وياج ..؟؟؟
التفتن الطالبات إلى نورة التي وقفت في مكانها ينتظرن الإجابة .. شعرت نورة بإحراج شديد و هي تكذب قائلة ..
- ما شي معلمة .. بس تذكرت سالفة و ضحكتنيه ..
كان صوت المعلمة قاسيا ..
- لا و الله .. و هالسالفة ما تذكرتيها الا فحصتيه ..؟؟ ما تعرفين ان الضحك من دون سبب .. قلة أدب ..
قالت نورة بلهجة مرتدة قوية ..
- أنا هب قليلة أدب ..
وضعت المعلمة يدها على الطاولة و هي تقرب وجهها من نورة بلهجة قاسية ..
- عيل لا تضحكين من دون سبب .. و انتبهي .. الغدا لاحقة عليه و ع التفكير فيه ..
وجدت نورة تعليقها سخيفا مع بضع ضحكات انطلقت في أرجاء الفصل .. أشاحت بوجهها و هي ترفع أنفها بشموخ .. عادت المعلمة لمكانها و نورة تجلس مجددا .. لم تكد المعلمة تبدأ بمواصلة درسها الممل حتى ارتفع الجرس خارج الممر معلنا انتهاء الحصة .. ابتسمت نورة ابتسامة كبيرة و كأنما أفرج عنها .. راحت المعلمة تجمع أغراضها و هي تنظر لارتياح نورة شزرا ..
- الشيخة نورة المرة الياية لو بتسترجعين ذكرياتج استرجعيها برا .. ما فيه داعي تضيعين على غيرج الحصة ..
التزمت نورة الصمت و هي تنظر لها بغل ،، قالت بحقد لمنى و هي تراقب المعلمة تخرج من الصف ..
- عنبوه ما ترزا هالضحكة ..
ضحكت منى و هي تدس كتبها في درج الطاولة ..
- لا انتي ما تسمعين ضحكتج كيف لنج متعودة .. ضحكتج بروحها نكته .. ما تشوفين البنات يضحكن كل ما ضحكتي حتى لو ما يعرفن السالفة ...
هبت نورة واقفة و خرجت من الفصل ترافقها منى .. ما أن وصلت عند الحمامات الواقعة في أقصى الممر .. و دخلتها حتى ظهر فجأة ذاك الوجه المريع .. لتجفل خائفة .. رأته منذ لحظات و لكنه بدا مروعا عن قرب .. ضحكت منى على منظرها و هي مذعورة .. و أزالت الفتاة القناع ليطالعها ذاك الوجه من خلف فتشهق بغيظ و هي تضربها على كتفها ..
- دانوه يا السبالة روعتينيه ..
فركت دانة كتفها ..
- آآه .. يا الدفشة .. مايكل تايسون هب نورة .. ايدج ثقيلة ..
سألتها منى بلهفة ..
- انتي لي كنتي توايقين من دريشة الباب ؟؟
ضحكت دانة بقوة و شاركنها صديقاتها اللواتي كان يمتلئ بهن المكان .. و انشغلن في الإصلاح من هندامهن ..
- ههه .. عيبتكن الحركة .. ما دريت وين نورة يالسة عقب ما غيرت مكانها بس شفتج ..
- ههه منوه لي ظرب راسج فالدريشة ..
نظرت لإحدى صديقاتها بحقد ..
- هاي شمشون ..
قالت نورة بضيق ..
- انتي كيف ظهرتي و الحصة الرابعة ؟؟
هزت دانة كتفيها و هي تنظر لنوف التي انشغلت بتمشيط غرتها بتركيز ..
- عدناا فراغ .. صع نوف ..؟؟
قدمت نوف وجهها حتى كاد يصطدم بالمرآة و هي تهز رأسها موافقة .. تابعت منى استفسارها ..
- و من وين يبتن القناع ..
وضعت دان قطعة لبان في فمها و هي تمد قطع أخرى لأختها و صديقتها ..
- هاي سارونة صارقتنه من النادي الترفيهي ..
اتسعت عينا نورة و هي تشهق ..
- يا قواة عينها ..!!!!
قالت احدى صديقات دانة التي لا تعرف نورة لها اسما ..
- عادي أصلا محد يشرف عليه هالنادي ..
لوحت دانة بيدها و هي تلقي نظرة على المرآة تعدل فيها من وضع ..
- صدق .. عادي .. بس تدرن انتن أحسن عن عفاري سيده انتبهتن .. عفرا تميت ساعة عند الباب و الصق ويهي كل بنات الصف و المعلمة و الصف لي عدالهم انتبه و هاييك مبهتة في الصبورة و تنسخ .. !!
* * * * *
الشمس تتصدر قلب السماء .. تنفث أشعتها لهبا .. حارقة ..
تتوقف سيارته العتيقة بأنين معذَّب أمام باب البيت الصغير .. يفتح سيارته ببطء شديد ..
يتساند بيده و هو يضع مفتاحها في جيبه مصدرا عند حركته المرهقة صوت اصطدامه بهاتفه القديم ..
بدأ يدفع خطاه نحو الباب .. حرارة كتلة النار التي أبدع الخالق بها نورا .. تكوي مؤخرة عنقه الأسمر ..
يقطع المسافة القصيرة بين الرصيف و باب بيته القريب بجهد بالغ .. و هو يحرك - غترته - إلى الخلف قليلا ..
يشعر بثيابه .. بأنفاسه .. بخطاه .. ثقيله ،،
ثقيله للغاية .. قطرة من العرق تسيل على جبينه لتستقر بجرأة على جفنه المجعد .. ليمسحها بتعب ..
.
.
ما بالها هذه المسافة لا تتقلص ..
شعر بأنه متعب ..
متعب جدا ،، أحنى رأسه ليعبر الباب القصير .. مدخل المجلس الصغيرة أمامه ..جلس على درجتيه الصغيرتين يسند ظهره للجدار المجاور ..
شعر بجسده ضعيفا للغاية .. لا يملك القوة ليواصل طريقه للداخل ..
سيرتاح لثوانٍ هنا ،، ثم سيتابع طريقه ..
أسند جسده للأرضية الإسمنتية الساخنة .. تلذعه حرارتها ..
لكنه لم يبالي .. فها هي الشمس أكثر قسوة .. تلسع وجهه و جسده بحرارة أشعتها التي تسلطها عليه ..
فيما يجلس هنا مستسلما ..
الحرارة تخنقه .. و جسده المضني لم يعد فيه من القوة ما يملك ليتزعزع من مكانه ..
تتسرب الأنفاس منه الآن .. و هو يسدل جفنيه بتعب ..
لم يعد يقوى الاستمرار تحت لهيب هذه الأرض .. أَ يمكنه أن يغفو للحظات عند هذه العتبة ..؟!
سينشد الراحة للحظات قليلة فقط ..
يريد السلام الذي يسكن خلف تلك الظلمات .. سيصلها بهذه الغفوة ..
الشمس لا زالت تطلق سهامها نارا عليه .. و جفاف في حلقه يؤرقه ..
هو ظامئ ،، جسدا .. و روحا ..
قواه تخور ببطء .. و عمامته أصبحت تنزلق ..
تنزلق ..!
و وجه قديم ينبثق من العدم في هذا السواد ..
هذه التجاعيد .. و هذه العينين .. و هذا الحنان البعيد .. هذا العبق الذي ملأ الجو الساخن ..
راحتيها يريد أن ينحني ليقبلها .. يريد أن يمسك بها .. يستنشقها .. و يتنفس رائحتها مجددا للحظة أبدية ..
و لكن الصورة كانت تختفي .. تتبدد في تلك الظلمة المريحة ..
.
.
أنفاس ..
و لم تعد شمس الصيف الحارقة تؤذيه الآن ..!
* * * * *
وضع في فمه لقمة ضخمة و هو يشير بيده المتسخة إلى زجاجة الماء .. ابتسم هو بهدوء و هو يفتحها له و يدنيها منه .. ابتلع اللقمة ليعقبها بجرعة مياه كبيرة و يتنهد بشبع ..
- الحمدالله ..
لا زال هو يبتسم بهدوء ..
- يعل فوقه العافية ..
ربت الأول برضا على بطنه و هو يقول ..
- يا خي ما شا الله على أمك طبخاا فنان .. بو هناد يوزنيه وحدة من خواتك أبا أناسبكم ..
ضحك سيف من قلبه ..
- ههه أفاا يا عبدالعزيز .. تناسبنيه عسب طباخ أميه .. الحمد الله ان ما عنديه خوات ..
ارتسمت على وجه عبدالعزيز ابتسامة طفوليه ..
- و الله يا سيف ان قربكم ينشرى بفلوس .. بس طباخ أمك بعد ما فيه حيله .. بس تدري شوه ..؟؟
بدا الإحباط عليه و هو يهوي براحة يده على بطنه الكبير الذي شد بفعل حزام لباسه الرسمي للشرطة ..
- دوم تخرب عليه الريجيم بهالعزايم ..
ضحك سيف هو الآخر و هو ينهض من مكانه ..
- أي ريجيم يا خي .. انتي تمشي عليه خمس دقايق و باقي الوقت ع كيفك ..
عقد عبدالعزيز جبينه ..
- ياخي لا تحبطنيه أول شي يخرب وصفات الريجيم هي الرمسة المثبطة للعزيمة .. و رمستك مع احترامي الشديد تبط أبوو العزيمة ..
- خلها تثبط العزيمة عسب لا تاكل شي فيها ..
- هه بايخة .. أنا بسير أغسل ايديه عسب نكمل الدورية ..
هز سيف رأسه و هو يخرج هاتفه و يتصل بأمه ليبلغها بان ترسل أحدا لأخذ الطعام ..
و جلس عن المدخل يرتدي حذائه .. استرعى انتباهه دخول أخوه الأصغر حاملا كتبه بيده .. سلم بإرهاق حال دخوله ..
- السلام عليكم و رحمة الله ..
عقد سيف جبينه ..
- و عليكم السلام و رحمة الله .. مرحبا حارب .. عنبوه الساعة ثلاث و نص ..
سلّم حارب باحترام و هو يتنهد ..
- شوه بتقول يا سيف .. الحين يدبلونهن الساعات علينا دراسة و امتحانات .. المدارس

الحياة بلا حنان ما اقساها من حياة HB
حب الوطن