دنيا الإنسان

1. قلت: (( وما دنيا الإنسان ؟ ))


2. كانت كلماتها تخرج من فمها لتدخل أذنيًّ كأنها سهام حارقة،


3. فسددت أُذنيّ ، وصرخت بكل قوتي: ((توقفي .. توقفي..))

دنيا الإنسان
وجدت نفسي هناك
أسير وحيدة.... توقفت، تلفت حولي
خائفة.. حائرة.. متسائلة
أين أنا ؟!
كيف وصلت إلى هنا ؟!
نظرت حولي مرة أخرى
رمال ذهبية تغطي كل ما حولي
وأشعة شمس تشرق في استحياء
وحيدة أقف في هذا المكان
أجهل كيف وصلت إليه
أو كيف أخرج منه
تلفت يمنة ويسرى، تسارعت نبضات قلبي، وزاغ بصري، باحثة عن بارقة أمل
وفجأة
لمحته من بعيد، طيف يقترب في خطوات واثقة يسير نحوي
لعله تائه مثلي ! قلت لنفسي
أعدواً أم صديقاً !
يقترب
أيكون أملاً أم يأساً !
يقترب أكثر
خوفي ولهفتي يتزايدان
يقترب أكثر وأكثر
الظلال تغطي وجهه بدء مألوفاً لي لقد رأيته من قبل
هاهو أمامي.. بل... هاهي أمامي
نظرت في فزع
؟
؟
إنها.. أنا !! (( لا يمكن )) صرخت لكن الصوت أبى أن يخرج من جوفي
جف حلقي ... ارتعشت أطرافي ... أحدق بدهشة
(( من أنتِ ؟ )) نطقتها أخيراًً بصوت مرتجف
ابتسمت وقالت في برود : (( أنا ؟ أنا هي أنت ! صوت من داخلك تجسد في صورتك ))
نظرت إليها غير مصدقة ثم سألتها مذعورة :(( م.. ماذا تريدين ؟))
نظرت لي نظرة غريبة ثم قالت: (( أريد ما تريدين ! لكن لا تتعبي نفسك في البحث عنه ))
ساد الصمت لبرهة ثم قلت في بطء: (( البحث عن ماذا؟ ))
ضحكت في قسوة ثم أجابت: (( لا تحاولي أن تخفي عني لقد قلت لك أننا شيءٌ واحد، عقلٌ واحد، قلبٌ واحد،
حتى هذا الألم أشعر به . الفرق بيني وبينك أنني عرفت الحقيقة منذ زمن ! بينما أنت مازلت تبحثين ع.....))
قاطعتها صارخة: (( توقفي .. من أنت ؟! وماذا تريدين مني ))
لم تجب بل نظرت لي نظرة مشفقة ثم حركت شفاهها وقالت: (( لقد أخبرتك من أنا ! ولكن قبل أن أجيبك عن أي تساؤل سأسألك أنا فإن أجبتني بصراحة.. أجبت عن كل ما يدور في خلدك ، اتفقنا ))
نظرت إليها في ريبة ثم هززت رأسي موافقة
قالت: (( عن ماذا تبحثين؟ ))
ترددت قليلاً ثم حسمت أمري وقلت: (( أبحث عن الحب ))
ابتسمت في مرارة ثم قالت: (( البحث عنه أصعب ما في الحياة، رغم أنه موجود في كل ما يحيط بنا، فالحب في الأنام، والحب في الوجدان، في بسمة طفل، في باقة ورد، في نظرة عطف ورحمة، في....))
قاطعتها قائلة: (( ما هذا؟ ))
إجابةٌ أم سؤال ؟
راحةٌٌٌٌٌٌُ أم عذاب ؟
أملٌ أم يأس ؟
تابعت: (( ابحثي عن إجابة سؤالك في تجارب الحياة، في صراع الإنسان مع أخيه الإنسان، في صراع الأمل واليأس، في صراع الحب والكراهية في دنيا الإنسان ))

قلت: (( وما دنيا الإنسان ؟ ))

أجابت: (( دنيا كلها عواصف ، تجد الراحة فيها يوماً ، والعذاب فيها دوماً ، دنيا القوي فيها يأكل الضعيف ، والضعيف يخشى القوي ، دنيا تجد فيها الظلم والطغيان ، ولا تجد الراحة والأمان ، هذه هي دنيا الإنسان ، فأفيقي يا نائمة من غفلة الأحلام ))

كانت كلماتها تخرج من فمها لتدخل أذنيًّ كأنها سهام حارقة،

فسددت أُذنيّ ، وصرخت بكل قوتي: ((توقفي .. توقفي..))

أخذ طيفها يبتعد وأنا مستمرة في الصراخ ، وفجأة وجدت نفسي جالسة على الأريكة في صالة منزلي ، كنت أتصبب عرقاً، و ألهث بشدة ، نظرت من حولي، ثم التقطت أنفاسي ، كانت شاشة التلفاز تحمل تلك اللوحة التي تعلن نهاية الإرسال ، يبدو أنني استسلمت للنوم بينما كنت أشاهد الأخبار.
نعم الأخبار والمشاهد المؤلمة التي كانت تتحدث عن الموت والدمار والظلم الذي يملأ العالم ، ثم تذكرت كيف تساءلت بيني وبين نفسي (( أين ذهب الحب؟! )) لو كان موجوداً بين الناس لما حدث كل هذا.
تذكرت حلمي ثم قلت: صدقت نفسي (( إن البحث عن الحب أصعب ما في الحياة، رغم وجوده في كل ما يحيط بنا..))
نهضت وأغلقت التلفاز والأضواء، ودخلت غرفة نومي وأنا أتساءل: هل هناك من أمل..!!!
فهل من جواب أيها الإنسان