- حدقت بعينيها ...وبدأت يديها بالأرتعاش ...وقلبها بالخفقان ..
- أماه!!........
- ما يفعل الأعداء في أوطاني عصفت بجانحتي وهز كياني
يا ليل أمتنا الطويل متى نرى فجرا تغرد فوقه الأمجاد
رفعت ثوبها وجرت إليه مسرعة....توجهت إلى سريره...بعد أن دخلت غرفته وعبرت ذاك الكم الهائل من الألعاب ...حملته بين يديها...احتضنته......قبلته.....وبدأت بالغناء.....
يا نسمة تمر بي خذي فؤادي واذهبي
وقدميه عاطرا هدية إلى أبي
ثم سقطت الدمعة من عينها ....براقة لامعة.....أنارت غلسة الليل في سوداءه....
ألقت إليه النظرة الأخيرة ...في اليوم الثامن من وداعها لأبيه....ثم خرجت من غرفته متوجهة إلى غرفتها القريبة بعد أن أعادته إلى سريره وأطفأت النور...
دخلت غرفتها..فتحت خزانتها وأخرجت منه صورة ونظرت إليها والدموع تجري على وجنتيها كنهر شق طريقه ليصب مياهه العذبة في البحر............قلبت وجهها على الوسادة وهي تقول ...أرجوك !..إرجع ..يكفيني هذا البعد...
مرت الأيام والشهور...وهي على تلك الوتيرة ...لا تقابل أحدا ...ولا يتحدث إليها أحد..وبعد أربعة أشهر ..وفي إحدى ليالي الشتاء المظلمة ..دقت الساعة منذرة بتمام الثانية فجرا وهي خالدة في النوم... رن جرس الهاتف ...إستيقظت مستعدة للإجابة على المتصل...
- نعم! من المتحدث؟
- أحمل إليك خبرا من أفغانستان !سيدتي...
حدقت بعينيها ...وبدأت يديها بالأرتعاش ...وقلبها بالخفقان ..
- من أنت ؟!..وما الذي حصل ؟..خير إن شاء الله ...
- أنا آسف! إتصلت لأزف إليك خبر استشهاد أبا صالح -يقصد زوجها-..هنيئا له بالاستشهاد يا أختي .... وأعظم الله أجركم ...وإنا لله وإنا إليه راجعون ....
سقطت سماعة الهاتف من يدها ... وبدأت بالبكاء ...بل بدأت تحس بأن حياتها السعيدة ..المليئة بنور الأمل ...تغرب شيئا فشيئا ...لتحل محلها حياة الحزن الأبدي .....
لم تكن تبكي على وفاة أبا صالح...بل على العكس لقد كانت دموعها البراقة تنهمر فرحا على نيل زوجها وحبيبها وأبو طفلها الشهادة ...ولكن كان حزنها يلوح في الأفق عاجزا عن رفع مستقبل صالح لا سيما أنها امرأة مكسورة الجناح .......لا تستطيع رسم مستقبله لوحدها....وبهذا بدأت حياتها من جديد......
مرت السنون ...وكبر صالح وأصبح على مشارف الدراسة ...وفي يوم من الأيام ...دق جرس الباب...فتوجه صالح الصغير لمعرفة من الطارق ...فقيل له ...صل هذا الظرف لأمك ....وبعد أن قرأته ... عرفت أنها من لجنة الرعاية بأطفال الشهداء ....يحثونها على إلتحاق ابنها بمدرسة تحفيظ القرآن ....وبالفعل إلتحق بتلك المدرسة....وحفظ القرآن....
وتلاحقت السنين ....وصالح يكبر شيئا فشيئا ....حتى أصبح شابا على مشارف أبواب الجامعة ....
وفي إحدى جلساته مع أمه ....طرق إليها باب الحديث عن فلسطين الجريحة ....
شعرت الأم أن شجرتها لن تثمر ........
أماه!!........
ما يفعل الأعداء في أوطاني عصفت بجانحتي وهز كياني
لقد هب أبي كالأسد ملبيا نداء أفغانستان.....فطهرها من دنس العدو بدمه ......والآن.......في أرض القدس تمادى اليهود...وحل في سماءها الضلال محل الهدى.......أنسيتي بأنها موطن الأنبياء ....ومسرى الرسول .....ونبع الضياء.........أماه.......
في كل أرض جرحنا يتمدد....
في كل أرض تستباح دماؤنا.....
في كل أرض يستباح المسجد.......
حاولت الأم المسكينة إخفاء دموعها بعد أن سقطت من عينيها .......
- كنت أعرف يا بني ....كل ما يجود بخاطرك ..ولا حاجة لإكمال حديثك ...... فهو الحديث ذاته الذي دار
بيني وبين والدك قبل ثمانية عشر عاما .....فهلا تكرمت بإخباري عن موعد تلبيتك نداءها؟!....
- بعد صلاة الجمعة .....من هذا الأسبوع ......فخير البر عاجله ...
وجاء يوم الوداع .....فإما لقاء جديد مع محطة الأمل .....وإما لقاء في ظل عرش الإله...
عادت أم صالح وحيدة من جديد .....وبعد أن زف إليها خبر استشهاده ......رفعت يديها إلى السماء ....
والدموع تنهمر كعادتها .........الحمد لله الذي بلغني خبر استشهاده ........فها هي دماؤهم تطهر الأرض..
أما أنا فلم يبق لي سوى دعاء ربي بأن يجمعني وإياهم في روضة من رياض جناته .........
إنا لله وإنا إليه راجعون............
رسالتي
نعم ..........
تلك هي .........
أم الشهيد.........
وزوج الشهيد...........
تلك هي ......
وريثة الخنساء....
وسمية...........
ميعادنا النصر المبين فإن يكن موت فعند إلهنا الميعاد
دعنا نمت حتى ننال شهادة فالموت في درب الهدى ميلاد
:aw6
هذي أول قصة في حياتي أكتبها
إذا ما في ردود تدل على جمال الفكرة أو روعة الأسلوب
على الأقل أكتبوا إنتقاداتكم لي علشان أتعلم من أخطائي
وأتفاداها في القصص الجاية
وصدقوني ما راح أزعل ............... لأنكم بكذة راح تدفعوني إلى الأمام
الله يسامحكم