- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
- ضَاع الْعُمْر بِغِلْطَة .. ؟؟
- وَلَكِن أَتَعْرِفُوْن أَيْن اخْتَفَى!!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
ضَاع الْعُمْر بِغِلْطَة .. ؟؟
هُنَاك قِصَّة مَشْهُوْرَة فِي الْأَدَب الْفَرَنْسِي اعْتُمِدَت عَلَى وَاقِعَة حَقِيْقِيَة حُدِّثْت فِي بَارِيْس قَبْل فَتْرَة طَوِيْلَة.. وَرَغْم أَنَّنِي لَم أَعُد أَذْكُر الْأَسْمَاء وَالْتَّفَاصِيْل إِلَا أَنَّنِي أَذْكُر الْمَغْزَى وَالْمُفَارَقَة - وَبِالتَّالِي سَمَحَت لِنَفْسِي بِإِعَادَة صِيَاغَتِهَا عَلَى الْنَّحْو الْتَّالِي:
كَانَت هُنَاك شَابَّة جَمِيْلَة تُدْعَى (صُوْفِي) وَرَسَّام صَغِيْر يُدْعَى (بَاتْرِيْك) نَشَآ فِي إِحْدَى الْبَلْدَات الْصَّغِيْرَة.. وَكَان بَاتْرِيْك يَمْلِك مَوْهِبَة كَبِيْرَة فِي الْرَّسْم بِحَيْث تُوَقِّع لَه الْجَمِيْع مُسْتَقْبَلَا مُشْرِقَا وَنْصَحُوه بِالذَّهَاب إِلَى بَارِيْس. وَحِيْن بَلَغ الْعِشْرِيْن تَزَوَّج صُوْفِي الْجَمِيْلَة وَقَرَّرَا الْذَّهَاب سَوِيا إِلَى عَاصِمَة الْنُّوْر.. وَكَان طُموحُهُما وَاضِحَا مُنْذ الْبَدَايَة حَيْث سَيُصْبِح (هُو) رَسَّاما عَظِيْما (وَهِي) كَاتِبَة مَشْهُوْرَة. وَفِي بَارِيّس سَكَنا فِي شُقَّة جَمِيْلَة وبُدآ يُحَقِّقَان أهَدَافَهُما بِمُرُوْر الْأَيَّام.. وَفِي الْحَي الَّذِي سَكَنا فِيْه تَعَرَّفْت صُوْفِي عَلَى سَيِّدَة ثَرِيَّة لَطِيْفَة الْمَعْشَر. وَذَات يَوْم طَلَبَت مِنْهَا اسْتِعَارَة عُقِد لُؤْلُؤ غَالِي الثَّمَن لِحُضُوْر زِّفَاف فِي بَلْدَتِهَا الْقَدِيْمَة. وَوَافَقَت الْسَّيِّدَة الثَّرِيَّة وَأَعْطَتْهَا الْعُقَد وَهِي تُوصِيُّهَا بِالْمُحَافَظَة عَلَيْه. وَلَكِن صُوْفِي اكْتُشِفَت ضَيَاع الْعِقْد بَعْد عَوْدَتِهِمَا لِلْشَّقَّة فَأَخَذْت تَجْهَش بِالْبُكَاء فِيْمَا انْهَار بَاتْرِيْك مِن اثَر الْصَّدْمَة.. وَبَعْد مُرَاجَعَة كَافَّة الْخِيَارَات قُرِّرَا شِرَاء عُقِد جَدِيْد لِلِسَيِّدَة الثَّرِيَّة يَمْلِك نَفْس الشَّكْل وَالمُوَاصِّفَات. وَلِتَحْقِيْق هَذَا الْهَدَف بَاعا كُل مايَمَلَكَان وَاسْتَدَانَا مُبَلِّغا كَبِيْرا بِفَوَائِد فَاحِشَة. وَبِسُرْعَة اشْتَرِيَا عَقْدَا مُطَابِقا وَأَعَادَاه لِلِسَيِّدَة الَّتِي لَم تَشْك مُطْلَقا فِي انّه عَقَدَهَا الْقَدِيْم. غَيْر أَن الدَّيْن كَان كَبِيْرا وَالْفَوَائِد تَتَضَاعَف بِاسْتِمْرَار فَتَرَكَا شِقَتِهُما الْجَمِيْلَة وَانْتَقَلَا إِلَى غُرْفَة حَقِيْرَة فِي حَي قَذِر.. وَلِتَسْدِيد مَاعَلَيْهِمَا تَخَلَّت صُوْفِي عَن حُلُمِهَا الْقَدِيْم وَبَدَأَت تَعْمَل خَادِمَة فِي الْبُيُوْت. أَمَّا بَاتْرِيْك فَتَرَك الْرُّسُم وَبَدَأ يَشْتَغِل حَمَّالا فِي الْمِيْنَاء.. وَظِلّا عَلَى هَذِه الْحَال خَمْسَة وَعِشْرِيْن عَاما مَاتَت فِيْهَا الْأَحْلَام وَضَاع فِيْهَا الْشَبَاب وَتَلَاشَى فِيْهَا الْطُّمُوْح.. وَذَات يَوْم ذَهَبْت صُوْفِي لِشِرَاء بَعْض الْخُضْرَوَات لِسَيِّدَتِهَا الْجَدِيْدَة وَبِالصُدِفة شَاهَدْت جَارَتِهَا الْقَدِيْمَة فَدَار بَيْنَهُمَا الْحِوَار الْتَّالِي:
- عَفْوَا هَل أَنْت صُوْفِي؟
- نَعَم مَن الْمُدْهِش أَن تَعْرِفِيْنَي بَعْد كُل هَذِه الْسِّنِيْن!!
- يَا إِلَهِي تَبْدِيْن فِي حَالَة مُزْرِيَة مَاذَا حَدَث لَك وَلِمَاذَا اخْتَفَيْتُما فَجْأَة!؟
- أَتَذْكُرِيْن يَاسَيِّدَتِي الْعُقَد الَّذِي اسْتَعَرْتُه مِنْك!؟.. لَقَد ضَاع مِنِّي فَاشْتَرَيْنَا لَك عُقَدا جَدِيْدا بِقَرْض رِبَوِي وَمَازِلْنَا نُسَدِّد قِيْمَتُه..
- يَا إِلَهِي لِمَاذَا لَم تُخْبِرِيْنِي يَا عَزِيْزَتِي لَقَد كَان عَقْدا مُقَلِّدا لَا يُسَاوِي خُمُسَه فَرَنْكَات!!
@@ هَذِه الْقِصَّة (الْمَأْسَاة) تَذَكَّرْتُهَا الْيَوْم وَأَنَا أَقْرَأ قِصَّة حَقِيْقِيَّة مِن نَوْع مُشَابِه.. قِصَّة بَدَأَت عَام 1964حِيْن هَجَم ثَلَاثَة لُصُوْص عَلَى مَنْزِل كَارْل لَوْك الَّذِي تَنَبَّه لِوُجُوْدِهِم فَقَتَلَهُم جَمِيْعُهُم بِبُنْدُقِيَّتِه الْآَلِيَّة. وَمُنْذ الْبِدَايَة كَانَت الْقَضِيَّة لِصَالِح لَوْك كَوْنِه فِي مَوْقِف 'دِفَاع عَن الْنَّفْس'. وَلَكِن اتَّضَح لَاحِقَا أَن الْلُّصُوْص الثَّلَاثَة كَانُوْا أُخُوَّة وَكَانُوْا عَلَى شِجَار دَائِم مَع جَارَهُم لَوْك. وَهَكَذَا اتَّهَمَه الِادِّعَاء الْعَام بِأَنَّه خُطِّط لِلْجَرْيِمَة مِن خِلَال دَعْوَة الْأَشِقَّاء الْثَّلاثَة لِمَنْزِلِه ثُم قَتَلَهُم بِعُذْر الْسَّرِقَة.. وَحِيْن أَدْرَك لَوْك! أَن الْوَضْع يَنْقَلِب ضِدَّه اخْتَفَى نِهَائِيّا عَن الْأَنْظَار وَفَشِلْت مُحَاوَلَات الْعُثُور عَلَيْه..
وَلَكِن أَتَعْرِفُوْن أَيْن اخْتَفَى!!؟
.. فِي نَفْس الْمُنْزَل فِي قَبْو لَا تَتَجَاوَز مِسَاحَتُه مِتْرَا فِي مِتْرَيْن. فَقَد اتُّفِق مَع زَوْجَتِه عَلَى الاخْتِفَاء نِهَائِيّا خَوْفا مِن الْإِعْدَام. كَمَا اتَّفَقَا عَلَى إِخْفَاء سِرُّهْما عَن أَطْفَالَهُما الْصِّغَار خَشْيَة تَسْرِيْب الْخَبَر لِلْجِيْرَان.. وَلَكِن الْزَّوْجَة مَاتَت بَعْد عِدَّة أَشْهُر فِي حِيْن كَبُر الْأَوْلَاد مُعْتَقِدِين أَن وَالِدُهُمَا تُوُفِّي مُنْذ زَمَن بَعِيْد. وَهَكَذَا عَاش لَوْك فِي الْقَبْر الَّذِي اخْتَارَه لِمُدَّة سَبْعَة وَثَلَاثِيَن عَاما. أَمَّا الْمَنْزِل فَقَد سُكِنَت فِيْه لَاحِقَا ثَلَاث عَائِلَات لَم يَشْعُر أَي مِنْهَا بِوُجُوْد لَوْك.. فَقَد كَان يَخْرُج خِلْسَة لِتَنَاوُل الْطَّعَام وَالْشَّرَاب ثُم يَعُوْد بِهُدُوْء مُغْلَقَا بَاب الْقَبْو.. غَيْر أَن لَوْك أُصِيْب بِالْرَّبْو مِن جَرَّاء الْغُبَار و 'الْكَتَمَة' وَأَصْبَح يَسْعُل بِاسْتِمْرَار. وَذَات لَيْلَة سَمِع رَب الْبَيْت الْجَدِيْد سُعَالا مَكْبُوْتَا مِن تَحْت الْأَرْض فَاسْتَدْعَى الْشُّرْطَة. وَحِيْن حَضَرَت الْشُّرْطَة تَتَبَّعْت الْصَّوْت حَتَّى عَثَرْت عَلَيْه فَدَار بَيْنَهُمَا الْحِوَار الْتَّالِي:
- مَن أَنْت وَمَاذَا تَفْعَل هُنَا!!؟
- اسْمِي لَوْك وَأَعِيْش هُنَا مُنْذ 37عَاما (وَأَخْبِرْهُم بِسَبَب اخْتِفَائِه)!
- يَا إِلَهِي أَلَا تَعْلَم مَاذَا حَصَل بَعْد اخْتِفَائِك!!؟
- لَا.. مَاذَا حَصَل؟
- اعْتَرَفَت وَالِدَة الْلُّصُوْص بِأَن أَوْلَادِهَا خَطَّطُوا لِسَرِقَة مَنْزِلُك فَأَصْدَر الْقَاضِي فَوْرَا حُكْما بِبَرَاءتْك!!
الْمَغْزَى مِن الْمَقَال
لَا تُضَيِّع حَيَاتِك بِسَبَب حَمَاقَة غَيْر مُؤَكَّدَة
وَهُو مَا نُسَمِّيْه بِالْوَهْم وَالَّذِي يَكُوْن مُسَيْطِر عَلَى كَثِيْر مِّن الْنَّاس