الفراشة أصبح فتيات Ftayat.com : يتم تحديث الموقع الآن ولذلك تم غلق النشر والمشاركات لحين الانتهاء من اتمام التحديث ترقبوا التحديث الجديد مزايا عديدة وخيارات تفاعلية سهلة وسريعه.
فتيات اكبر موقع وتطبيق نسائي في الخليج والوطن العربي يغطي كافة المجالات و المواضيع النسائية مثل الازياء وصفات الطبخ و الديكور و انظمة الحمية و الدايت و المكياج و العناية بالشعر والبشرة وكل ما يتعلق بصحة المرأة.
الحنونة الحلوة
17-06-2022 - 11:56 am
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف الحال ا ن شاء الله بخير حبيباتي الفراشات اتمنى منكم تساعدوني انا طالبه في ثالث ثانوي ومعلمة مادة التعبير طالبه مننا موضوع عن (المسرحيه) وانا دورت لكن مالقيت فاالله يعطيكم العافيه اللي عندها مسرحيه تتكون من ثلاث فصول اتمنى أنها ماتقصر معنا وطبعا انتم قدها وقدود وشكرا


التعليقات (8)
# تاليـا #
# تاليـا #
هلاوالله كان ودي اساعدك بس مو عارفه من فين اجيبلك هي
انا معلمتي اعطتنا قصه واحنا كتبنا المسرحيه طبعا مجموعات وكانت مرة حلوة
كانت مسرحيتنا كبرياء لمى بس خسارة سلمناها للاستاذة يعني مقدر اجيبها لك
فأنتي الفي احسلك لاانك ماراح تلاقي في النت
اتمنى لكي التوفيق

ظما الوجدان
ظما الوجدان
والله كان ودي اساعدك بس للاسف حاولت وماقدرت الله يسخر لك

&رحلة عذاب&
&رحلة عذاب&
أختي الحنونه الحلوه ممكن تقولين اخر موعد لها متى عشان الحق اكتبها لكي وأنزلها بالمنتدى

خالتي قماشة
خالتي قماشة
المسرحية الثانية
مسرحية حكاية صياد "مسرحية في فصل واحد"
شخصيات المسرحية‏
الحكواتي : يمكن أن يلعب أكثر من دور في المسرحية‏
الصياد : شاب قوي البنية لكنه طيب وفقير ‏
الزوجة : زوجة الصياد‏
الملك : شاب جميل الشكل طيب الخلق ‏
جوقة الغناء : من الرعية‏
شرطي1 شرطي 2‏
مجموعة من الفتيان‏
منادي‏
المشهد الأول:‏
الحكواتي يجلس في المكان المخصص له فوق المصطبة يقلب الكتاب، ومن حوله الفتيان يصغون إليه بهدوء يرصدون حركاته بمتعة.‏
الحكواتي : (يحدث نفسه) بالأمس كانت الرواية عن جحا، والمرابي، واليوم.. ماذا اليوم؟‏
(يقرأ عدة عناوين).. بهلول في سوق الحرامية..‏
الفتيان : لا.. لا.. قبل شهر سمعناها..‏
الحكواتي : ما رأيكم بحكاية الطنبوري أبي قاسم وحذائه العجيب؟‏
فتى1 : لا.. لا.. لم ننسها بعد يا عمنا الحكواتي‏
الحكواتي : إذا حكاية جحا باع حماره‏
فتى2 : أف.. مللنا جحا يا حكواتي..‏
الحكواتي : (وهو يقلب صفحات الكتاب).. ما رأيكم لو أقرأ عليكم حكاية الزير سالم.. أو حكاية أبي الفوارس عنترة بن شداد، وما حدث له مع النعمان.. أيام زمان.‏
فتى 3 : يا عمنا الحكواتي بالأمس كنا نصغي إلى حكاية عنترة، وقبل أيام.. أنهينا الاستماع إلى الزير سالم.‏
الحكواتي : (الحكواتي مقاطعا) لم يبق أمامي إلا أن أقرأ عليكم حكاية السندباد، وما جرى له فوق الجزيرة المسحورة؟‏
الفتيان : لا.. لا هذا ولا ذاك.. نريد حكاية جديدة لم نسمع بها من قبل‏
الحكواتي : (بانفعال يغلق الكتاب) لنؤجل حكاية اليوم إلى الغد..‏
فتى4 : لا.. لا تؤجل حكاية اليوم إلى الغد يا عمنا الحكواتي‏
الحكواتي : (يكرر بسخرية)ها.ها. هذا المثل لكم وليس ليس لي‏
(يغني)‏
الحكواتي : أنا الحكواتي‏
ولي نظراتي‏
كلام رقيق‏
لمعنى الحياة‏
جميل أنيق‏
بأحلى الصفات‏
أنا الحكواتي‏
ولي نظراتي‏
** **‏
أردد شعراً‏
وأسرد فكراً‏
وأعزف لحناً‏
بكلِّ اللغات‏
أنا الحكواتي‏
ولي نظراتي‏
** **‏
لكل حكاية‏
هناك بداية‏
بداية صدقٍ‏
بداية حبٍ‏
بعزٍ ومجدٍ‏
تكون النهاية‏
أنا الحكواتي‏
ولي نظراتي‏
** **‏
تعالوا لنحلم‏
بحلمٍ سيزهر‏
بعزمٍ سيثمر‏
بأجيالِ فخرٍ‏
سماءً وأرضاً‏
بوجهِ الطغاة‏
أنا الحكواتي‏
ولي حكاياتي‏
الحكواتي : (مسروراً يجلس في مكانه ويفتح الكتاب ويقرأ)..‏
كان يا ما كان يا حاضر يا زمان.. كان في أقاصي البلاد مملكة تدعى آركان. قبل ألف ومئة وأكثر من السنين.. أنشأها رجل من الصالحين، فأقامها على أساس متين.. من العدالة والرحمة والمساواة.. أحبته رعيته حباً جماً.. حتى عندما وافاه الأجل أبوا إلا أن يُكرموا ذكراه.. فقرروا تنصيب أحد ولديه التوأم.. إما حانون أو طيبون، وتسليم زمام أمور دولتهم إليه.. ولكن الوزير الأول.. الحاقد اللعين.. اغتاظ وقرر الاستيلاء على الحكم بالقوة.. فعمد إلى نصب كمين.. بمساعدة أعوانه المجرمين.. من عسكر ومرابين، وتجار مُستغلين.. فاستولى على العرش، وقتل أحد التوأم.. بينما الآخر القرين.. فرَّ هارباً يبحث عن ملجأ أمين.. يأمن بطش الوزير الطائش اللعين.. فتنكر بثياب شحاذ فقير.. أرسل شعره.. ووشم خدَّه.. ووضع لحية مستعارة، وشارباً رفيعاً.. وركَّب أنفاً طويلاً غليظاً.. وانتعل حذاءً عتيقاً.. واتكأ على عصا طويلة.. وعلق صرة حوائجه عليها، وأخفى ختم المملكة وخاتم المُلك والصولجان فيها.. ثم عبر النهر الكبير.. في هذه الأثناء كان الوزير.. قد استولى على الحكم، وأشاع بين الناس أن الأخوين اقتتلا على المُلك حتى قُتلَ أحدهما، وفَّر الآخر بعد أن استولى على خاتم المُلك وختم المملكة والصولجان.‏
(لازمة موسيقية لتغيير المنظر)‏
المنادي : أيها الناس.. أيها الناس.. هلموا واسمعوا.. بأمر الوزير الأول خانكان.. الحاكم بالوكالة مملكة آركان.. أصدر هذا الفرمان: من أجل العدل ومن أجل السلام.. من أجل إحقاق الحق.. من أجل أن يعم الوئام.. من أجل أن يؤول إليه حكم البلاد،‏

ومن أجل أن يتحقق ذلك شرعاً أمام الله والعباد.. لا بد من ختم المملكة، وخاتم الملك والصولجان. لهذا قرر الوزير هذا الإعلان:‏
يعلن وزير البلاد، عن جائزة مالية قدرها مئة قطعة من القطع الذهبية، لمن يقبض على الأمير الهارب القاتل طيبون أو يدلنا على مكان هذا المأفون.. الذي بطش بأخيه الملك حانون. واستولى على ختم المملكة، وخاتم الملك والصولجان بلا حق أو قانون..‏
(جمع من الناس يتساءل بدهشة)‏
... طيبون قاتل!! هذا لا يصدق؟!..‏
المنادي : (بانفعال يقاطع حديث الناس).. ولم لا يصدق!!.. لقد غدر بأخيه وهرب عندما اكتشف الوزير أمره.‏
(نلاحظ ابتعاد الناس ساخرين متأففين عن المنادي.. بينما يتابع المنادي تكرار قراءة الفرمان).‏
عودة إلى الحكواتي:‏
الحكواتي : وكان الناس قد تناقلوا هذا الخبر المزعوم ساخرين‏
(يتوقف الحكواتي قليلاً عن القراءة، ثم يحدق في الفتيان ويهز رأسه).. هذا لا ينفي وجود بعض أصحاب النفوس الضعيفة أمام سطوة المال وإغرائه ممن يفكرون في البحث عن أخي الأمير المقتول من أجل الفوز بجائزة الوزير الملعون.. ( إلى الفتيان لنتابع الحكاية) .. وفي الوقت ذاته شعر الناس بظلم الوزير وأعوانه والحاشية التي فسدت. فعم القهر والظلم والفقر وزادت الضرائب، وأرهق الناس بالربا الفاحش وساد الاستغلال، ولم يعد الحال يَطاق.. في هذه الأثناء كان الأمير الشاب /طيبون/ الفارِّ، قد عبر النهر إلى الشاطئ المقابل واتخذ من جرف النهر مكاناً آمناً يلوذ به من بطش الوزير، وغدره وبدأ يستعد للثأر منه.. انضم إله الكثير من الناس.. ناصروه لأنهم أحبوه، ورأوا فيه خير خلف لخير سلف.. القادر على إسعادهم وتخليصهم من القهر والفقر الذي سببه الوزير الغاصب، والحاشية الفاسدة.‏
هنا يتوقف الحكواتي قليلاً.. يتناول كوبا من الماء ويشرب‏
الحكواتي : /يأخذ وضعية جديدة في الجلوس/ أيها الفتيان.. إلى هنا وتكون الحكاية قد انتهت بعودة الأمير الشاب إلى سدة الحكم بعد أن تم له القضاء على الوزير المغتصب بمساعدة شعبه.. ولكن أين العبرة في هذه الحكاية؟.‏
فتى1 : حكاية عادية وغير ممتعة.. لا فكرة لها.. لا معنىً لها ولاعبرة..‏
فتى 2 : (باستياء) يبدو أن عمنا الحكواتي قد أفلس من الحكايات، ولم يعد في الجعبة ما يقرأه علينا.. هيا نذهب يا فتيان.‏
(ينهض الفتيان للذهاب وترك المكان)‏
الحكواتي : (يهدئ من خاطرهم) على رسلكم أيها الفتيان.. كنت أمازحكم.. الحكاية لم تنته بعد، فيها من المواقف والعبر الكثير..‏
(يقلب صفحة من صفحات الكتاب).. اسمعوا:‏
ذات يوم بينما كان أحد الصيادين ويدعى حمدون الطيب يصطاد قرب الجرف..‏
(لازمة موسيقية لتغيير المنظر.. وأصوات تلاطم أمواج النهر تسمع بالتدريج والتناوب مع الحوار)‏
الصياد : (وهو يدفع شبكة الصيد في النهر) يا رازق يا الله.. يا عليم يا كريم .. أسبوع مضى وأنا على هذه الحال.. وكأن السمك هرب من النهر، كما هرب الملك طيبون المتهم.. هذه حال الدنيا..‏
(يسحب الشبكة من جديد فتخرج فارغة.. ثم يرميها من جديد) هيلا هوب.. الرزق على الله.. الأولاد جائعون.. الرحمة يا الله .. ماذا أقول لأولادي إن عدت بخفي حنين.. بسلةٍ فارغة، وخالٍ من النقود.. (يبكي بقهر) زوجتي لن تسامحني، ولن تصدق أن النهر لم يعد فيه سمك، حتى الإعاشة التي كنا نحصل عليها نحن الفقراء من بيت المال، لم تدفع لنا منذ أن استلم ذاك الوزير اللعين البلاد..(يلم الشبكة.. يلاحظ كيساً صغيراً أحمر اللون.. يتناوله ويفتحه.. يصرخ بصوت عال.. ثم بصوت مخنوق) ماذا أرى؟!.. نو.. نقود.. قطعة ذهبية من النقود.. الحمد لله.. الحمد لك يا رب والشكر لك..‏
(يلم الشبكة بفرح طفولي، ويسرع بالعودة إلى بيته..)‏
عودة إلى الحكواتي:‏
وبالفعل هذا ما حصل يا فتيان مع الصياد حمدان.. كيس أحمر، وقطعة ذهبية؟!.. يبدو أن في الأمر سراً؟! على كل حال ما رأيكم لو نذهب إلى دار الصياد، ونتابع الحكاية من هناك‏
(لازمة موسيقية لتغيير المنظر.. يدخل الصياد حمدون مبتهجاً.. تندفع الأم والفتيان نحوه بلهفة المحروم.. يبدأ الصياد يصف ما وقع له تشخيصاً)‏
الصياد : الحمد لله.. فُرجت.. اصطدت صيداً ثميناً وعجيباً.. احزروا؟‏
فتى5 : هل اصطدت أكبر سمكة في النهر وبعتها في سوق السمك يا أبي؟‏
الصياد : لا..(يدور في مكانه مغمض العينين).. احزروا‏
فتى6 : هل اصطدت تمساحاً وبعت جلده يا أبي؟!..‏
الصياد : تمساح؟!.. غير معقول!.. (يتابع).. احرزوا‏
فتاة : إذا هي إوزة كبيرة وجميلة..‏
الصياد : لا.. (إلى زوجته).. وأنت يا زوجتي الحنون؟‏
الزوجة : (بانفعال) القدر على النار يغلي .. لا خبز.. لا لحم.. لا عظام.. لا رز.. لا قمح.. لا شعير.. لا سمن.. لا دهن.. لا. لا. وتقول: احزروا؟!.. ماذا دهاك..؟ نريد طعاماً لا فوازير.. ها.. قل لي: ماذا أحضرت معك؟‏
الصياد : اهدئي يا امرأة (يفتح الكيس ويخرج منه القطعة الذهبية.. يضعها بين السبابة والإبهام ويرفع يده إلى الأعلى).. قطعة نقود ذهبية.. ذهب.. ذهب.. (راقصاً يدور في مكانه).. سأشتري لكم كل شيء.. لا فقر بعد اليوم.. (تخطف الزوجة منه القطعة الذهبية)‏
الزوجة : معقول؟!.. (تضعها بين أسنانها.. تعض عليها بقوة.. تصرخ).. أخ.. معقول!.. لا أصدق؟!.. سأذهب إلى سوق الصاغة وأتأكد..‏
(يخطفها الزوج وهو يتابع كرجل يحلم)‏
الصياد : لا فقر بعد اليوم.. سأشتري بيتاً جديداً وحماراً أبيض.. سأشتري‏
فتى 5 : (مقاطعاً) .. أريد كعكاً يا أبي.‏
فتى 6 : (ومتابعاً).. وفاكهة ولحماً ورزاً وخبزاً كثيراً يا أبي.‏
فتاة : (متابعة).. ثياباً جديدة ودمى خشبية..‏
الزوجة : (تخطف القطعة الذهبية مرة ثانية).. أريد حللاً وأثواباً حريرية‏
الصياد : (يخطف القطعة ثانية) سأصبح ثرياً وأدخل مجلس النبلاء..‏
(تعاود الزوجة خطفها من جديد)‏
الزوجة : سأغدو أجمل النساء في المملكة!..‏
فتى5 : (مقاطعاً بانفعال) لا أريد شيئاً.. أنا جائع يا أبي.‏
فتى6 : (ومتابعاً يبكي).. أكاد أموت جوعاً يا أبي‏
الفتاة : (تبكي) لا أريد شيئاً.. أريد طعاماً يا أبي‏
الصياد : لكم ما تريدون.. ساعة على الأكثر أغيب في السوق، وأعود محملاً بالطعام والشراب والفاكهة..‏
/فاصل موسيقي لتغيير المشهد/‏
عودة إلى الحكواتي:‏
وهذا ما حدث حتى الآن، ولكن الذي سيحدث من الآن هو أكثر غرابة .. لنذهب معاً إلى سوق المدينة ونرى ماذا يجري هناك..‏
/فاصل موسيقي لتغيير المشهد../‏
سوق مزدحمة بالمارة وأصوات الباعة وصراخ الأولاد.. نلمح الصياد واقفاً أمام محل بيع الحلي (الصاغة)‏
الصياد : (إلى الصائغ الذي خرج من محله وهو يتأمل الصياد) السلام عليكم.‏
الصائغ : (بتردد) و. وعليكم السلام.. أهلاً.. ما تريد؟‏
الصياد : (على مضض يخرج القطعة الذهبية، وبحذر).. أريد أن أبيعك هذه‏
الصائغ : (بدهشة يتأمل القطعة، ويقلبها بين أصابعه، ثم ينظر بريب إلى الصياد) قطعة ذهبية ملكية!.. من أين أتيت بها..؟‏
الصياد : (بنزق).. لا تسل من أين أتيت بها، ولا دخل لك بهذا.. أتريد شراءها أم لا؟..‏
الصائغ : (وقد خامره الشك.. ينادي على أحد الشرطة) أيها الشرطي.. اقبض عليه.. أعتقد أنه لص‏
(يتقدم شرطيان، وبسرعة يفتشانه ويأخذان منه القطعة الذهبية.. ثم ينهالان عليه بالعصي ضرباً.. لحظات ويتعالى صراخ الصياد من شدة الألم.. يدور بينهم حوار للحظات ثم نسمع بقيته)‏
الصياد : لم أسرقها.. رويت لكم ما حدث تماماً.. أقسم‏
شرطي1 : اعترف من أين سرقتها..؟ إنها نقود ملكية.. تخص النبلاء والأمراء والملوك‏
الصياد : لم أسرقها..‏
شرطي2 : (يهدده بالعصا) ستعترف أيها السارق..‏
(يتهامس الشرطيان لفترة)‏
شرطي1 : (لشرطي 2) أعتقد أنه لم يسرقها..‏
شرطي2 : (مقاطعاً بهمس) وأنا أيضاً أعتقد ذلك‏
شرطي1 : (هامساً) هذه القطعة الذهبية تخص الأمير الهارب، وأعتقد أن الذي أعطاها له، قد يكون الأمير ذاته، لكي يجلب له بعض الحاجيات التي تلزمه في مخبئه.. ما رأيك لو نحاول استدراجه في الكلام؟‏
شرطي2 : (بدهشة كبيرة) ليكن.. أخ.. لو استطعنا الوصول إلى مكانه، وقبضنا عليه حياً.. سنصبح أثرياء البلد وأكبر أعيانها.. يومها سنأمر وننهي ونضرب ونسجن ونفعل بالعباد.. ما يفعله اليوم الوزير‏
شرطي1: (متابعاً يهدد بعصاه ويعض على أسنانه) بل وأكثر..‏
(يلتفت نحو الصياد بهدوء مصطنع)..ما اسمك يا؟‏
الصياد : (إجابة سريعة) حمدون الطيب..‏
شرطي1 : وما هو عملك؟‏
الصياد : أعيش على صيد السمك.‏
شرطي1 : أين تسكن؟‏
الصياد : قرب النهر على الضفة اليسرى‏
شرطي2 : (يميل نحوه بهمس) هل تعلم أن هذه القطعة الذهبية تخص الأمير الهارب؟‏
الصياد : (مقاطعاً بخوف) م. ماذا؟!..‏
شرطي1 : (يضغط بسوطه على رقبة الصياد) هل أعطاها لك لكي تجلب له بعض الحاجيات من السوق.‏
شرطي2 : (متابعاً) طعاماً.. شراباً.. ثيابا.. عطورا..‏
الصياد : لا أفهم عن ماذا تتحدثون؟‏
شرطي1 : عن الأمير الهارب الذي أعطاك هذه القطعة.‏
الصياد : أقسم لكم بأني لم أره في حياتي، ولا أعرف له وجهاً أو شكلاً حتى لو وقف أمامي الآن‏
شرطي2 : (ينظر إلى زميله متسائلاً دهشاً).. ولا نحن أيضاً نعرفه حتى لو مثل أمامنا..‏
شرطي1 : حتى لو مثل أمامنا... هذا صحيح؟!‏
شرطي2 : (بغباء) لم لا تكون أنت الملك..‏
الصياد : أنا؟! (يضحك) انظروا إلى تجاعيد وجهي ويدي.. الشيب ملأ شعري، وغزا لحيتي (يضحك) أنا الملك؟!.. أنا رجل كهل جاوز الخمسين سنة.. والملك الهارب شاب صغير كما يقولون؟‏
شرطي1 : (ينظر إلى زميله دهشاً) هذا صحيح!..‏
شرطي2 : (يهمس لزميله ثم يقول بهدوء زائد):‏
ما رأيك لو نسلمه إلى مولانا الوزير؟‏
شرطي1 : الوزير!.. الوزير لن يصدق حكاية الصياد وصيده‏
شرطي2 : صدق أم لم يصدق.. ما لنا وما له.. هي رعيته وهو حر يفعل بها ما يشاء‏
شرطي1 : سيكون رأسه خير هدية للوزير!‏
الصياد : (متوسلاً يصرخ) إلا.. الوز.. الوزير أرجوكم إلا الوزير.. هي لكم. خذوا هذه القطعة الذهبية ودعوني أعد إلي بيتي سليماً.‏
(الشرطيان يتهامسان)‏
شرطي2 : لك ما تريد لكن بشرط.‏
الصياد : ما هو؟‏
شرطي1 : أن تقفل فمك على لسانك.. مفهوم.‏
الصياد : م.م. مفهوم..‏
(الشرطيان يضحكان)‏
/فاصل موسيقي لتغيير المشهد/‏
عودة إلى الحكواتي :‏
وهذا ما حدث لحمدون الصياد.. عاد إلى أسرته والدموع تملأ عينيه.. لا طعاماً.. لا شراباً.. لا فاكهة.. لا ثياباً.. لا. لا. لا. في طريقه حدث نفسه: كيف سيقابل أولاده؟ ماذا سيقول لهم؟ ماذا عن أحلامهم؟.. ماذا سيقول لزوجته؟. ماذا عن حلمها؟ ماذا عن أحلامه هو؟ ماذا عن الثراء..؟ وعن مجلس النبلاء؟ وماذا عن البيت الجديد؟.. نعم سيحكي لهم ما وقع له مع الشرطيين،وسيقول لهم إن الأحلام جميلة، ولا بأس أن نحلم دائماً.. لا يهم إن كنا فقراء، أو أغنياء.. هي آمال جميلة.‏
في اليوم التالي عاد الصياد الطيب كعادته إلى الصيد يحمل حلمه معه.. فهل يتحقق؟‏
لنتابع يا أصدقاء بقية الحكاية.‏
الصياد : (يناجي النهر) أيها الصديق العتيق.. كدت أفقدك إلى الأبد فيما لو أن حلمي قد تحقق وأصبحت ثرياً، ومن رجال الأعيان، وسأنسى أني صياد سمك فقير، وقد لا أمر بك.. لأنك ستذكرني بأيام الشقاء والحرمان كما يفعل قليلو الأصل.. لست من هؤلاء والحمد لله حتى لو ملكت الدنيا سأبقى الصديق الصدوق الوفي. الصياد الذي لا ينسى تاريخه، ويفتخر به دائماً قالوا: الذي لا تاريخ له لا أصل له.‏
(يدفع شبكة الصيد إلى النهر.. لحظات ويسحب الشبكة يلاحظ كيسا صغيراً أحمر اللون.. يتناوله ويفتحه بهدوء.. يبتسم)‏
مرة ثانية.. الحمد لله على رزقه وعطائه.. لكن هذا لن يمنعني من العودة إلى الصيد أيها النهر..‏
عودة إلى الحكواتي:‏
وبالفعل هذا ما حصل يا فتيان.... ومرة ثانية يحدث للصياد الحادث ذاته مع الشرطيين اللذين كانا في انتظاره أمام دار بيته ليأخذا منه القطعة الجديدة دون أن يسألاه عن المصدر فهذا لم يعد مهماً لهما‏
/يكلم الفتيان ويذكرهم/‏
لنتذكر أن في الأمر سراً..‏
ما معنى أن يحصل الصياد على الكيس الأحمر ذاته وعلى القطعة الذهبية ذاتها؟‍!.. أهو صيد ثمين تكرر بطريق المصادفة مع هذا الصياد؟ أم هناك من يفعل ذلك قصداً، ويريد مساعدة الصياد؟ يكفي هذا اليوم.. نتابع في الغد بقية الحكاية..‏
الفتيان : (باحتجاج) لا نريد تجزئة الحكاية يا عمنا الحكواتي.‏
الحكواتي : (بنزق يغلق الكتاب وينهض).. أنا لم أجزئ الحكاية لقد تعب صوتي.. اسمحوا لي بالانصراف.‏
الفتيان : (يغنون للحكواتي)(1):‏
حكواتي يا حكواتي‏
يا مسلّي النظّارة‏
فنّان ومشخّصاتي‏
والروح نوّاره‏
الزير والهلالي‏
والسيرة دوّارة‏
ليلة من ألف ليلة‏
والدنيا سهارى‏
سلام الحكواتي‏
مرحى للنظارة‏
(يسري السرور في الحكواتي ثم يتابع القراءة في صفحة الكتاب)‏
عودة إلى الحكواتي‏
الحكواتي : يعود الصياد من جديد إلى صديقه النهر، وقد ساءت حالته وزاد همه وغضبه.. فماذا يفعل؟‏
الصياد : (بغضب) اسمع أيها النهر.. لم أعد في حاجة إلى نقودك الذهبية بعد الآن. فقد حملت الويل لي ولأسرتي كفى ذلاً.. أريد سمكاً لا ذهباً.. هل تسمع.. أنا وعائلتي جائعون؟ نحن جائعون.. هل تفهم؟‏
أقسم: سأهجرك إلى الأبد إن علق في الشبكة كيسٌ آخر.. إني أحذرك‏
(يحاول سحب الشبكة بكل قواه.. يبدو أن هناك شيئاً كبيراً قد عَلق في الشبكة)‏
الصياد : ها.. ما الأمر.. لا أستطيع سحب الشبكة..‏
(يمسح العرق عن جبينه)..‏
يبدو أن صيداً ثميناً قد وقع في الشبة.. ترى ما الذي علق فيها؟! (يكرر السحب) قد يكون كنزاً..؟ ذهباً..؟ زمرداً.؟.. (بعصبية) ليكن ما يكون.. لن آخذه لو بلغ كنوز الدنيا.. سيجلب الويل لي ولأسرتي.. قد أدفع رأسي ثمناً لكنز لن يكون لي فيه ناقة أو جمل..‏
(يكرر السحب).. أخ.. ليذهب مع الشيطان.‏
(يمسح العرق عن جبينه ثم يحمل سلّته وينظر قليلاً إلى الشبكة)‏
حتى أنت أيتها الشبكة؟.. ترفضين العودة معي وتفضلين البقاء مع الكنز؟!.. سامحك الله..‏
(بعناد يكلم الشبكة).. سأشتري شبكة جديدة، وأتخذها رفيقة بدلاً منك..‏
(وهو يهم بالسير) الرزق على الله.. يبدو هذا الرزق ليس رزقي.. لأرحل من فوري‏
(تنفجر ضحكة تملأ السكون.. ثم تليها ضحكات متقاطعة متدرجة بالخفوت.. الصياد حمدون وقد تملكه الخوف‏
لحظات ويخرج من الماء رجل ملامح الفقر والعوز بادية عليه..‏
يقترب من الصياد، ويتأمله طويلاً)‏
الرجل : (مبتسماً) سلام عليك أيها الصياد الطيب‏
الصياد : (بهدوء مشوب بالخوف).. وعليكم السلام؟!.. هل أنت من..‏
(يشير إلى النهر) سكان هذا النهر.. ه. هل أنت ب . ب. بشر أم أن. أن. أنت من الج. الجا.. الجان..‏
الرجل : أنا أنس من البشر‏
الصياد : ولكنك خرجت من تحت الماء‏
الرجل : كنت أغطس فعلقت بالشبكة التي تنصبها‏
الصياد : (يأخذ نفساً عميقاً) الحمد لله.. كنت أحسب من وقع في الشبكة هو كنز..‏
الرجل : أكنت في حاجة إلى الكنز؟‏
الصياد : لا‏
الرجل : لا أصدق؟!. من منا يكره أن يحصل على كنز يرفعه إلى مصاف النبلاء والأمراء وكبار التجار..‏
الصياد : أنا.. وعليك أن تصدق.. فقد علق في شبكة الصيد قبل أيام كيسان فيهما قطعتان من الذهب الثمين..‏
ولك أن تسمع وتشاهد كم كنا سعداء أنا وأسرتي.. حلمنا كثيراً بالطعام والشراب واللباس الدار الجديدة، وكم كان الحلم قريباً جداً منَّا ولكن الذي حصل قضى على الحلم الذي كنا ننشده.‏
الرجل : كيف ؟‏
الصياد : شرطيان من شرطة الوزير قبضا علي وأنا أبيع القطعة الأولى إلى صائغ في سوق المدينة ولا أعرف عدد العصي التي انهالت ضرباً عليَّ .. اتهماني بسرقتها.. وزعموا أنها قطعة ذهبية ملكية.. بل اتهماني أيضاً بإخفاء الأمير الهارب (يضحك).. هه.. هه.. حتى إنهما غاليا في وصفي واعتبراني الملك الشاب.. أرادا أخذي إلى الوزير.. وأنت تعرف ما معنى أن أذهب إلى الوزير..‏
(كمن يفطن) هل تعرف الوزير؟‏
الرجل : سمعت عنه‏
الصياد : وأنا مثلك.. وماذا سمعت عنه؟‏
الرجل : الكثير‏
الصياد (يتغابى عن قصد).. قالوا عنه إنه وزير طيب.. حسن السيرة والأخلاق.. كريم حتى أن الكرم فاض عن حاجة فقراء المملكة ولم يعد هناك فقير واحد ينام جائعاً، بل وانتقل هذا الكرم إلى فقراء الممالك المجاورة ولهذا لا أرغب بالكنز، ولا حاجة لي به.. فأنا متخم يا سيدي..‏
(يملأ بالهواء فمه ثم يتجشأ) الحمد لله.. احفظها يا رب من الزوال.‏
الرجل : والقطعة الذهبية الثانية ماذا فعلت بها؟‏
الصياد : هي الأخرى أخذاها ولكن بلا عنف هذه المرة‏
الرجل : (بعد لحظة تأمل وتفكير).. قل لي أيها الرجل الطيب.. لماذا لم تذهب مع الشرطيين إلى الوزير؟‏
الصياد : (بارتباك.. يحك لحيته) أنا أذهب إلى الوزير ؟‍!.‏
(كمن يفطن لأمر ما) لم أفكر في ذلك‏
الرجل : (يضحك) هه. هه‏
الصياد : أتضحك؟.. ولم الضحك؟..‏
الرجل : لأنك رجل طيب.. ولأن رأسك كان سيتدحرج أمامك لو ذهبت بصحبة الشرطيين إلى الوزير.. ولهذا اكتفى الشرطيان بأخذ القطعتين الذهبيتين مقابل ذلك.. أليس كذلك أيها الطبيب؟‏
الصياد : (يبكي) بلى ولله.. أنا وأولادي نموت جوعاً يا سيدي‏
الرجل : هل تقبل مساعدتي أيها الطيب؟‏
الصياد : (يتأمله) منك أنت؟ .. مستحيل!‏
الرجل : أولست أنا الذي أعطاك الكيسين وفيهما قطعتا الذهب‏
الصياد : (فزعاً) أنت؟!.. (كمن فطن لأمر ما) إن كنت حقاً أنت.. فقل لي ما لون الكيسين؟‏
الرجل : لونهما أحمر‏
الصياد : صحيح!!.. قد يكون الحظ حالفك، وما قلته لا يتعدى المصادفة‏
الرجل : (يخرج من جيبه كيساً أحمر اللون مليئاً بالقطع الذهبية) هو لك افتحه وخذ كلّ ما فيه‏
الصياد : (بذهول) لا.. (يتأمله) هل أنت الأمير الهارب من العدالة؟‏
الرجل : قد أكون أو لا أكون.. ما رأيك أنت؟‏
الصياد : الهيئة لا تدل على ذلك؟!..‏
الرجل : على ماذا تدل إذاً؟‏

خالتي قماشة
خالتي قماشة
وهذي المسرحية الثالثة
مسرحية السيد والخادم"مسرحية في فصل واحد"
شخصيات المسرحية‏
السيد : ويلعب دور الحكواتي بالإضافة إلى دوره‏
نعمان : شاب‏
شعبان : شاب‏
الزوجة : زوجة السيد‏
جماعة من الجيران‏
الحكواتي يجلس في المكان المخصص له فوق المصطبة يقلّب الكتاب، ومن حوله الأطفال يصغون إليه بهدوء يرصدون حركاته بمتعة..‏
الحكواتي: كان يا مكان في ماضي الزمان، وسالف العصر والأوان.. في مدينة القيروان. كان أخوان فقيران يعملان.. في صَهر الحديد، وصُنع الصيجان.. الكبير اسمه نعمان، والصغير اسمه شعبان.. يوماً يعملان.. وشهراً يقعدان.. فضاقت بهما السبل ولم يعرفا ماذا يفعلان؟.. فقرر الكبير نعمان مغادرة القيروان. إلى مدينة أخرى تدعى كسروان. ليعمل ويكسب، ويرسل أجره المحتسب إلى أخيه الصغير شعبان، الذي سيبقى في البيت يدير شؤونه، وهذا ما كان.‏
رحل شعبان إلى أن وصل، وبحث حتّى اهتدى إلى رجل غني اشتكى وحكى له وضعه القاسي.. فرقَّ قلب الغني فأدخله في خدمته.‏
المشهد الأول‏
الحكواتي يلعب دور السيد الغني صاحب القصر الريفي.‏
المكان : ساحة القصر‏
السيد : اتفقنا على أن تخدم عندي حتّى فصل الربيع وقت تبدأ طيور الوقواق زقزقتها، وبعدها أنت حر.. تعمل عندي أو لا تعمل فأنت طليق.‏
نعمان : خادمك موافق ومطيع‏
السيد : هناك شرط واحد‏
نعمان : ما هو؟‏
السيد : في هذه الفترة من يغضب أولاً.. يدفع الأجرة‏
نعمان : الأجرة؟! لماذا؟ ليس من عادتي أن أُغضب السيد الذي أقوم على خدمته‏
السيد : ولكن: من عادتي أن أغضب، وأخاف أن أغضب منك لسبب ما فتقع الفأس بالرأس كما تقول العوام، وأطردك من الخدمة بلا أجر، وحتى أضمن عدم غضبي منك وافق على الشرط إذاً.‏
نعمان : (على مضض) ولكن ما مقدار الأجر الذي يدفعه من يغضب أولاً؟‏
السيد : ألف درهم لا زيادة ولا نقصان‏
نعمان : (بدهشة وفزع) ألف درهم؟!.. ما عساي أن أفعل فيما لو غضبت أنا أولاً؟! من أين لي بهذا المبلغ يا سيدي؟‏
السيد : (مراوغاً) هوّن عليك أيها الخادم. الحل معقود عليك، والمال موجود عندي‏
نعمان : لم أفهم يا سيدي؟‏
السيد : (بتودد كاذب) النية يا رجل.. النية في العمل فلا تغضب، ولا أغضب‏
نعمان : (يلح) يا سيدي إذا لا قدّر الله وغضبت أنت، فأنت قادر على دفع المبلغ.. لكن يا سيدي لو غضبت أنا؟..‏
السيد : لماذا تصر على أنك ستغضب؟..‏
نعمان : (يكرر) أقول لو غضبت يا سيدي.. فمن أين لي بالمبلغ؟‏
السيد : لنقل أنك ستعمل عندي بلا أجر سنوات.. لنقل خمس سنوات، وبدوري أوفر لك الطعام والسكن واللباس وبالمجّان.‏
نعمان : (بقلق وبعد لحظة تفكير) ولكن يا سيدي.. هناك في المدينة من ينتظرني.. أخي وأسرتي وهم في حاجة ماسة إلى المال.. فماذا لو غضبت؟.. ماذا سأقول لهم؟‏
السيد : هذا شرط العمل عندي ولا أتنازل عنه ولك حرية الاختيار‏
نعمان : (بعد لحظة تفكير).. موافق وأمري لله‏
السيد : لنوقّع العقد (يخرج ورقة من جيب الجاكيت)‏
العقد جاهز.. وقّع هنا وأنا أوقّع هنا.. (يشير إلى مكان التوقيع على الورقة.. يوقّعان العقد على نسختين)‏
عودة الحكواتي إلى المصطبة والأطفال حوله:‏
الحكواتي وبالفعل يا فتيان هذا ما جرى وحصل بالتّمام. وفي اليوم التالي أرسل السيد خادمه إلى الحقل وقال له: اذهب وخذ معك المنجل وابدأ الحصاد طيلة وجود الضوء.‏
جهد نعمان طيلة النهار، وهو يحصد بجد ونشاط وإتقان، وفي المساء عاد مثل كل الفلاحين إلى منزل سيده للنوم والراحة.‏
(إطفاء الإنارة تدريجياً.. الحكواتي يشخّص من جديد دور السيد)‏
السيد : لماذا رجعت مبكراً؟‏
نعمان : المساء جاء، والشمس غابت يا سيدي.. العمال والفلاحون عادوا جميعاً!‏
السيد : حتّى لو غابت الشمس وحلّ الليل.. ضوء القمر موجود وله سحر الشمس وفعلها.. أمّا من عاد من العمال أو الفلاحين فلا دخل لنا بهم.‏
نعمان : (يسأل) أليس من حقي أن أرتاح يا سيدي؟‏
السيد : ولم لا.. للراحة أهمية فهي تعيد للجسم نشاطه.. ولكن العمل في هذه الأوقات أهم بكثير لأن ضوء القمر في هذا الشهر بالذات فرصة لا تعوض، ونحن بأمس الحاجة إلى نوره في مثل هذه الأوقات.. هيا إلى العمل.. هيا‏
نعمان : (بامتعاض) ولكن يا سيدي أعمل وحدي.. ولا يوجد من يساعدني والحصاد كثير؟‏
السيد : يبدو أن التذمر بدأ يسري إليك.. هل أنت غاضب؟‏
نعمان : (كالملسوع ينتفض) لا.. لا يا سيدي لست غاضباً، وهل يغضب الخادم من سيده؟‏
السيد : إذن أسرع وعد إلى الحقل.. (الخادم يخرج مسرعاً..)‏
عودة إلى الحكواتي‏
الحكواتي : وبقي يحصد حتّى الصباح.. لكن التعب والجوع أخذا منه كل مأخذ فارتمى على العشب يبكي ويندب حظه، ويلعن سيده والساعة التي جاء بها إلى منزله، وعمل في خدمته.. في الحال ظهر السيد الذي كان يراقب نعمان، وينصت إلى حديثه..‏
(عودة لمتابعة المشهد)‏
السيد : (ببرود) سمعت ما كنت تقوله عني.. الحق معك أليس كذلك؟‏
نعمان : (بانفعال وقد ضاقت عليه نفسه) نعم ولست نادماً‏
السيد : إذاًَ.. أنت غاضب؟‏
نعمان : (باحتجاج) نعم.. وأي حمار هذا، له القدرة على تحمل أفعالك؟!..‏
السيد : أنت.. ومن أحبَّ العمل عندي‏
نعمان : إلا أنا.. أرفض يا سيدي أن أكون حماراً‏
السيد : إذاً.. العقد بيننا صريح وواضح.. إما أن تدفع لي ألف درهم أو تعمل لدي بلا أجر مدة خمس سنوات ما رأيك؟‏
نعمان : سأذهب من فوري إلى أخي وأحضره ليعمل في خدمتك بدلاً عني.‏
السيد : موافق.. بالتأكيد لن تتأخر‏
نعمان : شهر ولا أزيد‏
السيد : موافق.. لا تنس العقد الذي بيننا.. القضاء بيننا إذا تأخرت أو هربت.‏
عودة إلى الحكواتي‏
الحكواتي : عاد نعمان إلى أخيه شعبان فارغ اليدين يحمل لأخيه الخيبة وعقد الخدمة.. ثمّ قصّ على أخيه ما جرى له وما كان.. فقال له أخوه: لا عليك.. أنا سأقوم بالمهمة بدلاً منك.. فقط عليك أن تحل مكاني في البيت.. وهكذا كان‏
إظلام ‏
المشهد الثاني‏
السيد : إعلم أنك مدين لي بألف درهم أو بالعمل عندي خمس سنوات بدلاً عن أخيك‏
شعبان : (يبتسم براحة).. ولهذا أتيت وأتمنى منحي شرف الخدمة عندك طول العمر وبالمجان..‏
السيد : (بطمع) بالمجان؟ لا.. لا أرغب أن تفني عمرك في خدمتي.‏
شعبان : وحتى لا تشعر بالإحراج لا مانع عندي من أن نلعب اللعبة ذاتها‏
السيد : (يتجاهل) عن أية لعبة تتحدث؟‏
شعبان : لعبة الغضب‏
السيد : (بخبث) لعبة الغضب؟.. هل توجد لعبة اسمها لعبة الغضب؟‏
شعبان : اللعبة التي اخترعتها أنت، ولعبتها مع أخي نعمان.. هل نسيت؟‏
السيد : (يتصنع الضحك) أتسمّيها لعبة! إنه شرط بيني وبينه.. مسكين نعمان كان سريع الغضب.. كنت أخاف على نفسي من الغضب حتّى لا أخسر الشرط.. فخسره قبلي.‏
شعبان : ما رأيك لو نلعبها؟.‏
السيد : (بمكر) نعم.. الشروط نفسها، وحتى الربيع القادم وقت زقزقة طيور الوقواق.‏
رائع!.. لكن أخاف عليك أن تغضب أنت أولاً‏
شعبان : (بذكاء) ألفا درهم.. كفيلة بأن تنسيني الغضب‏
السيد : بل قل خمس سنوات على خمسٍ يصبح المجموع عشراً تقضيها في خدمتي بلا مقابل‏
شعبان : وأنا موافق‏
السيد : أنت متفائل جداً‏
شعبان : (بحنكة) وحريص جداً على خدمة سيدي وعدم إغضابه‏
السيد : (يُخرج العقد) وقّع هنا، وأنا أوقع هنا‏
(يوقعان العقد على نسختين، ويأخذ كل واحد نسخة)‏
عودة إلى الحكواتي‏
الحكواتي : وهكذا دخل الأخر الأصغر شعبان في خدمة السيد.. وفي صباح اليوم التالي، وبعد أن ارتفعت الشمس وتوسطت السماء كان الخادم ما يزال نائماً..‏
عودة للمشهد‏
/الخادم نائم بعمق وشخيره يملأ المكان.. يدخل السيد والانفعال بادٍ عليه/‏
السيد : (يدفعه بيده) هيه.. هيا.. هيا انهض!.. النهار انتصف وأنت نائم؟!..‏
(يهزه بنفور) قلت لك انهض وبسرعة يا آدمي.. الحصَّادون أنهوا الحصاد منذ شهر وحصادنا على حاله، والشتاء على الأبواب..‏
شعبان : (ينهض بتثاقل والنعاس ملء عينيه).. لماذا تصرخ؟‏
السيد : (بارتباك) أنا أصرخ!. لا (يتحدث بلطف) فقط أردت أن أقول لك حان وقت العمل.‏
شعبان : إذاً أنت لست غاضباً؟‏
السيد : أعوذ بالله.. أنا أغضب؟!.. لا. لا.‏
شعبان : حسبت أنك غاضب.. يلعن الشيطان.. إن بعض الظن إثم.. آسف يا سيدي‏
(يرتدي ثيابه بتثاقل)‏
السيد : (تصطك أسنانه ويعض شفتيه).. ارتدِ ثيابك بسرعة الوقت يمر سدى.‏
شعبان : (ببرودة) هل أنت غاضب؟‏
السيد : (يعض إصبعه) أخ.. أنا..! وهل يغضب السادة..‏
شعبان : حسبت أنك غاضب.. يلعن الشيطان.. إن بعض الظن إثم.. آسف يا سيدي‏
السيد : معقول؟!.. الشمس بدأت تترك منتصف النهار!..‏
شعبان : أنت تقول ذلك‏
السيد : نعم.. انظر لترَ؟‏
شعبان : (يرفع رأسه وينظر نحو الشمس) أوه.. معك حق.. نحن في وقت الغداء أليس كذلك؟‏
السيد : (يعض على شفتيه).. نعم‏
شعبان : ألا ترى معي يا سيدي أن البدء بالعمل الآن غير مجدٍ؟‏
السيد : لا. إنه أصلح الأوقات‏
شعبان : الوقت غداء، والجميع يتناولون الطعام الآن.. لنأكل يا سيدي‏
(السيد يبتعد ويدير ظهره لكي لا يظهر انزعاجه للخادم)‏
شعبان : (يتناول كسرة خبز يابس وبصلة يابسة وكوز ماء ويبدأ طعامه)‏
تفضل يا سيدي.. قليل من الخبز اليابس مع البصل يقوي الجسم ويدفع الغضب..‏
(يقرب البصل من وجه السيد)..‏
قضمة واحدة كفيلة بإزالة التوتر‏
السيد : (بنفور وحدّة) شكراً.. أبعده عني لا أطيق رائحته ولا أستسيغ طعمه فأنا أكره البصل‏
شعبان : (ببرودة أعصاب) وتكره نعمة البصل وهي من نعم الله يا سيدي؟.. إذاً أنت غاضب؟‏
السيد : (يتماسك).. لا. لا. وهل أغضب من نِعم الله علينا‏
شعبان : (وهو يتناول كوز الماء) حسبت ذلك.. (يشرب).. الحمد لله‏
(يدعو لله) اللهم احفظها من الزوال ومن يستأثر بها من أولاد الحرام‏
(ينظر نحو السيد) أنت تعلم يا سيدي إني عامل وأقوم على خدمتك.‏
السيد : (يهز رأسه ولا يرد).‏
شعبان : (متابعاً وبسخرية) والعامل النشيط يا سيدي يجب أن يصيب قسطاً من الراحة، وخاصة بعد وجبة دسمة لا سيما وأن البصل يخفف الضغط ويهدأ الأعصاب ويثقل الجسم ويرخيه.‏
(يتثاءب ثمّ يستلقي ويغط في سبات)‏
عودة إلى الحكواتي‏
الحكواتي : نام صاحبنا حتّى المساء.. وكذلك كرر في اليوم التالي ما فعله في اليوم الأول.. وهكذا ظل على هذه الحالة لشهر ويزيد، والسيد يزداد غيظاً وارتباكاً وخوفاً على رزقه، فجميع حقول البلدة حصدها أهلها، إلا حقوله التي بقيت على حالها.. فماذا يفعل؟.. هل يغضب ويطرد الخادم ويخسر الرهان؟ أم يستمر في اللعبة حتّى الربيع وقت زقزقة طيور الوقواق، وأيام الشتاء طويلة، ولا يعرف متى تنتهي ولصالح من؟ وعلى هذه الشاكلة استمرت الأمور إلى أن..‏
عودة إلى المشهد‏
(يدخل بعض الجيران في حالة من التوتر)‏
جار أول : لقد جنّ خادمك يا جار!..‏
جار ثان : إنه يذبح الخراف بلا رحمة!‏
امرأة أولى: خروف يلي الآخر!..‏
امرأة ثانية: نعجة تلو الأخرى!..‏
جار ثان : ودخل خمّ الدجاج الحبشي!‏
جار أول : (متابعاً) ولا يفرغ منه حتّى ينتقل إلى قنّ الدجاج البلدي!‏
جار ثان : ومن ثمّ البط والإوز والأرانب حتّى يهلكها جميعها.‏
السيد : (يلطم على وجهه) يا للمصيبة؟!.. من أجل ضيف واحد دعوناه لمأدبتنا يفعل خادمنا هذا الفعل بنا..؟!‏
(يدخل الخادم شعبان وبيده السكين وحالة من النشوة بادية عليه)‏
شعبان : (كأنه منتصر) فعلت كما أمرت يا سيدي.. أقمت عليها الحد جميعاً‏
السيد : (بذهول يشير إلى السكين).. ولم يبق منها على قيد الحياة شيء؟!..‏
شعبان : كن مطمئناً يا سيدي.. اخرج واختر الذبيحة المناسبة لضيفك من خراف ونعاج وطيور‏
السيد : (بحدّة وانفعال) خربت بيتي!!.. ليت الأرض تنشق وتبتلعك‏
شعبان : (ببرود) أنت من قال لي: اذهب واختر الذبيحة التي تعجبك..‏
صراحة يا سيدي جميعها أعجبتني، الخراف سمينة وكذا النعاج والطير فماذا أختار لضيفك؟ ذبحتها جميعاً وتركت لك حرية الاختيار.‏
السيد : (يعض على شفتيه بألم).. أحمق‏
شعبان : (ببرود) هل أنت غاضب يا سيدي؟‏
السيد : (يحاول أن يكون متماسكاً).. لا. لا. إنما أثلجت صدري‏
شعبان : (مقاطعاً) لو أدري يا سيدي أنَّ هذا الفعل يدخل السرور إلى صدرك لفعلت ذلك منذ زمن.. على كل حال يا سيدي الأيام القادمة كفيلة بأن تكشف لك مقدار المحبة والمسرَّة التي سأجهد لكي أوفرها لك.‏
السيد : (بفزع) أنت؟!..‏
(تتدرج الإنارة بالانطفاء لتعود ثانية على الحكواتي)‏
عودة إلى الحكواتي‏
واستمرت الحال هكذا، وضاق السيد بأفعال خادمه فلا يمر يوم إلا وهناك حدث أو مشكلة ما يسببها حتّى جاء يوم قرر فيه السيد التخلّص من خادمه بأية طريقة شرط أن لا يخسر الرهان.‏
عودة إلى المشهد‏
السيد : (وهو يشبك أصابعه ببعضها) الشتاء ما زال في بدايته، والربيع بعيد وطيور الوقواق مهاجرة، وأفعال الخادم ومشاكله تتعاظم، وقد يربح الرهان قبل أن تنقضي المدة.. آه لم تعد لي قدرة على تحمل أفعاله.. فماذا أفعل؟..‏
(يفكر فترة وجيزة)‏
وجدتها!.. نعم وجدتها.. سوف أصطحب زوجتي معي إلى الغابة، وآمرها أن تتسلق شجرة عالية وتزقزق مثل طير الوقواق ثمّ أدعو الخادم شعبان للصيد في الغابة، وعندها تنتهي اللعبة.‏
إظلام ‏
المشهد الثالث‏
المكان الغابة:‏
(الخادم والسيد في الغابة يصطادان.. أصوات الطيور والعصافير تملأ المكان.. أحد الأصوات ينفرد بين الفترة والأخرى..)‏
السيد : (للخادم) اسمع‏
شعبان : (يثبت في مكانه وينصت فترة).. ماذا أسمع ؟‏
السيد : صوت الوقواق‏
شعبان : الأصوات بدأت تختلط عليك ولم تعد تستطيع التفريق بينها‏
(بود مصطنع) اسمع يا شعبان رقة هذه الزقزقة.. زقزقة أي طير جميل يا ترى؟‏
شعبان : (يتجاهل عن قصد).. قد يكون صوت بومة حزينة يا سيدي؟‏
السيد : (بانفعال).. البوم ينعق ولا يزقزق يا جاهل‏
شعبان : (ببرود) وما يضير سيدي إن كان الصوت زقزقة أم نعيقاً؟‏
السيد : الصياد الماهر هو الوحيد القادر على تمييز الأصوات لكي يختار صيده بنجاح‏
(يعود الصوت ثانية وبأقوى)‏
شعبان : الصوت قادم من تلك الشجرة..‏
(يشير إلى الشجرة ثمّ يصوِّب البندقية اتجاهها)..‏
السيد : (بفزع) توقف.. توقف يا أبله.. إنه صوتها‏
شعبان : صوت من؟‏
السيد : (بخوف) صوت زوجتي..!‏
(يعود الصوت ثانية وبشكل أقوى)‏
شعبان : لكن صوت زوجتك قبيح.. (يصوِّب البندقية)..‏
السيد : (بفزع) اسمع يا شعبان.. اسمع..؟! (يعود الصوت مرة أخرى)‏
شعبان : (بخبث مقصود).. لا. لا. بل صوت طائر الوقواق.. إنها فرصتي وقد حانت.. يا الله.. توكلنا عليه (يصوّب البندقية.. السيد يثب نحو شعبان.. تصدر طلقة في الهواء.. تنزل الزوجة عن الشجرة وهي تصرخ.. يقع السيد على الأرض مغمى عليه من شدة الخوف..)‏
الزوجة : (تلطم وجهها) زوجي قُتل..! زوجي مات.. يا حسرتي على شبابك.. (للخادم) يا مجرم.. ألا يكفي ما فعلته بسيدك.. وتقتله؟!‏
شعبان : كدت أصطادكِ بدلاً عنه.. كتب الله لك عمراً جديداً.. أشكر الله لقد خلصتك من زوجك وبخله‏
(يطلق طلقة ثانية في الهواء.. يهب السيد من حالته)‏
السيد : (بذهول) هل ماتت؟! يا مجرم أنت الذي اصطادها (يفاجأ بزوجته) زوجتي!.. الحمد لله على السلامة.. أراد قتلك هذا المجرم‏
شعبان : أنت السبب.. قلت لي إنك تريد التخلص من زوجتك القوية فدبرت لها هذه المكيدة‏
الزوجة : أحقاً.. كنت تريد التخلص مني؟‏
(ترفع يدها وتلطم زوجها على وجهه ثمّ تغادر المكان بانزعاج وهي تصرخ)‏
سأهجرك وأترك دارك، ولن أعيش معك بعد اليوم مهما جرى ومهما صار يا أبا الأفكار..‏
السيد : (يكاد ينفجر) أنا أريد قتل زوجتي يا مجرم؟!‏
(ينادي زوجته) لا تصدقي يا قرة عيني وشريكة أحلامي.. لا تصدقي؟!‏
(ينهار ويقرفص على رجليه يبكي)‏
شعبان : (بكل برود أعصاب).. سيدي هل أنت غاضب؟‏
السيد : (يلطم على وجهه ويشد شعره) نعم! نعم، وكيف لا أغضب!.. حتّى زوجتي ذهبت عني أرجوك: خذ هذين الألفين من الدراهم ولا تدعني أرى وجهك بعد الآن.. هيا ابتعد في الحال قبل أن يقع ما لم يكن بالحسبان‏
شعبان : تذكّر يا سيدي.. ليست لحوم البشر كلها تؤكل بسهولة ومتعة فبعضها مرٌّ.‏
عودة إلى الحكواتي‏
الحكواتي : وهكذا يا فتيان كان ما كان.. انتهت الحكاية بانتصار الذكي شعبان.. الذي عاد في الحال إلى أخيه نعمان ومعه من الدراهم ما يكفيهم سداد الديون.. والعيش بلا هموم..‏
ا

خالتي قماشة
خالتي قماشة
واذا تبغين زيادة ولايهمك أدورلك بس تكفين ادعي لي أخذ معدل مرة كويس هالترم

خالتي قماشة
خالتي قماشة
مساء الصمت أيها الصباح
الشخوص‏
هو‏
ذاك‏
ذلك‏
تلك‏
هي‏
المكان: ‏
يبدو للوهلة الأولى بأنه بيت تقليدي، إلا أننا نتفحصه جيداً نراه مجموعة كبيرة من الجدران المتداخلة والتي تشكل في نهاية الأمر متاهة . هكذا تشّكل المكان دون علم من أحد.‏
يدخل ( هو) يتفحص تفاصيل البيت، يقوم بزرع ( أجهزة التنصّت ) على كلّّ الجدران، نرى أن هذه الأجهزة بحجم أزرار قميص.‏
(ذاك وتلك) .. يخرجان من غرفتيهما، هي تلحق بهما فزعة.‏
هو: طاب صباحكما.‏
ذاك: أي صباح تقصد؟‏
تلك: من هذا؟‏
ذاك: ( صارخا به ) آمرك بالخروج حالاً.‏
هي: عمتي .. إنه لا يكترث لصراخ العم.‏
تلك: سأجرب صراخي ( تصرخ به ) آمرك بالخروج حالاً.‏
هي: عماه .. إنه لا يكترث لصراخ عمتي.‏
ذاك: حاولي أنت معه.‏
هي: سأحاول ( تصرخ به ) من سمح لك بالتجاوز على حرمة بيتنا؟‏
هو: لا تقلقوا .. لا شيء يدعو إلى أطنان الصراخ هذه.‏
ذاك: فلماذا أنت هنا إذاً ؟‏
هو: لأنني يجب أن أكون هنا؟‏
تلك: أنفك يوحي لي بأنك شحاذ.‏
هي: أفزعتنا... ما راءك‏
هو: لم تكن سوى مهمة بسيطة، استغرق إنجازها منا بضع دقائق.‏
تلك: مهمة؟!‏
ذاك: وهل تستدعي مهمتك اقتحام بيتنا؟‏
هو: لا تقلقوا. لم أقصد الإساءة، أو إخافتكم إطلاقاً بل هي محاولة لإثارة فزعكم ليس إلاّ.‏
ذاك: ما اسمك؟‏
هو: هو ..أنا هو!‏
ذاك: فقط؟‏
هو: إنه شيء مكثف، أكره تماماً الإفراط بالأحرف والكلمات والألقاب. هو هو هو هو هو ، يمكن أن تطلقوا على أنفسكم مثل هذه الأسماء، هو، هي، ذاك، تلك، ...‏
تلك: استلاب...‏
هو: استلاب؟‏
ذاك: تقصد أننا عائلة مسالمة .. لم يخرج صوتها يوماً خارج هذه الجدران.‏
هو: استلاب؟‏
ذاك: بل قمة الاحترام .. لتذهب كلّّ الأسماء إلى جهنم. لكننا لم نفعل شيئاً.‏
هي: لم أتشاجر مع زوجات رجال شارعنا. صدقني...‏
ذاك: أعرف أن نوبات السعال التي تنتابني تسبب الإزعاج لشارعنا كله.. لكنهم سمحوا لي أن أمارس حريتي بالسعال.‏
هو: لا تتباكوا.. الأمر يتعلق بابنكم!‏
هي: زوجي؟!‏
تلك: ابني؟‏
ذاك: لا يمكن أن يكون قَدْ عبر من الأماكن غير المخصصة للعبور.‏
تلك: إنه لا يخرج من غرفته حتى في حالة احتراق البيت.‏
هي: لم يثره وجودك هنا .. ألا تسمع شخيره؟‏
هو: أعرف كلّّ شيء عنه، أو بصيغة الجمع (نعرف) .. لا تقلقوا.‏
ذاك: يعمل عاطلاً عن العمل! وعمله هذا مصدر رزقنا الوحيد.‏
هي: وماذا تريد منه؟‏
هو: أقولها للمرة الرابعة.. لا تقلقوا، قمت أيها السادة بزراعة، كلّّ شبر في جدران بيتكم بالأزرار، إنَّها أجهزة تنصّت صغيرة ، إياكم أن تحذّروه منها، دعوه يتكلم كما يشاء، وقد نتوصل إلى معرفة أشياء كبيرة عن طريق ابنكم!‏
ذاك: أجهزة تصنت في بيتنا؟‏
هو: وعلى كلّّ الجدران، أحذركم من لمسها، أو العبث بها أو إخباره بوجودها.. في حالة مخالفة الأوامر، سيكون الوضع سيئاً للغاية. شكراً لتعاونكم، وأقولها للمرة الألف.. لا تقلقوا .. ( ينصرف خارج البيت )‏
هي: ما هذه المصيبة. سأرى إن كان نائماً أم لا ( تنصرف إلى غرفتها )‏
(تلك وذاك / يجلسان بترقب ، ينظران إلى الجدران، صمت يدب في المكان، ( ذلك ) يخرج من غرفته، ينظران إليه باستغراب وقلق واضحين، يبادلهما النظرات نفسها ...)‏
ذلك: نظرات، نظرات، نظرات ليس إلاً، زوجتي ظلت تنظر إلي بصمت قبل لحظات وكأنها لم ترني من قبل، وأنتما تنظران إلي بنفس النظرات أيضاً، ما بكما؟ لاشيء في وجهي سوى فم وأنف وعينين، لا أعتقد أن طولي ازداد أو نقص في المدة التي نمت فيها. أبي، أمي.. تكلما، قولا شيئاً، أنسيتما الكلمات أم نستكما‏
( ذاك وتلك يشيران له بأن لا يتكلم ).. أشارككما الصمت؟ أمضربان أنتما عن الكلام؟ (يشيران له أن يسكت ) .. لابد أنه شكل من أشكال الرفض، فالرفض.. (يهجمان عليه، يضعان يديهما على فمه، يتخلص منهما بصعوبة) ما الذي يجري لكما؟ أأصبتما بالخرس نتيجة لصدمة خارجية أو كدمة داخلية؟ أبي أرجوك أن تفتح فمك، صمتكما يسبب لي ارتفاعاً في مناسيب الصراخ، سأصرخ يا أبي إن لم تتكلما، هه؟ إذاً أنتما مصران على الصمت ( يصرخ منادياً ) أيها الناس. لقد جنَّ أبي وجنّت أمي هي الأخرى .. (يتوقف) ربما أكون مجنوناً ولا أدري! هل سببّت لكما زوجتي إزعاجاً؟ أعرف لسانها الطويل يفجر المناطق الآمنة في رأسيكما، لن أقف هكذا كدجاجة إزاء تصرفها غير الحضاري معكما س ،س، س، .. سأرجوها أن تكف أذاها عنكما ( يشيران له بالنفي) من إذاً؟ يبدو أن هذه الجدران الرطبة أثرت على الوضع النفسي داخل البيت، الجدران هي الأخرى.. أعرفها، تشعر بالإرهاق نتيجة للتقلبات غير الاعتيادية في الطبيعة، الطبيعة هي الأخرى تعاني من فقر الدم المزمن ( يصيح) لن يبقى وضع البيت كما هو عليه الآن لابد من التغيير (يقفز ذاك وتلك على ذلك، يحاولان إسكاته أو تغيير الموضوع) الأمر خطير كما يبدو (ينادي) زوجتي .. أين أنت ؟ تعالي لتفسري لي وضع البيت الذي تحوّل إلى حجارة لها عيون ( تأتي هي ) كوني صادقة معي، ماذا حدث لأبي وأمي؟ ألم أقل لك إنهما أمانة في عنقك الطويل؟ اعترفي الآن بالطرق السلميّة أفضل من أن استخدم العنف الثوري معك فيما بعد، اعترافك قَدْ يقلل من عقوبتك، ماذا فعلت بهما؟ تكلمي، لا تخافي كثيراً .. أنت تعرفين جيداً بأن كلامي لا يتناسب مع أفعالي، امتلكي الشجاعة والقوة وقولي بصوت واثق بأنك وضعت مادة ما لهما في الطعام جعلتهما يفقدان النطق، يا لك من زوجة خائنة تستحق الطلاق من الحياة، لقد كنت واثقاً بأنك لا تصلحين زوجة لرجل صالح مثلي، يعمل بدرجة عاطل عن العمل، مسالم، يحب السلام كحبه للبصل، كلاهما ذو فوائد عظيمة في المستقبل . تقفين هكذا يا زوجتي خوفاً مني أم خوفاً عليّ من الموت حسرة على أبي وأمي؟ لماذا علينا دائماً أن يخاف أحدنا من الآخر؟ سأعطيك فرصة ذهبية للدفاع عن نفسك الأمارة بالصمت. هيا ، دافعي عن نفسك، دافعي يا زوجتي (هي..تشير له بأنها لم تفعل شيئاً ويؤكد /ذاك وتلك/ صحة إشارات هي) أنت الأخرى أيضاً؟ لا تستطيعين النطق ( يصرخ): إنها مؤامرة دبرت للإطاحة بي، انقلاب مدني، أين سلاحكم ... ( يقاطعه الثلاثة بخوف بعد كلمة /سلاحكم/ بإشارات تدل على التوقف عن الكلام ...) لماذا تمنعونني بقوة الإشارة من الكلام؟ إنكم تخفون عني أمراً هاماً. قبل أن أنام تركتكم حيوانات أليفة ناطقة، ما الذي أرغمكم على مغادرة وجودكم ككائنات صوتية؟ أهو الخوف؟ أنا لا أخاف أبداً لأنكم تعرفون جيداً بأن كلامي لا يتناسب مع أفعالي دائماً. لقد مللت من إشاراتكم وحركات رؤوسكم، حاولوا أن تجربوا النطق، أنا بحاجة إلى سماع أصواتكم، لا يمكن أن أكون أنا الوحيد هنا يتكلم. أريد أن أسمع صوتاً يطرد وحشية الصمت من هنا، أيمكن أن أكون قَدْ مت، أنا الآن داخل قبر؟ أرى الآخر والآخر لا يراني؟ أرجوكم، أتوسل إليكم.. قولوا حرفاًً واحداً، لا تكونوا بخلاء إلى هذا الحد (صمت...)‏
سأسأل جارنا، ربما يعرف شيئاً أو سمع صوتاً، إنه يمتلك آذاناً طويلة تلتقط كلّّ تفاصيل البيوت المجاورة وغير المجاورة، سأذهب إليه وأعود إليكم مسرعاً ( ينصرف الثلاثة يتبادلون الإشارات والحركات الإيمائية، حزن يدب في المكان، تحاول / تلك/ أن تبكي أو تصرخ بإيماءات تدل على هذه الأفعال، /ذاك / يدور في المكان، الحيرة تحيل البيت إلى مكان ضيق، خانق ... يدخل ( ذلك ) مسرعاً خائفاً، يلتفت، يتوقف، يتحدث بطريقة سرد الحكايا ...)‏
كان يا ما كان ......... طرقت باب جارنا، خرج ذاك، سألته، وكررت عليه السؤال، لم يجب، سوى بعض الإشارات، لحظتها جاءت زوجته، فسألها هي الأخرى، لم ترد، كانت خائفة من شيء ما، اكتفت بالنظر إلى وجهي بغضب وانصرفت منزعجة، جاء أولادهم يركضون .. سألتهم، لم يعجبهم سؤالي، فذهبوا بصمت، عندها أغلق الجار باب بيته بوجهي .. غثيان، أشعر أن العالم قَدْ أصيب بغثيان.‏
-ما رأيكم؟ (يكتفون بالنظر إليه) لا جواب، حسناً .. سأسأل الجدران، ( يقف قبالة الجدران، وشاهدة عيان، حاولي أن تحدثيني بكل ما حصل. لا تخافي، لن أذكر اسمك لأحد، ولن تتعرضي للتهديم.‏
تكلمي بشجاعة أرجوك، إنك تعرفينني باسلاً، وسأكون قوياً أمام المفاجآت، وتعلمين أيضاً بأن كلامي دائماً لا يتناسب وأفعالي، تكلمي، سأصغي إليك، أيتها الصديقة القديمة، سأكافئك بطلاء جميل يتناسب مع طولك وعرضك المدهش، هه، ماذا حدث لأبي وأمي وزوجتي (فترة صمت) أنت الأخرى فقدت القدرة على النطق، كنت أنيستي في وحدتي، تقصين عليّ كلّّ الحكايا والوقائع والمعارك التي خاضها أجدادي الذين سكنوا هذا البيت. حتى أنت تقفين ضدي، ما أقبحك، سأضربك إن لم تتكلمي، سأفعلها هذه المرة ( يركض مسرعاً، يجلب فأساً، يهدد به الجدران ) والآن ..تكلمي أم تريدين الاعتراف تحت التعذيب؟ ( صمت) سأضربك أيتها اللعينة، أضربك ( يقوم بضرب الجدران بالفأس، يتدخل ذاك وتلك وهي، فيأخذون الفأس منه بصعوبة ) .. اللعينة هذا نتيجة للاحترام الزائد، يقابل بنكران وجفاء وصمت ... (بحركة سريعة) سأتصل ب ( يسكتونه بأيديهم، يختنق، يتخلص منهم بصعوبة ) ماذا حدث؟ لماذا تمارسون معي هذه الطقوس البدائية؟ كلّّ ما في الحكاية أنني أردت أن اتصل ... (يفعلون الشيء نفسه إلا أنه يخلص نفسه منهم صارخاً): ما بكم؟ أيدعو الاتصال بطبيب نفسي لكل هذه الضجة؟ (يرفع سماعة الهاتف) نعم أيها الطبيب، أرجو أن تأتي إلى هنا لتضع حداً لهذه المهزلة المنزلية الصامتة، هي أكبر من ذلك، الجميع فقد القدرة على النطق .. حتى الجدران، أعتقد أن الوضع سينفجر داخل البيت، أرجو أن لا أكون مزعجاً، ولكنني بحاجة إلى أن أسمع صوتاً، ربما هي محاولة للانتحار، إنه إضراب شامل أيها الطبيب (يستدرك...) ما بك؟ هل ستأتي؟ لم لا تتكلم أيها ال... ماذا؟ قل شيئاً؟ (يعيد السماعة) أحدنا أغلق السماعة بوجه الآخر، يبدو أن الطبيب هو الآخر يريد أن ينتحر... (يتوجه للثلاثة ) أبي، أمي، زوجتي.. اسمعوني جيداً .. أنا بحاجة إلى صوت، أي صوت، إنكم لا تدركون ماذا يعني أن تعيش مع مجموعة من الجدران البشرية. هل صدر قرار .. (يقفز الثلاثة هذه المرة مسرعين جداً .. ليضعوا أيديهم على فمه، يحاول أن يتكلم، يصرخ، لكنه يتخلص منهم أخيراً).. ماذا؟ لم يصدر أي‏
قرار، أبداً إطلاقاً، اسحب كلّّ حرف قلته، إنكم تعرفون جيداً أن كلامي لا يتناسب مع أفعالي، البيت يحترق، سأخرج من البيت، أتركه لكم، ما رأيكم (يجيبونه بالموافقة ) ماذا؟ أخرج؟ موافقون؟ هذا يعني أنكم لا ترغبون بوجودي هنا؟ حسن ... سأخرج مادمت ثقيلاً هكذا، منذ زمن بعيد وأنا أشعر بأنني فائض عن الحاجة، صفر، فقاعة ماء. سأخرج، لن تروني مرة أخرى، وسأنس أن لي بيتا، أبا، أما، زوجة ... ( يخرج تبدو علامات الفرح واضحة على وجوههم يبارك أحدهم للآخر بالإشارات .يدخل (هو) إلى البيت مسرعاً، ينظر إليهم بغضب، بعدها يقوم بجمع أزرار التنصّت كلها، آثار الهزيمة بادية عليه، يخرج بعد أن يغلق الباب بقوة...)‏
الثلاثة: (يصيحون معاً بفرح) ها ها ها نجحنا، نجحنا،نجحنا،‏
ذاك: يعود الفضل لرأسي المدبر.‏
تلك: كانت خطة بارعة وذكية.‏
هي: عندما يعود زوجي لن يصدق كلّّ هذا الذكاء.‏
ذاك: سيفرح كثيراً .. هذه المرة الأولى التي أتذوق فيها طعم الانتصار.‏
تلك: لقد توالت الهزائم النكراء على هذا البيت، ولكن أخيراً هانحن ننتصر.‏
ذاك: أعتقد أن أحفادنا عليهم أن يفاخروا بأجدادهم.‏
هي: هذا يوم تاريخي في حياة عائلتنا.‏
تلك: تعال يا بني، تعال.. لقد طهرنا البيت من دنس الأزرار.‏
ذاك: علينا جميعاً أن نحتفل ابتهاجاً بهذا اليوم.‏
هي: سيكون احتفالاً كبيراً، يرتدي فيه زوجي بذلة بيضاء، يجلس على كرسيه وسط المحتفلين، يا لها من سعادة رائعة.‏
تلك: لكنه تأخر.‏
ذاك: عندما يجوع يا عزيزتي يعود إلى البيت.‏
هي: ماذا نفعل بلحظة دخوله الأولى؟‏
ذاك: أنتما تزغردان.. أما أنا فسأعانقه بقوة.‏
تلك: لم لا تزغرد أنت؟ وأنا أعانق ابني.‏
ذاك: الرجال لا يزغردون.‏
تلك: المعذرة .. نسيت بأنك رجل.‏
ذاك: إنك تنسين ذلك دائماًَ.‏
هي: لا تشغلا رأسيكما بتوافه الأشياء، سيدخل زوجي إلى البيت، ونحن نقف هكذا (يطرق الباب بهدوء) أسمعتما شيئاً؟‏
تلك: إنَّها طرقات ابني.‏
هي: زوجي الحبيب.‏
ذاك: سأفتح له الباب، استعد لهذا الحديث المؤثر ( يذهب بإتجاه الباب، يفتحه، يدخل ذلك في حالة تعب شديد, إرهاق، تلك وهي تزغردان, ذاك يعانقه...)‏
تلك: تأخرت كثيراً يا بني؟ (ذلك / يشير لها بيديه أن أمراً خطيراً جعله يتأخر)‏
ذاك: لقد نجحنا، هزمنا الأزرار، عالجنا الوضع بذكاء.. أليس كذلك؟ (ذلك يشد على يد ذاك)‏
هي: فعلنا كلّّ ذلك من أجلك. ( ذلك يشكرها بطريقته الخاصة )‏
تلك: ما بك؟ لم لا تتكلم؟ (ذلك يشير لهما بأنه فقد القدرة على النطق)‏
الثلاثة: (يصرخون معاً، ضجيج، بكاء، /ذلك/‏
يحاول إسكاتهم، يدب الصمت بعدها في المكان)‏
(انتهت)‏
|

ظما الوجدان
ظما الوجدان
الله يعطيكم الف عافيه

معلمات رياض الأطفال أرجو تساعدوني بأسرع وقت
مساعده