الفراشة أصبح فتيات Ftayat.com : يتم تحديث الموقع الآن ولذلك تم غلق النشر والمشاركات لحين الانتهاء من اتمام التحديث ترقبوا التحديث الجديد مزايا عديدة وخيارات تفاعلية سهلة وسريعه.
فتيات اكبر موقع وتطبيق نسائي في الخليج والوطن العربي يغطي كافة المجالات و المواضيع النسائية مثل الازياء وصفات الطبخ و الديكور و انظمة الحمية و الدايت و المكياج و العناية بالشعر والبشرة وكل ما يتعلق بصحة المرأة.
ام وليدويوسف
17-10-2022 - 04:21 pm
  1. د. عبدالله المسند*

  2. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :

  3. أشراط الساعة الصغرى :


د. عبدالله المسند*

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :

فسكان جزيرة العرب قديماَ وحديثاً من أعظم الناس حباً للربيع والمطر والقطر، وما ذاك إلا أن جزيرتهم تعد من أكبر المسطحات الأرضية في العالم التي تخلو من نهر أو بحر أو زهر دائم، عدا أمطار قليلة ومتفرقة وغير منتظمة، تهطل عادة ما بين شهري أكتوبر ومايو بمتوسط يصل إلى حوالي 100 ملم سنوياً فقط . لذا نجد أن سكان الجزيرة العربية شغوفين في تتبع السحب واتجاهه والمطر وأخباره والكلا ومكانه . والأدبيات العربية المنظومة والمنثورة مفعمة في ذكر السحاب وأنواعه والمطر وأصنافه والسيل وأوصافه . وفي العصر الحديث جاءت وسائل الاتصالات الحديثة ومنها؛ شبكة الأنترنت لتعج بالمواقع والمنتديات الإلكترونية، التي ترصد وتنقل أخبار الطقس وتقلاباته والأجواء وتبدلاته لرواد كُثر استرعى عددهم ومشاركاتهم الإنتباه .
وفي مجالس العرب ومنتدياتهم يأتي السؤال عن المطر والقطر وعن الحر والقر بعد السؤال عن الأحوال الشخصية مباشرة خاصة في فصل الشتاء والربيع . وهيام سكان الجزيرة بالمطر والسيل والربيع انعكس جلياً في توجه أعداد كبيرة من السكان، بل وتتزايد عاماً بعد عامٍ لممارسة السياحة البرية المتكررة عبر رحلة اليوم الواحد، أو التخييم لأيام عدة في المنتنزهات البرية الصحراوية، بل أصبحت السياحة البرية في الوقت الحاضر تجارة رائجة رابحة يجني ثمارها جهات عدة .
وفي هذه الأجواء وتفاؤل في أجواء رطبة ومطيرة، تناول بعض الناس في السنوات الأخيرة حديث عودة الجزيرة مروجاً وأنهاراً بالتفسير والتحليل . وبعضهم ربط بعض التغيرات المشاهدة على مستوى المناخ المحلي أو الإقليمي أو حتى العالمي بهذا الحديث الشريف . ولهذا تأتي هذه المشاركة المكتوبة والمتواضعة مساهمة لإضاءة أظن أنها اجتهاد جديد في هذا السياق، ليشرح هذا الحديث المعجز الذي كشف حُجُب الماضي كما كشف المستقبل في حديث واحد .
وسأتناول باقتضاب الحديث ثم شرحه عبر نافذتين زمنيتين؛ النافذة الأولى : عرض واقع مناخ الجزيرة العربية قبل عشرات الآلاف من السنيين، مستأنساً بما ورد في الحديث الشريف . النافذة الثانية : الكشف عن فرضيات متوقعة، وسيناريوهات مرجحة لعودة الجزيرة العربية مروجاً وأنهاراً . والتي أتوقع أن عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً، أو نبوء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ((( قد ))) تكون عبر بوابة إحدى هذه الفرضيات المطروحة والله وحده أعلم .

أشراط الساعة الصغرى :

أشراط الساعة الصغرى تناهز السبعين شرطاً؛ منها ما وقع في الماضي، ومنها ما يقع الآن، ومنها ماسيقع في المستقبل، ومنها ما سيقع بين أشراط الساعة الكبرى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . ومن الأشراط الصغرى ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة ... حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً " . ويمكن أن نصنف هذه العلامة بأنها علامة كونية مناخية . وعند تأمل متن الحديث الصحيح نجد أن كلمة واحدة فقط ( تعود ) متكونة من أربعة حروف يكمن فيها الإعجاز، والنبوءة العظيمة { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى }. حيث جاءت النبوءة مركبة ومزدوجة، فهي كاشفة لحجب الماضي البعيد والمقدر بعشرات الآلاف من السنين، وفي الوقت نفسه كشفت المستقبل الغيبي . سنتناول في هذا البحث بإذن الله تعالى شرح الحديث وفق منهج علمي متوخياً ما استطعت الدقة في التقدير، والسلامة في التعبير، والأصالة في التصوير .
هذا ما سنقرأه في الحلقات التالية إن شاء الله تعالى في موضوع فرضيات عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً .
  • عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم _ السعودية



التعليقات (9)
ام وليدويوسف
ام وليدويوسف
***** (فرضيات عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً (1) ***** ‏
د. عبدالله المسند*
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد :
في الحلقة الأولى تطرقنا إلى أن شرح الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة ... حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً " سيكون من خلال نافذتين النافذة الأولى : ( الماضي ) ملخص التاريخ المناخي لأرض العرب . والنافذة الثانية : ( المستقبل ) فرضيات تغير المناخ في أرض العرب .
ملخص التاريخ المناخي لأرض العرب
قدر الله سبحانه وتعالى أن يكون الموقع الفلكي والجغرافي لأرض العرب في نطاق ما يُسمى بشبه المداري الجاف الصحراوي، والذي يتصف بارتفاع درجة الحرارة معظم السنة وقلة الرطوبة الجوية وجفاف الرياح السائدة وبالتالي قلة الأمطار الهاطلة؛ كل هذا رسم بإذن الله تعالى بيئة صحراوية قاحلة ومتطرفة في أرض العرب .
توضح الصورة الفضائية وقوع الجزيرة العربية في النطاق الصحراوي
المناخ الجاف المسيطر على أرض العرب ليس وليد العصر الحديث بل هو قديم، ومن خلال استقراء أدبيات العرب وتاريخهم القديم قبل 1400 سنة، نجد أن الظروف المناخية السائدة آنذاك لا تختلف كثيراً عن الحاضر، فلقد قرأنا كثيراً عن تلكم المصطلحات : قحط، جوع، جفاف، استسقاء، بئر، مورد ماء، عام الرمادة، فقر، حر شديد ... الخ والتي تعكس بوضوح الظروف المناخية آنذاك . بالمقابل لم ترد في تاريخ العرب هذه المصطلحات : بحيرة، نهر، شلال، ثلج، جليد، غابة ... الخ . هذا من جهة، ومن جهة أخرى ومن خلال الاستقراء العلمي التاريخي الطبيعي للجزيرة العربية يوحي كذلك أن الظروف المناخية قبل 1400 سنة لم تكن تختلف كثيراً عن اليوم .
وعندما نتوغل أكثر في تاريخ الجزيرة العربية المناخي لا نجد أيضاً إشارة إلى أن الأمم السابقة من العرب العاربة والمستعربة أو حتى العرب البائدة يتقلبون في أجواء رطبة غنية بأمطارها وأنهارها وأشجارها وأزهارها بخلاف الحال في قارة أوروبا اليوم . والاستقراء التاريخي أيضاً يشير إلى أنه قبل 2500 سنة تقريباً لم تكن الظروف المناخية في أرض العرب مروجاً وأنهاراً بل صحراءً وجفافاً وآباراً متواضعة يزدحمون عليها قال تعالى : { وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ }.
وعندما نتوغل أكثر في القدم نجد الظروف المناخية السائدة على الأقل في غرب الجزيرة العربية كما وصفها إبراهيم عليه السلام { رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ }. وقبل نبي الله إبراهيم صالح عليهما السلام إذ قال : { قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ }. وفي الأحقاف جنوب الجزيرة العربية قوم عاد كانوا يتطلعون إلى المطر والغيث قال تعالى : { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا } ، وقال عز وجل : { وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ } والأَحْقافُ : " رمال بظاهر بلاد اليمن كانت عاد تنزل بها والحِقْفُ أَصْلُ الرَّمْلِ " ( لسان العرب ) ، وهذا يعكس واقع الظروف المناخية الجافة والصحراوية في أرض العرب قبل حوالي 4500 سنة والله أعلم .
ولم يذكر التاريخ القديم حسب علمي المتواضع أن سكان الجزيرة العربية من العرب البائدة ومن قبلهم أنهم كانوا ينعمون بالمروج والأنهار . والسؤال هنا ... أي فترة تاريخية كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يقصد ويشير في معرض الحديث السابق؟ أحسِب أن الظروف المناخية الجافة والقاحلة والحارة للجزيرة العربية كانت هي السائدة والله أعلم منذ نزول آدم عليه السلام . والفترة الزمنية التي كانت حافلة بالرطوبة والأمطار والأنهار في أرض العرب قديمة جداً قبل أن يستخلف الله الإنسان على الأرض والله أعلم .
لذا تكمن عظمة النبوءة في الحديث السابق والتي نحن بصددها ( تعود ) أن النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم كشف للصحابة وللعالم من بعدهم سراً من أسرار تاريخ الأرض الطبيعي والمناخي قبل أن يأتي الإنسان ويستعمر الأرض، فالنبي عليه الصلاة والسلام لم ينقل لنا خبر المروج والأنهار من كتب سماوية سابقة، ولا حتى من أساطير الأولين الغابرة، ولكنه وحي من خالق الأرض والسماء السابعة { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى }.
والمسلم يُصدق نبوءة نبيه عليه الصلاة والسلام الواردة بالنقل الصحيح سواءً شهد لها الحس والعقل أم لا . وفي الوقت نفسه المسلم مأمور بالتفكر في خلق الله قال تعالى : { قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ } السير والتفكر بكل وسائله، عبر الميدان الجغرافي بعمق تاريخي، والنظر من خلال العين والعينة، والصورة والخريطة، والمقياس والميزان، والمعمل والحاسب، والتحليل والتصنيف، كل هذا للجواب عن السؤال الكبير { كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ؟ }. والعلم الحديث كشف لنا في آخر القرن الماضي ما يُصدق حديث الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام عن الظروف المناخية السائدة في جزيرة العرب وغيرها قبل آلاف السنيين فماذا قال؟ .
العصور الجليدية Ice Ages :
قال تعالى : { قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } ، وقال سبحانه وتعالى { قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ } وقال عز وجل : { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } ، و علماء الجغرافيا والجيولوجيا والجيومورفلوجيا ساروا ونظروا وتفكروا ودرسوا وحللوا وقدروا عمر كوكب الأرض بحوالي 4.6 بليون سنة والله أعلم . وقسّم علماء الجيولوجيا هذه السنوات الطويلة إلى عصور متمايزة، يهمنا منها العصر الحديث ( الرابع ) وهو الأخير، والذي يقدر العلماء أنه بدأ منذ 1.6 مليون سنة حتى الوقت الحاضر . في هذا العصر اكتشف العالم السويسري لويس أجاسيز ما يُسمى بالعصور الجليدية Ice Ages التي بدأت منذ 1.6 مليون سنة وأنتهى آخرها قبل 10000 سنة تقريباً والله أعلم .
وتعريف العصور الجليدية : أنها حالة جوية دورية تتصف بالبرد القارس، هذه الحالة تسود في شمال الكرة الأرضية وجنوبها، مما يؤدي إلى تجمدها وانتشار الغطاءات الجليدية وزحفها إلى أماكن شاسعة وجديدة تفوق مساحتها الحالية بثلاثة أضعاف، ( مساحة الجليد الحالي 10% من مساحة اليابس، بينما في العصر الجليدي 30%). في النصف الكرة الشمالي مثلاً تتسع الغطاءات أو القلانس الجليدية لتزحف باتجاه الجنوب، لتغطي شمال أوروبا وروسيا وأمريكا الشمالية، لتصبح أراضٍ متجمدة، وبالمقابل تصبح المناطق الجنوبية منها مناطق معتدلة ورطبة وهي العروض شبه المدارية والصحراوية مثل الجزيرة العربية وشمال أفريقيا .
اللون الأبيض يمثل الغطاءات الجليدية فترة العصر الجليدي والذي يكسو كل من: كندا وشمال الولايات المتحدة وبريطانيا وشمال أوروبا وروسيا.
هذه العصور الجليدية المتكررة وفق سنن إلاهية عندما تحدث بإذن الله تعالى تكون أرض العرب مروجاً وأنهاراً، وعندما تنحسر تكون أرض العرب صحراءً وأحقافاً ... وأثبت العلماء أننا نعيش اليوم في عصر دفيء يقع بين عصرين جليديين بمعنى أن الأرض مقبلة على عصر جليدي جديد امتداداً للعصور الماضية، فإن سألت عن وقتها؟ فهذا { مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }. وآخر عصر مطير في أرض العرب حدث قبل 10000 سنة تقريباً (( وقد )) يكون هو المعني بالحديث الشريف ! فمن علم النبي الأمي محمداً صلى الله عليه وسلم بغيب طوله 10000 سنة؟ علمه الذي { يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى }.
ما سلف كان شرحاً للحديث عبر النافذة الزمنية التاريخية، أما عن المستقبل وكيف ومتى ستعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً؟ هذا ما سنقرأه في الحلقات التالية إن شاء الله تعالى في موضوع فرضيات عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً.

ام وليدويوسف
ام وليدويوسف
د. عبدالله المسند* .................................................. ....................................... الحلقة: . 1 2
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن إعمال عبادة التدبر والنظر والتفكر أمر مأمورٌ به شرعاً قال تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} ، وقال عز وجل: {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}، وقال سبحانه وتعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} ، وقال تبارك وتعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ، وقال عز وجل: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }، والآيات في هذا الشأن والسياق كثيرة عديدة، لذا دعونا نمارس هذه العبادة في معرض شرح الحديث الصحيح " لا تقوم الساعة ...حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً ".
قررت في الحلقة الأولى (المقدمة) أن شرح الحديث سيكون من خلال نافذتين زمنيتين؛ تحدثت عن النافذة الزمنية الأولى في الحلقة الثانية والمتعلقة بالتاريخ الطبيعي لأرض العرب قبل آلاف السنيين. وفي هذه الحلقة (الثالثة) وما بعدها نواصل التأمل في الحديث عبر نافذة زمنية شائكة وصعبة ألا وهي المستقبل. وهي محاولة للتصدي لسؤال صعب وكبير ومتشعب ... كيف ومتى ستعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً كما كانت قبل آلاف السنين؟.
بعد تأمل الحديث السابق لسنوات طويلة ومحاولة فك أسراره المختزلة في قوله صلى الله عليه وسلم (تعود) استعنت بالله الفتاح المعين في محاولة اجتهادية في تلمس فرضيات أو سناريوهات (العودة) المتوقعة والمرجحة ... حتى تراكمت عندي صور العودة من خلال تأمل طويل دام عقدين من الزمن... قادتني إلى ترشيح بضع فرضيات.
وقبل أن نتناول الفرضيات ألتمس من القارئ الكريم العذر في القصور في التصوير، أو التعبير في موضوعٍ مصادره التأمل، ومراجعه الاستقراء، ومضانه التفكر والتدبر {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} ... كما أن هذه محاولة اجتهادية لتفسير الحديث الشريف، أسأل الكريم المنان أن يهب لي أجر الصواب كما الاجتهاد إنه جواد كريم.
الفرضية الأولى: انفجار براكين عظيمة
قال المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح " لا تقوم الساعة...حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً ". وقد تكون عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً نتيجة والله وحده أعلم لحدث كوني عظيم يتسبب في تغيير مجريات الأحوال الجوية العامة لكوكب الأرض. وقد يكون ذلك بسبب انفجار البراكين الخامدة والضخمة في جزيرة العرب، أو براكين جاوة أو الفلبين أو الآسكا أو غيرها من البراكين الأرضية الضخمة. وهذه الفرضية الأولى التي قد تكون السبب في عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً. والسؤال: كيف سيكون هذا؟ وأين؟ ومتى؟ هذا ما سنتناوله في هذه الحلقة وما بعدها بإذن الله تعالى.
براكين الجزيرة
صورة جوية تضم ثمان فوهات بركانية خامدة في حرة كشب جنوب مهد الذهب في السعودية.
تجثم فوق جزيرة العرب وبالتحديد فوق الدرع العربي مئات البراكين العظيمة الخامدة منذ مئات بل وآلاف السنين، حيث يقدر العلماء وقت نشوئها إبان انفصال أرض العرب عن قارة أفريقيا، ونشوء البحر الأحمر قبل ما يقارب 25 مليون سنة والله أعلم. ويبلغ عدد البراكين فقط في منطقة المدينة المنورة حوالي 400 بركان، وعلى مستوى الحرات الواقعة في السعودية تبلغ حوالي 2000 بركان جاثمة فوق الدرع العربي. 1 وتقدر مساحة الحرات والمسكوبات البركانية في الجزيرة العربية ب 180000كم 2 أي مايعادل مساحة سوريا.
أكبر وأعظم فوهة بركان في الجزيرة العربية فوهة الوعبه Alwahbah 2 (مقلع طمية) والذي يصل قطره حوالي 2كم وعمقه
أكثر من 200م، ويقع في حرة كشب إلى شمال شرق الطائف. ومن شدة وقوة انفجاره الأخير فجر ودمر الفوهة والجبل من حوله
وبقي منها جزء يسير يُشاهد في أسفل يسار الصورة ولله في خلقه شؤون.
ويشار إلى أن آخر انفجار بركاني عظيم في الجزيرة العربية وقع إلى جنوب شرق المدينة المنورة، شمال حرة رهط عام 654 هجري 1256م. حيث استمر الحدث لعدة أيام، وسارت اللابة (الحمم البركانية) Lava لمسافة 23كم! في اتجاهات جغرافية مختلفة معظمها شمالي، وتوقف أطول لسان للحمم قبل المدينة المنورة ب 8.2كم فقط إلى الشرق من المدينة (أنظر إلى الصورة الفضائية آخر المقال). ولقد سبق الإنفجار وتزامن معه هزات أرضية قوية مخيفة ارتجت بسببها الأسوار، وقرقعت لها الأسقف، وسُمع لها أصوات كأصوات الرعود القاصفات، في مشهد ألقى بروعه على قاطني المدينة قاطبة. وذكر المؤرخون أن هذا الانفجار البركاني هو المقصود بالحديث الشريف (لا تقوم الساعة، حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى) البخاري ومسلم .
يمثل الخط المستقيم المسافة البينية (985كم) بين نار الحجاز
عام 654ه ومدينة بصرى جنوب دمشق.
ومما ذكره ابن كثير رحمه الله في هذا السياق: "وبقيت تلك النار على حالها تلتهب التهاباً، وهي كالجبل العظيم ارتفاعاً، وكالمدينة عرضاً، يخرج منها حصى يصعد في السماء، ويهوي فيها، ويخرج منها كالجبل العظيم نار ترمي كالرعد. وبقيت كذلك أياماً ... ثم سكنت ووقفت أياماً، ثم عادت ترمي بحجارة خلفها وأمامها، حتى بنت لها جبلين... ولها كل يوم صوت عظيم في آخر الليل إلى ضحوة، ولها عجائب ما أقدر أن أشرحها لك على الكمال، وإنما هذا طرف يكفي، والشمس والقمر كأنهما منكسفان إلى الآن ". أ.ه
صورة اللابة المنصهرة وهي تخرج من فوهة البركان.
وذكر الكاتب القدير الأستاذ فهد عامر الأحمدي في زاويته العلمية حول العالم 3 بجريدة الرياض حيث قال : "... فرغم ترجيح المؤرخين بأن ثوران عام 654 هو المعني في هذا الحديث؛ إلا أنني لا أميل لهذا الرأي لأسباب كثيرة... فمنطقة الدرع العربي مثلا لم تستقر حتى الآن من الناحية الجيولوجية (بسبب الانفراج المستمر لحوض البحر الأحمر) كما أن الحمم البركانية استمرت بالخروج قبل وبعد تلك الحادثة وبالتالي لا يوجد مايميز حادثة 654 هجري أو يضمن عدم تكرارها مستقبلا (خصوصا بعد مرور 773 عاماً على وقوعها)!" أ.ه
وفي تقديري المتواضع وبناءًً على المعاينة الميدانية لمسرح الحدث البركاني الكبير وتتبع الصور الفضائية وتأمل المساحة الجغرافية المتأثرة باللابة والحمم والمسكوبات البركانية، وبناءً على ما وصف ونقل المؤرخون الأفاضل مع أخذ مبالغة بعض المؤرخين بعين الاعتبار أقول: أن حادثة 654 هجري ليست هي الأولى وقد لا تكون الأخيرة والله أعلم، لذا فاحتمال أن تكون النار المذكورة قد أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى وما دون بصرى من هولها وشدتها أمر وارد، لتكون إحدى علامات الساعة الصغرى. والسؤال المحير في هذا السياق؛ لماذا خص المصطفى صلى الله عليه وسلم مدينة بصرى على وجه الخصوص دون مدن حولها أشهر وأكبر منها كدمشق أو القدس أو تبوك!!؟؟ وأحسَب أن في تخصيص واختيار (بصرى) إعجاز نبوي قد يتبن في قابل الأيام.
تظهر على الصورة الفضائية موقع المدينة المنورة و يتضح آثار الانفجار البركاني لعام 654ه باللون الأسود الغامق.
مجرد سؤال
من المعلوم أن انفجار البراكين عادة يسبقه حدوث زلازل متكررة في محيطها وبالقرب منها. والسؤال المطروح هنا هل يسبق عودة الجزيرة مروجاً وأنهاراً وقوع علامة أخرى للساعة؟ وهي (كثرة الزلازل)؟ تليها انفجارات بركانية هائلة تغير المناخ؟ وتقود بالتالي إلى تغير أرض العرب من صحراء قاحلة إلى مروجاً ساحرة؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل ، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج وهو القتل القتل، حتى يكثر فيكم المال فيفيض) أخرجه البخاري .

ام وليدويوسف
ام وليدويوسف
د. عبدالله المسند * ....................................... الحلقة 1 : 2 : 3
الفرضية الأولى
في الحلقة السابقة ( الثالثة ) في سلسلة عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً ابتدأ الحديث حول الفرضية الأولى وهي احتمال حدوث انفجارات بركانية، استُهلت بمقدمة عن براكين الجزيرة العربية وعن انفجار بركان عام 654ه 1256م. وفي هذه الحلقة نواصل الحديث عن الفرضية الأولى والتي تنص على الآتي: لو قدر الخالق عز وجل أن تنفجر (بعض) البراكين العظيمة في أرض العرب مثلاً وبشكل متزامن ومتتالٍ لعدة أيام وبقوة هائلة، لنتج عن هذه الانفجارات والله أعلم آثاراً واسعة على الغلاف الجوي لشمال الكرة الأرضية على الأقل.
إذ أن البراكين تقذف بمجموعة من الغازات من أهمها ثاني أكسيد الكبريت sulfur dioxide كما تقذف برماد ash وغبار بركاني ينتشر في طبقات الجو العليا؛ يؤدي إلى اختلال في عنصر الإشعاع الشمسي Solar radiation حيث يحجب أشعة الشمس، أو يقلل من نفوذها إلى سطح الأرض نتيجة للرّماد البركاني العالق في الجو، مما يؤدي بالضرورة إلى انخفاض درجة الحرارة فوق سطح الأرض، وهذا بدوره يقود إلى تغير في عنصر الضغط الجوي، ومن ثَم قوة واتجاه الرياح، وهكذا حتى يعم التغيير كل عناصر المناخ بما فيها الرطوبة، والمطر سلباً أو إيجاباً.
مما سلف تتوقع الفرضية تغيراً في عناصر المناخ فوق أرض العرب وغيرها كنتيجة حتمية للانفجارات البركانية العظيمة والمتتالية، والتي تؤدي إلى انخفاض درجة الحرارة، وارتفاع الرطوبة الجوية، ومنها كثافة السحب والأمطار الهاطلة بإذن الله تعالى، بل (قد) تتجمد قمم الجبال في أرض العرب شتاءً وتذوب صيفاً لتجري منها الأنهار وتصب بالمروج والبحيرات والغدران وترتوي منها الأزهار. تستمر هذه الظروف المناخية الرطبة الطارئة فترة من الزمن حتى يشاء الله تعالى في عودة الجزيرة العربية مرة ثانية صحراءً وأحقافاً بعد تلاشي آثار الانفجارات البركانية بشكل تدريجي، وربما تدوم الحالة الرطبة للجزيرة العربية فترة من الزمن يعقبها قيام الساعة والله أعلم. وتتنبأ الفرضية إلى أن الانتقال من حال الجفاف والصحراء إلى الرطوبة والأمطار ومن ثم حالة المروج والأنهار قد تستغرق فترة قصيرة ... على سبيل المثال فصلاً واحداً فقط والله أعلم وأحكم.
صورة فضائية توضح العديد من الفوهات البركانية الضخمة في حرة خيبر، ويظهر في الوسط فوهة بركان البيضاء الذي يبلغ قطره 1.52كم.(الألوان طبيعية!!)
ويسند الفرضية السالفة شاهدان الأول بشري والثاني طبيعي:
الشاهد الأول: إحتراق آبار النفط في الكويت:
إبان حرب الخليج الثانية عام 1991م عمد الجيش العراقي إلى إحراق ما يناهز 700 بئر نفطي في أرض الكويت، في واحدة تعتبر أكبر وأوسع تلوث نفطي في البر والبحر والجو على حد سواء. استمر هذا الإفساد المتعمد عدة أسابيع، حتى شكل سحباً سوداءً من السخام، انتشرت في سماء وأجواء منطقة الخليج العربي وما جاورها، تسببت في حجب أشعة الشمس كلياً و جزئياً، مما أدى إلى إنخفاض درجة الحرارة فوق سطح الأرض بشكل محسوس في الكويت والمناطق المجاورة. وأثبتت الدراسات العلمية أن درجة الحرارة انخفضت 4ْم في منطقة الخليج 1 هذا في المعدل أما اليومي بالطبع أكثر.
سحب السخام تنبعث من آبار النفط الكويتية بعد احراقها من قِبل الجيش العراقي عام 1991م.
وعند التأمل والقياس نجد أن مجموع هذه الآبار لا تعادل بركاناً واحداً نشطاً، ومع ذاك قلبت النهار إلى ليل وخفّضت درجة الحرارة، حتى أن شهر أغسطس آب 1991م في الكويت أصبح كشهور الربيع والخريف حرارةً!. ولو استمرت الآبار محترقة وقتاً أطول لطالت أضرارها كل الأشهر والفصول. فانظر وتأمل كيف تغيرت درجة الحرارة والجو بفعل بشري محدود مساحة وقوة وزمناً فكيف لو كانت 700 بركان!؟.
الرياح الشمالية الشرقية السائدة تدفع سحب السخام العظيمة باتجاه السعودية عام 1991م إبان حرب الخليج الثانية.
الشاهد الثاني: انفجار بركان بيناتوبو Pinatubo في الفلبين:
بركان جبل بيناتوبو أثناء انفجاره التاريخي يقذف بحممه وغازه وغباره إلى عنان السماء في مشهد لم ير العالم مثله حتى الآن (في الصورة قارن بين ارتفاع السحب الركامية والتي يصل ارتفاعها إلى حوالي 18كم وسحب الانفجار خلفها عندها ستدرك الحقيقة).
في جزر الفلبين وخلال شهر أبريل ومايو من عام 1991م اهتزت ورجفت الأرض حول وأسفل من بركان بيناتوبو Pinatubo آلاف المرات، هزات صغيرة مؤذنة بمشهد لم ير العالم مثله خلال القرن الماضي. وفي 12 يونيو من العام نفسه، وبعد سبات للبركان استمر أكثر من 500 سنة انفجر بركان بيناتوبو. ويعتبر أعنف وأقوى انفجار شهده كوكب الأرض خلال القرن الماضي على الإطلاق. هذا الانفجار العظيم خلف سحباً هائلة من الغاز والرماد ash أرسلها إلى طبقات الجو العليا.
قدر العلماء 20 مليون طن من ثاني أكسيد الكبريت وصل إلى طبقة الستراتوسفير Stratosphere وأمتدت عبر مئات الأميال، مما ساهم في حجب الإشعاع الشمسي كلياً أو جزئياً عبر انعكاسها إلى الفضاء الخارجي مؤدياً إلى تبريد الأرض والغلاف الجوي السفلي، كما أثر هذا الانفجار على طبقة الأوزون Ozone Layer واستمر تأثيره لعدة سنوات.
بلغت المقذوفات البركانية ارتفاعاً خيالياً 35كم في عنان السماء (أعلى من أطول برج في العالم (برج دبي) ب60 مرة) فقلبت النهار إلى ليل ... فلا إله إلا الله والله أكبر. يُذكر أن هذه السحابة الملوثة غطت مساحات شاسعة من العالم امتدت إلى المحيط الهندي حيث تم متابعتها عبر الأقمار الصناعية. ويشار أن آثار هذا الإنفجار العظيم من بركان واحد استمر فقط 9 ساعات، وآثاره طوقت الكرة الأرضية لمدة ثلاثة أسابيع عبر سحابة في طبقة الستراتوسفير مما تسبب في انخفاض متوسط درجات الحرارة العالمية 0.5ْم من عام 91-1993م.
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً} مشهد مخيف من النسف الدنيوي لجبل واحد! فكيف بنسف الآخرة لكل الجبال؟.
السحب البركانية العظيمة بُعيد النسف والانفجار بدأت في إسقاط حمولتها رماداً وطيناً لعدة أيام، حتى ناءت سُقف المنازل بحمولتها فانهارت، وبعضها طمر في مشهد من مشاهد آيات الله في الأرض يقف الإنسان عندها مرعوباً مذعوراً {وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ} . وتجدر الإشارة إلى أن الأمطار تسقط في محيط بركان بيناتوبو بمعدل 2000 ملم سنوياً (الرياض فقط 100 ملم سنوياً) بينما بعد الانفجار الهائل ازدادت الأمطار لتصل 4000 ملم خلال سنة (ما يعادل أمطار الرياض خلال 40 سنة)!!.
آثار البركان غير المباشرة عبر أمطار الطين والرماد.
صورة القمر الصناعي توضح سحابة ثاني أكسيد الكبريت والغبار والرماد البركاني باللون الأحمر والأصفر بين 14 يونيو و 26 يوليو عام 1991م، حوالي 45 يوماً بعد الانفجار، ويُذكر أن هذه السحابة ساهمت في تبريد الكرة الأرضية آنذاك.
{وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً} أذن الجبار سبحانه وتعالى أن يصبح جبل بيناتوبو كالعهن المنفوش بعد دكه ونسفه في الدنيا، فكيف في الآخرة عندما تدك وتنسف كل الجبال؟ {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ}.
ومثال آخر يؤكد العلاقة بين الانفجارات البركانية العظيمة وتغير المناخ المحدود زمنياً ما وجده علماء الطبيعة ونقلته وكالة الفضاء الأمريكية NASA أن انفجار بركان كاتمي Katmai في الآسكا في 6 يونيو 1912م تسبب في انخفاض درجة حرارة النصف الشمالي للأرض خلال فصل الصيف، كما ضعفت الرياح الموسمية في أسيا وأحدثت بعض التغييرات المناخية هنا وهناك. هذا من جهة ومن جهة أخرى ذكرت التقارير العلمية 2 أن من ابرد السنوات خلال القرنين الماضيين السنة التي تلت انفجار بركان تامبورا Tambora volcanic عام 1815م والتي ساهمت في تبريد كوكب الأرض آنذاك. هذه أمثلة قليلة لشواهد كثيرة ... ويكفيك من القلادة ما أحاط بالعنق.
وفي الختام دفعني حدث بركان بيناتوبو وغيره إلى ترشيح هذه الفرضية ضمن بضع فرضيات قد تعود الجزيرة العربية مروجاً وأنهاراً بصدق إحداها والله أعلم. ويبقى ما سطرته وكتبته مجرد فرضية ونظرية قابلة للصواب وفي الوقت نفسه للخطأ أيضاً ... فلا تثريب على الكاتب ولا القارئ. وإلى الحلقة الخامسة لنتحدث عن الفرضية الثانية بمشيئة رب السماوات العالية.

ام وليدويوسف
ام وليدويوسف
د. عبدالله المسند* ......................................... الحلقة : 1 : 2 : 3 : 4
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد :
الشريعة الإسلامية تدعو الإنسان على التدبر والتأمل والتفكر في ماضي الكون وحاضره ومستقبله، مستنيراً بخريطة زمنية مكانية عقدية من وحي الكتاب والسنة . وأحسَب أن هذه الدراسة التي نحن بصددها تنسج الماضي بالحاضر لنرى المستقبل . وعبر أربع حلقات ماضية كان الحديث عن مقدمات استهلالية لموضوع فرضيات عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً الواردة في الحديث قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة ... حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً ". منها حلقتان هما الثالثة و الرابعة تم استعرض الفرضية والسيناريو الأول والمتمثل بانفجار براكين عظيمة في جزيرة العرب أو في العالم والتي قد ينتج عنها تغير في الأحوال الجوية السائدة. وفي هذه الحلقة بإذن الله تعالى نستكمل البحث مع فرضية وسيناريو ثان هو سقوط نيزك أو كويكب أو مذنب عظيم على كوكب الأرض والذي (( قد )) يغير النظام العام للمناخ .
الفرضية الثانية تقول : أن سقوط جرم سماوي كبير حجري أو حديدي من السماء إلى الأرض (( قد )) يغير ويحدث خللاً في نظام الأرض المناخي لفترة قصيرة وربما تكون طويلة، ينتج عنها تغير في المناخ العام ومنها مناخ جزيرة العرب؛ ليتحول من جاف إلى رطب ومن صحراء وأحقاف إلى مروج وأنهار ... ولكن كيف سيحدث هذا؟ وأين؟ ومتى؟ .
اصطدام عظيم لكويكب كبير بكوكب الأرض كما تخيلها الرسام
حقيقة النيازك Meteors
أفترض أن الجميع قد شاهد خيوطاً ضوئية تنهمر من السماء ليلة ما، وهذا ما يٌدعى بالشهب Shooting star. وهي عبارة عن أجرام صغيرة جداً ( قيل أنها من مخلفات المذنبات Comets) والتي يتقاطع محوراها مع محور كوكب الأرض مما يؤدي إلى جذبها بواسطة الجاذبية الأرضية، وعندما تدخل في الغلاف الجوي بسرعة عالية جداً تقدر بحوالي 235000 كم / ساعة ( المكوك الفضائي يدور حول الأرض بسرعة 28800 كم / ساعة فقط ) . وبفعل عامل الاحتكاك مع عناصر الغلاف الجوي تسخن فتتوهج وتحترق وقد تتفجر في الهواء أثناء اختراقها لطبقات الغلاف الجوي فتصبح رماداً بإذن الله تعالى، وتراها العين المجردة لبضع ثوان في مشهد يأخذ بالألباب .
وبعض الأجرام كبيرة لدرجة يتمكن معها من اختراق الغلاف الجوي بسرعة خاطفة فيضرب سطح الأرض بعنف شديد عندئذ يُسمى نيزكاً Meteor. وأحجام النيازك التي تسقط على الأرض تتراوح من بضع سنتيمترات إلى بضع كيلومترات وعندما تصبح بهذا الحجم تُسمى كويكباً Asteroid أو مذنباً . ويكفي أن نشير إلى أن نيزكاً بحجم سيارة كفيل بمحو وسحق مدينة كبيرة عند الارتطام بها . ولقد تعرض كوكب الأرض عبر تاريخه القديم لضربات سماوية موجعة من قِبل النيازك والمذنبات والكويكبات نتج عنها كما ذكر العلماء تغير في مناخ كوكب الأرض قاطبة واستمر التغير لفترة طويلة مما ساهم في انقراض مجموعات من النباتات والحيوانات على وجه البسيطة The mass extinction.
رجوم سماوية تاريخية :
1. انقراض الديناصور
شهد كوكب الأرض عبر تاريخه الطويل العديد من الارتطامات والرجوم السماوية العنيفة والتي تركت آثاراً مناخية وجغرافية وبيئية بل وجيومورفولوجية محسوسة بعد ملايين السنين من حدوثها . وتعد حادثة Chicxulub في شبه جزيرة ياكوتان في المكسيك والذي يقدر العلماء أنه اصطدام كويكب أو مذنب بالأرض قبل 65 مليون سنة تقريباً، والبالغ قطره حوالي 10 كم يعد من أكبر وأعظم الرجوم السماوية المكتشفة التي ارتطمت بالأرض، بل وغيرت مجرى الحياة آنذاك وخلف الارتطام دائرة قطرها 180 كم ! لتكون شاهداً محسوساً يكتشفه الإنسان بعد 65 مليون سنة { قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ }.
يقدر العلماء قوته ب 2 مليون مرة من أقوى انفجار صنعه الإنسان . واكتشف العلماء موقع الرجم في المكسيك الذي ( نصفه بري والنصف الآخر بحري ) نتج عن هذا الاصطدام انقراض حوالي 70% من الحياة الفطرية ومنها الديناصورات . وأظن لو أن الإنسان موجود إبان الاصطدام لما نجا منه إلا عدد ركاب سفينة نوح عليه السلام والله اعلم .
يصف العلماء هذا الحدث أنه تسبب بظلام بهيم فوق سطح الأرض جراء الارتطام العنيف، الذي رفع أحجاراً إلى الغلاف الجوي، فضلاً عن أطنان من الغبار والتراب استمرت حوالي 6 أشهر، حجبت أشعة الشمس وأدت إلى تبريد الأرض وتوقف التمثيل الضوئي والذي نتج عنه بالضرورة إلى هلاك النبات والحيوان إلا ما شاء الله . ( وتجدر الإشارة إلى أن الارتطام حقيقي ومحسوس وليس بفرضية ... ولكن آثاره السلبية تبقى مجرد نظرية يُستأنس بها حيث تشير بعض الدراسات العلمية إلى أن انقراض الديناصورات لم يكن نتيجة رجم المكسيك Chicxulub فقط ! بل رجوم أخرى، وحدوث براكين عظيمة في قارة الهند وتغير المناخ أيضاً ساهم في عملية الانقراض ... كل هذا حدث في العصر الطباشيري The Cretaceous Period والله اعلم ).
2. ضيف الفجر
وفي العصر الحديث وبالتحديد في 30 يونيو 1908 م وفي الصباح الباكر دخل حجر نيزكي كبير إلى الغلاف الجوي الأرضي، واختلف العلماء في طول قطره من 30 م – 1200 م، وتقدر سرعته ب 54000 كم / ساعة . ووفقاً لشهود العيان وعلى بعد 400 كم من الموقع شُوهد النيزك بالعين المجردة بحجم يعادل ضعف حجم قرص الشمس كما يُرى من على سطح الأرض، على هيئة كرة كبيرة ملتهبة مشتعلة منقضة بسرعة عالية ومصحوبة بصوت قاصف عاصف مزمجر ... وفجأة وقبل اصطدامها بالأرض بحوالي 6 كم ارتفاعاً، حدث ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر آنذاك حيث انفجر النيزك في سماء Tunguska في سيبيريا انفجاراً لم يسمع الإنسان مثله في العصر الحديث، بل يعتبر أكبر ارتطام نيزكي مسجل في التاريخ ( قُدر ب 1000 مرة أقوى من قنبلة هيروشيما ) ، نتج عنه تحطيم واقتلاع 60 مليون شجرة صنوبر بمساحة تقدر ب 2150 كم 2 قال تعالى : { أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ }.
شهود العيان ذكروا أن شدة الانفجار حطمت النوافذ على بعد عشرات الكيلومترات وأصابت المشاهد بالعمى المؤقت وأسقطهم أرضاً في محيط 60 كم، وفي محيط 30 كم تطاير السكان في السماء من شدة موجات الهواء المتفجر فسقطوا أرضاً فاقدين الوعي { فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } ... ويُذكر أن تردد موجات الانفجار سُجلت بواسطة أجهزة قياس الزلازل على بعد 1000 كم كما شُوهدت سحب الانفجار على بعد 170 كم.
موقع انفجار نيزك Tunguska في سيبريا عام 1908م.
صورة كما تخيلها الرسام لنيزك 1908م Tunguska
في سيبريا قبيل انفجاره على بعد 400 كم وفقاً لشهود العيان.
لحظة انفجار نيزك 1908م Tunguska
كما شُوهدت على بعد 60 كم كما تخيلها الرسام وفقاً للشهود.
الدمار بعد انفجار نيزك 1908م Tunguska في سيبريا كما تخيلها الرسام {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ}.
3. فوهة أريزونا Meteor crater in Arizona
من أشهر وأول الفوهات النيزكية المكتشفة فوهة أريزونا في الولايات المتحدة الأمريكية والتي نتجت عن ارتطام نيزك بقطر 100 م تقريباً، ويقدر وزنه ب 2 مليون طن وسرعة انقضاضه 72000 كم / ساعة . حدثت قبل 20000 سنة تقريباً وخلفت فوهة قطرها 1.3 كم بعمق 170 م وقذف ب 400 مليون طن من الصخور والأتربة في الهواء { أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً }.
حفرة أريزونا {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ }.
نيازك جزيرة العرب :
من أشهر النيازك المكتشفة في السعودية نيزك الوبر في الربع الخالي (21ْ30.153N) (50ْ28.445E ) والذي حدث والله أعلم خلال ال 400 سنة الماضية، وتم اكتشافه بواسطة الرحالة الإنجليزي عبدالله فلبي عام 1932 م . ويقدر وزنه ب 3500 طن، وسرعته عند دخوله الغلاف الجوي تقدر ب 25000 كم / ساعة . فخلّف النيزك ثلاث فوهات مختلفة الأحجام 116 ، 63 ، 11 م وبفعل حركة الرمال السريعة ملئت الفوهات بالرمال في وقتنا الحاضر .
صورة كما تخيلها الرسام Don Dixon للنيزك الذي سقط في الربع الخالي جنوب السعودية في منطقة الوبر
صورة فضائية نادرة لآثار ارتطام نيزك كبير جداً شرق مدينة تبوك شمال السعودية قطره 5كم (لم أجد عنه أي معلومة مكتوبة في المصادر العربية والإنجليزية على الرغم من حجمه الهائل ولعله لم يكتشف علمياً حتى الآن والله أعلم.)
(من لديه معلومة عن هذا النيزك رجاء مراسلتي) .
هل تغير النيازك المناخ؟
مما سبق تبين لنا أن ارتطام نيزك أو كويكب أو مذنب كبير بكوكب الأرض (( قد )) ترفع أطناناً من الرمال والتراب والغبار فتقذفه في الغلاف الجوي ويبقى عالقاً فيه لفترة طويلة؛ تؤدي بالتالي إلى حجب أشعة الشمس بشكل كلي أو جزئي ينتج عنه انخفاض الإشعاع الشمسي Solar radiation النافذ إلى كوكب الأرض؛ مما يساهم في عملية تبريد الأرض وهبوط درجة الحرارة بشكل سريع الأمر الذي سيغير من خارطة مراكز الضغط الجوي ومنها دورة الرياح العامة المسببة للجفاف والرطوبة، وربما لا تشهد الأرض صيفا لمدة بضع سنوات وقد تؤدي الظاهرة تلك إلى عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً بعد ما كانت صحراءً وأحقافاً، بل وربما تتجمد قمم الجبال في الجزيرة العربية من شدة البرد بسبب حجب الإشعاع الشمسي والله وحده أعلم . وأرى والعلم عند العليم أن نسبة احتمالية عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً بسبب رجم سماوي نسبة ضعيفة !! مقارنة بالفرضية الأولى ومع ذلك يبقى للفرضية وزن .
وفي ختام الحلقة الخامسة دفعتني حادثة Chicxulub في شبه جزيرة ياكوتان في المكسيك إلى ترشيح هذه الفرضية ضمن بضع فرضيات قد تعود الجزيرة العربية مروجاً وأنهاراً بصدق إحداها والله أعلم . ويبقى ما سطرته وكتبته مجرد فرضية ونظرية قابلة للصواب كما للخطأ أيضاً ... فلا تثريب على الكاتب ولا القارئ .

ام وليدويوسف
ام وليدويوسف
د. عبدالله المسند* ...................................... الحلقة: 1 : 2 : 3 : 4 : 5
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ والصلاة والسلام على النبي النذير البشير ... وبعد:
ميز الخالق عز وجل الغلاف الجوي لكوكب الأرض بمحتويات غازية مكنونة، وبمكونات فيزيائية موزونة {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ}. والغلاف الجوي لكوكب الأرض يتميز عن كافة الأغلفة الجوية لكل كواكب المجموعة الشمسية بما استودع الله فيه من النظم الفيزيائية، والمركبات الكيميائية، وبأبعاد هندسية تحمي الحياة الأرضية حتى {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}.
وشاء الخالق الحكيم عز وجل أن يكون الغلاف الجوي حساساً لأي متغيرات خارجية أو داخلية طارئة، حيث يتفاعل مع هذا المتغير فيتغير. وتغير الغلاف الجوي يعني تغيراً في المناخ، الذي يلعب دوراً بارزاً و مؤثراً في حياة الإنسان، إن كان في مسكنه ومشربه ومأكله وملبسه وصحته وتجارته وزراعته ومواشيه، أو حتى في مزاجه الطبيعي.
وفي هذه السلسة المباركة إن شاء الله تعالى يتمركز البحث ويتمحور على سؤالين كبيرين الأول: كيف كان مناخ أرض العرب؟ وتمت معالجته في الحلقة الثانية. والسؤال الثاني: كيف سيكون مناخ أرض العرب؟ وهذا ما نحن بصدده في الحلقة الثالثة وما بعدها ... حيث ناقشت فرضيتين، قد يتغير مناخ أرض العرب بسببها الفرضية الأولى : ثوران براكين الجزيرة أو براكين عالمية. والفرضية الثانية: ارتطام نيزك عظيم على كوكب الأرض. وفي هذه الحلقة نناقش الفرضية الثالثة وهي التغيرات في مدار ومحور الأرض Variations in the Earth's orbital .
ومن نافلة القول أن أبحاث ودراسات علماء الطبيعة تأتي غالباً منسجمة ومتناغمة مع دعوات قرآنية متكررة ومتعددة للنظر والبحث والتقصي والاستقراء في الكون ونواميسه، قال الله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} وقال تعالى: {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ، وقال عز وجل: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} . وفي سياق ما ذُكر حاول علماء الجغرافيا والمناخ والكون وغيرهم إيجاد تفسير لحل لغز تغير المناخ وتبدله على وجه البسيطة على مر العصور. وهل العامل المسبب للتغيير خارجي (خارج كوكب الأرض) أو داخلي؟. وحيث أن التغير المناخي يخضع لآلية معقدة جداً، فقد جاءت النتائج بأكثر من سيناريو وفرضية، تبحث حقيقة التغير المناخيClimate change . ومن تلك الفرضيات نظرية التغير في محور ومدار الأرض الذي يؤدي إلى تغير في كمية الإشعاع الشمسي النافذ إلى الأرض وبالتالي يتغير المناخ.
وآلية هندسة دوران الأرض حول نفسها أو حول الشمس أو مع الشمس حول المجرة آلية بالغة التعقيد، وخاضعة لنواميس كونية رهيبة، ومقادير إلهية عجيبة، وحكم ربانية عظيمة، علم الإنسان منها القليل، وسيكتشف منها المزيد، وقد يحجب عنه الكثير، ولله فيّ وفيك وفي خلقه شؤون. والحديث عن هندسة دوران الأرض وميلان محورها يحتاج إلى خيال خصب من القارئ لذا تجد الشرح مدعماً بالصور فعليك بها أولاًََُ.
الفرضية الثالثة:
المهندس الصربي ميلانكوفتش Milankovitch theory 1958- 1879 أطلق نظريته التي تنص على أن التغير المناخي طويل الأجل سببه التغير في كمية الإشعاع الشمسي الواصل لسطح الأرض من الشمس؛ وهذا التغير ناتج عن التغيرات الدائرية في العلاقة الهندسية بين الأرض والشمس والذي تأخذ ثلاثة أشكال هي:
التغير الأول: الاختلاف المركزي لمدار الأرضeccentricity والذي يتحكم في شكل مدار الأرض حول الشمس. إذ أن المدار يتغير باستمرار بشكل تدريجي وبطئ جداً من بيضاوي الشكلelliptical إلى قريب من دائري الشكل circular في فترة تقدر ب 100000 سنة. وعندما يكون شكل المدار بيضاوياً تكون التغيرات المناخية بين فصلي الشتاء والصيف كبيرة، فعندما تقترب الأرض من الشمس في نقطة الحضيض perihelion يزداد الإشعاع الشمسي بنسبة 7% والعكس صحيح عندما تكون الأرض في نقطة الأوج aphelion. وقيل أن هذه الدورة الطويلة قد تفسر حقيقة وأسباب العصور الجليدية. وتجدر الإشارة إلى أن شكل المدار في الوقت الحالي قريب من الشكل الدائري.
وربما يعتقد كثير من الناس أن الأرض تكون قريبة من الشمس في فصل الصيف، وبعيدة في فصل الشتاء، والحقيقة أن الأرض تكون بعيدة عن الشمس (في الأوج) في فصل الصيف! وقريبة من الشمس (في الحضيض) في فصل الشتاء!. إلا أن عامل ميل المحور هو المسؤول عن تعاقب الصيف والشتاء والحرارة والبرودة بالدرجة الأولى، بينما عامل البعد والقرب من الشمس يعد عاملاً ثانوياً وضعيفاً وذا أثر معاكساً للعامل الأول، مما يساهم في تقليل الحرارة صيفاً وتقليل البرودة شتاءً في نصف الكرة الشمالي.
يوضح الشكل التقريبي مدار الأرض حول الشمس، المدار الأصفر يمثل المدار الدائري بدرجة انحراف صفر، بينما المدار الأحمر يمثل المدار البيضاوي بدرجة انحراف تصل 0.06 درجة، علماً أن درجة الانحراف في الوقت الحالي 0.0167 درجة
.
التغير الثاني: وهو الأكثر تعقيداً، الأرض تدور حول محورها القطبي polar axis وتترنح وتتأرجح خلال دورانها وقد يكون بسبب جاذبية القمر، لذا فإن اتجاه ميلان محور الأرض لا يكون ثابتاً دائماً (كما إن النجم القطبي لا يشير إلى الشمال في كل العصور) وترنح الأرض البطيء جداً يشبه ترنح لعبة الدوامة التي تدور حول نفسها (أنظر الصورة).
الكرة الأرضية وببطء شديد جداً تؤدي نفس حركة لعبة الدوامة في تغير اتجاه المحور.
النجم القطبي Polaris يشير إلى الشمال في الوقت الحاضر، ولكن بسبب تغير اتجاه محور الأرض فإنه بعد 14000 سنة سيكون نجم "النسر الواقع" Vega باتجاه الشمال، بينما قبل 3000 سنة نجم الثعبان Thuban هو الذي يشير إلى الشمال.
وتستكمل الأرض دورتها في تأرجح محورها ب 26000 سنة تقريباً. وهذه الظاهرة تُسمى مبادرة أو مباكرة الاعتدالين precession of the equinox والتي تؤدي بالتالي إلى تبادل في مواقع الفصول ومن ثم سيحتل فصل الصيف موقع فصل الشتاء والعكس صحيح. وسيأتي فصل الصيف في شهر ديسمبر والشتاء في شهر يوليو وذلك بعد 13000 سنة، وبالصورة تتضح الفزورة أنظر إلى الشكل المرفق.
انظر شكل A والذي يمثل عصرنا الحالي حيث تكون الأرض في فصل الشتاء (ديسمبر) قريبة من الشمس 147.5 مليون كم (الحضيض Perihelion)، بينما تكون في فصل الصيف (يوليو) بعيدة من الشمس 152.5 مليون كم (الأوج Aphelion). وبسبب ظاهرة مبادرة الاعتدالين تنقلب الصورة بعد 13000 سنة شكل B وتصبح الأرض قريبة من الشمس صيفاً والعكس صحيح، مما يؤدي إلى تعاظم الحر في الصيف وكذا البرد في الشتاء في نصف الكرة الشمالي.
يوضح الشكل تغيرات اتجاه ميلان المحور وأثره في زحزحة الفصول الأربع، حيث يمثل نموذج A العصر الحاضر، بينما نموذج B المستقبل بعد 13000 سنة والله أعلم.
التغير الثالث: كوكب الأرض يدور حول محوره كل 23:56 ساعة. ومحورها مائل نسبة لمدار الأرض حول الشمس، وهذا الميلان خلقه الله لحكمة نعرف وندرك بعضها وهو تعاقب الفصول الأربع، فلولا هذا الميلان لكنا نعيش في فصل واحد، ولأصبح طول الليل والنهار واحداً، وشروق الشمس وغروبها من مكان واحد، ولأصبحت الطاقة الحرارية الشمسية ثابتة، ونتج عن هذا كله انحسار تنوع المحاصيل في المنطقة الواحدة، كما ينتج عنها مناخ واحد لفصل واحد طول العام، وهذا يثير الملل والكلل لدى الناس، ويتعارض مع مصالحهم، بل وسينحصر سكان الأرض في نطاق وشريط ضيق من الأرض هذا الشريط تتوافر فيه أفضل الأجواء، بينما بقية الأرض إما باردة أو متجمدة أو صحاري قاحلة، تأمل في الصور المرفقة.
لو كان محور الأرض بدون ميلان لكانت الأوقات والفصول والشروق والغروب والمناخ والمحاصيل واحدة 2 .
عندما يكون النصف الشمالي مائلاً نحو الشمس يكون في نصف الكرة الشمالي في فصل الصيف؛ نهار طويل وليل قصير 2 .
وعندما يكون نصف الكرة الشمالي مائلاً عكس اتجاه الشمس نكون في فصل الشتاء وهكذا 2 .
وميلان المحور متغير بين 21.5 – 24.5 درجة، وفي الوقت الحاضر درجة ميلان المحور تصل إلى 23.44 درجة، وكلما قل الميلان أصبحت الفروق بين الصيف والشتاء بسيطة و يصبح الصيف أقل حرارة والشتاء أقل برودة، عندها قد لا تذوب الثلوج في الشمال بسبب اعتدال الصيف ومن ثم تتراكم الثلوج في فصل الشتاء عام بعد عام وترتفع نسبة الألبيدوا وهي انعكاس أشعة الشمس بواسطة الثلوج مما يزيد في انخفاض درجة الحرارة ومن ثم تنمية التغذية الاسترجاعية الايجابية فتتعاظم الثلوج مؤذنة بعصر جليدي جديد والله أعلم. وعندما يبلغ الميلان 24.5 تكون الفروق بين الفصلين كبيرة ويصبح الصيف شديد الحرارة والشتاء شديد البرودة. علماً أن دورة تغير الميلان تقدر ب 41000 سنة.
الشكل يبين هيئة ميلان المحور نسبة إلى اتجاه مدارها نحو الشمس
وفي الختام أقول تبقى نظرية ميلانكوفتش Milankovitch theory فرضية نستأنس بها حتى إشعار آخر، فقد تأتي نظرية أخرى تؤيدها، أو تطورها، ولربما تنفيها ففوق كل ذي علم عليم. ولربما كانت أرض العرب مروجاً وأنهاراً بسبب تغير هندسي واحد للأرض أو أكثر أو بسبب تضافر أكثر من عامل وفرضية ... وستصبح أرض العرب بمشيئة الله تعالى مروجاً وأنهاراً كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، عبر بوابة الفرضيات الثلاث التي ذكرت في تلك السلسة، أو فرضيات أخرى سنذكرها، وقد يكون عبر سيناريوهات نجهلها {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} .

رجائي جنة ربي
رجائي جنة ربي
أشكرك على الجهد يالغآليه على قلبي كثير ويسعدني موضوعكِ وإهتمآمكِ بهذه الفرضيآت ،،
،،،
الحقيقه أن الأبحآث الحآليه لاتؤكد ولاتدعم أن كوكبنا مقبل على عصر جليدي آخر بل العكس تماماً كل الظوآهر والشوآهد والأبحآث المنآخيه تؤكد على غليآن الأرض وسخونة الغلاف الجوي وإرتفآع درجة الحراره ،، ويدعم ذلك الإحتبآس الحراري ظآهرة النينو والنينا وذوبآن الكتل والقمم الجليديه في القطب الجنوبي كل هذه العوامل إضآفةً إلى تشبع الغلاف الجوي بغآزآت ومخلفات الصنآعآت الكيميآئيه ونتواتج الإحتراق ومركبآت الكلور فلورو كربون كل هذه العوامل المذكوره الى جآنب الآثآر المبآشره وغير المبآشره والتجآرب النوويه التي تُقآم قرب القطب الجنوبي تعزز من إحتمآلية سخونة الأرض وإرتفآع درجة حرارتها ومما يثبت وجهة نظري ياعزيزتي ام يوسف الآتي :
1- قلة الأمطآر وأحتبآسها عن نصف الكره الجنوبي
2- إزديآد ظآهرة الجفآف
3- إزديآد ظآهرة التصحّر
هُنآك عآمل آخر إلى الآن لازالت درجة حرارة بآطن الشمس في اوجها وقمتها وذلك لان شمسنا لم تستهلك إلا كميه اقل من النصف بقليل من غ’ز الهيدروجين الموجود بباطنها
****
ارجو اني بأسلوبي المتواضع قدرت اوصل فكرتي لكِ غآليتي
دُمتِ بِخير

ام وليدويوسف
ام وليدويوسف
تظل هذه وتلك نظريات
وحسابات علماء
لكن رايك لا يفسد للود قضيه
نحن نتكلم عن موضوع عوده ارض العرب مروجا وانهارا
واللذي كما وصفه الباحث والدكتور عبد الله المسند
في فرضياته انه قد يكون في موسم واحد
واخيرا ما اوتيتم من العلم الا قليلا
نظل نجهل الكثير
والعلم بيد الله
اشكر لك مرورك يالغاليه

ملاك ضيعوها البشر
ملاك ضيعوها البشر
موضوع متعوب عليه مشكور على الفاده

دلوعة نجد2007
دلوعة نجد2007
موضوع ممتع سلمت يمناك

خطورة كشط بطاقه الشحن بالاظافر
الحلقه الثآنيه الهآبطون من السمآء