في ذاتِ يومٍ ماطر ...
في ذات يوم ماطر ، كانت حبَّات المطرتصطف بهندسةٍ إلهية بارعة ، لتشكِّل
خيوطا منهمرة من عيون السماء ، وكانت الريح تغيِّرُ مسار خيوط المطر
المستقيم ، ليصبح مائلا كخصلات شعر غجرية ساحر ، تهتُ في رماديَّةِ طرقاته ..
لم يكن يكفي أن أراقب المطر من وراء زجاج شفاف ، أو أسمع نقرات أنامله
المائية على درفتي نافذتي ، وكانت رغبة عارمة بأن يغسلني المطر كما
غسل أبنية المدينة و طرقاتها ، وأشجار الغابة ودروبها ، وزهور الحديقة
وصخورها ، فاكتستْ ببريق الطهارة والنضارة ....
توشَّحْتُ حماقة رغبتي ، وانتعلتُ صخور دربي ،و سرتُ ببطء والمطر
يجتاحني ، والريح تدفعني ، والبرق يضيء تارات طريقي ، لا بأس فالمطر صديقي ...
وكان لا بدَّ من مرسى ، فتوقفتُ عند مسكنها، ودعتني لفنجان قهوة ، ولا
أجمل من فنجان قهوة في ذات يوم ماطر !!
كان صوتها ناشزٌ يعكِّر لحن المطر ، وضحكتها الصارخة تضيِّع رهبةَ المطر ، وتساءلتُ لم هي رفيقتي !!
لأننا في نفس الكلية والقسم ؟ والقدر جمعنا بنتين وحيدتين ؟
ربما ...
قلَبَتْ فنجان قهوتها ، وقالت لي مازحة :- لمَ لا تقرأين لي فنجاني ؟!!
فابتسمتُ :- ومن قال لك أني قارئة فنجان ؟!!
ومن دون أن أسمع ردا ، حملتُ فنجانها بين أصابعي ، وتأملتُ فيه وأنا
الجاهلة بخطوطه ، ثم نظرتُ في عينيها ، كانت كتابا مفتوحا – على الأقل
بالنسبة لي - وهمستُ لها : " - إنَّكِ دائمة القلق ، يا "سهام" وشيء ما يقلقك باستمرار ..
هناك شخص تهتمين لأمره لكنه يدير ظهره لك ولا يهتم ..
هناك من جرحك ذات يوم ، وأنت لا تستطيعين النسيان .. "
ورفعتُ نظري من فنجانها ، لأرى عينييها محملقتين في عيوني ، ثم ضحكتْ
ضحكتها الصارخة الناشزة تلك وأقسمتْ باستغراب أنَّ كلَّ ما قلتُه لها صحيح
..وأني أفضل من قرأ لها فنجانا ذات يوم ...
ابتسمتُ وأنا الجاهلةُ بخطوط وقراءةالفنجان ، بل ولا أؤمن بهذه الترهات ...
لكن في تلك اللحظة وأنا أنظر لعينيها وردة فعلها ، عرفتُ لم كنت أرافقها !!
لأنها طيبة القلب ، لا تنافق ولا تعرف كيف تنافق ...
تركتُها مع خطوط فنجاها ، وعدتُ لغرفتي ، تبلَّلني قطرات المطر الذي بدأ يصبح طلّا هادئ الرتم والنغم ...
عدتُ أتأمل فنجاني ، ولم أعرف أن أكون ماهرة في فك شيفرة خطوطه كما فعلت مع " سهام " ..
هل ذاتنا دائما بحرٌ حالك السواد ؟!ويتطلب الأمر غواصا ماهرا لنكتشف مكنونات أنفسنا ؟!
أم أنَّها صفحةٌ بيضاء ، وضباب إنسانيتنا الخرقاء يحجبها ؟!
مهلا، لقد عرفتُ الجواب في ذاتِ يوم ٍماطر ، ولا أدري عنكم بعد !!!
بقلم أختكم : مؤيدة بنصر الله
هل ذاتنا دائما بحرٌ حالك السواد ؟!ويتطلب الأمر غواصا ماهرا لنكتشف مكنونات أنفسنا ؟!
أم أنَّها صفحةٌ بيضاء ، وضباب إنسانيتنا الخرقاء يحجبها ؟! اعتقد ان كل انسان في قرارة نفسه يعلم تماما عيوبه و مميزاته و رغباته لكن هناك من يعترف بها و لو على الأقل لنفسه و هناك من يخفيها حتى عن نفسه ! بالنسبة لي دائما كنت جلاد .. أقيم نفسي و اقسو عليها لأبعد درجة **** كانت رحلة رائعة ربما فتحنا النقاش حولها الليلة .. لكن لم ينتهي بعد دام سكب قلمك غاليتي