قصة زوجة قاسية

1. كانت زيارتي لمأوى العجزة ..مصادفة ..


2. قلت له ذلك وكأنني افتح معه تحقيقا صحفيا ..قال :


3. كان هذا الملجأ ما اقترحته زوجة المهندس على زوجها فيما يتعلق بوالده..


4. وبكلى الرجل ..حتى علا نشيجه..

كانت زيارتي لمأوى العجزة ..مصادفة ..

فقد كنت توّاقه لأن أشاهد هؤلاء الناس لعلني استشف من خلالهم أشياء تنقلني الى عالم قد يكون غريبا طيبا غير هذا العالم الذي يمور بالمتناقضات العجيبة ..وفي احدى الردهات استوقفني رجل عاجز مسن كان ينظر نحوي عندما مررت به بعينين دامعتين في عمقهما شئ أدهشني للوهلة التي أنا فيها ..سلمت عليه ,فرد التحية بأعذب منها , ولكن ما سرعان طلب مني الجلوس إلى جانبه على المقعد الطويل في الردهة ..ففعلت .قال :

• كم أرغب بالتحدث إلى إنسان يجلس معي ..
• سمعا وطاعة ياعم , أفصح لي عن مكنون صدرك ..

قلت له ذلك وكأنني افتح معه تحقيقا صحفيا ..قال :

• هل لك اسرة أم لا ؟ "وأغرقت عيناه بالدموع.." وتابع :
• قال :لي ولدان ولكني لا أراهما ...

للرجل ولدان :أحدهما طبيب والثاني مهندس ..الأول ترك البلد ليذهب الى الخارج ليعمل في بلاد اجنبية وليتزوج فيها أمرأة تركته بعد مدة من زواجهما أخذت طفلتها التي انجبتها منه دون عودة ..وأما الثاني فانه متزوج في البلد بامرأة أنانية سليطة اللسان رعناء..لم تقبل بخدمة الأب الذي أمسى عاجزا من شلل أصابه نتيجة كارثة حلت به ,إذ فقد ماله كما فقد ابنه الطبيب بعد ان تركته زوجته مع ابنتها منه , تلك الطفلة التي كان يحبها حبا جما أثر فيه حتى أصابته علة فمات على أثرها في بلاد أجنبية ..ولما لم تقبل زوجة ابنه الثاني أن تعوله وتخدمه في بيتها ,اثر المجئ الى هذه الدار - دار العجزة- لعله يستريح وينسى..

كان هذا الملجأ ما اقترحته زوجة المهندس على زوجها فيما يتعلق بوالده..

• كان المهندس من اولئك الذين يرضخون للزوجة رضوخا تاما ,مهزوز الشخصية ضعيفها ..فقلت :
• مادمت هنا ..وقد ارتاحت منك كنتك ..الا يزورك ولدك المهندس هذا ..؟
• قليلاَ..!
• وكنتك..؟!
• هي ...لا...إذ كيف لها ان تزورني وهي التي كانت صاحبة الاقتراح ؟!وأردف:
• كانت قد قبلتني في منزلها بادئ ذي بدء ..وكنت أرعى اولادها بالرغم من عجزي عندما كانت تغادر البيت لأمر تقضيه خارجه ..ولكنها كانت من جانب اخر تفتري علىّ وتلفق الحوادث بأني أشتمها وأشتم أهلها في غياب ولدي , زوجها...

كثيرا ما سمعتها تكلم ولدي في غرفة ثانية معه تقول له سأترك البت وأرحل..
وكانت الطامة الكبرى حين أخبرني ولدي ان زوجته ستترك المنزل بسببي ..فما كان مني إلا ان أجبته الى ما يرغب , ونفذت رحيلي عن البيت أوياَ الى هذا المأوى ..إذ كانت زوجة ابني خارج البت وقتها..

وبكلى الرجل ..حتى علا نشيجه..

ومرت أشهر ليست بالعديدة ..وكنت أجتاز الشارع الذي تقع فيه دار العجزة , فرغبت ان اعرج عليها لعلني اشاهد أو ازور ذلك الرجل العجوز المسكين , وفرحت إذ علمت ان ابنه أخرجه منها بعد ان ترك زوجته القاسية الى غير رجعة ..
لقد رق قلبه وخشى ربه لما سمع من المذياع :((وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر ..............إلخ ))
وغادرت ذلك المأوى وأنا أجهش بالبكاء .
اتمنى اني ما أطلت عليكم ..وأتمنى تحوز على أعجابكم هذه القصه التي فيها عظة وموعظة .