- لأنني لست سوى فتاة !
- اخي الكريم ..
- عابر سبيل
- كيف حالك ؟ اتمنى ان تكون بأطيب حال .
- انا حالي ولله الحمد بخير .
- فارجو منك يا اخي ان تتقبل دعوتي لك وطلبي هذا .
- اخيك : محمد
- لقد تقبلت دعوتك لي لحظور زفافك .
- عابر سبيل
- هل تعرف لماذا ؟ لان عابر السبيل الذي تعرفه ليس سوى فتاة ............
لأنني لست سوى فتاة !
وكعادتها نجود تقف في الخارج منتظرة الحافلة كي تأتي وتقلها لكليتها، وكان اثناه خروج نجود في الصباح الباكر كانت دائما ترى محمد ابن جارها يركب السيارة متجها لوجهته الى عمله .
لقد تأثرت مشاعر نجود اتجاه محمد الذي تراه لسنين وسنين ولكنها كانت تعلم ماهو عليه محمد من صفات فقد كان بعيد كل البعد عن الاهتمام بشؤونه فقد كان اغلب وقته خارج البيت، وعندما يحين وقت الاذان تراه يركب سيارته مسرعا متجاهلا ذاك الصوت المنادي للصلاة ، وان رأيته يوما ذاهب للمسجد فعلم انه مجبور من ذويه لا اكثر ، وكان محمد مشهور في حيه بصوته العذب الذي يطرب الجميع بسماعه عندما يبدأ بالطرق على ألة العود ، وكان المعروف دائما ان يوم الاربعاء او الخميس اجتماع جميع الاصحاب في ليلة سمر وغناء وطرب الذي يترأسها محمد ويزيد من طربها بصوته العذب .
كانت نجود عندما ترى محمد تراه وقلبها يبكي ألما على ماهو عليه ، ولكنها مابيدها حيله كي توقض ضمير محمد ، لان قلبها تعلق بقلب َضميره مازال نائما ، وبعد سنة علمت نجود ان اخيها بحوزته البريد الالكتروني لمحمد ، وبعد حصولها لايميل محمد بعد عدة محاولات بدأت بارسال رسائل الى محمد وكانت اول رسالة ارسلتها نجود لمحمد كان عبارة عن كلمات بسيطة ولكنها كبيره بمعناها فكانت كالأتي :
من بعد القلوب والمشاعر تجاهلت … ومن بعد الضمائر كم بكت
ابعد الشوارع والطرب مربوح قد ربحت …اخية قم كفاك كسل
وكفاك على العود تطرب ذاك السمع …والاقران ترقص على ذاك النغم
اخيه قف كفاك مشي ... فالاقدام ان تكلمت لشتكت
والعين من بعد سهرة قد ارهقها السهر ... وكأنها تصرخ تنادي رحمة بي
وكم عند سماعك تكبيرة قد هربت … بعيدا وكانك لم تحس
ابعد الشوارع والطرب مربوح قد ربحت ؟
وختمت الرسالة باسم مستعار وهو (( عابر سبيل )) لم تشأ نجود ان تشهر بنفسها انها فتاة فقد فظلت ان تكون شاب كي تتقرب منه اكثر لمساعدته …
وعندما استلم محمد تلك الرسالة جالة في خاطره فضول لمعرفة من هو عابر السبيل فارسلة اليه رسالة كاتبا بها :
السلام عليكم
(( الى عابر السبيل اشكرك على كلماتك هذه ولكني احب ان اتعرف عليك اكثر ان لم يكن لديك مانع ، سوف اضيفك عندي في المسنجر وسوف اتواجد يوم الخميس في الساعة التاسعة مساءا ))
فنتظرت نجود ذاك اليوم وهاهو اليوم قد اتى وبالفعل لقد رات محمد على المسنجر فبدأت المحادثة كالتالي :
محمد : السلام عليكم
نجود : وعليكم السلام
محمد : اخي هل لي بسؤال ؟
نجود : تفضل اسال ؟
محمد : من تكون انت وماهو اسمك ؟
نجود : انا لست سوى عابر سبيل لا اكثر .
محمد : ماذا تريد مني ؟
نجود : لا اريد الا كل الخير لك .
محمد : انا لست بحاجة اليك يا اخي .
نجود : ضميرك النائم يظن هذا ولكن ليس قلبك .
محمد : ماذا تريد مني ،وما الذي تعرف عني ؟
نجود : ان الله يعلم من تكون انت وماعليه وانا اعرفك ولكنك لا تعرفني .
محمد : من تكون بالله عليك اخبرني ؟
نجود : لقد قلت لك اني لست سوى عابر سبيل .
محمد: اخي انا سوف اخرج الان استأذنك .
نجود : سوف تظل تمشي وتمشي وعيناك مغمضتان لاترى الا هذا الطريق .
محمد(( وكأنه يتهرب للدخول في هذا الحديث مسرعا في انهاء تلك المحادثة)) : مع السلامة .
وسرعانة مااغلق المحادثة ، ولكن نجود مازال بداخلها امل في احياء ذاك الضمير واستمرت في ارسال الرسائل ، وفي احد الايام رأت محمد متواجد على المسنجر فبدأت هي بالسلام .
نجود : السلام عليكم .
محمد : وعليكم السلام .
نجود : كيف حالك يا اخي
محمد : بخير .
نجود : هل لي بسؤال ؟
محمد : تقضل.
نجود : هل انت سعيد بحياتك ؟
محمد (( ولفترة بسيطة من التفكير )) : نعم ولماذا تسأل ؟
نجود : هل انت متأكد يا اخي ؟
محمد (( وكأن الشكوك بدأت تراوده على نفسه ، فبدأ بالتفكير اهو فعلا سعيدا بكل شيء )) : مالذي ترميه بسؤالك هذا ؟
نجود : اني اعرفك يا محمد واعرف ما انت عليه وكيف هي حياتك .
محمد (( في دهشة )) : وكيف عرفت اسمي .
نجود : لقد قلت لك اني اعرفك ولكنك لا تعرفني .
محمد : والله لقد جعلتني في حيرة فعلا .
نجود : والله اني كل ما اريده منك هو الخير يا محمد ، واني اريد مساعدتك لا اكثر .
محمد : ولكني لست بحاجة لمساعدة احد .
نجود : انك تظن هذا يا اخي وان هواك هو الذي يملي عليك وانما انت شخص اخر عن هذا وبداخلك شيء من النور تركن في ذاك الظلام الذي انوجد .
محمد : اني استأذنك يا اخي الى اللقاء .
فقررت نجود بإرسال كتيبات واشرطة على باب بيت محمد بعد فترة واخرى ولكنه تجاهلها كلها ، ولكنها في المرة الاخيرة ارفقت شريط بداخله رسالة وكان شريط بعنوان ( السعادة الحقيقية ) والرسالة كتبت عليها :
اخي الكريم ..
اني قطعت تلك الخطوات الى باب بيتك طالبا بها خيرا لك يا اخي ، واني رأيتك مرارا انك تتجاهل كل هذا ولكني اليوم كل ماارجوه منك ان تستمع لهذا الشريط هذا كل ماارجوه منك يا اخي فأرجوا منك هذا، وتأكد اني والله ما اريده لك الا الخير ، اني متحسر فعلا على حالك ألم تفكر يوما ما اذا كان هذا اليوم هو موتك ،وتذكر المقولة التي تقول : من عاشَ على شيء ماتَ عليه ومن ماتَ على شيء بعث عليه يوم القيامة .
تخيل فقط وانت جالس بمجلسك حولك الاصدقاء وانت بالعود تزيد من المجلس طربا ، تخيل في تلك اللحظة تقع ولا تقوم فتعلم عندها انك مت ، تخيل ما هو الشيء الذي مت عليه ، لقد مت يا اخي وانت حامل بيدك ذاك العود ، ام تخيل انك مت وانت كنت هاربا متجاهلا صوت الامام ، تخيل معي يا اخي ماهو حالك عندها، ألن تتحسر كثيرا على حياتك كيف اضعتها .
اني اخاك في الاسلام واني احبك لوجه الله يا اخي ومن حبي لك افعل كل هذا لانتشلك من ذاك المستنقع الذي تحيا به ، واني برسالتي هذه يا اخي لا اطلب المستحيل ولكني اطلب دقيقة من وقتك تقف معها بصدق .
عابر سبيل
فنظر الى الرسالة وصار يلتفت هنا وهناك لعله يرى عابر السبيل ، واحس كأن تلك الكلمات ايقظت شيئا ما بداخله ، فأخذ الشريط معه للاستماع اليه فلربما كانت فائدة عليه وهو لا يعلم ، فاخذ يستمع الى الشريط داخل سيارته وهو يجول ارجاء المدينة ، وفجأ توقف عند سماعه لذاك السؤال في الشريط (( هل وصلت يا اخي المستمع الى السعادة التي تبحث عنها فعلا ؟؟؟ )) فأثار في نفسه فضول فأصبح يسأل نفسه مرارا ومرارا ، هل فعلا وصلت لتلك السعادة التي اريدها ؟
لقد تأثر محمد بذاك الشريط وتلك الكلمات القوية على نفسه ،فجتمع الاصدقاء كالعادة في بيت محمد وجلس محمد معهم ، ولكن سرعان ما لاحظوا الاصدقاء حال محمد وشرود فكره فتقدم احدهم بالسؤال : ماذا بك يا محمد مالذي يشغل فكرك عنا اليوم ؟
محمد : لا شيء .
احد من اصدقاءه : ألن تطرب لنا اليوم ؟
محمد : لا والله اني لاول مرة بدأت اكره حالنا هذا .
أثارة كلام محمد دهشة الجميع مما جعلهم ينصرفون من مجلسه .
واصبح بعد ذاك اليوم ينتظر طويلا على شاشة الكمبيوتر منتظرا لعابر السبيل وهاهي المحادثة بدأت :
نجود : السلام عليكم .
محمد : وعليكم السلام .
نجود : كيف حالك ؟
محمد : الحمد لله ، اخي اريد ان اشكرك على تلك الكتيبات وذاك الشريط اني والله سمعته من اوله لاخره وقد تأثرت به فعلا .
نجود : محمد اني سوف اظل معك اذا كنت فعلا تريد ان تغير من نفسك فأنا في اتم الاستعداد في مساعدتك ، فهل انت راضي بحالك ؟
محمد : والله يا اخي من بعد ذاك الشريط عرفت اني بالفعل لم اصل لتلك السعادة التي اريدها ، واني بالفعل اصبحت غير راضي بحالي هذا ، واني قررت التوبة الخالصة لوجه الله ، واني احتاج لمساعدتك و وقوفك بجانبي .
نجود : اني سوف اظل بجانبك حتى تنتهي مدتها .
محمد : ماذا تعني بكلامك هذا ؟
نجود : لا عليك يا اخي سوف تعلم في وقتها لييس الان ، محمد اني أستأذنك يا اخي لاصلي ولا تنسى ان تصلي ايضا .
محمد : الله معك يا اخي سوف اذهب للصلاة ، الى اللقاء .
نجود : الى اللقاء .
لم تنتهي القصة عند توبة محمد فقط ،بل اصبح لكل منهم قصة اخرى .
لقد تعلقت نجود بمحمد بعد توبته وبقيت بجانب محمد عند الحاجة لشيء والوقوف بجانبه ، اما محمد فقد احب فتاة من قبل وقرر خطبتها بعد ان تاب توبه خالصة لوجه الله ، فتقدم لخطبتها وتقرر موعد الزفاف .
وعندما تأكدت نجود انها اكملت مشوارها مع محمد وعند علمها انه لم يعد يحتاج الى شيء قررت ارسال رسالة إليه كاتبة فيها :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الى اخي محمد
كيف حالك ؟ اتمنى ان تكون بأطيب حال .
اخي هل تتذكر عندما قلت لك اني سوف اظل بجانبك حتى تنتهي مدتها ، هل تتذكر عندما سألتني ماذا اعني بكلامي هذا ؟ سوف اوضح لك اليوم بعد ان حان الوقت .
اني يا اخي لست سوى عابر سبيل اَحبك في الله وكان هدفي للتقرب منك هو تغيير مسار حياتك الذي كنت تحيا فيه ، وبفضل الله لقد تغيرت حياتك من الظلام الى النور وها انت اليوم ولله الحمد تبدل الحال عندك ، وانت اليوم لست بحاجة الي بعد ان تحقق الهدف الذي أتيت من اجله وبعد انتهاء مشواري ، سوف ادعو الله ان يثبت قلبك على الايمان وان يثبت توبتك .
مع اطيب الامنيات : عابر سبيل
فأرسل محمد رسالة الى عابر السبيل كاتب فيها :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الى اخي في الاسلام
انا حالي ولله الحمد بخير .
بصراحة لقد تفاجأت برسالتك هذه يا اخي فلم اتوقع انك ستبتعد يوما بالرغم هذه السنتين الا انني لم اشعر انها مضت بسرعة .
اخي عابر السبيل اني ولاول مرة اطلب منك امرا وهو لماذا لا نتعرف على بعض شخصيا اراك وتراني اكلمك على الهاتف وتكلمني فأنا والله متشوق لمعرفتك عن قرب ، اعلم انك لا تمتلك هذا الشعور لانك تعرفني وتراني ولكني لا اعرف حتى اسمك يا اخي فاتمنى منك ان تأتي في يوم زفافي الاربعاء القادم في قاعة الافراح ولا اتنسى ان تعرفني على نفسك فاني والله متشوق للقائك ولانه شرف لي ان تكون بجانبي في يوم فرحي وزفافي لاني لن ولن انسى فضلك علي طالما حييت .
فارجو منك يا اخي ان تتقبل دعوتي لك وطلبي هذا .
اخيك : محمد
لقد اختلط فرح نجود بحزنها في تلك اللحظة ، ولكنها كانت تعلم من بداية مشوارها ان حبها لمحمد ليس سوى حب من طرف واحد لا اكثر ، هاهو الشخص الذي احبته وساعدته لانتشاله من تلك الحياة سيتزوج ، رغم ألم نجود الا ان فرحها كان اكبر واكبر لانه حظية بالفتاة التي طالما ارادها ، فتذكرت انها ليست سوى عابر سبيل كان بحياة محمد التي عبرت مرور الكرام .
فأرسلت إليه نجود عبارة كتبت فيها :لقد تقبلت دعوتك لي لحظور زفافك .
عابر سبيل
وها هو يوم الاربعاء قد وهاهي نجود تلبست هي وعائلتها لحظور زفاف ابن جارهما وهاهي اللحظات والساعات تمر ومحمد بين الحاظرين يلتفت يمينا ويسارا ، وكلما اتى شخص وتقدم اليه ظن انه عابر السبيل وواحد تلوة الاخر حتى بدأت الساعات تمر وتمر ومحمد على امل ان يدخل عابر السبيل في اخر لحظة ويسلم عليه ولكن لا جدوى على فقد الامل بحظورة وحزن ، وهاهو محمد يدخل لعروسته ونظرات نجود لا تفارقه حتى انتهت مراسيم الزفاف .
وبعد مرور ايام على زواج محمد ، ارسل محمد رسالة لعابر السبيل كاتب بها :
لقد وعدتني انك سوف تحظر زفافي ولا كنك لم تأتي وتشاركني فرحتي لقد انتظرتك من بين الحظور جميعا حتى اصبحت انظر في وجه كل من اتى وسلم علي ظنا مني انه انت ولكن مرت الساعات والساعات حتى انتهى زفافي ولم أرك ، واليوم اثرت في نفسي الشكوك يا اخي لماذا لا تريدني ان اعرفك واتعرف عليك بالله عليك من تكون ؟
استقبلت نجود تلك الرسالة وبدأت بقرائتها حتى ادمعت عيناها فقررت ان تكشف عن هويتها الحقيقة لانهاء كل شيء فارسلت اليه رسالة :
اخي محمد
اليوم سوف اكشف لك عن هويتي الحقيقية سوف اقول لك من اكون ، اني وفيت بوعدي ان احظر زفافك وبالفعل لقد حظرت يا محمد ولكنك لم تراني ولن تراني .
هل تعرف لماذا ؟ لان عابر السبيل الذي تعرفه ليس سوى فتاة ............
نعم يا اخي لا تتفاجأ فانا لست سوى فتاة احبتك في الله ، فكنت اتألم عندما ارى حياتك كيف تعيشها ولاني لم اشأ ان تكون نهايتك هكذا .
فقررت ان اتقرب منك واساعدك على اني شاب لعلمي انك لن تتقبل اي نصيحة عند معرفتك بانني فتاة يا اخي فقررت ان اختبأ وراء اسمي المستعار لمساعدتك ، والحمد الله لقد تقبل الله دعوتي لهدايتك وتوبتك وكانت هذه فرحتي العظمى التي احسست بها في حياتي ، لقد عبرت على حياتك مرور الكرام ومثل ما أتيت سوف ارحل يا أخي لاني لست سوى فتاة .
لقد تفاجأ محمد بتلك الحقيقة التي لم يتوقعها يوما ، ولكنه دعى الله ان يبارك لها حياتها وان يرزقها بابن الحلال الذي يسعدها في حياتها .
منقو ل
:5c9d3a8ce