- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
- فتأملي في هذا المثال الذي قد يقع من نفسك موقعًا عظيمًا:
السلام عليكم ورحة الله وباركاته
كيفكم بنات ان شاء الله بخير
رااح ادخل في الموضوع على طول ....
انا لاحظت بعض اخواتي عندما تكون متحمسه للعباده يصيبها بعض الفتور في اداء العباداات
وانا بصراحه من ضمن اخواتي ووجدت موضوع شد انتباهي و حبيت انقل لكم هذا الكلام الجميل رد الشيخ على هذه الفتاة عندما سألت الشيخ نفس السؤال
وجزاهم الله كل خير
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة والحمد لله محجبة وأقيم الفرائض التي فرضت علينا وأقرأ القرآن، أسبح، أصلي أثناء الليل، أتابع البرامج الدينية ولكن فجأة وجدت نفسي تائهة، ضائعة، لا أعرف ماذا أفعل؟!
أحس أني لا أقدر أن أفعل شيئا، تغيرت كامل أفعالي، أصبحت أصلي فقط وحتى صلاتي ليست مثل العادة، لا أحس بالنشوة والخشوع والراحة مثل العادة...حتى صلاة الفجر وأذكار الصباح والمساء انقطعت عنها، كل يوم أعزم أن أصلي وأسبح وأرجع مثل العادة ولكن دون جدوى.
من فضلكم ساعدوني لقد تعبت... ساعدوني لكي أرجع مثل ما كنت عليه. كان أهلي ينعتوني بالفتاة الصالحة والعابدة.
أريد أن أشعر بحلاوة الصلاة.
أريد أن أحس بدفء الصلاة ونور صلاة الفجر.
يا رب أعني فأنا فتاة ضعيفة.. يا رب أعني أن أرجع إلى نور الإيمان.
من فضلكم دلوني على الطريق فأنا لا أقدر أن أنام.
والسلام عليكم، وجزاكم الله كل خير.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فرح - حفظها الله -.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فتأملي في هذا المثال الذي قد يقع من نفسك موقعًا عظيمًا:
تمر على الإنسان أوقاتٌ يجد فيها نفسه قريبًا من ربه، يجد نفسه آنسًا بذكر الله - عز وجل - حريصًا على طاعة الرحمن فرحًا بما آتاه الله - جل وعلا - من الإيمان والدين واتباع سنة هذا النبي الأمين - صلوات الله وسلامه عليه فتجدينه فرحًا بهذا الدين فرحة الغائب إذا قدم على أهله، بل أعظم من ذلك وأجل، وفوق ذلك أنه يكون حريصًا على طاعة الرحمن، حريصًا على اكتساب الخيرات، هذا عدا حرصه على تجنب المحرمات والتزامه بحدود الله - عز وجل - من غض البصر عن المحرمات والتزامه بمراعاة حدود الله - عز وجل -، فمثلاً هذه فتاة مؤمنة صالحة ملتزمة بحجاب ربها الذي فرضه عليها غاضة بصرها عن الحرام عافة نفسها عن ارتكاب الفواحش واللهث وراء المحرمات عدا تقربها إلى الله - جل وعلا - وعدا الصدقات وعدا ما يناله من حظ من صيام وصلاة وتعبد لله - جل وعلا -، ثم بعد ذلك إذا بالنفس تخبو فيها هذه الجذوة فيشعر المؤمن أن نفسه قد بدأت تشعر بشيء من الملل وتشعر كذلك بشيء من السآمة ثم بعد ذلك إذا بهذه العبادات تقل وإذا بهذه النوافل التي كان يحرص عليها المؤمن تضعف وربما تترك وتنسى، فيصبح في هذه الحالة شاعرًا بالتيه وشاعرًا بالضياع ويقول: ماذا دهاني ما الذي جرى لي لماذا يعرض لي هذا الأمر؟ فيحزن حزنًا شديدًا ويصبح يلتفت يمنة ويسرة ليسأل عن السبب الذي أدى إلى أن يصل به الأمر إلى هذا الحال.
فهذا المثال هو عين ما وقع لك.. إنك فتاة حريصة على طاعة الرحمن قائمة بواجباتك الشرعية؛ قد كنت محصلة طرفًا من النوافل تتقربين بها إلى الله - جل وعلا - فكنت تجدين أمامك قول الله - تعالى -: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}، فتجدين الأنس بذكر الله؛ وكما قال - جل وعلا - في الحديث القدسي: (أنا عند حسن ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ هم خير منهم، وإن تقرب إليَّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إليَّ ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة). والحديث مخرج في الصحيح.
فهذا الشعور الذي نابك هو شعور يحمل عليه عدة أمور وله أسباب عديدة، فهنالك أسباب ظاهرة وهنالك أسباب باطنة، فالأسباب الظاهرة كحصول بعض الأزمات للإنسان بالنسبة للفتاة من أعظم ما يشق عليها أن يتأخر زواجها لاسيما وهي تحرص على العفة وتحرص على أن تكون بعيدة عن المحرمات ملتزمة بشرع الله - جل وعلا -، وقد يعرض للإنسان بعض المشاكل الأسرية أو بعض المشاكل في العمل فيجد مشقة ويجد من نفسه صعوبة في الصبر، فلربما حصل له شيء من الخوف ومن الجزع الذي ينوب الإنسان بطبعه فيحصل له شيء من الفتور في العبادة. ومن ذلك أيضًا وهو السبب الأعظم والأغلب أن يشعر الإنسان أحيانًا بشيء من الفترة في عباداته دون أن يفهم السبب الذي حمله على ذلك، وهذا قد بيَّنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فبيَّن أن لكل عامل ولكل عابد يعبد الله - جل وعلا - زمنا للإقبال على الله وحرص على طاعته، وهذا الزمن هو الذي يسمى (زمن الشِّرَّة) أي النشاط الذي يكون للعبد في طاعة الرحمن على الوصف الذي أشرنا ثم تمر عليه لحظات فيجد فتورًا في ذلك ويجد قلة في العبادة وربما صارع نفسه مصارعة ومغالبة لأن يؤدي الفرائض، وهذا الوقت يسمى ب (الفترة) أي قلة النشاط في العبادة، فهذا يعرض للمؤمن، فماذا ينبغي أن يفعل؟ هذا هو الذي نطق به النبي - صلى الله عليه وسلم - فإليك الحديث العظيم الجليل في هذا؛ فقد أخرج الإمام الترمذي في السنن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إن لكل عمل شرَّة ولكل شِرَّة فترة، فمن كانت شِرَّته إلى سنتي فقد أفلح ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك) والحديث خرجه الإمام أحمد في المسند بسياق أطول من هذا.
فهذا الحديث هو خير جواب شرح حالك وشرح حل كل مؤمن يتعرض لما تعرضت إليه، فبيَّن - صلوات الله وسلامه عليه أن لكل عامل شِرَّة أي وقت نشاط ينشط فيه للعبادة فيكون حريصًا عليها مقبلاً على ربه قائمًا بالفرائض والنوافل، فخير ما يقوم به في هذه الحال هو أن يقبل على النوافل متبعًا سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - غير متجاوزٍ إياها، ولذلك قال: (فمن كانت شِرَّته إلى سنتي فقد أفلح) أي من كان نشاطه في العبادة وإقباله على الله موافقًا لسنتي فقد أفلح. ثم قال: (ولكل شِرَّة فترة) أي لكل عامل يعمل بطاعة الرحمن لابد له أن تأتيه أوقات يشعر بالهبوط في الهمة في العبادة وعدم الإقبال الأول الذي كان عليه، فماذا قال فيه - صلوات الله وسلامه عليه -؟ (ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك) أي أنه ينبغي في حال شعوره بعدم النشاط للعبادة أن يلزم نفسه بالفرائض وألا يخالف سنته في ذلك - صلوات الله وسلامه عليه وإن كان قد قلَّ في نوافله فهذا لا يضره ولكن فليأخذ بالفرائض. وهذا المعنى شرحه أتم الشرح أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فاستمسكي بما قاله - رضي الله عنه - وتدبريه بقلبك وعينيك فقال: (إن لهذه القلوب إقبالاً وإدباراً، فإذا أقبلت فخذوها بالنوافل، وإذا أدبرت فألزموها بالفرائض) فهذا هو جوابك، وهو أن تأخذي نفسك بالفرائض وأن تخففي عن نفسك النوافل، فلا ينبغي أن تلزمي نفسك بها وهي ثقيلة عليك، بل عليك أن تلتزمي فرائض الله لاسيما صلاة الفجر كما أشرت وأن تبذلي وسعك في ذلك، فإن غفلت عيناك عن الصلاة بغير قصد منك وقد أخذت أهبتك بالاستعداد للنهوض للصلاة فلا حرج عليك، فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ليس في النوم تفريط)، وطالما أنك أعددت نفسك للاستيقاظ وجهزت منبهك لأجل ذلك فلا حرج عليك في ذلك، هذا مع مراعاة عدم السهر الطويل حتى لا تفوتك الصلاة.
وألزمي نفسك بالفرائض في هذا الوقت وخففي على نفسك وخذي بالأمور المباحة الجائزة التي تسر خاطرك كالنزهة البريئة مع أهلك وكتناول الطيبات باقتصاد واعتدال التي تسر نفسك وكتجميل غرفتك والعناية بها وتزيينها بالورود والأمور المبهجة، فخذي نفسك شيئًا فشيئًا حتى يعود إليك نشاطك وتجدين إقبالاً من جديد على النوافل، فهذا الوقت يكسل فيه الإنسان عن النوافل قد يكون في الحقيقة نافعًا له غاية النفع لأنه يُقبل على الله ويتضرع إليه أن يرده على ما كان عليه من الخير والفضل ويجد نفسه منكسرًا لرحمة الله ويطرد من نفسه آفة العجب بالعمل وآفة الغرور، فهذا فيه من المصالح العظيمة ما لا يحصى عددًا، ولذلك فإن هذا الأمر قد يقع ليس فقط لعباد الله الصالحين بل يقع للصديقين أيضًا، وإذا عرف الإنسان كيف يتعامل مع هذا الشأن فإنه حينئذ يسلم بحمد الله - عز وجل - ويناله الخير والفضل بل ويرجع أحسن حالاً من ذي قبل، فألزمي نفسك الآن بالفرائض وخففي على نفسك وعليك بالتضرع إلى الله - جل وعلا - ولزوم صحبة الصالحات وسؤال الله الفرج وكذلك سؤال الحاجة التي تسألين الله - جل وعلا - فيها أن يفرج عنك في دنياك وفي آخرتك، فهذا هو طريقك وهذا هو سبيلك، ولا تجزعي ولا تخافي، فإنما هي فترة وتزول بإذن الله كما نبه على ذلك صلوات الله وسلامه عليه وكما سُقنا لك من الآثار المبينة لهذا المعنى، والله يتولاك برحمته ويرعاك بكرمه، ونسأل الله - عز وجل - أن يؤتيك إيمانًا يباشر قلبك لا يرتد ويقينًا لا ينفد ومرافقة محمدٍ صلوات الله وسلامه عليه في أعلى جنة الخلد، والله يتولاك برحمته ويرعاك بكرمه.
وبالله التوفيق
يارب الكل يستفيد
لاتنسوني من دعوااتكم اخواتي