- شروط متعسفة
- الوقوع ضحية المشعوذين
- الشباب يحتجون بالبطالة
- عوامل متشابكة
- مؤسسات للتوفيق
- موقف إداري صارم
- آليات شرعية للتعرف على الفتاة وإحياء خطبة الوالد لابنته
- للبطالة دور
- آليات التعرف منعدمة
- العبرة في الأسباب
- محددات تغيرت
- إحياء خطبة الوالد.
- عن "الوطن"
جدة، الرياض، الطائف - العنوسة هي الشبح المخيف الذي يلاحق كثيرا من الفتيات السعوديات، حيث كشفت إحصائية عن وجود نحو 2 مليون عانس بالمملكة، وأكد بعض الاختصاصيين أنه رقم كبير ومخيف، وينذر بكارثة اجتماعية إن لم توجد الحلول الجذرية لهذه الظاهرة.
بعض الفتيات يرين أن العنوسة ليست مشكلة حقيقية، فبعض الفتيات اخترنها بأنفسهن، والبعض الآخر فضلن النجاح في مجال الحياة على الزواج، كما احتج بعض الشباب بالبطالة التي جعلتهم يعزفون عن الزواج، مؤكدين أن تكوين الأسرة لا يمكن أن يتحقق ما لم تتحقق الوظيفة، بينما أكد بعض المختصين في علم الاجتماع أن مشكلة العنوسة لها أسباب متعددة وهي تختلف من مجتمع لآخر، وأجمعت الآراء على أهمية دراسة هذه الظاهرة، للوقوف على أسبابها وإيجاد الحلول لها.
تقول فوزية الطيار (معلمة ثانوي بتعليم الطائف) "كلمة العنوسة لا تسبب لي إشكالا، لأنني أنظر لهذا الأمر من منظار القضاء والقدر، وطالما أنني استطعت أن أكون ناجحة في ذاتي وأسرتي ومجال عملي، فلا أعتقد أني بحاجة للزواج، فليس شرطا أن يقترن النجاح بالزواج، فالكثير من الفتيات السعوديات المبدعات حققن إنجازات عظيمة وهن غير متزوجات، وقد يكون الزواج عائقا أمام تحقيق العديد من الطموحات".
أما بسمة الثقفي (طالبة بجامعة الطائف) فلا تخشى العنوسة وتقول إن لها مواصفات محددة في زوج المستقبل، ومنها أن يكون على خلق ودين، وأن يكون بينهما توافق وتكافؤ اجتماعي، واحترامه للمرأة حق الاحترام، وأشارت إلى أن التأخر عن الزواج قد يكون برغبة الفتاة، أو لظرف خارج عن إرادتها، وقد يدفع وصف "عانس" بالفتاة إلى القبول مرغمة بمن لا يمثل أحلامها من أجل أن تخرس الألسنة فقط، لتدخل قائمة المتزوجات ولو على حساب نفسها.
وأكدت سارة محمد (موظفة بتعليم الطائف) أنها تفضل العنوسة لأسباب منها أن المرأة السعودية تقع دائما تحت ظل الرجل من الناحية المادية أو الوظيفية، وأغلب الشباب السعودي الآن يبحثون عن المرأة المتعلمة ليس لأنها متعلمة، بل طمعا في الحصول على الراتب، فالتعامل الذي تجده المرأة مع هذا الرجل لا يحقق لها المسار النفسي الصحيح الذي يقوم عليه الزواج.
شروط متعسفة
وجدت "ع. الغامدي" نفسها في قطار العنوسة مكرهة في اللحظة التي كان حلمها في الزواج يوشك أن يتحقق، تقول "ع" "تقدم لخطبتي شاب مثقف ومن عائلة طيبة، وعندما تمت الرؤية الشرعية شعرت بارتياح تجاهه، لكن والدي اشترط لإتمام الزواج أن أعطيه راتبي كاملا أول كل شهر، فقط قرر خطيبي صرف النظر عني والابتعاد هربا من شروط والدي المتعسفة"
وتحكي صالحة عبد القادر (معلمة بالمرحلة الابتدائية) تجربتها قائلة "تقدم لخطبتي أكثر من شاب، يشهد لهم الجميع بحسن الخلق، لكن أبي كان يرفض دائما، وكان يضع عيوب الدنيا كلها في كل عريس، وعندما أحاول إبداء رأيي يتهمني بعدم معرفة مصلحتي، ويمر بي العمر وأنا بانتظار من يرضى عليه أبي، والسبب راتبي الذي يخاف أن يأخذه زوجي".
أما خلود القحطاني فإن أحلامها كبيرة في زوج المستقبل، وهذا ما جعلها ترفض كل من يتقدم لها لأنها لا ترى فيهم الشخص المثالي الذي رسمته في خيالها ولذلك فضلت أن تبقى من غير زواج طول هذه الفترة، تقول "لم أشعر بالندم إلا بعد أن تقدم بي العمر وأصبحت على مشارف 38 سنة، أريد الزواج من أي شخص حتى ولو مسيارا".
وتقول سميرة الحربي (فتاة جامعية) "عمري الآن ثلاثون عاما، ولم يتقدم لي الشخص المناسب حتى الآن، شبابنا أنانيون؛ يريدون الزوجة الصغيرة التي لا تعي شيئا حتى ولو كانت جاهلة، لست أدري لماذا يخشى الرجل الشرقي المرأة المتعلمة صاحبة الشخصية القوية".
وذكرت غادة سالم (ربة منزل) أن أسرتها لا تقبل تزويج الفتاة إلا من قبيلة معينة أو البقاء دون زواج، وذلك للمحافظة على حسب ونسب العائلة، وحتى لا يتم تزويجها هي وأخواتها لرجال تعتبرهم الأسرة غرباء، ما جعل العمر يتقدم بها دون زواج.
الوقوع ضحية المشعوذين
في إحدى المدن السعودية أدى تأخر زواج إحدى الفتيات وبلوغها سن الأربعين دون زواج إلى بحث والدتها عن حل لدى المشعوذين، ودفع مبلغ 50 ألف ريال، بعد أن أكد لها أن ابنتها مصابة بالسحر، فهي على قدر كبير من الجمال وفي وظيفة مرموقة، ولم يكن المبلغ متوفرا لديها، فأخذت البنت قرضا من البنك وأعطته لأمها، ولم تعرف أن هذا المال هو لفك السحر عنها للتزوج، إلا بعد أن جاءت والدتها لتبشرها بأن المشعوذ فك السحر عنها وسيأتونها الخطاب طوابير، ولكنها شارفت على الخمسين ولم تتزوج حتى الآن.
فيما لجأت طبيبة بلغ عمرها 48 لخاطبة للبحث لها عن زوج، لأنها نسيت نفسها في عملها ومضى بها العمر، ولم يتقدم لها أحد سوى راغبي زواج المسيار، وهي ترفض وتبحث عن زواج حقيقي واستقرار عائلي.
الشباب يحتجون بالبطالة
الشباب كان لهم رأي في القضية، حيث قال الشاب فايز الذيابي "رغم أنني أرغب في الزواج، ولكن الزواج الناجح له مرتكزات أساسية، فكيف أكون أسرة وليس لي دخل يفي باحتياجاتها الأساسية، فقبل أن أفكر في الزواج لابد أن أبحث عن مصدر رزق، حيث إنني حاصل على الشهادة الجامعية، ورغم محاولاتي العديدة للبحث عن وظيفة إلا أنها باءت بالفشل".
ويؤكد الشاب غالب السميري أن الزواج حلمه الوحيد، ولكن مرتبه لا يفي بتكاليف الزواج، حيث إن مرتبه ضعيف، وهو العائل الوحيد لأسرته المكونة من والده ووالدته وسبعة إخوة، منهم من مازال على مقاعد الدراسة.
أما الشاب سامي محسن العريني والذي يبلغ من العمر 33 عاما ً فكان له رأي آخر، حيث قال " أنا لا أفكر بالزواج حالياً رغم وظيفتي المرموقة، فما زلت أتمتع بحياتي الخاصة دون قيود، فالزواج يقيد الحرية، وأنا لا أجد نفسي سائقاً لأسرة أو حتى مربياً للأطفال، وأنا أفضل الزواج بعد سن الأربعين".
عوامل متشابكة
من جهتها أشارت الدكتورة ابتسام العنبري الأستاذ المساعد بقسم اللغة العربية في كلية التربية للبنات بجدة إلى أن الزواج تشريع إلهي نحقق من خلاله منافع عديدة للزوجين ومنافع أكبر للجنس البشري أجمع، والعنوسة في المجتمع إحدى المشاكل الاجتماعية التي ظهرت على السطح بسبب عوامل شخصية واقتصادية واجتماعية متعددة ومتشابكة، ولعل من أبرز الأسباب زيادة الاهتمام بالماديات من ناحية المهر وحفلات الزفاف وغيره، مما يجعل فكرة الزواج في حد ذاتها غولا يغتال الرغبة في تحقيقها، إضافة إلى ذلك المواصفات الخرافية المطلوبة في الزوجة سواء من الرجل أم من أهله.
وترى الدكتورة العنبري تغليب الجانب الإيماني الروحي لدى الشاب والفتاة، بنشر الوعي والعمل في تحقيق العصمة من الحرام بالدعاء والرضا بالقضاء والقدر الذي كتبه الله للعبد، وأن تعي المرأة الدور الحقيقي لها، فهي أم بالفطرة، ولن يعيقها الزواج عن إتمام دراستها أو إيجاد العمل المناسب، فالفرصة الجيدة قد لا تتكرر، ولا بد للشاب بالذات أن يقف وقفة حقيقية مع نفسه ليعرف مؤهلاته ومواصفاته، الأمر الذي سيسهم إلى حد كبير في التخفيف من غلوائه وشروطه التي يتطلبها في شريكة حياته، وطالبت العنبري بوضع قوانين تسهل زواج السعوديات من غير السعوديين، وتضمن لهن حقوقهن، وخاصة في حال الطلاق، وأهمها التجنيس المباشر للأطفال.
أما عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة فوزية منيع الخليوي فأوضحت "أن للعنوسة آثارا على المرأة والرجل على حد سواء، فقد يصابان بأمراض نفسية، مثل الكآبة والشعور بالظلم أكثر من الأشخاص المتزوجين، وذلك لأن الشخص المتزوج سيفكر ألف مرة باستغلال وقته بما ينفع عائلته وزواجه، كما أن المرأة المتزوجة ستكون منهمكة بالحفاظ على عائلتها وزواجها.
وأكدت أن أسباب العنوسة ليست فقط التي تطرح في الإعلام، بل هناك أسباب أخرى يتحرج المجتمع من التطرق إليها، مثل تكافؤ النسب، وتلاعب الخاطبات في المعلومات لكلا الزوجين، وخجل المرأة من طلب الزواج من والديها.
الحضارة سبب
ويذكر الباحث في علم المواريث والمأذون الشرعي أحمد المعبي أن لدينا في السعودية نسبة عنوسة كبيرة، والسبب هو انتشار الحضارة، فقبل خمسين سنة لم تكن هناك تعقيدات في الزواج بالصورة التي نراها الآن.
ويضيف أن تعليم الفتاة من قبل لم يكن كما هو الحال الآن، حيث تمر الفتاة في عدد من المراحل الدراسية حتى التعليم العالي، وبذلك نجد الفتاة وصلت لسن 27 سنة، معتبرا أن من أسباب العنوسة مواصلة الفتاة للتعليم.
ويرى أن بعض الآباء يفضلون أن يكون الزوج المتقدم ذا دخل عال وآخرون يشترطون أن يكون من نفس القبيلة أو من قبيلة معينة، وهناك من يرفض تزويج الصغيرة قبل الكبيرة ، ولا نستطيع التغاضي عن أحلام الفتيات اللاتي يفضلن زوجا معينا.
وشدد المعبي على ضرورة كسر هذه القيود والعمل على تزويج الفتيات، حتى إذا كانت الفتاة تتعلم، فلا مانع من أن تتزوج وتكمل دراستها، مؤكدا ضرورة التيسير في تكاليف الزواج والابتعاد عن ارتفاع المهور التي تكون سببا في عضل الفتاة عن الزواج، فيشترط مهر المثل، وهذا المتعارف عليه، فالإسلام حث على الاعتدال والوسطية في كل شيء، ومن ذلك المهور، ويراعي الحرص على الخلق والدين قبل المال عند اختيار الزوج المناسب، ونصح المعبي الفتيات بالقبول بالتعدد حيث أصبحن في الوقت الحالي يقبلن بذلك والبعض الآخر يطلبن زواج المسيار هربا من شبح العنوسة.
مؤسسات للتوفيق
ويقول المحامي والمستشار الشرعي محمد المشوح "إن الإسلام لم يحدد عمرا للعنوسة، ولكنه حث على الزواج المبكر في سن الشباب، مضيفاً أن من أقوى الحلول الشرعية تهيئة الأجواء للشباب والفتيات للزواج، إذ إن الحياة المادية التي يعيشها الناس اليوم أوجدت الكثير من العراقيل والصعوبات التي يواجهها الشاب والفتاة في سبيل الحصول على حقهما الشرعي، وأن من الأشياء المطلوب تسهيلها (المهر) الذي مازال يشكل عبئا، وذلك من خلال دعم المؤسسات والجمعيات الخيرية، ومساعدة الشاب بقروض ميسرة وهبات، وتسهيل الجوانب الأخرى كتصحيح النظرة الخاطئة عن تعدد الزوجات عند الفتيات، وكذلك يجب تصحيح النظرة عن الزواج من بنات الوطن، فيجب الحد من الزواج من خارج الوطن وأن توضع ضوابط، وتصحيح بعض التقاليد الخاطئة التي تسلب الفتاة أو الشاب حقه في اختيار شريك حياته من حيث وضع الفوارق القبلية والاجتماعية.
وأضاف أن العلماء أفتوا بأن تيسير الزواج من أبواب الزكاة المشروعة، أيضاً يجب تفعيل الجمعيات الخيرية التي تخصصت في مساعدة الشباب على الزواج، مشيرا إلى الحاجة لمؤسسات تعنى بالتوفيق بين الراغبين في الزواج وهي من مؤسسات المجتمع المدني التي يجب أن تظهر، وأن تعطى الدعم الكافي لاسيما أننا في مجتمع مغلق يعيش بضوابط شرعية معينة.
موقف إداري صارم
ويرى الكاتب الدكتور مسفر القحطاني أن العنوسة أصبحت أزمة، لأنها قد تأخرت كثيراً عن إيجاد المشاريع والبرامج بالقرارات الملزمة لعلاجها، وطالب بموقف إداري صارم يفرض على الجميع مستوى من المهور والاحتفالات لا يزيد عن الحد المطلوب للمتوسط من الناس، وتقديم مبادرات عملية من خلال وضع مناهج دراسية إلزامية في المراحل الجامعية يتعرف من خلالها الشباب على منافع الزواج المبكر، وأسس اختيار الزوج والزوجة ومفاهيم الحياة الزوجية ومقومات السعادة الأسرية.
وأرجع المستشار الشرعي الشيخ منصور العضيلة ارتفاع نسبة العنوسة إلى غلاء المهور، وطمع أولياء الأمور برواتب البنات، وقلة فرص الوظائف والعمل أمام الشباب إضافة إلى قلة أجور العاملين منهم.
وقال المحامي ماجد القحطاني إن لتزايد العنوسة علاقة بانخفاض أجور الموظفين مع ارتفاع الأسعار، وازدياد الصرف على الزوجة والأبناء، إضافة إلى البطالة مع غلاء المهور والمبالغة فيها، وكذلك ارتباط الشباب بأقساط خاصة بالسيارة أو مسؤوليته عن والديه وأخوته، ملقيا باللائمة على مفهوم الزواج الخاطئ لدى أهل الفتاة بطلبات الزواج الشكلية التي لا يستطيع الشاب تحملها.
ودعا المجتمع إلى التكثيف من الزواج الجماعي، واتفاق كل عائلة أو قبيلة على تحديد قيمة مهر منخفض، وإسهام رجال الأعمال في مساعدة الشباب المقبل على الزواج بمشاريع استثمارية، وإعادة النظر في عمل بنك التسليف وآلياته وشروطه.
آليات شرعية للتعرف على الفتاة وإحياء خطبة الوالد لابنته
طالب اختصاصيون اجتماعيون بوجود آليات وفق الضوابط الشرعية لتعرف الشباب على الفتيات بغرض الزواج، مشيرين إلى أن آليات المعرفة بالزوجة المناسبة في ظل التوسع العمراني أصبحت معدومة، كما طالبوا بإحياء عادة خطبة الوالد لابنته، وبحثه عن الزوج المناسب لابنته لتسهيل الزواج والقضاء على العنوسة.
ويقول أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عبد الله اليوسف"يجب أن نحدد أولا مفهوم العنوسة، لكي نناقش القضية بشكل جيد، فليس هناك سن محددة للعنوسة، لكن ثقافة المجتمع والرأي الذي يتفق عليه المجتمع هو المحدد لذلك"، وأشار إلى أنه كان سن 16 سنة أو 17 في فترة من الفترات هو المفضل لزواج الفتيات، إلا أن الناس اليوم لا تعتبر مثل هذه السن مناسبة، حيث تعد الفتاة صغيرة جدا، فالمجتمعات تتغير، لذلك لابد أن تتغير الرؤية للعنوسة ومفهومها.
وأضاف "الآن تعتبر السن المناسبة لزواج الفتاة ما بين سن الخامسة والعشرين وسن الثلاثين، وإذا تجاوزت سن الثلاثين نستطيع أن نقول إنها دخلت في مرحلة العنوسة، وإذا صحت المعلومة أو الإحصائية التي تشير إلى وجود مليوني عانس فهو رقم كبير ومخيف ومقلق ومؤشر على وجود إشكالية إما في قنوات الزواج أو إمكانيات الزواج أو حتى في نظرة الفتاة للزواج وقبولها له".
وبين الدكتور اليوسف أنه يجب أن نتساءل.. ما قنواتنا في الزواج ؟ هل نحن مع التغير السريع في شتى نواحي الحياة، حتى نستطيع أن نسهل الزواج للشباب؟ الأمر الآخر في القضية هو أن الفتاة أو الشاب قد تكون نظرتهما للزواج مغلفة بمبالغة في الرومانسية، نظرة مثالية من أحد الطرفين وقد تعيق الزواج.
للبطالة دور
وعن دور البطالة بين الشباب في مشكلة العنوسة قال أستاذ علم الاجتماع "البطالة من العوامل المساهمة في تفشي العنوسة، فإذا شاعت البطالة في المجتمع، فهي تنعكس على إمكانيات الشباب للزواج، أيضا المبالغة في تكاليف الزواج كالحفلات والمستلزمات الكمالية التي تجعل الشاب يفكر أكثر من مرة قبل أن يقدم على الزواج، وأضاف أن كثرة الطلاق قد تجعل بعض الفتيات يتخوفن من هذه التجربة، حتى أصبح الزواج لدى البعض منهن لا يمثل الاستقرار، وبالتالي يفضلن عدم الزواج.
واستبعد اليوسف أن يكون لعمل المرأة دور في تفشي العنوسة وقال "أعتقد أن عمل المرأة ووجود دخل مادي ليس سببا لعزوفها عن الزواج، ولكن قد يسرق الوقت الفتاة بحيث تنشغل بتحقيق بعض طموحاتها أو بالبحث عن زوج معين في نظرتها المثالية، وتتسرب منها الأيام، ثم تقل فرصها في الزواج".
آليات التعرف منعدمة
يقول اليوسف "آليات المعرفة بالزوجة المناسبة من قبل الرجل في ظل التوسع العمراني أصبحت معدومة، صحيح هناك مؤسسات برزت أخيرا لتساعد على ذلك، ولكن إذا لم تكن الفتاة من محيط الشاب، فقد لا يعلم عنها في ظل التوسع الحضري، لذلك نحتاج إلى آليات في ضوء التقاليد والشريعة الإسلامية لمعرفة الشباب للفتيات المناسبات في ظروفهم عن طريق مؤسسات متخصصة".
وتطرق اليوسف إلى دور تعدد الزوجات في القضاء على العنوسة وقال إن تعدد الزوجات أيضا من الحلول التي يمكن أن تقلص نسبة العنوسة، لذلك يجب أن تنظر الفتاة للموضوع بعقلانية، وألا توقف نصيبها بحثا عن زوج غير متزوج، وتكون مستعدة للتنازل لكي تكون أسرة حتى لو مع زوج معدد.
وقال اليوسف إن العنوسة بحاجة إلى دراسة حتى تعرف أسبابها، ومن ثم توضع لها الحلول المناسبة، وناشد الجامعات السعودية والمراكز البحثية بدراسة هذه الظاهرة وتمنى أن يبادر أحد مراكز البحوث الوطنية في إحدى الجامعات لتبني هذه الظاهرة ويجعلها ضمن البحوث الوطنية، كبحث وطني مدعوم وبالتالي يدرس بشكل كبير.
العبرة في الأسباب
أما أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور إبراهيم بن مبارك الجوير فيشكك في الإحصائيات التي تذهب إلى وجود مليوني عانس في السعودية، ويرى أن العبرة في الأسباب التي أدت إلى تأخر سن الزواج لدى الفتيات، فهذا الموضوع يختلف من وقت إلى آخر، فقبل 30 سنة كانت هناك أعمار إذا تجاوزتها الفتاة يطلق عليها عانس، وما كان يعتبر تأخرا عن سن الزواج في زمن مضى لا يعتبر كذلك في الزواج في زمن آخر.
ويؤكد أن من العوامل التي أدت لتأخر سن الزواج التعليم والعمل والسكن وأسلوب التربية وتحمل المسؤولية، لافتا إلى أن الحديث لا يكون فقط عن الفتيات، بل هناك شباب يعتبرون متأخرين عن سن الزواج، لأن هناك عنصراً مهماً في العنوسة لدى الفتيات هو الرجل نفسه، فهو من يتقدم ويخطب ويبحث عن شريكة حياته، وبالتالي الفتاة تنتظر هذا القادم، لذلك لا نرجع أسباب العنوسة إلى الفتيات فقط، ولكن نلوم الشباب بالدرجة الأولى.
ويشير إلى أن بعض الفتيات يرفضن المتقدمين لأسباب مختلفة، وهناك من تريد القادم لها قريبا من الصورة النمطية أو الصورة المثالية التي رسمتها بذهنها، وقد يكون هذا من تأثير الصديقات أو من تأثير الفضائيات أو القصص أو من تأثير الأسرة، ولكن لا ننكر أن تأثير الأسرة أصبح قليلا، حيث تترك للفتاة حرية القبول أو الرفض.
ويضيف الدكتور الجوير أن التعليم يأخذ سنوات من سن الفتاة حتى تصل إلى 25 عاما ولم تتخرج من الجامعة، ولا نعتبر هذه مشكلة، لأن المشكلة في الشاب نفسه الذي يمر بنفس المراحل من التعليم والبحث عن وظيفة، ثم تكوين نفسه، لكي يكون لديه استعداد للزواج، وفي هذه المرحلة يكون الشاب قد وصل إلى مرحلة الثلاثين، فيقابل تأخر الشباب عن الزواج تأخر الفتيات، مشيرا إلى أن تأخر الشباب والفتيات عن الزواج قد يدخلهم في العديد من المشكلات السلوكية والفكرية أو مشكلات إنجاب أو تربية بالنسبة لهذين الأبوين اللذين دخلا على الحياة الزوجية في سن متأخرة.
ويشدد الجوير على أهمية التنازل عن بعض الأمور من قبل الفتاة كأن ترضى الفتاة في السنوات الثلاث الأولى بالسكن مع أسرة الزوج، فهذا لا يحمل الزوج أعباء اقتصادية كثيرة، أيضا مسألة إيجاد فرص عمل للشباب، وتيسير عمل الطلاب، فقد يكون الطالب يمارس بعض الأعمال المنتجة التي تعود عليه بشيء من الدخل الجيد ويستطيع من خلال ذلك الادخار لتكوين حياة أسرية، ففي باقي دول العالم هناك طلاب يعملون في المطاعم وبالمكتبات وأعمال أخرى بنظام الساعة من دون أن يؤثر ذلك على دراستهم.
محددات تغيرت
وأرجع أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور عبدالعزيز الغريب أسباب العنوسة إلى محددات الاختيار الزواجي في المجتمع السعودي التي تغيرت واختلفت، ومنها إكمال الدراسة إلى سن متقدمة، والرغبة في العمل أصبحت معيارا مهما في اختيار الزواج، بالإضافة إلى أن زواج الشباب من الخارج يلاقي رواجا، لأنه يتيح فرصة لهم بالاختيار المباشر، والبطالة التي يعاني منها الشباب، والشروط والمواصفات التي يطلبها بعض الشباب في الزوجة، وعمل الفتاة ومستواها التعليمي وشروط الفتاة المعينة في اختيار الزوج، ووضع الأسرة الاقتصادي، فبعض الفتيات يعملن على إعالة أسرهن، وجشع بعض الآباء والمبالغة في اختيار الزوج، وعادات قبيلة مثل العضل والحجر، مشيرا إلى أن ارتفاع معدلات الطلاق دفع بعض الفتيات للتأني ورؤية الزواج على أنه غير مغر، إضافة إلى فرص الزواج القليلة وحصرها في الأقارب.
وطالب الغريب بتأهيل الشاب للزواج وتربيته على مفاهيم الأسرة وأهمية العلاقة الزوجية وتطوير نظام المساعدات الحالي الذي وللأسف ضعيف إن كان من الناحية المادية أو تنمية الجوانب المهارية للشباب والفتيات.
إحياء خطبة الوالد.
عن "الوطن"
أما الاختصاصي الاجتماعي بوزارة الشؤون الاجتماعية أحمد القاضي فأرجع السبب الرئيسي للعنوسة إلى سوء استخدام الوسائل الإعلامية من متابعة القنوات الفضائية الإباحية والأفلام والإنترنت والبلوتوثات الفضائحية، إضافة إلى تراكم تكاليف الحياة المعيشية الباهظة، وشروط الأهالي من اشتراط استلام الأب لراتب ابنته، أو لرغبة الأب بتزويج بناته من أشخاص بعينهم، محذرا من نتائج العنوسة التي سببت انحرافات لبعض البنات ومتابعة للقنوات الإباحية، داعيا إلى إحياء عادة خطبة الوالد لابنته وبحثه للزوج المناسب لابنته.
وارد عليهم اقول ان كل واحد بهالدنيا بياخذ نصيبه يعني ماراح احد يموت الا واخذ رزقه كله
فلايحصون ويعدون