- اين يتمركز الذكاء؟
- أين تقع الذاكرة؟
- تمرين للدماغ
مرحبا اخواتي الفراشات
أين يسكن الفهم الإنساني؟
منذ قديم الازل حاول الناس اكتشاف مركز العبقرية لكن بلا جدوى، اليوم نعرف اين يقع مركز اللغة، الاحاسيس، والحركة ومركز الذاكرة والقدرة على التمييز سيكون على الارجح الدماغ بأكمله.
اين يتمركز الذكاء؟
رينيه ديكارتيس كان احد اول من حاولوا معرفة مركز الفهم، وذلك في النصف الاول من القرن السادس عشر وقد اشار الى المكان الذي يتمركز فيه الشيء المفكر او الروح، وهو الغدة الصنوبرية، وهي الغدة المتصلة بالدماغ، وهي مسؤولة عن انتاج الهرمونات اذا الفيلسوف وعالم الرياضيات والطبيعة المشهور كان مخطئا.
والوضع افضل نوعا ما بالنسبة لعلماء اليوم، فبإمكانهم مثلا تحديد مركز حركة اصبع السبابة لليد اليسرى، او المكان الذي ما كنا سنستطيع من دونه القراءة او الحديث مثلا كما يعرفون ايضا اي جزء من الدماغ يتحكم في علاقتنا مع الآخرين، لكنهم للاسف لا يعرفون اين يقع (مركز الذكاء) على الاغلب هم اصلا لا يمكنهم معرفة مكانه، لان مراكز الذاكرة وقدرات المعرفة الاخرى متمركزة في اماكن مختلفة من الدماغ.
أين تقع الذاكرة؟
الذاكرة هي الاساس بالنسبة للذكاء في مفهومه الحادي من دونها لا يمكن تعلم اي شيء جديد وللذاكرة عدة انواع ايضا وكل نوع يقع في مكان آخر من المخ.
طبيب الاعصاب فرانتيشك كوكوليك في كتابه المسمى (أنا) عن علاقة الدماغ الوعي والفهم الذاتي، يورد في هذا الكتاب مثال مريض، تم قبل عدة سنوات انتزاع الاجزاء الداخلية من العظم الجداري من الجمجمة بما في ذلك التكوين تحت الشريط النسيجي في الحجرة الدماغية، بعد العملية اصيب المريض بفقدان الذاكرة، اي خلل كامل في الذاكرة والوعي لم يكن بوسعه تذكر اي شيء جديد اكثر من 60 ثانية. وعندما انتقلت اسرته بعد وقت ولم يكن بإمكانه العثور على بيته الجديد، بالرغم من انه كان يقع في الشارع نفسه مثل البيت القديم الذي كان يتذكر عنوانه بدقة.
كل يوم كان يحل الكلمات المتقاطعة نفسها وكان يرتكب الاخطاء نفسها وكان يقرأ المجلات نفسها بشكل مستمر، وكان مضمون تلك المجلات جيدا عليه باستمرار.
اليوم نعرف ان التكوين تحت الشريط النسيجي في الحجرة الدماغية ضروري لنتمكن من تخزين معلومات جيدة في الذاكرة. لكن لوحده يؤدي دور الوساطة، لان المعلومات المذكورة في النهاية تخزن في مكان آخر من الدماغ، الناس الذين يعانون من تدمير في هذا التكوين في الجهتين، لن يتمكنوا من تعلم اي شيء جديد، لكنهم يتذكرون الاحداث القديمة بشكل جيد، لكن يمكن تدمير الذاكرة الطويلة، ايضا بخلل في اجزاء اخرى من الدماغ.
الذاكرة القصيرة، والمسماة بالعملية سليمة عند اولئك الذين لا يوجد عندهم التكوين تحت الشريط النسيجي، وهذا يعني ان مركز هذه الذاكرة في مكان آخر. لكن مساحة الذاكرة العملية محدودة من حيث السعة وكذلك المدة، فهي تبقى لمدة 60 ثانية فقط.
حقيقة ان الذاكرة لا يوجد عندها مكان واحد مؤكد في الدماغ ، اثبتتها تجربة قام خلالها المشاركون بتحديد انواع الحيوانات اولا، ثم الادوات والتي تذكروها. وعن طريق جهاز القياس المغناطيسي، ظهر انه اثناء تحديد الحيوانات، تم تفعيل اجزاء مختلفة في الدماغ، من تلك عندما تذكروا الادوات التي يعرفونها.
وبحسب الدكتور كوكاليز هناك 25 مليار خلية عصبية في قشرة دماغ الانسان، وفي كامل الدماغ هناك تقريبا 100 مليار وفوقها يمكن ان تتواجد عدة آلاف من الوصلات مع خلايا عصبية اخرى، إذا الدماغ يمك ان يحوي حوالي 100 مليار وصلة عصبية.
الكثير من هذه الوصلات والخلايا العصبية تنشأ اثناء حياتنا كنتيجة لتعلمنا. هذه الحقيقة اكتشفها واثبتها مؤخرا علماء الاعصاب البريطانيين. لقد فحصوا أمخاخ سائقي التاكسي البريطانيين عن طريق جهاز القياس المغناطيسي وقارنوها مع امخاخ الناس الآخرين. فوجدوا ان قائدي التاكسي الذين كانوا يقودون في طرقات المدينة المعقدة، كان الجزء الخلفي من التكوين تحت الشريط النسيجي اكبر حجما، وذلك نسبة لمدة مزاولتهم لمهنتهم.
التجربة التي اجريت على سائقي التاكسي البريطانيين يتوافق مع التجربة التي اجراها علماء معهد سالكو للدراسات البيولوجية في كاليفورنيا. لقد وضعوا عجلات في اقفاص مع الفئران البالغة، وألعاب أخرى للتسلية. اكتشفوا بعدها أن فئران التجارب هذه اصبح لديها خلايا دماغية اكثر بنسبة 15%، من الفئران التي بقيت في المحيط الهادي، كما ان الفئران التي كانت تلعب حصلت على نتائج افضل في اختبارات الذكاء، وذلك من خلال اختبارات المتاهات والواجبات المنفردة. هذا كله يثبت اننا حتى بعد ان نكبر تتكون لدينا خلايا عصبية جديدة ووصلات جديدة بينها.
هذه الدراسات والابحاث تعطي املا كبيرا ايضا في موضوع الحرب ضد الامراض المميتة للدماغ، وتؤكد أن فقدان القدرة على التفكير الخفيف يمكن تجنبه حتى مع التقدم في العمر.
مرض الجهاز العصبي هو من اكثر الامراض انتشارا بين الكبار في السن في الدول المتقدمة، في الولايات المتحدة مثلا اكثر من 10% من المسنين في عمر ال 65، وحوالي 35 - 45% من المسنين في عمر 85 يعانون من الخرف.ومن المعروف ايضا، ما يتفق من الابحاث السابقة، انه كلما وصل الشخص الى مستوى تعليمي اكبر، زادت فرصتهم في الحفاظ على قدرات الفهم والتعلم حتى عمر متقدم، وهذا في الغالب، بسبب انه بعد التخرج في المدرسة، يكرس حياته للاعمال المروحية المرهقة 'غير اليدوية'.
تمرين للدماغ
في هذا السياق، يمكن ان نتخيل المخ بكل بساطة مثل العضلة، فكما يمكن لعضلة الرياضي المتمرنة ان تؤدي وظيفتها بشكل جيد حتى بعد سنوات عدة، كذلك يستطيع الدماغ المتمرن ان يتغلب على التلف الوارد والناتج عن الامراض الوراثية.
طبيب الاعصاب الروسي الاميركي المشهور الكونون غولد بيرغ يكتب عن مثال مثير والذي يثبت هذه الفكرة في كتاب ه 'كيف يمدننا الدماغ؟ ' في هذا الكتاب يورد مثال راهبة عادية اسمها مارية، والتي كانت نشيطة روحيا وكانت قادرة على حل الاختبارات المختلفة بشكل جيد، وذلك حتى موتها عن عمر يناهز 101 عام، وبعد التشريح اكتشف الاطباء بعض الاماكن من دماغها مصابة بخلل، والذي يعاد يكون عند المصابين بمرض الزهايمر، لكن هذا المرض لم يظهر عندها قط.
كانت الراهبة ماريا تنتمي إلى دير الراهبات 'منكات' في مينيسوتا، وهن معروفات بالعيش لعمر طويل، وان مرض الزهامير غير منتشر بينهن، ومن الاسباب الرئيسية لذلك، انهن يهتممن بالنشاط الدماغي طول عمرهن، وهن يرهقن ادمغتهن باستمرار في ألعاب الذكاء المختلفة وغيرها من النشاطات المروحية.
اذا يبدو اننا لن نكتشف مكان الذكاء في دماغنا وهذا ايضا لعدم الاتفاق تماما على مفهوم الذكاء، وكذلك بسبب مساحة الدماغ ووظائفه الكبيرة، حيث يقوم بالوظائف المشابهة عدة اجزاء من الدماغ، وكذلك يجب حساب القدرات الوراثية والمكتسبة والمولود بها.
ولتبسيط فهم الموضوع يمكن مقارنته بالحاسوب، والذي يكون قرصه الصلب عبارة عن ال 100 مليار وصلة، حيث هناك العديد من المهارات والقدرات والموزعة في كل الدماغ، عند تشغيل هذه البرامج ينشأ التفكير - الذكاء.
لهذا يا عزيزاتي الفراشات
لازال غامضا لدى العلماء اين مركز الذكاء في الدماغ ...!!!
دمتن بخير وسلام
وفي النهايه يعجز الإنسان إلا ان يقول سبحان الخالق