وج ع الش وق القلب الحنون

,
,
أيام مضت ، ولا زالت
تلك النظرة تراود
عيوني كلما داعبتها العبرات ..
علقت في شبكة الذاكرة
والتفّتْ عليها خيوط الغربة ،
فأبتْ إلا أن تتناسخ
ذكرى بعد أخرى ..
أذكر جيداً كيف اجتاحت
صدري يومها جيوش
العواطف من جميع أصقاع الوجدان .
وسلّمت جسدي للغرق في
أحضانك هرباً من نظرات
عطشى ترقب حلول
الجفاف بعجز موجع ..
عندها ، اختصر الزمن
بلحظة ما فتئت تطرق
ذاكرتي كلما هبت
رياح الحنين ..
وها أنت اليوم ترتكب
محاولة إقناعي
بأن أشرعة النسيان
قد حلقت في
أجوائك مانحة إياك فيئاً
من نعمتها ..
تتعذر بضعف الذاكرة
بعد مضي السنين.......
وأي سنوات ..
تلك التي لا تشرع
للفصول باباً ..
شمسها ضيف عزيز
وأمطارها مقيمة ..
المطر !
هل تذكر المطر ؟ ..
أم أنك تظنني نسيت ؟
حين انهمرَ سيولاً حَفرتْ
تساؤلاتٍ عن متى ... اللقاء
لن تغرَّني ضحكتك الرنانة
التي صدحت بالأمس ..
ولتعلم بأن محاولتك باءت بالفشل ..
فقلبي لا زال قادراً على
قراءة الرجفة الخانقة في
نبرات صوتك عبر
الهاتف مهما اصطنعت الهدوء ..
وا لهفتي ..
كيف أنسى قرع الطبول
يوم صدَر مرسوم
يعلن بدء مراسم الوداع ..
وتلك القوة الهائلة
التي شددتني بها إلى
صدرك لحظة محاولتي الهرب ..
كم كان رائعاً ذلك الإحساس
الذي لفني عندما
جذبتني إلى أحضانك
وغمرت رأسي المثقل
المستقبل ..
حينها شلت قدرتي على
المقاومة ، وخضعت
لحكم المشاعر باستسلام مطلق ..
كانت المرة الأولى التي أسمع فيها
دقات قلبك بهذا الوضوح !
والمرة الأولى التي صمتت فيها
دقات قلبي إلى أجل لم
يسمَّ حتى الآن !
منذ ذلك الوقت ..
لم أسمع لخافقي نُطقاً برغم
ضجيج الكلمات ..
لم ألمح له رسماً وما أكثر ما مرّ
عليه من لوحات ..
نيرانه لم تخمد .. ولكن الدفء ما
فتئ يكابر ويرفض زيارته ...
آه لو تعلم ..
مزقتني الغربة أشلاء .. وأنت بعيد ....
بعثرتني رياح الصحراء ...
جمدتني صقيعاً رغم لهيب حرارتها ..
وخانني العمر..
فلا تحزن إن خنتك ..
وعصتني الأفراح ..
فلا تغضب إن عصيتك ..
هي جوارحي تطالبني بالمبيت
في أحضانك كل مساء..
افتحهما ذراعيك واستقبلني ..
وحده صدرك قادر
على لملمتي .. فهل تغفر ؟
بحق كل خفقة بين ضلوعك
لحظة يمر إسمي على مسمعك ..
أسألك أن تشفع لي عند
قاضي الغربة ليحكم برأفة ..
وبحق إقامتي بين جفونك .
. وحق مداعبتي لأحلامك ..
أرجوك أن تعيد إلي عمري
الهارب في بحور الظلمة ..
فقد أرهقني وجع
الشوق وحنين
الروح إلى الأمان ..
القل الحنون ب