هباوي*
10-05-2022 - 01:53 am
على متن ذاك القطار وبكبينة مشتركه
أرمق هذا وذاك
فذاك العجوز يقلب صفحات الجريدة المهترئه
وتلك المسنة بنظارتها الكبيرة المدورة التي توسطت أنفها
وشعراتها البيضاء المتطايرة من حجابها
تحيك غرز من نسيج الصوف بصنارتها وصوت الحياكة
يكاد ينسج طبلة أذني
صرخة وبكاء الطفل
الجاثم على ركبتيه
بعينيه الدامعة
وأنفه ألكرزي
ممسك بأطراف ثوب أمه
فلقد ضاقت به أسوار المكان
تهديدات ونبرة حادة من أخيه الأكبر تارة
ومن والدته المشغولة بعدة حقيبتها تارة أخرى
تنهدات صعبة مشقوقة الصدر خرجت مع أنفاسي
رمقت عيني
تلك الشابة المراهقة القابعة بزاوية الكابينة الخشبية
ثانية أقدامها لصدرها وتمضغ اللبان وصوت فرقعتها صدئت له الجدران
ومخربشات قلمها التي أمتلئ لها الورق
كم هو مزعج حقا هذا المكان!!
أسندت رأسي على نافذة القطار
وكانت الرمال وصحاريها قد سارت معنا منذ انطلاقتنا
لمحت وبسرعة من خارج نافذتي المشوشة الرؤية
ذاك البيت الطيني المهجور الذي خلى من رائحة ساكنيه
متا هدم الأطراف لامعالم واضحة ولا له باب
قد يوحي بخوف للبعض
ولكن أخذني لأروع الذكريات
رحل بني سريعا
ولكني أحسست وكأني أسير له بقدماي الحافيتين
المبتلاة بالطين وثوبي المزكرش بألوان الطفولة
وبيدي سعف من النخيل
أخطو عتبة بيت جدي مكان طفولتي وبتحديد بشهر رمضان الكريم
أحسست نفسي أنني بداخله الآن أتجول
نعم أتجول
فبهذه الغرفة مد جدي البساط
وأسند ظهره لتلك المسندة الخضراء
ويلاعب حجرات المسبحة بيده
بتهليل وتكبير
ينتظر لحظة الغروب
آآآآآآآآآه
سحبتها من أعماق صدري
وأغمضت معها عيناي الصغيرة
ولملمت شفاي الورديه
ما أجمل هذه الرائحة
جذبتني لذاك المكان بجانب التنور تقف جدتي
بحجابها الطويل وثوبها الململم الأكمام
تخبز خبز مدور وعليه حبات السمسم متناثرة
تلوح به بيديها
وتلصقه بكل مهارة بوسط هذا التنور
تغري ناظري وأبتلع لعابي مئات المرات
أسمع صوت من هنا !!
خطوت أرمق صوب ثنايا الجدران
أتلفت بكل عفويته وحب جلب طفلة لاستكشاف المكان
إنها أمي
بضفائرها التي توسدت أحضانها
تضخ اللبن وتجهزه للإفطار
ولقد أعدت كرات من التمر ممزوجة بالسمن
وكم هي فرحتنا كبيره
إذا كان هناك القليل من الأرز ولحم الضان
رائحة الطعام حقا أحن لها ولو بعد مئة عام
هاهو المؤذن يرفع الصوت بالأذان
أدعية وذكر للرحمن
وسكون رائع جال بالمكان
يتلقف جدي ووالدي اللقمة بثوان
يهرولون نحو المسجد للصلاة والقيام
آآآآآآه
ما أروعك يارمضان زمان
هل خانك العهد
أم خانك المكان
لقة مانجد من متعة بذاك الزمان
لا أعطيناك حقك بتهليلل وصلاة وقيام
تتثاقل أقدامنا من ثقل البطون الآن
فأصبحت شهر الطعام لا شهر الغفران
أعتذر لك حقا يارمضان
ألهتنا فوازير ومسلسلات وأفلام
هذه ليست ذكرى !!
بل أسطورة بأيام رمضان زمان
لماذا ترتب على كتفي !!!!
ماذا تريد ألان ؟؟
لا نهاية ...!!!
لا بداية ....!!!
لاحتى الموعد قد حان ....؟!
فتحت عيني على ذاك الشيخ وهو يوقظني فلقد وصل قطاري محطته
وتركت العجوز صنارتها
والشيخ جريدة المهترئه
والقلم يتوسط المكان
فعرفت
أن شهد علينا هذا المكان ...
بأننا أتينا وذهبنا
ولم نأخذ معنا سوى الأحلام ...
عذرا يارمضان
فعندما تغادرنا
تحن سجادة مصلانا للقيام
وكتيب مواقيت الأذان
>>هذه أسطورة كتبتها لكم عن رمضان زمان <<
فهل لكم أساطير ترونها
فصفحتي تحن لاحتضان الأزمان
وإلى ماكان عنواني أسطورة تحن للمكان !!
بقلم ,,, هباوي*
.
اجل تحن للمكان والزمان
اصبح زمننا باردا لم يعد ذلك الدفء الذي عاشه اجدادنا موجودا في زمننا هذا رغم التطور الحاصل والتكنلوجيا التي اصبحت تسير حياتنا
ف الماضي رغم بساطة كل شئ فيه إلا ان الناس كانت تعيش في سعادة وهناء
لم تكن الضوضاء تصم آذانهم ولا مشاهدة التلفزيزن تلوث اعينهم
كانوا ينتظرون رمضان بكل شوق وحب للعبادة والقيام وقراءة القرآن
لا للمسابقة والمسلسلات
آه ما أجملها من لحظات نتمنى ان نعيشها كما عاشها اهلنا ببساطة وحب ونقاء
غاليتي هباوي ما أجمل ما خطت اناملك
وما أجمل الرحله التي انتقلنا فيها لعالم النقاء
فدمتِ ودام ابداعك
ملاك