THe Light of The MOON
12-08-2022 - 12:14 pm
هناك كلمات في القران يتوهم ويظن مخالفتها للقواعد النحويه لكن يتضح انها موافقه لقاعده آخرى مثال أن يظن أن الأصل في هذه الكلمه الرفع لكن وجدت في القران منصوبه فتكون هناك قاعده توافق ان تأتي الكلمه منصوبه .أرجو المساعده ضروري وبشكل سريع لأنه لم يبقى لدي وقت فغداً آخر موعد
موت النحو
أصدر الأستاذ الدكتور عبد الله الغذامي شهادتَيْ وفاة تشهد الأولى بموت المؤلف وتشهد الثانية بموت النقد الأدبي. وكانا(رحمهما الله تعالى) قبل ذلك مواطنين صالحين في مدينة الثقافة، بل كانا ملء السمع والبصر. ولما كان الدكتور الغذامي ليس معنيا، وليس مطالبا، بإصدار شهادات وفاة لكل من هب ودب، فإنني أجد نفسي معنيا بالشهادة على وفاة النحو.
(ويجب أن أبين منذ البدء أن المقصود بالنحو هنا النحوُ المعياري على الصورة السائدة منه الآن؛ فلا يدخل النحو في صورته المبكرة التي يمثلها كتاب سيبويه فيما أقوله هنا).
ومن الغريب ألا يتقدم أحد للشهادة على موت النحو مع أنه مات قبل ما يزيد عن ألف سنة، وهي فترة كافية لوصول أخبار موته إلى أرجاء الدنيا كلها. وبما أنه مات منذ مئات السنين فإن الشهادة بموته ضرورية حتى يستطيع الناس التعامل معه بشكل واضح. أما حاله الحاضرة التي يتراءى فيها للناس حيا وهو ليس بحي فحال غير طبيعية وهو أمر يوقع في شرك الخداع. وهي حال تخالف الحالات التي يتعامل الناس بها مع الأشياء الأخرى؛ إذ يتعاملون مع تلك الأشياء على أساس أنها إما حية فترجى وإما ميتة فتنعى.
ولعل متسائلا يتساءل: لماذا لم يشهد أحد بموت النحو بشكل صريح وعلني من قبل؟ والواقع أن عدم صدور شهادة صريحة بوفاته إنما تدل على أن المشتغلين به استطاعوا الإبقاء عليه إلى الآن من غير أن يوارى المثوى الأخير اللائق به، واستطاعوا بذلك إيهام أنفسهم وإيهام الناس بأنه ما يزال حيا.
وأتوقع أن يهب القراء جميعا ليسألوا: ما الأدلة على موت النحو؟
والأدلة على موته كثيرة جدا؛ ويمكن أن نرى بعضا منها فيما يلي:
1 وقْف الاحتجاج للغة والنحو، وهو الذي قَطَع الصلة بين النحو بصفته جملة من القوانين التي تضبط اللغة وبين اللغة التي يستمد حياته منها.
2 القول الشائع الذي يقضي بأن من أراد أن يؤلف شيئا في النحو بعد سيبويه فليستحي. وهو ما يعني توقف البحث الجدي في النحو عند سيبويه.
3 القول الشائع الآخر الذي يقضي بأن النحو طبخ حتى احترق؛ وهو ما يشير إلى القناعة بأنه لا يمكن أن يقال فيه غير ما قيل.
4 أن بعض النحويين كان ينظر إليه على أنه ميت: وأقرب هؤلاء إبراهيم مصطفى الذي ألف كتابا أسماه: "إحياء النحو". ولا يمكن أن يقول أحد بإحياء الأحياء.
5 وقد رأى بعض المهتمين به أنه بحاجة إلى تجديد؛ ومن هؤلاء الدكتور شوقي ضيف في كتابه "تجديد النحو". ولا يمكن أن يخضع للتجديد إلا الشيء البالي.
6 أن أكثر الذين يكتبون في النحو، وبالأخص الآن، لا ينتجون جديدا البتة؛ إذ يقصر معظم المعاصرين اهتمامهم على تحقيق المخطوطات، وكثيرا ما يهربون من الصعب منها، ويكاد ينحصر اشتغالهم، فيما عدا ذلك، في مناقشة آراء النحويين السابقين عن بعض المسائل الجانبية غالبا، وكذلك تكرار الأبحاث.
بل إن الحجة التي يتعلل بها هؤلاء حين يواجهون بعقم البحث في النحو أن يقولوا: إنه ليس هناك من جديد يضاف.
والمشاهد في الجامعات العربية أن معظم أبحاث الماجستير والدكتوراة أصبح يقتصر الآن على البحث في آراء بعض النحويين القدماء في بعض الكتب. وهو أوضح دليل على الفقر المعرفي.
فالقول بموت النحو إذن ليس أمرا غريبا، بل لا يعدو أن يكون من باب تسمية الأشياء بأسمائها.
وأرجو ألا يبادر أحد بالاحتجاج على قولي بموت النحو. إذ يجب على الذين يتحفزون للاحتجاج على هذه المقولة أن يتأملوا أوَّلا ما فعله النحو بنا. وسوف يجد هؤلاء حين ينعمون النظر أن النحو هو الأحق باللوم. كما سيتبين لهم أيضا أن قولي بموت النحو لا يعد أمرا خطيرا إذا قيس بمزاعم النحو عن العربية ومتكلميها منذ أقدم العصور.
فنحن نعرف جميعا أن النحو سبق أن زعم، منذ بداياته الأولى، أشياء عن العربية ومتكلميها أشنع وأبعد خطرا مما أقوله هنا.
ومن أهم تلك المزاعم أن اللغة العربية دخلها الفساد وهي في بداية أعظم فترات الازدهار التي مرت بها في تاريخها كله. فقد عُلِّمنا منذ الصغر أن النحو لم يقم في الأساس إلا بحجة أن اللغة العربية فسدت، ومعنى الفساد التغير نحو الأسوأ، وهو نذير الموت.
بل لقد زعم النحو أن اللغة العربية نفسها ماتت فعلا؛ ولهذا السبب فقد قصر الاحتجاج للغة والنحو على كلام العرب الذين عاشوا قبل منتصف القرن الثاني الهجري، ومنع الاحتجاج بكلام العرب الذين عاشوا بعد ذلك. وهو ما يعني أن اللغة العربية صارت منذ ذلك التاريخ لغة أناس آخرين. أما العرب منذ تلك الفترة فعليهم جميعا، إلى قيام الساعة، أن يوطنوا أنفسهم على التسليم بأن هذه اللغة ليست لغة لهم بل هي لغة أجنبية وعليهم أن يتعلموها بصفتها لغة أجنبية ميتة وذلك أن من كانوا يتكلمونها ماتوا قبل منتصف القرن الثاني الهجري.
ولم تقطع صلة العرب بلغتهم في الفترة المبكرة للدراسة النحوية وحدها، وإنما استمر نفي النحو لهذه الصلة بين العرب ولغتهم طوال العصور. وليس أدل على ملازمة هذا الادعاء للدراسة النحوية واستمراره إلى العصر الحاضر من وصف عباس حسن العرب المعاصرين ب"المستعربين" (النحو الوافي، ج1، ص ص 12).
وهكذا نشهد النحو لا يكتفي بوصف العرب بالعجز اللغوي بل يخرجهم من هويتهم، وهو أخطر؛ فهم لم يعودوا، منذ أواسط القرن الثاني عربا بل صاروا منذ ذلك الحين إلى الآن "مستعربين"، وعليهم الرضا بذلك. فالنحو إذن لم يمت اللغة العربية فقط وإنما أمات العرب كذلك وجعلهم أمة من المستعربين.
ولو كانت مزاعم النحو هذه صحيحة لهان الخطب؛ لكنها كلها ليست صحيحة.
أفلا يحق لي إذن، انتصارا للعرب قديمهم وحديثهم، أن أبين خطأ هذه المواقف النحوية من اللغة العربية والعرب؟
أفلا يحق للعرب إذن أن ينتصفوا لأنفسهم فيميتوا النحو الذي شنع عليهم وعلى لغتهم وصورهم أمة من العاجزين لغويا، بل أماتهم وأمات لغتهم، فعلا لا ادعاء؟
ومن العجيب أن يزعم النحو هذه المزاعم الخارقة عن العرب وعن لغتهم مع أنه هو الذي يجب وصفه بالموت. وذلك أنه فشل في المهمات كلها التي نذر نفسه لها. ويمكن ذكر الأوجه التالية من أوجه فشل النحو:
1 يزعم النحو أن العرب، كلهم، كانوا قبل الإسلام يتكلمون في جزيرتهم اللغة العربية الفصحى بكل سماتها التي نعرفها في القرآن الكريم والشعر الجاهلي، ومن أهمها الإعراب. ولما دخل غير العرب في الإسلام بعد الفتوح انحل نظام العربية بسبب الداخلين في سلطان العرب من غير العرب. ولذلك يزعم أن النحو جاء ليوقف هذا الفساد السريع الذي أصيب به نظام اللغة.
لكننا نشهد اليوم ومنذ قرون، بل منذ الفترات المبكرة في تاريخ اللغة العربية، وفي كل فترة روي لنا شيء عن النوع اللغوي الذي كان يستخدم فيها، أن العرب، في أقطارهم كلها ومنها الجزيرة العربية، ظلوا يتكلمون أنواعا من العربية تختلف في بعض خصائصها عن اللغة العربية الفصحى وبخاصة فيما يتعلق بالإعراب.
فإذا كان تصوير النحو للوضع اللغوي في الجزيرة العربية في الجاهلية وصدر الإسلام صحيحا فإن الأنواع اللغوية التي حدثت بعد الإسلام إنما هي نتيجة للتغير الذي يسميه النحو فسادا لغويا. وبما أن النحو يزعم أنه إنما نشأ لإصلاح ذلك الفساد فإن وجود هذه الأنواع دليل على أن النحو لم يستطع أن ينجز شيئا يمنع هذا الفساد المزعوم.
2 وكثيرا ما يزعم أن قوله تعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" يعني وعدا بالحفاظ على اللغة العربية من الاندثار. ويقال أيضا إن من وسائل حفظ اللغة العربية أنه هيأ لها علماء النحو الذين عملوا على تأسيسه ليكون الأداة الأولى لحفظ اللغة.
لكن اللغة العربية كما يشهد التاريخ لم تعمر في كثير من البلاد التي دخلت في سلطان العرب إلا قرونا معدودة. فأين دور النحو في حفظها من الزوال من تلك البلدان؟
3 ويزعم كذلك أن النحو جاء لتعليم الداخلين في الإسلام من غير العرب اللغة العربية. لكننا نعرف أن كثيرا من المسلمين عربا وغير عرب لم يحذقوا اللغة العربية الفصحى. واقتصرت معرفتها على فئة المتعلمين الذين لا يمكن أن يقارن عددهم بعدد أولئك الذين لم تتح لهم فرصة التعلم.
4 ويزعم النحو أنه جاء لوصف اللغة العربية الفصحى وصفا شاملا. لكن الواقع أنه لم يصف كل ما قالته العرب حتى في حدود الفصحى. فقد قصر اهتمامه على ما قاله الشعراء الذين ينتمون إلى بعض القبائل العربية فقط، واستثنى النحويون، كما ورد عنهم، كثيرا من المتكلمين بالعربية حتى في نطاق الفصحى، بل إنهم جعلوا القرآن مصدرا ثانيا للعربية، ولم يعتدوا بالقراءات والحديث كذلك.
وزيادة على ذلك فإن النحو لم يصف اللغة العربية الفصحى وصفا جيدا في كثير من الأحيان. والدليل على ذلك أن كثيرا من القواعد النحوية لا تتصف بالعمومية. وهناك كثير من الاستثناءات للقواعد المقترحة، وكثير من القواعد التي لا يمكن أن تكون وصفا صحيحا لبعض الظواهر اللغوية.
5 كما أنه فشل في العصر الحديث في أبرز المهمات التي يزعم أنه جاء من أجلها. وهي تعليم اللغة. فنحن نشهد فشلا ذريعا في تعلم اللغة العربية، وذلك على الرغم من تعليم النحو بكثافة أحيانا في مختلف المراحل الدراسية. بل إن كثيرا من الطلاب في أقسام اللغة العربية لا يجيدون استعمال قواعده، بل إن أكثرهم لا يجيدها حتى في المستويات المتقدمة من سلم التخصص.
ويضاف إلى ذلك أن الأكثرية من المبدعين في اللغة من كتّاب وشعراء وروائيين لا يتذكرون من قواعده شيئا. بل إن كثيرا من المثقفين لا يحسنون القواعد الأساسية فيه. أما التمكن من اللغة الذي تشهد به إبداعات هؤلاء، وهو ما يشهد باكتسابهم القواعد الأساسية للغة اكتسابا طبيعيا، فقد جاء من قراءة الآثار الأدبية لا من النحو.
وقد روي عن ابن خلدون أن الكتب الأساسية في تعلم الأدب أربعة، ولم يعد من بينها كتابا نحويا واحدا إلا كتاب الكامل وذلك لما يحويه من نصوص أدبية.
ويتبيّن مما تقدم أن النحو فشل في الوفاء بالمهمات كلها التي زعم أنه جاء من أجلها. ولذلك فإن السمعة التي يتمتع بها لا مسوغ لها.
بل إنني أزعم أن النحو بصورته المعيارية كان سببا في إبعاد الناس عن لغتهم، وإكساب اللغة صورة مشوهة في نظر أكثر العرب. فلم يعد كثير من العرب ينظرون إلى اللغة العربية لغة لهم بل يعدها أغلبهم تخصصا علميا لا يعنى به إلا قلة من الذين لا يحسنون الانخراط في التخصصات الأخرى.
ويتصف النحو بأنه أداة لقمع حرية المتكلمين. فوظيفته الأولى منع الناس من أن يتكلموا بحرية، وليس لهم أن يتكلموا إذا أرادوا أن يتكلموا إلا على نمط واحد يجب عليهم أن يتذكروا قواعده. كما أنه يقوم على غرس عدم الثقة عند المتكلمين بمعرفتهم عن لغتهم. فهو يقوم على المنع أولاً، والتخويف من الخطأ ثانيا. ولا أدل على ذلك من القول الذي يروى عن عبد الملك بن مروان (وأكثر الاحتمال أنه من اختراع النحاة) أن توقي اللحن كان أحد الأسباب الرئيسة التي نتج عنها شيب عارضيه.
وكان النحو أداة من أدوات التحيز اللغوي والعرقي. فالسبب الأول في فساد اللغة، في رأي النحو، إنما هو دخول الأعاجم في الإسلام. وكأني ببعض النحويين الذين يزعمون هذا الزعم يودون في دواخل أنفسهم أن لو لم يدخل أولئك الأعاجم الإسلام حتى لا يفسدوا صفاء العرب والعربية. وزيادة على أن هذا الموقف ربما يدخل في باب العنصرية فهو موقف يكاد يكون ضدا لرسالة الإسلام الذي جاء للناس كافة.
فما دام النحو على هذه الصورة، ألا يمكن عده ميتا؟ ألا يدل هذا على أن النحو المعياري لا يمكن أن يكون وصفا للغة ولا يمكن تبعا لذلك أن تترك له هذه الهيمنة غير المسبوقة على ضمائر الناس ومصائرهم؟ أيمكن أن يترك النحو على هذه الصورة حائلا بيننا وبين لغتنا؟ أيمكن أن يتوقف وصف اللغة العربية على تلك المحاولات الأولى التي لم تخضع لما تخضع له النظريات العلمية التي تسعى للوصف والتفسير والتجريب واقتراح البدائل؟ أيمكن أن يكون ما قاله النحاة الأقدمون قولا نهائيا لا محيد عنه ولا بديل له؟
ومحصلة القول إن النحو العربي لم يعد حيا منذ أواخر القرن الرابع على أكثر التقدير. أما اللغة العربية فقد ظلت حية تتمثل في نصوصها الخالدة التي يأتي القرآن الكريم في مقدمتها، ثم الحديث، والشعر العربي منذ الجاهلية إلى اليوم، وأنواع الإنتاج اللغوي الأدبي والفلسفي والعلمي. بل إن أعظم فترات ازدهار اللغة العربية التي وصلت فيها إلى مرتبة اللغة العالمية كانت بعد الفترة التي منع عندها النحاة الاحتجاج بنصوص اللغة العربية الحية.
أما الذي حفظ اللغة العربية من الاندثار فأسباب كثيرة، وأولها ارتباطها بالقرآن الكريم، وارتباطها بثقافة حضارة كبرى استمرت عصورا مديدة وأنتجت نتاجا أدبيا وعلميا راقيا. ولم يكن النحو من بين تلك الأسباب
موفقة