- الغرفة رقم 8
- للمؤلف: يحيى أحمد خان "آسف اذا كنت قد أفزعتك!"
- "ياه .. أنت محظوظ فعلآ يا رجل .. تأكل طعامآ نظيفآ وجيدآ كل أسبوع"
- تنهد (أشرف) وهو ينظر الى قسم مربعات الاستحمام مجيبآ:
- أنهى (يوسف) الحوار بقوله:
- سأله (يوسف) .. فأجاب دون أن يبعد نظره عن المرآه والأرفف:
- "حسنآ .. دعنا نتناول طعامنا"
الحلقة الخامسة
من
الغرفة رقم 8
للمؤلف: يحيى أحمد خان "آسف اذا كنت قد أفزعتك!"
نطق بها الشاب الواقف أما باب الغرفه وعلامات الارتباك والحرج باديه على محياه .. كان أسمر البشره، يناهز المترين طولآ، قوي البنيه، ذو شعر أسود وأكرت، ومن الواضح أنه استيقظ لتوه فقد كان يحمل منشقة صغيرة على كتفه ويرتدي شورتآ وفانيله ..
"لا بأس .. لقد كنت مشغولآ بالكلام وفوجئت بك أمامي مباشرة"
مد يده اليه فتصافحا ..
"أنا (أشرف) .. جاركم في الغرفه رقم سته .. أنهيت عامين من الدراسه هنا .. يبدو لي من كلامك أنك قادم من المنطقه الغربيه .. أنا أيضآ من هناك .. من المدينه المنوره تحديدآ"
"اسمي (ياسر) .. من مكة المكرمه .. وكذلك صديقي (يوسف)"
تقدم (يوسف) في تلك اللحظه وصافح (أشرف) قائلآ:
"يسرنا التعرف اليك يا (أشرف) .. ويسرنا أكثر أنك قادم من ذات المنطقه"
انتبه (أشرف) الى أنه لم يكن يرتدي الملابس الملائمه للتعارف .. فتمتم معتذرآ:
"أرجو ألا تؤاخذاني على مظهري .. فقد استيقظت للتو ولم أتبين وجود أحد في هذه الغرفه الا عندما مررت أمامها"
منحه (يوسف) ابتسامة مطمئنه .. في حين هتف (ياسر):
"لا تقلق يا رجل .. غدآ صباحآ ستجدني في مثل هذا الهندام بالضبط .. انه يعجبني في الواقع"
رمق (يوسف) صديقه بنظرة اندهاش .. في حين أطلق (أشرف) ضحكة قصيره وربت على كتف (ياسر) قائلآ:
"تعجبني روحك المرحه يا جاري .. حافظ عليها وسوف تتمكن من التعايش مع الصعاب هنا .. والآن اسمحا لي أن أكمل طريقي الى دورة المياه"
"في الواقع .. انها فرصه للتعرف على وضع دورة المياه في هذا المجمع .. لقد رأينا نموذجآ غير مشجع يوم أمس في المجمع الذي يقطنه أخي"
قال (يوسف) ذلك وهو يترك الغرفه الى الممر .. يتبعه (ياسر) الذي أغلق الباب خلفه .. تحرك ثلاثتهم نحو نهاية الممر و (أشرف) يقول:
"صديقي (بسام) الذي يشاركني الغرفه من سكان المنطقة الشرقيه .. التقيته أثناء تواجدي في قسم الاسكان للحصول على غرفه .. واتفقنا على السكن معآ بعد أن شعرت بارتياح شديد لشخصيته وأخلاقه .. انه يمضي عطل نهاية الاسبوع مع عائلته في الدمام .. ويعود الي دائمآ محملآ بما لذ وطاب من المأكولات التي تعدها والدته"
"ياه .. أنت محظوظ فعلآ يا رجل .. تأكل طعامآ نظيفآ وجيدآ كل أسبوع"
هتف (ياسر) بذلك مع بلوغهم نهاية الممر حيث تقبع منطقة دورات المياه الخاصه بهذه الناحيه من المجمع .. لم تكن تختلف في شيء عن المجمع الآخر .. مقسومه الى قسمين: الأيمن للمربعات الخاصه بالاستحمام والتي يتم اغلاق مدخل كل مربع منها بستاره صغيره بلاستيكيه .. والأيسر للمراحيض ذات الأبواب المهترئه والمتآكله من الأسفل والمغاسل التي تجري فوقها الحشرات .. غمغم (ياسر) بامتعاض:
"اللعنه !! .. كنت آمل في دورات مياه أفضل من المجمع الآخر .. لكنها في الواقع أسوأ!"
رد عليه (أشرف) بهدوء:
"انه يومك الثاني هنا يا صديقي .. حاول أن تعتاد الوضع سريعآ حتى توفر على نفسك الكثير من الألم والاكتئاب"
سأله (يوسف):
"قل لي يا (أشرف) .. كيف تستحمون في هذا المكان المكشوف للهواء الطلق أثناء الشتاء القارص؟"
تنهد (أشرف) وهو ينظر الى قسم مربعات الاستحمام مجيبآ:
"لقد سألت عظيمآ يا رجل .. الأمر متروك لكل فرد هنا كي يقرر ما عليه فعله .. هناك من يذهبون الى أصدقاء لهم في بنايات مجمعات السكن الحديثه الخاصه بطلاب السنه الأخيره ليستحموا هناك .. وآخرون يهربون من الجامعه الى أقارب لهم في المدن القريبه المجاوره أو يستأجرون ليلة في أرخص الفنادق كي ينعموا بالدفء أثناء الاستحمام .. وستجد أيضآ الفئه الضعيفه الذين تتجمد أجسادهم أثناء الاستحمام هنا!"
أنهى (يوسف) الحوار بقوله:
"أعتقد أننا سنحتاج الى نصائحك وخبراتك يا صديقي في مختلف أمور الحياة هنا .. وكان الله في عون الجميع"
- * * انقضى النهار بسرعه على (يوسف) و (ياسر) .. وهذا حال كل من يجد أمامه العديد من الأمور والأشغال التي يجب انجازها في يوم واحد .. أحضرا حقائبهم من غرفة (حسام) وأفرغا محتواياتها .. عثرا على عامل من جنسيه آسيويه لتنظيف الغرفه .. ذهبا مع (أسامه) الى شركة نقل السيارات لاستلام سيارتيهما .. تجولا في السوق واشتريا العديد من الأغراض .. انها الآن العاشره مساءآ .. أخرج (ياسر) من أحد الصناديق مرآة مربعة الشكل، لها مقبض بلاستيكي في منتصف سطحها العاكس .. تطلع الى وجهه فيها للحظه، قبل أن يجول ببصره في أنحاء الغرفه لمحاولة تحديد أنسب الأماكن لها .. ثم بدى وكأنه قد حزم أمره، فتقدم من الأرفف الثلاثه المثبته على الجدار ورفع المرآه الى النقطه بين الرف الأوسط والسفلي ..
"ماذا تفعل؟"
سأله (يوسف) .. فأجاب دون أن يبعد نظره عن المرآه والأرفف:
"هذا هو أفضل مكان يمكن أن نضعها فيه .. لانحتاج الى تثبيتها بالمسامير .. والارتفاع مناسب جدآ لرؤية الوجه.. فقط لو كانت مساحة المرآه أصغر ببضعة سنتيمترات"
على الرغم من أن مساحة المرآه أكبر قليلآ من الفراغ بين الرفين، الا أن (ياسر) لم يستسلم بسهوله.. وأخذ بالضغط عليها من جميع الجهات بكل قوته .. سمع صوت احتكاك اطار المرآه بالحافه الخشبيه للرف وتكسر أجزاء منه مع تقدم المرآه الى الداخل .. حتى انحشرت أخيرآ بين الرفين واستقرت حيث أرادها .. فأطلق تنهيدة ارتياح:
"ياه .. لقد نجحت .. ولكن يخيل الي أنها قد انحشرت والتحمت بشكل نهائي مع الأرفف"
أعقب تصريحه هذا بأن حاول جذب المرآه الى الخارج عن طريق المقبض ولكن دون جدوى ..
"هل رأيت نتاج أفكارك العبقريه يا رجل؟ .. كيف سنخرجها من بين الرفين؟"
"ومن قال أننا نرغب في اخراجها الآن؟ .. عندما يحين الوقت بعد بضع سنوات سنجد حلآ لهذه المعضله"
حرك (يوسف) رأسه يمنة ويسره وهو يفرد الورق البلاستيكي المخصص للطعام قائلآ:
"حسنآ .. دعنا نتناول طعامنا"
جلسا على أرض الغرفه يلتهمان عشاءهما من الساندويتشات وعيونهما متركزه على شاشة التلفزيون الجديد .. وفي غمرة انشغاله بذلك شعر (يوسف) بألم خفيف في صدره .. في ذات اللحظه التي صك مسامعه وصديقه صوت ارتطام جسم معدني بالأرض .. فالتفت الاثنان الى مصدره .. كان الابريق المعدني للشاي ملقآ على الأرض امام الثلاجه الصغيره الجديده .. هتف (ياسر) في انزعاج:
"اللعنه .. انه ابريق الشاي .. ما الذي أوقعه؟"
أجابه (يوسف) وهو يواصل التهام الخبز المحشو بالدجاج:
"لابد وأنه كان على حافة سطح الثلاجه جاهزآ للسقوط .. أو تركته ملقآ على جانبه فتدحرج وسقط"
هز (ياسر) رأسه نفيآ .. وقطب حاجبيه مفكرآ لبضع لحظات قبل أن يغمغم:
"لاهذا ولا ذاك .. أنا متأكد من أن الأبريق كان في الوضع الصحيح ، كما أن موقعه يتوسط سطح الثلاجه وليس على الحافه"
توقف (يوسف) عن المضغ فور سماع التأكيد السابق من صديقه .. واجتاحته رجفة قويه .. انتظرو ا الحلقة القادمة
وللمعلومية
سوف يتم طرح هذه الرواية في 1 سبتمبر في المكتبات السعودية
كما أرجو من كل قلبي أن تنشروا القصة قدر الأمكان