- [] محيط : ثم طلبت منه أن يتحدث معي بشكل أكثر تفصيلا ، فقال :
- [] محيط : وهنا سألته ما دور الحكومات العربية في هذا الصدد؟
كان الهدف الأساسي من حواري ، هو محاولة إلقاء الضوء علي ابتكار متميز نفذه مهندسون مصريون من قلب شركة برمجيات عربية .. ابتكار استهدف فئةً خاصة من مجتمعنا المصري .. فئة حرمت من نعمة البصر .. ليأتي هذا الابتكار ليتيح لهم التعامل معه مارد العصر الحديث "الكمبيوتر والإنترنت" ..
جاء لهم برنامج "إبصار "الذي تفرّدت بإنتاجه إحدي الشركات العربية المتميزة لبرامج الحاسب ، والتي تعد أيضا كبري الشركات العربية في هذا المجال .
[] في البداية قابلت المهندس مايكل غالي " رئيس قسم الأبحاث الصوتية بهذه الشركة ، ليحدثني عن هذا التميز الواضح الذي انفردت به الشركة في العالم بأسره .. فقال :
تمتلك شركتنا العديد من التقنيات الخاصة بخدمة اللغة العربية ، وتكامل هذه التقنيات مع بعضها يخدم فئة المكفوفين ، وقد جاء دعم هذه الفكرة منذ البداية من رئيس مجلس إدارة الشركة ، ويشير المهندس "مايكل غالي" إلي أن البداية كانت من خلال تقنية OCR التي تنفرد بها الشركة منذ أواخر التسعينيات من القرن الماضي ، والتي تتيح تحويل النص الورقي إلي نص إليكتروني . ثم جاءت بعد ذلك تقنية التشكيل الآلي التي يمكن من خلالها التعرف علي التشكيل المناسب من سياق النص ، وبدون هذه التقنية يستحيل فهم أي نص ، بالإضافة إلي تقنية TTS التي يمكن من خلالها توليد نص منطوق من أي نص مكتوب .
ويضيف المهندس مايكل أن الشركة استطاعت توظيف هذه التقنيات الحديثة ودمجها معا ، لتقدم للمكفوفين برنامجا جديدا يتيح لهم تصفح الإنترنت واستعمال الكمبيوتر بسهولة واضحة ، مؤكداً أن برنامج "إبصار" يستطيع خدمة فئتين من المكفوفين ؛ فئة كف بصرهم منذ الصغر ، وفئة كف بصرهم نتيجة تعرضهم لحادث ما ، مشيراً إلي أن الفئة الثانية يصعب عليها التعامل مع لغة "برايل " ، ولكن برنامج "إبصار" استطاع التغلب علي هذه العقبة بشكل واضح .
[] محيط : ثم طلبت منه أن يتحدث معي بشكل أكثر تفصيلا ، فقال :
برنامج إبصار يعتمد علي محرك نطق النصوص العربية والإنجليزية والقارئ الآلي ، كما يعمل علي مساعدة فاقدي البصر علي قراءة الكتب والمستندات المطبوعة أو الملفات الإليكترونية ، كما يساعدهم علي كتابة نصوص عربية أو إنجليزية بكفاءة عالية ، بالإضافة إلي ضغط النصوص وطباعتها بطريقة برايل ، مشيراً إلي أن هذا الحل المتكامل يساعد فاقدي البصر علي استخدام الإنترنت وقراءة المواقع العربية والإنجليزية ، وذلك بطريقة سهلة صممت خصيصا لضعاف وفاقدي البصر
كما يسمح برنامج "إبصار" لفاقدي البصر أيضا بإمكانية إرسال واستقبال وكتابة قراءة البريد الإليكتروني ، مما يسهل اتصالهم بالعالم الخارجي ، مؤكداً أن هناك عدداً من الفنانين المشهورين أمثال الموسيقار المصري عمار الشريعي ، والإذاعي الكبير عبد الرحمن عثمان ، كانوا من أوائل من استخدموا هذا البرنامج ، وقدموا ملاحظاتهم القيمة عليه عند تجربته للمرة الأولي .
كذلك أوضح "مايكل غالي" أن هذا البرنامج يجعل الكفيف يعتمد علي نفسه في قراءة الكتب ، والقيام بعمل متكامل علي الكمبيوتر بنسبة تصل لأكثر من 90 % ، بالإضافة إلي استعمال برامج ال word بكفاءة عالية ، كما يوجد داخل البرنامج نظام تعليمي لتدريب المبتدئين علي استخدام لوحة المفاتيح ، فهو يرشد المتدرب خطوة بخطوة ، إلي أن يتقن استخدام لوحة المفاتيح ، لاستخدامها في التحكم الكامل في نظام "إبصار" .
[] محيط : وعندما سألته عن الصعوبات التي واجهت فريق العمل وعلي رأسهم المهندس إيهاب عبد النبي مدير مشروع "إبصار" ، ابتسم قليلا ثم قال :
أي مشروع متفرد من نوعه ، لا بد أن يواجه في بدايته العديد من الصعوبات الفنية ، وفيما يتعلق ببرنامج "إبصار" كان أصعب ما واجهه هو قبوله من فئة المكفوفين . ولكن فترة الاختبار والتجريب التي تمت علي هذا البرنامج من قبل العديدين في مصر والدول العربية ، كان لها إسهامات كبيرة في إضافة التحسينات علي البرنامج قبل ظهوره في شكله النهائي .
ولهذا يمكن القول أن هذا البرنامج نجح بشكل كبير في عدد من المؤسسات التعليمية في مصر والكويت ، حيث تم عمل دورات تدريبية في جامعتي القاهرة وحلوان ووزارة التربية والتعليم ، للتدريب علي كيفية استخدام البرنامج دون صعوبات .
وأشار المهندس مايكل إلي أنه تم نشر 48 نسخة من البرنامج في 24 مدرسة متخصصة للمكفوفين في مصر ، وجاري استكمال المرحلة الثانية مع وزارة التربية والتعليم في مصر ، والتي تهدف إلي توفير ثمانية برامج أخري لكل مدرسة ، مؤكدا أن د. حسين كامل بهاء الدين وزير التعليم المصري ، وعد بتقديم الرعاية الكاملة لاستكمال المرحلة الثانية من المشروع ، لتصبح حصة كل مدرسة 10 برامج لخدمة الطلاب المكفوفين وضعاف البصر .
[] محيط : وعند هذه النقطة توقفت في الحديث مع المهندس مايكل غالي ، واتجهت بعد ذلك إلي السيد "صلاح ملاعب" المدير العام للشركة ، والذي أكد في بداية حديثه :
إن برنامج إبصار دائما في حالة تطوير من خلال تحسين السرعة والصوت والتغطية الإليكترونية ، حيث يسمح للمستخدم بعمل ترتيب آلي ، بالإضافة إلي أنه يحافظ علي استقلالية وخصوصية المستخدم ، كما أنه يدعم أي نوع قياسي من الحاسبات ، لذا يمكن استخدامه في المنزل والجامعة والمكتب ، فهو يعمل أيضاً على أي نظام ويندوز .
[] محيط : ثم بدأت معه حديثي ووضحت له أسباب إجراء مثل هذا الحوار معه ، معبرة له عن فخرنا جميعا بهذا الإنجاز العربي الصميم ، فقال :
نحن نطور في شركتنا منذ ما يقرب من 12 عاما تقنيات تخدم اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم التي يجب احترامها ، ونحن نعتبر الشركة العربية الوحيدة في العالم المتفردة بهذه التقنيات ، في الوقت الذي تخصص فيه شركات عالمية مثل IBM ومايكروسوفت 1% من أعمالها لخدمة اللغة العربية ، أما نحن فنخصص كل جهودنا لخدمة هذه اللغة العظيمة .
وشدد السيد "ملاعب" في حديثه علي أن العالم حتى الآن لم يستوعب قدرتنا علي إنتاج برامج وتقنيات غير مسبوقة ، رغم أن مبيعات الشركة للجيش الأمريكي وحده وصلت إلي 37 % ، في الوقت الذي تصل فيه المبيعات في مصر إلي 7 % فقط ، ويصل التصدير إلي 93 % ، وهذا إن دلّ علي شيء ، فهو يؤكد إبداعنا في مجال التقنيات التي تخدم اللغة العربية ، والتي ينحني لها العالم احتراما وتقديرا .
[] محيط : وهنا توقفت عن الكلام في هذا الموضوع ، عندما سألته عن رأيه في أهم المشاكل التي تواجه الشركات العربية في تسويق الوسائط المتعددة ، وما إمكانية إتاحة المنتج العربي للعالم بأسره ؟
أكد السيد ملاعب أن الشركات العربية لا تهتم بطريقة عرض المنتج العربي ، بقدر ما تهتم بتطوير المنتج ذاته . فأي شركة عندما تقوم بعمل تسويق لمنتجاتها تقدم العديد من المميزات التي تتيح لمنتجها التسويق بشكل جيد يرضي جميع الأذواق ، فقد تُقدم كتالوج أو كتيبات أو مطبوعات أو عروضا خاصة علي المنتج ، أو تقوم بعمل website خاص بها ، لتقدم من خلاله منتجها الجديد .
ولكن للأسف ، الشركات العربية لا تهتم بتسويق منتجها بهذه الطريقة سالفة الذكر ، مما جعل العالم يفقد الثقة في مثل هذه المنتجات العربية التي قد تكون فريدة في جوهرها ، ولكن طريقة عرضها للناس أساءت لها ، وبالتالي يقبل الفرد دائما علي شراء المنتج الأجنبي حتى ولو كان سلعة رديئة .
[] محيط : وهنا سألته ما دور الحكومات العربية في هذا الصدد؟
فقال : الحكومات العربية هي المسئولة عن تحطيم سمعة المنتج العربي ووضعه في ذيل القائمة ، بسبب حرصها الدائم علي شراء المنتج الأجنبي حتى ولو كان أغلي سعرا ، بسبب "عقدة الخواجة " المعروفة . وأنا أري أن الحكومات العربية متهمة بالتقصير الكبير في هذا الجانب ، فهي لا تقدم ما يدعم هذه الشركات ، سواء عن طريق الإنفاق علي الأبحاث العلمية ، أو توفير بيئة سليمة تتيح ظهور مبدعين عرب قادرين علي إنتاج ما ينافس المنتج الأجنبي . فكيف توفر بعض الحكومات الإنترنت مجانا لمواطنيها ، ونسبة الأمية وصلت إلى ما يقرب من نصف عدد السكان ؟
[] محيط : وأخيرا .. رأيت أن أسأله عن تقييمه لتجربة المحتوي العربي الذي يبث حاليا عبر الإنترنت .. فقال :
أنا اعتبر الإنترنت بمثابة المارد النائم الذي يحتاج إلي من يوقظه حتى يستطيع إحداث تغيير في المجتمع ، وأنا أري أن المواقع العربية الحالية علي شبكة الإنترنت هي خير من يوقظ هذا المارد ، لأنها تتسم بسمة أساسية تتمثل في سرعة التحديث التي تواكب متغيرات العصر الذي نعيشه الآن .
كما أري أن موقع " محيط " أحد الأمثلة الرائدة في هذا المجال ، فكثيرا ما أشاهد الخبر علي شاشات التليفزيون في صورة خبر عاجل ، وثوان معدودة وأجد تفاصيله علي موقع " محيط " .
وبصفة عامة .. الإنترنت سيخدم الاقتصاد العالمي بشكل كبير ، فعلي سبيل المثال 20 % من مبيعات منتجاتنا تتم عبر الإنترنت .
يعطيك العافيه