- سر التفوق العلمي والوصول الى مرتبة العلماء هو في سر علاقة العبد بربه
- فالعلماء كما نعلم انهم اشد خشية من الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسعد الله اوقاتكن بكل الخير ...
العام الدراسي الجديد قد عاد متمنية للجميع التوفيق والنجاح
سر التفوق العلمي والوصول الى مرتبة العلماء هو في سر علاقة العبد بربه
فالعلماء كما نعلم انهم اشد خشية من الله
من مقاصد الإسلام التي اعتبرها وكان له السبق في التنويه بها، تحقيق الرفاهية للأفراد ماديا ومعنويا وروحيا، والنهوض بالمجتمعات في مختلف مجالات الحياة الإنسانية، وهو ما يعرف في عصرنا هذا بالتنمية التي أشار إلى أهميتها ووظيفة الإنسان في القيام بها في مثل قوله تعالى: ''هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها'' هود· يقول الإمام الجصاص رحمه الله ''إن في ذلك دلالة على وجوب عمارة الأرض بالزراعة والغرس والأبنية''، ويقول أيضا ''ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش'' الأعراف، أي هيأنا لكم الطبيعة والأرض وأعطيناكم القدرة على التحكم فيها، غير أننا كثيرا ما نبتعد عن التنمية الفعالة والإيجابية، ونقترب من العشوائية والفوضى والتخلّف، لابتعادنا عن هدي الإسلام الذي دعا لبناء شؤوننا وعمارة الأرض وعلى أسس علمية، للوصول إلى كشف عوامل التخلّف وأسباب الضعف، وتحديد الشروط اللازمة للنهوض والتنمية، واقتراح السبل الوقائية؛ إذا الوقاية خير من العلاج، ومتى أمكن التداوي بالغذاء لا يعدل عنه إلى الدواء كما قال العلماء الحكماء·· وإننا لنجد في توجيهات الإسلام ما يجعلنا نقيم حياة علمية ونوفر ما يسمح بتطوير وتفعيل مختلف العلوم والفنون والصناعات؛ فقد أشار القرآن إلى استخدام التخطيط في السياسة الاقتصادية والتموينية، كما في قصة يوسف عليه السلام حيث أنقذت خطته مصر وما حولها من الأقطار من المجاعة·· ''قال تزرعون سبع سنين دأبا، فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون'' يوسف· وأقر الرسول صلى الله عليه وسلم مبدأ التجربة في الأمور الدنيوية والأخذ بنتائجها، وإن كانت مخالفة لرأيه صلى الله عليه وسلم، كما وقع في حادثة تأبير النخل حيث قال لهم ''أنتم أعلم بأمر دنياكم'' مسلم· وأقر الاقتباس والانتفاع بما عند الأمم الأخرى في الأمور التقنية والدنيوية وغيرها مما لا يتعارض مع عقائدنا وقيمنا، ''إذ الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها''· فقد أخذ صلى الله عليه وسلم برأي سلمان رضي الله عنه في حفر الخندق مع أنه من أساليب الفرس، وصنع له نجار رومي منبرا من خشب يخطب عليه·
ووجدنا أن رسل الله وعباده المصطفين كانوا أصحاب حرف وصناعات، فنوح يصنع السفن، وإبراهيم وابنه إسماعيل بناءان يرفعان القواعد من البيت، وداود يصنع الدروع ويلين له الحديد، وسليمان يسيل الله له عين القطر، وذو القرنين يقيم السد العظيم من الحديد والنحاس المذاب·· وإذا كانت الأمم المتحضرة تعتمد أشد الاعتماد على علم الإحصاء، فإن في القرآن الكريم ما يدعو إلى الاقتباس من نورها في مجال العد والإحصاء ''وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا'' الجن، ''لقد أحصاهم وعدهم عدا'' مريم· وقد كانت هذه الآيات حافزا للرسول صلى الله عليه وسلم على القيام بأول عملية إحصاء لعدد المسلمين في فجر الإسلام، عن حذيفة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ''اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس فكتبنا له ألفا وخمسمائة رجل''·· الحديث·
أخي القارئ، سقت هذه الأفكار ونحن نعيش الدخول الاجتماعي، حيث تفتح المدارس والجامعات أبوابها من جديد، عسى أن تكون محفّزة للنفوس ومقوية للإرادات ومصححة للمفاهيم، أمام ما تعانيه المنظومة التعليمية والتربوية في البلاد العربية خصوصا من عقبات، وأمام بعض الأصوات التي لا ترى في العلم إلا العلوم الدينية إلى درجة تحريم تعلم العلوم الكونية والمدنية المفروضة على الأمة فرض كفاية·· وما علم هؤلاء أنها علوم شرعية بالمفهوم الصحيح للعلم في القرآن والسنة، وأننا آثمون ما لم نحقق منها قدر كفاية الأمة، ليكون منا أمثال الإدريسي في الجغرافيا وأمثال الخوارزمي في الجبر، وأمثال الرازي في الكيمياء، وأمثال البستاني في الفلك، وأمثال ابن الهيثم في الفيزياء، وأمثال المنصوري في التشريح، وأمثال ابن سينا في الطب والفلسفة···
وقوله تعالى ''إنما يخشى الله من عباده العلماء'' جاء في سياق الإشارة إلى مجموعة من فنون وتخصصات علوم الكون قال سبحانه ''ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءً فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور'' فاطر 27-.28 فالمشتغل بعلوم الحياة بصدق وجدية، يحصل على خشية الله والإيمان الكامل به، لما تورثه هذه العلوم في نفسه من دلائل قدرة الله وحقائق قوانينه في الكون والاجتماع، وصدق سبحانه إذ يقول ''ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين'' الروم، وقال ''وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون'' الأنعام·
وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال ''طلب العلم فريضة على كل مسلم''·
فلا أحد يملك تخصيص هذا النص بالعلم الديني دون غيره من علوم الحياة إلا بدليل، ولا دليل على التخصيص، بل جميع الآيات والأحاديث الواردة في مختلف العلوم تدل على هذا الشمول، وإن اختلفت مرتبة الطلب على حسب اختلاف الأشخاص والأعمار والبيئات والأزمنة·
دمتن بحفظ الله