- ثم قهقهت مرة أخرى و هي تهز رأسها بخفة و تستدير نحو الداخل ..
- مقصّه ..!! * * * *
- و لو عندها تيلفون كيف بترمسينها ..
- اتسعت عينا أمها بادراك قبل أن تزفر بضيق .. تابعت وديمة ..
- ضربتها أمها بخفة على ذراعها و هي تنهرها مدافعة عن ابنتها بالرضاعة ..
- أيجدن في نفوسهن النشاط لشق الإبتسامة بعد يومهن الدراسي .. عجيب ..!!
- داانوه ..
كيفكم يافراشات
جبت لكم روايه من اروع الروايات ومن جد انصدمت لمن بحثت عنها في قوقل في منتدى الفراشه وماحصلتها وفي نفس الوقت فرحت لان ودي انزل روايه جنان واغلبها القاها موجوده <المهم مالك بالطويله اخلصي هع
انا كنت ماتقبل بعض الروايات الامارتيه علشان مافهم اللهجه بس هذي الروايه من جد غيرتخليك تفهمينها وتاخذك في جو رومانس وخيال
ومضحك في نفس الوقت
ومااقول الا مبدعه ياليتني غريبه
~~~~~~~~~~~~~~~~
يله بسم الله نبدأ الدخول في خطوات هااديه لقراءة الرائعه ( خطوات تغفو على عتبات الرحيل )
للكاتبه .... ليتني غريبة
إليهم ..
من سكنوا حنايا الذاكرة .. استحلوها و استبدوا بها .. فأضحت عاجزة عن النسيان ..
من لازلت من الأمس إلى يومي .. حتى غدٍ .. أعيش على تلك الصور الغابرة .. حيث وجوههم الذاوية ..
لم أعد أميّز ملامحها ..
إليها ..
تلك العاجزة عن إخلاء سبيل أطياف الراحلين .. متشبثة بألمها .. غارقة به ..
مجنونة ..
تسخر من أحزانها بابتسامة .. تدمي روحها ..
إليكم ..
لمكامن الشعور في تلك القلوب الرحبة .. مشاعر دفينة ..
لفوضى الإحساس في نفوس مضنية .. أحاسيس حائرة ..
حتما ..
ستتفجر ..!
إليّ ..
لدمعتي الغبية التي لا أعرف لها سببا .. مشاعري المتخبطة بين أضلعي ..
حائرة .. متوجسة ..
لا تعرف الهدوء للحظة ..
إلا بعد دوي الرحيل ..!
.
.
ألفت لي مسكنا هنا .. يجرني إليه الحنين عائدة ..
لأحط الرحال مجددا .. بين وريقاتي الخاوية ..، و أحرف ..
ستتساقط هامات الكلمات منهزمة ..
تحت وطأة ما ستحمله هذه الحكاية ..
لا شيء يجعلني بهذه النشوة ..
كالدنو منكم مجددا
فوضى تعتري روحي .. أتيه بها و تبعثرني .. بحاجة لأن أرمي بأثقال ما يحير إحساسي هنا ..
لربما إهتديت إلى تلك الطرقات التي ستعيدني .. إلى عتبات الرحيل ..
أو الحنين ..
أخيرا ،،
كل بوح لقلمي هنا هو لي .. مني .. و إليّ ..
أي حرف سيستبى من بين وريقاتي في ذمة من سينشلها من جعبتي إلى يوم الوعيد ..
خطوات مسروقة
.
.
ترتعش و تكاد ركبتاها أن تتهاوى .. لم تعد تقوى الوقوف .. و قوة زائفة تهتز على وجهها ..
تتزعزع ..
جسده القوي يميل على الباب .. واثقا .. ساخرا ..
يرتجف صوتها و هي تتدارك قلبها الأحمق .. قد يفضحها ..
و هي ترفع بصرها بشموخ منكسر .. و سبابتها المتخاذلة تشير نحو الباب ..!
ما زال البرود يسكن عينيه .. يجتاح جسدها المرتعد .. و هي تريد أن تغمض عينيها للحظات فقط ..
لكنه سيدرك كم هي ضعيفة ..
و سيسعده ذلك ..
لا ..
لن يغلبها ..
عادت تنظر لوجهه الجامد اللامبالي .. تبحث في قسمات وجهه المتصلب عن صدى لإحساسها الأخرق ..
حتما لن تجد شيئا ..
هو .. هو
لم يتغير ..
و لن يفعل ..
شدت يدها و إصبعها يجد طريقه للثبات ..
و تكابد دمعة تسعى للفرار ..
- إظهر من بيتيه .. إظهر من حياتيه ..
.
الخطوة الأولى
كانت الشمس قد تبوأت مكانا في صدر السماء .. لتسلّط أشعتها الحارقة بلا رحمة .. تشعل الأرض جحيما ..
تلهب جدران تلك المنازل المتهاوية .. تذيب الأنفاس ..
و تكوي وجهها المتغضن بضيق .. و هي تلهث بتعب .. إذا كانت هذه أضواء شمس دنيا باهتة ..
و تحيلهم رمادا في هذا اليوم ..
فليجرهم الله من نار الآخرة إذا ..
رحمتك يا رباه .. الحر شديد هذا اليوم ..
تنفض الثوب المبتل بين يديها لتعلقه على حبل الملابس .. و هي تشخر ساخرة .. تحت وطأة هذه الشمس و حرارتها .. ستعود بعد لحظات لتجمع هذه الملابس ..
واصلت نفض الملابس و هي تنتعش لثوانٍ خادعة بالقطرات التي تتناثر منها .. فقد تعطل جهاز تنشيف غسالتهم .. عليهم نشر الثياب مبتلة تماما ..
تنهدت بقوة .. لا بأس ما دامت سترطب الأجواء في هذا الحر القاتل ..
مسحت جبينها المحمر بتعب ..و هي تواصل نشر الملابس .. حانت منها التفاته سريعة للسور القصير المتخاذل ..
المشترك بينهم و بين جيرانهم .. فكرت بداخلها أن ترمي بعض الحصى لتنبه فاطمة .. فتلاقيها ..
سرعان ما تراجعت عن هذه الرغبة ..
فهن بالتأكيد سيتحدثن عبر الفرجة التي توجد في الجدار القابع خلف المطبخ ..
و تحت لسعات هذه الشمس .. لا تعتقد بأنها ستجد متعة في الحديث .. الأفضل أن تتوجه للداخل فور انتهائها من هذه الملابس .. كي تقضي ما تبقى من أعمال ..
انتهت من نشر الملابس لتجيل نظرها في الباحة الخلفية لمنزلهم .. الباحة الضيقة .. التي لا يتجاوز طولها الثلاثة أمتار و عرضها المترين ..
حملت سلة الغسيل .. و استدارت متوجهة للحمام .. لتضعها حيث مكانها .. قرب الغسالة .. و لكنها توقفت عند باب المطبخ .. لتدلف بهدوء .. و هي تراها تدير ظهرها لها و تحرك الملعقة في القدر ..
مدت يدها تلمس كتفها لتنبهها إلى وجودها .. فالتفتت تلك بسرعة ثم ابتسمت بشغب و هي تشير لوجهها الجميل ضاحكة ..
عقدت الأولى جبينها بضيق .. لابد أن وجهها محمر بشدة فبشرتها البيضاء ستحترق حتما تحت أشعة الشمس ..
صفقت بيدها ثم دفعتها في وجهها بحركة طفولية مضحكة .. لتهتز تلك مجددا في ضحكة متقطعة و عينيها الواسعتين مغمضتين ..
قبل أن تشير لها أختها بيدها بحركة فنجان يشرب و تشير لعلبة الشاي في رف قريب .. و هي ترفع صوتها بشدة ..
هزت تلك رأسها و أشارت إلى عينيها ..
ابتسمت تلك و اقتربت منها تطبع على خدها قبلة قويّة .. و تقول بصوت عادي تعلم أنها لن تسمعه و لكن تحرك شفتيها بوضوح ..
خرجت من المطبخ و وضعت السلة في الحمام الوحيد في المنزل باستثناء الحمام الملحق بالغرفة الخارجية الحقيرة التي يطلقون عليها مجلس الرجال ..!
أي رجال .. تلك الغرفة الضيقة لن تكفي سبعة منهم ..
نظرت للمساحة الصغيرة بين الغرف الثلاث التي يعتبرونها صالة و مكانا للجلوس حيث وضعوا جهاز التلفاز المسن .. ارتاحت لمرآها نظيفة ..
رفعت بصرها نحو الباب المقابل مباشرة .. لتتقدم بهدوء و تدير المقبض و تدفعه .. ليكشف خلفه عن غرفة ضيقة وُضع في زاويتها على الأرض مرتبة مربعة فُرش عليها غطاء و وزعت بها مخدتين عريضتين و بطانية ثقيلة ..
و بجانبها جلست تلك على الأرض بين يديها ثوبا لم تتبين ما الذي تفعله به .. اقتربت ببطء كي لا تشد ناظرها حركتها .. لتجدها ترتق شقا في طرف الثوب بإبرة .. جلست بجانبها لترفع تلك رأسها بابتسامة حنونة ..
شيء كالحلم ارتسم على وجهها الذي خطت به الأيام ما يكبر سنها الحقيقي .. بادلتها هي الابتسامة بصدق و هي تصيح بصوت عالٍ ..
- أمااه .. جاهي .. جاهي في الصالة ..
و تشير بيدها لتفهمها ما تقصد .. فتهز أمها رأسها بهدوء و هي تشير لما بين يديها .. ففهمت مقصدها بأن تريد أن تنهي ما بين يديها .. و هي تسمع حديثها المتقطع ..
- ثوب عفااه .. تبااه يوم ..
تذكرت .. أوف ،، عفرا و ما تريد .. فكرت بأن تلقي نظرة سريعة على فاطمة لتسألها الآن ما تريد ..
وقفت بسرعة و ركضت بخفة لتصل إلى الباحة الخلفية الضيقة خلف البيت .. فتلتقط بعض الحصى من الأرض و ترميها على المظلة التي تظلل جزء بيت جيرانهم الخلفي .. حيث يوقفون سيارتهم الوحيدة ..
لحظات و يصلها صوت فاطمة الناعمة و هي ترفعه كي تسمعها ..
رفعت صوتها هي الأخرى ..
أتاها صوت فاطمة مجددا ..
- بلاج حور ..؟
- تعالي صوب الفتحة برمسج ..
و ركضت للجدار القابع خلف المطبخ .. لتدس وجهها في الفتحة المستديرة .. قبل أن يطل وجه فاطمة من الجانب الآخر ..
ابتسمت حور بود ..
- أهلين ..
- هاا شعندج بسرعة الغدا ع النار أخاف يحترق ..!
ابتسمت حور مازحة ..
- و إذا بيحترق بتفرق يعني .. بيسمم أهلج بيسممهم .. محترق و الا لا ...
مطت فاطمة شفتيها ..
- مالت عليج .. أنا أستاهل لي أخطط أطرش لج من الصالونة ..
اتسعت عينا حور بلهفة ..
نفخت فاطمة صدرها ..
- عيل .. الحين خلصينيه شعندج ..
رفعت عينيها للأعلى بحرج .. تشعر بالضيق دوما لإضطرارها أن تطلب من صديقتها شيئا رغم أنهم اعتادوا على تبادل احتياجاتهم ..
- آآم .. فطوم بتخبرج .. بعده فستان عرس خوج سالم عندج ..؟!
هز فاطمة رأسها بعجب ..
- هيه .. بس هذا مفصلتنه قبل أربع سنين يمكن يطلع قصير عليج ..
هزت حور رأسها بسرعة ..
- لا هب أنا لي أباه .. عفاري تبا فستان للتخرج .. تعرفين باقلها شهرين و تتخرج من الثنوية .. قلت أشوفه بعده عندج ..؟!
ابتسمت فاطمة بحب ..
- أفاا عليج .. إلا عنديه .. و بييبه لج العصر إن شا الله .. كم حور عدنا .. تستاهل عفااري ..
قالت حور ببؤس ..
- على الله يطلع على مقاسها .. ناقة هاي هب بنية .. شوي و تطولنيه ..
ضحكت فاطمة برقة ..
- عادي لو ما يا عليها بنفكه من تحت أهم شي تلبس فستان في التخرج شرات باقي البنات ..
ابتسمت حور و مدت يدها عبر الفتحة لتقرص وجنة صديقتها بحب ..
- يعلنيه هب بلاج يا الغالية ..
أسدلت فاطمة أهدابها بخجل مصطنع ..
- أحرجتينيه ..
- قولي و الله ..!
- و الله ..
- هب كأنها هاي ريحة غداكم يحترق ..
اتسعت عينا فاطمة برعب .. الغداء.. و ركضت مسرعة .. فيما صرخت حور خلفها و هي تقهقه بقوة ..
- لا تنسين تييبين الفستان عسب تقايسه الناقه ..
ثم قهقهت مرة أخرى و هي تهز رأسها بخفة و تستدير نحو الداخل ..
مقصّه ..!! * * * *
نقلت طفلتها بعناية من يدٍ إلى أخرى و هي تدلف البيت بهدوء شديد .. تعلم جيدا أين ستجد أصحابه في هذا الوقت .. توجهت مباشرة نحو المطبخ .. لتتسع ابتسامتها حالما وقعت عيناها على أمها و هي تدور و تساعد الخادمة في إعداد الغداء ..
التفتت أمها بحنان و هي تتقدم منها ..
- و عليكم السلام و الرحمة .. مرحبا .. مرحبا .. حيا الله من يا ..
قبلت رأس أمها و هي تناولها الصغيرة لتسلم عليها ..
- يحييج و يبقيج فديتج .. شحالج أمايا ..
تخرجها من المطبخ و تقودها للصالة ..
- بخير يعلج الخير .. شحالج انتي و شحال مريومتي - و ضمت الصغيرة لصدرها بحنان - بعدها مريظة ..؟!
تنهدت إبنتها ..
- يسرج حاليه .. مريوم تونيه يايبتنها من العيادة مسويلها أكسجين .. إدعيلها انتي بس ..
- الله يشفيها ..
- آمين ..
مدت أناملها تمررها على شعر ابنتها الغارقة في حضن أمها ..
نظرت لها أمها شزرا ..
- لازم بتخبرين عنها سميتج .. ما تنشدتي عن خوانج ..
ضحكت وديمة بمرح ..
- شوه أمايه ليكون تغارين ..!
عقدت أمها جبينها ..
- أغار من شوه .. صدق ما عندكن سالفة يا بنات هالزمن ..
ابتسمت بهدوء ..
- لا صدق أمايه .. خالوه شحالها .. من زمان عديبها ..
تنهدت أمها بأسى ..
- لا تخبرينيه .. و الله أنا لي من زمان عنها .. من أسبوعين يمكن هب داريه عنها .. التهيت بالبيت و العيال و ما رمت أسير لها .. هي لو عندها تيلفون كان زين ..
ابتسمت وديمة بمرارة لزلة أمها ..
و لو عندها تيلفون كيف بترمسينها ..
اتسعت عينا أمها بادراك قبل أن تزفر بضيق .. تابعت وديمة ..
- التيلفون عند هالخبلة حوورووه ... بس دومها مبندتنه ..
- هيه ترانيه تخبرت مايد البارحة و قاليه إنها ما تبطله .. مادري عيل ليش يايبتنه ..
- شوه يايبتنه بعد .. هذا لي يقاله ريلها يايبنه لها .. بس ما تبطله خايفة يتصل .. و الله إنها مشفرة هالبنية .. إلا ما أرضعتيها شي من العقل يا أميه ..
ضربتها أمها بخفة على ذراعها و هي تنهرها مدافعة عن ابنتها بالرضاعة ..
- حور أعقل عنج ظامة هل بيتهم كلهم هي و المها .. غير أبوها ما سوى خير يوم فرها في ذمة هالريال .. عنبوه من ملك عليها ما شافت شيفته ،،، أمبونها هب عارفتنه هي و أهله لي ما شافتهم غير يوم الملكة المنحوس ..
خففت وديمة عن أمها ..
- شوه تبين ابهم .. هاييلا هلهم .. و متفاهمين .. تعرفين انتي البير و غطاه .. خلينا برا هالسالفة أخير لنا ..
قالت أمها بقوة ..
- هاي بنتيه ..
- أدري فديتج .. بس شوه بتغيرين انتي من الوضع ..؟! ما باليد حيله يا أميه .. إذا أبوها راضي بالوضع .. نحن مالنا حجة عليه ..
نفخت أمها بقهر و هي تنظر لوجه الطفلة ..
يقع ظلم كبير على تلك الفتاة و الكل يتفرج ..!
عقدت جبينها بشدة و هي ترى المسألة تتعقد في عينها أكثر .. فأكثر .. حقا لن تجني شيئا من خلف هذه الفيزياء بخلاف خلل سيصيب دماغها مع نهاية العام ..
صفقت الكتاب بقوة لتدسه في حقيبتها المدرسية .. و تضم غطاء رأسها جيدا .. لتنظر عبر نافذة الحافلة للخارج و تزفر ببطء ..
زحمة الشوارع الضيّقة و هذه الأحياء المتقاربة .. و السيارات العائدة من أعمال أصحابها ..
كانت أصوات الفتيات في الحافلة المدرسية و هي تقلهم للبيت من المدرسة تعلو و تتفاوت و ضحكاتهن تملأ الجو ..
أيجدن في نفوسهن النشاط لشق الإبتسامة بعد يومهن الدراسي .. عجيب ..!!
من زحمة الأصوات يصل لمسامعها صوتين تألفهما كما تألف اسمها .. ضحكاتهن .. و حكاياتهن المتحمسة ..
رغم عنها وجدت نفسها تبتسم و هي تستمع لأختها التي تصغرها بسنتين و هي تتحدث بصوت عالٍ عن قصة تعرف هي جيدا أنها لم تحدث قط ،، و لكنها تستمتع بسرد الأكاذيب و الحكايات الملفقة .. هذا ما يجعلها محط الأنظار من زميلاتها .. هي و أختها الأخرى التي تكبر الصغيرة بسنة .. يستطعن الاندماج بسرعة معا في أي مكان ما ،،، و لم يكن ذاك صعبا عليهن في المدرسة .. حيث جميع من ينضم لذاك المجتمع يقاربهن في السن ..
شعرت بثقل يقع بجانبها على طرف المقعد الخالي .. لترى أختها التي تصغرها بسنة مسترخية و هي تلف غطاء رأسها بعنف ..
- أوف .. حر .. بموت .. عفاري لو انصهرت حطونيه في الثلاجة ..
و راحت تضحك بشدة على نكتتها السخيفة .. فيما هزت عفرا رأسها باستخفاف ..
- وين هاي الثلاجة لي بتسدج ..؟!
نظرت بطرف عينها و هي تقول بتكبر ..
- شوه أخت عفرا .. عندج شك في رشاقتي ..؟!
رفعت عفرا حاجبا ساخرا ..
- لا حشا .. امنوه بيشك في حجمج يا نورة ما شا الله .. إنتي يقين تسدين عين الشمس ،،،
ابتسمت نورة بخبث ..
- كأنج تسبينيه .. بس ما عليه ،، ناقة ما ألومج أكيد تغارين ..
نظرت لها بضيق .. لا تحب أن يعيّرها أحد بطولها .. خصوصا شقيقاتها القصيرات القامة اللواتي تفوقهن طولا ..
- ما برد عليج يا حكيم الأقزام .. أشري لختج خليها تيي .. قربنا من راس شارع الفريق ..
رفعت نورة يدها بحماس و هي تشير لأختهن و تقول بصوت مرتفع تريد أن يصلها من بين أصوات الفتيات ..
داانوه ..
التفتت دانة نحوهن قبل أن تشير نورة لمقدمة الحافلة .. فالتقطت دانة حقيبتها ثم تقدمت للكرسي لتدفع نورة إلى الداخل و تجلس بجانبها .. رغم ضيق الكرسي الذي بالكاد اتسع لثلاثتهن .. إلا أنهن لم يشعر بالضيق .. لحظات و توقفت الحافلة عند موقفهن المعتاد .. حملن حقائبهن المدرسيّة على أكتافهن قبل أن يرفعن أطراف غطاء رؤوسهن على وجوههن و ينزلن من الحافلة تباعا ..، تحركت الحافلة مبتعدة و مفسحة لهن الطريق ليقطعن المسافة المتبقية بين البيت و المنزل مشيا على الأقدام .. تذمرت دانة بشدة ..
- ما بوصل البيت إلا أنا متسبحة عرق .. حر حر .. أف .. الله المستعان ..
كادت تبكي حين رأت سيارة مقبلة من الشارع البعيد ..
- لا .. هب ناقصينه هالسبال بعد ،،،
التفتن جميعا ليرن السيارة المقبلة .. هتفت نورة بحنق ..
- و الله العظيم لفره بحصى ،، هالثور ما يفطن .. عنبوه ما يحشم ييرانه .. أنا أقول شعنه ما تم معرس غير سنة امنوه يروم لواحد شراته هالحقير ..
كانت عفرا هادئة و صارمة ,,
- ما عليكن امنه .. سون طاف و امشن و لا تلفن يمين و لا شمال .. نورة و الله ليوصل الخبر لبوية هب حور لو رديتي عليه .. خليه يخيس هو و رمسته السم .. طنشن و الا بيشجعه المرادد .. سيده ..
قالت دانة بغصة ..
- لو أروم أقول لبوية بس .. و الله ليدفنه في القاع الكلب ..
همست نورة مع إقتراب السيارة التي أصبحت تمشي بقربهن ببطء ..
- خبلة انتي ..؟! بيدفنه و بيدفنا وياه .. ابوج ما عنده ون تو .. بقول انتن يريتنه .. طبيه الخايس ما يرزا ..
و ببطء أنزل زجاج نافذة السيارة ببطء شديد .. و هو يقول بصوت يحاول جاهدا أنا يكون رقيقا ..
واصلن البنات يحثثن الخطى بصمت .. لم يعدن حتى يتبادلن الأحاديث فيما بينهن ..
- أفاا ما تردن السلام .. السلام لله .. ما تبن توصيله ..
تشعر نورة بشيء يتصاعد في صدرها .. تريد أن تتوقف لتلتقط حجرا من حجارة هذا الشارع المهمل لترميها على رأسه عديم النفع .. و صوته النشاز يصلهن و هو يقول بخبث ..
- حرام و الله غصون البان تمشي تحت هالشمس .. فديت عرضاتهم العرب .. لو من أهلكن كان حطيت موتر و دريول خاص يوصلكن الين باب الحجرة ..
همست نورة بحقد لا يسمعها إلا أختيها ..
- إنقلع زين .. انته لو تروم سير بدل موترك .. لو تغازل ع سيكل أشرف لك من هالكشرة ..
حبست أختيها الضحكات باستماتة .. و تنفسن الصعداء حين لاح البيت الصغير لهن من بعيد .. قال هو مودعا ..
- الوعد باكر يا الغراشيب .. ارقبنيه ..
و أسرع من سير سيارته .. لا يستطيع اللحاق بهن حين يقتربن من البيت يخشى على نفسه من أبيهن ..
في حين تنهدت دانة بارتياح ..
.. خطوات تلتمس طريق البداية ..
في غياهب ظلمات النعاس صوت الطرقات يشق السكون الخامل .. ينتشلها من رقادها بقوة .. لترفع رأسها بتعب من على المخدة و شعرها الجاف يسقط على وجهها .. فتتذمر بصوت أثقله النعاس ..
- امنوه ..
كانت تلك أمها التي صاحت بها و هي لا تزال تطرق الباب بقوة ..
- رويض نشي و صلي العصر لا تطوفج الصلاة ..
هز رأسها الثقيل تنفض النوم قبل أن تقول ..
- انزين خلاص ..
سكون أعقب الكلمات لترتمي مجددا على السرير .. خمس دقائق فقط ثم ستصلي .. خمس دقائق .. تقلبت على الفراش الوثير .. و راح جفناها يثقلان .. قبل أن تجفل بفزع حين عادت الطرقات تلح على بابها بقوة ..
- روضوه نشي صلي ..
مسحت وجهها بتعب ..
- نشيت .. و الله نشيت ..
ألقت نظرة على ساعة الحائط لتجد عقاربها تشير للرابعة و النصف .. فدفعت عنها غطاء السرير متوجهه نحو الحمام لتتوضأ .. تخطو على أرضيته الرخامية الفخمة ..
أدارت الصنبور ليتدفق الماء الدافئ بقوة تحويه بين يديها لتنثره على وجهها البارد فتسترخي قليلا ..
كان اليوم متعبا للغاية ،،، المزيد من المحاضرات .. المزيد من الواجبات المنزلية .. ثم تأتي إلى البيت تنشد الراحة لسويعات قليلة فلا تجدها ..!!
تنهدت و هي تتوضأ ببطء .. قبل أن تخرج لترتدي ما يناسب الصلاة و تلف غطاء رأسها بإحكام ..
ترفع يديها لجانب رأسها .......
- الله أكبر ..
* * * * *
تشد الغطاء لرأسها بقوة و هي تتمسك بثوب أختها الكبرى .. فيما راحت أختها الأخرى تسحب طرف الغطاء ..
- أقولج خوزي أخيرلج .. و الله تتصفعين ..
صاحب الصغيرة باكية ..
- حور قولي لهند .. أنا حجزت المكان قبلها .. أبا أوقف عدالج ..
صاحت هند بقسوة لا تظهرها إلا نادرا ..
- مزنووه خوزي أخيرلج .. عطيتج ويه أنا أوقف كل يوم عدالها في الصلاة ..
أغمضت حور عيناها لبرهة قبل أن تنهرهما بقوة ..
- بس إنتي وياها راحت علينا الصلاة و انتن تظاربن .. مزنووه شتبين بالوقفة عداليه ..
ضربت الأرض بقدمها ..
- ما أسمعج يوم تقرين ..
اتسعت عينا نورة بدهشة و هي تضحك ..
- يالخراطة أنا آخر وحدة و أسمعها .. - ثم غمزت بخبث - قولي إنج تبين عدالها يا الياهل ..
- أنا هب ياهل .. حور ما أسمعج .. ليش هندووه كله توقف عدالج .. و لا مرة قد وقفت عدالج ..
صاحت عفرا بإحباط ..
- فكنا وحدة توقف عسب نصلي .. ما ترزا علينا صلاة الجماعة كل الحسنات تروح في ظراباتكن .. يا الله حور عنديه إمتحان أبا أذاكر ..
تنهدت حور و هي تقترب من هند ..
- هند خليها توقف عداليه هالمرة .. حرام عليج .. راعي ختج الصغيرة .. ليس منا من لم يعطف على صغيرنا ..
كانت وجه هند واثقا و هي تقول ببرود ..
- و من لم يحترم كبيرنا وين راحت .. ما يخصنيه أنا هذا مكانيه كل يوم أصلي عدالج ..
كانت دانة تشير للمها و تشرح سبب تأخير صلاتهن .. فاقتربت من حور و هي تشير لهن ..
- سوعه .. صلاه أووح .. أكاني .. أكاني ..
التفتت حور لمزنة بغضب ..
- يا الله تعالي من الصوب الثاني مكان مهاوي .. و إن ما خليتي حركات الدلع هاي بسنعج .. راحت الصلاة و السبة دلعج ..
تحركت مزنة بفرحة لتقف بجانب حور و كأنما لم تسمع توبيخها .. اصطفن جميعا جنبا إلى جنب تؤمهن حور .. التي نهرت مزنة مرة أخرى ..
- قذلتج ظاهرة .. دخليها ..
عادت مزنة تلف غطاء رأسها على وجهها الطفولي الصغير ..
قبل أن تنتهي و تنظر لحور بابتسامة بادلتها إياها رغما عنها .. قبل أن تنظر للأمام و تخفض عينيها ..
- الله أكبر ..
* * * * *
تنزل درجات السلم ببطء و هي تتثاءب بإرهاق .. لازال الإغراء قويا بأن تعود لتستلقي على فراشها الدافئ الوثير في ظلمة غرفتها و برودة مكيف الهواء ..
و لكن بمجرد أن وصلت منتصف السلم حتى طارت تلك الأفكار آخذةً معها ما تبقى من رغبة بالنوم و هي تتوقف في مكانها بذهول .. عينيها تتسع شيئا فشيئا و هي تمعن النظر في ذاك الوجه الصارم .. ابتسمت بحب و احترام و هي تسارع بالنزول .. و وجهها يشع فرحا برؤيته .. حتى وصلت إلى حيث استرخى على الأريكة ..
- السلام عليكم ..
رد ابتسامتها بهدوء و هي تنحني لتسلم عليه ..
- و عليكم السلام و الرحمه .. مرحبا بالشيخة روضة ..
جلست بجانبه و هي تقول ..
- لمرحب بااقي .. شحالك غيث ..
- بخير الله يعافيج .. اشحالج انتي .. و اعلوم دراستج ..
- لعلوم طيبة تسرك و ترفع راسك .. وينك معاد ييت البيت .. تولهنا عليك ..!
وضع يده على يدها يشد عليها ..
- مشغول فديتج .. وينها شيخة ..؟!
هبت واقفة تلتقط دلة القهوة من على الطاولة التي أمامها و تصب فنجانا له .. تمده باحترام ..
- مادريبها يمكن تصلي ..!
التقط الفنجان ليرتشفه دفعة واحدة ..
- سيري شوفيها .. أبا أسلم عليها قبل لا أظهر ..
هزت رأسها بطاعة لتنطلق بسرعة إلى الأعلى .. فيما خرجت أمها من المطبخ متوجهة إلى حيث يجلس هو ..
- حيا الله من يا ..
نظر غيث لزوجة أبيه و هي تجلس بوهن على الكرسي المقابل ..
- يحييج و يبقيج ..
- شحالك فديتك .. رب الشغل هب تعب عليك عقب الإدارة ..
أجابها بهدوء ..
- لا هب تعب ..
قالت بحنان ..
- يدتك شحالها ..
- طيبة ما عليها باس ..
دوما يبتر أطراف الحديث ،،، صمتت للحظة .. قبل أن تعود فتقول ..
- غيث ابوية .. طفت الثلاثين ما تبا تعرس ..
نظر لها غيث بسخريه و هو يكبح ضحكة فظّة ..
- أنا معرس عموه ..
عقدت جبينها لوهلة قبل أن تتذكر ثم يزداد الجبين إنعقادا و هي تقول بشيء من الضيق ..
- بعدك تباها بنت عمّك ..
رفع أحد حاجبيه متسائلا بغرور ..
- هيه بعدنيه .. حد قالج غير هالرمسة ..؟
هزت رأسها نفيا و هي تقول ..
- لا .. يا غير لك سنة و شي مالك عليها محد ياب طاري العرس ..
لم يرد على هذا السؤال و كأنما لا يستحق ذلك .. ظل وجهه الجامد ينظر للأمام .. فعادت تقول بشيء من التوتر ..
- كانك ما تباها ،، من اليوم نخطبلك شيختاا ..
نظر لها بشيء من البرود و صوته الصارم يتساءل ..
- شوه عموه .. شايفة شي ع البنية ..
هز رأسها بسرعة تنفي ذلك .. و صوتها يتضاءل ..
- لا حشى .. بس ....
استرخى أكثر في مقعده و التقط كوب الماء يرتشفه ببطء كأنا وجد في ارتباكها ما يسليه ..
- بس شوه ..؟!
عقدت جبينها و هي تقول بسرعة ..
- انته تعرف إن أمها صمخه و ختها بعد .. يمكن عيالك ييون شراتهم ..
كاد غيث يختنق بالماء الذي يشربه .. أبناءه ..!! لم يفكر بشيء كهذا ،،، الزواج ليس من أولوياته .. و لا يهمه .. آخر ما يريده الآن هو تضييع الوقت في دوامة تفاهات نسائية .. رد بقسوة و عينيه تتسلطان على زوجة أبيه المهزوزة ..
- البنت عايبتنيه و لو أمها بكما عميا ما تشوف .. أنا تخيرتاا لنيه أباها .. و صكي السالفة ..
انتفضت تحت وطأة كلماته و نظراته القاسية .. و وضع هو الكأس الفارغ على الطاولة بقوة .. لا يهمه أن يكذب فهو معتاد على ذلك .. و لكنه يجد فائدة من هذا الزواج ،،، على الأقل لا يزعجونه بطلبهم منه أن يتزوج كما كانوا يفعلون مسبقا .. رغم أن والده وجد وسيله يضغط بها عليه بعد أن استلم إدارة الشركة الجديدة .. و هي حثه على تحديد موعد الزواج ..يسانده في ذلك أعمامه الثلاثة .. و إبن عمه فهد .. شعر بالبرود يسري في صدره و هو يتذكر نظراته الحاقده على الغداء هذا اليوم .. قست ملامح وجهه أكثر قبل أن يرفع عينه نحو الاثنتين اللتان تنزلان الدرج بسرعة .. اغتصب ابتسامه فاترة صغيرة يستقبل بها أخته التي لم يرها منذ ما يقارب الأسبوعين ..
- مرحبا بشيختهم ..
سلمت عليه بأدب و جلست بجانب أمها .. قبل أن تقول بصوت خشن نوعا ما ..
- لمرحب بااقي .. شحالك ..
قال بسرعة و هو ينهض من مكانه ..
- حاليه طيب .. شعندكن .. ساعة لين تنزلين تسلمين ..
ارتبكت شيخة و هي ترد ..
- لا بس كنت أصلي .. ايلس .. ما شفناك ..
قال بهدوء ..
- مستعيل .. مرة ثانية ..
اقتربن يسلمن عليه مرة أخرى قبل أن يدير ظهره لهن متوجها للخارج ..
في اللحظة التي خرج تجاوز فيها الباب خارجا .. تنهدت أمهن بشيء من الراحة ،،، وجود ابن زوجها الأكبر دوما يرهبها و يربكها .. التفتت لابنتها الصغرى تنظر إليها شزرا ..
- ما شا الله عليج .. غادية حرمة .. ما نشوفج ترتزين بالكندورة إلا يوم خوج هنيه .. و الا صراويلج ما تخلينها ..
أدارت لأمها جانب وجهها .. ليست في مزاج للرد عليها ..
زفرت بضيق و هي تستشعر محاضرة ما قادمة في الطريق ..
.
.
.
في اللحظة التي خرج فيها من الباب وقعت عيناها على السيارة التي دلفت للتو من البوابة الرئيسية متوجهة ببطء نحو الفيلا .. اشتد فكه بقسوة و هو يرى أخيه الأصغر منه سنا يترجل منها دون أن ينتبه إليه .. فهتف بحزم ..
- حامد ..
أجفل بقوة قبل أن يلتفت لأخيه الأكبر الذي يقف أمام باب البيت كالوحش المستعد لأن يفتك به .. صفق باب السيارة بسرعة ثم اتجه نحوه ليسلم بقلق ..
- مرحبا و الله .. السلام عليك بو سيف ..
لكن غيث لم يرد سلامه .. قال بصوت يقطر جليدا ..
- وين كنت اليوم ع الغدا ..؟
جال ببصره متجنبا التقاء بعينيه الحادتين ..
- كنت معزوم عند الشباب ..
صمت يمر للحظات قبل أن يهز غيث رأسه بهدوء و يقول بصوت صارم ..
- لو ييت يوم الخميس مرة ثانية و لقيت الرياييل كلهم ملتمين إلا انته .. ما تلوم إلا نفسك ..
ثم قبض على كتفه بقوة ساحقة و هو يصر على أسنانه بغضب ..
- سمعت ..
هز حامد رأسه بارتباك ..
- إن شا الله ..
تركه و هو يأخذ نفسا عميقا ..
- شوه مسوي في الشركة ..
- الدوام طيب ..
هز رأسه بجمود ..
- فهد مأذنك ..؟!
هز رأسه بلا ..
- ما يروم و أبويه في الشركة لي شرات ما له .. هب عبده يتأمر عليّه ..
نظر له غيث بقوة ..
- لا تيلس تتعنتر .. فهد يتصيّد لك و بيدور أي شي عسب يستفزك ..
* * * * *
أضافت ورق الشاي على الماء و هو يغلي تراقب تقلبه ببطء و لونه يتحول تدريجيا إلى الأحمر .. قبل أن تطفئ الموقد و تضع الإبريق في الصحن الذي وضعت به الأكواب و توجهت نحو الباحة الأمامية الصغيرة التي كانت مصبّه إسمنتية قاسية فرشت عليها قطعة حصير بالية ،،، تصل هناك لتجد والدها و قد سند ظهره على الجدار و مدد قدميه للأمام متكأ على مخدة ثقيلة .. جلس نايف بجانبه يقرأ شيئا من كتابه بصوت عالٍ و أبوها يهز رأسه مستمعا و أمها جالسة بقربه و تلعب بشعر رأس مزنة الملقى في حجرها .. و مقابله استرخت المها و بيدها كتاب ما لم تتبينه .. فيما تقطع عفرا الجدار الذي يحتوي الباب .. ذهابا و إيابا و هي تردد متمتمة ما تحاول حفظه .. لم تجد لدانة أو نورة أثرا لابد أنهما تستذكران دروسهما بالداخل ..
تعلم جيدا بأن الأولى تتضايق من الإزعاج أثناء استذكار دروسها .. و الثانية لا تجد بدا من ملازمة شقيقتها ..
وضعت الصحن على الأرض و راحت تسكب الشاي في أكواب و توزعه .. مدت الأول لأبيها و هي تحدثها ..
- عفاري ،، جاهي ..
أشارت بيدها ..
- لحظة بس ..
و تابعت سيرها و هي تدس وجهها في الكتاب بلهفة ..
التفتت للمها و مدت لها كوبا من الشاي ثم لامست ركبتها برقه لتنبهها ...رفعت رأسها عن الكتاب بانتباه ..
- أشكورااه ..
وضعت حور يدها على صدرها بابتسامه .. ثم راحت ترتشف الشاي ببطء ..حرارته تلذع طرف لسانها ..
و هي تراقب وجه أمها المستدير .. فكرت بأن أكثر من يقاربها شبها هي المها و هند .. غريب في حين أنا المها هي الوحيدة التي ورثت عاهتها .. في حين اكتفت هي و بقيّة البنات بلون بشرتها الأبيض و مال نايف للون أبيهن ..
ابتسمت حين فكرت بأن المها أيضا تملك ملامح مشتركة مع أبناء خالتها و بالأخص مايد ..!
أدارت طرف إصبعها على حافت الكوب ،، اشتاقت له كثيرا .. مر أسبوع طويل لم تره فيه .. رغم أنه وقتا طويل مر و لم ترى أحدهم خلاله إلا أنها لم تعتد منه أبدا غيابا طويلا كهذا ..!
تعلم أنه منشغل بالبحث عن وظيفة ،، و أنه يحاول جاهدا إيجاد عمل له بعد أن تخرج بشهادته المتواضعة تمنت له التوفيق من قلبها ،،، و فكرت بأن ترسل له رسالة نصية عبر هاتفها ذاك كما اعتادت ..هبت واقفة على قدميها فسألها أبوها ..
- وين ..؟؟
ارتبكت و هي تقول له ..
- بسير أشوف البنات داخل و رادة ..
هز رأسه موافقا و هو يطلب من نايف أن ينهض لكي يمشي على ساقيه المتورمتين من الوقوف ،، دوما يكون والدها أكثر هدوءا في العصر .. يشرب الشاي .. و يقوم نايف بتدليك قدميه بالمشي عليها .. لا تعلم حقا كيف يحتمل ثقل إبنه على قدميه ،،، لا بد أنه يشعر بتعب شديد حد التبلد ..!
دفعت باب غرفتهن المشتركة لتجد نورة و قد انبطحت على بطنها و هي تهمس بصوت خافت و عيناها على كتابها .. فيما وقت دانة أمام مرآة خزانة الملابس العتيقة .. و هي تجمع شعرها بيد واحدة و ترفعه إلى الأعلى و تدير رأسها إلى كل الجوانب متأملة .. تنظر لها حور بعجب ..
- شوه تسوين ..؟
التفتت لها دانه ..
- أتخيل شعري قصير .. شوفي كيف بيظهر شكلي ..!
هزت حور كتفيها فلم يبدو لها أي فرق واضح و هي تشد شعرها الطويل إلى الأعلى ..
- عادي ما شي تغيير ..
تركته دانة و نفضت رأسها ليتناثر شعرها حول وجهها ..
- لنيه ما قصيته .. بس تدرين شوه .. حلو الطويل ما أتخيل عمريه قاصة شعريه ..!!
شخرت نورة باستهزاء ..
- تتخيل بعد ،، أقول ماما .. حتى التخيلات إنسيها لا يسمعج أبويه و يلعن خيرج ..
عقدت دانة جبينها ..
- تبالغين ،، هب لهالدرجة .. حور .. حلو الطويل صح ..
حور و هي تبحث تحت أكوام الأغراض المتزاحمة في خزانتها الخاصة ..
- هيه حلو ..
عادت دانة تنظر للمآة ..
- تخيلي شعريه كيرلي .. أووف بيطلع رهيب ..
أخرجت حور رأسها للحظة من الخزانة باستفهام ..
- شوه كيرلي ..؟!
- يعني ملتوي شرا الفير .. صح نوري ..
نورة و عيناها لا تزال تتجول على أشطر كتابها ..
- حمدي ربج إن شعرج و شعر خواتج طالع على أمايا .. تخيلي وارثين كشّة أبويه و نحن ما عدنا استشوار ..!! ما تخيل ،،، بتشوفين بنات المدرسة ييزن منه ليف لمطبخهم ..
ضحكت دانة بقوة ..
- واايد تبالغين .. بعدين ابوية هب لهذاك الزود شعره خشن .. بس صدق حلو إن شعورنا طالعه على أمايا .. نايف مسكين يمكن يطلع على أبوية .. صح حور ..؟!
ما زالت تنثر أكوام الأغراض بلا كلل .. و ذهنها مشغول بغير ما تقول دانه ..
- هم .. هيه ..
- أونه هيه .. انتي ما تسمعينيه .. شوه تسوين ..
تأففت حور بضيق ..
- أدور التيلفون ..
استوت نورة جالسة بلهفة ..
- بتظهرينه ..؟؟؟
وقفت حور بعيدا عن الخزانة و هي تلقي نظرة شاملة .. أين وضعته يا ترى ..!
- لا بس بطرش مسج لمايد .. بس مالقيته ..
قالت نورة بحماس ..
- بدور وياج حور ..
نظرت لها شزرا ..
- مشكورة خلج في كتبج ..
لوحت نورة بيدها بضيق ..
- هاي يزاتيه انيه أبا أساعدج ..
طرقعت بإصبعها و هي تتذكر مكانه ..
- انتي ما تساعدينيه لوجه الله .. يا غير بتناشبينيه .. الا ربيعتيه .. أو بنت صفي .. و مس كول بس .. تأذين الواحد ..
ضحكت دانة بهدوء و هي تعقد شعرها على قمة رأسها .. و تلتقط كتابها من حقيبتها المرمية على طرف فراشها ..
- عطوها .. لقطي ويهج نوري .. بعدين أي مس كول .. صدق ويه فقر ،، حبيبتي رقمها خط ..
ألقت نورة عليها نظرة متكبرة ..
- جب زين ..
أخرجت حور رأسها من الخزانة بفرحة .. و هي ترفعه بين يديها ..
- لقيته ..!
تركت دانه الغرفة و هي تلوح بيدها ..
- مبروك ..
.. فيما أعادت نورة رأسها لكتابها .. جلست حور على الفراش الأقرب لها و هي تنظر إليه .. منذ مدة طويلة لم تخرجه من مكانه .. نظرت للجهاز الذي ما زال جديدا لندرة استعماله و شاشته اللامعة .. و مر ببالها صورة زوجة أبيه و هي تقدم الكيس لها بفتور في تلك الليلة .. نفضت الصورة بسرعة ،،، لم تكن تلك أفضل لياليها على الإطلاق .. الحقيقة أنه بعد تلك الليلة لم يتغير شيء في حياتها أبدا باستثناء امتلاكها لهذا الهاتف و طقم المجوهرات التي احتفظت به أمها لها .. حياتها ما زالت تسير على نفس المنوال و هذا مريح لها جدا .. فبالنسبة لها كان الضغط كبيرا لكي توافق على الزواج .. ابتسمت ساخرة .. زواج ..!!
غريب .. هي لا تعرف هذا الزوج أبدا .. لو رأته يمشي في الشارع لن تتعرفه .. هذا رائع . فبهذا نالت مرادها .. تكون متجاهَله و مرمية أفضل من أن تكون بعيدا عن إخوتها و أبويها .. و تجد نفسها وسط مجموعة من الأقرباء لم تصادفهم طوال حياتها و الحديث عنهم محرم عنهم بين هذه الجدران ..! من يستطيع إخبارهم عن أولئك الأقرباء المجهولين ..؟؟ أمها ..؟! مستحيل هي نفسها لم تصادفهم .. أبوها ..؟! انتفضت بذعر لمجرد التفكير في سؤاله .. سيخنقها بيديه .. فموضوع أهله هذا جرح مكشوف ليست مخبولة لتذر عليه الملح و تثير جنونه .. لربما كانت أمها نورة تعرف شيئا عن الموضوع ..؟؟
- شوه تسوين تخاطر عن بعد .. ليش تتأملين التيلفون ..
لم تدر حور بالا لتعليق نورة ،، و صوت طنين الهاتف يرتفع معلنا وصول رسالة جديدة ،، ابتسمت بحب هذه من أحد إخوتها .. فلم تضف أيّة أرقام لهذا الهاتف باستثناء أربعة .. إخوتها الثلاثة و رقم أمها نورة .. حتى رقمه هو لا تعرفه ،، و تكاد تكون متيقنة بأنه لا يعرفه هو الآخر .. و إلا لما لم يحاول الاتصال إلى الآن ..!
كانت الرسالة من وديمة .. قرأتها على عجل قبل أن تبتسم بهدوء ،، لتختار إحدى الرسائل الأخرى من الهاتف و تعيد إرسالها لها ..
تفتح صفحة جديدة الآن تبتسم بشغب و هي ترص أحرف العتاب على شاشة هاتفها ..
لحظات ،، تضيف إسمه ..
إرسال الآن ..
.
.
و فتح الباب على إتساعه لتنتفض بذعر هي و نورة .. عقدت جبينها بعصبية و هي تنهرها بحدة ..
- ما عندج اسلوب .. خشعتي الباب ..
هزت دانة رأسها ..
- سوري سيس .. ويايه ضيوف ..
و تنحت جانبا .. سامحه لها بالدخول ،، سدت بجسدها النحيل الباب ترتدي - الكندورة - و الحجاب الأبيض العريض الذي غطى و جهها و نصف جسدها .. تزيله بهدوء و هي تقول بمرح ،،
- السلام عليكم ..
اعتدلت نورة بسرعة جالسة .. و هبت حور واقفة بترحيب ..
- مرحبا فطوم .. و عليكم السلام و الرحمه ..
وضعت الكيس الذي تحمله بيدها على السرير الأقرب و سلمت على حور و نورة ..
- لمرحب بااقي حواري .. شحالج ..
- ترتوب ،، و انتي ..
- زي البومب .. نورة شحالج ..
نورة تغلق الكتاب بهدوء و تضعه جانبا ..
- بخير الله يعافيج .. شحالج انتي ..
- الحمد الله ،،،
أجالت بصرها في الغرفة التي لم تكن مرتبة جدا .. فراش إحداهن ما زال غطاءه مرميا و كتب مزنة على فراشها مبعثرة ، خزانة حور التي نهضت لتغلقها مفتوحة على مصراعيها و الفوضى فيها تعلن تلقيها هجوما منذ لحظات .. ابتسمت بهدوء ..
- ياخي أحب أيلس في حجرتكن فيه جو حلوو ..
ضحكت نورة ..
- تطنزين ،، تراها مرتبة الحين .. حمدي ربج ما قد شفتيها الصبح يوم نسير المدرسة كيف تكون ..
ضحكت فاطمة .. و حور تغلق الهاتف و تدسه في الخزانة ..
- لا الحمد الله عيل .. الله رحمنيه ،، حورووه مسودة الويه ،، ليكون ترمسين عنتر من ورانا ..
قلبت حور شفتيها باشمئزاز ..
- أخيه .. ما يقى إلا هو ..
ضحكت فاطمة بقوة ..
- أونه أخييه .. شفتيه إنتي أصلا .. سالم خوية يقول إنه غاوي ..
بدا الاستياء واضحا على وجه نورة و دانة و هن يتبادلن النظر عند ذكرها لإسمه .. في حين جلست حور بجانب فاطمة التي استقرت بجانب نورة ..
- أحيانا أشك فيه أخوج هذا أحسه هب طبيعي .. دندون .. سيري زقري عفاري و المها ..
دانة تجلس قربهن و شيء من البرود يضطرم في صدرها بعد ذكر فاطمة لأخيها ..
- عفاري تسوي جاهي و بتييبه الحين .. و المها تمسد أبوية ..
التفتت فاطمة نحو حور بعتب ..
- سبالوه ليش ما قلتيليه إن أبوج هنيه .. و الله قفطت .. أخيّل منه ..
قالت حور بلا مبالاة ..
- جب زين .. تدرين به أبوية ما يظهر مكان العصر .. و بعدين شيبه كبر أبوج .. لا تستحين و لا عندج خبر ..
دفعت عفرا الباب بقدمها و هي تتقدم بصحن يحوي إبريق شاي و أكواب و صحن من البسكويت ..
أفسحن مجالا لها بينهن و هن يتزاحمن في هذه الفرجة الضيقة ،، و نورة تقول بدهشة ...
- بسكوت من وين يبتيه ..
أشارت عفرا برأسها لفاطمة ..
- فطوم يابته ..
نظرت نورة لفاطمة ..
- تعالي كل يوم ..
قرصتها فاطمة ..
- غصبن عنج .. - ثم نظرت لعفرا - عفاري سيري جربي الفستان قبل لا نتقهوى أبا أشوفه عليج ..
هزت عفرا رأسها و التقطت الكيس المرمي على فراش دانة و توجهت إلى الحمام ..
قالت فاطمة بحبور ..
- باركن ليه ..
نورة بلهفة و هي تقضم بسكوته ..
- ع شوه .. انخطبتي .. و أنا أقول البنية توزع بسكوت .. ما حيدج كريمة ..
- إذا انخطبت بييج .. بتبرا منكن .. لا سجلت في التوطين و عقب خمس شهور .. آم يعني بداية تسعة ببدا دراسة وياهم ..
بدت الحيرة على وجوه البنات مع دخول المها للغرفة .. ابتسمت لها فاطمة .. فردت تلك الابتسامة بحلاوة و هي تجلس بجانب حور .. فيما تابعت فاطمة بحماس ..
- هذا برنامج مسونه الشيخ خليفه عسب يوطن الوظايف .. و المواطنين لي ما عندهم غير الثنوية .. يعني شرات حالتيه أنا و الأخت حور .. يسويلهم دورة في وحدة من الجامعات لمدة ست شهور أو أكثر يتعلمون فيها انجليزي و كمبيوتر .. و يعطيهم معاش ع الدراسة .. خلاف يحصلون شهادة و وظيفة زاهبة ترقبهم .. شرايكن ..؟!
اتسعت أعينهن بلهفة ..و قالت حور بقوة ..
- الله يطول عمره أبونا خليفه .. هب مقصر و الله ..روعة الصراحة منها تتكسبين و تشغلين وقتج ..
نظرت لها فاطمة بطرف عينها ..
- انزين يوم عايبتنج تعالي ويايه ..
رفعت حور حاجبيها .. بدأ سبب هذا الخبر يتبين لها .. و كأنما عرفت فاطمة بأن حور استشفت نواياها توسلتها ..
- دخيلج حور .. تخيلي أنا و انتي ندرس رباعة .. و بعدين انتي بتحصلين فايدة بدل اليلسة في البيت .. لج أربع سنين من خلصتي الثنوية و انتي مرتزة هنيه .. لا شغله و لا مشغله .. سجلي ويايه ..
هز حور رأسها على الفور رفضا ..
- لا فطوم أبدا أبدا .. ماروم ..
مطت فاطمة شفتيها .. و الإحباط بادٍ على وجهها ..
- ليش ..!
انعقدت حواجبها بعدم رضا على الفكرة ..
- وين أسير أدرس يختي .. امنوه بيتم في البيت ..؟!
هز فاطمة كتفيها ..
- أمج و المها ..!
نورة و دانة يستمعن بهدوء للنقاش فيما تراقب المها بصمت دون أن تستشف ما يجري ..
- تبينيه أخليهن بروحهن في البيت ..!! مستحيل حبيبتي .. تخيلي استوا شي عليهن ..! كيف بيتصرفن ..
تدخلت نورة بهدوء ..
- شوه بيستوي عليهن مثلا ..؟! و يعدين انتي طول عمرج تدرسين في المدرسة ما لج إلا أربع سنين من يلستي في البيت ..
نظرت لها حور بهدوء ..
- الحين تعودن يعتمدن عليّه أخت نورة .. لا ماليه بارض .. أنا ما ودرت الجامعة عسب ألقى لي يلهيني غيرها ..
تأففت فاطمة تظربها على كتفها بإحباط ..
- افف منج .. أحبطتينيه .. ع العموم قدامج خمس شهور تقررين فيها ..
شخرت حور ساخرة ..
- ع العموم ما ظنتيه أبوية بيوافق .. بيصكنيه طراق يلصقنيه في اليدار يوم أقوله بسير أشتغل مادري أدرس بمعاش ..
صمتن جميعا حين دفعت عفرا الباب و دلفت و هي ترتدي الفستان .. ثم سرعان ما ارتفعت صرخات التشجيع مع اتساع ابتسامتها و هي تدور حول نفسها مستعرضة ،،
نظرت لها حور بفرحة صادقة ،، كان الفستان قديما و قد ولت صرعته من زمن .. رغم ذلك بدا أن فاطمة قد حافظت عليه جيدا .. بدا رائعا و هو ينسدل بنعومة