- ضمتها خالتها( أمل )عندي حبيبتي عندي غاليتي وضمتها إلى صدرها .
من بين أرياف الزمن، وتحت فيافي الأيام، وعلى فردوس الكون، عاشت ( حنين) تتقلب في حجر والدتها، وبين كفي والديها بحنان وارف.. تسير في موكب الحياة بالأمل، وحلم طالما يراودها بأن تصافح القمة، وأي قمة ؟ قمة نيل رضا الله والدعوة إليه. كانت كثيرا ما تستمع وتقرأ كل ما يجول في مدار الدعوة، هكذا نشأت، ولهذا عاشت، وهي ذات 9 سنوات من عمرها ( يا سبحان الله)
كانت أمها تلك الأم والصديقة التي تساندها على تحقيق هذا الحلم الذي قل من يحلم به اليوم من فتياتنا( هداهن الله) وتردد على أسماعها بين الحين والآخر (( الحياة قمة ، الحياة مدرسة ، الحياة خطوات ، الحياة عتبات اجتازيها بكل همة ولتكن العزيمة زادك .. فهدفك هناك يتوارى ضوءه من بعيد
بدأت قوافل العمر بالرحيل، وهي تحمل في جعبتها الكثير من حديث الأيام. التي بدأت بالجريان وكأنها في سباق رهيب مع الزمن بالأمس درجت حنين على شواطىء الطفولة !! واليوم تتجه إلى شواطىء المراهقة ..
نامت حنين في مهد من الآمان ثم ، استيقضت الساعة 7 صباحا على غارات أحاسيسها التي أخذت تتوغل في معارك دامية يضمحل بها خوف.. يزداد كلما اقتربت خطاها من غرفة والدتها, وداعي الإيمان يسعى جاهدا ليلحق الهزيمة بمعارك أحاسيسها حتى تمكن. ..فتحت الباب لتطمئن على والدتها بعدما كانت متعبة ليلة البارحة، فإذ بها تراها ساجدة والمصحف بجانبها، ا تنتظر ت حتى تنتهي من أداء سنة الضحى، يا إلهي !! أطالت أمي بالسجود، نبض قلبها بشدة لا لا هكذا هي دائما تطيل في سجودها وركوعها، لازالت ( حنين ) قابعة في هجير الانتظار ..لكن دون جدوى ! خمس دقائق مرت ومن ثم عشر دقائق، فربع ساعة ،عندها نهضة وقامت بتحريك والدتها فإذا بها تسقط جثة هامدة بلا حراك يرتفع إصبعها السبابة بيدها اليمنى معليا كلمة الله رامزا بالشهادة... أخذت( حنين) نفس عميق يخلط بآهات من الونين وهي تردد أنشودتها المعهود ه أمي.. أمي.. فلا مجيب ! تحسست نبضها!! إنه ساكن كسكون البحر الراكد، رفعت طرفها الكسير باتجاه محياها فإذا به يشع ضوء كأنه القمر في لجة الليل تعتليه ابتسامة مطمئنة.. هنا أيقنت أنها رحلة إلى بارئها.. أسرعت ( حنين ) لتلتقط جوال والدتها الذي يرقد بعدها على السرير اتصلت بوالدها لتخبر ه الخبر كأنه الصاعقة.. اتجه نحو سيارته وهو في غياهب الحزن بل ويغرق في بحر من الأفكار التي كانت تقوده هو الآخر ليعود إلى الله.. ازدادت سرعته الجنونيه وما أن وصل طريق المنزل ؟! فإذ بصوت صرير فرامل السيارة يعلو على صوت عصافير الصباح المغردة ..سمعت حنين الصوت !!اتجهت نحو النافذة .. أطلت !!؟ لترى طبيعة من الجراح تتدفق أنهاره دما فهناك
شماغ يتعلق على أحد أغصان شجرة المنزل.. و حذا ء تسكن قارعة الطريق.. (لاحول ولاقوة إلا بالله) إنها سيارة أبيها نعم إنها سيارته!!حدقت النظر علها تجد بقايا إنسان غالي على نفسها فإذ بها ترى شيء ما يخرج طرفة من تحت أكوام السيارة إنها يده نعم يده
هنا وقفت (حنين ) في صورة شاحبة اللون وهي تشاهد تجمهر الناس من حوله ليخرجوه وعلى جانب الطريق يسعفوه ريثما يأتي رجال الإسعاف
لقد أتوا؟ فأخذوا يقلبونه يمنة ويسرة وكان أحدهم يحرك رأسه وعليه تبدوا علامات تنبؤ عن سوء قام بعدها بتغطيته بغطاء أبيض ...انتظروا قليلا وهي تنتظر .. !! فجاءت سيارة نقل الأموات قادمة لتأخذ والدها والناس من حوله يتقدمون التعازي فيه ويطربون من حوله
(حنين )لازالت واقفة.. عندما أيقنت أنه كذلك رحل ودموعها تغسل ملامحها البريئة بألم وكمد ..شللت رجلاها عن الحراك فبجانبها أم طريحة في جسد بلا روح، وأب أقلته سيارة الموت إلى عالم القبور
أخذت تفكر! ماذا سأفعل ؟؟أين أذهب ؟؟ استجمعت تلك الصغيرة قواها لتغطي والدتها ( فيا سبحان الله) وشمعة الإيمان يتأجج ضؤها في قلبها الصغير (قدر الله وما شاء فعل إنا لله وإنا إليه راجعون..)
ومن هنا بدأت بخوض تجربة جديده للإتصال على خالتها ( أمل ) وهي خائفة أن تنتهي تجربة مشوار مجيئهم بالفشل والموت .. اتصلت
- ألو خالتي أمل السلام عليكم
- وعليكم السلام حنين ؟ ما ذا دهاك ما بصوتك ؟
- بصوت باكي خالتي أمل تعالي بسرعة تعالي بسرعة إني محتاجة الآن لك أرجوك
- أين أمك ؟
- تعالي وأخبرك
- حسنا حسنا مسافة الطريق وأنا عندك.
اتجهت ( حنين ) لتطل من النافذة مرة أخرى وهي ترى آثار دماء أبيها وبقايا من ذكرياته الأليمة.. فإذ بسيارة زوج خالتها قادمة
خرجت من الغرفة أخذت تركض وفتحت الباب لترتمي في حضن خالتها (أمل ) وتنشج في بكاء يقطع أنياط القلوب .حنين مابك ؟ أبي مات.. مات.. مات وما أدراك ؟ هنا وقع عليه الحادث قبل قليل هنا آثار دمائه انظري إلى الشجرة وسليها شماغ من الذي يقبع عليها ؟ وإلى الحذاء حذاء من كان يرتديها ؟
لا عليك مجرد إصابات خفيفة حبيبتي .. لا لا لقد غطوه بالغطاء الأبيض وجاءت السيارة التي تقل الموتى أخذته والرجال يقولون إنا لله وإنا إليه راجعون .
وأين أمك..؟ تصمت حنين لحضات لتبدأ ملحمة جديدة من البكاء وتشد خالتها( أمل) إلى الغرفة يا الهي ؟؟ جثة مغطاة !! نعم هذه هي أمي لقد توقيت ساجدة .
نقلت والدة (حنين )لمغسلة الأموات برفقة أختها( أمل )وابنتها حنين وزوج خالتها ومن ثم إلى المقبرة وفي طريق العودة للمنزل ، وصمت حزين يخيم على من معها سألت بكل برآة .. وأنا أين سأذهب وأين أعيش ؟؟
ضمتها خالتها( أمل )عندي حبيبتي عندي غاليتي وضمتها إلى صدرها .
مرت الأيام لتختتم عام 1407 هجري بوفاة والديها وبحزنها السرمدي لتعيش آخرة لوعة الالتياع
أصبحت (حنين ) تعتليها ابتسامة صفراء مسلوبة، تغير ت كادت تفتقد الأمل لكن هناك شيء سجلته في ذاكرة عمرها الفيناء .. ألا وهو صوت والدتها وهي تردد (( الحياة قمة .. الحياة مدرسة .. الحياة خطوات .. الحياة عتبات اجتازيها بكل همة ولتكن العزيمة زادك فمسافة الألف ميل تبدأ بخطوة .
من هنا ومن هذا المبدأ بدأت بتجديد حياتها وانتصرت بعد الهزيمة على اليأس فتابعة دراسة المرحلة المتوسطة ومن ثم الثانوية ومن ثم الجامعة...
بدأ حلمها يتحقق .. وخطواتها من القمة تقترب.. دخلت قسم الشريعة تخصص ، كيفية الدعوة إلى الله .. تحققت بحمد الله آمالها وهاهي اليوم على عتبة التخرج نجحت بارك الله فيها وحصلت على تقدير الامتياز وبدأت تودع رفيقات دربها الآتي نلن محبتها.. ودموعها تنزل بغزارة وهي تقول: هاأنا اليوم أصافح القمة وأضع أول خطاي على جنة الدعوة إلى الله بعد توفيق الله لي ثم كلماتك النيرة التي لازالت تحلق في فضاء حياتي ، ووقوف خالتي وزوجها وفقهما الله .. حتى صرت ابنتا لهم .
فهاهي تلك الفتاة الصغير ة ذات 9 سنوات تدعى اليوم الداعية. . حنين لا وبل من كبار الداعيات إلى الله .
هاهي قصة حنين تنتهي بعدما سطرت نموذج رائع لإنسانية عظيمة في تاريخ فتياتنا اليوم الآتي قل الكثير منهن بالتفكير بل والوصول إلى ما وصلت إليه فلله درها ودر من ربها .