- الداعية عمرو خالد يقول:
- سأروي حكاية خيالية ربما تضيء لنا الطريق:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع قريته في احد المنتديات وحبيت اني انقله لكم للفائده.....
جزر منعزلة.. هكذا باتت الأسرة في مجتمعنا العربي .. الأب في وادٍ والأم في وادٍ والأولاد في عالمهم الخاص .. كل " في فلك يسبحون ".
العلاقات بين الجميع يحكمها " الإيميل " و" الشات" والهواتف المحمولة .. والرسائل التي ترسم طريق الحرام والانحراف.
ضاعت الأسرة فضاعت مفاتيح النهضة .. ولأننا لم نعد نبني " أسرة " فقد أصبحنا نبني سجوناً!
السؤال الأهم هنا: ماذا نفعل لاستعادة التآلف والتماسك والانتماء إلى الأسرة العربية؟
سر التفكك الأسري!!
الداعية عمرو خالد يقول:
سأروي حكاية خيالية ربما تضيء لنا الطريق:
كان يا مكان .. كانت هناك جزيرة يسكنها أناس يحبون بعضهم بعضاً، وكان كبير العائلة موجوداً على الجزيرة وكان هناك آباء وأمهات وأبناء وأحفاد كانت العائلة متحابة ومتفاهمة، يكفي أن ينظر أحدهم في عيون الآخر ليفهمه، كانوا يتناولون طعامهم معاً في طبق واحد، ويسهرون الليل معاً يتسامرون، كانوا يلتقون تحت مظلة العائلة، يتزاوجون من بنات وأبناء العمومة والأخوال، ويتنسمون معنى واحداً هو الأمان.
لكن الأيام تتغير، والدنيا تتغير، والله سبحانه يقول: " ونبلوكم بالشر والخير فتنة " فكيف سيتصرف أهل الجزيرة؟
في القصة الأسطورية حدث زلزال وتشققت الأرض, والجزيرة الواحدة انقسمت إلى جزر, كل جزيرة اتجهت بعيداً عن الجزر الأخرى، في البداية بكى سكان الجزيرة وراحوا ينادون على بعضهم، وكان هناك رجل وامرأته فوق نفس الفراش، لكن حين تشققت الأرض، أصبح نصف السرير في مكان، والنصف الآخر في مكان آخر ، كان هناك أب وابنه يمشيان وقد تشابكت أيديهما، لكن حين تشققت الأرض تركت يد الأب يد ابنه رغم تشبثه بها، وافترقا، وبكى كل منهما لفراق الآخر .. بعد فترة أصبح كبير العائلة في جزيرة وحده ولم يعد يهتم بمصير باقي أفراد العائلة وبدأ يزرع أرضه، والأجداد أصبحوا في جزيرة أخرى، والأب والأم في جزيرة والأبناء تفرقوا في جزر عدة، الأبناء حين صاروا في جزر مستقلة عن جزر الآباء فرحوا بالحرية، بعد فترة أحسوا بأنهم يفتقدون شيئاً، هذا الشيء كان متوفراً في الجزيرة القديمة وهو الأمان، امتلكوا الحرية وضاع منهم الأمان، بعد ذلك تعودوا أن يعيش كل واحد منهم في جزيرة وحده، توقفوا عن البكاء، بعد فترة تغيرت اللغة، ولم يعد باستطاعتهم أن يفهموا بعضهم بعضاً، بعد ذلك قالت امرأة لزوجها: ما رأيك أن نعبر البحر لأبنائنا في الجزيرة البعيدة؟
قال لها: نحن الكبار ويجب أن يعبروا هم إلينا. قال ابن لأخيه: أنا تعبان ولا أحس بالراحة في ابتعادي عن أبي وأمي, تعال نعبر البحر إليهما قال له: لا يا أخي الحرية أجمل.
يتبع ------------- -
القصة الأسطورية التي حكيتها الآن قصة واقعة الآن في حياتنا رغم غرابتها، هذه القصة تحدث في بيوتنا، وتحدث في بلادنا، لكن الجزر في بيوتنا غرف نوم وسراير.. الجزر التي ابتعدت في بيوتنا هي الغرف التي تضم الأب والأم والأبناء، لم يمت أحد من العائلة، لكن ما حدث لهم انعزال يشبه الموت، نحن لا نتحدث عن الطلاق أو المشاجرات الزوجية أو العنف داخل الأسرة نحن نتحدث عن التفكك والتباعد وافتقاد لغة مشتركة، العلاقة بين الرجل وامرأته أصبحت باردة، تجمدت ودخلت الثلاجة، والاهتمامات لم تعد واحدة داخل الأسرة.
الانهيار والتفكك يحدث تدريجياً. في البداية توقفت الأسرة عن الخروج معاً، ثم توقفوا عن تناول وجبات الغداء معاً، ثم توقفوا عن الحديث مع بعضهم، ولم تعد لهم اهتمامات مشتركة ثم تغيرت اللغة تماماً فأصبحوا غرباء في بيت واحد، وتحول البيت إلى "لوكاندة " ناس تسلم المفتاح وتأخذ المفتاح، وناس تنظف الغرف، أصبحنا مثل القوقعة التي يظن الناس أن بداخلها كنزاً، فإذا بداخلها خواء، أصبحنا نتعامل داخل البيت بالورق، ورقة تلصق على باب الثلاجة تحمل رسالة من الابن لأمه:
ماما .. أنا جيت متأخر وعايز 30 جنيها .. وهي تكتب له رسالة قبل النزول إلى عملها: لا تنس أن تستدعي السباك لإصلاح الحنفيات. وهناك نكتة تقول: رجل كتب لامرأته: صحيني الساعة 8 علشان أروح الشغل، فاستيقظ الساعة 10 مفزوعاً لأنه راحت عليه نومة، فوجد ورقة على باب الثلاجة تقول: أنا نزلت الساعة 7 اصح أنت الساعة 8 .
الصمت التليفزيوني
والعلاقات الآن صارت " بالإيميل " هناك شاب فسخ خطوبته بعد عام ونصف بإيميل أرسله للفتاة التي خطبها، لم يكلف نفسه أن يقابلها أو حتى يحادثها على التليفون، لم يتحدث إلى أبيها. والعائلات الآن حين يجلسون في البيت يتجمعون حول التليفزيون، ولو كانت هناك عائلة ثرية لديها أكثر من تليفزيون نجد وضعها كالتالي:
-الأب يشاهد قناة الجزيرة.
- اثنان من الأبناء الصغار يشاهدان قناة Mbc 2
- ولد صغير يلعب بلاي ستيشن.
- الولد الكبير يجلس في غرفته وقافل على نفسه بالمفتاح يكلم صاحبته على التليفون.
- وواحدة ست واقفة في المطبخ، تستقبل الطلبات: ماما عايز شاي .. بابا عايز سندوتشات. إلخ.
وإذا جلسوا معا أمام التليفزيون في أي وقت، يجلسون صامتين لمشاهدة البرنامج، ما الذي يمنعهم من أن يجلسوا معاً بعد أي برنامج لمناقشة القضية التي كان يثيرها ؟ هذه لغة حوار.
أنا لا أرفض التكنولوجيا الحديثة، أنا فقط أحذر من التفكك الذي سيؤدي إلى انهيار الميزة التي لا نزال نتشبث بوجودها في حياتنا وهي الأسرة، فلا يجب أن نضيعها، لم تعد لدينا أشياء نتوكأ عليها، هذه الأمة العظيمة لم تعد تملك أية مفاتيح للنهضة في أيديها، وإذا ضاعت الأسرة خط الدفاع الأخير فإننا يجب أن نطلب من الله اللطف بنا .. الأسرة هي الأمل الأخير.
أول خطوة نحو الإدمان
ما هي خصائص مرض الانعزال؟
- الانعزال هو أول خطوة باتجاه الطلاق، وأول خطوة نحو إدمان الأبناء للمخدرات، وأول خطوة على طريق خروج البنت للبحث عن الحنان خارج البيت، مرض الانعزال أحد أسباب الخيانات الزوجية، وللأسف لم يعد الرجل هو البادئ أو المحرض على الخيانة الزوجية، المرأة صارت هي التي تبدأ. الانعزال مرض في منتهى الخطورة، من خصائصه:
- أنه مرض تدريجي لا يصيب الإنسان فجأة، لكنه يتفاقم ببطء، يحكى أنه كانت هناك مجموعة من الضفادع ماتت عن طريق غليها في الماء دون أن تقاوم، فالضفدع إذا تم إلقاؤه في ماء مغلي سيقفز، لكن الذي حدث أن الضفادع لم يلق بها في ماء يغلي وإنما وضعت في ماء فاتر، ثم بدأ تسخين الماء تدريجياً، وكلما ارتفعت درجة حرارة الماء تكيف الضفادع نفسها على الوضع الأسوأ، ثم يزداد الوضع سوءاً وهكذا حتى حدث الغليان للماء وفات آوان مقدرة الضفادع على القفز من الماء المغلي والنجاة بحياتها. نحن نعيش هذه الظروف الآن، والماء لم يغلِ بعد، لكن المياه أصبحت ساخنة جداً، وعلينا أن ننجو بحياتنا قبل أن يغلي الماء وتموت الأمة احتراقاً أو اختناقاً.
يتبع ------------