- بادري إلى تلافي التقصير والتفريط في الأوامر والنواهي .
- رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها
- وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها
بسم الله الرحمن الرحيم كيف تحصلين على زوج تسعدين به ويسعد بك
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم اللطيف بعباده الذي خلقهم ليسعدهم ويدخلهم جنته
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي اصطفاه الله وآتاه الدنيا ونعيمها ، وخلد ذكره بتقواه وصدقه وأمانته وعفافه وورعه وخوفه من الله وعبادته وشكره لله ، الذي لم يفكر بالحرام طرفة عين ولم يغره الحرام قط .
لقد أسكنه الله الفردوس الأعلى من الجنة هو و أزواجه في النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول ولا ينقطع ولا يفنى .
رسالة إلى كل فتاة تبحث عن السعادة، إلى كل فتاة تبحث عن زوج تسكن إليه ، أقدم هذه الكلمات لعلها تنير درب من تريد أن تسعد في دنياها وآخرتها .
اسعي في حب الله حتى يحبك الله ، يقول ابن القيم :( فعلى قدر محبة العبد لله يحبه الناس ، وعلى قدر خوفه من الله يخافه الخلق ، وعلى قدر تعظيمه لله وحرماته يعظم الناس حرماته ).
فمن أحبه الله ذلل له الصعاب، وذلك بالتقرب إليه بالطاعات واجتناب المعاصي والشبهات والانضباط بالحجاب الذي شرعه الله ، ومن أحبه الله أعانه على أن يملك نفسه وهواه، وجنبه الانقياد للشهوات المحرمة، وجعله من أوليائه الصالحين اللذين قال فيهم :( آلا إنَّ أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون -63- لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ) ( يونس 64)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى في الحديث القدسي :( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضُتُ عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذني لأعيذنه ) ( رواه البخاري )
قال علي رضي الله عنه :( من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس ومن أصلح أمر آخرته أصلح الله له أمر دنياه، ومن كان من نفسه واعظ كان عليه من الله حافظ ).
قال تعالى :( فأتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين ) ( آل عمران 147)
وقال :( للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين ) ( النحل 30)
وقال :( والله يحب الصابرين ) ( آل عمران 146) ،
وقال :( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى -40- فإن الجنة هي المأوى ) ( النازعات ) ،
وقال :( ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) النحل 97
لا تأكلي إلا حلالاً ولا تظلمي ولا تتعمدي الذنب فإن الله سيهديك إلى طريقه المستقيم ويلهمك العمل لرضاه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( عجب ربكم إلى أناس يساقون إلى الجنة بالسلاسل )
أكثري من التصدق وعمل الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :( صنائع المعروف تقي مصارع السوء ) فالتصدق وفعل الخير يهونان عليك الطاعة ويعصمانك من الوقوع في الحرام .
إياكي أن يسوّل لك الشيطان، أن أعصي ثم توبي بعد ذلك فمتى صدقته ضيعك كما فعل مع أبينا آدم، قال الحسن : إن قوماً ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة، يقول أحدهم : إني أحسن الظن بربي وكذب لو أحسن الظن لأحسن العمل
لا يزال لسانك رطباً بذكر الله والدعاء وأن يهديك إلى أحسن الأخلاق وأن يصبرك، ادعي بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم :( اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي ) فمن ألهم الدعاء فقد أريد به الإجابة قال تعالى :( ادعوني استجب لكم ) ( غافر 6)
بادري إلى تلافي التقصير والتفريط في الأوامر والنواهي .
إن الشيطان يجمّل المعصية ويخرجها بوجه غير وجهها الحقيقي، تذكري أن هذه اللذة المحرمة التي يجمّلها الشيطان ويحلّيها في نفسك فإذا وجد خللاً وضعفاً في إيمانك وأراد هو والنفس الأمّارة بالسوء إيقاعك بالمعصية لتحصيل لذة محرمة ستجدين هذه اللذة لا شيء إن وقعت فيها وستشعرين بالحزن والندم والألم والاشمئزاز، وسوف تنقضي هذه اللذة المحرمة وتبقى مذلتها وعقوبتها وهي في الحقيقة لا تساوي شيئاً مقابل اللذة الحلال الدائمة، والتي لا تنقطع ولا تزول والمستمرة في الآخرة التي ستنالينها إذا صبرت ونجحتي في الامتحان تنالينها بالحلال في الدنيا وفي الآخرة تبقى لك ولا تفنى، يقول ابن القيم في كتابة الفوائد : الصبر عن الشهوة أسهل على ما توجبه الشهوة، فإنها إما أن توجب ألماً وعقوبة وإما تقطع لذة أكمل منها، وإما أن تضيع وقتاً إضاعته حسرة وندامة، وما أن تثلم عرضاً توفيره أنفع للعبد من ثلمه، وإما أن تذهب مالاً بقاؤه ألذ وأطيب من قضاء الشهوة وإما أن تطرق لوضيع إليك طريقاً لم يكن يجدها قبل ذلك، وإما أن تجلب هماً وغماً وحزنا ً وخوفاً لا يقارب لذة الشهوة، وإما أن تشمت عدواً أو تحزن ولياً، وإما أن تقطع الطريق على نعمة مقبلة، وإما أن تحدث عيباً يبقى صفة لا تزول، فإن الأعمال تورث الصفات والأخلاق .
ويقول : ( سبحان الله رب العالمين . لو لم يكن في ترك الذنوب والمعاصي إلا إقامة المروءة وصون العرض وحفظ الجاه وصيانة المال الذي جعله الله قواماً لمصالح الدنيا والآخرة ومحبة الخلق وجواز القول بينهم وصلاح المعاش وراحة البدن وقوة القلب وطيب النفس ونعيم القلب وانشراح الصدر، والأمن من مخاوف الفساق والفجار وقلة الهم والغم والحزن، وعز النفس عن احتمال الذل، وصون نور القلب أن تطفئه ظلمة المعصية، وحصول المخرج له مما ضاق على الفساق والفجار، وتيسير الرزق عليه من حيث لا يحتسب، وتيسير ما عسر على أرباب الفسوق والمعاصي، وتسهيل الطاعات عليه، وتيسير العلم والثناء الحسن في الناس وكثرة الدعاء له، والحلاوة التي يكتسبها وجهه والمهابة التي تلقى له في قلوب الناس وانتصارهم وحميتهم له إذا أُوذي وظلم، وذبهم عن عرضه إذا اغتابه مغتاب، وسرعة إجابة دعائه وزوال الوحشة له التي بينه وبين الله وقرب الملائكة منه، وبعد شياطين الإنس والجن منه، وتنافس الناس على خدمته وقضاء حوائجه، وخطبتهم لمودته وصحبته وعدم خوفه من الموت، بل يفرح به لقدومه على ربه ولقائه له ومصيره إليه، وصغر الدنيا في قلبه، وكبر الآخرة عنده وحرصه على الملك الكبير والفوز العظيم وذوق حلاوة الطاعة ووجد حلاوة الإيمان ودعاء حملة العرش ومن حوله من الملائكة له، وفرح الكاتبين به ودعاؤُهم له في كل وقت، والزيارة في عقله وفهمه وإيمانه ومعرفته، وحصوله محبة الله له وإقباله عليه وفرحه بتوبته وهكذا يجازيه الله بفرح وسرور لا نسبة له إلى فرحه وسروره بالمعصية بوجه من الوجوه فهذه بعض آثار ترك المعاصي في الدنيا فإذا مات تلقته الملائكة بالبشرى من ربه بالجنة وبأنه لا خوف عليه ولا حزن، وينتقل من سجن الدنيا وضيقها إلى روضة من رياض الجنة ينعم فيها إلى يوم القيامة، فإن كان يوم القيامة كان الناس في الحر والعرق، وهو في ظل العرش فإذا انصرفوا من بين يدي الله أخذ به ذات اليمين مع أوليائه المتقين وحزبه المفلحين ). وقال : ( اللذة المحرمة ممزوجة بالقبح حال تناولها، مثمرة للألم بعد انقضائها، فإذا اشتدت الداعية منك إليها ففكر في انقطاعها، وبقاء قبحها وألمها ووازن بين الأمرين، وانظر ما بينهما من التفاوت، والتعب بالطاعة ممزوجة بالحسن، مثمرة للذة والراحة فإذا أثقلت على النفس، ففكر في انقطاع تعبها، وبقاء حسها ولذتها وسرورها، ووازن بين الأمرين، وآثر الراجح على المرجوح، فإن تألمت بالسبب فانظر إلى الألم الذي يعقبه، ووازن بين الألمين وخاصية العقل تحصيل أعظم المنفعتين بتفويت أدناهما واحتمال أصغر الألمين لدفع أعلاهما ). وقال : ( لله على العبد في كل عضو من أعضائه أمر، وله عليه فيه نهي، وله فيه نعمة، وله به منفعة ولذة , فإن قام لله في ذلك العضو بأمره، واجتنب فيه نهيه فقد أدى شكر نعمته عليه فيه، وسعى في تكميل انتفاعه ولذته به، وإن عطّل أمر الله ونهيه فيه عطله الله من انتفاعه بذلك العضو، وجعله من أكبر أسباب ألمه ومضرته ) .
ولقد أحسن من قال : تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء من مغبتها لا خير في لذة من بعدها النار
ومن قال :رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها
- هذه قصة واقعية لفتاة محبة لله عز وجل نشأت في طاعته والتزمت شرعه وعفت وصبرت على الحرام وتمثلت قوله تعالى :( والله يحب الصابرين ) وقوله : ( واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين ) ( البقرة 153)
واختارت رضاه وضبطت شهواتها ولم تدع للشيطان أن يملي عليها تصرفاتها، وحكّمت دينها وعقلها في كل تصرفاتها واستحت من أن تعصي الله وخشيت أن تسخطه في لباسها وخروجها ودخولها وابتعدت عن أن تفتن، وجاهدت في غضّ بصرها وحفظ فرجها، وتمثلت قوله تعالى :( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبلَنا وإن الله لمع المحسنين ) ( العنكبوت 69)
وقوله تعالى : ( يعلم الله خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) . وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ). لم تضع نفسها على هامش الحياة فلقد علمت أن الله خلقها لمهمة، فهي تبذل جهدها في فعل الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونظرت فيما أقامها الله فلم تضيع وقتها فيما لا ينفع، وأخذت بطلب العلم وقراءة القرآن وإتقانه وتجويده وفهمه وحفظه، ودراسة سيرة وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتزود لآخرتها، ولقد علمت أن متابعة المسلسلات والأفلام تسلخ من يشاهدها عن الدين، وتعود على المنكر، تروح عن نفسها فيما هو مباح وهي وقافة عند حدود الله فلقد علمت أن الغناء حرام وأنه ينبت النفاق في القلب فتركته طاعة لله فأبدلها الله بلذة سماع القرآن وسيرة وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وسماع الدروس والمحاضرات، والأناشيد الإسلامية الهادفة غير المصحوبة بآلات المعازف، ولقد حصرت نفسها ضمن ما أحل الله لها ولم تفكر ولم تسمح لنفسها بأن تتخيل الحرام وتدفعه بمجرد أن يخطر على بالها، وإن تعاظمت الشهوات في نفسها وزينها لها الشيطان وحفت بها وأوشكت أن تقع فيها، وأحست بأن النفس والشيطان سوف يغلبانها تذكرت لذة الآخرة وأنها أعظم اللذات وأكبرها وأنها لذة الحلال، دائمة مستمرة في الدنيا والآخرة، وأن شهوات الدنيا ولذاتها المحرمة زائلة زائفة خادعة ومنقطعة ولا بقاء لها، تورث الذلة والمهانة وسواد الوجه فتترك هذه الشهوة المحرمة حتى تحصل على الحلال، وكلما تعاظمت عليها الشهوات طلبت من الله الحلال، ودائماً تقول في صلاتها وفي قيام ليلها تقول : ( اللهم ارزقني الحلال ، اللهم أبعدني عن الحرام اللهم أسعدني في الدنيا والآخرة ، اللهم زوجني الزوج الصالح المؤمن، وكلما أوشكت على أن تضعف أمام الامتحان، تطلب من الله العون وأن يجنبها المعاصي، وتقارن بين مدة البقاء في الدنيا وبين الخلود في الاخرة، فالأعمار ما بين الستين والسبعين، وقليل من يتجاوز ذلك هذا لمن لم يدركه الموت قبل ذلك، فإذا جاء الموت تترك كل شيء ولا ينفع إلا العمل الصالح وهي دائماً تفكر فيما هي صائرة إليه فلا بد يوماً أن تصير لحفرة باثنائها تطوى إلى يوم الحشر، وتتمثل قول أحد السلف :( الصبر على المعاصي خير من الصبر على الأغلال يوم القيامة ). وهي تعلم أن زوال الكون أهون على الله من أن يعامل المسيء كما يعامل المحسن وأن من ترك الدنيا للآخرة ربحهما، ومن ترك الآخرة للدنيا خسرهما . عندما علم الله فيها الإخلاص وعلم حبها للخير وكرهها للظلم، وامتحن إخلاصها وامتحن صبرها، فوجدها مؤمنة حقاً، عند ذلك هيأ لها الحياة الطيبة والزوج الصالح الذي يسعدها والذي يكون لها سكناً وتكون له سكناً الذي تجد عنده الحب واللذة الحلال، التي تبقى وتنتقل إلى الآخرة ورزقها الله الذرية الصالحة وبدأت تربيهم التربية الإسلامية وتشغل وقتها ووقتهم في حفظ كتاب الله وبما ينفع وتخصص وقتاً للعب والمرح والترفيه الحلال، وإنها لتمر عليها الساعات تغمرها السعادة والطمأنينة والسكينة، وتشعر بأنها أسعد من على وجه الأرض،
قال تعالى : ( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكراً عليماً ) وقال تعالى : ( الطيبون للطيبات ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبّره الله، ومن يتحرى الخير يعطه ) وقال تعالى : ( إنَّ الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أوليائكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلاً من غفور رحيم ) ( فصلت 30 -32)
اللهم هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
امين