- لاحظ ابو سالم على وجهه شحووب غريب : تركي ! .. عسى ما شر يا ولدي ..
- تركي : ما شر يا عمي بس.......
- ابو سالم هز راسه بأسف .. وكنه مراعي شعوره !!..
- ناظره تركي نظرة غريبة ، انا ما خلصت من ذيك البزر تجيني انت !!..
- عطاه تركي نظرة متكبرة أول مرة يوجهها ( لأبو سالم )..
- ابو سالم : تركي علامك يا ولدي شي مضايقك ....؟
- سحر وهي رايحة : ... تعرف ترفع ضغطي !!
- مشاعل : ههه طيب يا قلب مشاعل.. تصبحين على خير
- ليتني مثلك يا مشاعل .. ليتني مثلك أقدر أتحمل..
بقلم : عيون القمر << طبعاا انتو عاارفينها هي كااتبة غارقات في دوامة الحب
اليوم حر .. الجو حار رغم انه باقي شهرين على الصيف !! ... ترك سيارته مركونة على الشارع العام ، ونزل منها لوحدة من الشوارع الفرعية اللي تودي لحي من الأحياء المتوسطة .. غريبة على واحد مثله انه يدخل هالأماكن لكن لسبب مو عارفه اختار هالمكان عشان يمشي فيه شوي ... يبي يهرب من عالمه الباارد ..... الشارع هادي ما تشوف الا أبواب المحلات والبقالات الصغيرة مفتوحة ... ماكان له هدف معين كل اللي كان يسويه انه مدخل يديه بجيوبه ومنزل راسه يحسب خطواته بموجة من التفكير العميق .. ما يدري وين بتوديه ...
حرقة بقلبه شابة حقيقة ما اكتشفها الا في ريعان شبابه .. ما اكتشفها عن أبوه المريض الا متأخر ولو انه اكتشفها من قبل كان أكيد بيتصرف ..
التفكير والحر خلاه يحس بالعطش .. ومن حظه قابل بطريقه مكينة مشروبات غازية من النوع المنتشر بكثرة في الشوارع والأرصفة !!.. وقف عندها ودخل يده بجيب بنطلونه يدور ريال واحد .. اللي مثله ما يشيل الا الفئات الكبيرة من الفلوس !!. بس من حظه لقى ريال مغروز بكل اهمال في جيبه الخلفي طلعه ودخله بالفتحة الخاصة بالآلة .. بنفس اللحظة وقفت قريب منه طفلة بعمر 7 سنين تقريبا بريئة بفستان قصير وشعر مشعث .. تناظره باستغراب لأن هيئته ما تبين عليه انه من أهل الطبقة المتدنية .. ساعة روليكس وملابس أنيقة وهيئة نظيفة .... ما عطاها وجه لأنه مو في حالة تسمح له يتعاطف مع احد ... ضغط على اختياره "بيبسي" ومباشرة تدحرجت علبة بيبسي زرقا.. انحني ياخذه وكان البيبسي في غاية البرودة وهذا هو الشي اللي يحتاجه بهالوقت بالذات بوسط مشاعره المتوترة .. المرهقة .. والخطوة اللي لازم يتخذها بعد ماعرف اللي عرفه ..
وقبل لا يمر من قدامها بيروح ، مدت الطفلة يدها له وفيها ريال بنظرات كلها حدة !!... ناظرها من فوق كتفه من غير لا يبدي أي تفاعل ..
سألها : نعم ؟!
الطفلة بجرأة الظاهر انه من طبعها : .. أبي كولا..
رفع حاجب وبنظرة تصغير لها ولهيئتها : .. خذي بنفسك ولا يدك مقطوعة ؟!
الطفلة وهي تتأمله هو وملابسه : يعني ماتبي تتنازل وتخدم وحدة فقيرة ..
استعجب من لهجتها وكلامها.. سألها من جديد : من وين جاية ؟
الطفلة بحدة : من بيتنا ..!!
سأل : لحالك ..!؟
هزت كتوفها وكأنها ما تسوي شي غلط : عادي أطلع اجيب لي كولا ولا بيبسي وأرجع ...(بلهجة أمر ).. يلله خذ الريال وطلع لي بيبسي
رفع حاجب من اسلوبها... بس سألها : وبيتكم وينه ؟!
شكّت فيه وخافت يوم سألها هالسؤال .. ناظرته بحذر وهي تطالع هيئته من جديد .. للحين مو مستوعبة وجود مثل هالناس النظيفة هنا .. لا ووين ؟!.. عند مكينة مشروبات !!!!
سألته وهي ترجع خطوة على ورا : ... انت ولد فلوس ..صح ؟
رفع حواجبه مستغرب من سؤالها : .. ايه ولد فلوس يالبزر وين المشكلة ؟
الطفلة بحدة : ... ليش جيت عندنا اطلع من حيّنا .. ابوي يقول دايم عيال الفلوس تدوس على غيرها ... ودايم يقول لا تقربون لهم !
مو متعود أحد يكلمه بأسلوب الهجوم هذا .. طالعها بنظرة صغرتها وخلتها ترجع خطوتين ورا هذا غير انه يكره هالنوع من الأطفال : ..... اقول يا بنت ابوك ليش ما تقلبين وجهك على بيتكم ... صدق فقر !!
الطفلة بكل وقاحة وجرأة : .. ما كنت اصدق ابوي باللي يقوله بس الظاهر انه صادق من شفتك واقف هنا ومبين عليك انك واحد شايف نفسه .. مو لأنك لابس هالملابس الياي تتكبرر علي .. << قالتها تقلد اسلوب الطبقة الراقية
ضغط عالعلبة بكل قوته عفطها بين اصابعه والبنت تناظر .. فيه اللي كافيه مو متحمل قرقة أطفال زيادة : ... انتي مو ملاحظه انك تكلمين رجال غريب!!
الطفلة طلعت لسانها وركضت لبيتهم ورا الشارع
صدق ناس ما تعرف تربي على فقرهم الا ان بعضهم اخلاقهم زفت .!!.. أجل فيه ابو بالدنيا يربي عياله انه يعامل الناس بهالطريقة !!.. ما اهتم للكلمات اللي قالتها ، لأن مو من عادته يهتم للي ينقال
تنهد ورجع بنفس الطريق يمشي .. وقبل لا يروح لسيارته مر على بقالة صغيرة له فترة طويلة جدا ما مر عليها .. يبي يشتري شي يبرد على روحه هالبيبسي مو نافعه ابد
أول ما دخل استقبله صاحب البقالة الشايب بابتسامة وقورة وكأنه مو متوقع يشوفه بهالوقت.. مارد الابتسامة بالعكس كان مكشر..
راعي البقالة بفرحة ( ابو سالم ) : هلاا حيا الله من زارنا ... الحمدلله عالسلامة نورت البقالة
هو رد ببرود ومزاج متعكر : الله يسلمك منورة براعيها ..
لاحظ ابو سالم على وجهه شحووب غريب : تركي ! .. عسى ما شر يا ولدي ..
تركي : ما شر يا عمي بس.......
سكت ما كمل .. وراح لثلاجة الأيسكريمات يمكن يلاقي شي يطفي النار المشعللة بقلبه لأن البيبسي ما فاده كثير.. خذا له اختيار عشوائي ورجع يحاسب .. رما الايسكريم على طاولة المحاسبة بكل اهمال وهو يدخل يده بجيب بنطلونه يطلع بوكه ... والشايب يراقب ملامحه المسودة المرهقة ..
الشايب : عسى ما شر يا ولدي... استجد شي في حالة ابوك ؟!
تركي من طرى له ابوه استهم أكثر : لا حالته مثل ماهي...
ابو سالم : ماعليه ...وسع صدرك وربك معكم ان شالله..
تركي وكأنه فاقد الأمل بالمرة : ان شالله ..
الشايب : بترجع تسافر يا ولدي ؟..
تركي : لا وين اسافر... خلاص قطعت كل شي برا ابوي حالته متردية وين تبيني اروح !!!
الشايب بكل أسى : يا ولدي ما يصير ابوك من سنين وهو كذا ما تغير.. وجودك ما رح يغير شي رح سافر كمل اللي بديته ..
تركي وحياته اصلا تغيرت من يومين ،.. وقرر يغير كل خططه لحياته ومستقبله.. قال من غير نفس للنقاش : ...مو انت اللي تقرر اللي أسويه .. ( باستخفاف ) إنت عساك تمشّي حالة هالبقالة اللي ما ادري شلون ماشي حالها للحين ..
حز ابو سالم في خاطره من كلامه : هذا باب رزقي تبيني اقفله .. وبعدين يا ولدي ترا مافي فرق بيني وبينك كلنا عباد الله الفلوس ما تغير مقامنا أبد !
غمض تركي عيونه لا ينفجر .. هو جاي هنا يبي يرتاح ، ما يدري ليش جا لهالبقالة بالذات .. :.. تراني مو واحد من عيالك .. تبي تقول هالكلام رح انصحه لعيالك مو لي..
ابو سالم هز راسه بأسف .. وكنه مراعي شعوره !!..
أما تركي راقب هالرجال الكبير بالسن وهو ياخذ كيس بلاستيك بيد ترتجف لا اراديا بسبب كبر السن .. سمعه يقول بكل براءة وحسن نية.. وكنه يبي يغير جو التوتر اللي خلقه تركي بعصبيته :.... ايه يالدنيا كل مالها وتصعب علينا أكثر ... وينها أيام اول .. أمور الناس كلها كانت تساهيل بس سبحان مغير الأحواال !!
ناظره تركي نظرة غريبة ، انا ما خلصت من ذيك البزر تجيني انت !!..
والرجال كمل وهو يمد له الكيس.. وكل قصده انه يحكي عن همومه : ... علينا ديون لازم نسددها بسبب ايجار هالبقالة ... وكل ماحاولت ارده ما قدرت زادت المصاريف .. وابوك ما كان يقصر معي الله يجزاه بالخير.... ايه وانا عمك الدنيا ماهيب مثل أول ..
تركي بكل وقاحة لأنه مو فاضي للقرقة : .. مشكلتك يالشايب..!
ناظره ابو سالم باستغراب : ... وانا عمك وش هالكلام كبر ابوك تكلمني بهالطريقة ...
سحب تركي الكيس منه بقوة وعصبية .. وخزه بطرف عينه وهو يلف بيمشي لأنه مو ناقص محاضرات :... مشاكلك خلها لك .. انا لي مشاكلي ومو ناقص اللي يزود همي هم ... ولا تطري ابوي على لسانك !
الشايب ما فهم وش فيه .. تركي عمره ما تكلم معه بهالاسلوب يعرفه من هو صغير ومراهق .. اليوم جاي منقلب انسان ثاني ... انسان وقح ما يحترم اللي يكبره وما يحترم هالشيب الأبيض ...
عطاه تركي نظرة متكبرة أول مرة يوجهها ( لأبو سالم )..
ابو سالم : تركي علامك يا ولدي شي مضايقك ....؟
تركي :... تعلمت أعادي الناس كلهم من بعد اللي عرفته عن ابوي وسبب طيحته .. مشكلة أبوي طيبة القلب والصدق مع كل الناس .. وانا طالع عليه في كل شي لكن ما بطلع عليه بذا الخصلتين ... مافي احد يستاهل الثقة ،.... حتى انت يالشايب حتى إنت ..
ابو سالم وهو خايف عليه : تركي !!!.. محتاج شي .. قلي لو محتاج شي تبيني افيدك بشي .؟
ناظره تركي بقرف .. وتأمل ثوبه الأصفر المهترئ والهيئة الفقيرة لكن الوقورة جدا...
ضحك من غير مزاج : .. تساعدني ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ابو سالم بهدوء ووقار ما يفارقه ابد : ايه وانا ابوك انا اعرف بالدنيا اكثر منك وياما شفت منها .. ياما خذت مني وياما عطيتها ..
تركي بكل إزدراء وهو يطالع شكله : إنت ساعد روحك بالأول بعدين فكر تساعدني ... انت آخر واحد تقدر تساعدني ..
وطلع من البقالة وهو يسمع ابو سالم يناديه ويرجيه يرجع ويقوله عن اللي مضايقه !!.. بس تركي صفطه وراه وكمل طريقه يبي يوصل لسيارته .. النار اللي شابه بقلبه ما يطفيها شي ..فتح الكيس وطلع الايسكريم ، ضغط عليه بأصابع قوية خلته يذوب .. وقام ورماه بأقرب زبالة صادفته نفسه منسدة من كل شي... وش يسوي مستحيل يسكت مستحيل يخلي الدنيا تغدر بأبوه مثله وقدوته .. مستحيل يخلي الدنيا بهالسهولة تدمر هذاك القلب الأبيض الحنوون من غير لا يتصرف .
قطع الشارع للجهة الثانية يبي يوصل لسيارته .. بس استوقفه صفة الجرايد المصفوفة قدام وحدة من البقالات ..وقف عندها واختار جريدة تعود دايم انه يتصفحها كل يوم ... جذب انتباهه وبقوة واحد من العناوين الموجودة بالصفحة الأولى .. خبر عن " تعيين سفراء جدد للسعودية في بعض البلاد " ... دوّر عن اسم معين بينهم بس ما لقاه !!
لفت انتباهه اصوات مرحة .. رفع راسه شاف مجموعة أطفال يمشون عالرصيف وسوالفهم تملا الكون .. واضح من هيئتهم انهم من عوائل وضعها المادي تحت المتوسطة يعني ما يختلفون عن الناس بهالحي .. هيئتهم تذكره بهيئة الشايب ابو سالم والبزر الملسونة اللي قابلها قبل شوي... وقفوا يطالعونه باستغراب بسبب شكله وغرابة وجوده بهالحي .. ابتسم بسخرية عليهم وعلى نفسه .. لهالدرجة شكلي يلفت ويقول اني من الطبقة اللي فووق !! و
تذكر كلام الطفلة ، يوم شافت شكله وملابسه النظيفة انه واحد شايف روحه ومتكبر ..
ما يدري وش اللي خلاه يتخيل انه واحد منهم يلبس مثلهم وعايش مثلهم .. ضحك على روحه بسخرية ههه.. " إنت يا تركي؟ "... ضحك لكنه فجأة سكت ... ما يدري وش جاه هاللحظة لأن فكرة غريبة نزلت عليه مثل الوحي ..
واكتشف ... إن أبو سالم فعلا يقدر يساعده !!! .. ولازم يستغل هالشي زين !
مباشرة وسرعة رهيبة رجع الجريدة مكانها وقطع الشارع ركض ،.. راجع لبقالة ابو سالم.
××××××××××
في صفاء الليل والوقت .. في بيت من الطبقة المخملية أو مثل ما يقولون في أوروبا ( طبقة ارستقراطية ) .. عائلة دبلوماسية أو كانت دبلوماسية .. تسكن فيلا ضخمة ذات مساحات خضرا متربعة بكل شموخ بوسط الحي !!..
هدوء يعم الشارع والأرصفة ،.. نفس الحال داخل البيت و يمكن يكون أكثر سكون وهدوء.. وجوّه بهالوقت يبعث عالملل !!
يمكن واحد من الأسباب هو قلة افراد هالعائلة والأسلوب الهادي المتعودين عليه..
بغرفتها الباردة .. رمت سحر الكتاب اللي بين يديها وتثاوبت بكسل .. مطت شعرها من الطفش يا كرهها لهالوقت بالذات..
نطت من مكانها تبي تروح تشوف هو وينه.. طلعت وراحت لغرفته دقت الباب .. دخلت وهي تنادي بهدوء : ...خالد؟؟
توقعت انها بتلقاه بس ما كان موجود .. غرفته ظلمى مرتبة بشكل أشبه بالمثالي .. تنهدت .. يا حبك للترتيب !... عرفت تلقائيا أنه بمكانه المفضل " الهادي " بالنسبة له ... ابتسمت وهي تروح للبلكون وتفتح بابه .. ولأن بلكون غرفته يطل عالحديقة الفسيحة شافته جالس هناك .. بيده أوراق وجنبه كتاب أو اثنين .. حاله يقول انه ناسي اللي حوله..
صرخت بأقوى ما عندها وهي تتعنز عالدرابزين : .. خالد !!
بهدوء يخالف طبايعها المرحة .. رفع راسه وشافها تلوح له بيدها والبسمة شاقه وجهها : مساء الليل يالوسيم .. << تحارش !!
ما عطاها رد نزل راسه للورق بنفس الهدوء اللي رفعه فيه .. ضربت بيدها على الدربزين من بروده معها .. لفت بسرعة وطلعت من غرفته ركض منقههرة ..
نزلت وهي تتجاوز الدرجات بالثنتين والثلاث.. وعلى طول للحديقة ناوية عليه نية !!.. بس ما قاومت حوض ورد الجوري اللي بطريقها .. مليان جوري أحمر.. خذت لها وردة حمرا ورفعت راسها تشوف اخوها خالد المندمج بالكتابة في مكانه .. لاحظ وجودها رفع راسه يشوفها لثانية ثم نزله مرة ثانية ..
راحت له وحطت الوردة قدامه .. رفع عينه للوردة مو لها ،.. ونزلها مرة ثانية لورقته ..
سحر انقهرت من تجاهله :.. ارحم نفسك من اللي انت فيه ياخي !.. ما صارت !!
خالد وهو يكتب : جاية عشان تقرقين فوق راسي!
سحر : لا بس من الصبح وانت هنا ما تعبت ؟
خالد : ..................... ( مندمج )
جلست قباله تراقبه وهو يكتب .. جاية عشان تسولف بس خالد وقت الشغل ما تقدر تاخذ منه كلمة..ضيقت عيونها تحاول تقرى وش قاعد يكتب بالضبط .. بس ماعرفت تميز شي بالمقلوب..
بسخرية : نصيحة خف على نفسك يا دكتور..!
خالد : بدل لا تسوين لي قلق وانتي عارفه اني مشغول..روحي جيبي لي شي بارد أشربه ..
سحر بغرور : وليش أجيب.. الخدم وش شغلتهم ..
خالد : واذا قلت لك أبيه من يدك..
سحر : ماني جايبه لك شي .. جزاة تطنيشك لي..
تنهد ورفع راسه بابتسامة مغصوبة لهالمدللة : أجل يا ست سحر..روحي وقولي لهم يسوونه .. شايفتني مشغول الحين وماعندي أحد غيرك !
حست بالملل معه وتأففت !..دايم دايم مشغول متى بيفرغ الأخ لها !!!.. خالد اللي كان قريب منها أول .. واخوها الأقرب لقلبها .. اخوها الضحوك والمازح .. من اختار هالمجال وهو يبتعد عنها أكثر وأكثر...
وهي قايمة بملل وضجر : هالطب ما جاب لنا خير..انا اقول اطلع منه وخلك مثل ابوي..كم مرة قلت لك هالكلام بس ما تسمع انت اللي تبي التعب !
سفهها ما دخل بجدال جديد معها ،.. له قناعاته اللي تختلف تمام الاختلاف عنها !... فكل ما فتحت هالموضوع يتجاهل النقاش فيه ..
طفشت منه وقبل لا تروح تذكرت وردتها الحمرا الجميلة ،.. سحبتها من قدامه بكل عنف وقهر بطريقة ما حركت له رمش ...وقبل لا تروح رمتها بقوة عالأرض وداستها بغضب ،..
ردّة فعله الوحيدة انه يحرك قلمه على ورقته من غير لا يعير لتصرفاتها الطفولية اي اهتمام !
سحر وهي رايحة : ... تعرف ترفع ضغطي !!
كل اللي سواه ابتسامة خفيفة سرعان ما اختفت ..عقب ما اختفت اخته ترك القلم من يده ،.. ومد يده الثانية للوردة وخذاها من الأرض بابتسامة حلوة...
دخلت سحر البيت الكبير صاحب الزوايا والألوان الملكية .. وقالت لأول خدامة طلعت بوجهها تسوي لخالد اللي يبيه وتوديه برا .. ما عندها شي تسويه وفيها حالة من الملل لدرجة ان عندها بعض الامتحانات قريبة بس ما تبي تدرس .. هي كانت طالعه برا تبي تطلب من خالد يطلعون مكان .. مثلا يشترون لهم كوفي ويقضون لهم مشوار صغير .. بس بحالته ذيك عرفت ان مافيه أمل حتى يسمع لها ..كانت تظن انه بيرحب بفكرتها خصوصا انه لهم فترة ما طلعوا مع بعض .. غير كذا عاشوا بعيد عن بعض خمس سنين .
اف ياربي ليش ما عندي غير هالأخو ..!!
بس للحق .. هالأخ عن عشرة اخوان .. بس لو ربي فاكه من هالطب اللي عاشقه كان هو بخير ..
على طاري خالد تذكرت بنت عمها "مشاعل" .. المنقذ بهالظروف وقت الملل والطفش ،،
اتصلت فيها وهي تدعي ما تكون نايمة .. اذا صارت نايمة بتقلب الدنيا عليها بتوريها شغل الله.. كل ما تتصل عليها تلاقيها نايمة من النادر تلاقيها صاحية هالوقت ..
وفعلا ما حصلت رد وتوعدتها تقلب الدنيا فوق راس طوايفها.. مشاعل قالت لها من قبل اذا مليتي تراني بالخدمة اعتبريني .. 911 هنا .. أكبر خبلة بالعالم !!
لكنها تجحد كل ما تتصل الا وهي مكبره مخدتها ونايمة !! قال ايش ناين ون ون !!.. طيب يا مشاعل بكرة أوريك..
ملت سحر وراحت غرفتها تقضي باقي ساعات الليل هناك ،،.. وعالساعة 11 دق تلفونها باسم مشاعل ..
ردت وهي معصبة حدها : ... ليه تدقين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
مشاعل باستغراب : انتي اللي ليه دقيتي ؟؟
سحر : لا أنا اللي أسألك..
مشاعل : اقول عن الهذرة !!.. طلبتيني شو بدك ؟
سحر : صح النوم بدري ..توها البومة تصحى !؟
مشاعل : وش تسوي البومة ؟.. ما نامت الا متأخر..
سحر : انتي عارفه متى اتصلت عليك
مشاعل ببرود : ايه .. من اربع ساعات
سحر بقهر من تطنيش بنت عمتها : صدق قوية وجه ..
مشاعل : سويحر كم مرة قلت لك .. طريقة حياتي ذي عاجبتني ما علييك منها.. قولي قولي اللي عندك وش السالفة الجديدة بقلبك تبين تطلعينها
سحر : انا مدري وش اللي مخليني لين الحين ممشايتك .. انا وياك من زمان ما توافقنا على وقت .. انا اصحى النهار انتي نايمة ... انام الليل انتي قايمة ... وربي احس اني ما شفتك من سنين !!
مشاعل بدلال : ياربي يعني مشتاقه يا عومري
سحر : وعع من متى اصلا الورد يشتاق للبوم ..الورد ياعمري للشمس والنور... من متى الورد للبوم ها من متى ؟؟؟
مشاعل : أقول ما كنك يا بنت ابوك هزأتيني بزيادة عن اللزوم ... عن الفلسفة لا بوكس الحين
سحر : وليتك تحسين ..
مشاعل : اف ها شتبين..تراني صحيت بس عشان اكلمك ..عندك شي ولا خليني اقفل واكمل نومتي
سحر طنقرت لآآآخر حد : اف انتي وحدة فارغة..اذا شبعتي نوم ذيك الساعة دقي أبي أسوولف معك .. بس ها مو تدقين علي بفجر الله والله لو سويتيها بشنقك حية ..
مشاعل : ههه طيب يا قلب مشاعل.. تصبحين على خير
سكرت منها بابتسامة ،، انسانة بايعة الدنيا روحها حلوة ما تزعل بسهولة .. مهما جاها من كلام وتهزئ تلقى الضحكة على محياها تتقبل الكل بروح رياضية وسعة بال وخاطر..
ابتسمت وهي تطالع اسم بنت عمها اللي تصغرها بسنة وحدة ... انسانه عايشة يومها وهمها تفرح وتستغل اللحظة ،، ما تفكر بشي غير يومها..ناسية الهموم ودايم تقولها : " اذا عشتي تفكرين ببكرة بتتعبين ..خلي الحياة تمشي مثل ماهي وماشيها ..لا تفكرين بكلام اللي حولك فكري بنفسك واللي يريحها وكيف تعيشين حياتك بالطريقة اللي تسعدك وتريحك "
ليتني مثلك يا مشاعل .. ليتني مثلك أقدر أتحمل..
×××
من صباح الله وعالساعة 7 الصبح ،، صحت سحر نشيطة بسبب نومتها المبكرة ، ولأنه يوم خميس فهذا أجمل شي،،..ودها تسوي خطط لليووم لكن وش الفايدة اذا كانت لحالها... نزلت تحت ومن فرحتها شافت ابوها اللي ماشافته من كم يوم جالس يشرب قهوته ويقرا بصحيفة الصباح..
رفع راسه وابتسم : يا صباح الفل على اغلى بنت
سحر وهي تروح وتعطيه عناق بسيط تبين فيه شوقها : ... نسيت وجهك من متى ما شفتك
ابو خالد : .. بعد عمري والله... تعرفين مشاغل ابوك
سحر : اجل اشوى اني صحيت بدري... وش ذا (بدلع) دادي احس شهر مالك شوفة
ابو خالد بضحكة : ههه بعد قلبي... اجل وش تقولين اذا قلت لك عندي سفرة بعد يومين
انطفت الفرحة بوجهها .. وباحباط : لا لا تقول ... بتسافر؟؟
ابو خالد : ايه يبه بسافر يومين ثلاثة ان شالله وراجع !
سحر بقهر : ليش؟؟؟
ابو خالد : مارح اطول وانا ابوك.. بروح لشغل !!
سحر : أي مشاغل الله يهديك ؟.. احنا ما صدقنا نستقر هنا بالسعودية عقب كل ذيك السنين ... بترجع تنشغل مرة ثانية !!!يعني ما كفاك السفر .... يبه ارحم نفسك ترا ما صارت ..وارحمنا !!
ابو خالد ابتسم لها ورجع لقهوته وصحيفته من غير لا يناقشها اكثر ..اما هي جابت لها قهوة وجت جلست معه ..وبدت تسولف له وتعلمه عن الجامعة .. وطلعاتها مع صديقاتها وخصوصا .. بنت عمها مشاعل
ابو خالد : مشاعل بنت عمك لي شهور ما شفتها ؟؟...لا يكون ميتة بس !!
سحر : ههه لا يبه..ههه حية ترزق ما ينخاف عليها
ابو خالد : اجل مالها شوف هنا بالبيت..أول كانت كل يومين عندنا
سحر : ههه ايه ادري ..بس تعرف الناس تكبر وزياراتها الكثيرة عندنا بيسبب احراجات لها ولخالد ...
على طاري ولده ابتسم :..الا الدكتور وينه ؟
على كلمة " دكتور" ..رجعت سحر للعصبية والقهر : ..يبه ليش ما تقوله يطلع من الطب بكبره ؟؟؟؟؟
استغرب طلبها : يطلع من الطب؟؟؟.. وليش يطلع؟؟؟
سحر : بس .. لأن خالد تغير مو مثل اول من دخل هالتخصص وهو خالد ثاني ..احسه صار جدي بحياته ما يستانس مثل اول .. مو حرام يبه مو حرام
ضحك على كلامها : كل ذا عشانه معد صار يلعب مثل اول ..حبيبتي اخوك وصل عمره 25 سنة الحين ولازم في يوم من الايام بينتبه لمستقبله .. وبتكون له حياته الخاصة ما رح يظل يراعيك طول عمره !!.. انتي بعد كبرتي ماعادك صغيرة مو مثل "بيان" .. خلاص عمرك 20 ولا انا غلطان ؟؟؟؟
سحر بزعل واعتراف : الا ..دخلت ال 20 من شهر !
ضحك على شكلها : ههه وانتي اهتمي بدراستك خلك مثل اخوك
سحر بطفولية : مابي أكبر...
ابو خالد : ههه مهوب بهواك ..
وقام عنها وهو ياخذ شماغه من جنبه .. طالعته بقهر ودلال تبيه يناظرها ، بس هو عارف دلعها ضبط شماغه والعقال ومشى طالع وهي مقهورة ... حتى ابوها يحب يطفر فيها أحيانا..
بعد ما سكن واستكان البيت من عقب صوت ومزاح ابوها .. قررت تقضي الصباح على طريقتها..
راحت فتحت التلفزيون وحطت على قناة الأف ام ..وكانت أغنية الهدايا تردح بكل شاعرية وعذوبة..
وش كثر تحب هالأغنية .. خذتها الكلمات لبعيد ومن غير شعوور صارت تدور بالصالة بحالمية وتتخيل انها ترقص مع حبيبها بطريقة الغرب على أنغامها الهادية الحزينة ..
أعذريني يالهدايا .. لو هملتك فالزوايا
ماني متحمل أشوفك ،، واللي جابك مو معايا
اللي جابك وينه عني .. يا ترا زعلان مني ؟
مادرى اني في غيابه .. كم شكيته للمرايا
أعذريني يالهدايا
سحر بصوتها العذب مع الأغنية ( مع بحّتها المميزة ) : أعذريني يالهدايا ..
راح وخلاني لحالي ،.. شفتي ويش سوى في حالي
خبريني ويش أسوي ،،.. لو عشق قلبه سوايا
وهي تدور على نفسها وبصوت عالي : اعذريني يالهدايا..
رن التلفون ومن الصوت العالي للأغنية ما سمعته..كانت ناسية وين هي فيه أصلا .. لكنه يوم دق مرة ثانية قدرت تسمعه.. طمرت بسرعة وهي تلقط أنفاسها ، رفعت السماعة من غير لا تقصر على الصوت : الو ..
.... ( كشر وهو يسمع حس الأغنية عالي من عندها ) : .. السلام عليكم ... بيت ابو خالد ؟
سحر وهي سادة اذنها الثانية بيدها عشان تسمعه زين : ... نعم اخوي وشش قلت ؟؟!!!
...... : ياليت تقصرين الصوت عشان تسمعيني مضبوط ..
انحرجت الصووت صراحة عالي مرة .. وغير كذا صوته الهادي كان فيه شي جذبها خلاها تمسك الريموت بسرعة وتقصر وهي تتنفس بسرعة من حركاتها اللي سوتها ..
..... الطرف الثاني من جديد : أسأل هذا بيت ابو خالد ؟؟؟؟
ردت وهي تلهث وتحس بالدوخة من كثر اللف : ايه نعم هذا بيت ابو خالد ... مين معي ؟؟
رد على سؤالها بسؤاال : .. بسأل ابو خالد موجود ؟؟
سحر : لا والله مو موجود ..طلع من وقت للشغل ..مين أقوله ؟؟؟
لكنه للمرة الثانية تجاهل سؤالها ما رد عليه.. وكل اللي سواه شكرها : طيب شكرا ...ومرة ثانية قصري على صوت الأغاني ما يليق كذا على الصبح !
بلحظة "سِحر" صوته اللي خذاها .. انقلبت للعصبية وكل السِحر اللي كان ماخذها اختفى .. انحرجت وعصبت ،،.. من هو عشان يعطي أوامر!!!! .. وقبل لا تنطق بشي كان هو قد سكر الخط بعد ما شكرها ، ولا انتظر حتى ردها على الشكر !!!
طالعت السماعة معصبة ،.. بعمرها ما قد تلقّت الأوامر ، من هذا اللي جاي يسأل عن ابوها يعطيها أمر الحين !!!!...عناد لك..
مسكت الريموت من جديد ورفعت الصوت على أعلى شي عناد فيه ، ورجعت ترقص من جديد وهي مطنقره.. تمنت انه يتصل من جديد عشان تسمعه لكن التلفون معد صار له صوت..
بس نست السالفة من أساسها بلحظتها ورجعت لأغنيتها المفضلة .. آخر مقطع كان احب مقطع لقلبها ودايم تعيش جو عليه .. سحر اذا دخلت جوو خلاص تنسى الأرض اللي تحتها تحس نفسها فوق السحاب..
قولي لو هو حب غيري ،، وش يكون اسمه مصيرري
غير أموت أنا فمكاني .. واترك الدنيا ورايا ..
صوت سحر ومعه صوت ثاني من وراها : أعذريني يالهدايا ...
وقفت عن الرقص والتفتت مستغربة شافت خالد واقف وراها بطلته البهية وحضوره القوي ، والبالطو الأبيض معلق على يده اليمين .. استحت وعصبت بنفس الوقت..
خالد : الله الله جوّوك كان رهيب..!!
لفت وجهها تسكر التلفزيون وهي خجلانة ،.. رغم انها قلما تخجل منه بس يمكن حالميتها الزايدة ونسيانها لنفسها أحرجتها ..
خالد يحارش : يا حبك للرقص !.. هبال ماله آخر !
سكرت التلفزيون وكانت الأغنية قد انتهت .. وراحت لطاولة الطعام تفطر من غير ما ترد عليه .. لحقها وهو مبتسم وجلس معها عالطاولة
خذت توست ودهنت فيه مربى ومع كوب القهوة بدت تفطر... ماقالت له حتى صباح الخير ... تاكل وتبلع من غير لا تطالعه وكأنه والجدار واحد .. كأنه غير مرئي بالنسبة لها كأنه شي صغير !!
خالد بعد مدة وهو ياكل :... لا أحسن قومي طقيني !!
رفعت عينها باستغراب :... قلت شي انا ؟؟؟؟؟
خالد : نافخة هالوجه شوي وتقومين تكفخيني ..
سحر : تتوهم !
خالد : لا ماني بأتوهم !!
سحر : افطر بس لا تتأخر على دوامك ..
خالد : .. قولي يالدلوعة وش اللي مضايقك؟
سحر بقهر : مو شي يا سعادة الدكتور
خالد بوناسة وانشراح : الله !!.. وش كثر احب كلمة دكتور منك !..احس اني كذا شي عظيم شي كبير في الدنيا
وهي تناظره بسخرية : لايقه عليك..!
خالد بغرور : أدري..
سحر : واثق!
خالد وفيه الضحكة :...وش مصحيك من صباح الله ؟
سحر : تعرفني احب الخميس واحب اصحى بدري...(بقهر ) مو مثل بنت عمك هالخيشة..
خالد بضحكة ساخرة : مشاعل !؟
سحر وهي تتذكر مكالمة ليلة البارح : ايه مشاعل !..مشتاقة لها الحمارة وهي مو معبرتني كل ما ابيها الاقيها نايمة
خالد بنبرة ساخرة : أحس هالادمية بتصحى يوم .. بتلاقي نفسها عجوز !
سحر ونست زعلها ضحكت : ههه ايه والله صادق ... كل حياتها نوم ممكن تصحى يوم حياتها خلاص انتهت..
خالد :... تبين الصدق!... حياتها مأساوية أنا مو مستوعب ان فيه احد يعيش عيشتها، احسها وحدة فارغة ومالها هدف.. وغير كذا تهدر صحتها من غير فايدة ..
سحر حست انه بيبدا انتقاد : .. لا حرام تراها تجنن وشخصية حلوة .. هي مو بذاك السوء وأكيد بيوم من الأيام بتتغير...
خالد وهو قايم من غير اهتمام : ..ما أظن..انا طالع الحين تبين مني شي..؟
طرى عليها اقتراح مفاجئ كان من وحي اللحظة : ايه .. ودي اروح لبيت عمي عند مشاعل ..
خالد وهو يشيل البالطو ويتحرك للباب : .. بنتظرك خمس دقايق استعجلي..
سحر ما صدقت..بسرعة طارت لفوق ولبست لها أي بنطلون مع تيشيرت ،..رفعت شعرها فوق ذيل الحصان وخذت نظارتها الشمسية ولبستها... ونزلت بسرعة لسيارة اخوها الواقفة برا .. كانت تقدر تروح مع السواق لكن مع خالد شي ثاني ... كانت عارفه انه بدوامه بينشغل عنها ،، والايام الجاية ممكن ينشغل وما يفرغ نهائيا .. فحلوة هالفرصة .. ترضى فيها كتعويض عن أمس !
نزلها بيت عمها وقبل لا يمشي .. خالد : متى ما تبين ترجعين اتصلي بالبيت واطلبي السواق..
سحر : ما تقدر تجيني ؟
خالد : لا .. دوامي لين الليل ..
سحر باحباط : طيب!
سكرت باب سيارته ودخلت بيت عمها المفتوح بابه ..لأن البستاني دايم بهالوقت يكون بالحديقة يعدل ويحصد.. بسرعة دخلت جوا الفلة وسكرت الباب الأنيق وراها .. كان الجوو بارد والمكيفات شغالة وما في حس لأي صوت ! ، الصالة خالية والهدوء يجيب الكآبة للواحد ... عمها أقل مستوى من أبوها ماديا لكن بعد ما يمنع انه راعي خير..
ناظرت الساعة المعلقة شافتها 9 .. لسا بدري..
وقت مبكر جدا على الزيارات لكن هالشي متعودين عليه والميانة طايحة مرة ، لدرجة سحر تقدر تجي هنا بأي وقت.. تحب تعشق بيت عمها ، والوقت اللي تقضيه هنا متعة بالنسبة لها مع بنات عمها الثنتين .. حياتها مع هالبيت ما استقرت الا من فترة قريبة ... خصوصا عقب غيابها عن السعودية من صغرها.. وزياراتها اللي اختصرت على الاجازات بس !... تحركت داخل وهي تفك الأزرار الأمامية لعبايتها ( الفراشة ) من غير ما تخلعها .. ومن غير شورها ومن غير سابق انذار قلبها تبعثرت دقاته !... ما تدري ليش !.. شعور غريب دايم يداهمها كل ما صارت بمكان قريب منه..
بسبب وجوده أكيد ... بسبب انسان تعبت معه !!..تحاول دايم تخفي اهتمامها لكن عيونها تفضحها..
نادت على الخدامة : آني!
جت لها الخدامة العريقة في بيت عمها وسألت بعد ما شافت الساعة مرة ثانية : محد صاحي ؟
الخدامة : لا مافي ...بس...... مهمد..
نفضة غريبة في اطرافها ..سألت بتردد : وينه ؟؟
الخدامة : براا...
سحر : برا وين ؟
الخدامة : قبل شوي اكل فتور ..بأدين راه برا في حديكة !!
سحر : ومشاعل؟؟
الخدامة : مشاءل نوم !!
حست سؤالها غبي.. أكيد نايمة يعني بتصحى هالوقت !!... قالت : طيب شكرا..
راحت الخدامة وسحر ما قدرت تطلع فوق قبل لا تشوفه .. اللي تعرفه انه كان مسافر لأسبوعين عشان شغل لأبوها وتوه راجع من كم يوم .. تبي تشوفه مشتاقه لوجهه..
راحت للنافذة وطلت عالحديقة .. شافت محمد واقف هناك عند البستاني يكلمه ويوصيه عالحديقة ،..ويشرح له بعض التعديلات وهو يحرك يدينه هنا وهناك !... كان شكله غير مرتب دقنه غير محلوق ولبسه بيتوتي أكثر منه أنيق .. هيئة ما تشوفها كل يوم ..بس ما منع " جاذبيته الخاصة " انها تبان ...سحر نست نفسها وهي تشوفه وما وعت الا لما شافته يلف ويمشي راجع للفلة ... بسرعة وخبصة لمت نفسها وطلعت ركض لغرفة بنت عمها ما تبي يكون بينها وبينه أي لقاء او احتكاك .. ما تبي تحس نفسها ذليلة أكثر من ما مضى !.. ماتبيه يحس انها بجيتها هذي ميتة عليه أكثر من ماهو عارف ومتأكد ..
دخلت غرفة مشاعل واستقبلها السيناريو المعتاد .. ثلاث أغطية مغطية بنت عمها ودافنتها ، ومكيف على درجة التجمد .. مع ان الجو برا فيه من البرودة الخفيفة بس هالآدمية لازم تحس نفسها نايمة في القطب المتجمد ..!!..
وقف شعرها من البرد وراحت للمكيف وقصرت على درجته إلى 22 درجة وهي تتحسب عليها ... فتحت الستاير وغمرها دفا الشمس ..، والله هالشمس نعمة !!!
راحت ل مشاعل الغرقانة بحلومها ...فكت الغطا الأول وقابلها غطا ثاني .. فكت الثاني وقابلها ثالث ..
سحر : حشا وين عايشة ثلاث لحوف !!!... مشيعل وين تحسبين نفسك فيه في الأسكيمو !!!
سحبت الأخير... وفجأة تحركت مشاعل وتكورت على نفسها من البرد مثل الطفل... شكلها كان برئ للغاية ... حاولت تقومها بس خطر في بالها فكرة ..
ابتسمت عليها وطلعت جوالها من شنطتها بخبث وشطانة..
فتحت عالكاميرا !
سحر بهمس وهي تقرب وتبعد الزوم على مشاعل : ان ما مسكت عليك شي ما كون سحر.. والله لأذلك يالبومة بجننك مثل ما تجننيني...
و " تشك " ... لقطة ، ولقطتين وثلاث .. خذت اللي تبيه ومشاعل عايشة بحلومها ، مرة تبتسم ومرة تكشر....
دخلت سحر جوالها داخل الشنطة ومدت يدها لمشاعل وهزتها : مشيعل قومي يكفي شفط نوم ...
تحركت بانزعاج وهي تتأفف ، ومدت يدها وهي مغمضة تدور عن الغطا ..
سحر: قومي يالبومة قوومي ..
تحركت وفتحت عيونها : اف لا تقولين انك سويحر مالي خلقك ترا ..( وغمضت)
سحر: الا انا وبكل فخر...
مشاعل : وش جابك ...
سحر: طفشانة بهالعطلة قلت اجيك... وجابني خالد حبيبي واخوي الوحيد..
من غير لا تفتح عيونها ...ابتسمت بنعومة : ..وعسى دخل ؟؟
سحر : لا ما دخل... تعرفينه حضرة الدكتور مشغول هالايام..
مشاعل وهي تغمض بنعاس وتضم مخدتها وتهمس بحالمية : يا جعلني فدى ذا الدكتور...
سحر ابتسمت وهزتها من جديد :..... بتقومين والا انقلع لبيتنا
قامت أخيرا جالسة وبرواق مفاجئ : ..افطرتي ؟؟
سحر: ايه اكلت ببيتنا ..
مشاعل : لازم تفطرين معي ..
سحر : ههه مروقة غريبة ..
مشاعل : عشاني شفت وجهك اكيد بروّق..
سحر : ما أظن ..!
مشاعل : عن الظنون ... ( ضمت سحر ) .. ياربي وربي مشتاقه لك من زمان ما شفت هالفيس الجميل ..
سحر وهي قرفانه : يا معفنة قومي غسلي .. وع ابعدي
دفتها مشاعل بقوة وسحر لأنها جالسة على حافة السرير طاحت بالأرض : ...يا حمارة ..
مشاعل : ههه والله قليلة أدب .. ( وهي تقوم من السرير ) .. جاية عندي وبغرفتي ولا تحترم .. ضيفة قليلة ذوق... اطلعي برا انتي مو وجه احد يحبك اصلا ..
سحر بقهر من اسلوبها : على تراب ..
راحت مشاعل للحمام وهي تضحك .. غسلت وطلعت وهي في قمة النشاط ..
مشاعل : هيا نخرج .. انا جوعانة
سحر ابتسمت : طيب انا شفت اخوك !!
مشاعل : اخووي ؟؟؟... بندر؟؟
سحر : لا... ( بتردد ).. محمد..
مشاعل من غير اهتمام وهي تروح الباب : اوه على بالي بندر توني بزغرط ... محمد بالطقاق لا يهمك
سحر بألم.. شلون ما يهمني : ... اقولك صاحي
مشاعل : واذا كان صاحي عادي هذي عادته وش الجديد ؟!... تعالي نفطر بالصالة تحت وهو أكيد بغرفته واذا يبي يجلس يقلب وجهه يروح للصالة الثانية..
ترددت سحر تطلع لكنها بالنهاية شجعت نفسها وقوت قلبها ..رفضت تفصخ عباتها خلتها عليها لأنها تتوقع اي جرح جديد منه !!.. فتكون مستعدة للخروج مرة وحدة..
نزلت وهي تقوي نفسها اكثر ،.. لمتى بتستمر تحس بالذل لمجرد انها تكن لشخص مغرور .. مجموعة من المشاعر !
دخلوا للصالة وسحر تقلب عيونها تخاف تشوفه ..تحاول تقاوم رهبتها،،.. ليش ينفرض عليها تتوتر كل ما صارت قريبة منه !.. وش كثر أذاها وش كثر ذلها ، ليش تحس انها تحبه وما تحبه...
اول ما دخلوا للصالة راحت مشاعل للمطبخ وسحر جلست ... فتحت التلفزيون تتفرج .. وبلحظة شافت محمد يدخل من باب الحديقة ...
محمد ..!!!
الحلو ، الجميل ، لكنه ..قاسي !!
لاحظها جالسة وسلم : السلام عليكم ..
سحر برهبة منه : وعليكم السلام ..
محمد : أخبار عمي ؟؟
سحر بنبرة أخفض مع المعتاد : بخير ..الحمدلله
كان على عكسها يتكلم بصوت عالي واضح ومو مبين عليه أي تأثر عكسها تماما : وخالد شلونه ؟؟؟
سحر بهدوء وهي ضامة يدينها بقوة : وخالد بخير وعافية ...
طالعها فترة من الوقت بنظرات غريبة طويلة ، وهي متوترة ما تدري وش سرها،، الأكيد انه مو حب لكن ليش يناظرها كذا وكأنه عارف بكل شي داخلها له !!..
انتظرته يسأل عن اخبارها .. لكنه ما حقق أمنيتها صد عنها يكمل طريقه للدرج ... من غير شعور نطقت بألم : ... وأنا؟؟
وقفت رجوله على أول درجة .. وصد لها وبوجهه الاستغراب رغم انه من داخل قلبه عارف وش تقصد :... انتي ؟؟؟
سحر : .... حرام تسأل عن اخباري ولا أنا مو بنت عمك ؟
محمد بنبرة هادية جامدة تعور قلب سحر الرقيق :..هذا انتي ما شالله قدامي وبخير ... وشو له السؤال ؟
سحر : من الذوق على الأقل
لف بكل جسمه لها وهو بمكانه :..لو لاحظت ان فيك شي وقتها أكيد بسأل... لكنك بخير والحمدلله
وش دراك انت باللي فيني ..يمكن شكلي من برا يقول مافيني شي .. لكن احساسي بالاهانة منك أعظم..
سحر :.... ليش وانت سألت عن اخباري عشان تعرف اذا انا بخير ولا لا ؟
ماكان يخفى عليه اللي يطل من عيونها له... كان مغتر بنفسه عزيز يشوف نفسه فوق فوق السحاب .. وهذا كان عيبه الوحيد .. ما يتنازل بسهولة وصعب التعامل معه!!..
كل مرة يتقابلون فيها يلاحظ بعيونها المشاعر له ...لكنه يستمر بالتجاهل ..
محمد : ... عن إذنك ..
طلع فوق مو مهتم للعاصفة اللي سببها داخل نفسها من جديد... آآآآه طلعت مكتومة منها.. وين المشكلة ؟ من وين الذنب مني ولا منه .. ليش ما يقدر أو عالأقل يحسسني باهتمامه لو مو ك حبيبة عالأقل ك بنت عم..!!
يمكن عيشتها برا ،.. وتنقلها من بلد لآخر من فترة لفترة ولمدة طويلة خلت محمد بهالاسلوب معها..من الصغر وهي بعيدة فهي ما تشكل أي اهمية بالنسبة له !!..
شكل هالحلم الوليد يا سحر ماله أمل يكبر...والحب اللي دايما تسمعين عنه وتسمعين قصصه .. الظاهر مالك نصيب فالدنيا تلقينه أو عالأقل تعيشينه مثل مالكثيرين عاشوه ..
جت مشاعل وهي ماسكة الصينية بين يدينها وترقص وتدور على نفسها بنفس الوقت ..: بريحك مني خلاص واغيب عن عينك
ابتسمت سحر وكل الضيقة راحت وهي تشوف وجه مشاعل الصبوحي اللي يخلق البسمة على اي احد : ههه ليش شايلة الصينية وين الخدم وش شغلتهم .. ليش متعبة نفسك مشيعل
مشاعل بنظرة غرور وهي تجلس بعد ما حطت الصينية : احيانا أحب اخدم نفسي بنفسي وخصوصا اذا كان لي مزاج .. مو مثلك دلوعة..
سحر بنعومة : .. أحاول اغير من عادتي بس ما أقدر.. عيشتي هاللي حكمت علي كذا واجبرتني اشيل صفات احيانا انا ماكنت ابيها تكون فيني ..
مشاعل : ... ايه من قدك طفتي نص بلاد العالم في أقل من 20 سنة .. هب عليك !!
ماتت سحر ضحك وضربتها : ههه يا حمارة وش نص بلاد العالم ... كلها أربع دوول ..
مشاعل : المووهم انك شفتي الدنيا من قدك في ناس ما طلعوا من عتبة باب بيتهم ..
سحر بابتسامة كئيبة : وتحسبيني يعني كنت مستانسة واحنا كل ثلاث سنين في بقعة وفي مكان جديد .. ترا كان صعب علينا وخصوصا علي.. كل فترة اضطر اغير مكان حياتي واجبر نفسي أتأقلم بالظروف حولي والبيئة المحيطة فينا ..
مشاعل : بس اتذكر لما رحنا نزوركم في جنوب أفريقيا .. أحب هالبلد جنان وكنت اتمنى ازوره ...ومن حظي صار عمي سفير هناك وقدرنا نزوركم .. وقدرت اشوف هالبلد اخيرا
سحر وهي تتذكر ذيك اللحظات بفرح : ايه اتذكر يوم دريت انكم بتجونا ما صدقت بغيت اطير من الفرحة ..
مشاعل : اشتقت لذاك المكان ياليت نزوره ثاني مرة ..
سحر : انا عشت فيها ثلاث سنين طقت نفسي منه ..
مشاعل : والبيت اللي لكم هناك وش تسمينه ؟
سحر : وش فيه ؟
مشاعل : للحين عمي مالكه ؟؟
سحر : ايه على ما اظن ..ما سمعت انه باعه او شي..
مشاعل بفرحة : ياي أجل شرايك نسافر هناك بالصيف الجاي..
سحر : انا مالي خلق كرهت السفر أبي اجلس بالسعودية ،.. للحين ما برد خاطري منها..
مشاعل : سنتين من تقاعد عمي ورجعتوا هنا وللحين ما مليتي ...بالله وش تبين في الحر والشمس ؟؟ لك سنتين وانتي منطقة بهالجو المعفن !!
سحر : عاادي مو مشكلة عندي... انا حاليا مستحيل افكر بالسفر كفاية اللي قضيته ذيك السنين ..وسنتين بالسعودية ما تكفيني ابد ولو تعطيني العمر كله ما تساوي اللي قضيته 12 سنة برا !!... تدرين انا اللي كنت ألح على ابوي يتقاعد صراحة مليت من ذيك العيشة كنت احس اني انسانة بلا هوية وبس من مكان لمكان ..
مشاعل : ههه .. طيب ولا تزعلين مدامك عايفه السفر انا بعد بعيفه .. قومي نطلع برا