سفيرة الغد
13-09-2022 - 04:49 am
استحضار المعلومات يتطلب مجموعة عمليات ذهنية
عندما يحاول أحدنا تذكر أحداث مرت به منذ فترة قريبة أو بعيدة, ويشعر بعجزه عن تذكر الكثير, يخالجه إحساس بانه اصبح هرما وشاخت ذاكرته, لكن الواقع غير ذلك..
فالإنسان يتذكر أكثر ما يعتقد وإن كان لا يتذكر كل الأشياء, فلا يعني ذلك أن دماغه قد شاخ وبات عاجزا عن التذكر.
يقول العلم إن دماغ الإنسان يتمتع بقدرة مذهلة على الاحتفاظ بالمعلومات البصرية لمختلف الأنشطة التي نقوم بها, حتى لو لم نستخدم سوى عيوننا التي رأت تلك الأشياء والمشاهد العابرة من دون أن نتعيرها أي اهتمام, وللكشف عن قدرة الدماغ على تذكر الأحداث الماضية قام عالم النفس البريطاني ريتشارد وايزمان بسلسلة من الاختبارات تهدف إلى سير الحدود القصوى للذاكرة. وذلك في مختبره في بيكاديلي وسط مدينة لندن.
اشترك في إحدى هذه التجارب التي رعتها صحيفة التايمز حيث وقف متطوعان أمام شاشة عرض بينما كان البروفيسور وايزمان يعرض سلسلة من الصور المنتقاة بشكل عشوائي, وطلب من المتطوعين تذكر هذه الصور, عرض البروفيسور ما يقرب من 800 صورة خلال أربعين دقيقة, وأعطى استراحة لثوان قليلة كل عشر دقائق, كانت الصور المعروضة لأصدقاء البروفيسور وايزمان في الجامعة, أي انها كانت مملة ولم تثر اهتمام الشخصين المشاركين.
في اختبار المرحلة الثانية التي تقضي بعرض 16 زوجا من الصور التي عرضت سابقا, وطلب من المشاركين تحديد الصور التي يتذكران انهما قد شاهداها في المرحلة الأولى, وقد تبين أن أحد المشاركين تذكر 16 زوجا من الصور من أصل 16 أي ما نسبتة 94 في المئة, وتمت التجربة مرة ثانية بعد يومين وكانت النتيجة نفسها.
الواقع ان نتيجة التجربة السابقة تتطابق مع تجارب أخرى مماثلة أجريت في أماكن متفرقة من العالم, وهذا يعني انها ظاهرة عامة تبين مقدرة ذاكرة الإنسان على تخزين المعلومات واسترجاعها عند الضرورة. يقول البروفيسور وايزمان: »تبدو هذه النتائج مثيرة تماما إلا أنها تبين مدى لا مبالاتنا وعدم اهتمامنا بالصور المرئية والمعلومات التي نختزنها بذاكرتنا جراء المشاهدة التي قد تكون سطحية ولا مبالية« . ويرى البروفيسور وايزمان الذي نشر نتائج بحثه في كتاب يحمل عنوان (Quirkology) أن جميع المشاركين في تجاربه قد اعتقدوا سلفا أنهم لن يتذكروا الكثير من الصور والمشاهد, الا انهم حققوا نتائج مذهلة, ويعتقد ايضا ان مقدرة الإنسان على استذكار المعلومات المرئية تساعده في التغلب على المشاكل البيئية المحيطة به, إذ ان الإنسان مطالب بتلقي كمية كبيرة من المعلومات المرئية وعليه ان يتجول ليتعرف على محيطه, ولكن هذه المعلومات لن تكون حاضرة دائما امامه لأنها عبارة عن معلومات مختزنة في أعماق الذاكرة ويتطلب استحضارها سلسلة من العمليات الذهنية وربما النفسية.
دمتن بخير
مشكوره