نجاح مؤلم

اولى خطواته كانت مهزوزة حالمة ...لم تحمله قدماه فسقط...على الرغم من ذلك كان سعيدا ...يدا أم يملؤها الدفء أخذتاه ولصدر حاني ضمتاه وأوقفتاه ثانية ...تبسمت عندها الشفاه ...فوقف ومشى ...خطوة ...وما كاد يفعل حتى سقط ثانية ..فاتسعت ابتسامة الشفاه لتطبع على جبهته قبلة ...ثم وقف وسار خطوة ثم أخرى وأخرى ...ووقع ..وكالعادة انتشلته يدان الدفء ثانية ..ليقف ويمشي ..خطوة ثم خطوة ...يليها أخرى ..ويقع ..وتنتشله هذه المرة عيون ملؤها الأمل الصارخ الضاحك ..قم بني ..تقدم..وكاد يقف إلا أن يدا الدفء أوقفتاه ..فابتسم ..وخطى بخطوات ثابتة قوية ..ومشى ثم مشى ...ضحك وركض ..نجح أخيرا ....نعم نجح ..لكن ..؟؟ما بال كل شيء أصبح مظلم ......أين تلك العيون التي كانت تشع أمل نور ..؟؟وذاك الثغر الباسم ..؟؟؟أين هاتان اليدان ذاتا القوة والدفء...؟؟أين ..؟؟أين وجه أمي...؟؟لا شيء صغيري ...لا احد هناك ..سمعها فدب الرعب في أوصاله ..يا لهول ما سمع ..كأنما ندم أن وقف ...ندم أن نجح...اسقط نفسه ...ظل في الأرض ..صرخ ..بكى ...نادى ...لكن ما من يدان تحيطانه ..ولا صدر حان يضمه ..هكذا حتى نام أخيرا ...نام كأنما يرجو أن يكون ما شعره حلم ..مجرد وهم ..غير أن الحلم لا يستمر في الواقع ..وهكذا ...كانت اولى خطواته ..وأول نجاح له ..ذا سعر باهظ...أيكون هذا هو العالم الذي فرح الجميع لدى قدومه إليه ..؟؟؟صرخ أن لا ..لا أريده ..ولا أرغبه ...وكاد يحطم نفسه ...يحطم كل شيء .....وهدأ أخيرا ..ثم مشى ...لكن هذه المرة سار خافض الرأس مستسلما ..يحمل في جعبته الم ينزف أبدا ..وللحياة في عينيه لونا وطعما غير الذي يملك الجميع ..عاش وكبر إنسانا فاشلا في نظر الناس ..ناجحا في نظر نفسه ...لماذا ...؟؟لأنه أصبح يخشى النجاح ....لأنه لا يريد أن يدفع ثمنا آخر لنجاح آخر يصعد به ...ويسقط بالآخرين ...