- قال له رفيقه سعد مرة :
صخرة الخلاص
( زياد شاب سعودي ، لما يتجاوز السابعة عشرة من عمره ، كان ذلك عام 1415ه ، صاحب عينين واسعتان ، حاد النظرة ، قد أرتسم على شاربه خط خفيف من الشعر، مشاكس ، مرواغ )
طائرة الخطوط السعودية ، تصل بيروت ، ينزل هو ورفيق دربه سعد ، الشاب الطيب الوديع ، في مغامره محفوفه بالمخاطر في بلد كله فتن !
بعد مرور أيام قليلة ... فتن قلب زياد باللبنانيات ، سافر في مراكب الغرام ، وحجز أول طائرة في خطوط العشاق ، ينظر هناك لتلك الفتاة ، ويحدق بتلك المرأة الرائعة ، يلاحق تلك المراهقة بنظراته الساخنة !
إلا أنه لم يفتن كما فتن بتلك المراهقة الساحرة ... التي كانت تسكن جوار الفندق !
قال له رفيقه سعد مرة :
يا زياد بلاش لكاعة ومشاكسة ، كل بنت تريدها ، أنت تذكرني (بجيمس بوند ) الذي لا تستطيع المخابرات الروسية أن تتصيده إلا عن طريق الفاتنات الجميلات ، ثم يخرج من المأزق بأسطورة مهندس وبروفسور وزارة الدفاع الأمريكية!
وفي مرة وذلك يوم الأحد ، خرج زياد وسعد من الفندق إلى نزه في الأحياء ... وفي الطريق وعن طريق المصادفة مرت تلك الفتاة المراهقة في قبالة الطريق !
تسمرت عيون زياد بها ... هام وذاب في شوقه ، فتن وهو يرى قوامها الممشوق ، ورشقتها المتناهية في الروعة ، والمني جب التي لبسته ، خصرها البديع ، وشعرها المنسدل المسترسل خلفها ، وعينها الناعسة ، وبيضاها الذي هو الشمس ، كانت فعلا كبيرق الذهب ، بل كمركبة أسطورية مليئة بالعطور الفائحة !
فينكس زياد الطريق ويلاحقها ، في حركة لا شعورية ، وقد أخذت منه الفتنها كل ما أخذت !
تحس الفتاة به يلاحقها ، فيروق لها ذلك ، فتسرع في خطاها ، فيسرع خلفها ، تضحك وتتغنج ، وتتمايل في مشيتها وتقذف بشعرها خلفها ، وتدعب خصلات شعرها الذي على جبينها !
يغيب زياد في سكرته ... وينطلق بجنون ، حتى لقد خلي لرفيقه أنه مارد أو عفريت مزمجر هائج يريد أن يقبض على الفتاة ويخسف بها ونفسه الأرض في الأرض السفلى حيث عالم العفاريت !
وفي غياب زياد في جنونه ، وهو مسرع ... يرتطم بجسم صغير !
فيلقيه بعيدا وسط الطريق !
يفيق زياد من سكرته ، ويقف ، وتقف الفتاة المراهقة من بعيد ترمق الموقف ، وقد لفت انتباها توقف الشاب السعودي المراهق .
يلتفت زياد للجسم الذي أرتطم به ، فإذا هي طفلة صغيرة ممزقة الثياب كان في يدها قطعة من الخبز وقد سقطت في الجانب الآخر من الطريق .
يسرع زياد نحوها ، فتلملم ثوبها المرقع لتستر ساقيها ببقايا ثويها المرقع ، فيقف زياد ، تاركا لها فرصة في ستر نفسها وهو متعجب ، ثم تقوم الطفلة بالبحث عن قطعة الخبز التي سقطت منها !
في ذلك الوقت ، تقترب الفتاة المراهقة متظاهرة بتقديم مساعدة متسائلة :
يا حبيبتي ... عما تبحثين ؟
فترد عليها الطفلة : خبزتي .
الفتاة : خبزتك ( وتضحك ) !
عندها تحس الطفلة بالخجل فيحمر وجها .
يتقدم زياد ، متسائلا عما تبحث عنه الطفلة ؟
فتنظر له الفتاة متبسمة وتقول : تبحث عن خبزتها التي سقطت على الأرض ( وتضحك ) !
زياد : أين وقع قطعت الخبز ؟
الفتاة : إنها هناك قرب سلة المهملات ... هناك .
الطفلة تسر بذلك ، وتركض مسرعة نحو القمامة تلتقط قطعة الخبز!
زياد يطلب من الطفلة أن ترمي الخبزة في سلة المهملات ، ويخرج من جيبه عشر دولارات ويقدمها للطفلة ، ولكن الطفلة ترفض ، وتمسك بقطعة الخبز ، وهو يصر عليها ، وهي تصر بالرفض !
عندها تتدخل الفتاة قائلة : دعها يا خليجي وكيفها ، فهؤلاء قذرين .
ثم تنحني كي تربط حذائها ، فيندفع من بين صدرها قلادة فيها صليب !
فيشاهده زياد ، فيتعجب ، ويسألها هل أنت نصرنية ؟
الفتاة : هذا ربنا يسوع ، صلب لأجلنا وعلق على صليب العار ، وحمل خطايانا ، يسوع هو نور العالم ، هو نهر الحياة ، وهو الطريق .
زياد : المصلوب هو ربكم ؟ إذن أنت نصرانية ؟
الفتاة ( وهي تضحك ساخرة ) : أنا مسيحية ، وربنا المخلص الفادي يسوع له المجد ، صلب بإرادته لأنه أحبنا ، لأن الله محبة فهكذا بذلك ابنه الحبيب الوحيد يسوع ... (تعالى الله عما يقولون)
وأنا الآن ذاهبة للكنيسة ... تعال معي لترى الرب ملق على الصليب من أجلنا .
زياد : أيتها الفاتنة ... لالا...... فعلى صدرك رأيت الصليب !
الفتاة ( بغضب ) : أنت كنت تلاحقني ؟!!
زياد : نعم ... لأني أحمق وعاصي ، ولكن الصليب الذي على صدرك ، الذي تسمينه صليب العار ، كشفي لي العار الذي كنت أفعله بسفاهتي ، أرحلي عني ، معاذ الله أن ألحقك أنت وربك المعلق على صليب العار !
الفتاة تجري مبتعدة باكية ، وزياد يدير ظهره متجها نحو رفيقه ، لكن الطفلة الصغيرة تصيح خلفه :
يا عمو .. عمو .
يتوقف زياد ... وينحني لها ، وهو يبتسم تبس النادم المحتقر لنفسه ويقول لها :
نعم ... يا أختي .
الطفلة : عمو ... أنتم من السعودية ؟
زياد ( يتبسم ) : نعم ..... ولما السؤال ؟
الطفلة : عندكم مكة والمدينة .. الله يا حظكم !
زياد ( يحس باحتقار الذات وتقريع الضمير ) : نعم عندنا مكة والمدينة .
الطفلة : يا عمو ... ممكن تأخذني معك لها .
زياد : أبشري ... على فكرة أنت وين ساكنه ؟
الطفلة : مخيم برج البراجنة ... هو هناك ، هل تأتي عندنا تقابل والدي ؟
زياد ( يشاور رفيقه سعد ) : إذا وافق صديقي .
سعد : والله في هذه لا أمانع ، فهي جزء من مغامرة مأمونة ، وليس مثل صاحبتك صاحبة صليب العار !
يتوجه زياد ورفيقه سعد مع الطفلة ، نحو مخيم برج البراجنة ، والطفلة فرحة ، وتتكلم هنا وهناك قائلة : عمو عمو ... إلخ .
ويصلون إلى مخيم برج البراجنة !
يذهل زياد ، ويصدم سعد ، من منظر المخيم !
البيوت مهدمه ، المجاري تجري في الأزقة ، الزبائل في نواحي الطرق مبعثرة ، البيوت مدمرة ، وبعضها مغطى بالقماش ، وبعضها مرقع بالأخشاب ، وقطع المعدن !
الأطفال شبه عراة .
النساء في حالة رثى لها !
الطفلة مسرعة ، سابقة زياد وسعد ، نحو بيتها ، صارخة :
بابا ، بابا ... فيه ضيوف من مكة والمدينة !
يقف زياد ورفيقه عن بيت صغير محطم الأبواب والنوافذ قد رقع بالخشب والكرتون وأغطية البلاستيك .
يخرج الأب مبتسما فرحا يحيي ضيوفه من بلاد الحرمين .
ويدرك الأب نظرة سعد وزياد المتعجبة من الفقر والذل الذي يعيش فيه أهل مخيم برج البراجنة .
فيقول لهما : أظنكما متقززين من بيتنا ، نعم فأنتما من بلد بترولي غني .
زياد : بصراحة ... نحن حزينين جدا على فقركم ، وفي نفس الوقت مبهورين بعزة أنفسكم .
الأب : يا أخي نحن في مأساة ، واضطهاد كبير لا يعلمه إلا القليل .
زياد : أنتم ؟ اللبنانيين ؟!
الأب : نحن اللبنانين أهل السنة والجماعة .
زياد : أهل السنة وجماعة ... طيب أيش دخل هذا بوضعكم الاجتماعي ؟
الأب : القصة طويلة يا بني ، أسأل عنها صبرا وشاتيلا ، اسأل عنها حزب الكتائب المسيحي ، اسأل عنها حزب أمل الباطني .
أنت لا تعلم ما مر به أخوان من أهل السنة والجماعة في لبنان ، النصارى تقف معهم الدول المسيحية الأوروبية ، والشيعة تقف معهم إيران وسوريا ، أما نحن فلا أحد يقف معنا ، وقد صرنا وقود الحرب الأهلية .
أنت يا بني لا تعلم ماذا حصل للفلسطنين هنا !
لو أن الجبال تتكلم لبكت وماتت كمدا .
زياد : كل هذا حصل ويحصل وأنا ...!
كم أحتقر نفسي ، واستصغرها ، كم أنا تائه ، ضعيف ، تافه ، كل هذا يحصل لأخوتي أبناء عقيدتي ، وأنا أجري خلف مسيحية ، لا أفكر إلا بشهوتي وجنوني ؟
الأب : يا بني للاسف الشباب الخليجي ما أكثرهم هنا ولكن ... !
زياد : ولكن يا عمي إلى متى ونحن غافلون ، إلا متى ونحن تافهون ؟؟
الأب : أسأل جدران داري وشبابيكها المخلوعة ، فسوف تجيبك ، كم يصرف الخليجيين على القمار والنوادي الليلة والسهرات الحمراء ، وعلى بنات الهوى ، وفتيات المساجات ، كم يصرفون ؟
لكن لم يكلف أحد منهم أحد يسأل عنا أو يحاول أن يعرف !
زياد : آآآه .
سعد : يجب أن ننقل كل ما شاهدناه لأهلنا .
زياد : نعم .
الأب ( يتبسم ) : أخشى أن لا يستيقظ أهلكم إلا إذا دار الزمان عليهم كما دار علينا ، عندها لن يرحمهم أحد ، فهل سيتعظون ، هل سيستيقظون ؟
نقلت هذه القصة لأنها تعرض جانبا من الواقع تماما ~
بيد أن ليس كل اهل السنة في لبنان مستضعفين
و ليس كل من يزور لبنان من الخليجيين سيئين...
((فوالله لا أنسى هذا المشهد و لن أنساه في حياتي
عندما كنت في أحدى المناطق السياحية في بلدي..
رأيت خليجية تلبس الحجاب الشرعي الكامل
(عباءة الرأس) حتى لا يكاد يظهر منها شيئ و تمشي بكل عزة..
و كم شعرت بالغبطة و السرور و بعزة الاسلام عندما رأيتها...
فبلباسها تفرح كل مسلم موحد
و تغيظ كل منافق و لايؤمن بوحدانية الله))
و أتمنى أن يتكرر هالمشهد مرارا و تكرارا في هالصيف..
شكرا لكم ~
اختي اذا كان هذا حال اهل السنه والجماعه في بلادكم
فهنا في بلاد الحرمين ايضا ناس دقهم الفقر والهم
ولا احد داري عنهم
بعضهم يتعفف والبعض يطلب ولكن لامجيب
الرسول الكريم استعاذ من الفقر
صلى الله عليه وسلم
كان الله في عونهم وفرج الله عنا وعنهم
وتسلم يدك على هذا النقل المفيد والجريء
بانتظار جديدك