- أين أنا أأعيش في فيلم أو رواية تصوروا ذاك اليوم ...لا
- كان يكتفي بالقول أنه كان يعيش مرتاحاً ينتظر الموت ...نعم الموت
- كان يدرك أنها باتت عالقة بين سماء وأرض ...
بسم الله الرحمن الرحيم
جروح عالقة
هي فتاةٌ سبق وعشقت إلى حّد الجنون..كانت في العشرين من عمرها في عمر يقال فيه عن القلب أنه لا زال طفلاً ...ولكن!!
قبل ذاك الشعور لم تعرف رانية ما هو الحب ....مازن
كان كل شيئ في حياتها.....التقاها فتاةً لا تعرف في هذي الحياة شيئاً....صغيرة يانعة ينبثق النور الطفولي من كل جسدها المفعم بالنشاط
وجد مازن لديها أحلاماً ...تبسّم لبراءتها...دخل عالمها بلا استئذان ودخلت عالمه دون أن يدري...
لم يكن كغيره ممن عرفت قط ...كان شخصاً غريب.....غامض.....حزين....سعيد......كتلة تناقضات عبثية يداعب بلطفه غنجها ...وينصت بصمت لذكائها الحاد ....
كانت تشعر معه بفضول وإثارة عجيبين...مما خلق هذا الإنسان!!؟...يا الله؟
لم تحبه أولاً بل بقيا أصدقاء لعامين ثم ذات صباح استيقظت وحبه يعبق بكل كيانها...
فهو الشاب العبقري معهم في الكلية ....ذكاؤه لا يضاهى ،لا يستطيع أن يعرفه أحد دون أن يحبه...لكن مع رانية كان شيئاً أخر..
تواصلا فكرياً إلى حد الغوص في أعتى الأمور ...بات مفتاح الحياة بالنسبة لها ....دلها على أسرار ما كانت ستكتشفها لولاه....وله الفضل كل الفضل لما وصلت له رانية من نضج...ورغم هذا كان صعب المنال كحلم لم تكن تحلم بتحققه يوماً....
حتى جاء اليوم الذي نبس به بكلمات عاشت معها أحلامها كلها ...قالها والغصة في قلبه..أنك لا تتركيني أرتاح ...فأنا افكر بك دوماً وأشتاقك ....قولي لي لماذا؟ لماذا أشتاق إليك وأنا لم أشتق يوماً لفتاة ....
قالت في نفسها هو يشتاق إذاً هو يحبني ..يا الهي أحقاً يحبني! صرخت بتلك الكلمة في داخلها..دوى صداها في أعماقها سمعت بها كل زوايا نفسها وأينعت كل أفراحها ....صار جسدها مسرح ألف ليلة وليلة ....فهل ما تسمعه صحيح....آه
عنونت علاقتهما بالحب الذي استمر لأسبوع
وبعدها وقع ما خشاه قلبها...وما أبت تصديقه ..كانا في السنة الاخيرة في الجامعة ،الفصل الأول قبل الأمتحانات..
كان لديهم امتحان وهو لم يأت...لما!؟لا يفعلها ليست عادته...ماذا أصابه!
مرّ يومين.....لم تعرف عنه شيء ثم رأته كما لم تره من قبل .....يعتلي وجهه شحوب غريب..يومها بدء حديثُها بعتابٍ عليه ..منه ...له...لا تدري ..كيف استوقف كلامها..بجملة لن
تنساها:"رانية كفّي ...أنا مريض.."
مريض ..ماهو مرضك ؛مما تشكو...وببساطة أجاب أنا مصاب بسرطان في الدم؛وحياتي لا تعدو كونها مجرد صدفة وهي بلحظاتها الأخيرة بيد الله...
أين أنا أأعيش في فيلم أو رواية تصوروا ذاك اليوم ...لا
لا يستطيع أحد أن يتخيل ذاك الشعور ؛نعم كانت تعرف رانية أن لديه وضع صحي لكن ليس هذا؟؟
قالت له :أعد ما قلته..أفهمني فأنا لم افهم...نظر في وجهي بعينيه الواثقتين وقال أجلسي سأحكي لك...لكن أجلي كل اللوم أرجوك..وراح يقص لها قصة صدقتها رانية رغم غرابتها ..وراحت تحلفه بأن يقول أنه يكذب...فهو لم يكذب عليها يوماً ،ما عاشت برفقته إلا الجمال ..ما أحست معه إلا بالتفاؤل ...لكن يا إلهي لما هو!
مرت أمام عينيها كل اللحظات الجميلة معه كأنها عمرها كله..
لا وضوح ...فقط قلبها المسكين طعن في الصميم ..
ذاك الفصل ..لم يقدم الامتحان ..والجميع يسأل عنه..كان يأتي لا يكلم أحد..يسلم عليها..يطمئن على امتحانها المجبرة على تقديمه رغم كل المشاعر الضائعة التي لا تجد مينائها...
كان يكتفي بالقول أنه كان يعيش مرتاحاً ينتظر الموت ...نعم الموت
رغم ذلك ليس متشائماً ....بل لديه حياة يعيش الكثيرون عمرهم كله ولا يحظوا بمثلها ....قال لها :لو لم تحبيني ...لما وصلنا إلى هنا ! فأنا الآن بالنسبة لك نارٌ تلهبك ..تقفين على أعلى ذاك الجرف لا تستطيعين التراجع فنعود أصدقاء ...ولا الاستمرار فتقعين هناك...
كان يدرك أنها باتت عالقة بين سماء وأرض ...
صارت رانية تعامله بشكل عادي ورفضت الاستسلام ...أحبته بصمت ..لكنّه رفض التعامل معها كالسابق،كان يشعر بأنه اقترف معها ذنب بجعلها تتعلق به....
لكنّها لم ترى الموضوع هكذا .....بل شعرت بأنه حظ عاثر فلما لما لا!؟ لما لا يكون هو حبيبها إلى الأبد....نعم استهلكت معه كل مشاعر الحب التي تخفق في خلدها....وجزءاً كبيراً من روحها....مضت تلك السنة وهو ليس هو
خسر تلك السنة بإرادته هو ...أما رانية فقد تخرجت؛وهي تحمله كالأرث في قلبها...لم يكن ممكناً أن يستمرا معاً ..
كانا يتحدثان كمن يواسيها فقد كان يأخذ بيدها حتى تنجح...
بعدها اتفقا على الوداع..
هو ذهب في رحلة علاجية الى اليابان...
وهي وبفترة وجيزة صارت فتاة ناضجة فلقد فجّر مازن في دواخلها كل مكامن الإبداع ..أيام توالت وهي في رحلة داخلية مع نفسها لتشفى منه .....فهل نجحت!!
هكذا هي الحياة..أحياناً نعيشها نبحث عن الحب..وأحياناً نعيشها لننسى الحب....لكن ما أحلى أن نعيشها حتى يجدنا الحب....
بقلمي
جميله كلماتك...حزينة قصتك