- د.محمد بن عبدالرحمن العريفي
- من هو المغترب ؟
- لماذا لا أقابله هو ؟! ولماذا لا يأتي إليّ ويطلب ذلك بنفسه ؟
- وسألته : لماذا تبكي ؟!
- فقال بصوت يقطعه البكاء : لا أدري .. لا أدري ..
- فقلت : لا حول ولا قوة إلا بالله .. ثم دعوت له بالهداية ، وسكتّ ..
- أما الثالث :
- فعجبت منه وقلت : هل تفهم اللغة العربية ؟!
- أما أحوال الآباء فهي أنكى وأشد ..
- قال الشيخ :
- ومضت الأيام وأحسست بالراحة وأن الأزمة انقضت ..
- حتى كانت الكارثة الكبرى !! ..
- الوصية الأولى :
- هل تظن أن النصارى هنا يختلفون عن النصارى هناك !!
- إن الكفر ملة واحدة ..
- س / ما حكم الإقامة في بلاد الكفار ؟
- فالإقامة في بلاد الكفر لا بد فيها من شرطين أساسيين :
- الشرط الأول :
- الشرط الثاني :
بسم الله الرحمن الرحيم
اعجبتني القصص والنصائح من الشيخ محمد العريفي فأحببت ان انقلها لكم للعظه
اتمنى لكم الفائده
واتمنى من الله ان لايحرمني الاجر0000
د.محمد بن عبدالرحمن العريفي
من هو المغترب ؟
إنه مسلم أقام في بلاد الكفار .. ألقى فيها رحله .. استقر في جنباتها .. بعدما عصفت به الرياح .. وضاقت به الأرض .. ففارق الأهل والأوطان .. وسكن في شاسع البلدان .. وهو في شرق الأرض .. وأخوه في غربها .. وأخته في شمالها .. وابنه في جنوبها .. أما ابن عمه فقد انقطعت عنه أخباره فلا يدري إذا ذكره .. هل يقول : حفظه الله ! أم يقول : رحمه الله ؟!!
المغتربون كل واحد منهم له قصة .. وكل أبٍ كسير في صدره مأساة .. وفي وجه كل واحد منهم حكاية .. ولعلنا نقف في هذا الكتاب على شيء من واقعهم .. ونجلس معهم .. نفيدهم ونستفيد منهم ..
د / محمد بن عبدالرحمن العريفي
عضو لجنة أوربا في مؤسسة الحرمين الخيرية
ص.ب : 151597 – الرياض : 11775بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد :حدثني الشيخ فقال :كنت في بلد أوربي يكثر فيه المغتربون من اللاجئين المسلمين الذي سكنوا في هذه البلاد طلباً لحياة أفضل ، وبعدما انتهيت من صلاة التراويح وإلقاء المحاضرة بعدها ، جاء إلىّ أحد الأخوة الكرام وقال :
يا شيخ أحد الأخوة العرب سمع عن مجيئك إلى هنا للدعوة فأحب أن تقابل ابنه !! فتعجبت وقلت : أقابل ابنه ؟!!
لماذا لا أقابله هو ؟! ولماذا لا يأتي إليّ ويطلب ذلك بنفسه ؟
فقال : هو لا يصلي معنا ، ولكن ولده يشكو من مشكلة ، ويريدك أن تشارك في حلها ..
فركبت مع هذا الأخ في سيارته وذهبنا إلى هناك .. فلما دخلنا فإذا بشيخ قد ناهز الستين سنه من عمره ، طُرّد فيها وشُرّد ، وعُذّب وسجن ، ثم استقر به المقام مع فلذات كبده في بلاد الكافرين ، فعاش فيها آمناً مطمئناً يأتيه رزقه رغداً من كل مكان ، سلم عليّ بحرارة ثم أدخلني إلى غرفة الجلوس ..
وبعدها حدثني بطرف من قصة حياته المؤلمة وكيف أنه أتى إلى هذه البلاد طلباً لراحة البال في زمن الشيخوخة بعد شقاء الشباب وعذابه !! قلت له : وهل وجدت راحة البال ؟
قال : فيما يظهر للناس : نعم بيت واسع .. وسيارة فارهة .. وراتب مجزي .. ولا عمل ولا نصب .. ولا كدح ولا تعب .. ولا تشريد ولا خوف ..
كل من رآني ظن أنني مرتاح البال وتمنى لو أنه في مكاني ، ولكن الحقيقة هي أنني أتعس الناس !!
لا أحكم أولادي ولا بناتي !! .. ولا أحكم زوجتي !!
بل لا أشعر أنني رجل له شخصيته ومسئوليته .. حياتي رتيبة جداً ! بل مملة جداً .. أشعر كأنني آلة أو جهاز ينتظر صانعه أن تنتهي مدة صلاحيته ليستبدله بغيره ..
ثم تدارك هذا الشيخ الكبير نفسه وقال : عفواً يا شيخ !! أنا لم أطلب مقابلتك لأجل أن أبث إليك هذه الهموم ، فهي أكبر من أن يحويها مجلس واحد .. وإنما أردت مقابلتك لأجل مشكلة لأصغر أولادي ..
أصغر أولادي – يا شيخ – عمره تسع عشرة سنة ، وقد جاء إلى هذه البلاد وعمره خمس سنوات ، درس في مدارس هذه البلاد .. وخالط أهلها في مدارسهم .. وأسواقهم .. وبيوتهم .. وملاعبهم .. و .. ولم أكن أمنعه من شيء ، بل لم أكن أتدخل في حياته !! لأن التربية الحديثة تقرر ذلك .. وإن شئت فقل إنني لم أكن أستطع أن أمنعه من شيء !! سواء كان محرماً .. أو فاحشة .. أو غير ذلك !! لأنه يستطيع أن يتسبب في سجني أو معاقبتي لو أخبر الشرطة بذلك .. لن أطيل عليك : ولدي منذ فترة طويلة لا يصلي .. ولا يصوم .. بل هو غير مقتنع بالدين أصلاً .. كل الأديان يعتبرها ظلماً للعباد !! .. وفي الفترة الأخيرة بدأ يتضايق كثيراً .. ويعتزل في غرفته ، ولا يخالطنا ، بل صار في كل صباح يحلق رأسه بالموسى .. وله تقليعات غريبة !..
هل يمكن أن أدعوه لك لتقابله ؟ فلعل الله أن يصلح حاله على يدك ..
قلت : لا مانع من ذلك ..
فصاح الأب الشفيق : محمد .. يا محمد ..
وبعد لحظات .. دخل علينا محمد .. شاب قد امتلأ حيوية ونشاطاً .. لعبت به الشهوات كما لعب بها .. مدّ يده إلي وقال السلام عليكم ! وعليكم السلام ، كيف حالك يا محمد ؟ ..
تدخل الأب وقال : يا محمد هذا الشيخ أتى ليناقشك في الأفكار التي تثيرها دائماً عندي ، يا ولدي أنت مسلم .. يا ولدي حرام عليك .. يا ولدي .. ثم بكى الشيخ .. واشتد بكاؤه .. وصمت ..
فقلت لمحمد : ذكر أبوك أن عندك بعض الأسئلة الدينية ، هل يمكن أن أسمعها ؟ .. ولكن – عفواً – قبل أن تذكرها .. هل تفهم اللغة العربية جيداً ( 1 ) ..
فقال أفهم كثيراً منها ، ولكن لا تتكلم معي بالفصحى .
فقلت له : في البداية يا محمد : هل أنت مقتنع بأن الله موجود ؟!
فقال : شو يعني مقتنع ؟!!
فقلت له : يعني : هل أنت مؤمن أن الله موجود ؟!
فقال : شو يعني مؤمن ؟!!
فقلت له : do you believe Allah
فقال : أوه !! نعم .. نعم ..
فقلت : إن الله خلقنا ورزقنا وأمرنا بعبادته ، وأرسل الرسل مبشرين ومنذرين ..و ..
وطال النقاش ولم يقتنع بأن الله تعالى رب حكم عدل يستحق الطاعة والعبادة .. فلما رأيت ذلك ..
قلت له : أريد أن أسمع منك سورة الفاتحة ( الحمد لله رب العالمين ) ..
فلما أراد أن يقرأها التبست عليه !! .. وإذا هولا يحفظ قصار السور ..
فقلت له اقترب واجلس بجانبي ، فلما جلس بجانبي وضعت يدي على صدره وقرأت عليه سورة الفاتحة ثلاث مرات .. فبدأت الدموع تسيل من عينه ، فأوقفت القراءة ..
وسألته : لماذا تبكي ؟!
فقال بصوت يقطعه البكاء : لا أدري .. لا أدري ..
فوضعت يدي على صدره وتلوت : { لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ(21) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَانُ الرَّحِيمُ(22)هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ(23)
هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } الحشر:21– 23
وقوله : { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } سورة البقرة :164
وقوله : { قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ(9)وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ(10)ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ(11)فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } فصلت : 9 – 12 .
وغيرها من الآيات التي فيها تعظيم وإجلال لله تعالى .. وكان الشاب يبكي بحرارة مع سماعه لهذه الآيات ، بل كان يتقطع بكاءً .. حتى إنني بعدما انتهيت من التلاوة حاولت إكمال النقاش معه فلم يستطع أن يتكلم بكلمة ..
فأمسكت يده وحاولت إيقافه على قدميه .. وقلت : قم صلّ ركعتين ، وابدأ حياة جديدة ..
فقام ذليلاً بين يدي خالقه ومولاه .. الذي سواه فعدله .. الذي خلقه فهو يهديه .. والذي هو يطعمه ويسقيه .. وإذا مرض فهو يشفيه .. والذي يميته ثم يحييه ..
قام بين يدي الملك جل جلاله .. وبكى .. وبكى .. فالقطيعة بينه وبين ربه قد طالت سنوات .. وبعد الصلاة وعدني أن لا يغيب عن صلاة التراويح مع الجماعة ، وحضور المحاضرات .. وكان ذلك ولله الحمد ..
هذا هو الشاب الأول ..
أما الثاني :فهو أخ لأحد المصلين المحافظين على الصلاة معنا في المركز الإسلامي ، جاء إلى وطلب مني مقابلة أخيه الذي لا يصلي ولا يصوم ولا يتعبد لله تعالى بشيء أبداً ..
ذهبت مع هذا الأخ فلما دخلت البيت ، أجلسني في غرفة الاستقبال ، ثم صاح : محمد .. يا محمد .. هذا اسم أخيه .. شاب عمره ثمان عشرة سنة ..
جاء محمد وصافحني بلطف ثم جلس .. فقال أخوه : هذا يا محمد شيخ داعية زارنا في هذا البلد وأحب التعرف عليك !!
ردّ محمد بلطف : أهلاً وسهلاً ..
بدأت الحديث معه عن الحياة وسبب خلقنا .. وما يستحقه الله تعالى من العبادة والطاعة .. وأن هؤلاء الكفار في ظلال مبين .. وأن السعادة الحقيقة في هذا الدين ..
ثم تكلمت – بصراحة – عن المخالفات المنتشرة بين شباب المسلمين في هذه البلاد .. وعقوبة تارك الصلاة .. و ..
وبدا الفتى غير مكترث بكلامي ولا مبالٍ به .. رغم تكلفي التلطف وتزيين العبارات بالود والتبسم .. لكنه بدا غير جاد في تفهم ما أقول ..
قلت له : يا محمد ، أريد أن أسمع منك سورة الفاتحة ( الحمد لله رب العالمين ) ..
فابتدأ في قراءتها فأخطأ وصوبته .. ثم أخطأ وصوبته .. ثم أخطأ وصوبته .. فسكت !! نعم لا يحفظ سورة الفاتحة !!
قلت له : نحن نحبك .. ونحب لك الخير .. و .. وأريدك أن تأتي معنا لتصلي مع المسلمين ، وتحضر المحاضرة بعد صلاة التراويح ..
وبعد تمنع شديد منه وافق على ذلك ، وأتى معنا .. وصلى التراويح وحضر الموعظة ..
ثم خرج ولم أره بعدها .. فسألت عنه أخاه ؟!
فقال : يا شيخ !! أخي يقول إن الساعة التي قضاها في المسجد كأنها عشر سنوات .. ملل ..
فقلت : لا حول ولا قوة إلا بالله .. ثم دعوت له بالهداية ، وسكتّ ..
أما الثالث :
فقد كنت في ( السويد ) وهي بلد يكثر فيه اللاجئون وبعد صلاة التراويح والمحاضرة ( وكانت باللغة العربية ) جاء إليّ أحد الأخوة العرب وقال:هنا بعض الشباب السويديين المسلمين يريدون الجلوس معك ..وكانوا متحلقين في المسجد ينتظرون ..
فاستدعيت أحد الأخوة ليترجم بيني وبينهم .. وجلست وبدأتُ الحديث عن نعمة الهداية لهذا الدين وأهمية الثبات عليه ..
وهذا الأخ يترجم من العربية إلى الإنجليزية ..
وفجأة نادي أحد المصلين باسم هذا المترجم فقام إليه وتركنا .. فسكتّ أنتظر رجوع المترجم لأكمل الحديث .. فطال تأخره وطال سكوتي وسكوتهم ..
وفجأة نطق أحد هؤلاء بلغة عربية مكسرة قائلاً : يا شيخ ، أنا أستتيع أن أترشم كليلاً !! ( 2 ) ..
فعجبت منه وقلت : هل تفهم اللغة العربية ؟!
فقال : أنا عربي فلسطيني !! أمي وأبي فلسطينيان !! لكني مولود في هذا البلد ، وجنسيتي سويدي .. ومنذ ولادتي لم يحرص والداي على تعليمي اللغة العربية ، لكني أفهم قليلاً .. ( قال هذا الكلام بلغة عربية مكسرة مخلوطة بعبارات إنجليزية ) ..
هذا طرف من أحوال أبنائنا من شباب المسلمين في ديار الهجرة .. هذا فضلاً عن أولئك الشباب الذين يجرون وراء شهواتهم ونزواتهم ، ولم يوفقوا إلى الهداية والتوبة ..
وكلامي هذا ليس فقط عن الشباب بل والفتيات أيضاً .. هؤلاء أبناؤنا وبناتنا ..
أما أحوال الآباء فهي أنكى وأشد ..
قال الشيخ :
جاء إلىّ منكسراً ذليلاً .. وقال : يا شيخ !! مللت من هذه الحياة !! كنت أسكن في بلد من بلاد المسلمين .. أسمع الأذان .. وأشهد الصلوات .. وأذكر الله مع الذاكرين .. وأركع مع الراكعين .. ولا أرى صليباً ولا كنيسة ..
نعم كنت في عيش قليل لا أملك الأرصدة والأموال .. ولا شقة فاخرة .. ولا يعالجني مستشفى متطور .. لكنني كنت ملكاً متمكناً .. أتربع على عرش منزلي الصغير .. وأولادي وزوجتي حولي كأننا قمر حوله كواكب ..
بالأمس كنا ولا يرجى تفرقنا *** واليوم صرنا ولا يرجى تلاقينا
كنت أعلم أين يذهب ولدي .. ومع من تجلس ابنتي .. ومن تقابل زوجتي ..
ثم زين لي بعض الأقارب أن آتي إلى هذا البلد المتطور الذي يعطيني الجنسية والراحة ، والأمن والرفاهية ، والراتب والعلاج .. و .. فانخدعت بذلك وجئت إلى السويد ..
قبلت الدولة لجوئي .. أسكنوني في شقة فاخرة .. درسوا أولادي في مدارس متطورة .. عشت الأيام الأولى وكأني في حلم جميل ..
نعم تبدل صوت الأذان .. بجلجلة النواقيس والصلبان .. الوجوه المتوضئة .. المشرقة المؤمنة .. تبدلت بوجوه عليها غبرة ترهقها قترة ..
لكن هذه الحياة الجديدة .. والراحة والدعة جعلتني أغفل عن هذه الأمور ..
مضت أيامي في هذه البلاد .. ومضت الشهور وبدأت أتنبه إلى هذا الواقع الفاسد .. أخاف على أولادي من حولي .. صرت كالجبان المختبئ من عدوه الذي يمسك أولاده عن يمينه وشماله خوفاً عليهم من القتل ..
وفي يوم من الأيام :طرق باب المنزل طارق ، فلما فتحت الباب فإذا بفتاة شقراء !!
ما تريدين ؟!!
أنا صديقةُ ( موهمد ) في المدرسة ، وأريد أن أدخل عنده في غرفته !!
فزجرتها وطرتها .. وعاتبت ولجدي وناصحته ..
وبعد يومين ..
طرق باب المنزل طارق ، فلما فتحت الباب فإذا بشاب أشقر !!
ما تريد ؟!!
أنا صديق ( سارا ) في المدرسة ، وأريد أن أدخل عندها !! في غرفتها !!
فزجرته وطرته ..
وأعلنت حالة الطوارئ في البيت .. وأصدرت المراسيم والأنظمة :ممنوع الاختلاط ..
ممنوع الذهاب إلى أي مكان غير المدرسة .. أو المسجد يوم الجمعة ..
ممنوع مقابلة الفتيات السويديات .. أو الشباب السويديين ..
ممنوع .. ممنوع ..
وأخذت أراقب تطبيق هذه الأنظمة بكل دقة ..
ومضت الأيام وأحسست بالراحة وأن الأزمة انقضت ..
حتى كانت الكارثة الكبرى !! ..
في يوم من الأيام خرجت لأشتري بعض الأغراض الخاصة للبيت .. وبعد خروجي بدقائق خرجت زوجتي وابنتي إلى مكتب الشرطة وقدمتا شكوى ضدي !! بأنني أكبت حريتهم .. ولا أحسن التعامل معهم .. وأمنع البنت من أصدقائها !! .. والولد من صديقاته !!.. الخ القائمة الطويلة ..
فثارت ثائرة العدالة ( !! ) على هذا الأب المتخلف .. كيف يحول بين الحبيب وحبيبة ؟! كيف يمنع الشباب والفتيات عن ملذاتهم ؟! .. كيف يقع هذا في بلاد الحرية والتطور ؟!..
فلما عدت إلى البيت .. متعباً .. محملاً بالأرزاق والأطعمة .. فإذا بالشرطة ينتظرونني !! فظننت أن البيت سرق في غيابي .. أو أن أولادي وفلذات كبدي تعرضوا لخطر ..
ألقيت ما في يدي وهرعت إلى البيت لأدخل فإذا برجال العدالة والشرف ( !! ) يوقفوني !!
أنت فلان ؟
نعم !! ماذا تريدون ؟!!
عندنا بلاغ ضدك !! تعال معنا ..
واقتادوني إلى التحقيق .. ثم المحكمة .. وحُكم عليَّ بالسجن ثلاث سنوات .. لأكون عبرة للمعتبرين ..
أما أولادي فقد أعطتهم العدالة ( !! ) منزلاً في غير المدينة التي سجنتُ فيها .. وصرفوا رواتب الأولاد باسم أمهم .. ولم يخبروني بعنوانهم .. ولم يسمحوا لي بالاتصال بهم .. ولا تسأل عن حالي اليوم ..
هذا الأب الأول .. أما الثاني :فهي امرأة تسكن مع أولادها في شقتها في مدينة بالدنمرك ..
وفي يوم من الأيام وقع شجار بين ولديها الصغيرين ( 4 ، 6 سنوات ) فضربتهما .. فبكيا بصوت مرتفع ..
فلما سمع جارها الدنمركي ( الرحيم الشفيق ) بكاء الأطفال اتصل مباشرة بالشرطة !!
فجاءوا سراعاً وهجموا على الأم وخلصوا الأطفال من الظلم والكبت ( !! ) ..
أفٍ لهم !! يظنون أنهم أرحم بالأبناء من أمهم !!..
وخلال ساعات تم ترحيل أحد الطفلين إلى مدينة في شمال الدانمرك ليتربى في كنف عائلة دنمركية ليس لديها أولاد ..
أما الآخر فأُرسل إلى عائلة في النرويج .. !! هذا خبر الطفلين ..
أما الأم فبقيت تتجرع آلام الحسرة والفراق .. في أرض العدالة والحرية والرفاهية ( !! ) ..
أيها الأخ المغترب :كل واحد من المغتربين له قصة ..
وكل أبٍ كسير في صدره مأساة ..
وفي وجه كل واحد منهم حكاية .. فما هو الحل ؟! ..
هل الحل هو أن تستسلموا للواقع المرّ ؟ .. أم تحاولوا الإصلاح والحفاظ على دينكم وأولادكم بقدر المستطاع .. حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً ..
من خلال واقع الأخوة المغتربين سواء في أمريكيا أو كندا أو استراليا أو بريطانيا أو فرنسا أو الدول الاسكندنافية أو غيرها .. أستطيع أن أخرج بهذه الوصايا ، التي أرجو أن يكون حال من التزم بها أحسن من غيره :
الوصية الأولى :
اعلم أن الكفار أعداء لا يمكن أن ينقلبوا أصدقاء محبين للمسلمين .. أبداً .. مهما أظهروا من العدل والحب والحفاوة فهم أعداء ، ولا يرضيهم منك إلا الكفر .. { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } ..
{ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ } ..
نعم .. والله ..
فإذا كفرت – حماك الله من ذلك – أحبوك بعض الشيء .. لأنهم يفرقون بين الكافر الذي من جلدتهم وبين من دخل في دينهم من غيرهم ..
قد تقول لي : هم يستقبلوننا ويرحبون بنا ويعاملوننا معاملة حسنة .. ويعطوننا الأموال ويوفرون لنا الراحة ..
فأقول لك : إنهم يفعلون ذلك لمصالح يحصلون عليها منكم .. فهم باستقبالهم لك يربحون مكاسب كثيرة ، إن لم يربحوها كلها ربحوا بعضها ، هم باستقبالهم لك يكثرون عدد سكان بلادهم ، وبالتالي يزيد اقتصادهم وتتطور دولتهم .. هم بك يكثرون عدد العمال والموظفين ويحافظون على عدد السكان لا يتناقص .. لأن بني جلدتهم لا يتكاثرون ولا يحرصون على الإنجاب .. بل يكتفي أحدهم بعشيقة يتمتع بها حتى يموت دون أن يرزق بأولاد .. أو إن أراد أولاداً اكتفى بطفل أو اثنين على الأكثر .. فتجد أن كبار السن عندهم أكثر من الشباب .. وهم يخططون للمدى البعيد ، ويشهد لذلك تقرير نشر قريباً من إدارة الهجرة في أمريكا يصرّح بأن أمريكا لا بدّ أن تستقبل عشرين مليون مهاجر سنوياً لتحافظ على توازن البلد في السنوات القادمة .. فهم ما قبلوا لجوءك رحمة بك وإحساناً إليك .. كلا .. بل يستفيدون منك ..
وإن لم يستفيدوا منك أنت لأن فيك بقية إسلام وقد تعارض بعض ما يخالف الشريعة .. وقد يزعجهم حرصك على صلاتك وعبادتك .. استفادوا من أولادك .. فإن كان في أولادك تربية إسلامية فلم يستفيدوا منهم .. استفادوا من أولاد أولادك .. الذين ولدوا عندهم وتطبعوا بطباعهم وحملوا جنسياتهم ..
هل تعلم أن دولة البرازيل دخلها خلال الخمسين سنة الماضية مليون مسلم ، تنصر منهم إلى الآن نصف مليون !!
{ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } ..{ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ } .. { قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ }.. مع أن غايتهم الكبرى هي أن تتخلى عن إسلامك .. أما اعتناقك للنصرانية فهو أمر ثانوي بالنسبة لهم بدليل أنهم هم أنفسهم غير متمسكين بالنصرانية تمسكاً تاماً ..
وتأمل معي :كم يُقتل من المسلمين بأيدي النصارى في بقاع كثيرة !! البوسنة .. كوسوفا .. الشيشان .. أريتريا .. السودان .. أندونيسيا ..
هل تظن أن النصارى هنا يختلفون عن النصارى هناك !!
إن الكفر ملة واحدة ..
ومن تأمل بدقة في هه البلاد التي تستقبل اللاجئين المسلمين وتحتفي بهم وجد أنها تغيبهم عن دينهم من خلال التعليم والوظيفة والاختلاط والنظام .. و .. ويدندنون في كل مكان : حرية .. !! .. Free والحرية والرذيلة – عندهم – وجهان لعملة واحدة .. ومن ظل متمسكاً بالأخلاق فهو رجعي متخلف !!..
الوصية الثانية :اعتبر بقاءك في هذا البلد ليس دائماً ، نعم .. قرّر ذلك .. وأقنع به نفسك .. وزوجتك وأولادك .. بصرف النظر عن واقعيته ..
فهذا حريٌ بأن يجعل انتماءك وولاءك هو لبلاد الإسلام لا لبلاد الكفر .. وسوف يأتي يوم تعود فيه إلى بلاد الإسلام .. تسمع الأذان .. وتصلي مع المصلين ..
واقرأ هذه الفتوى بتمعن ، وهي من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – حفظه الله ( 3 ) – حيث سئل ( 4 ) :
س / ما حكم الإقامة في بلاد الكفار ؟
ج / الإقامة في بلاد الكفار خطر عظيم على دين المسلم وأخلاقه وسلوكه وآدابه ، وقد شاهدنا وغيرُنا انحراف كثير ممن أقاموا هناك ، فرجعوا بغير ما ذهبوا به ، رجعوا فسلقاً ، وبعضهم رجع مرتداً عن دينه وكافراً به وبسائر الأديان – وبعضهم بالله – حتى صاروا إلى الجحود المطلق ، والاستهزاء بالدين وأهله ، السابقين منهم واللاحقين .
ولهذا : كان ينبغي – بل يتعين – التحفظ من ذلك ، ووضع الشروط التي تمنع من الهوى في تلك المهالك .
فالإقامة في بلاد الكفر لا بد فيها من شرطين أساسيين :
الشرط الأول :
أمن المقيم على دينه ، بحيث يكون عنده من العلم والإيمان وقوة العزيمة ما يطمئنه على الثبات على دينه ، والحذر من الانحراف والزيغ ، وأن يكون مضمراً لعداوة الكافرين وبغضهم ، مبتعداً عن موالاتهم ومحبتهم ، فإن موالاتهم ومحبتهم مما ينافي الإيمان ، قال الله تعالى : { لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُم } الآية وقال تعلى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ } مثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم (( أن من أحب قوماً فهو منهم )) ، (( وأن المرء مع من أحب )) ومحبة أعداء الله من أعظم ما يكون خطراً على المسلم ؛ لأن محبتهم تستلزم موافقتهم واتباعهم ، أو على الأقل عدم الإنكار عليهم ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من أحب قوماً فهو منهم )) .
الشرط الثاني :
أن يتمكن من إظهار دينه بحيث يقوم بشعائر الإسلام بدون ممانع ، فلا يُمْنع من إقامة الصلاة ، والجمعة والجماعات ، إن كان معه من يصلي جماعة ومن يقيم الجمعة ، ولا يمنع من الزكاة والصيام والحج ، وغيرها من شعائر الدين .
فإن كان لا يتمكن من ذلك لم تجز الإقامة