- 3 الحب العائلي.
- وقال تعالى: {وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ}
إن العلاقة الجنسية الناجحة التي تروي ظمأ كلا من الطرفين باب من أبواب السعادة والراحة النفسية والقبول والرضى عن الآخر، الذي يولد ارتباطًا ومحبة عاطفية ووجدانية عميقة تسمو بعد ذلك عن كل شيء وإن كانت العلاقة الجنسية تمدها بالتجدد والشوق للآخر.
وهذه العلاقة مع فطرتها وقابلية كل من الرجل والمرأة لممارستها، لأنها سنة الحياة أودعها الله في البشر، ولكن المتعة والسعادة فن يجب تعمله من الرجل والمرأة حتى تتحول تلك الممارسة إلى أنشودة حب وسعادة وعفاف وإحصان لكل من الرجل والمرأة.
وهناك ثلاث علاقات عاطفية تؤثر في استمرار ونجاح الحياة الزوجية وهي:1 الميل الجنسي إلى شريك الحياة.
2 العلاقة الوجدانية بين الشريكين.
3 الحب العائلي.
وأعني بالميل الجنسي نحو شريك الحياة أي الرغبة الجنسية للزوج والزوجة بشكل يتحقق به التكيف العام بينهما، وبعبارة أوضح عندما يجد كلا الطرفين أن الطرف الآخر مرغوب فيه جنسيًا ومغريًا للإقبال عليه.
أما العلاقة الوجدانية بين الزوجين فهي التوافق النفسي والروحي في المشاعر والأحاسيس والأماني والطموحات التي تحقق الألفة والمحبة بينهما ومشاركة كل منهما الآخر، فيقاسم كل منهما الآخر أفراحه ونجاحه وآلامه وجراحه، وهذا يسمى بالحب المعنوي.
أما الحب العائلي فيتمثل في قوة العاطفة نحو الأبناء خاصة وبقوة المودة بين أسرتي الزوجين بشكل عام، فإذا توافرت هذه الثلاثة فإن الحياة الزوجية تصبح موفقة دون شك، وعدم وجود أحد هذه المقومات لا يعني أن الحياة الزوجية في خطر وأنها لن تستمر، بالطبع لا ولن, فمما لا شك فيه ستكون أقل في المتعة والراحة النفسية.
وإذا كان الميل الجنسي أو العلاقة الجسدية بين الرجل وزوجته من أركان العلاقة العاطفية، إذن فالمقصود طبعًا ليس فقط هو قضاء الوطر والشهوة، وإنما هذه العملية ما هي إلا تعبير عن علاقة أعمق وأشمل ولذلك سماها القرآن مودة ورحمة، فقضاء الشهوة محطة من محطات الحب والعشق تسبقه محطات وتليه محطات.
فالمحطات التي تسبقه مختصرة في قوله تعالى: {وَقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ}
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم:' هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك '، والمحطات التي تليها مختصرة في قوله تعالى: {الرَّفَث} وحديث عائشة رضي الله عنه في غسلها مع النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي بيان كيفية التعامل بين الزوجين لتحقيق السعادة الزوجية قال تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}
وقال تعالى: {وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ}
.
وفي الآية يأمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين أن يقدموا لأنفسهم، وهي التهيئة المعنية والإعداد النفسي قبل تمام العملية الجنسية، فكلا الزوجين مطالب أن يقدم للآخر الركن المعنوي والراحة النفسية والانسجام الروحي من معين لا ينضب، وهو معين المودة والرحمة.
ولقد آن الأوان أن نقول إن الزوجة لم تعد فقط آلة إخصاب، وإن كان ذلك من أهم أدوارها التي خصها الله بها، وإنما هي شريكة للرجل في التمتع في اللذة الحلال، ولا بد أن تكون إيجابية، لأنه كلما كانت المرأة أكثر فاعلية في الحوار الجنسي زادت المتعة وتسامت السعادة.
فقضية الجنس ليست قضية هامشية في حياة الرجل والمرأة السويين، ولا هي من الرجس طالما كانت في الحلال، ولا يجوز إطلاقًا إهمالها أو تركها لتتحكم فيها نصائح ورواسب العاهرات في الإعلام.
وعلى المرأة أن تتعلم وتتفنن في الحب، ولا يجوز لها أن تجهل أهمية رسالتها الجنسية، فبدلاً من أن تحسبها تبعة مضلة بالآداب، عليها أن تكرس لها وقتًا يتناسب مع أهميتها.
والمرأة المثالية تدرك لأهمية دور المرأة في الجماع منذ الليلة الأولى للزواج، ومدى تأثير ذلك الدور ليس فقط في نفس الرجل، وإنما في نفس المرأة ذاتها، وبالتالي في الحياة الزوجية.
وكذلك كي يكون الاتصال الجنسي طبيعيًا وجميلا ومستحبًا، لا بد وأن تساهم الزوجة مع الرجل في الوصول بهذا العمل إلى القمة التي ينشدها زوجها والتي يجب أن تنشدها أيضًا.
وكل محطة من محطات هذا اللقاء له فنه وأدبياته وممارسته
مع امنتياتي للجميع بحياة هانئه