- وكان يقول : الصمت حكمة !!
- لكن !!
- وماذا وكيف وصلت للذروة اليوم؟
- وهل سألتها أثناء اللقاء عن وصولها للذروة من عدمه؟
- الطفل يحتاج إلى أبويه لكن لا يحتاج إلى شخوصهما لحماً ودماً !!
اعداء الحب
اعداء الحب
الحب . .
روح تخفق . .
ونبض هادئ . .
ونبعٌ فيّاض . .
وبقدر ما تملك من رصيد الحب فإنه ربما يكسد أو لا يدوم بشكل صحيّ ما لم تحذر أعداء الحب و لصوصه !!
في هذه الأطروحة أشير إلى :ثلاثية قاتلة !!
شرهة شرسة . . !!
واحدها يكفي ليحلّ الدمار والانهيار !!
فكيف بها ثلاثية مجتمعة ؟!
العدو الأول : الصمت !
جلس إحدى عشرة امرأة، فتعاهدن وتعاقدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً !
تبثّ كل واحدة منهنّ شكواها ، وتبرّح نجواها . .
منهنّ واحدة شكت تقول : زوجي إن أكل لف ، وإن شرب اشتف ، وإن اضطجع التف ، ولا يولج الكف ليعلم البث. !!
هكذا حياة روتينية . .
خروج ودخول بكل هدوء !!
إلا من أصوات الشفّ واللفّ !!
أو نغمات الشخير في منتصف الليالي !!
إن من أسوأ أعداء الحب في الحياة الزوجية خصوصاً وفي الحياة الأسرية عموماً هو عدو ( الصمت ) !
ولئن كان الحكيم الأول قال في زمنه : إن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب !!
وكان يقول : الصمت حكمة !!
لكن !!
بقدر ما تتمتع به علاقتك من صفات جميلة وصادقة وحنونة فمن الواضح أنك سوف تصادف قدراً كبيراً من التضارب والخلافات حيث أن لدى كل زوجين أموراً ومواضيع عارضة يجب عليهما أن يتوصّلا إلى حل بشأنها لأنها تبدأ في التراكم داخل علاقتهما !!
ولذلك كان من الضروري اتقان فن التواصل من خلال الحوار الهادئ البنّاء !
أوقل : ( اتقان مهارة الصمت ) !!
فإن الصمت مهارة ، ويكون حكمة حين يناسب الحال الصمت !
ومن الحكمة أن يتبدد الصمت في الحال التي لا يناسبها الصمت !!
والحكيم هو الذي يجيد التعامل مع هذه المهارة السلوكية ( الصمت ) .
ويمكن تلخيص بعض أهم مظاهر وآثار هذا العدو الخفي ( الصمت ) على الزوجين وعلى الأسرة في نقاط :
- عدم المصارحة بالحب بين الزوجين .
تقول : عشت معه ثلاثين سنة لم يتعوّد فيها لساني على كلمة ( الحب ) ولا ألفت أذني سماعها !! أبعد كل هذاالعمر تريدني أن أقول لزوجي ( إني أحبك ) !!
وتقول أخرى : مرّة داعبت زوجي وقلت له على استحياء ( يا حبيبي ) فتغيّرت ملامح وجهه وبدأ يتهكّم بي ويقول : لا زلت مراهقة صغيرة !!
للأسف أن بعض الأزواج والزوجات ينظرون إلى الحب على أنه العار الذي ينبغي أن يُوارى ويكبت ولا يشاع !!
فلا هم يمنحونه ، ولا هم يقبلونه !!
ورسول الله صلى الله عليه وسلم مرة يُسأل : من أحب الناس إليك ؟!
فيقولها بلا غضاضة : عائشة !!
بل إنه صلى الله عليه وسلم كان يحرّض ابنته فاطمة رضي الله عنها على حب عائشة رضي الله عنها ويقول لها :" أوليس تحبين ما أحب ؟ " فتقول : بلى !!
فيقول : " أحبي هذه - ويشير إلى عائشة - " !
وفي ليلة هادئة ساكنة تجلس عائشة رضي الله عنها بين حجر النبي صلى الله عليه وسلم وهي تهامسه بدفء الحب وتقول : " والله يا رسول الله إني أحبك وأحب قربك "!!
إن المصارحة بالحب وإشاعته في الحياة الزوجية والأسرية من أكثر الأمور التي تزيد الألفة بين الزوجين ، بل بين أفراد الأسرة كلها !!
ولئن كان الرسول صلى الله عليه وسلم يندب المتحابين في الله إلى أن يخبر أحدهما الآخر بحبه له ولا يكتم ذلك فيقول : « إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه لله عزَّ وجلَّ » .
قال الخطابي: معناه الحث على التودد والتألف، وذلك أنه إذا أخبره أنه يحبه :
. استمال بذلك قلبه
. واجتلب به ودّه ؛ وفيه أنه إذا علم أنه محب له وواد له :. قبل نصيحته
. ولم يرد عليه قوله في عيب أن أخبره به عن نفسه أو سقطه إن كانت منه وإذا لم يعلم ذلك منه لم يؤمن أن يسوء ظنه فيه فلا يقبل منه قوله ، ويحمل ذلك منه على العداوة والشنآن انتهى. !!
فلئن كانت هذه المصارحة بين أخوين ربما لايلتقيان في يومهما إلا ساعات تُحدث لهما هذا الأثر من الألفة والمحبة والتوادّ والتقارب ، فكيف بها مع زوجين يعيش كل منهما في كنف الآخر ؟!
- الخجل من التواصل اللفظي عند اللقاء وبعده !!
جاء في أثر : " لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة وليكن بينهما رسول "
قيل : وما الرسول يا رسول الله ؟ قال : " القبلة والكلام ."
وعند الديلمي "ثلاثة من العجز"، وذكر منها أن يقارب الرجل زوجته فيصيبها قبل أن يحدثها ويؤانسها . . "
أصبحت عملية اللقاء عند بعض الأزواج ( عملية ميكانيكية ) تبدأ في وقت معين ثم تنتهي في حينها !!
ثم يتعدّى هذا الصمت إلى ما بعد اللقاء .. !!
فيبدأ اللقاء وينتهي كأن لم يكن من شيء إلا الجهد والتعب !!
إن التواصل اللفظي حين اللقاء يحافظ على لذة الامتاع ، كما أن هذا التواصل اللفظي لا ينقطع بانقضاء الوطر إنما يستمر كسلسلة ممتدة لامتاع واللذة .
هل سألت زوجتك عما يمتعها؟
عما يثيرها؟
عما تريد أن تفعله من أجلها؟
هل تحاورها بذلك قبل اللقاء ؟؟!
أثناء اللقاء ؟؟!
هل أكملت حوارك معها بعد اللقاء في ما هي أكثر المواقف قد أمتعها اليوم؟
وهل سألتها عن مشاعرها؟
وماذا وكيف وصلت للذروة اليوم؟
وهل سألتها أثناء اللقاء عن وصولها للذروة من عدمه؟
إن الزوجة تخاف أن تعبر عن رغبتها في وضع معين أو معرفتها بصورة معينة من الممارسة أو الإثارة خوفًا أن تثير شكوك زوجها.. في مصدرها للمعرفة.. أو للممارسة السابقة لمثل هذا الأمر فتفضل أن تسكت وهي لا تحصل على متعتها وقد تظل كذلك طول عمرها.. وربما لا تدرك ما معنى الوصول للذروة أو لو علمت فإنها تخجل أن تطلب من زوجها أن يفعل ما يوصلها لها .. أو أن يصبر عليها حتى تصل لذروتها لأن بعض النساء يتأخرن عن الرجال..
وبسبب هذا الخجل من جانب وعدم وعي الزوج بأهمية هذا الحوار الزوجي في هذه اللحظة من لحظات حياتهم يصبح عند الزوجة نفوراً من زوجها ، وربما تطلّعت إلى غيره . . !!
فإن عفّت و كتمت أثّر ذلك عليها في أعراض جسمية مثل الصداع أو الآلام المتنقلة في الجسم والتي تحتار ويحتار معها الأطباء في التشخيص، وهي ببساطة لا تستمتع أثناء لقائها مع زوجها الذي تحبه ، وربما أثّر ذلك عليها نفسياً فصارت عصبية كثيرة السخط والجزع !!
- عدم التبريح عن مشاعر المدح والثناء بين الزوجين .
مرّة قدّمت الزوجة لزوجها على مائدة الطعام ( تبناً ) - أكرمكم الله - !!
ثارت ثائرته . . !
وارتفع صوته ، وانتفخت منه الأوداج غضباً وحنقاً !!
همست في أذنه بكل هدوء .. زوجي العزيز : كنت من قبل أحاول جَهدي وجُهدي أن أطعمك أطيب الطعام فما سمعت منك كلمة ثناء أو تقدير أو إعجاب !!!
إن كلمة الثناء و التشجيع و المدح حتى على الشيء القليل ، يحفّز للانجاز ، ويصنع المتعة من التعب !!
كلمة ثناء تُنسي الآلام ، وتمسح العناء ، وتزيد الحب بين الزوجين !!
حتى أطفالنا يصنعهم التشجيع ويحفّزهم التقدير ، ويقوّي ارتباطهم بأبائهم وينمّي النضج العقلي والعاطفي عندهم .
- الخجل من المصارحة والحوار بين الزوجين .
فلربما عاشت الزوجة سني عمرها مع زوجها وهي لا تستطيع أن تصارحه بأمر يضايقها من جهته !!
ولربما عاش هو ردحاً من عمره يكابد نفسه ويصارعها متحمّلاً من زوجته خُلقاً لا يروق له !!
قد تكون الزوجة جاهلة بهذا الخُلق الذي يضايق زوجها أو ربما تظنه أمراً أريحياً عادياً في حياتهما طالما وأنه لم ينبه عليه !!
وهكذا تظن الزوجة نفسها صابرة !!
ويظن الزوج أنه مخلص وفيّ !!
والصبر والوفاء والإخلاص في الحياة الزوجية إنما يكون حقيقياً عند ما يكون هناك حوار بنّاء بين الزوجين للرقي والارتقاء !!
إن هذا الكبت يشكل ضغطاً نفسياً سواء على الزوجة أو على الزوج الأمر الذي ينعكس سلباً على رصيد الحب بينهما ، أو يقلل حظوظه وفرصه في حياتهما !!
- السكوت عند الخطأ أو الريبة !
ولو أنه سكوت في تغافل لكان حسناً !!
لكنه سكوت من ( أجل أرشفة الأخطاء ) ومن ثم نثرها في لحظة غضب نفد عنده الصبر !!
أو أنه سكوت تؤزّه الأنفة أو الإستحياء !!
بعد عشر سنوات من العشرة ، همست باستحياء في أذن صديقتها أنها تكره من زوجها خلقاً ما !!
وفي لحظة غفلة من زوجها اكتشفت أنه يخونها !!
وهو أيضا سمعها تتحدث بكلام غريب على سماعة الهاتف !!
وهكذا يبقى هو وتبقى هي يعيشون هواجس الأوهام ، والتخطيط للانتقام !!
ولو أنه صارحها أو صارحته بهدوء لربما زال الهمّ وارتفع اللّبس !!
- التهرّب من أسئلة الأبناء وعدم محاورتهم !
إمّأ بالتجاهل أو التوبيخ و النكير على الطفل حين يسأل أويكثر من أسئلته البريئة - الجريئة - على والديه !!
والأخطر من ذلك الجواب بخلاف الحقيقة والواقع !!
إن كبت هذه المشاعر البريئة من أن تكتشف واقعها بالطريقة الصحيحة يجعل أطفالنا فريسة سهلة للآخر الذي يصنع لهم واقعهم من خلال أريحيته في الإجابة عن أسئلتهم وما ينازعهم من نوازع الاستكشاف !!
إن هذا الكبت يولّد عند الطفل قلقاً نفسياً وضموراً في النضج العاطفي ، وتأخراً في التواصل اللغوي مع مجتمعه .
- الجمود والبرود في المشاعر والعواطف أمام الأبناء !
كتبت شكواها وتقول : مرّ على زواجي ( 15 ) عاماً !
أشعر أن زوجي لا يفهمني ولا أفهمه .. أعيش الملل والجمود في حياتي مع زوجي . .
أستطيع الاستغناء عنه لكن . . لا أستطيع على تعذيب أبنائي !!
وهكذا باستطاعتها أن تقضي بقية عمرها على هذا النحو من الجمود في المشاعر والبرود في العاطفة من أجل أبنائها !!
نخطئ حينما نظن أن من مصلحة الأطفال أن يعيشوا بين أبوين جامدين باردين متنافرين !!
الطفل يحتاج إلى أبويه لكن لا يحتاج إلى شخوصهما لحماً ودماً !!
إنما يحتاج إلى أن ينشأ سوي السلوك والعاطفة ، وحين لا يجد الطفل المناخ المهيّئ لينشأ سويّاً في سلوكه وعاطفته فإنه سرعان ما ينحرف أو ينجرف حين يشتدّ عنده نازع الإشباع الذي لا يجده في البيت فيبحث عنه في مكان آخر !!
إن سعادة الوالدين تنعكس انعكاساً إيجابياً على الأبناء في اكتمال النضج العقلي والعاطفي ، والعكس بالعكس !!
إن الحوار والمصارحة بين أفراد الأسرة عموما وبين الزوجين خصوصاً يعمّق معنى الحب ويزيده ترابطاً بين أفراده ، وإضافة إلى ذلك فإن هذا الحوار يزيد من :
- تنمية الملكة اللغوية عند أفراد الأسرة .
- الإشباع الغريزة العاطفية بين أفراد الأسرة .
- الشعور بالأمان النفسي والثقة بين الزوجين والأبناء .
- يساعد على احتواء المشاكل الأسرية من أن تخرج خارج أسوارالبيت .
- يزيد من التقارب والفهم بين الزوجين .
- يزيد من الألفة والمحبة .
- يتيح مجالاً للتفكير بعيداً عن أي ضغوطات نفسية .
- يساعد على اتخاذ القرار الصحيح .
- يخفف من تراكمات الأحداث والمشاكل !!
- عنصر مهم في اللذة والامتاع : والأذن تعشق قبل العين أحياناً !
أيها الكرام . .
إن الحوار والمصارحة الزوجية لا تعني رفع الصوت ضرورة !
كما لا تعني التسفيه و التحقير و التشفّي . . !!
والحوار والمصارحة لا يعني التهديد !!
إنما يعني :الشفافية الصادقة . .
والمشاركة في المشاعر . .
والإصغاء الحاني . .
يا سادة يا كرام . .
امنحوا أنفسكم فرصة . .
لنحطّم جدار الصمت ، ونكسر حاجز الخجل !
بالوعي المتزن ، والكلمة الدافئة ، والنصيحة المشفقة ، والتوجيه الواعي
منقول للافادة
ما رايكم
رمضان مبارك