- لم ينبِّه سمعي ويأخذني من أفكاري إلاّ طرقات تئن على بابي، فمن الآتي؟!
- ينطق من خلف قضبان المبادئ الزائفة، والشعارات المنتهية الصلاحية!
في ليلة شتويّة باردة، أظلم فيها كلُّ شيء من حولي وبالكاد اهتديت إلى مكان الشموع؛ لأشعل شمعة أضيء بها حجرتي!
وحيدة من الناس، مسكونة بأفكاري المهاجرة إلى أرجاء العالم حتى شغلتني عن الإحساس بما حولي من أصوات أنين الشتاء، فما أصغي لحديث الطبيعة حتى ينتابني شعور بالوحشة، فأهرب مما ينقله السمع إلى أعماق ذاتي، أحلِّق بخيالاتي وأفكاري خارج عالم الوحشة!
خلوت من كلّ شيء، وودّعت قلمي رافعة شعار (دع القلم وابدأ الحياة!) ولعلّه شعار لا يضر أحداً!
فما أكثر الشعارات الزائفة التي ترتفع بنا حتى نقع حطاماً تذروه الرياح!
لم ينبِّه سمعي ويأخذني من أفكاري إلاّ طرقات تئن على بابي، فمن الآتي؟!
فتحتُ الباب ببطء ونظرت فلم أشهد إلاّ الظلام يمدُّ أجنحته على الفضاء الواسع، والطُّرقات مهملة من المارّة ولا شيء يخترق ضجيج الشتاء إلاّ ضوء البرق لا يمشي فيه أحد!
عدت وعادت الأفكار مع خطواتي تسير إلى حجرتي، وصوت أنين الطارق يصارعها يقترب شيئاً فشيئاً من سمعي، فإذ هو يذوي منكسراً في زاوية مظلمة، بالكاد يتنفس أنفاس الحياة، مقعداً مشلولاً يحرِّك جفنه؛ ليشعرني بأنّه على قيد الحياة!
تجسَّد لي كائناً حيّاً، يحزنني مرآه ويمرضني ويذوي بكل قدراتي الفكريّة والجسديّة، مقيداً بالأغلال والسلاسل، سجيناً في مهجر الروح يبوح!
ينطق من خلف قضبان المبادئ الزائفة، والشعارات المنتهية الصلاحية!
ينظر إلى رفاقه بعينه الوحيدة نظرة المتألم الحزين، من جمود أصابهم فأصبحوا أداة خالية من الروح تسير بخطوات المنهزم في المعركة، تجرُّ أذيال الخيبة، وتلبس عباءة الجوع للشهرة، عطشى لدماء الكلمات، لا يعنيها كثيراً من أيّ زاد تقتات، فكلّ الزاد في شريعتها حلال!
أغمضت جفني هيبة من مرآه، ومما أوقع في قلبي من حديثه عن حاله، كيف لا وقد عظّمه الله بالقسم به فقال {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} كيف لا أفعل والله يقول { الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ }
وندمت على وداعه، وأيقنت أنّ الأنين الموحش من داخلي، وليس من أصوات الطبيعة، وأنّ الطارق ليس إلاّ قلمي يدق قلبي بقيوده والسلاسل يبحث عن آفاق العلم الحرية!
للكاتبه:نورة ال عمران
""
""
أهلا بك غاليتي
نقل تجلت فيه معاني الجمال..!!
سلمت يمناك غاليتي
دمتي سالمة
""
""
""