zahya
20-07-2022 - 12:25 am
كلَّما رأت سناءُ جارتها عفافَ تكادُ عيناها تخرجان من حفرتيهما لتستقرَّا فوق الإسورة الذهبية الجميلة التي تزين معصمها.. ظلت الحسرة تنهش قلبها متمنية لو تكون صاحبتها ..أكثر من مرة طلبت من عفاف أن تعيرها الإسورة لتزين بها يدها في مناسبة ما , ولم يحدث يومًا أن امتنعت الجارة عن إعارتها الإسورة شفقة منها على الفتاة الشابة التي ربما لم تشترِ يومًا قطعة ذهبية ليس فقرًا , ولكن لبخلٍ يتملَّك نفسَ والدها العجوز كثيرِ الجدال والتدقيق في أمورٍ يمكن أن يكون التعاطي معها سهلا بشيء من الحكمة ,ولكنه كان يفتقر للبصيرة في تلك الأمور, مما سبب لأفراد أسرته الملل من الحياة بقربه , فتركته زوجته بعد زواج بناتها وابنها بينما بقيت سناء تقوم على رعايته , وتدبير شؤون البيت..
كان اليوم غائما ممطرًا.. سمعت سناء جارتها عفاف تغلق باب منزلها الملاصق لبيتهم , فأسرعت إليها لمحادثتها قبل مغادرة الحارة.. وعندما عادت إلى دار البيت كانت تعلو وجهها ابتسامة خفية لم تكشف عن مضمونها حتى لحبات المطر التي كانت تتساقط بغزارة في هذا اليوم ..دخلت إلى غرفة والدها تسأله إن كان يريد شيئًا , فوجدته نائمًا ..أغلقت باب الغرفة , وأسرعت بلهفة وفرح إلى فسحة الدار فأحضرت سلمًا كان قابعًا في ركن جانبي .. وضعته على الجدار الذي يفصل بين بيتها وبيت جارتها عفاف , وصعدت عليه , وما لبثت أن نزلت إلى دار جارتها بواسطة السلم الخشبي الصغير قرب الحائط داخل دار عفاف..دقائق قليلة وكان كل شيء قد تم عندما خرجت سناء من غرفة نوم جارتها تتمايل طربًا وسرورًا, والإسورة بين يديها ..أسرعت باتجاه السلم لتعود إلى دارها , وهي تصعد السلم انزلقت رجلها , فوقعت عنه بينما راحت الإسورة تتدحرج باتجاه بالوعة الدار المكشوفة لتصريف مياه المطر حتى نزلت فيها .أسرعت سناء لالتقاطها من داخل البالوعة, ولكن دون جدوى لضيق فتحتها الداخلية .. ظلت تحاول دون يأس إلى أن حشرت يدها اليمنى في أسفل البالوعة , والتقطت بأصابعها الإسورة , فارتاحت أسارير وجهها, وأشرقت ابتسامتها من جديد , وهي تفكر بما ستجلبه لها من سعادة لم تحس بها من قبل , وعندما حاولت إخراج يدها بالإسورة من البالوعة لم تستطع ..حاولت لم تستطع..حاولت كثيرًا ولكن دون جدوى.. ألقتها من قبضتها في محاولة للنجاة بيدها فهي الأهم .. أيضا لم تستطع ..أحست بجراح تحفرها حواف البالوعة فوق جلد يدها..تألمت جدًا,فكادت تجن من سجنها بيدها في بالوعة الجارة.. لم تعد تريد شيئا غير النجاة بيدها , ولكنها خسئت ..أحست بضيق في صدرها عندما سمعت صوت والدها يناديها..صمتتْ ..صوت والدها يعلو وهي صامتة ..حائرة وعيناها معلقتان بباب المنزل الذي فتح فجأة, ودخلت منه عفاف برفقة زوجها وولديها ..
بقلم
بنت البحر
يكفيكم فخرًا فأحمد منكم ***وكفى به نسبًا لعزِّ المؤمن
شكرا على قصصك الرائعة الي فيها فائدة
جميلة
شكرا