- قد يتساءل المرء هل تقوم كل البيوت على الحب المتبادل بين الزوجين ،
- مفهوم التدين
- الشريعة الإسلامية دستور الأسرة وسبب استقرارها
- تلبية الحاجات الإنسانية فى نطاق الأسرة
قد يتساءل المرء هل تقوم كل البيوت على الحب المتبادل بين الزوجين ،
والجواب إن فكرة الحب التى روج لها الكثيرون وخاصة وسائل الإعلام التى اجتاحت بتلك المفاهيم الكثير من الأسر المستقرة وفككتها ، ليس من الضرورى أن تحيا الأسر بالحب ودليلنا على ذلك أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب يريد أن يطلق زوجته ، فسأله عمر : ( لماذا تريد أن تطلقها فقال الرجل : لأننى لا أحبها ، فقال عمر : أين المروءة وأين الشهامة ) ، فليس من الضرورة أن تبنى البيوت على الحب ، والحب فى الأسر بذرة تنبت وتنمو إذا توفر لها الاحترام والمودة ، وقد لا يكون الحب ظاهراً بالألفاظ والكلمات ولكن الرجل المتدين ينفذه عملياً من خلال الاحترام والمودة وتلبية رغبات الزوجة ومراعاتها فى كل الأمور الأسرية والبيتية والأخذ برأيها حتى فى أموره الشخصية . .
مفهوم التدين
ليس التدين بالمظهر ، والرجل المتدين ليس الذى يرتدي زياً معيناً ويظهر بمظهر معين ، ويتكلم بلغة معينة ويواظب على المسجد ، فالإنسان المتدين هو الإنسان الذى يخاف الله ويخشى الله ويكون صادقاً مع نفسه ومع الله ويعتبر العائلة والزوجة مسؤولية دينية فى عنقه أمام الله عز وجل .
الشريعة الإسلامية دستور الأسرة وسبب استقرارها
أوضح الدكتور محمد عبد الغفار الشريف هذا الجانب الهام فى حياة الأسرة بقوله : الزوجة رفيقة العمر وهى السكن بالنسبة للإنسان ، ولو تعمقنا فى معنى السكن لوجدنا أنه يأتى من السكون والاستقرار ، وبذلك يكون الإنسان إلى جانب زوجته وادعاً مستقراً قادراً على التفكير والإبداع ، والسكن هو الستر وكذلك الزوج والزوجة بعضهما لبعض ستر ، فالعلاقة مبنية على الرحمة .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، وهذه إشارة واضحة إلى أهمية حسن الخلق فى الزوج لأنه ليس كل متدين حسنَ الخلق ، فالرجل لديه الفكر قابل للانفصال عن الانفعال السلوكي ، خاصة إذا كانت مصلحته تتطلب ذلك فعند بعض الرجال يتنحى الفكر جانباً ويتصرف بقناعة مغايرة تماماً لقناعاته وفكره ، أما بالنسبة للمرأة فالرسول صلى الله عليه وسلم حض على خطبة ذوات الدين لأن التدين بالنسبة للمرأة جانب هام من حياتها العاطفية والخاصة ، وكل إنسان يحتاج إلى الراحة فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يحتاج إلى السكن وكان عندما تكذبه قريش بما جاء به من عند الله ، يعود مهموماً محزوناً فيجد القلب الكبير الذى يسعه ويستقر إليه وهى السيدة خديجة رضى الله عنها التى تقول له : والله لن يخزيك الله أبداً ، فكانت هذه الكلمات تنزل على روحه كالبلسم فتعالجها من الهم ، وكالدواء الذى يشفي الجراح ، وكانت رضى الله عنها تعطيه الدافع لأن يستمر فى دعوته وذلك من خلال تعداد خصائله الحميدة ..
والقول بأن وراء كل رجل عظيم امرأة قول صحيح ، وفى أوج انتصار النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة وهم خارجون للعمرة : احلقوا رؤوسكم وانحروا هديكم فلم يفعلوا ، وعندما دخل إلى أم سلمة قال : لقد هلك الناس ، قالت : لماذا ، قال صلى الله عليه وسلم : لأنهم يخالفونني ، قالت له : أتريد أن يفعلوا : قال : نعم ، قالت له : أخرج إليهم ولا تكلمهم بل احلق رأسك وانحر هديك ، فكانت زوجته بمثابة مستشار له ، وهى لا شك امرأة متدينة فالتدين ليس بالمظهر لأن الله لا ينظر إلى المظاهر وإن دلت على المحتوى ، ولكن الله ينظر إلى القلوب ، والتدين سلوك نابع من التفكير والانفعال العاطفى .
والتدين مبادئ فكرية يبنى عليها سلوك عملى يطبق فى الحياة الواقعية ، فالوحدة الفكرية ومعرفة ما يريده الإنسان تؤدى إلى الاستقرار الفكرى لاسيما إذا كان هنالك وضوح في الهدف ، فعائشة رضى الله عنها قالت عن الرسول صلى الله عليه وسلم : إنه لم يضع لبنة على لبنة ، ولكن رفُع له علمُ فشمر إليه ، أى إنه لديه هدف مستقر ومعين يمشى إليه ، والدين الإسلامى يجيبك من قبل أن تولد وحتى تدخل القبر ، وإن كانت هناك قصورات سلوكية فهى نابعة من سوء فهم التدين .
ولو أمرت المرأة أن تسجد لغير الله لسجدت لزوجها ، فأى حق يريده الزوج أكثر من هذا وأنّ المرأة لا تصوم النوافل إلا بعد موافقة زوجها .
فالتدين من الضوابط الاجتماعية والإنسانية والسلوكية والفطرية التى تربي الأسرة وتوجهها التوجيه الصحيح .
تلبية الحاجات الإنسانية فى نطاق الأسرة
تقول الأستاذة شريفة الخميس : تشعر بعض الزوجات أحياناً بتعذر الحوار مع بعض الأزواج صعبي المراس وتفكر الواحدة منهن بأية طريقة يمكنها أن تعدل من أسلوبه أو أن تتخلص منه وتنفصل عنه .
ففى حياة كل فرد هناك حاجات يجب إشباعها وإن لم تشبع هذه الحاجات فيحصل غضب وتضايق ، وربما يقود ذلك إلى حالة من حالات الاكتئاب ، ويترتب على ذلك الكبت ردود أفعال متنوعة ، فالزوج هو المستفيد الأول من الحياة الزوجية ومن الشراكة الزوجية ، وهو أقل المتضررين من المشاكل التى تحصل في البيت لأن لديه القدرة على التفاعل مع المشاكل أكثر من المرأة ، وعموماً تساعد الحياة الزوجية المشتركة على تخطي وتجاوز مشاكل الحياة التى كثيراً ما تؤدى إلى الانفعالات النفسية التى تسبب أمراضاً مختلفة كالجلطة القلبية وأمراض القلب والسكري وغيرها ، وفى دراسة وجد أن نسبة الوفاة بين صفوف المطلقين والأرامل هى أكثر من نسبتها عند المتزوجين المرتبطين .
فالزوج لديه القدرة على التغلب على المشاكل وفى حال حدوث أى مشكلة يترك البيت ويخرج إلى الأصدقاء أو إلى العمل أو إلى الديوانية أو إلى أى مكان يشاء أن يذهب إليه ، أما الزوجة فلا تستطيع ذلك فيتركها هى والمشكلة فى البيت تعانى وتتألم ، وقد تلجأ المرأة غير المتدينة إلى وسائل سلبية كثيرة للانتقام من الذات ومن الزوج فانتقامها من الزوج يتمثل فى ترك الأولاد والبيت وكثرة التسوق ، والنوم الكثير وعدم احترام رغبات الزوج وأداء واجباته ، أما الانتقام من الذات فيتم بواسطة هدم الذات والدخول فى دوامة الدونية والإحباط .
فالزوج إذا لم يهتم بإشباع الحاجات النفسية والعاطفية وتقدير الذات بالنسبة للمرأة يتحول فى هذه الحالة إلى وهم ومشكلة فى البيت ، ويفهم بعض الرجال المتدينين القِوامة فهماً خاطئاً ، يفهمونها على أنها تسلط تام على المرأة وحرمانها من حريتها وذاتها ، في هذه الحالة تصل المرأة إلى مرحلة الإحباط ، وينخفض لديها مفهوم الذات ، حيث تعيش أسيرة دوامة حاجاتها ورغباتها المختلفة التى لم تتحقق ، وواقعها المأساوى المحبط الذى تعيشه مع زوجها الصعب والذى لا يهتم إلا بنفسه ومن هنا تنشأ النظرة السلبية إلى نفسها أو ما يسمى بهدم الذات كما أسلفنا ، فإذا كانت متدينة فإنها تحافظ على نفسها وعلى أسرتها من الانحراف والضياع وهنا يأتى أثر التدين فى هذه الحالة لأن بعض النسوة ممن يقعن فى هذه الحالة ينحرفن إلى الحرام وإلى الخيانة أحياناً .
وتشعر الزوجة بالراحة إذا شعرت بالعدالة مع الزوج المتدّين لأنها عندما خُطبت من أكثر من شخص وقع الاختيار على الإنسان المتدين وهنا تقع المسؤولية عليه .
فإذا سبب لها الزوج المتدين مشاكل فذلك هو الهم الحقيقى .