- الزواج السياحي نافذة جديدة تهدد الاستقرار الأسري
- نكشف من خلال التحقيق الاستقصائي:
الزواج السياحي نافذة جديدة تهدد الاستقرار الأسري
يعيش الكثير ممن وقعوا ضحايا الزواج السياحي مآسي كثيرة، منها معاناة الزوجات في الحصول على حقوقهن، ومطاردة هؤلاء الزوجات لأزواجهن للاعتراف بأبنائهن.
فهذا زوج عربي يخرج من البلاد بعدما جردته زوجته من كل ما يملك من أموال؛ وهذا آخر أخذ ما يشتهي من زوجته ليتركها تكابد الألم وسط أسرتها الضعيفة بعدما سافر بلا رجعة، وثالثة عاش معها زوجها مدة أسبوعين لتفقده دون العمر! فلا هو طلقها ولا تركها تتزوج بآخر .
ولعل آخر إحصائية صدرت عن المركز القومي للإحصاء والتعبئة في عام 2007 تدق ناقوس الخطر حول هذه الظاهرة التي بدأت تنتشر بشكل كبير، بعدما وصل عدد المتزوجين إلى أربعين ألف وهم في ازدياد.
يشكل هذا النوع من الزواج مع ما سماه البعض "الزواج العرفي" تحديا كبيرا أمام الشباب، بعد انصراف قطاعات وشرائح كبيرة من المجتمع لمثل هذا النوع من العلاقة، لأسباب ترتبط بأخلاقيات المجتمع من ناحية، والظروف الاقتصادية وغلاء المهور من ناحية أخرى؛ فضلا عن السياحة التي تتيح مثل هذا النوع من "الزواج".
نكشف من خلال التحقيق الاستقصائي:
أسباب لجوء بعض الأسر إلى مثل هذا النوع من "الزواج"؟ ولماذا يفضله بعض الشباب؟ والأسباب النفسية والاجتماعية التي دفعت المجتمع إلى انتشاره فإلى نص التحقيق.
في البداية تقول آية حسن متزوجة: "ينتشر الزواج السياسي بين الشباب؛ لأنهم يحققون من خلاله أغراضهم في الحصول على المال، فبالتالي يبحثون عن علاقة ارتباط بالأجانب، سواء كانت شرعية أو غير شرعية؛ وربما يكون الغطاء الشرعي لهذه العلاقات والتي اتضحت من خلال البحث كتابة عقود".
تضيف، والدليل على ذلك أن أولئك الذين يتزوجون زواجا سياحيا يعاودون الزواج مرة أخرى بأجانب؛ من أجل الحصول على المال، وهؤلاء أيضا عندما يفكرون في الزواج تنصرف أذهانهم للارتباط بأجانب، فيما يعرف بالزواج السياحي ولمدة قصيرة.
تحكي آية قصة صديق زوجها الذي بحث عن إيطالية للزواج بها في القاهرة؛ لأنه يبحث عن الحصول على الجنسية الإيطالية للهروب من البلد التي لم تعطيه شيئا كما كان يردد قبل زواجه.
وتضيف، بعدما استقرت حياته بعد السفر لإيطاليا وحصل على الجنسية طلقها رغم أنه رزق بطفل منها.
وتنهي كلامها، بأن الزواج السياحي تتنوع أشكاله وألوانه، فهناك مصريات لجئن إليه من أجانب، وغالبا ما يكون هذا الزواج مؤقتا من أجل الحصول على المال والمتعة معا.
وحول أسباب لجوء بعض الأسر لمثل هذا النوع من الزواج تقول أمل صبري أم وربة منزل: "إن نسبة العنوسة بين الشباب هو الدافع الأهم والأكبر لانصراف الأسر لمثل هذا النوع من الزواج الذي تتحقق فيه المصلحة".
وتضيف، بعض الأسر يشجعون هذا النوع من الزواج؛ من أجل التخلص من أعباء أبنائهم المالية الملقاة على عاتقهم وحتى يتفرغون لتربية بقية أفراد الأسرة.
يقول هشام نجاتي يبلغ من العمر 29 عاما: "أنا أفضل الزواج من أجنبية لأسباب، منها: أن هذه الزوجة ليست لها مطالب، وبالتالي لن أكلف بأعباء مادية جراء الارتباط بها؛ بل الأدهى من ذلك أنها تتحمل تكاليف الارتباط وتؤمن مستقبلي".
وحول الأسباب التي تجعل هؤلاء الأجانب يتكلفن بكل الأعباء المالية أنهن يبحثن عن السعادة، ولذلك ليس لديهن مانع لصرف مبالغ مالية من أجل ذلك.
وذكر، أنه ككل الشباب يبحث عن الاستقرار، في الوقت الذي لا يجده فيه وظيفة ولم يكن لديه من المال ما يؤهله لأن يبدأ حياته.
ويقول جمال عبد الله والد لخمسة من الأبناء،: "إن الضغوط والأعباء المادية والفقر أسباب حقيقية، وراء انجرار الشباب نحو الزواج السياحي دون التفكير في عواقبه".
وذكر، أن كثيرا من الفنادق تتعامل مع سماسرة لإتمام صفقات الزواج السياحي، من خلال جلب فتيات للنزلاء الأجانب الذين يعقدون عليهم لفترة محددة يتم الاتفاق عليها بمقابل مادي، ويكون ذلك بعلم إدارة الفندق.
وأشار محمد موسى المحامي: "إنه يستقبل قضايا كثيرة عن مشاكل ناجمة من مثل هذا النوع من الزواج، ومن أولى هذه المشاكل أن الشباب يبحث عن أمله في السفر أو الحصول على الجنسية خاصة بالدول الأجنبية".
ويضيف، غالبا يكون المقبلون على مثل هذا النوع من الزواج سواء كانوا شبان أو شابات ممن تتراوح أعمارهم بين 17 و29 عاما، وأغلبهم ممن يكونون قد تلقوا تعليما متوسطا.
وذكر أن الدراسات والإحصائيات الأخيرة أشارت إلى أن أغلب الأسر الفقيرة هي التي تزوج بناتها من أجانب، أو يلجأ أبنائها من الشباب لمثل هذا النوع من الزواج بنسبة 57.5%، تليها في الترتيب الهرمي العائلات المتوسطة بنسبة 30% ، أما العائلات الغنية فشكلت 10% فقط.
ويقول: "يتردد على مكاتب المحاماة في مصر نساء كثيرات يطلبن إثبات أبنائهن حديثي الولادة لآباء بالخارج، وغالبا ما يكون هذا النوع من الزواج غير موثوق، ويعتمد على عدد من الشهود فضلا عن طلب هؤلاء النساء الجنسية لأبنائهن".
وفي المقابل يقول المحامي: "تحذر غالبا القنصليات العربية رعاياها من تلك الطريقة في الزواج، وتطالبهم بالعودة إلى القنصلية لإثباته، خصوصا بعد القصص التي يتندرون بها، ومنها أن واحدا من أولئك العرسان فقد أكثر من مليون جنيه سرقتها عروسته بعد إتمام الزواج بأيام؛ مما جعله يلجأ للقضاء الذي لا يحمي المغفلين.
وحول رأي الدين تقول الدكتور ملكة زرار مستشار العلاقات الأسرية والأستاذ بجامعة الأزهر الشريف: "إن زواج بعض الشباب بفتاة أجنبية من أجل الحصول على جنسية أو بحثا عن المال محرما شرعا؛ للمفاسد التي تترتب عليه، حتى وإن حمل مسمى الزواج فهو أسوأ من "زواج المتعة" المحرم شرعا ومجرم قانونا".
وحذرت الدكتورة ملكة من خطورة تحول بعض المدن الساحلية إلى مدن لممارسة الجنس واللذة من جانب السياح الأجانب، مشيرة إلى أن الشباب الذي يلجأ إلى مثل هذا النوع من الزواج آثم.
وأضافت: أن هناك عدوى انتشرت بين المدن والمحافظات المختلفة، يقوم أصحابها بالزواج من أجنبيات أو أجانب، حتى أصبحت هناك سيدات يعملن في هذا المجال، وهو جلب الفتيات وعرضهن على العريس مقابل عشرة ألاف جنيه.
ووصفت الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس هذا الزواج بأنه تجارة بالشرف فقالت: "إن هذا النوع من الزواج هو تجارة بالشرف، وغالبا ما يكون محكوما عليه بالفشل والمحاكم أكبر دليل على ذلك".
وأضافت: إن الفقر وغياب القيم الاجتماعية وراء لجوء الشباب لمثل هذا النوع من الزواج؛ من أجل الحصول على المال دون النظر لأي اعتبارات أخرى.
وأرجعت أسباب تنامي هذه الظاهرة إلى الخلل الذي أصاب الهرم الأخلاقي، والجهل والأمية الذان يلعبان دورا كبيرا.
وأكدت أن الزيادة السكانية وراء تنامي هذه الظاهرة، فكثير من الأسر تبحث عن أي وسيلة تتخلص من خلالها من أعباء هؤلاء الشباب.
وأنهت كلامها، أن مثل هذا النوع من الزواج يشبه القنبلة الموقوتة التي تنفجر في وجه الكيان الأسري المستقر.
ويحذر خالد كمال الخبير النفسي، من خطورة هذه الظاهرة والتي أشار إلى أنها تعبر عن انهيار حقيقي في النفق القيمي، وما يترتب عليه من ضعف في البناء الأخلاقي والديني.
وذكر، أن الحاجة والرغبة والشهوة والعنوسة ولجوء بعض الشباب إلى الثراء الفاحش، أسباب حقيقية، والاستمتاع بملذات الحياة تجعلهم يفكرون في الزواج السياحي.
ووصف الأسرة بأنها صمام الأمان الوحيد لحماية المجتمع لما تعرض له من ظواهر شاذة ليس لها أصل في الشرع.
وطالب الأسر باليقظة لأبنائهن وبناتهن، وعدم الانجراف وراء الشهوات، سواء كان ذلك في المال أو السلطة والحفاظ على أبنائهن. منقول من التنمية البشرية