- الموقع: فيلا صغيره لعائله سعوديه -1-
- قشعريره بارده سرت في جسده ..
- تن .. تن .. تن ..
- * * 2-
- "ولكن هذا مستحيل!!"
- "عثرت عليك .. عثرت عليك"
- أتاه الصوت من جديد يحمل ضحكه شيطانيه جعلت شعر ذراعيه يقف:
- "بحثت عنك كثيرآ .. وها قد عثرت عليك!"
أعزائي اتمنى ان تتلقوا همستي بصدر رحب
فهي حلقات من قصة
الغرفة رقم 8
للمهندس يحيى أحمد خان
وانا لسة الكاتبة, انا قريبة له ,واتمنى مساعدته لانجاح هذه القصة ولاني على يقين اننا في زمن
لا يستغني عن النت ,فهدفي كان النشر من خلاله,
وهدفي الاكبر بانها تلاقي عندكم الصدى المناسب
وشكرا لكم على صبركم على هذه المقدمة
القصة
الغرفه رقم 8
الطبعه الأولى
عام 2008 م
المؤلف: يحيى احمد خان -----------------------------------------------------------
الجزء الأول: الماضي القريب
المدينه: مكة المكرمة
الزمن: عام 1992 م
الموقع: فيلا صغيره لعائله سعوديه -1-
قشعريره بارده سرت في جسده ..
وخفقات قلبه تزايدت سرعتها .. مع صوت صرير الباب وهو يشق السكون .. انه الشعور ذاته، وفي المكان ذاته .. كلما دخل الى الطابق السفلي من فيلا والده .. هذا هو الطابق المخصص لاستقبال الضيوف، تم تجهيز غرفه الثلاث بطابع مختلف من الاثاث : المجلس العربي على اليمين، الأرائك الامريكيه الى اليسار، والطراز الاوروبي الكلاسيكي يتوسط الطابق .. الستائر المسدله تشكل لوحات أرادت الاسره من خلالها اضافة لمسات من الفخامه، وتكاملت مع التحف المتناثره هنا وهناك كأنها جنود يحرسون المكان .. غير أن جميع أقاربهم من سكان مدينة جده المجاوره، لذا فقد كان الطابق خاليآ معظم أيام السنه .. وبابه الداخلي المؤدي الى الدرج (والذي يعزل هذا القسم تمامآ) أصاب مفاصله الصدأ والتصلب .. عائلته تشغل الطابق العلوي من المنزل، والدان في العقد الخامس من العمر، شقيق يكبره بعامين، وأخ صغير يخطو أولى خطواته في مرحلة الطفوله .. أما هو فلم تساعده سنواته - السبع عشره - في تبين السبب المباشر لهذا الاضطراب الذي يجتاحه .. هل هو الهدوء الشديد المخيم على المكان؟ .. أم هي ظلال محتويات الغرف على الجدران مع دخول ألاضواء الخافته من الخارج؟ .. أو لعله تأثير احدى تجارب الطفوله المرتبطه بهذه الأجواء؟ .. أم ماذا؟ ..
لم يكن معتادآ على دخول الطابق بمفرده .. حتى كان ذالك اليوم عندما أتته الرغبه في الانعزال والهدوء - أثناء الاستذكار - مع بداية عامه الأخير في الدراسه الثانويه .. كانت التجربه الأولى له مع تلك القشعريره البارده .. لازال يذكرها جيدآ .. وعلى مدى اسبوعين من النزول اليومي الى قسم الضيوف، كان هذا الشعور العجيب ينتابه لحظة دخوله اليه، الا أنه سرعان ما كان ينغمس في العوالم المختلفه التي تأخذه اليها مواضيع كتبه، فيضمحل أمامها ذلك الشعور، وتعاود نبضات القلب ترددها الطبيعي .. وهاهو الآن يدخل من جديد .. أشعل اضاءة المدخل من أقرب مفتاح اليه، فشق النور سحب الظلام ، وتراءى له شبح طيف اختفى بسرعه، فلم يستطع الجزم بحقيقة ما اذا كان رأه فعلآ أم أن انبعاث الضوء هو المسؤول عن الخداع البصري ..
الصمت الرهيب يحيط به من كل جانب، هذا أكثر ما يثير حنقه هنا، انه يجد نفسه مضطرآ الى الاستماع للموسيقى أثناء تواجده في الطابق ليتغلب على هذا الوضع .. تقدم بضع خطوات، ثم انتفض جسده كله .. انتفض مع انبعاث صوت قوي مزق السكون الذي خيم على الطابق ..
تن .. تن .. تن ..
أطلق زفرة عصبيه أودعها كل التوتر الذي يملؤه .. انها ساعة الحائط اللعينه تمارس عملها بالاعلان عن بدء ساعة جديده من الزمن، هذا الطراز يطلق دقاته كل ساعه بازدياد تصاعدي لتتوافق مع تقدم الوقت خلال اليوم .. م .. أخذ يعد الدقات المنبعثه حتى توقف الصوت، سبع دقات، لقد عرف الوقت الآن .. شق طريقه الى حيث الغرفه التي يقضي فيها ساعات الاستذكار كل يوم، وسرعان ما انغمس في ذلك ونسي كل شيء عن مخاوفه من المكان، حتى تعالى صوت الساعه وتوالت الدقات لتخبره بأنه لم يعد يفصله عن منتصف الليل سوى ساعة واحده .. لقد حان موعد النوم اذن .. نهض من مكانه، وأخذ يشد جسده كي يتخلص من التصلب الذي انتابه من كثرة الجلوس، عندما سرت في جسده القشعريره من جديد، فقام بجمع كتبه وخرج مسرعآ دون أن ينسى اغلاق الباب خلفه باحكام ..
* * 2-
انه يحلم .. هو يدرك ذلك جيدآ .. انها المره الأولى التي يواجه فيها خوفه أثناء المنام .. كان ينزل درجات السلم ببطء، وعيناه مثبتتان على باب الطابق السفلي .. أنفاسه تتسارع مع تسارع نبضات قلبه، وهو يقترب شيئآ فشيئآ .. حاول جاهدآ أن يتوقف عما هو مقدم عليه، لكن جسده رفض الانصياع، واستمر في النزول والاقتراب أكثر وأكثر من هدفه .. وعلى الرغم من أن قطرات العرق بدأت تتكون في أجزاء متفرقه من جسده، الا أن الهواء الذي يخرج من فمه وأنفه يواجه برودة قويه جعلته يتكثف مشكلآ سحابات بيضاء صغيره أمامه ..
"ولكن هذا مستحيل!!"
هتف بذلك في قرارة نفسه، أن يجتمع الحر والبرد في مكان واحد على هذا النحو، أمر لا يمكن أن يحصل الا في عالم الأحلام .. حسنآ .. انه في الحلم الآن .. بعد ما بدى له دهرآ كاملآ من الوقت، بلغ الهدف .. الباب يعترض طريقه كأنما هو حارس اسطوري يحمي مملكة كاملة من المخلوقات القابعه خلفه، غير أن التغلب على هذا الحارس لم يكن بالأمر الصعب، كل ما يحتاج اليه هو رفع يده وادارة المقبض و ..
وبدأت القشعريره تسري في جسده من جديد .. صرير الباب بدى له أشبه بزمجرة مئات الوحوش .. الاضاءه الخافته من خلفه لم تفلح في تشتيت الظلام الحالك في الداخل، لقد بدى له أكثر عتمة من المعتاد .. مد كفه باحثآ عن مفتاح الاضاءه حيث موقعه على الجدار الجانبي، وقام بضغطه فور عثوره عليه!
لاشيء !.. الضوء لم ينبعث من مصدره (مصباح الاضاءه) المعتاد .. الظلام الحالك مستمر .. قام بتكرار الضغط عدة مرات بأصابع مرتجفه دون جدوى .. "ما الذي أصاب الكهرباء هنا؟"
تساءل في حنق، وكان الجواب بديهيآ: جميع الأمور تسير في الاتجاه المعاكس لك أثناء الكوابيس .. أليس كذلك؟ .. تمنى في تلك اللحظه أن يستدير عائدآ، ويجري صاعدآ درجات السلم الى أعلى، الى حيث الأمان .. ولكن أعضاءه رفضت للمره الثانيه الانصياع لرغبته، ولم تكتف بذلك فقط، بل أعلنت المزيد من التمرد بأن تحركت به نحو الداخل بضع خطوات .. مجرد خطوات بسيطه .. لكنها كانت كافيه كي يبتعد عن الباب .. عندها أدرك حقيقة ما سيحدث .. ولكن بعد فوات الآوان .. الصرير المزعج .. ثم انغلاق الباب .. الظلام الدامس يحيط به من كل مكان .. أطلق صيحة ذعر قصيره .. وقفز نحو الباب يحاول فتحه .. غير أن محاولاته لم تفلح .. أخذ يضرب دفته ويصرخ مستنجدآ .. ربما يتمكن أحد أفراد عائلته بالأعلى من سماعه .. خفقات قلبه تسارعت بشكل مخيف .. عيناه جاحظتان في محاولة لاختراق الظلام المحيط به .. انه يقترب من الدخول في حالة الهستيريا..
وفجأة .. سمع ذلك الصوت .. فتوقف بغتة عن ضرب الباب والصراخ واستدار موجهآ الظلام في الداخل .. تجمد في مكانه كتمثال من الشمع .. هل سمع الصوت فعلآ أم خيل اليه ذلك؟.. لم يستطع تبين الكلمات التي سمعها في خضم انفعاله .. لكنه الان صامت يترقب .. هل يعني ذلك أنه ليس وحده هنا؟!.. مجرد التفكير في هذا الاحتمال ضاعف القشعريره داخله .. العرق الغزير يملأ وجهه ويحرق عينيه .. ثم ..
ثم سمع الصوت من جديد..فانتفض.. هذه المره سمعه بوضوح .. أجل .. انه متأكد من ذلك .. ولكن.. لم يسمعه باذنيه !!.. وانما وصله مباشرة داخل عقله .. كان صوتآ أنثويآ شيطانيآ ذو رنة عجيبه .. كعشرات الأجراس تقرع سويآ .. وعبارة واحده تتردد في عقله استطاع تمييزها:
"عثرت عليك .. عثرت عليك"
تلفت حوله بحثآ عن مصدر الصوت وهو مدرك استحالة ذلك .. لم يكن يستطيع رؤية كف يده من شدة الظلام .. غير أن ذلك لم يمنعه من تحريك رأسه يمنة ويسرة بحثآ عن الانثى التي تخاطبه .. ووجد الشجاعه الكافيه ليهتف بصوت مرتجف:
"من أنت؟! .. من هنا؟"
أتاه الصوت من جديد يحمل ضحكه شيطانيه جعلت شعر ذراعيه يقف:
"بحثت عنك كثيرآ .. وها قد عثرت عليك!"
ضاعفت هذه الجمله من ذعره، وعاد الى محاولاته اليائسه في فتح الباب والصراخ، قبل أن يتجمد مرة أخرى .. ولكن ليس بسبب الصوت .. وإنما هو احساس اعتراه .. أحساس بوجود شيء قربه، فالتفت مواجهآ الظلام من جديد .. في البدء لم يلحظ أي شيء .. الا أنه سرعان ما انتبه الى نقطه أمامه .. نقطه أقل اظلامآ مما حولها .. أخذت في التحرك يمنة ويسرة .. ثم بدأت في الاقتراب منه.. ومع اقترابها بدأت معالمها في الظهور بقدر ما يسمح به الظلام .. كان وجهآ انثويآ .. أجل.. وجهآ فقط !!.. بدون جسد!! انه الآن في أسوأ مراحل الخوف والذعر .. تلك المرحله التي تركته عاجزآ تمامآ عن فعل أي شيء .. عاجزآ عن الصراخ .. عاجزآ عن تحريك أي جزء من جسده .. والانثى تواصل اقترابها منه وقد ركزت نظراتها في عينيه .. العينان .. هناك شيء مختلف فيهما .. لم تكونا كعيني البشر .. وانما مشقوقتان بالطول .. أشبه ما يكون بعيني أفعى!! ..
"ياالهي!! .. يا الهي!!"
تمتم بذلك في صوت بالكاد سمعه هو نفسه من شدة الخفوت .. وترددت في عقله الكلمات التي سمعها من الانثى:
"عثرت عليك .. عثرت عليك!"
وفي اللحظة التاليه .. انقض الوجه الانثوي الشيطاني على صدره .. واختفى داخله .. عندها فقط .. تمكن من تحرير لسانه وفكه ..
وأطلق صيحة ألم مدويه!..
من قصة
الغرفة رقم 8
للمؤلف: يحيى أحمد خان
------------------------------------
"لا"
انتفض جسده وهو يجلس من رقدته على الفراش .. العرق يغمر جسده .. وأنفاسه سريعه متلاحقه .. كان يعيش كابوسآ شنيعآ بالفعل ..
"ما أذا أصابك يا ولدي؟!"
هتفت بها والدته في قلق وهي تشعل ضوء الغرفه وتهرع اليه .. أغمض عينيه ليتجنب وهج الضوء المفاجيء .. وانتظر قليلآ حتى هدأت أنفاسه وهو في حضنها قبل أن يغمغم:
"لا تقلقي يا أمي .. مجرد كابوس"
"لقد أيقظني صراخك يابني .. وخشيت أن تكون قد تعرضت للأذى"
"الحمد لله .. انا بخير وأعتذر عن ازعاجك يا أمي .. عودي الى النوم من فضلك"
ساعدته في تجفيف وجهه، فمنحها ابتسامة مطمئنه قبل أن تقرأ عليه المعوذات وتعود الى غرفتها .. أما هو .. فقد ألقي رأسه فوق الوساده وعشرات الاسئله تتصارع في ذهنه مع العديد من المشاعر .. ما هذا الكابوس بالضبط؟ ، يكاد يقسم على أن ما واجهه لم يكن كابوسآ بل واقعآ من الرعب ! .. بدى له حقيقآ جدآ .. الوجه الانثوي محفور في ذاكرته وسيبقى كذلك للأبد .. من هي؟!.. ولماذا كانت تبحث عنه؟.. والأهم من كل ذلك .. ماالذي ستفعله الآن وقد عثرت عليه و ... واستقرت داخل جسده؟!!.. ترى هل هذا هو سبب القشعريره التي تجتاحه كلما دخل وحده الى الطابق السفلي؟ .. هل يمكن أن تكون هذه هي الحقيقه أم مجرد أضغاث أحلام؟ .. ثم .. هل هو الوحيد في عائلته أم أن هنالك من يعاني الشعور ذاته؟ .. لن يعرف الجواب لأنه لا ينوي أبدآ مصارحة أحد بما يواجهه .. آه .. كم يتمنى لو كان الأمر مجرد كابوس سخيف لا علاقة له بالواقع أبدآ .. ولكن .. شيء ما في قرارة نفسه يخبره بالعكس .. أطلق تنهيدة حاره أودعها كل ما يعتمل داخله من انفعالات .. والتف بجسده ليستلقي على جنبه الأيمن .. فارتطمت كفه بجزء من صدره ارتطامة خفيفه .. لكنها جعلته يسأل نفسه في صمت وتوجس:
"لو كان هذا كابوسآ فقط .. فلماذا أشعر بهذا الألم الغريب في صدري؟!"
* * *
بضعة أيام انقضت –منذ تلك الليله- دون أن يحاول دخول الطابق السفلي .. كان يكتفي فقط بالتحديق في الباب المغلق أثناء نزوله أو صعوده درجات السلم .. ونبضات قلبه تتسارع ثم تعود الى معدلها الطبيعي فور أن يبتعد الى بر الأمان .. أما الحلم .. فلم يعاوده مرة أخرى بعد ذلك اليوم .. وهو الأمر الذي جعله يتساءل عن مدى جدية المخاوف التي تعتريه .. ربما هو يبالغ ويهول الأمور؟.. اذن .. سوف يحاول اثبات ذلك بالطريقه الوحيده المتاحه .. معاودة النزول الى قسم الضيوف للاستذكار!.. ولكن .. هل سيتمكن من ذلك فعلآ؟.. في ذلك المساء .. والساعه تقترب من السابعه .. أعلن لوالديه أنه سيعاود النزول الى الأسفل للاستذكار كما فعل سابقآ .. لم يعترض والده .. في حين تساءلت والدته:
"ولماذا توقفت عن النزول في الايام القليله الماضيه؟"
كان واثقآ من أن هذا السؤال سيطرح عليه .. لكنه لم يجهز اجابة مقنعه مسبقآ .. لذا أطلق تفكيره بكامل طاقته للعثور على جواب فوري:
"أخي الصغير كان مريضآ، وقد رغبت في التواجد معكم هنا للمساعده اذا ما تطلب الأمر، وكذلك للمشاركه الوجدانيه"
"بارك الله فيك يا ولدي"
قالها الأب بكل فخر .. وترقرقت الدموع في عين والدته وهي تضيف الى ما قاله زوجها:
"وبارك في أخويك أيضآ .. ياه .. كم اشتاق الى (حسام)"
شقيقه الأكبر (حسام) التحق بالجامعه في المنطقة الشرقيه منذ عام .. ولا يستطيع الحضور لزيارتهم سوى في أيام العيد .. المشكله الأخرى تكمن في انه هو نفسه يرغب في الالتحاق بذات الجامعه فور انتهائه من الدراسه الثانويه .. والداه يعلمان ذلك ويباركانه .. غير أن لحظات الوداع والغياب ستكون عصيبه عليهم ولا شك .. شكرهما في لطف وأسرع يجمع كتبه وما يحتاج اليه للاستذكار قبل أن يضعف ويجبن ..
* * *
عقارب الساعه تشير الى تمام منتصف الليل .. استلقى على فراشه في حنق ..
"ما الذي يجري هنا؟!"
تساءل بصمت .. كان يأمل -من نزوله اليوم الى الطابق السفلي- أن يقطع الشك باليقين .. الا أن ما حصل زاد من حيرته واضطرابه .. لقد تملكه شعور القشعريره فور ملامسته مقبض الباب، الا أن ذلك لم يثنيه عن ادارته.. الصرير المعتاد والظلام يرحبان به.. لقد توقع رؤية الوجه الانثوي بانتظاره أيضآ .. لكن لاشيء سوى الظلام والسكون .. تقدم بضع خطوات الى الأمام .. ولم ينس وضع قدمه على الجزء المفتوح من الباب كي لا ينغلق خلفه كما حصل في الحلم .. مد يده نحو مفتاح الاضاءه القريب وضغطه بأصابع مرتجفه .. و .. لا شيء!. الظلام ما زال حالكآ .. أين الضوء؟.. كرر الضغط على المفتاح عدة مرات ولكن دون جدوى!.. هل هي الصدفه أم ماذا؟.. التخبط والحيره يملآن فؤاده .. ما الذي يحصل هنا بالضبط؟!.. لم يجد أمامه سوى العوده بخفي حنين الى الطابق العلوي .. انه لن يبقى هنا حتى لو كان مصباح الغرفه التي سيقضي وقته فيها يعمل ..
"هل نسيت شيئآ يا ولدي؟"
سألته أمه بذلك في استغراب ..
"كلا .. مصابيح الضوء لا تعمل بالاسفل"
ثم وجه كلامه الى والده:
"هل يمكن احضار فني الكهرباء غدآ يا أبي؟"
"ان شاء الله .. سأحاول احضاره في الصباح .. اننا ذاهبون الى جده غدآ بعد الظهر كما تعلم"
أومأ برأسه ايجابآ .. لقد اعتادت العائله الذهاب الى جده مرة كل شهر أو شهرين لتمضية نهاية الاسبوع مع الأقارب هناك .. حسنآ .. انها فرصة طيبه لنسيان ما واجهه من رعب في الفترة الماضيه..
* * *
يوم الخميس ..
العائلة تقضي وقتآ طيبآ في منزل أحد الأقارب في جده ..
وكما توقع هو .. فقد تناسى ذلك الحلم وانغمس في الاستمتاع مع أقرانه ..
حتى جاء الاتصال الى والده .. الذي لم يكد ينصت الى محدثه قليلآ حتى هتف بانفعال:
"ماذا؟! .. هل أنت متأكد من العنوان؟! .. لاحول ولا قوة الا بالله .. متى حصل ذلك؟ .. حسنآ .. سأتحرك من جده على الفور وأتوقع وصولي اليكم خلال ساعه .. شكرآ يا سيدي"
اختلج قلبه وهو يستمع الى والده يتحدث بمثل ذلك الانفعال .. ترى ما الذي حصل هناك؟ .. ماالأمر الذي يستوجب توجه والده مباشرة الى مكه؟ .. حول خواطره هذه الى سؤال منطوق .. فجاءته الاجابه:
"انه البيت يا ولدي"
"ما الذي حصل للبيت؟"
تنهد الأب تنهيدة وضع فيها كل ما يعتمل داخله من انفعالات .. وأشاح وجهه مجيبآ بصوت من هو موشك على البكاء:
"لقد اندلع حريق في المنزل هذا الصباح .. فقام الجيران باستدعاء رجال الدفاع المدني الذين تمكنوا من اخماد النيران وانقاذ ما يمكن انقاذه"
ازداد انقباض قلبه أكثر بعد ما سمعه .. لماذا يحصل كل هذا الآن؟ .. ثم انتبه الى نقطه مهمه فسأل والده:
"هل أخبروك بأكثر المناطق في المنزل تضررآ؟"
أجابه وهو يلتقط مفتاح سيارته ويندفع خارجآ:
"أجل .. لقد أتى الحريق على الطابق السفلي المخصص للضيوف بالكامل! .. أما الطابق العلوي فلم تلحق به سوى بعض الأضرار البسيطه .. من فضلك أخبر والدتك والاقارب أنني قد ذهبت على عجل"
لم يتنظر حتى يتلقى الايجاب من ابنه .. أما هذا الأخير .. فقد ألقى بجسده على أقرب المقاعد اليه حيث شعر بساقيه لا تقويان على حمله ..ثم تذكر شيئآ .. رفع كفه نحو صدره .. وضغط برفق .. فشعر بالألم ..