- حدود قوامة الرجل
- قد يقول قائل إن هذا التشبيه بعيد.
- الحقوق المشتركة:
- حدود الطاعة:
- 3- وعند الأحناف خاصة, على الزوج أن يُخدِمها (أي يجعل لها خادمة).
- 4- وعندهم حقها في ألا يجعلها تخرج من الستر لحاجة.
- لكن على المرأة أن تجيبه:
- 2- وتجيبه إلى الزينة, ليستغني بالحلال عن الحرام.
- وكل هذا بالشروط الشرعية من مصاحبة المحرم, وعدم الانكشاف على الغرباء.
- الحق الثالث: حق التأديب
- الحق الرابع: الضرب
حدود قوامة الرجل
إن قوامة الرجل هي أشبه ما تكون ب (قيام الولاة على الرعية بالأمر والنهي ونحو ذلك)
فليس مستهجناً لدي العقلاء أن يكون هناك وليّ للأمر في الأمة, وحتى القائلين بإمكان انعدام الحاجة إلى الحاكم في المجتمع في فترة من الفترات, فإنهم قد تراجعوا في تطبيقاتهم بما يؤدي إلى عكس ما قرروه في هذه القضية بالذات! مما يؤكد كذب المُدَّعى بخصوص هذه المسألة بالذات! وقد رأينا أن الدولة ألغت الفكر القائم على مثل هذه المقولات, ولم يستطع ذلك الفكر الوصول إلى إلغاء الدولة.
ولا يأبى العقلاء أيضاً أوامر أولياء الأمور المرضيّة المقبولة المعقولة, ولا يمكن لهم ادعاء الحق في ردّ أوامرهم, بحجة عدم مشاركة كل أحد, وفي كل موضوع, إلا إذا كان المأمور به يعد معصية في ذاته, فحينئذ "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" وهذا مما لا يختلف باختلاف الآراء.
قد يكون اختيار الكافة لذلك الحاكم وقبولهم به, هو الذي يخوله صلاحية اتخاذ القرارات بعدئذ باسمهم, وانسحاب ذلك عليهم.
قد يقول قائل إن هذا التشبيه بعيد.
قلت: بل هو الأقرب من القريب, فلا تختلف (سياسة الأسرة) عن (سياسة الدولة) بحال من الأحوال, إلا ما فيه خصوصية لهذه أو تلك, من ناحية الأهمية والتأثير والسعة, وكثرة المتغيرات والثوابت.
فكلاهما يحتاج إلى سياسة وضرورة اتخاذ قرار في ضوء أمور عديدة, يتشاور فيها صاحب القرار, مع من يلزم مشاورتهم, أو من يرتئي صاحب الشأن مشاورتهم, ثم تكون له الكلمة الفصل وفق الأسس المقررة والمصلحة التي يلزمه مراعاتها.
فلماذا نسلم إذن ونحن ملايين من البشر لقرار رجل واحد في أكبر الأمور أهمية, ولا تسلم امرأة واحدة لقرار رجل واحد في أقل الأمور أهمية؟.
إن نقض هذا يستدعي نقض ذاك, وضرورة ذاك استدعت ضرورة هذا, وبعكسه سيحصل التهارج والتدافع فيما لا جدوى منه.
ويجب ألا يحسبن أحدنا أن ضرر القرار المرتبك في الأسرة أمر يسير, فإن الأمة ما هي إلا مجموعة أُسرٍ, إذا صلحت صلحت الأمة كلها.
الحقوق المشتركة:
ولعل وضع الزوجة هو عين ما ذكرنا, فقبولها بالزوج زوجاً يعني أنها تعلم ما يترتب على مثل هذا القبول, فنتائج العقود جعلية, أي: تترتب إلزاماً, ولو نفى المتعاقدان ذلك, كمن باع داراً وقال للمشتري: يجب ألا تسكنها.
كذلك المرأة, فإن النتائج المترتبة على تعاقدها بعقد النكاح, سوف يرتب للزوج حقوقاً, كما يرتب لها حقوقاً أيضاً, فهي لا تستطيع دفع ما يترتب له, ولا يستطيع هو أن يدفع ما يترتب عليها.
إساءة استعمال الحقّ
قبل أن نفصل القول في حدود (القوامة) يجب أن نشير أنه لا ينبغي للرجل أن يسخر هذه الصلاحية لمصلحة ذاتية بحتة, أو للنفع المادي لشخصه عن طريق هذه الصلاحية, أو يجعلها وسيلة للتسلط.
ويقول الفقهاء عن الرجل الذي يظلم زوجته بأنه (يوعظ, فإن لم ينته يوجع عقوبة, زجراً عن الظلم).
عناصر القوامة
يفصل الكاتبون القوامة وينوعون عناصرها إلى أنواع الحقوق التالية:
1- حق الطاعة.
2- حق القرار في البيت.
3- حق التأديب.
ونتكلم عن كل حق منفرداً:
1- الحق الأول: حق الطاعة.
مما لا خلاف فيه أن أول حق من حقوق رئيس الدولة على رعيته هو (الطاعة) فيما لا يغضب الله- عز وجل- إذ "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
وما يغضب الله- عز وجل- قد تكفلت ببيانه الأحكام الشعرية والأحكام الفقهية وهو العرف القانوني السائد (النصوص التشريعية) من قوانين وأنظمة وتعليمات, وما يسمى (باللوائح) في العرف القانوني لبعض الدول.
وفي نطاق الأسرة فإن المبدأ ذاته يسود: هو أن طاعة الزوجة لزوجها في كل ما عدا ما يغضب الرب واجبٌ, وذلك للاعتبارات التي تقدمت, وطاعة إحداهنّ لزوجها فيما لا معصية فيه مدعاة لجزيل الأجر والثواب, وفيه تعويض لهنَّ عن فوات الأسباب الأخرى التي فيها نوالٌ للأجر, كالجهاد الذي لا يفرض في حقهنَّ إلا في حالة النفير العام.. وغيره, كما ورد في الحديث الشريف "أن امرأة قالت: يا رسول الله, أنا وافدة النساء إليك...., ثم ذكرت ما للرجال في الجهاد والغنيمة.. ثم قالت: فما لنا من ذلك, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافاً بحقه يعدل ذلك, وقليل منكنَّ من يفعلنه".
حدود الطاعة:
لهذه الطاعة التي قررها رسول الله صلى الله عليه وسلم حدود لا يتعداها الزوج بحال, فلا يعني أن الزوج مطلق التصرف من غير ضابط في هذا الباب, فينفتح باب لا نهاية له, وقد يؤول إلى التعسف والمصادرة بغير وجه حق لحقوق الزوجة التي أقرها لها الإسلام.
لقد عدد الفقهاء صوراً لحق المرأة في عدم طاعة الزوج, فيما لا حق له فيه من الأوامر والقرارات, ومنها:
1- حقها في منع نفسها إذا لم يوفها صدقتها.
2- حقها في الخروج لحجة الفريضة, ولو لم يأذن بذلك, وعند الحنابلة تستأذن زوجها في حجة الفريضة على وجه الاستحباب, وقال معظمهم: تستأذنه, ويأذن لها وجوباً.
3- وعند الأحناف خاصة, على الزوج أن يُخدِمها (أي يجعل لها خادمة).
4- وعندهم حقها في ألا يجعلها تخرج من الستر لحاجة.
5- وحقها في أن يعلمها ما تحتاج إليه من الأحكام الشرعية, ولا يحوجها إلى السؤال من غيره, إذا كان عالماً, فإن كان جاهلاً يسأل لها هو العلماء ويفيدها بالجواب, فإن لم يتسن أن يفعل ذلك, تخرج هي للسؤال بمقدار الضرورة.
6- وحقها في أن يطعهما من الحلال.
7- وحقها في أن يسكنها في الحلال ومن الحلال.
8- وحقها في ألا يظلمها بمنعها من حقوقها الواجبة لها شرعاً.
9- وأن يتحمل تطاولها في الكلام, فإنه لا يحسن بالرجل أن يتخاصم مع امرأة.
لكن على المرأة أن تجيبه:
1- إذا دعاها إلى فراشه, ولا يحق لها عدم طاعته إلا لمانع شرعي, من حيض, أو نفاس, أو صوم الفريضة, أو حمل يصيبه أذى بالمقاربة, إذا أخبر بذلك الحاذق من الأطباء, وكذلك لا تجيبه من غير موضع الحرث, وهو الموضع المخصوص.
2- وتجيبه إلى الزينة, ليستغني بالحلال عن الحرام.
أما الطبخ والخبز والغسل وغيرها, فإنها لا تجبر على قضاء, وعليها القيام بذلك ديانة, أي: الأولى القيام به, فإن لم تفعل فلا عقاب عليها في الدنيا, وقد يؤاخذها الله- عز وجل- في الآخرة ولا أجر لها فيما تعمل إلا حال القيام بذلك.
الحق الثاني: حق القرار في البيت.
لما كانت المرأة غير مكلفة بالكسب, لأن نفقتها على زوجها, وإن كان فقيراً, فخروجها من غير حاجة أو ضرورة كالذي سبق بيانه من حدودهما, سوف لن يجلب لها إلا الضرر.
نعم... تخرج معه, أو بعمله, ووفق ما يتفقان من ضوابط هذا الباب, وحسب ما تتسعه الأعراف وتمليه الحاجة.
إن خروجها من غير ضرورة يكثر قالة السوء, ويجعل تعلق المرأة ببيتها ضعيفاً, ويزداد ذلك الضعف بمرور الأيام, حتى لتغدو كالضيفة في بيتها, لتعلق قلبها بما هو خارجه. وكل ذلك يعطل الحكمة التي تكلمنا عنها في البدء من تقسيم العمل ووظائفهما العائلية بما يليق بكل منهما.
على أنها:
تستأذنه في الخروج بحسب أعراف كل بلد, وفي كل زمن من الأزمان.
2- وتخرج لرؤية أهلها حسب التفصيل المار ذكره.
3- ولا يحرمها الزوج من نزهة مشروعة, أو ترويح مقبول, أو رؤية آثار الأقوام السالفين من أجل العبرة التي حض القرآن عليها, وتستوي مع الرجل في حاجتها لذلك.
وكل هذا بالشروط الشرعية من مصاحبة المحرم, وعدم الانكشاف على الغرباء.
4- ولا تمنع من بعض ما أصبح بحكم الضروريات, كمراجعة مدارس أولادها طمعاً في تلافي ما قد يصيبهم من ضرر التأخر في الدراسة, أو بعض المضايقات التي تحصل لهم, وغير ذلك, أو حضور مجالس الآباء والأمهات التي تعتبر في مثل عصورنا ضرورة تمليها المحافظة على مصالح الأبناء, وهذا من بعض حقوقهم على آبائهم.
على أن كل ما تقدم يترك للأعراف والأحوال, وما يتسعه الزمان من ذلك, من غير مذمة لها أو لزوجها من الأمور التي لا تصادم نصاً, ولا تخرق إجماعاً, وتتسعها الأحكام. مع ضرورة اتفاقهما ابتداءً على كل ذلك, أو التفاهم اللاحق فيما يجر الاتفاق عليه, وفي ما لا يغضب الله- عز وجل-.
الحق الثالث: حق التأديب
لما كان الرجل بأصل خلقته أكثر توقاً لما يسمى الآن (بالجنس) أي: المضاجعة, والمباعلة, وهو أكثر ميلاً إلى زوجته إذا كانت ذات زينة, ولها اعتناء بنفسها, فكثيراً ما يكون هذا الأمر غير مهم لديها, ولعلها لا تعطيه - بعد الزواج خاصة- الأهمية التي كانت تعطيها له قبل الزواج, إذ هي بعده لا تعطي لهذا الأمر ما يستحق, وخاصة أمام زوجها, بل تراها تهتم به إذا كانت خارج البيت فقط.
فالرجل إذاً له:
1- حق تأديب المرأة على ترك الزينة.
2- حق تأديبها إذا لم تجبه عند دعوتها للفراش.
وذلك الأمران أحصن له من أن يقع في الحرام, وهو أنفع لها, لئلا يفكر الزوج بزواج جديد تفقد معه تفردها به, أو قد يجره إلى التفكير بهجرها, بل بطلاقها.
مرحل التأديب:
إن المرأة التي تخرج عن طاعة زوجها فيما أمرها فيه من غير معصية, أو ينبغي قيامها به ولو من غير طلب, وهو ما يعطي للرجل حق التأديب, فإن هذا الحق يتدرج صعوداً كالآتي:
أولاً: العظة, وتكون بالكلمة الطيبة, وبيان ما له من حقوق عليها.
ثانياً: الهجر في المضاجع, وهذا الإجراء أبلغ من سابقه, ولا يتم هذا الإجراء في حالة امتناع المرأة عن المضاجعة, أو تقصيرها في ذلك, لأن هذا الأمر متحقق أصلاً.
ويمكن تحديد الحالات التي يلجأ بها الزوج إلى الهجر بعد العظة طبعاً بما يلي:
1- إذا كانت متهاونة في الواجبات الشرعية, كالصلاة والصيام والزكاة وصلة الرحم وغير ذلك.
2- في حالة خروجها من غير إذنه, أو خلافاً لإذنه.
3- إدخالها من يكره إلى بيته.
4- أي عمل يخالف الشرع أو العرف أو الآداب, كمخاصمة الجيران, أو إيذائها أولادها, أو تفريط بمصالح زوجها... الخ, وهذا أمر يتسع ولا يضيق.
إن الهجر نوع من أنواع الاحتجاج الصامت المؤدب, ورسالة مفهومها لأولي الألباب, فإن صبر الرجل عن الابتعاد عن زوجته لا شك محدود, وحينما يتطاول في ذلك, فلا شك هو لأمر أصعب على نفسه من الابتعاد عنه.
وإن على المرأة أن تتنبه إلى هذا الأسلوب اللطيف, لتتنبه لما يشكو منه الزوج, فتتلافاه أو تعاتبه, فيكون سبباً لتلافي ما قد حصل.
إن نوم الرجل في غير فراش المرأة هو كناية عن إمكانه النوم في غير فراشها, كالنوم مع زوجة أخرى, ما دام الشارع الحكيم قد أذن له ذلك.
الثالث: الضرب, فإذا لم تجد مع المرأة عظتها ولا هجرها في المضجع, وكان فعلها هو السبب في الفرقة والخلاف, كإدعاء الحيض كذباً عند إرادة الزوج مقاربتها, أو منعها نفسها, ولو بغير هذا العذر, فلا بد من تنبيه أقوى, واتخاذ إجراء أشد, وليس بعد كل الذي ذكرنا إلا ...... .
الحق الرابع: الضرب
إن اضرب التأديبي, أو قل: التنبيهي هو غير الضرب العقابي, فلا بد إذن أن يكون غير مبرح, وكل ما في الأمر هو أن تشعر المرأة أن هناك رجلاً قوياً يستطيع محاسبتها, ويعاقب على بعض هفواتها, فإنها سوف تحسب للأمر حسابه, ولا تفرط في تفريطها.
ولعلنا لا نجانب الحقيقة, بل هي عينها إذا قلنا: إن كثيراً من النساء يعجبن ويرضين أن يكون أزواجهن أقوياء, فهذه سنة الله -عز وجل- في خلقه, وهي سنة من سنن الحياة لكثير منهن, وهي فطرة فطرت كثير من النساء عليها إن لم نقل: أجمعهن.
على أن الضرب هو أهون من هدم البيوت, وأية وسيلة تعينت سبيلاً لحفظ ما هو أهم, فإنها تكون واجبة ف (إذا تعارضت مفسدتان روعيت أعظمهما ضرراً, ويدفع الضرر الأشد بتحمل الضرر الأخف).
فضرب المرأة بعد الهجر والعظة ضرر خاص, مقابل ضرر عام بالبيت وما يعنيه من ألفة ومودة, وكونه لبنة أساسية في المجتمع وقد يهدم بنشوزها, ونحدث الفرقة, ويشرد الأطفال.
ويجب أن لا ننسى بأن (آخر الدواء الكي), واللجوء لمثل هذا الأسلوب ضرورة و(الضرورة تقدر بقدرها) فلا يجوز أن يجاوز في الضرب حد التأديب, فليس بعد مجاوزته إلا العقوبة, والعقوبات زواجر, فهي من حق ولي الأمر (الحاكم) دون غيره, وتخرج عن حد التأديب.
ومن الدواعي أن بعض الناس (إذا أمن العقوبة أساء الأدب) وقد ورد عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "كان الرجال نُهُوا عن ضرب النساء, ثم شكوهن إلى سول الله صلى الله عليه وسلم, فخلَّى بينه وبين ضربهنَّ... ثم قال عليه الصلاة والسلام: ولن يضرب خياركم"
منقول من www.wafa.com.sa