- أتت الممرضة بورقتي ،أخذتها ولما هممت بالانصراف
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل فترة احتاج عملي موظفة بمواصفات معينة
تقدم للوظيفة عدد لا بأس به ، ولم يجتزن المقابلة
آخر أيام المقابلة كان يبدو على رئيسة القسم اليأس والتذمر لتدني مستويات المتقدمات
فلما رأيتُ وجهها متغيرا سألتها ما الخبر؟!
قالت : اليوم آخر أيام التقديم ولم يملأ العين أحد وأظن أن اليوم أيضا لن يتقدم أحد يسر الخاطر
قلت لها: ما المواصفات المطلوبة ؟
أخبرتني ، ثم قالت: تعرفي أحدا بتلك المواصفات
قلبتُ ذاكرتي لعلي أخرج بأسماء
فقالت إحدى الأخوات : ما رأيك بفلانة ؟
قلت : نِعم المرأة وأخذتُ أثني عليها
قالت رئيسة القسم : اتصلي بها لنقابلها اليوم
قلت: كيف ذلك ؟!!! الآن الساعة 8صباحا ، والمرأة لم نخبرها سابقا فلا أدري عن مواصلاتها و
قالت : جربي اتصلي بها
بحثت عن رقمها في جوالي لم أجده !!
ومن أخت إلى أخرى حتى وصلت لرقمها
اتصلت بها ، لم ترد إلا بعد عدة محاولات
لأنها كانت تغط في نوم عميق
أخبرتها الخبر ، قالت : الوقت جدا ضيق ، أود التفكير بالموضوع ، ثم مشاورة الأهل ، والنظر في اعتبارات أخرى أمهليني يومين . أو يوم على الأقل.
قلت : اليوم آخر أيام المقابلة الآن الساعة 8 والنصف وقاعة المقابلات ستغلق الساعة 12، استخيري وقدمي ثم بعد ذلك لو خرج قبولك فكري ، لاتفوتي الفرصة.
الساعة 11 هي في قاعة المقابلة
خرجت رئيسة القسم من القاعة ، وهي تقول : نعم هذه التي نريدها..
مقابلتها كانت يوم الثلاثاء ، وباشرت العمل يوم السبت !!
سبحان الرزاق ، سخر من يذكرني بها ، ثم سخر لي الحصول على رقمها ، ثم أمرها ألا تضع هاتفها على الصامت لأوقظها من نومها ، ثم سخر من يوصلها – وأنا أعرف أن مواصلاتها صعبة جدا - ، ثم فتح لها في المقابلة
كل ذلك لأنه سبحانه قدر أن هذا رزقها ، لن يأخذه غيرها ..
موقف آخر :كان عندي موعد في مختبر المستشفى ، خرجت من غرفتي على عجل وبدل أن أأخذ حقيبة المستشفى ، أخذتُ حقيبة السوق.
لما انتبهت لها ، وأردت استبدالها قلت: لو رجعت سأتأخر أكثر ،ثم كلاهما تخلو من الزينة ، وألوانها غير ملفتة للنظر ..
دخلت للمختبر رفضوا إجراء التحليل حتى أراجع الطبيبة ، ذهبت لها أسألها ماالخبر ففهمتني أنها لم تنزل ذلك في الحاسب ، ثم أضافته وطلبت مني أن اجلس في الاستراحة ، حتى تصلني ورقة المختبر الجديدة.
ونحن في تلك الغرفة دخلت امرأة كبيرة في السن تجلس على عربية ، تدفعها بنت صغيرة
قالت تلك المرأة من يساعدني لو ب... (مبلغ زهيد جدا ) أشتري به غداءً لأبنائي الأيتام.
أتت الممرضة بورقتي ،أخذتها ولما هممت بالانصراف
أتاني نداء داخلي يقول لي: يا أمة الله ، ما قدر الله عليك أخذ حقيبة السوق بدل حقيبة المستشفى عبثا ، وما قدر الله عليك رفض المختبر لورقتك حتى تراجعي الطبيبة عبثا ، وما ادخل تلك المرأة عليكم في الاستراحة قبل أن تصلك ورقة المختبر عبثا ، فالحكيم الخبير أفعاله وتقديراته لحكمة هو ساقك لتعطيها رزقها الذي قدره الله لها ، لتنفقي عليها من ماله الذي استخلفك عليه .
لما رجعت للمنزل ذهبت مسرعة لحقيبة المستشفى أنظر ما بداخلها ، فلم أجد قرشا واحدا .
فالحكيم لايقدر شيئا عبثا ، سبحانه ..
بعد هذا كله
لم القلق على الرزق ؟!!
ومن أين سيأتي ؟!!
وكيف نُحصله ؟!!
لم الخوف من سطوة جائر ظالم ؟!!
لم الهلع من بطش عدو ، أو كيد حاقد ، أوعداء حاسد ؟!!
لم تضيع العمر في وساوس وظنون والاسترسال في تحزين الشيطان ؟!!
فلامانع لما أعطى سبحانه ،ولامعطي لما منع
فالباسط الواسع الرزاق ، الذي ربانا بنعمه ، خلقننا لعبادته وأمرنا بتحقيقها على الوجه الذي يرضيه {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }
ووعدنا بالرزق : { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ }
فلننشغل بما أمرنا ، ولانشغل أوقاتنا بما وعدنا ، لأنه سبحانه لايخلف الميعاد
أُثِر عن بعض السلف قيل الحسن البصري - رحمه الله - وقيل غيره
لما سُئل عن زهده في الدنيا ، واقباله على الآخرة ، قال:( علمت أن عملي لا يقوم به غيري فاشتغلت به.
وعلمت أن رزقي لا يذهب إلى غيري فاطمأن قلبي.
و علمت أن الله مطلع علي فاستحييت أن يراني على معصية.
وعلمت أن الموت ينتظرني فأعددت الزاد للقاء ربي. )
فيا من بذل الأسباب لتحصيل مراده ثم أحزنه تأخره أيا كان ( وظيفة ، زواج ، ذرية ، دراسة ، فرج تجارة، شفاء ، ربح ......)
ثق بأن الرزاق لن يردك ، فما أمهلك إلا ليعطيك ، وماحرمك إلا ليبسط لك ، وما أحزنك إلا ليفرحك
جل ربا
وتقدس إلها
وعَظُم خالقا
ما قدرناه حقا
ولا عظمناه صدقا
وأجل رزق يهبه الرزاق لأوليائه عقيدة صافية ، وإيمانا خالصا ، وخاتمة حسنة ، ويحل عليهم رضوانه فلايسخط عليهم بعده أبدا .
جعلني الله وإياكم ووالدينا وأحبابنا من أهل ولايته. .
م ن ق و ل من ايميلي