- مرحبا بكل الفراشات..............
مرحبا بكل الفراشات..............
أن يغمض المرء عينيه ويفكر في الأمر لوهلة، كما كان يفعل الفلاسفة منذ قرون بعيدة، لبدا عالم الدماغ بتلافيفه المعقدة المتداخلة أكثر اختلافا عن الدماغ الذي نتصوره داخل أجسادنا، ويبدو من الجلي بمكان أن الدماغ مركب من مادة تختلف عن تركيب باقي أعضاء الجسم، فحين يجرح مكان من الجسم يتدفق الدم خارجا، لكن أن تأخذ مقطعا من الدماغ فإن الأفكار والمشاعر لن تتدفق منه وتنساب على طاولة العمل الجراحي مثلا. بقول آخر، الحب والغضب لا يمكن جمعهما في أنبوب اختبار كي نزنهما أو نقيس حجمهما.
وكان عالم الرياضيات والفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت قد أرسى في القرن السابع عشر دعائم هذا الانقسام الميتافيزيقي على ما بات يعرف في الفلسفة الغربية بثنائية العقل والجسد، لكن كثيرا من الثقافات الروحية الشرقية التي تأملت ذلك الفراغ الداخلي توصلت إلى نتيجة معاكسة، فهي تنادي بأن العقل والجسد ينتميان إلى كيان واحد لا يتجزأ.
وفي الماضي، كان العلماء والأطباء يميلون إلى رفض تلك النظرة، لكن كلما تعلموا شيئا عن عمل الدماغ الداخلي، أدركوا أنه، وفي هذا السياق على الأقل، كانت الثقافات الروحية على حق وديكارت مخطئ تماما، إذ يتفق علماء النفس وأطباء الأعصاب اليوم على أن الدماغ والجسد ليسا بذلك الاختلاف الذي شاع عنهما، فالدماغ عضو كباقي أعضاء الجسم إلا أنه أكثر تعقيدا، والأفكار والمشاعر التي تزيّن واقعنا ما هي إلا نتاج تفاعلات كيميا كهربية معقدة ضمن وبين الخلايا العصبية.
وعلى الرغم من أن الأصوات الباطنية المرضية كحالات انفصام الشخصية والشعور بعدم الجدوى وكره الذات التي ترافق عادة مرض الاكتئاب وتبدو مستندة إلى الواقع، فإنها ليست أكثر من تشويش يحدث للإشارات الكيمياكهربية في الدماغ، وقد بدأ الباحثون يدركون كيفية حدوث هذا التشويش، وبالتالي العمل على التقليل منه، وفي بعض الحالات تصحيحه.
ويستدرك العلماء اليوم أمرا آخر وهو أن الدماغ لا يشبه باقي أعضاء الجسم وحسب، بل إنه يؤثر ويتأثر ببقية أعضاء الجسد، وهذا افتراض علمي منطقي طالما أنه يشترك في النظام العصبي بالجسم، والدورة الدموية والغدة الصماء وجهاز المناعة ذاته، وما يحدث للبنكرياس أو الكبد يؤثر مباشرة على وظائف الدماغ، وبالتالي فإن اضطراب الدماغ قد يصدر موجات كيميائية حيوية صادمة تسبب الاضطرابات المختلفة في باقي الجسد.
هذه الدراسة وغيرها من الأبحاث اللاحقة حول الدماغ والجسد، والتي تقودنا إلى حد فاصل تجاوز في البحث العلمي نظرية ديكارت الخاطئة بأشواط بعيدة، سيكون من شأنها استكشاف آلية عمل الدماغ ووظائفه، والسبل الواجب اتباعها في حال إصابته بالخلل.
حفضكن الله
الرائع الى يحمل لنا الكثير
من الاستفاده
دمت لنا بود