الفراشة أصبح فتيات Ftayat.com : يتم تحديث الموقع الآن ولذلك تم غلق النشر والمشاركات لحين الانتهاء من اتمام التحديث
ترقبوا التحديث الجديد مزايا عديدة وخيارات تفاعلية سهلة وسريعه.
فتيات اكبر موقع وتطبيق نسائي في الخليج والوطن العربي يغطي كافة المجالات و المواضيع النسائية مثل الازياء وصفات الطبخ و الديكور و انظمة الحمية و الدايت و المكياج و العناية بالشعر والبشرة وكل ما يتعلق بصحة المرأة.
هاي بنات كيفكن
بنات بليز ابي بحث عن ابرز المعالم في المملكه من جميع النواحي (اجتماعي سياسي تاريخي اقتصادي)
الله يوفقكن واي وحده عندها فكره لبحث تكون جديده تفيدني بليز
البحث الثاني .........
المملكة العربية السعودية
دولة عربية تقع في شبه الجزيرة العربية، يحدها شمالا كل من العراق والأردن والكويت، وشرقا الالامارات وقطر والبحرين والخليج العربي، وعُمان من الجنوب الشرقي، واليمن من الجنوب. وتقع في أراضيها أكثر الأماكن الدينية قداسة لدى المسلمين، المسجد الحرام في مكة، والمسجد النبوي في المدينة.
مقدمة
تميزت شبه الجزيرة العربية بموقعها الأستراتيجي بين ثلاث قارات كبرى وتقع في النصف الشمالي للكرة الأرضية موطنا للعديد من الحضارات، ومهداً للرسالات السماوية. فقد ازدهرت فيها داخل حدود المملكة حضارة مدين، بالإضافة إلى حضارة ثمود في العلا والتي لاتزال آثارها موجودة حتى اليوم في المنطقة المعروفة بإسم مدائن صالح، وفي نجران نجد الاخدود الذي ذكر في القرآن الكريم عن أصحاب الاخدود.
وفي هذه الجزيرة التي كانت ممر تجارياً هاماً وطريقا للقوافل أنزل الله عز وجل القرآن على الرسول محمد وانتشرت تعاليم الاسلام في قلب الجزيرة العربية وانتشرت منها إلى سائر أرجاء العالم حتى وصلت إلى أفريقيا وآسيا وجزء من أوروبا على مدى عصور ازدهار دولة الخلافة الإسلامية.
ومرت مئات من السنين ظهرت فيها دول، وزالت دول، وقام المسلمون بدورهم الحضاري التاريخي، الذي عبرت عليه الحضارة الانسانية الحديثة من عصورها المظلمة، وانتشر الإسلام في شتى بقاع الأرض. ورغم ابتعاد القيادة الزمنية عن المدينة المنورة وشبه الجزيرة العربية بوجه عام، قد أحدث تأثيرات كان لها دورها فيما وقع بعد ذلك من أحداث فالأراضي المقدسة ظلت مقصداً للحجاج والمعتمرين والزائرين.
نشأة الدولة السعودية
الدولة السعودية الأولى
# محمد بن سعود: تولى الامارة بعد وفاة أبيه وقد تزامنت ولايته مع ظهور محمد بن عبد الوهاب وقد سانده الأمير محمد بن سعود إلى أن توفي عام (1179 هجري / 1765م) فخلفه ابنه الامام عبد العزيز بن محمد بن سعود.
# عبدالعزيز بن محمد: يعتبر من أبرز أمراء آل سعود، فقد حكم تسعة وثلاثين عاما، وامتد نفوذه إلى أنحاء نجد، والاحساء، والقطيف، ومشارف بلاد الشام، والعراق، واليمن وعمان والأراضي المقدسة. توفي عام 1218 هجري / 1803 م في مسجد الطريف بالدرعية.
# سعود بن عبدالعزيز بن محمد: استتب له الأمر في معظم أنحاء شبه الجزيرة العربية. وفي العام 1229ه / 1813 م توفي في الدرعية.
# عبدالله بن سعود: استمر حكمه أربع سنوات، توالت خلالها حملات والي مصر محمد باشا، حتى وصلت إلى حدود الدرعية فحاصرها لمدة سنة كاملة، استولى قائد حملة محمد علي - ابنه ابراهيم - على الدرعية عام 1233 هجري / 1817م وأسر الامام عبدالله وعائلته، وكذا عائلة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأخذوا إلى مصر ومنها إلى الاستانة حيث قتل عبدالله ابن سعود هناك في سنة 1234 هجري / 1818م.
الدولة السعودية الثانية
# فيصل بن تركي: تتألف ولايته من فترتين الاولى تمت ما بين العام 1246 هجري / 1830م والعام 1255 هجري / 1839 م والثانية من العام 1258 هجري / 1843م إلى حين وفاته عام 1282 هجري / 1865م.
# عبدالرحمن الفيصل: تولى الامارة بعد وفاة سعود بن فيصل، ولكنه لم يستمر فيها سوى سنة وبعض السنة، ثم عاد اليها مرة أخرى بعد وفاة أخيه عبدالله بن فيصل، وكان ذلك عام 1306 هجري / 1888م. ودخل الميدان في هذه الفترة الامير محمد بن رشيد أمير حائل إذ ذاك الذي بسط سيطرته على شطر كبير من الجزيرة العربية وكانت الحكومة العثمانية في الاستانة تدعمه بقوة للوقوف في وجه آل سعود. وانتهت الفترة الثانية لولاية الامام عبدالرحمن الفيصل بمغادرته الرياض مع عائلته فتوجه إلى قطر ثم إلى البحرين ثم إلى الكويت وكان بين أفراد أسرته أحد أولاده عبدالعزيز الذي كان في العقد الثاني من عمره. وما ان وصل عبدالعزيز مع والده إلى الكويت حتى بدأ يفكر في العودة إلى الرياض.
الدولة السعودية الثالثة
استطاع الملك عبدالعزيزالذي دخل الرياض في اليوم الخامس من شهر شوال 1319 هجري الموافق 17 يناير 1902م . واستطاع أن يفتح الرياض، ويتغلب على خصومه اّل الرشيد, كما إستطاع عبدالعزيز إسترجاع الإحساء والقطيف وباقي نجد والحجاز بين 1913-1926.أصبح عبدالعزيز في الثامن من يناير 1926 ملكاَ للحجاز, في التاسع والعشرون من يناير 1927 إسترجع لقب ملك نجد, لاحظت المملكة البريطانية المتحدة استقلال المملكة الناشئة, عرفت المملكة فيما بعد بإسم مملكة نجد والحجاز. صدر المرسوم الملكي بتوحيد مقاطعات الدولة التي تحولت بمقتضى هذا المرسوم إلى المملكة العربية السعودية في 21 جمادي الثانية 1351هجري 23 سبتمبر 1932 ميلادي وهو التاريخ الذي أصبح في ما بعد اليوم الوطني للمملكة. بتولى الحكم الملك عبد الله بن عبدالعزيز ال سعود وهو ملك المملكة العربية السعودية.
لم تتضح معالم قوة عبدالعزيز العسكرية والتفوق السياسي من الناحية الإقتصادية حتى إكتشاف النفط في البلاد عام 1938. برامج التطوير والتحديث, والتي تأخرت بسبب الحرب العالمية الثانية عام 1939, وبدأت بشكل جدي عام 1946. ساهم النفط في إزدهار الإقتصاد السعودي وعقد صفقات تجارية مع المجتمع الدولي.
عالمياّ اتخذ عبدالعزيز سياسة الحياد. حيث رفض أن تنضم المملكة العربية السعودية إلى اتحاد الأمم, كما انه من عام 1916 حتى وفاته عام 1953 لم يخرج من المملكة إلا لثلاث مناسبات رسمية, إحداها كانت لقائه مع الرئيس الأمريكي روزفلت. مؤخرا أدرك عبدالعزيز أهمية وواقعية المجتمع السياسي فكانت المملكة العربية السعودية عام 1945 إحدى الأعضاء المؤسسين لجامعة الدول العربية كما انضمت للأمم المتحدة.
قبيل وفاة عبدالعزيز عام 1953, أدرك الصعوبات التي من الممكن أن تواجهها المملكة من بعده, فقام بتأهيل إبنه الأكبر سعود ليصبح ملكاَ من بعده بالتعاون مع أخاه فيصل الذي يمتاز عنه بسياساته الإقتصادية ودبلوماسيته.
تولى سعود العرش من بعد وفاة والده عبدالعزيز عام 1953. في عام 1960 تعرضت المملكة العربية السعودية لمخاطر إقتصادية بسبب سياسة سعود الإقتصادية الخاطئة والفشل في التصرف حيال المنافسة الإقليمية من الرئيس المصري جمال عبدالناصر. نتيجة لذلك تنحى سعود عن الحكم لأخاه فيصل عام 1964.
اغتيل الملك فيصل عام 1975 على يد ابن أخته,فيصل بن مساعد. تبع فيصل في الحكم أخاه الملك خالد حتى وفاته عام 1982. ثم تبعه أخاه الملك فهد حتى وفاته 2005. وتولى من بعده خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
الملك عبدالعزيز
الملك سعود
الملك فيصل
الملك خالد
الملك فهد
الملك عبد الله الملك عبدالعزيز
هو عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعه بن مانع بن ربيعه المريدي .
ولد في قصر الإمارة بالرياض في مساء يوم التاسع والعشرين من ذي الحجة سنة 1297ه الموافق الثاني من كانون الأول ( ديسمبر ) 1880م ، أبوه الإمام عبدالرحمن ( رحمهما الله جميعا )
عاش فترة صباه تحت رعاية والده الذي تعهده بالتربية والتعليم والتدريب على الفروسية وغيرها من المهارات، وقد تتلمذ على يد القاضي عبدالله الخرجي من علماء الخرج بأمر من والده الإمام عبد الرحمن، فتعلم مباديءالقراءة والكتابة، وحفظ سورا من القرآن الكريم وقرأه كاملا على الشيخ محمد بن مصيبيح، ثم تلقى بعض الدروس في أصول الفقه والتوحيد على يد الشيخ عبدالله بن عبداللطيف، كما تعلم استعمال البندقية وركوب الخيل منذ الصغر، واشتهر بالنشاط والحركة الدائمة حيث لا يستقر في مكان واحد فترة طويلة، وامتاز بالذكاء وحدة الطبع فتفوق على أقرانه في كثير من الخصال، وكان يميل كثيرا إلى سماع تاريخ وأخبار جده الإمام فيصل بن تركي من كبار السن والرواة.
عاصر الأحداث التي اضطرت والده إلى الخروج بأهله وأولاده من عاصمة الآباء والأجداد ( الرياض ) وهو في الحادية عشرة من عمره ضمن قافلة تضم بعض أفراد أسرة الإمام عبد الرحمن وأقاربه ورجاله وذلك في النصف الأخير من شهر رمضان سنة 1308ه أواخر نيسان ( أبريل ) 1891م فعاش متنقلا في البادية آلفا حياتها القاسية ومكاره عيشها صابرا على الظمأ والجوع والتعب وافتراش الأرض، ومحتملا حرارة الشمس الملتهبة وليالي الشتاء القارسة، فكانت هذه المصاعب والمشاق جانبا من جوانب تكوين شخصية هذا الشاب، وجزءا لا يتجزأ من خبراته التي صقلتها الأيام منذ الصغر فقد وجد نفسه قبل أن ينضج شبابه يألف خشونة الحياة ومصاعبها، وتقلبات الزمن وطباع الناس المختلفة.
كما وجد نفسه يدخل في المفاوضات ويقوم بالسفارات وهو في ريعان شبابه حيث أرسله والده إلى الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين ليأذن لأسرة آل سعود بالإقامة في جواره ، فذهب عبد العزيز واستطاع الحصول على الموافقة ثم أرسله والده ثانية إلى الهفوف ليفاوض الأتراك كي يسمحوا لهم بالإقامة في الأحساء ولكنه في هذه المرة لم يستطع انتزاع موافقتهم ورفضوا الطلب .
ثم قام الإمام عبدالرحمن بمخاطبة الشيخ قاسم بن ثاني حاكم قطر الذي وافق مرحبا بقدومهم، فانتقل الجمع إلى هناك في شهر صفر سنة 1310ه الموافق آب ( أغسطس ) 1892م وانضم إليهم باقي الأسرة التي في البحرين، ومكث الإمام ومن معه في قطر قرابة الأربعة الأشهر طرأ خلالها تغير على سياسة الدولة العثمانية فأبدت رغبتها في الاتفاق مع الإمام عبدالرحمن وتأمين تحركاته، فتم الاتفاق بينه وبينهم عن طريق متصرف الأحساء على أن يقيم الإمام هو وأسرته في الكويت وتدفع له الدولة ( ستين ليرة ) مشاهرة وقد وافق ابن صباح على أن يقيموا في بلاده، فانتقلت الأسرة من قطر إلى الكويت في جمادى الأولى سنة 1310ه الموافق تشرين ثاني ( نوفمبر ) 1892م وعاش الإمام في دار أعدها له ابن صباح قضى فيها الشاب ( عبدالعزيز ) قرابة العشر سنين كانت مليئة بالدروس في فن السياسة العملية، وحافلة بأساليب المحاورات والمفاوضات فقد قرّبه الشيخ مبارك الصباح منه، وسمح له بحضور مجالسه السياسية، وأحاديثه مع ممثلي الحكومات الأجنبية كالإنجليزية والروسية والألمانية والتركية بعد أن رأى فيه صفات الذكاء والفطنة، وشاهد في عينيه الشجاعة والحماسة، ووجد في حديثه الجرأة واللياقة والحكمة، فأحبه وقرّبه إليه ليصبح ابنه ورفيقه في مجالس الحكم متنبئا له بالشأن العظيم، فهو منذ سنوات عمره الأولى تبدو عليه سمات النجابة والوعي، وتتشكل فيه مخايل الرجولة والفروسية وتكامل الشخصية وسعة الأفق وتوقد الذكاء وقوة الحجة والبيان، والميل إلى التأمل والتفكير العميق، وعندما بلغ العشرين من عمره تجلّت مواهبه العديدة، وبرزت فيه ملامح الزعامة وصفات القيادة بما هيأه الله له من قوة في الجسم وبراعة في الحرب وسداد في الرأي، وإيمان بالحق وجرأة في اتخاذ القرار السليم، ولم تكن هذه الصفات لتجتمع أو تتوفر إلا لقائد فذ أو ملك عظيم، فأصبح هذا الشاب شعلة متوقدة من النشاط والحماس لم يغمض له جفن ولم يهدأ له بال وهو يرى حكم آبائه وأجداده يذهب أدراج الرياح وهو يعيش بعيدا عن بلاده ومسقط رأسه، فكانت عينه دائما ترمق السيف بنظرة كلها شوق وأمل هاجسه الوحيد الملك المفقود، وحلمه الكبير استعادة ذلك الحكم المسلوب .
يقول الشيخ عبدالعزيز التويجري في كتابه ( لسراة الليل هتف الصباح ) أنه حدّثه أحد كبار السن قائلا :
( ذهبنا إلى الكويت وكنا ثلاثة رجال وبيننا شاعر من البادية، وفي نيتنا أن نتعرف إلى أولاد الإمام عبدالرحمن الفيصل فزرناه، ثم طلبنا منه أن يرسل معنا من يوصلنا إلى أولاده للسلام عليهم، فأرسل معنا أحدهم، وبعد السلام أخذ عبدالعزيز يسألنا عن أحوال البلاد وأمنها والأحداث الدائرة هناك، وهل حكم الشرع نافذ فينا ؟ فوقف البدوي وقال يا عبدالعزيز عندي قصيدة، فرد عليه فيمن ؟ فقال : فيك . قال : أنا هنا في الكويت غريب، مجهول، ليس لي دور في شيء ! تمدحني بالشجاعة ؟ لم أفعل شيء ! بالكرم ؟ أنا لا أملك مالا حالي هنا مستور . فرد عليه الشاعر إني واحد من شعرائك ومن رجالك يا عبدالعزيز والبلاد اليوم في حاجة إليك اسمعها تقول لك، وأنشد بصوت مرتفع :
عبد العزيز أبطيت وأخلفت ظني
وكثر البطا يحدث على الرجل خذلان
يا أمير دوك فتوقها وضحني
تبيّنت لأهل الدلايل والأذهان
أصغى إليه الأمير الشاب ثم قال : سنتقابل والأحداث على صعيد أرضنا الطاهرة إن شاء الله ) .. انتهى .
وبالفعل جاءت المحاولة الأولى لاستعادة عاصمة الآباء والأجداد ( الرياض ) في عام 1318ه ( 1901م ) عندما تحرك الشيخ مبارك الصباح على رأس جيش كبير ومعه الإمام عبدالرحمن لمحاربة ابن رشيد، وعندما وصل الجيش إلى (الشوكي) في الدهناء استغل عبدالعزيز هذه الفرصة واستطاع إقناع والده والشيخ مبارك بأن يذهب على رأس سرية من رجاله لفتح الرياض وبذلك يضطّر ابن رشيد إلى أن يقاتل بجيشه على جبهتين مختلفتين مما يضعف صفوفه ويزيد من فرص الانتصار عليه، فأذنا له بالسير إلى هناك فقطع المسافة ما بين الشوكي والرياض في يومين، فعلمت حامية ابن رشيد بالأمر وخرجت للتصدي له بقيادة عامل ابن رشيد على الرياض ( عبدالرحمن بن ضبعان ) فقاتلها عبدالعزيز وهزمها ودخل المدينة ، ثم لجأت الحامية إلى داخل القصر ( المصمك ) وتحصّنت فيه فحاصرها عبدالعزيز وباشر في حفر نفق إلى داخل القصر وفي الجهة الأخرى دارت الحرب الطاحنة بين ابن رشيد والشيخ مبارك في مكان يسمى ( الصريف ) في القصيم على مقربة من الطرفية في 17 ذي الحجة سنة 1318ه الموافق 7 أيار ( مارس ) 1901م ، كان النصر فيها من نصيب ابن رشيد وقواته فعاد الشيخ مبارك إلى الكويت ومعه الإمام عبدالرحمن الذي أرسل إلى ولده عبدالعزيز يحذره ويطلب منه ترك محاصرة الرياض والعودة بمن معه إلى الكويت خوفا عليهم من قوات ابن رشيد بعد نشوة هذا الانتصار، فاستجاب الابن لطلب والده وكان رأيا صائبا من الاثنين فالرأي والحكمة قبل الشجاعة .
ولكن عبدالعزيز لم تطل إقامته في الكويت هذه المرة بعد أن ذاق حلاوة النصر وكاد أن يصل إلى هدفه، فاستأذن والده لتكرار المحاولة وطلب منه مخاطبة الشيخ مبارك لأخذ الإذن له ومنحه المساعدة اللازمة، وتحت الإلحاح القوي والإصرار الشديد وافق الإمام عبدالرحمن وخاطب الشيخ مبارك لتسهيل المهمة فوافق الشيخ مبارك وقام بتزويده بأربعين ذلولا ، وثلاثين بندقية، ومائتي ريال وزادا يكفيه ومن معه ، وقال له مباركا خطواته :
البلد بلدك، والأهل أهلك، متى ما ضاقت بك السبل عد إلينا تجدنا كما كنا. فشكره عبدالعزيز وودّعه أجمل وداع وخرج من الكويت في أربعين رجلا من آل سعود والموالين لهم وفي الطريق انضم إليه العديد من الرجال ليصبح عدد رجاله يربو على الستين رجلا، فأكمل مسيرته حتى وصل إلى ( يبرين ) بسرية تامة، وهناك تفقّد رجاله الثلاثة والستين استعدادا للزحف على الرياض واستردادها .
يقول الملك عبدالعزيز : " افتكرنا مع ربعنا فيما نعمل، فاتفق الرأي على السطو على الرياض فلربما حصلت لنا فرصة في القلعة نأخذها بسياسة، لأنه في الظاهر كانت علينا جواسيس . "
وفي هذه الأثناء وصلت رسالة من الإمام عبدالرحمن، قرأها الملك عبدالعزيز ثم جمع رجاله حوله لاستشارتهم حيث قرأ عليهم الرسالة وقال : " لا أزيدكم علما بما نحن فيه وهذا كتاب والدي يدعونا للعودة إلى الكويت قرأته عليكم، أنتم أحرار فيما تتخذونه لأنفسكم، فمن أراد الراحة ولقاء أهله فإلى يساري إلى يساري . "
فتواثب الجميع إلى يمينه معلنين قرارهم التاريخي بأن يصحبوه حتى يتحقق الحلم الغالي بإذن الله عندها التفت جلالته إلى مبعوث والده وقال له: " سلم على الإمام وخبره بما رأيت واسأله الدعاء لنا، وقل له إن موعدنا إن شاء الله في الرياض . "
وقد اضطر الملك عبدالعزيز إلى اتباع سياسة التخفي نظرا للمخاطر التي كانت تحيط بهم، فأقام مع رجاله في الربع الخالي حتى تنصرف الأنظار عنهم . يقول الملك عبدالعزيز : " أخذنا أرزاقنا وسرنا وسط الربع الخالي ولم يدر أحد عنا أين كنا ، فجلسنا شعبان بطوله إلى عشرين رمضان ثم سرنا إلى العارض . "
ثم بدأ الملك عبدالعزيز في تنفيذ خطته حيث تحرك برجاله في الواحد والعشرين من شهر رمضان سنة 1319ه ووجهته الرياض فوصل إلى مورد ( أبو جفان ) يوم عيد الفطر، وفي 4 شوال الموافق الثالث عشر من كانون ثاني ( يناير ) سنة 1902م وصل إلى ( ضلع الشقيب ) الذي يبعد عن الرياض ساعة ونصف للراجل، وكانت الساعة الثالثة بالتوقيت العربي (التاسعة ليلا زوالية) فترك عند الإبل والأمتعة عشرين رجلا لحراستها وليكونوا مددا وعونا عند الحاجة وقال لهم:
" إذا ارتفعت الشمس ولم يأتكم خبرنا فعودوا إلى الكويت وكونوا رسل النعي إلى أبي وإذا أكرمنا الله بالنصر فسأرسل لكم فارسا يلوّح لكم بثوبه إشارة إلى الظفر ثم تأتوننا " وتقدم بالأربعين الآخرين ومن ضمنهم أخيه محمد وابنا عمه عبدالله وفهد آل جلوي ، فدخل بساتين نخل في شرقي الرياض يقال لها ( الشمسية ) .
يقول الملك عبدالعزيز : " فنحن مشينا حتى وصلنا محلا اسمه ضلع الشقيب يبعد عن البلد ساعة ونصف للرجلي، هنا تركنا رفاقنا وجيشنا ومشينا على أرجلنا الساعة السادسة ليلا، وتركنا عشرين رجلا عند الجيش والأربعون مشينا لا نعلم مصيرنا ولا غايتنا، ولم يكن بيننا وبين أهل البلد أي اتفاق . "
وفي بستان قرب بوابة الظهيرة خارج سور الرياض استبقى الملك عبدالعزيز ثلاثة وثلاثين رجلا من رفاقه وجعل قيادتهم لأخيه الأمير محمد بن عبدالرحمن كقوة مساندة عند الحاجة وقال لهم : ( لا حول ولا قوة إلا بالله ! إذا لم يصل إليكم رسول منا غدا فأسرعوا بالنجاة واعلموا بأننا قد استشهدنا في سبيل الله ) .
لم يكن في الحسبان عندما علم من زوجة عجلان أنه يبيت في ( المصمك ) ولا يخرج منه إلا في الصباح لتفقد الخيل، عندها أرسل الملك عبدالعزيز في طلب أخيه محمد ليأتي بمن معه للتشاور فيما يمكن عمله، فدخلوا البيت متسللين وتشاوروا في تنفيذ الخطة، وكانت الساعة التاسعة والنصف عربية، والفجر يطلع الحادية عشر ، فأكل الملك عبدالعزيز ورجاله شيئا من التمر كان هناك ثم ناموا قليلا ، وعند انبثاق الفجر نهضوا فصلى بهم جلالته وأخذ يتحدث إليهم حتى بزوغ شمس يوم الجمعة الخامس من شهر شوال سنة 1319ه الموافق 15 كانون الثاني ( يناير ) 1902م ، ثم تقدم برجاله واقتربوا من الساحة التي يتفقد فيها عجلان الخيل منتظرين خروجه ، وبعد فترة بسيطة خرج عجلان من البوابة ومعه بعض رجاله فوقعت عيناه على عبدالعزيز فعرفه بهيئته وطول قامته التي اشتهر بها ، فحاول ومن معه الهرب منقلبين على أعقابهم ، فأطلق عليه الملك عبدالعزيز بندقيته فأصابه في غير مقتل ، ثم لحق به وأدركه قبل دخوله من الخوخة ( الباب الصغير في البوابة الكبيرة ) فأمسك برجليه وتعلق عجلان بيديه من الداخل ، وفي هذه الأثناء رماه فهد بن جلوي بالحربة ( الشلفا ) فأخطأته واستقرت في الباب ، عندها تمكن عجلان من الانفلات والدخول إلى القصر ، فلحق به عبدالله بن جلوي إلى الداخل ولحق به العشرة الآخرون واستطاع قتل عجلان ، ثم هجم بقية الرجال على من في القصر من الحامية فقتلوا أكثر من ثلاثين رجلا وتحصّن نحو العشرين في إحدى الجهات ، فأمّنهم عبدالعزيز على أرواحهم واستسلموا ، فنادى المنادي : ( الملك لله ثم لعبدالعزيز بن عبدالرحمن بن سعود ) وخرج أهالي الرياض لتحية أميرهم العائد بعد غياب مهللين مكبرين يحمدون الله ويشكرونه بقلوب يغمرها الفرح والسرور بهذا الفتح العظيم وهذا النصر الكبير وكان أول من رفع عقيرته بحربيته المشهورة ذلك اليوم هو الشاعر الحوطي الذي قال :
داري ياللي سعدها تو ما جاها
طير حوران شاقتني مضاريبه
صيدته يوم صف الريش ما أخطاها
يوم شرّف على عالي مراقيبه
جا الحباري عقاب نثّر دماها
في الثنادي على الهامة مضاريبه
عشقة للسعود من الله أنشاها
حرّمت غيرهم تقول ماليبه
عقب ماهي عجوز جدّد صباها
زينها اللي مضى قامت تماريبه
ذبح عجلان فيها ما تعداها
ما حلا عند باب القصر تسحيبه
ولم يكد عبدالعزيز يحصّن الرياض حتى مدّ سلطانه إلى النواحي الجنوبية حيث أغار على الخرج أحد معاقل أجداده واستولى عليها ثم أخذ الحريق والحوطة والأفلاج حتى وصل وادي الدواسر، وبذلك وطّد حكمه في المنطقة الممتدة من الرياض إلى الربع الخالي، ثم عاد إلى الرياض .
وأرسل لوالده الإمام عبدالرحمن يبشّره بالنصر الكبير ويطلب منه التكرم بالعودة بعد أن استتب أمن الرياض وما حولها، فأقبل الإمام بمن معه من الرجال واستقبله الابن على مسيرة ثلاثة أيام من الرياض، فدخلها بعد غياب إحدى عشر سنة .
وبعد عودة الإمام عبدالرحمن حاول الابن التخلي عن الحكم لوالده ، ولكن الإمام رفض ذلك بإصرار وتركه لابنه الذي حقق هذه الإنجازات، فقبل عبدالعزيز الأمر بشرط أن يكون لوالده حق الإشراف الدائم عليه وعلى عماله .
وتمت البيعة الأولى لعبدالعزيز في اجتماع عام
المملكة العربية السعودية
دولة عربية تقع في شبه الجزيرة العربية، يحدها شمالا كل من العراق والأردن والكويت، وشرقا الالامارات وقطر والبحرين والخليج العربي، وعُمان من الجنوب الشرقي، واليمن من الجنوب. وتقع في أراضيها أكثر الأماكن الدينية قداسة لدى المسلمين، المسجد الحرام في مكة، والمسجد النبوي في المدينة.
مقدمة
تميزت شبه الجزيرة العربية بموقعها الأستراتيجي بين ثلاث قارات كبرى وتقع في النصف الشمالي للكرة الأرضية موطنا للعديد من الحضارات، ومهداً للرسالات السماوية. فقد ازدهرت فيها داخل حدود المملكة حضارة مدين، بالإضافة إلى حضارة ثمود في العلا والتي لاتزال آثارها موجودة حتى اليوم في المنطقة المعروفة بإسم مدائن صالح، وفي نجران نجد الاخدود الذي ذكر في القرآن الكريم عن أصحاب الاخدود.
وفي هذه الجزيرة التي كانت ممر تجارياً هاماً وطريقا للقوافل أنزل الله عز وجل القرآن على الرسول محمد وانتشرت تعاليم الاسلام في قلب الجزيرة العربية وانتشرت منها إلى سائر أرجاء العالم حتى وصلت إلى أفريقيا وآسيا وجزء من أوروبا على مدى عصور ازدهار دولة الخلافة الإسلامية.
ومرت مئات من السنين ظهرت فيها دول، وزالت دول، وقام المسلمون بدورهم الحضاري التاريخي، الذي عبرت عليه الحضارة الانسانية الحديثة من عصورها المظلمة، وانتشر الإسلام في شتى بقاع الأرض. ورغم ابتعاد القيادة الزمنية عن المدينة المنورة وشبه الجزيرة العربية بوجه عام، قد أحدث تأثيرات كان لها دورها فيما وقع بعد ذلك من أحداث فالأراضي المقدسة ظلت مقصداً للحجاج والمعتمرين والزائرين.
نشأة الدولة السعودية
الدولة السعودية الأولى
# محمد بن سعود: تولى الامارة بعد وفاة أبيه وقد تزامنت ولايته مع ظهور محمد بن عبد الوهاب وقد سانده الأمير محمد بن سعود إلى أن توفي عام (1179 هجري / 1765م) فخلفه ابنه الامام عبد العزيز بن محمد بن سعود.
# عبدالعزيز بن محمد: يعتبر من أبرز أمراء آل سعود، فقد حكم تسعة وثلاثين عاما، وامتد نفوذه إلى أنحاء نجد، والاحساء، والقطيف، ومشارف بلاد الشام، والعراق، واليمن وعمان والأراضي المقدسة. توفي عام 1218 هجري / 1803 م في مسجد الطريف بالدرعية.
# سعود بن عبدالعزيز بن محمد: استتب له الأمر في معظم أنحاء شبه الجزيرة العربية. وفي العام 1229ه / 1813 م توفي في الدرعية.
# عبدالله بن سعود: استمر حكمه أربع سنوات، توالت خلالها حملات والي مصر محمد باشا، حتى وصلت إلى حدود الدرعية فحاصرها لمدة سنة كاملة، استولى قائد حملة محمد علي - ابنه ابراهيم - على الدرعية عام 1233 هجري / 1817م وأسر الامام عبدالله وعائلته، وكذا عائلة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأخذوا إلى مصر ومنها إلى الاستانة حيث قتل عبدالله ابن سعود هناك في سنة 1234 هجري / 1818م.
الدولة السعودية الثانية
# فيصل بن تركي: تتألف ولايته من فترتين الاولى تمت ما بين العام 1246 هجري / 1830م والعام 1255 هجري / 1839 م والثانية من العام 1258 هجري / 1843م إلى حين وفاته عام 1282 هجري / 1865م.
# عبدالرحمن الفيصل: تولى الامارة بعد وفاة سعود بن فيصل، ولكنه لم يستمر فيها سوى سنة وبعض السنة، ثم عاد اليها مرة أخرى بعد وفاة أخيه عبدالله بن فيصل، وكان ذلك عام 1306 هجري / 1888م. ودخل الميدان في هذه الفترة الامير محمد بن رشيد أمير حائل إذ ذاك الذي بسط سيطرته على شطر كبير من الجزيرة العربية وكانت الحكومة العثمانية في الاستانة تدعمه بقوة للوقوف في وجه آل سعود. وانتهت الفترة الثانية لولاية الامام عبدالرحمن الفيصل بمغادرته الرياض مع عائلته فتوجه إلى قطر ثم إلى البحرين ثم إلى الكويت وكان بين أفراد أسرته أحد أولاده عبدالعزيز الذي كان في العقد الثاني من عمره. وما ان وصل عبدالعزيز مع والده إلى الكويت حتى بدأ يفكر في العودة إلى الرياض.
الدولة السعودية الثالثة
استطاع الملك عبدالعزيزالذي دخل الرياض في اليوم الخامس من شهر شوال 1319 هجري الموافق 17 يناير 1902م . واستطاع أن يفتح الرياض، ويتغلب على خصومه اّل الرشيد, كما إستطاع عبدالعزيز إسترجاع الإحساء والقطيف وباقي نجد والحجاز بين 1913-1926.أصبح عبدالعزيز في الثامن من يناير 1926 ملكاَ للحجاز, في التاسع والعشرون من يناير 1927 إسترجع لقب ملك نجد, لاحظت المملكة البريطانية المتحدة استقلال المملكة الناشئة, عرفت المملكة فيما بعد بإسم مملكة نجد والحجاز. صدر المرسوم الملكي بتوحيد مقاطعات الدولة التي تحولت بمقتضى هذا المرسوم إلى المملكة العربية السعودية في 21 جمادي الثانية 1351هجري 23 سبتمبر 1932 ميلادي وهو التاريخ الذي أصبح في ما بعد اليوم الوطني للمملكة. بتولى الحكم الملك عبد الله بن عبدالعزيز ال سعود وهو ملك المملكة العربية السعودية.
لم تتضح معالم قوة عبدالعزيز العسكرية والتفوق السياسي من الناحية الإقتصادية حتى إكتشاف النفط في البلاد عام 1938. برامج التطوير والتحديث, والتي تأخرت بسبب الحرب العالمية الثانية عام 1939, وبدأت بشكل جدي عام 1946. ساهم النفط في إزدهار الإقتصاد السعودي وعقد صفقات تجارية مع المجتمع الدولي.
عالمياّ اتخذ عبدالعزيز سياسة الحياد. حيث رفض أن تنضم المملكة العربية السعودية إلى اتحاد الأمم, كما انه من عام 1916 حتى وفاته عام 1953 لم يخرج من المملكة إلا لثلاث مناسبات رسمية, إحداها كانت لقائه مع الرئيس الأمريكي روزفلت. مؤخرا أدرك عبدالعزيز أهمية وواقعية المجتمع السياسي فكانت المملكة العربية السعودية عام 1945 إحدى الأعضاء المؤسسين لجامعة الدول العربية كما انضمت للأمم المتحدة.
قبيل وفاة عبدالعزيز عام 1953, أدرك الصعوبات التي من الممكن أن تواجهها المملكة من بعده, فقام بتأهيل إبنه الأكبر سعود ليصبح ملكاَ من بعده بالتعاون مع أخاه فيصل الذي يمتاز عنه بسياساته الإقتصادية ودبلوماسيته.
تولى سعود العرش من بعد وفاة والده عبدالعزيز عام 1953. في عام 1960 تعرضت المملكة العربية السعودية لمخاطر إقتصادية بسبب سياسة سعود الإقتصادية الخاطئة والفشل في التصرف حيال المنافسة الإقليمية من الرئيس المصري جمال عبدالناصر. نتيجة لذلك تنحى سعود عن الحكم لأخاه فيصل عام 1964.
اغتيل الملك فيصل عام 1975 على يد ابن أخته,فيصل بن مساعد. تبع فيصل في الحكم أخاه الملك خالد حتى وفاته عام 1982. ثم تبعه أخاه الملك فهد حتى وفاته 2005. وتولى من بعده خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
الملك عبدالعزيز
الملك سعود
الملك فيصل
الملك خالد
الملك فهد
الملك عبد الله الملك عبدالعزيز
هو عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعه بن مانع بن ربيعه المريدي .
ولد في قصر الإمارة بالرياض في مساء يوم التاسع والعشرين من ذي الحجة سنة 1297ه الموافق الثاني من كانون الأول ( ديسمبر ) 1880م ، أبوه الإمام عبدالرحمن ( رحمهما الله جميعا )
عاش فترة صباه تحت رعاية والده الذي تعهده بالتربية والتعليم والتدريب على الفروسية وغيرها من المهارات، وقد تتلمذ على يد القاضي عبدالله الخرجي من علماء الخرج بأمر من والده الإمام عبد الرحمن، فتعلم مباديءالقراءة والكتابة، وحفظ سورا من القرآن الكريم وقرأه كاملا على الشيخ محمد بن مصيبيح، ثم تلقى بعض الدروس في أصول الفقه والتوحيد على يد الشيخ عبدالله بن عبداللطيف، كما تعلم استعمال البندقية وركوب الخيل منذ الصغر، واشتهر بالنشاط والحركة الدائمة حيث لا يستقر في مكان واحد فترة طويلة، وامتاز بالذكاء وحدة الطبع فتفوق على أقرانه في كثير من الخصال، وكان يميل كثيرا إلى سماع تاريخ وأخبار جده الإمام فيصل بن تركي من كبار السن والرواة.
عاصر الأحداث التي اضطرت والده إلى الخروج بأهله وأولاده من عاصمة الآباء والأجداد ( الرياض ) وهو في الحادية عشرة من عمره ضمن قافلة تضم بعض أفراد أسرة الإمام عبد الرحمن وأقاربه ورجاله وذلك في النصف الأخير من شهر رمضان سنة 1308ه أواخر نيسان ( أبريل ) 1891م فعاش متنقلا في البادية آلفا حياتها القاسية ومكاره عيشها صابرا على الظمأ والجوع والتعب وافتراش الأرض، ومحتملا حرارة الشمس الملتهبة وليالي الشتاء القارسة، فكانت هذه المصاعب والمشاق جانبا من جوانب تكوين شخصية هذا الشاب، وجزءا لا يتجزأ من خبراته التي صقلتها الأيام منذ الصغر فقد وجد نفسه قبل أن ينضج شبابه يألف خشونة الحياة ومصاعبها، وتقلبات الزمن وطباع الناس المختلفة.
كما وجد نفسه يدخل في المفاوضات ويقوم بالسفارات وهو في ريعان شبابه حيث أرسله والده إلى الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين ليأذن لأسرة آل سعود بالإقامة في جواره ، فذهب عبد العزيز واستطاع الحصول على الموافقة ثم أرسله والده ثانية إلى الهفوف ليفاوض الأتراك كي يسمحوا لهم بالإقامة في الأحساء ولكنه في هذه المرة لم يستطع انتزاع موافقتهم ورفضوا الطلب .
ثم قام الإمام عبدالرحمن بمخاطبة الشيخ قاسم بن ثاني حاكم قطر الذي وافق مرحبا بقدومهم، فانتقل الجمع إلى هناك في شهر صفر سنة 1310ه الموافق آب ( أغسطس ) 1892م وانضم إليهم باقي الأسرة التي في البحرين، ومكث الإمام ومن معه في قطر قرابة الأربعة الأشهر طرأ خلالها تغير على سياسة الدولة العثمانية فأبدت رغبتها في الاتفاق مع الإمام عبدالرحمن وتأمين تحركاته، فتم الاتفاق بينه وبينهم عن طريق متصرف الأحساء على أن يقيم الإمام هو وأسرته في الكويت وتدفع له الدولة ( ستين ليرة ) مشاهرة وقد وافق ابن صباح على أن يقيموا في بلاده، فانتقلت الأسرة من قطر إلى الكويت في جمادى الأولى سنة 1310ه الموافق تشرين ثاني ( نوفمبر ) 1892م وعاش الإمام في دار أعدها له ابن صباح قضى فيها الشاب ( عبدالعزيز ) قرابة العشر سنين كانت مليئة بالدروس في فن السياسة العملية، وحافلة بأساليب المحاورات والمفاوضات فقد قرّبه الشيخ مبارك الصباح منه، وسمح له بحضور مجالسه السياسية، وأحاديثه مع ممثلي الحكومات الأجنبية كالإنجليزية والروسية والألمانية والتركية بعد أن رأى فيه صفات الذكاء والفطنة، وشاهد في عينيه الشجاعة والحماسة، ووجد في حديثه الجرأة واللياقة والحكمة، فأحبه وقرّبه إليه ليصبح ابنه ورفيقه في مجالس الحكم متنبئا له بالشأن العظيم، فهو منذ سنوات عمره الأولى تبدو عليه سمات النجابة والوعي، وتتشكل فيه مخايل الرجولة والفروسية وتكامل الشخصية وسعة الأفق وتوقد الذكاء وقوة الحجة والبيان، والميل إلى التأمل والتفكير العميق، وعندما بلغ العشرين من عمره تجلّت مواهبه العديدة، وبرزت فيه ملامح الزعامة وصفات القيادة بما هيأه الله له من قوة في الجسم وبراعة في الحرب وسداد في الرأي، وإيمان بالحق وجرأة في اتخاذ القرار السليم، ولم تكن هذه الصفات لتجتمع أو تتوفر إلا لقائد فذ أو ملك عظيم، فأصبح هذا الشاب شعلة متوقدة من النشاط والحماس لم يغمض له جفن ولم يهدأ له بال وهو يرى حكم آبائه وأجداده يذهب أدراج الرياح وهو يعيش بعيدا عن بلاده ومسقط رأسه، فكانت عينه دائما ترمق السيف بنظرة كلها شوق وأمل هاجسه الوحيد الملك المفقود، وحلمه الكبير استعادة ذلك الحكم المسلوب .
يقول الشيخ عبدالعزيز التويجري في كتابه ( لسراة الليل هتف الصباح ) أنه حدّثه أحد كبار السن قائلا :
( ذهبنا إلى الكويت وكنا ثلاثة رجال وبيننا شاعر من البادية، وفي نيتنا أن نتعرف إلى أولاد الإمام عبدالرحمن الفيصل فزرناه، ثم طلبنا منه أن يرسل معنا من يوصلنا إلى أولاده للسلام عليهم، فأرسل معنا أحدهم، وبعد السلام أخذ عبدالعزيز يسألنا عن أحوال البلاد وأمنها والأحداث الدائرة هناك، وهل حكم الشرع نافذ فينا ؟ فوقف البدوي وقال يا عبدالعزيز عندي قصيدة، فرد عليه فيمن ؟ فقال : فيك . قال : أنا هنا في الكويت غريب، مجهول، ليس لي دور في شيء ! تمدحني بالشجاعة ؟ لم أفعل شيء ! بالكرم ؟ أنا لا أملك مالا حالي هنا مستور . فرد عليه الشاعر إني واحد من شعرائك ومن رجالك يا عبدالعزيز والبلاد اليوم في حاجة إليك اسمعها تقول لك، وأنشد بصوت مرتفع :
عبد العزيز أبطيت وأخلفت ظني
وكثر البطا يحدث على الرجل خذلان
يا أمير دوك فتوقها وضحني
تبيّنت لأهل الدلايل والأذهان
أصغى إليه الأمير الشاب ثم قال : سنتقابل والأحداث على صعيد أرضنا الطاهرة إن شاء الله ) .. انتهى .
وبالفعل جاءت المحاولة الأولى لاستعادة عاصمة الآباء والأجداد ( الرياض ) في عام 1318ه ( 1901م ) عندما تحرك الشيخ مبارك الصباح على رأس جيش كبير ومعه الإمام عبدالرحمن لمحاربة ابن رشيد، وعندما وصل الجيش إلى (الشوكي) في الدهناء استغل عبدالعزيز هذه الفرصة واستطاع إقناع والده والشيخ مبارك بأن يذهب على رأس سرية من رجاله لفتح الرياض وبذلك يضطّر ابن رشيد إلى أن يقاتل بجيشه على جبهتين مختلفتين مما يضعف صفوفه ويزيد من فرص الانتصار عليه، فأذنا له بالسير إلى هناك فقطع المسافة ما بين الشوكي والرياض في يومين، فعلمت حامية ابن رشيد بالأمر وخرجت للتصدي له بقيادة عامل ابن رشيد على الرياض ( عبدالرحمن بن ضبعان ) فقاتلها عبدالعزيز وهزمها ودخل المدينة ، ثم لجأت الحامية إلى داخل القصر ( المصمك ) وتحصّنت فيه فحاصرها عبدالعزيز وباشر في حفر نفق إلى داخل القصر وفي الجهة الأخرى دارت الحرب الطاحنة بين ابن رشيد والشيخ مبارك في مكان يسمى ( الصريف ) في القصيم على مقربة من الطرفية في 17 ذي الحجة سنة 1318ه الموافق 7 أيار ( مارس ) 1901م ، كان النصر فيها من نصيب ابن رشيد وقواته فعاد الشيخ مبارك إلى الكويت ومعه الإمام عبدالرحمن الذي أرسل إلى ولده عبدالعزيز يحذره ويطلب منه ترك محاصرة الرياض والعودة بمن معه إلى الكويت خوفا عليهم من قوات ابن رشيد بعد نشوة هذا الانتصار، فاستجاب الابن لطلب والده وكان رأيا صائبا من الاثنين فالرأي والحكمة قبل الشجاعة .
ولكن عبدالعزيز لم تطل إقامته في الكويت هذه المرة بعد أن ذاق حلاوة النصر وكاد أن يصل إلى هدفه، فاستأذن والده لتكرار المحاولة وطلب منه مخاطبة الشيخ مبارك لأخذ الإذن له ومنحه المساعدة اللازمة، وتحت الإلحاح القوي والإصرار الشديد وافق الإمام عبدالرحمن وخاطب الشيخ مبارك لتسهيل المهمة فوافق الشيخ مبارك وقام بتزويده بأربعين ذلولا ، وثلاثين بندقية، ومائتي ريال وزادا يكفيه ومن معه ، وقال له مباركا خطواته :
البلد بلدك، والأهل أهلك، متى ما ضاقت بك السبل عد إلينا تجدنا كما كنا. فشكره عبدالعزيز وودّعه أجمل وداع وخرج من الكويت في أربعين رجلا من آل سعود والموالين لهم وفي الطريق انضم إليه العديد من الرجال ليصبح عدد رجاله يربو على الستين رجلا، فأكمل مسيرته حتى وصل إلى ( يبرين ) بسرية تامة، وهناك تفقّد رجاله الثلاثة والستين استعدادا للزحف على الرياض واستردادها .
يقول الملك عبدالعزيز : " افتكرنا مع ربعنا فيما نعمل، فاتفق الرأي على السطو على الرياض فلربما حصلت لنا فرصة في القلعة نأخذها بسياسة، لأنه في الظاهر كانت علينا جواسيس . "
وفي هذه الأثناء وصلت رسالة من الإمام عبدالرحمن، قرأها الملك عبدالعزيز ثم جمع رجاله حوله لاستشارتهم حيث قرأ عليهم الرسالة وقال : " لا أزيدكم علما بما نحن فيه وهذا كتاب والدي يدعونا للعودة إلى الكويت قرأته عليكم، أنتم أحرار فيما تتخذونه لأنفسكم، فمن أراد الراحة ولقاء أهله فإلى يساري إلى يساري . "
فتواثب الجميع إلى يمينه معلنين قرارهم التاريخي بأن يصحبوه حتى يتحقق الحلم الغالي بإذن الله عندها التفت جلالته إلى مبعوث والده وقال له: " سلم على الإمام وخبره بما رأيت واسأله الدعاء لنا، وقل له إن موعدنا إن شاء الله في الرياض . "
وقد اضطر الملك عبدالعزيز إلى اتباع سياسة التخفي نظرا للمخاطر التي كانت تحيط بهم، فأقام مع رجاله في الربع الخالي حتى تنصرف الأنظار عنهم . يقول الملك عبدالعزيز : " أخذنا أرزاقنا وسرنا وسط الربع الخالي ولم يدر أحد عنا أين كنا ، فجلسنا شعبان بطوله إلى عشرين رمضان ثم سرنا إلى العارض . "
ثم بدأ الملك عبدالعزيز في تنفيذ خطته حيث تحرك برجاله في الواحد والعشرين من شهر رمضان سنة 1319ه ووجهته الرياض فوصل إلى مورد ( أبو جفان ) يوم عيد الفطر، وفي 4 شوال الموافق الثالث عشر من كانون ثاني ( يناير ) سنة 1902م وصل إلى ( ضلع الشقيب ) الذي يبعد عن الرياض ساعة ونصف للراجل، وكانت الساعة الثالثة بالتوقيت العربي (التاسعة ليلا زوالية) فترك عند الإبل والأمتعة عشرين رجلا لحراستها وليكونوا مددا وعونا عند الحاجة وقال لهم:
" إذا ارتفعت الشمس ولم يأتكم خبرنا فعودوا إلى الكويت وكونوا رسل النعي إلى أبي وإذا أكرمنا الله بالنصر فسأرسل لكم فارسا يلوّح لكم بثوبه إشارة إلى الظفر ثم تأتوننا " وتقدم بالأربعين الآخرين ومن ضمنهم أخيه محمد وابنا عمه عبدالله وفهد آل جلوي ، فدخل بساتين نخل في شرقي الرياض يقال لها ( الشمسية ) .
يقول الملك عبدالعزيز : " فنحن مشينا حتى وصلنا محلا اسمه ضلع الشقيب يبعد عن البلد ساعة ونصف للرجلي، هنا تركنا رفاقنا وجيشنا ومشينا على أرجلنا الساعة السادسة ليلا، وتركنا عشرين رجلا عند الجيش والأربعون مشينا لا نعلم مصيرنا ولا غايتنا، ولم يكن بيننا وبين أهل البلد أي اتفاق . "
وفي بستان قرب بوابة الظهيرة خارج سور الرياض استبقى الملك عبدالعزيز ثلاثة وثلاثين رجلا من رفاقه وجعل قيادتهم لأخيه الأمير محمد بن عبدالرحمن كقوة مساندة عند الحاجة وقال لهم : ( لا حول ولا قوة إلا بالله ! إذا لم يصل إليكم رسول منا غدا فأسرعوا بالنجاة واعلموا بأننا قد استشهدنا في سبيل الله ) .
لم يكن في الحسبان عندما علم من زوجة عجلان أنه يبيت في ( المصمك ) ولا يخرج منه إلا في الصباح لتفقد الخيل، عندها أرسل الملك عبدالعزيز في طلب أخيه محمد ليأتي بمن معه للتشاور فيما يمكن عمله، فدخلوا البيت متسللين وتشاوروا في تنفيذ الخطة، وكانت الساعة التاسعة والنصف عربية، والفجر يطلع الحادية عشر ، فأكل الملك عبدالعزيز ورجاله شيئا من التمر كان هناك ثم ناموا قليلا ، وعند انبثاق الفجر نهضوا فصلى بهم جلالته وأخذ يتحدث إليهم حتى بزوغ شمس يوم الجمعة الخامس من شهر شوال سنة 1319ه الموافق 15 كانون الثاني ( يناير ) 1902م ، ثم تقدم برجاله واقتربوا من الساحة التي يتفقد فيها عجلان الخيل منتظرين خروجه ، وبعد فترة بسيطة خرج عجلان من البوابة ومعه بعض رجاله فوقعت عيناه على عبدالعزيز فعرفه بهيئته وطول قامته التي اشتهر بها ، فحاول ومن معه الهرب منقلبين على أعقابهم ، فأطلق عليه الملك عبدالعزيز بندقيته فأصابه في غير مقتل ، ثم لحق به وأدركه قبل دخوله من الخوخة ( الباب الصغير في البوابة الكبيرة ) فأمسك برجليه وتعلق عجلان بيديه من الداخل ، وفي هذه الأثناء رماه فهد بن جلوي بالحربة ( الشلفا ) فأخطأته واستقرت في الباب ، عندها تمكن عجلان من الانفلات والدخول إلى القصر ، فلحق به عبدالله بن جلوي إلى الداخل ولحق به العشرة الآخرون واستطاع قتل عجلان ، ثم هجم بقية الرجال على من في القصر من الحامية فقتلوا أكثر من ثلاثين رجلا وتحصّن نحو العشرين في إحدى الجهات ، فأمّنهم عبدالعزيز على أرواحهم واستسلموا ، فنادى المنادي : ( الملك لله ثم لعبدالعزيز بن عبدالرحمن بن سعود ) وخرج أهالي الرياض لتحية أميرهم العائد بعد غياب مهللين مكبرين يحمدون الله ويشكرونه بقلوب يغمرها الفرح والسرور بهذا الفتح العظيم وهذا النصر الكبير وكان أول من رفع عقيرته بحربيته المشهورة ذلك اليوم هو الشاعر الحوطي الذي قال :
داري ياللي سعدها تو ما جاها
طير حوران شاقتني مضاريبه
صيدته يوم صف الريش ما أخطاها
يوم شرّف على عالي مراقيبه
جا الحباري عقاب نثّر دماها
في الثنادي على الهامة مضاريبه
عشقة للسعود من الله أنشاها
حرّمت غيرهم تقول ماليبه
عقب ماهي عجوز جدّد صباها
زينها اللي مضى قامت تماريبه
ذبح عجلان فيها ما تعداها
ما حلا عند باب القصر تسحيبه
ولم يكد عبدالعزيز يحصّن الرياض حتى مدّ سلطانه إلى النواحي الجنوبية حيث أغار على الخرج أحد معاقل أجداده واستولى عليها ثم أخذ الحريق والحوطة والأفلاج حتى وصل وادي الدواسر، وبذلك وطّد حكمه في المنطقة الممتدة من الرياض إلى الربع الخالي، ثم عاد إلى الرياض .
وأرسل لوالده الإمام عبدالرحمن يبشّره بالنصر الكبير ويطلب منه التكرم بالعودة بعد أن استتب أمن الرياض وما حولها، فأقبل الإمام بمن معه من الرجال واستقبله الابن على مسيرة ثلاثة أيام من الرياض، فدخلها بعد غياب إحدى عشر سنة .
وبعد عودة الإمام عبدالرحمن حاول الابن التخلي عن الحكم لوالده ، ولكن الإمام رفض ذلك بإصرار وتركه لابنه الذي حقق هذه الإنجازات، فقبل عبدالعزيز الأمر بشرط أن يكون لوالده حق الإشراف الدائم عليه وعلى عماله .
وتمت البيعة الأولى لعبدالعزيز في اجتماع عام