مؤيدة بنصر الله
18-12-2022 - 10:24 am
دخلَ حاكمُهم رافع الرأس ، عريض المنكبين ، بابتسامة واهية على شفتيه ، و عصىً مُذَهَبَّةٍ بين يديه ....
صفَّقَ الجميع وصفق و صفق للحاكم المُبَجَّل ، ثم رفع يده وأشار لهم كي يصمتوا ...
وبهدوءٍ اعتلى المنصة ، وبدأ خطبته الارتجالية :
" اليومَ سأخطبُ فيكم من دون ورقةٍ كتبها لي أحدهم ...
و ستسامحونني على أخطائي النحويّة والإملائيّة ..
سأخطبُ فيكم خطابَ العمر ومختصرَ حُكمي فيكم ...
وستسمحونَ لي أنْ أطيلَ كما أشاء أيّها الرّعيّة ...
في شعبي أنا لا يوجد رعاعٌ ولا شذّاذ أفق يرهبونكم ..
ولا مكان هنا إلا لنخبة الصّالحين والمثقفين الذكيّة ..
سأعيِّنُ خرِّيجَ الهندسة حارسا في مقبرة موتاكم ...
وخرّيجَ العلوم ليحمي الزرع ، وأراضي الشعير الرملية ..
ومَنْ درسَ الصيدلة ، سأوظِّفُه في صناعة عطوركم ...
ومن درسَ منكم طبّاً ، سأسمح له بفحص حيواناتي الأليفة ..
لا تستغربوا من حكمتي ، فأنا لستُ مِنْ عبثٍ حاكمكم ..
حُكمي شورى وقوانيني لم يسْنُنْهَا "حمورابي " أو أيِّ دولة آشوريّة ..
أنتم شعبي ، وشرفٌ لكم أن تلحسوا العتبة ، وتمجِّدوا الحاكم ..
سأريح أبصاركم بصوري المعلَّقة في كلِّ مكان من دولتنا البهية ..
وسأمنحُ أوسمتي لكلِّ من مدحَ حكمتي وذكائي وأميِّزهُ عنكم ..
وسأقيم مسابقةً في كلِّ عامٍ لأطول وأجمل معلَّقةِ مدحٍ غزليَّة ...
لا تحسدوا حاكماً يحملُ كلَّ هذا الثّقل على صدره من همومكم ..
وقد تخشَّبتْ تحته الكراسي من الجلوس أربعين عاما ملحميّة ..
وبصدرهِ العاري - إلا من ضرائبكم - يقاوم عدوَّكم المُفترضَ ويحميكم ..
ومن فمكم يسحب اللقيماتِ ، ليصنع سياجاً حول دولتكم الدّيمقراطيّة ...
اليوم سأريحكم بقراري الحكيم ، حيث سأترك حقَّ الغناء والرقص لكم ..
فأنا أعلم يا شعبي أنَّكم تعيشون في ضجرٍ من مؤسساتنا ا لإعلاميَّة ...
لذلك سأجعل كلَّ القنوات غناءً ورقصا ، وبعضها تنقل أخباري لكم ..
وبعضها تُسمعكم النشيد الوطنيَّ ، ولا بأسَ ببعضِ القنواتِ الرّياضيَّة ..
ما حاجتكم للتفكير بعد الآن وأنا أحكمكم ؟!! لا علمَ ، لا سياسةَ لكم ...
وسأُريحُ عقولكم الصغيرة وأمنح نفسي كلَّ براءات الاختراع الذهبيّة ..
و سأهجِّرُ كلَّ العقولِ المبدعةِ و المخترعة ، فما حاجتنا لها في بلدٍ حالمْ ..
اتركوا الهمَّ والسّياسة والتفكير لي ، وعيشوا بأحلامكم الورديّة القرنفلية ..
تجرَّدوا من العقلِ والمشاعر يا شعبي !! ولا تفكرو ا في سياساتكم ..
وأرجو أن يكون خطابي خفيفا على أسماعكم وقلوبكم الحجريّة ..
فأنتم شعبي المختار بعناية ، وأنا قائدكم الخالد ، وشهيدٌ لكم ...
شكرا لكم ... شكرا لكم ... "
صفّقَ الجميع وصفّق و صفّق ، وخرج الحاكم يتهادى بخُيلاء ، تحيطه كوكبةٌ من الحرس الخاص ...
وتغشى عينيه نشوة السلطة ..
( بقلمي )
مؤيدة بنصر الله
وكأني شبّهت على الحاكم اللي بالصورة
جيد ما قدمتيه وفي مضمونه رساله واضحه !!
أشكرك .