- تسترق ندى النظر للسيد , أما نضال فتشبع عينها منه .
بسم الله الرحمن الرحيم
خيوط نسجتها الصداقة
عندما تتوالى الأيام ليلها كنهارها , صيفها كشتائها يكون .
مظلم غائم بكل المواسم , ضيق وإن رحبت أرجائه , مقيت و إن تجمل , زهوره صبار و طرحه حنظل .
في أقاصي المدينة تعيشان لم تعرف عيناهما سواه يعطف عليهما هذا و يقسو ذاك و تظل فاقدتي الأمان .
فتحت عيناهما على الحياة لتجدا لهما أكثر من أم و لم تكن واحدةً منهم لهم أم ، أخوات، وأخوات جميعهم مشتركات في الحرمان وإن أجزل لهم العطاء .
و كما تتآلف الطيور تتآلف القلوب.
جمع اليتم و الحرمان بينهما ليصبحا أعز صديقتان , ندى و نضال هكذا عرفت كلا منهما نفسها لم يختار لهما تلك الأسماء أب أو أم كباقي الأطفال .
أسمتهما مشرفة الملجأ نعم الملجأ , حيث القوانين الخاصة التي يسود فيها الغلبة للأقوى و إن باتوا جميعا ضعاف .
ندى فتاة حالمة بسيطة راضية برغم تفاقم الاحتياجات , تخشى اللقاء بالواقع خلف أسوار ملجئها .
أما نضال فهي الأنوثة ، صاخبة الجمال ، طموحة جامحة الفكر حد الجنون , رافضة للواقع تتوق للمستقبل خلف أسوار الملجأ .
جمع الصديقتان ذكريات طفولة قاسية و شباب بات المجهول فيه قدر محتوم.
بالملجأ مرت الأيام تصارع فيها الصديقتان أقدارهما بكل ما تحمل من مصاعب و آلام و لهما في بعض السلوى و العون .
و جاء اليوم الموعود و المنتظر الذي خشيته هذه و تاقت له تلك . بلغت الصبيتان العشرين و بات خروجهما من الملجأ قدر يحتمه القانون .
ندى تشعر بالضياع , و نضال يغلبها الشغف للقادم .
ساق القدر الصبيتان في نفس الدرب كما اعتادتا .
فلقد أرسلتهما مشرفة الدار إلى السيد مروان , فهو رجل فاضل يعد من أكثر المتبرعين و المهتمين بالدار أملا أن تجد عنده الصبيتان بداية حياة مشرقة خارج أسوار الملجأ.
حملت الصديقتان أغراضهما البسيطة في الحقائب تاركين خلفهما مقر ذكريات باتت محفورة في القلوب .
هناك حيث مقر عمل السيد مروان تنتظران الإذن للدخول . و بعد برهة يتم اللقاء الأول بين الثلاثي .
تسترق ندى النظر للسيد , أما نضال فتشبع عينها منه .
هو العصامي الناجح يراه البعض قاسي الطباع , في الخمسين من عمره , طويل ممشوق القوام , أنيق, له عينان ساحرتان سوداوان , شعره كخيل في ليل يضيئه القمر فيضفي عليه من الوسامة والوقار الكثير, له من الأبناء ثلاثة من زوجته المتوفية .
رحب السيد بالفتاتان و تعرف عليهما، و بعد جلسة لم تدم طويلا كان مصير ندى مربية في منزل السيد ونضال تدير مكتبه .
بدأت الفتاتان تمارسان الدور الذي فرضه عليها القدر, ندى تفانت في عملها بكل حب و رضى حتى اصبحت المشرفة على كل شؤون منزل السيد , و نضال أتقنت دورها فاستحقت الكثير و الكثير من الصلاحيات في مقر العمل .
تتوالى الأيام تلك لا تملك غير التفاني و هذه تصارع طموحها, و تجهل الصديقتان أنه بات عنصر ثاني يجمع بينهما غير الانكسار و هو عشق السيد مروان .
ندى كعادتها تؤثر التكتم و لا تفصح أو تعبر عن مكنونها سوى بالعيون .
أما نضال فلا تترك فرصة مواتية إلا و تحاصر بها السيد لتعبر له عن مشاعرها محاولة لفت انتباهه و اجتذابه .
أما عن قلب السيد فقد استلته الحالمة الهادئة و إن لم ينجو من الشغف لتلك الصاخبة الجامحة .
و بمرور الأيام تجلت مشاعر الثلاثي و أضحت واضحة المعالم للعيان .
وهنا و لأول مرة تجد الصديقتان نفسيهما أمام صراع بين أنثى و أنثى على قلب معه يتضح و يجلو المستقبل المظلم ليرسم درب لحياة وردية تمحو معها قسوة و مرارة ذكريات الماضي .
وبذا تتلاشى خيوط كانت قد نسجتها الصداقة بين الصديقتان .
هنا يتجلى السؤال
ترى من التي يتوجب عليها أن تضحي لتفوز الأخرى بقلب السيد للأبد ،
أم تمضي الصديقتان بالحياة معا قدما ، تاركتين خلفهما ذكرى أخرى جمعتهما حفاظا على خيوط الصداقة ؟!!
بقلمي
بحثت و تهت في بحر الهمزات في اللغة العربية فقررت البقاء على الشاطئ
اختي مؤيدة انا عليا الكتابة وانت عليك الهمزات
ولك مني كل العرفان