- احذر أخي الزوج أن تكون من الناس الذين هم داخل بيوتهم
أولاً : حقها عليك :
- صورة مشرقة من بيت النبوة :
عن الأسود قال : سألت عائشة رضي الله عنها : - ما كان النبي صلى الله عليه وسلم – يَصْنَعُ في
بيته ؟ قالت : كان يكون في مهنة أهله – تعني خدمة أهله – فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة -
. رواه البخاري .
- السعادة في الاختيار الصحيح :
إن مما شرع الله عز وجل من أسباب السعادة وجبل النفوس عليه الارتباط برباط الزوجية ، فإنه من أعظم
أسباب السعادة في هذه الحياة ، وحصول الطمأنينة ، والسعادة ، والسكينة ،
متى تحقق الوئام بين الزوجين ،
وكُتِبَ التوفيق لهما ، ولذا امتنّ الله تعالى على عباده بهذه النعمة فقال : - ومن آياته أن خلق لكم من
أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّةً ورحمةً إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون - . روى الإمام
مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : -
الدنيا متاع ، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة - .
قال الشيخ بكر أبو زيد – وفقه الله - :
( الزواج صلة شرعية تبرم بعقد بين الرجل والمرأة بشروطه
وأركانه المعتبرة شرعاً ، ولأهميتة قدمه أكثر المحدثين والفقهاء على الجهاد ،
لأن الجهاد لا يكون إلا بالرجل ،
ولا طريق له إلا بالزواج ، وهو يمثل مقاماً أعلى في إقامة الحياة ، واستقامتها ،
لما ينطوي عليه من المصالح
العظيمة ، والحكم الكثيرة ، والمقاصد الشريفة ...)
وقد عظم الله تعالى من شأن الزواج ، حتى سماه بالميثاق الغليظ ، أي العهد الشديد
- الوفاء والالتزام القائم على الإمساك بالمعروف أو التسريح بإحسان -
فقال سبحانه وتعالى : ( وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن
قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً .
وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذ منكم ميثاقاً غليظاً ) .
فاعلم يا أخي أن زوجتك أمانة في عنقك سوف تسأل عنها يوم القيامة ،
قال عليه الصلاة والسلام : ( استوصوا بالنساء خيراً ) متفق عليه .
وإن تزوجت فكن حاذقاً *** واسأل عن الغصن وعن منبته
واسأل عن الصهر وأحواله *** من جيرة وذي قربته
تبادل الهدية بين الأزواج سيما هدايا الزوج للزوجة إحدى أسباب غرس أسباب المحبة بينهما .
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: ( تهادوا تحابوا ) .حسنه الألباني في الإرواء
- حقوق الزوجة على الزوج :
- الزواج في حقيقته عبارة عن شركة بين رجل وامرأة من أجل بناء الجيل الصالح ،
الذي يعبد ربه ويبني ويعمر الحياة ، فأصل الزواج في الإسلام هو حلول
المودة والألفة والإيثار بين اثنين . . ، ومن أجل دوام العشرة بينهما جعل
الله تعالى لكل من الرجل والمرأة حقوقاً لدى الآخر يجب القيام بها - .
أولاً : الإحسان في المعاملة والمعاشرة بالمعروف :
الزوجة أمانة عند الزوج ، فيجب عليه إحسان معاملتها قولاً :
بكلام حسن وعفّة لسان ، وفعلاً :
بمعاملة كريمة . لقوله تعالى : - وعاشروهنّ بالمعروف فإن كرهتموهنّ فعسى
أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً - ،
وقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : - لا يفرك مؤمن مؤمنة ، أن كره منها خلقاً
رضي منها خلقاً آخر - أخرجه مسلم .
وروى أبو هريرة رضي الله عنه في الحديث المتفق عليه عن
النبي –صلى الله عليه وسلم – أنه قال : - استوصوا بالنساء فإن المرأة
خلقت من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ،
فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء - .
وقال عليه الصلاة والسلام : - خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهله - –صححه الألباني – .
ثانياً : صون الزوجة والغيرة عليها واحترامها :
الغيرة على الزوجة أمر فطري في النفوس ، سأل سعد بن عبادة – رضي الله عنه –
رسول الله صلى الله عليه وسلم – قال : - لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مُصْفَح ،
فقال النبي – صلى الله عليه وسلم : - أتعجبون من غيرة سعد ، لأنا أغير منه ، والله أغير مني ، ومن
أجل غيرة الله ، حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن - . أخرجه البخاري .
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله – في كتابه روضة المحبين ، بعد أن ذكر أنواعاً من
الغيرة منها المحمود والمذموم :
وملاك الغيرة وأعلاها ثلاثة أنواع :
فالغيرة التي يحببها الله ورسوله دارت على هذه الأنواع الثلاثة وما عداها فإمّا
من خدع الشيطان ، وإمّا بلوى من الله كغيرة المرأة على زوجها أن يتزوج عليها.
ثالثاً : إعفاف الزوجة :
وهذا حق مقرر للزوجة ، ثابت في السنة النبوية ، ففي الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن عمرو بن العاص
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :- يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم
النهار وتقوم الليل ؟ فقلت بلى يا رسول الله ، قال :
فلا تفعل ، صم وأفطر ، وقم ونم ، فإن لجسدك عليك حقاً ،
وإن لعينيك عليك حقاً ، وإن لزوجك عليك حقاً ، فأعط كل ذي حق حقه - .
فأخبر عليه الصلاة والسلام أن للزوجة على زوجها حقاً ، بل إن هذا الحق
يعد أيضاً من أنواع العبادة التي يثاب عليها الرجل ، فعن أبي ذر الغفاري – رضي الله عنه –
عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : - ... وفي بضع أحدكم صدقة ،
قالوا : يا رسول الله ، أيأتي أحدنا شهوته ، ويكون له فيها أجر ؟
قال : أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في
الحلال ، كان له أجر - أخرجه مسلم .
رابعاً : حفظ أسرار الزوجة :
وهذا الحق يعد من الحقوق المشتركة بين الزوجين .
أخرج مسلم عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -:
- إن من أشر الناس منزلة يوم القيامة : الرجل يفضي إلى المرأة ،
وتفضي إليه ، ثم ينشر سرها - .
خامساً :النفقة الزوجية :
قال الله تعالى : -أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهنّ لتضيقوا
عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهنّ حتى يضعن حملهن وقوله سبحانه :
- وعلى المولود له رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف -والآيتان وإن كانتا في إيجاب
النفقة للمعتدّة فهي للزوجة التي لم تطلّق أولى وألزم .
وقال الله تعالى :-الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم
على بعض وبما أنفقوا من أموالهم - .
قال الإمام ابن كثير : معلقاً على هذه الآية (وبما أنفقوا من أموالهم أي :
المهور والنفقات والكُلَف التي أوجبها الله عليهم لهنّ في كتابه وسنة
نبيه – صلى الله عليه وسلم - ) . صححه الألباني
وعند أبي داود ، أن النبي – صلى الله عليه وسلّم –
سئل عن حق الزوجة فقال : - أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها
إذا اكتسيت ، و لا تضرب الوجه ، ولا تهجر إلا في البيت - .
وعند هذا الحق يتبادر إلى الذهن ما أخرجه البخاري ومسلم عن
عائشة رضي الله عنها : أن هنداً زوجة أبي سفيان قالت :
يارسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا
ما أخذت منه ، وهو لا يعلم ، فقال : - خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف - .
وأخرج مسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - قال في حجة الوداع :
- ولهنّ عليكم رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف - .
سادساً : احتمال هفوات الزوجة وغضّ الطّرف عنها :
أخي الزوج : ينبغي أن تعلم أنه ليس من سمة البشر الكمال ،
بل الأصل في البشر الخطأ والزلل ، ولذلك من الحق والعدل أن تغضّ
طرفك عن الأخطاء الصغيرة والهفوات العابرة ، كما قال عليه الصلاة والسلام :
- لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر - . أخرجه مسلم .
فالزوج العاقل الكريم إذاً لا يعاتب زوجته عند أدنى هفوة ، ولا يؤاخذها بأول زلّة ،
بل يلتمس لها المعاذير ، ويحملها على أحسن المحامل ،
ومن ثمَّ يقدم لها النصح بقدر المستطاع .
سابعاً : تعليمها أمور دينها :
قال الحق سبحانه : - وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها -
قال ابن كثير في تفسير الآية :- أي : استنقذهم من عذاب الله بإقام
الصلاة واصبر أنت على فعلها .
روى مسلم في صحيحه : أن النبي – صلى الله عليه وسلم ،
إذا أوتر يقول : - قومي يا عائشة - .
وفسر ابن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى - قوا أنفسكم وأهليكم ناراً -
بقوله : اعملوا بطاعة الله ، واتقوا معاصي الله ، وأمروا أهليكم بالذكر ينجيكم الله من النار .
وكان صلى الله عليه وسلم يعلم نساءه أمور دينهن ،
وزوج رجلاً من الصحابة امرأة على ما معه من القرآن .
ثامناً : العدل بين النساء إن كن أكثر من واحدة :
والأصل في هذا الحق قوله تعالى : -فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث
ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا -
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : - إن المقسطين عند الله على منابر
من نور على يمين الرحمن وكلتا يديه – يمين – الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلوا -
صححه الألباني في الجامع الصغير .
وجاء في الطبقات لأبن سعد – وأصله في البخاري - : أن النبي – صلى الله عليه وسلم –
كان يطاف به محمولاً في مرضه كل يوم وكل ليلة فيبيت عند كل واحدة منهن ، ويقول
أين أنا غداً ؟ ففطنت لذلك امرأة منهن فقالت : إنما يسأل عن يوم عائشة ،
فقلنا يا رسول الله : قد أذنا لك أن تكون في بيت عائشة ، فإنه يشق عليك
أن تُحمل في كل ليلة ، فقال : وقد رضيتن ؟ فقلن : نعم ، قال : فحولوني إلى بيت عائشة . –
تذكر أيها الزوج قول المصطفى – عليه الصلاة والسلام – في الحديث المتفق عليه :
- إن أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج - .
- العلاقة بذوي القربى :
على الزوج القدوة أن يحرص على احترام أسرة الزوجة وإكرامها وخاصة والديها
بحيث يشعرون وكأنه ابنهم وذلك بجانب بره وإحسانه لأسرته وخاصة والديه ،
قال الله تعالى :-واعبدوا الله تعالى ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين
إحساناً وبذي القربى ...- الآية .
- قيل :
- أنت تسب امرأتك إذا امتدحت امرأة أخرى أمامها .
- الزوج الصالح أبٌ بعد أبٍ .
- حذاري !!
احذر أخي الزوج أن تكون من الناس الذين هم داخل بيوتهم
من أفظ الناس وأغلظهم ، وهم خارجها من ألطف الناس وآنسهم . 1 – غيرة العبد لربه أن تنتهك محارمه وتضيع حدوده . 2 – وغيرته على قلبه أن يسكن إلى غيره وأن يأنس بسواه . 3 – وغيرته على حرمته أن يطّلع عليها غيره .
منقول