- سريعو الغضب يموتون قبل غيرهم!
سريعو الغضب يموتون قبل غيرهم!
يرجى الإنتظار حتى الإنتهاء من تحميل الصورة.إضغط هنا لرؤية الصورة بشكل كبير في إطار منفصل
لندن - العرب أونلاين : الغضب تعبير عن شعور انسانى ناجم عن صدمة، الا انه قد يؤدى الى العديد من المشاكل والتعقيدات فى حال عدم السيطرة عليه سواء فى العمل او فى العلاقات الشخصية او فى نوعية وشكل الحياة التى يعيشها الانسان.
ومن الناحية الكيميائية، فان الغضب هو نتيجة لافرازات هرمونية زائدة عن الحد المألوف وتؤثر على الوعى مباشرة، فلا يعود الانسان قادرا على التحكم باقواله او بحركاته، وفى الحالات الشديدة فانها قد تؤدى الى الاغماء بل وربما الوفاة اذا اقترنت بأزمة قلبية او بدرج عالية من الكآبة. وقد تثار حوافز تلك الهرمونات لأى سبب خارجي، الا انه سرعان ما يتم امتصاصها ليعود الانسان الى استدراك وعيه، وذلك فى حال نجا من عواقبها المباشرة، او اذا لم تؤد ردود افعاله غير الواعية الى المزيد من المشكلات النفسية والاجتماعية او حتى الجسدية.
وكثيرا ما يصاب سريعو الغضب بأزمات قلبية أكثر من غيرهم، وبالتالى فانهم يرحلون من عالم البشر الطبيعيين اسرع، اذ تشير بعض التقديرات الى ان الغضب يقصر اعمارهم بما يتراوح بين 10 و20 عاما. وهكذا فان عوائلهم قد ترتاح منهم فى وقت مبكر، الا انهم كثيرا ما يخلفون وراءهم اسرا محطمة يعانى بعض افرادها من المشكلة نفسها.
وكل انسان يعرف ما هو الغضب وقد جربه باشكال متعددة سواء كحالة من الاستياء البسيط او كموجة غضب شديدة كما يعرف الغضب بانه "حالة عاطفية تتراوح حدتها بين التوتر الخفيف وموجات الغيظ وثورات الغضب".
وككل المشاعر الانسانية الاخرى فان الفشل فى ادراك وفهم مشاعر الغضب قد يؤدى الى العديد من المشاكل النفسية والجسدية كارتفاع ضغط الدم وامراض القلب واوجاع الراس والمعدة كما يرفع الغضب نسب افراز الجسد لبعض الهرمونات والادرينالين.
وتساهم مجموعة مسببات سواء الخارجية او الداخلية الى شعور الانسان بالغضب، وهذه الاسباب قد تكون شخصية او قد تتمثل فى ذكرى او حدث معين.
ومن اكثر الوسائل الطبيعية للتعبير عن الغضب هى ردات الفعل الاندفاعية حيث يولد هذا الشعور مشاعر قوية تقود الى تصرفات تسمح لنا بالقتال والدفاع عن انفسنا عندما نهاجم ولذلك فان الشعور بالغضب فى بعض الاحيان قد يكون ضروريا.
الا انه لا يمكننا فى الوقت نفسه التعبير عن غضبنا بردات فعل جسدية باتجاه كل شخص يسبب لنا توتر او ازعاج حيث لا بد من بعض قواعد السلوك التى تحد من هذه المشاعر.
وان يكن الغضب ناجما عن مشكله، فانه لا يحلها، بل يزيدها سوءا، لا سيما وان الغضب لا ينطوى على تقديرات عقلانية ولا يمكنه ان يوفر مخارج فعلية او دائمة لأى مأزق، ولا يصحح أى خطأ تصحيحا قابلا للاستمرار او لا ينطوى على اكراه يتحول هو بحد ذاته الى مشكلة.
والغاضب انما يغضب لانه فقير الحيلة، ويكشف من خلاله عن فشله وعجزه عن الاحاطة بالظروف التى ادت الى اثارة المشكلة قبل ان تثير غضبه، او سبل حلها بصورة عقلانية.
والعاقل، حسب التعريف القاموسى للغة العربية، هو ذلك الشخص الذى يستطيع ان "يعقل" -يشد ويربط - مطيته، وبالتالى اندفاعاته، اى انه يكبح جماح غضبه، فيعقل تصرفاته ليكف عن الاتيان بقول او عمل مذموم.
ووفقا لبعض الدراسات فان "التعبير عن مشاعر الغضب باسلوب غير اندفاعى قد يكون من افضل طرق التعبير عن الغضب من الناحية الصحية".
ويعتبر كبت الغضب احدى الوسائل المتاحة للسيطرة على هذا الشعور حيث يستطيع الانسان عبر هذه الطريقة السيطرة على الغضب ومنعه من الوصول الى النظام العصبى من خلال التركيز على اى فكرة ايجابية.
ولكن كبت الغضب، بدلا من السعى لمواجهة اسبابه، ليس اقل سوءا من الغضب نفسه.
ويرى استشاريون فى ادارة الغضب ان مشكلة كبت هذه المشاعر وعدم اطلاقها تكمن فى امكانية ارتدادها على الشخص نفسه مسببة له التوتر وارتفاع ضغط الدم ومن الممكن الوصول الى الاكتئاب.
ومن وسائل السيطرة على الغضب ايضا العمل على تهدئة الاعصاب من الداخل ويتم هذا عن طريق السيطرة على التصرفات الخارجية بالاضافة الى ردات الفعل الداخلية.
وتقول الباحثة النفسية احسان عبدالله الجدوع ان "الهدف من ادارة الغضب هو تخفيف المشاعر العاطفية والعوامل النفسية التى يسببها الغضب"، مضيفة ان "تجنب الاشياء او الاشخاص التى تثير الغضب صعبة وكذلك الامر بالنسبة لتغييرهم الا انه يمكن للانسان تعلم السيطرة على ردات فعله".
وتضيف الجدوع ان "البعض يتساءل عن السبب الذى يجعل بعض الاشخاص ينقادون الى الغضب اكثر من غيرهم وذلك قد يكون اما لاسباب وراثية او نفسية كما قد تكون عوامل اجتماعية ثقافية حيث غالبا ما ينظر الى الغضب على انه عادة سيئة ويحثنا المجتع على عدم التعبير عنه ولذلك لا نتعلم كيفية التعامل معه".
وتشير الى ان "العائلة او البيئة التى يعيش فيها الانسان قد تكون السبب حيث ينحدر الاشخاص الذى يغضبون بسرعة من عائلات تعانى من نقص فى مهارات التواصل العاطفي. ومن الافضل اكتشاف ما يثير غضبنا والعمل على تطوير الاستراتيجيات التى تسمح بالسيطرة عليها".
وتتمثل احدى استراتيجيات السيطرة على موجات الغضب التى تصيبنا هى محاولة الاسترخاء والتنفس بعمق وتخيل بعض التجارب اللطيفة التى تساعد على تهدئة الاعصاب بالاضافة الى ترداد بعض الكلمات او العبارات المريحة خلال عملية التنفس. كما ان ممارسة اليوغا تساعد على استرخاء العضلات وازالة اى توتر".
وتشير الجدوع الى انه "يجب على الانسان التمرن على هذه التقنيات يوميا لكى يستخدمها بطريقة طبيعية عندما يواجه اى مشكلة".
ومن وسائل السيطرة على الغضب "محاولة استبدال الافكار التى قادتنا الى الغضب بافكار اخرى اكثر عقلانية، لا سيما وان الشعور بالغضب لن يمنح الانسان شعورا افضل بل على العكس فقد يشعره بالذنب على الطريقة التى تصرف بها، خاصة وان الغضب يجعل الانسان غير قادر على التفكير بطريقة واضحة".
وتقول الجدوع ان "العديد من الناس يؤمنون بوجود حل لكل مشكلة، الا ان هذا غير صحيح، دائما. لان افضل طريقة للتعامل مع اى مشكلة تكمن فى عدم التركيز على ايجاد "حل" "جاهز" بل على طريقة معالجتها ومواجهتها".
وتضيف "يقفز عادة من يصاب بالغضب الى استنتاجات غير دقيقة، ولذلك فمن الافضل اخذ الامور بهدوء والتفكير بما يريد الانسان قوله والاستماع الى الاخرين".
ومن النصائح الاخرى التى قدمتها الجدوع هى "تعلم التعبير عن الغضب دون ايذاء من حولنا، وذلك عن طريق التعبير بهدوء عن الأذى او الاتصال بالشخص الذى سبب الازعاج".
ويرى بعض خبراء فى علم النفس ان المشاكل والمسؤوليات تقود الانسان الى الغضب لذلك يجب على الانسان العمل على تامين وقت للاستراحة لا سيما اذا كان يشعر انه يعيش تحت ضغط وذلك لمدة ساعة او ساعتين على الاقل خلال الاسبوع. وهم ينصحون الاشخاص الذين يؤثر غضبهم سلبا على علاقاتهم وحياتهم والعاجزون عن السيطرة عليه بالحصول على الاستشارة الضرورية للتعلم كيفية مواجهة مشاعرهم بشكل افضل.
ويشرون الى وجود استراتيجيتين رئيسيتين لمعالجة الغضب، الاولى هى فن ادارة الغضب، والثانية هى فن التعامل مع العوامل النفسية والمؤثرات الضاغطة وتهدف هاتين الاستراتيجيتين الى تعليم المرضى كيفية السيطرة على غضبهم وعلى ردات فعلهم.
ويوجد اختبار لقياس مدى حدة غضب الانسان من خلال اسئلة يطرحها الاخصائى وتشير الاجوبة الى مصدر احباط وغضب الشخص.
والحال، فان وتيرة الحياة اصبحت محمومة وسريعة لدرجة ان الانسان نسى الاستماع الى حدسه ولذلك يجب على الانسان ان يثق بحدسه ليحافظ على حياته متوازنة.
ان الحياة مليئة بالالام والاحباط والفشل والتصرفات غير المتوقعة التى لا يمكن تغييرها الا انه يمكن العمل على تغيير طريقة تاثيرها وسيدرك الانسان اذا عاش كل يوم كانه الاخير فى حياته ان الحياة قصيرة جدا للوقوف على كل كبيرة وصغيرة".
: