- "تخيل شعورك وأنت تقتحم مكاناً غريباً".
- أحمد وهو لا يسمع ما تقوله له أخته:
- قفي هنا هيا.
- جعد "أحمد"فمه الصغير، وارتعشت شفتاه وهو منكسٌّ رأسه:
- هذه أول مرة أمسك فيها دجاجة،أريد أن أريها بابا..
- لم تتمالك"مريم" نفسها حينئذ وأخيراً صاحت في وجه الرجل الطويل الغاضب:
- وفجأة دخل الوالد عليهم:
- لا فائدة من الشكوى في هذا البيت...
- =========================
- غسلتُ وجهي وأنا أردد في نفسي:
السلام عليكم
,
,
,
,
,
,,
,,
,,
قصة اعجبتني
.
.
الصراحة قصه غير عن كل القصص ملينا من عيال العم والسفر والحب وهذي ماتقدرين تتركينها الا لين تخلصينها
وهي باللغة العربية لكن تجن
بقولكم كم جزء لأني اهم شيء عندي أعرف كم جزء
القصه تتكون من عشرة أجزاء لكن فيها فصول وكل جزء برد
بنزل جزئين واذا شفت تفاعل انزل الباقي ان شاء الله
بسم الله نبدأ
الجزء
من قصة ضلالات الحب
ضلالات الحب
للكاتبة: لاأناام
ملامح عن أعمار أبطال القصة:
محمد: 30 سنة.
ليلى: 28 سنة.
مريم: 18 سنة.
أحمد: 6 سنوات.
خالد: 26 سنة.
راشد: 24 سنة.
أمل: 19سنة.
بالنسبة لشخصياتهم أفضل أن تكتشفوها من أحداث القصة ..
(1)
تسللت "مريم"إلى المزرعة ومعها أخاها الصغير،كانت تزجره بألا يقترب أكثر وفي نفس الوقت تسير معه وقد أسرتها روعة المكان، كانت المزرعة كبيرة بحيث يمكن أن يُبنى عليها خمسة بيوت مثلاً!!!!
أمسكت السور الأبيض بيديها الصغيرتين، لكن سرعان ما أبعدتها لأن ندى الصباح كان قد بللها، مسحت يديها على جانبي عباءتها وهي تنظر بإعجاب إلى العشب الأخضر، ودت لو تلامسه،تعبث به، تجلس عليه وتتحسس رطوبته الندية، تستلقي ربما وتنظر إلى السماء، تخاطب الشمس وتغني مع العصافير وتبتهل إلى الله لتتحقق أمانيها. مدت يديها بشكل لاشعوري إلى قلادتها الفضية وهي تضغط عليها بقوة وتغمض عيناها وتبتسم:
لم تنتبه أن أخاها الصغير "أحمد"ذي الست سنوات، كان قد ولج منذ زمن إلى المزرعة وأخذ يركض هناك وهو يضحك، عادت إلى حاضرها وهي تنادي عليه بصوت غير مسمووع:
لكن لا حياة لمن تنادي، ابتسمت برقة وهي تنظر إليه، ودت أن تكون معه، تركض، تعود إلى أيام الطفولة والبراءة، تحطم القيود وتسير دون خوف من كلمة أو تعليق، تحلق كالفراشة في هذا المكان..
لم تكن تتوقع أن الإمارات كبيرة وواسعة بشكل لا يتصور، ومعظمها أراضي خصبة خضراء بعكس البحرين صغيرة وقاحلة ولكنها مع ذلك أجمل!!!
عادت لتنظر إلى أخيها وهي تهز رأسها لتبعد خواطرها، لكنها لم تره,, أحست بالقلق وانتابها الخوف، نادت بصوت مرتفع:
لم تسمع جواباً، أخذت تجول ببصرها حول المكان وهي تمسك السور الأبيض، رأت اسطبلاً من الخشب وبابه مفتوح على مصراعيه، عضت على شفتيها:
احتارت ماذا تفعل، أدخل أم لا؟! لا يوجد أحد هنا والباب مقفل: كيف سأنادي عليه؟! وابتسمت لأول فكرة وأطلقت ضحكة صغيرة:
- سأتسلق السور،وماذا في ذلك...
رفعت عباءتها إلى منتصف الحوض، وحمدت ربها أنها ارتدت اليوم بنطالاً، قوست ظهرها وهي ترفع قدميها إلى أعلى وتضع اليمنى على السلمة الأولى من السور استعداداً للقفز...
لم يكن السور عاليياً، لكنها سقطت سقطة خفيفة آلمتها قليلاً، نهضت من على الأرض وهي تنظر حولها خوفاً من أن يراها أحد ، ستكون فضيحة!!
"تخيل شعورك وأنت تقتحم مكاناً غريباً".
ودت لو تنزع حذائها ولكنها خجلت فهي ليست في أرضها، سارت بخفة نحو "الاسطبل"وهي تسمع أصوات صهيل الأحصنة، اقتربت من الباب وهي تختلس النظر لتتأكد، كان "أحمد" يركض خلف الدجاج يحاول أن يمسكها وهي تزعق مبقبقة خائفة من الهجوم المفاجئ عليها، كان الاسطبل كبير مقسم إلى قسمين، قسم للأحصنة والقسم الآخر للدجاج ، دخلت "مريم"بتردد ونادت على أحمد:
- أحمد تعال، ماذا تفعل هنا، اخرج قبل أن يأتي أحد..هيا..
- مريووم تعالي ساعديني قفي عند الباب وأنا سأقف هنا "سأحكر"الدجاجة ولن أدعها تفلت..
- دع الدجاج لقد تأخرنا عن المنزل..
وبعناد كعناد الحمير وبكل شقاوة الطفولة رد:- كلا، سأصطاد هذه الدجاجة مهما كان الثمن...
- "مهما كان الثمن"أو "رهينة الماضي" أقول لك تعال..وهي تلتفت خلفها بخوف... "
أحمد وهو لا يسمع ما تقوله له أخته:
قفي هنا هيا.
انصاعت مريم لأوامره، سترى ما يؤوول إليه الأمر، أغلقت الباب خلفها،كانت على اليمين وأخوها على الضفة اليسرى، اقتربا من بعضهما وهما ينظران إلى الدجاجة التي قبعت في الزاوية وهي تبقبق بصوتٍ عال وتحرك رأسها بجنون وتصفق جناحيها لكي تطير وتهرب ولكن هيهاات!!
كان شكلها يثير الضحك والأسى في نفس الوقت، الشعور بأنها فريسة مطاردة يوشك أن يُنقض عليها وهي ليس بيدها شئ، ليس بإمكانها أن تهرب، فقط تنتظر مصيرها، ومصيرها بيد صيادها، أتراه سيرأف بحالها أم ستنتظرها سكين الجزار ليلوي عنقها؟!!
نظرت إلى الجزار الذي يقف بجانبها وهمست بصوتٍ واطئ مليء بالإثارة والترقب وكأنها استمتعت بلعبة الصياد والفريسة:
وبعينان مليئتان بالشيطنة وبابتسامة شريرة:مدّ أحمد يديه ببطء وقلبه يدق بقوة كقوة نقيق هذه الدجاجة، لكأنها أحست بقرب نهايتها فلم تملك إلا الصراخ.
قبضها من عنقها كي لا تفلت من يده،كانت تتلوى بين يديه وكادت أن تنزلج لولا أن ساعدته مريم فقبضها من جذعها وشد جناحيها إلى أعلى:
- "أحمد" لا تؤذها..أمسكها بلطف..
- كيف؟ هي تحس؟؟
- بالطبع أيها الغبي،أليس لها روح..
…………..-
- والآن اتركها لقد تأخرنا..
- ماذا لقد أمسكتها أنا،هي لي أنا..
قرصته في خده وصاحت في وجهه بغضب:- قلتُ لك اتركها إنها ليست لنا، بسرعة قبل أن يأتي أحد ويظن أننا سرقناها..
جعد "أحمد"فمه الصغير، وارتعشت شفتاه وهو منكسٌّ رأسه:
هذه أول مرة أمسك فيها دجاجة،أريد أن أريها بابا..
حزًّ في نفسها منظره، إنها لا تتحمل أن تراه حزيناً أو غاضباً، لاتقوى على ذلك، تحبه كابنها بل كروحها، ألم توصها أمها عليه قبل موتها؟! إنه بقيةٌ من روح الغالية، قطعةٌ منها، بل نسخةٌ منها وفمه المرتعش يشهد على ذلك!!
قالت بصوتٍ رقيق وهي ترفع رأسه:- لا نستطيع أخذها معنا، هذه سرقة والسارق يدخل النار، أعدك أن أطلب من "محمد"أن يذهب بك إلى السوق ويشتري لك دجاجة.
هزّ رأسه ودموعه تنزل على خده المحمر:- كلا،كلا،أنا أريدها هي،أريد أن أريها بابا.
رقّ قلبها لمرآه،دموعك غالية ياصغيري،أغلى من هذه الدجاجة:- ماذا أفعل ياربي..طيب سنأخذها..
تهلل وجهه ومسح دموعه وهو يقبل أخته،فتح الباب وهو يركض جذلاً،ركضت مريم خلفه بسرعة وهي تضحك في سرها:
- ماذا فعلت!!يالي من مثال يُحتذب به..سنشتري دجاجة ونردها لهم،لايوجد فرق بين دجاجة وأخرى كلها بهائم!!!
- انتظر لاتسبقني..
تجمدت في مكانها،وتوقف "أحمد"الصغير عن الضحك،وسرعان ماعاد إلى أخته والدجاجة بيده واندسّ خلفها..
نظرت "مريم"إلى الرجلان الواقفان أمامها وهما ينظران إليها بذهول واستغراب،احمرَّ وجهها وبانت علامات الذنب على وجهها،لم تستطع أن تنطق بكلمة،مرت فترة خالتها دهراً وودت في تلك اللحظة أن تنشق الأرض وتبتلعها..
- ماذا تفعلان هنا في مزرعتي؟!
رفعت رأسها نحو الصوت الغاضب،كان طويلاً أسمر البشرة،حاجباه معقودان في المنتصف برشاقة،يرتدي بنطالاً من الجينز وقميص أبيض ضيق يبرز جسده،خافت من شكله الغاضب ولم تحر جواباً..
- ألا تسمعين،ماذا تفعلان هنا؟
"-خالد"لا تصرخ هكذا في وجه الفتاة،لقد أخفتها،انتظر لنسمع ونرى ما الأمر..
نظرت إلى المتكلم الآخر ولم تنبس أيضاً ببنت شفه.
أحست "مريم"بأخيها يزداد التصاقاً بها من الخلف وجسده يرتعش، صاح "خالد":
- الأمر واضح،انظر للدجاجة وستفهم،وأنا اتساءل كيف يتناقص عدد الدجاج كل أسبوع واتضح الأمر لي الآن..أليس كذلك أيتها السارقة؟!!
كلمات كثيرة تقاذفت في رأسها،لسانها يخونها أحياناً في وقت الشدة،وفجأة سمع الجميع صوت بكاء من الدرجة الأولى، كان "أحمد"يبكي بعنف وهو يمسك بتلابيب عباءة أخته وفي ذات الوقت يمسك بالدجاجة بيده الأخرى حتى كاد أن يخنقها.
لم تتمالك"مريم" نفسها حينئذ وأخيراً صاحت في وجه الرجل الطويل الغاضب:
- لا تصرخ في وجهي،لقد أخفت الطفل أيها الغبي الأعمى،أنا أسرق دجاج؟؟ ماذا تظن نفسك لكي تنعتني بالسارقة من أجلها..وإن كان على هذه الدجاجة –التفتت إلى أخيها وهي تنظر إليه شزراً فسكت ثم تناولت منه الدجاجة واقتربت من الرجل الطويل ورمتها في وجهه:
- خذ دجاجتك..
تراقصت آلاف الشياطين أمام عينيه وأحسّ أخاه أنه يكاد أن ينفجر،فأمسكه من ذراعه ولكن الأخير أبعدها بقوة وتقدم من الفتاة التي ابتعدت إلى الخلف وهي تحاول أن تتمالك أعصابها ولا تصرخ من الخوف،نظرت إليه ببرود وقلبها يكاد أن ينخلع وهي تستند إلى السور،أمسك بيدها وهزها بعنف حتى شعرت أن عظامها تحطمت،لكنها لم تصرخ بل عضت على نواجذها بقوة لتكتم صرختها، وبشجاعة لم تتوقعها هي من نفسها صفعته على وجهه بقوة، فأطلقها وهي تترنح إلى الخلف:
- إذا أمسكت يدي مرة أخرى سأقطعها لك أيها الحقير..
(2)
- إذا أمسكت يدي مرة أخرى سأقطعها لك أيها الحقير..
تقدم منها مرةً أخرى فصرخت:- تمدُّ بدك على فتاة، أهذا ما تستطيعُ فعله؟؟
- اعتذري وإلا قسماً سأريكِ شيئاً لن يسركِ...
خاطبته بنفس اللهجة:- قسماً إذا لم تبتعد ستندم طوال حياتك..
ضحك ضحكةً قاسية ونادى بصوتٍ مرتفع:- عثماان،عثمان..تعال بسرعة..
لهث عثمان وكان عاملاً هندياً:- عثمان احضر الكلب الجديد بسرعة.
وما أن سمعت "مريم"اسم "الكلب" حتى امتقع وجهها وصار لونه مائلاً للبياض..
التفت له "راشد" وهو يتوسل إليه:- "خالد"ماذا تريد بالكلب، "خالد" اهدأ هذه فتاة، لا تجعل عقلك بعقلها.
- اخرس أنت واغرب عن وجهي، سأأدب هذه الوقحة..
- لا
اخترق صوت صراخها الفضاء وجسدها يهتز بعنف وفمها يرتعش بقوة:- لا ، كلب لا، لالالالالالالا.
نظرا إليها وهي تصرخ كالمجنونة، وأحس "خالد" بتأنيب الضمير.
تعالت أصوات الكلب وعثمان يجره من سلسلته المعدنية، كان كلباً بوليسياً كريه الشكل مما يستخدم في الحراسة، وما أن رأته "مريم" حتى دفنت وجهها في صدر أخيها الصغير وهي ترتجف وتصيح:
- لا، حرام..حرام..لا ابعدوه، أماه، أماه.
صرخ "راشد" في العامل بغضب:- "عثمان" أبعده، ارجعه إلى مكانه.
ومن بعيد ركضت "أمل" وهي تسمع أصوات الصراخ العالية..
تقدم راشد منها وهو يقول:- أختي اهدأي، لقد ذهب الكلب.
لكنها استمرت في الصياح بهستيرية، و"خالد"ينظر لها باستغراب والذنب يقطر من وجهه.
- لا، الكلب لا، أريد أمي، أمي.
- صغيري أخبر أختك أن الكلب ذهب.
كان "أحمد" يبكي بصمت طوال الوقت ..هو من وضع أخته في هذا الموقف..نظر إلى "راشد" الذي خاطبه، ثم التفت إلى أخته التي كانت تبكي في حجره وقال بهدوء:
- "مريوم" ماما ماتت لن تستطيع أن تسمعكِ الآن..
بهت الرجلان لكلامه، وكفت مريم عن الصراخ، وفي هذه اللحظة وصلت "أمل" وهي تنظر للجميع بدهشة:
ابتعد "خالد" عن المكان وكأن شيئاً لم يحدث، لم يتبق سوى راشد وأمل، ومريم التي لازالت تبكي في حجر أخيها.
همس "راشد" في أذن أخته بكلمات قليلة فهزت رأسها، ودلفت إلى مريم لتساعدها على الوقوف، لا تزال تنتفض وهي متشبثةٌ بأخيها، أسندتها وهي تقول لها بصوتٍ رقيق:
- لا تخافي سنوصلك للبيت، اهدأي. (ثم دارت إلى راشد الذي كان ينظر لهم متردداً) "راشد" أخبر السائق أن يجهز السيارة.
مشى راشد مسرعاً وهو يبتسم لهم ليطمئنهم، وما أن وصل إلى باب المزرعة حتى رأى أخاه فتلاشت ابتسامته.
"يا إلهي أي أخٍ قاسٍ هو، ماذا فعل بالفتاة، أعوذُ بالله منه".
لم يعبأ "خالد" بنظراته، كان يرقب أخته وهي تسند الفتاة المرتعشة التي كانت تعرج بوضوح، معقول!!! ألم تمشي في البداية بشكل طبيعي أم أن الغضب أعمى بصيرتي عن الملاحظة؟!!
"مريم بالفعل عرجاء، ولكن عرجها من النوع البسيط الذي لا يُكاد يلاحظ لمن لايدقق في مشيتها، ولكنها حين تغضب أو تكون في حالة قلق فإنها تعرج بشكل أكثر وضوحاً.."
خاطب "خالد" نفسه:- من أي دولةٍ خليجيةٍ هي؟! إما أن تكون بحرينية أو كويتية، هذا واضح من وجهها المكشوف وطريقة لباسها وكلامها!!!
توقفت السيارة السوداء عند باب المزرعة، وخالد لازال يتأمل والرهط يتقدم منه، وفي تلك اللحظة رفعت "مريم" وجهها المبلل وهي تنظر له بقوة من خلال غلالة دموعها، وبصوتٍ مبحوح قالت:
- أقسم أن الأمر لن ينتهي هكذا.
تابعت سيرها وهي تلج السيارة وأحمد بجانبها، وفي الجانب الأيسر جلست "أمل" وهي زائغة، حائرة لا تعرف حقيقة ما حدث وعن أيِّ أمرٍ يتكلمون!!!
(3)
تابعت سيرها وهي تلج السيارة وأحمد بجانبها، وفي الجانب الأيسر جلست "أمل" وهي زائغة، حائرة لا تعرف حقيقة ما حدث وعن أيِّ أمرٍ يتكلمون!!!
لم يكن البيت بعيداً، كان يبعد مسافة عشرة دقائق فقط عن المزرعة، أشارت مريم للسائق لمنزلها من بين شهقاتها المكتومة، أما "أمل" فظلت تعتذر وتعتذر دون أن تدري عمّا تعتذر عليه!!!
ترجلت وهي تسحب "أحمد" معها بقوة، دخلت المكون من طابق واحد، تبحث عن والدها، لم يعد بعد، من الصعب أن تتكهن بوقت رجوعه بحكم عمله كسائق سيارة أجرة..
دخلت حجرتها لتلقى أختها الكبيرة جالسة على الكمبيوتر، التفتت إليها هذه الأخيرة، نظرت لها بدهشة:
- ماذا حدث لكِ، لمَ تبكين؟!
لم تجب "مريم"، ارتمت على سريرها، وقد ارتفع بكاءها..
- كاد أن يرمي بالكلب علينا ليعضنا. صاح "أحمد".
- أيُّ كلب وعمّن تتحدث؟؟
- هناك- وأشار بيده ناحية الغرب- في المزرعة، لكنني ضربتهم وصرخت عليهم!!
نزلت "ليلى" بمحاذاة "أحمد" لعلها تفهم شيئاً مما يقوله:- أحمد أعد عليّ ما حدث..أين كنتم وماذا حدث؟؟
أخذ "أحمد" يحكي كثيراً، ينسى أشياء ويضيف أشياء لم تحدث أصلاً كأفعاله البطولية مثلاً، وليلى تقاطعه وصوت مريم يرتفع بالبكاء...
وفجأة دخل الوالد عليهم:
- بالله عليكم، لم كل هذا الصياح، أيّ مصيبةٍ أخرى حدثت؟؟
رفعت "مريم" وجهها المبلل، تمسح دموعها التي أغرقت وسادتها، كان واقفاً وهو يلهث من شدة التعب، والإعياء ينضح من قسمات وجهه، هرعت إليه وارتمت على صدره الذي طالما احتوى همومهم ومشاكلهم، أخذت تأن وليلى تخبره بما حدث كما فهمت من أحمد، مسح الأب على شعر ابنته وشعور بالغضب يكاد يفتته يقتلع صبره، إنه يعرف ما يثيره هذا الحيوان من ذكرى بغيضة لابنته الحبيبة، حاول أن يهدأها لتسكت وتريح عينيها من البكاء ونارٌ أخرى تشتعلُ في جوفه:
- كفى يا ابنتي، سأذهب لأتفاهم معهم..
- كلا، لا نريد أن نتفاهم مع هؤلاء الكلاب، سنذهب إلى الشرطة لنقتص حقنا..
- يا ابنتي، لا أريد أن تتبهدلي في مراكز الشرطة و...
أبعدت مريم نفسها عن صدره وهي ترفس الأرض بعناد:- كلا، لن أدعه يهرب بفعلته، سآخذ حقي منه لقد أقسمت...
تنهد الأب بتعب وهو يمسح على وجهه، يعرفها عنيدة كأمها "لم تركتني أحمل عبئهم وحدي"..
- إن شاء الله، سنذهب غداً ارتحتي (ثم التفت إلى "أحمد" وشدّه من أذنه( كل هذا بسببك أنت، مالك ودجاج الآخرين؟
- أخ، أخ، كنتُ سأريها لك.
صاحت مريم:تركه الوالد وهو يخاطبهم:- أين المصيبة الأخرى، لم أره في البيت؟! كان يقصد أخاهم الأكبر "محمد".
هزوا أكتافهم دلالة النفي، ومنذ متى عرفوا له مستقراً لا هنا ولا في وطنهم، هو بالنسبة لهم شبح يخطف عليهم أحياناً، يتناسون وجوده، يذكرونه سهواً ...
- لقد خرج منذ الصباح، لا أدري إلى أين .... أجابت ليلى.
خرج الأب من غرفتهم وهو يستعيذ من الشيطان الرجيم، لحقته ليلى وهي تنادي:
لم يلتفت لها وأكمل طريقه:- ومن له شهية ليأكل والمصائب تُحذف على رأسه...
عادت "ليلى" لتجلس على الانترنت عشقها الأول والأخير لتكمل ما بدأته، لحق أحمد الصغير بوالده، أما مريم فعادت لتبكي بصمت وهي تستند على الجدار الملاصق لسريرها..
لم يكن خوفها من الكلاب طبيعياً، بل كان رهاباً مرضياً ناتج عن تمزق أربطة قدمها وهي في العاشرة من عمرها بسبب عضة كلب، مما خلف لها عرجاً دائماً، خفَّ أثره مع العلاج الطبيعي والزمن..
استلقت على فراشها وهي تشدُّ الغطاء حولها بإحكام لعلها تبعد صورة ذلك الكلب والرجل الطويل عن ذهنها!!!
(4)
- من أي طينةٍ خُلق، تصرفه لا يمت للإنسانية بصلة!!
لم يعلق "راشد" بل وقف واجماً:- وأنت لمَ لم تفعل شيئاً؟ كيف تركته يرعب المسكينة هكذا؟؟
هزّ راشد كتفيه بيأس:- حاولت و لكنك تعرفين أخاكِ، قلبه أقسى من الصخر، لا يسمع كلام أحد.
خرجت "أمل" من غرفة أخيها وهي تصفق الباب خلفها بغضب، ماذا باستطاعة راشد أن يفعل!! حتى والدها لو كان هناك لما فعل شيئاً، كلُّهم يخافونه وينفذون أوامره...
من الصعب أن تُغير من طبع الإنسان حين يكبر، هكذا تربى منذُّ الصغر وهكذا عودوه...القسوة، الأنانية، إيذاء الآخرين كلمات أساسية في قاموسه، ألم يحرمها من البعثة التي حصلت عليها في فرنسا نظراً لتفوقها في الثانوية وتركها تدرس هنا في الإمارات رغم توسلاتها وبكاءها!!!! عادت لغرفتها وهي تتنهد بألم:
لا فائدة من الشكوى في هذا البيت...
وقف "راشد" عند نافذة غرفته، يفكر في حديث أخته، أفعلاً يخاف من خالد، إنه يحترمه فقط وهناك فرق بين الاحترام والخوف، كلا لا تكذب على نفسك يا راشد، أنت تخافه اعترف بشجاعة على الأقل أمام نفسك!! تخافه لأنه وبإشارة واحدة منه قد يسلب حبيبتك، يسلب "فرح" ابنة عمك، كم كان يكره تهديداته له بأنه سيطلب من والده أن يزوجها إياه إذا لم ينفذ له ما يريد، يحتقر نفسه لأنّ كل أوامره كانت دنيئة مثله!! أتراك كيف تعيش إذا كانت هناك سكين تتدلى فوق عنقك تهددك بالسقوط..بالموت، أتهنأ بالعيش أم تجد للحياةِ طعماً يستحق كل هذا العناء.."فرح"هي حياتي، هي حبي الوحيد بدونها لا أجد للحياة معنى وبها أتحمل تلك السكين المتدلاة فوق عنقي!!! وخوفي الكبير أن تسقط عليّ يوماً رغم كلِّ ما بذلت من جهد..
=========================
تسلل إلى البيت بهدوء، لم يتبق على بزوغ الفجر إلا سويعات، دخل غرفته وأغلقها بإحكام، أخرج الشيء الموجود في جيب بنطاله، رفع كم قميصه إلى المنتصف، وضع المادة البيضاء في الملعقة المعدنية وعصر عليها قطعة ليمونة، أخرج ولاعته، أشعل تلك المادة وفي ثوانٍ أصبحت سائلة.. رخوة، سكبها في حقنة من الحقن التي يستخدمها مرضى السكري، وبيدٍ خبيرة اعتادت على مثل هذا العمل غرزها في وريده الأزرق، أغمض "محمد" عينيه، شعر بدوار وخدرٍ لذيذ، أطياف السعادة ترقص تتعرى أمام عينيه، تهاوى على الأرض بمحاذاة الباب، أطلق شخيره المزعج وصوت الأذان
أشرقت الشمس بحبور فغمرت بأشعتها الآفاق، استيقظت "مريم" من نومها بإجهاد، لم تنم البارحة جيداً ، الكوابيس كانت تلاحقها وأطياف مجنونة أسهدت عينيها...حمدت ربها أنها كانت في عطلة وإلا ما استطاعت القيام بشيء، مريم أنهت المرحلة الثانوية - قسم علمي بمملكة البحرين وحين حضروا ليستقروا في بلد "زايد" سجلت في جامعة الإمارات لتكمل تعليمها العالي، كانت طموحة تقدس العلم وتحترمه لأبعد الحدود ولذا كانت تحصل على درجات متقدمة دوماً..
التفتت لأختها، لا زالت جالسة على الكمبيوتر..متى تنام هذه وماذا تجد في هذا الكمبيوتر حتى تجلس عليه طوول الوقت!!! أنا لا ألومها، في الثامنة والعشرين من عمرها بدون زوج، بدون عمل، دبلوم الإدارة المكتبية مركون في درج ملابسها المكومة..
تأملتها، جميلة هي، بل أجمل مني، بشرتها بيضاء صافية، ملامح طفولية هادئة بريئة، وشعر بني اللون اِحمرّ من تكرار صبغه بالحناء، لمن تبتسم هذه أجنت؟!! نهضتُ من فراشي لأرى ما تفعل..فالدنيا لا أمان لها الآن!!
سقط ظلالي على شاشة الحاسوب، فأجفلت وضغطت فوراً على المربع الصغير Minimize فلم أرى سوى خلفية الشاشة!!
- بسم الله الرحمن الرحيم، لقد أخفتني..
- لم خفتِ هكذا، ماذا كنتِ تفعلين؟؟
ارتبكت ولم ترد عليّ فوراً، وكأنها انتبهت حينها أنني من كنتُ أخاطبها..أنا أختها الصغيرة!! كشرت في وجهي وهي تنظر لي من علو:
………….. -
هززتُ رأسي وأنا أدخل الحمام، وما شأني أنا فعلاً، هي كبيرة وراشدة، وصلت إلى السن الذي يُفترض أن تعرف فيه الصح من الخطأ، وما تفعله الآن شيء خاطىء بالتأكيد فالمجرم تتضح عليه علامات ذنبه بوضوح..
غسلتُ وجهي وأنا أردد في نفسي:
"وما شأني أنا، يكفيني ما أنا فيه، ليس لديّ قدرة لأفكر بمشكلات الآخرين وما يفعلوه، يا نااس أنا أملك قلباً واحداً يرزء بألامه، بأحزانه، بأحلامه التي تبدو صعبة المنال بعيدة كوجه السراب!! ليس بإمكاني أن أسحب هذا القلب وأمدده كي يتسع للآخرين، ليفهمهم وليشاركهم أتراحم، يا نااس افهموني هو قلبٌ واحد أملكه وقد تقرح من همومي فاعذروني....."
تنهدت بضيق، فاليوم ستذهب مع والدها إلى مركز الشرطة لتقديم بلاغ ضد صاحب المزرعة المغرور وكلبه!!!
أما "ليلى" فقد أغلقت شاشة الحاسوب، استلقت على فراشها فالنهار طويل، طويل لا نهاية له وحين يجن الليل ويهجع الآخرين تبقى عيناها ساهرتان تبكيان بصمت الوحدة، تبكي عواطفها المهملة، تندب جمالها الذي سيذوي دون أن تجد من يتغزل فيها، يشعرها بأنوثتها، والرجال اليوم يبحثون عن الصغيرة دوماً، يبحثون عمن تجدد شبابهم كما يعتقدون..
حكموا عليها منذَ زمن ليس ببعيد بالعنوسة، بدفن شبابها وأحاسيسها المرهفة التي تهفو إلى ملاذٍ آمن تأوي إليه، إلى سكينة النفس والجسد، جميع صديقاتها اللاتي في عمرها تزوجن وأنجبن أطفالاً ربما في عمر "أحمد"
تابعي حبي
انا معاك
القصه روعه
انتظرك