- وهنا كان سؤال جديد: وماذا لو كنت أصم ، فهل كنت ما زلت تصغي لكلمتي؟.
- وقتها لم أجد إجابة، غير الدموع .
- عاد الصوت قائلا : لأنك عبدي وأنا ربك. وأنا برحمتي اغفر لكل تواب.
استيقظت باكرا، في صباح أحد الأيام، ورحت أتأمل في شروق الشمس. يا له من منظر جميل، حقا يصعب عليّ وصفه. وبينما أنا جالس هناك ، أحسست بشيء غريب!!! كانت المرة الأولى التي أتفكر فيها بملكوت الله وعظمته!!! وعندها سرت قشعريرة باردة بأوصالي، أدركت وقتها أن الله معي يرقبني في كل لحظة، حينها فقط تراءى لي منظر وطرق مسامعي كلمات. فكان المنظر ليوم القيامة، وحينها كنت بين يدي الله يحاسبني على دنياي!!!!!!!!!
وهنا أحسست بصوته يسألني " هل تحبني ؟ فأجبته " بالطبع يا رب ! فأنت ربي ورب العالمين، أنت مرشدي وحبيبي، أنت الهادي ولا سواك يهدي، ومن لي سواك يا رب؟؟ في السراء والضراء أنت معي، فكيف لا أحبك يا رب؟؟؟!!!!!!
لكن إحساسي المتفاقم حملني لحوار أعمق، فبت أتخيل وأحس الله يسألني يوم القيامة وأنا أجيبه، إلى أن سألني: لو كنت معوقا ، فهل ستبقى تحبني ؟ فأرتبكت . ونظرت لرجلي، وذراعي وباقي أجزاء جسمي، وتعجبت كم من الأشياء، كنت لن أستطيع عملها وقتها، الأشياء العادية التي أقوم بعملها من دون أي جهد أو فكر. وأجبت بكل قلق وحيرة: أنه قد يكون صعبا علي التفكير بذلك، ولكني سأبقى أحبك.
ثم عاد سؤال جديد يطرح نفسه علي: إذا كنت ضريرا ، فهل ستبقى تحبني ؟ ففكرت في كل الناس العميان في العالم وكيف أن كثير منهم ما زال يحب الله . وهكذا أجبت بسرعة: أنه من الصعب التفكير أو تصور ذلك ، ولكنني سأظل أحبك.
وهنا كان سؤال جديد: وماذا لو كنت أصم ، فهل كنت ما زلت تصغي لكلمتي؟.
ففكرت كيف يمكن أن أصغي وأنا أصم ؟ ثم أدركت أن الإصغاء لكلمة الله ليس هو مجرد السمع بالإذن، بل بواسطة قلوبنا. وهكذا أجبت، أنه قد يكون عسيرا ، ولكنني سأظل احبك.
وجاء سؤال آخر ليسألنى: ماذا لو كنت أخرس ، هل كنت ستبقى مسبحا لإسمي؟ ترى كيف يمكن للواحد أن يسبح بدون صوت؟ ثم خطر على بالي : إن الله يريدنا أن نسبح اسمه من أعماق قلوبنا ونفوسنا. وليس بألسنتنا فقط وبشفاهنا. وهكذا أجبت : مع أنه لن يمكننى قول شيء، ولكني سأبقى مسبحا لأسمك.
وهنا كان السؤال الأكبر والأكثر صدقا: هل حقيقة تحبني ؟ بشجاعة واعتناق قوي أجبت بجرأة :نعم يا رب أنا أحبك، لأنك أنت الله لا إله غيرك! معتقدا أنني أجدت في الإجابة ، ولكن وقتها كانت لحظة المواجهة والحسم، فكان السؤال: إذن فلماذا أنت تخطئ ؟ فأجبت وشعور بالخزي يغلف قلبي، لأننى مجرد إنسان . وأنا لست كاملا. فكان الرد: إذا لماذا تبتعد عني، عندما يكون كل شيء على ما يرام؟ ولماذا تصلي بجدية فقط في أوقات الشدة ؟
وقتها لم أجد إجابة، غير الدموع .
واستمر الصوت يتردد في قلبي: لماذا تواصل العبث والبعد عني في اوقات خلواتك؟ ولماذا تطلبني في وقت العبادة فقط؟ ولماذا تطلب ما لنفسك فقط؟ أشياء في غاية الأنانية؟ ولماذا تجلس ساعات مع أصحابك، لكنك تتعب لمجرد الجلوس معي دقائق... واستمرت الدموع تنهمر فوق وجنتيّ .
ثم وقع الصوت في قلبي قائلا... عندما تصادفك الصعاب، تلجأ الى الآخرين للمعونة، بينما أنتظرك أنا، لكنك لا تلتفت الي... ولماذا تخجل بي أمام رفاقك؟ إن كنت تحبني فعلا لجهرت بأعلى صوتك بحبي دون خوف أو خجل!!!!
حاولت أن أجيب ، فلم أجد إجابة أقدمها .
فتابع الصوت حديثه ، وقال لي: لقد كرمتك، وجعلتك خليفتي في الأرض... أنا أحبك وارفعك درجات عن باقي الخلق... لكن هل أنت تحبني حقا...؟
فلم أستطع أن أجيب . كيف لى بذلك؟ لقد خجلت أكثر مما تستطيع أن تعتقد . فأنا بلا عذر. ما الذي يمكنني أن أقول ؟
وعندها صرخ قلبي وسالت الدموع، قلت: اغفر لي يا رب . فأنا عبدك وأنت ربي وأنت ارحم الراحمين، ربي إني كنت من الظالمين، ظلمت نفسي فاعفو عني وارحمني يا رب!
عندها كان الرد اجمل من أن اتصوره: هذه هى نعمتي على عبادي.
فسألت: لماذا تستمر بالمغفرة لي يا رب؟ لماذا انت تحبني هكذا ؟
عاد الصوت قائلا : لأنك عبدي وأنا ربك. وأنا برحمتي اغفر لكل تواب.
لم أصرخ من قبل باكيا بشدة مثلما فعلت . كيف يمكننى أن أكون باردا هكذا ؟
كيف لا أحب الله وهو اعطاني اكثر مما استحق؟؟!! وهنا أفقت من ذهولي ومناجاتي مع نفسي وخررت ساجدا لله بكل صدق، واختنقت الدموع في قلبي، وقلت : يا رب انا احبك، فلا تكلني لنفسي وهفواتها تتلاعب بي، يا رب ثبتني على طاعتك وحبك.
يا رب أنا أحبك أنا أحبك
موفقه عيونى