الفراشة أصبح فتيات Ftayat.com : يتم تحديث الموقع الآن ولذلك تم غلق النشر والمشاركات لحين الانتهاء من اتمام التحديث ترقبوا التحديث الجديد مزايا عديدة وخيارات تفاعلية سهلة وسريعه.
فتيات اكبر موقع وتطبيق نسائي في الخليج والوطن العربي يغطي كافة المجالات و المواضيع النسائية مثل الازياء وصفات الطبخ و الديكور و انظمة الحمية و الدايت و المكياج و العناية بالشعر والبشرة وكل ما يتعلق بصحة المرأة.
جولينا ابراهيم قزاز
19-05-2022 - 09:49 pm
  1. كل ما يراه شبحا اسود

  2. فقالت بهدوء : اعلم ذلك هيا أوصلني الى كفر كنا ...؟!

  3. فقالت: قدرك انت ...

  4. فتحت الباب وهمت بالنزول ، لولا انه اعتذر لها

  5. وقالت :فارس ممكن توصلني لبئر السبع ؟

  6. بدت علامات الذهول على وجه الشرطي وقال :لا شيء ...لا شيء ..!

  7. فقالت له :اذن ابتعد من هنا !!

  8. وقالت : اوقف السيارة ..ها قد وصلنا .

  9. اوقف فارس السيارة وهو لا يرى شيئا يدل على عنوان .


(بسم الله الرحمن الرحيم)
قاد فارس سيارته المرسيدس مساءا في شوارع مدينة الناصرة متوجها الى احد المطاعم للقاء عدة اشخاص في انتظاره..
توقف فارس عند الاشارة الضوئية .. وفي اقل من ثانية فتح باب السيارة وصعدت امرأة ..جلست بجانبه واغلقت الباب ورائها بهدوء وثقة ...وهو ينظر مذهولا مستغربا دون ان يفهم شيئا مما يحدث

كل ما يراه شبحا اسود

او كتلة سوداء متحركة ..جال ببصره من القدم حتى الرأس لعله يرى شيئا يدل على جنس الكائن الذي يسكن تحت هذه الملابس السوداء ...رجل هو ام امراة ولكن عبثا فلا عيون ولا وجه ولا ايدي ترى من خلف هذا السواد ..وامام هذه الحال نطق الكائن الساكن خلف تلك الملابس ...بصوت انثوي جميل وهادىء وواثق:
عفوا ...هل تستطيع ان توصلني الى كفر كنا ؟
ابتسم فارس وقال :عفوا ..ربما اخطأت انا لست سائق تاكسي ...!

فقالت بهدوء : اعلم ذلك هيا أوصلني الى كفر كنا ...؟!

وبدون مبالاة وجد فارس نفسه يسير باتجاه كفر كنا وتناسى انه على موعد هام فكل ما كان يشغل باله هو من تكون صاحبة هذا الصوت الملائكي؟
  • وادار بوجهه نحوها وقال :عفوا يا حجة ..!
  • وعلى الفور ادارت وجهها بنحوه وقالت له : انا مش حجة ...
  • قال : عفوا ...بقصد شيخه!
  • قالت: ومش شيخة كمان..
  • قال: اذن متدينة لدرجة كبيرة ؟
  • قالت: لا..انا مش متدينة...!
  • قال: عفوا ..هل انت مسلمة
  • قالت: يمكن...شو هذا بهمك ...!؟
  • فقال مستفزا : طيب ليش لابسه هالخمار ؟
  • فقالت : انا لابسته لاني لابسته...!!!
  • فقال: طيب.. مين انت ؟

فردت عليه: انا قدرك يا فارس
ذهل فارس ..فكيف علمت باسمه ..وبدا يفكر باشياء كثيرة وقال وهو يضحك : - قدري انا ...قولي لي يا قدري مين سلطّك عليّ وحكالك عن اسمي ؟
  • فقالت: آه .. انا قدرك انت.. وكيف عرفت اسمك فهذا شغلي انا ...كنك ما بتأمن بالقدر ؟
  • فقال: انا ما بأمن باشي ...!

فقالت: اذا هيك تعلم من اليوم انك تأمن باشياء كثيرة..!
  • فقال: لا بأس ساؤمن ...قولي لي ما هو اسمك ام ساناديك "انسه " قدرك ام "مدام" قدرك.

فقالت: قدرك انت ...

  • قال: طيب يا قدري انا اكشفي عن وجهك علشأن اشوفك؟
  • فقالت:علشأن ايش بدك تشوفني ؟
  • فقال: مش قلت انك قدري ...بدي اشوف قدري ان كان حلو ولأ يا ساتر ؟
  • فقالت: ما تخاف ..قدرك حلو كثير ومش يا ساتر...ومش راح تشوفني هلأ، راح تشوفني في الوقت المناسب.
  • وقال فارس وهو مستفز والفضول يقتله : بدي اشوفك هلأ ما دمت بتقولي انك قدري

فقالت : وقف السيارة ...اذا بدك تتأكد اني حلوة ...تفضل اكشف عن وجهي وارفع الخمار وراح تشوف...بس أحسن الك ما تعملها هلأ ؟
صمت فارس حائرا مذهولا مترددا بين ان يمد يده ليرى ماذا يخفي هذا الخمار ..ايفعل ذلك ام لا.. ولكن يده لم تتحرك ...!! اما صاحبة الصوت الجميل ذات الخمار الاسود فقامت بفتح باب السيارة وخرجت تسير في شوارع كفر كنا ..لا احد يرى منها شيئا...وعاد فارس الى الناصرة مسرعا لعله يلحق بالاشخاص الذين ينتظرونه ليجدهم قد غادروا المكان...
ابتسم وقال لنفسه : يا لقدري السيء ...لقد خسرت الصفقة..خسرتها لأشباع فضولي بالكشف عن سر هذه الكتلة السوداء وما تخفيه خلف هذا الخمار ...
واصل فارس السير في الطرقات يفكر بسر هذه المرأة وما تخفيه.. ونظر الى حيث كانت تجلس فراى على الكرسي جمجمة بحجم كف اليد وقد زرعت مكان تجويف العينين كرات مطاطية ذات لون احمر كان يشع منها ضوءا باهرا ربما بسبب انعكاس الضوء عليهما ...امسك فارس بالجمجمة وقد سرت قشعريرة في جسمه من منظرها وحينما نظر الى الجمجمة كان منظر الفكين اقرب الى الابتسامة...
  • ضحك فارس وقال لنفسه : يا لقدري ...جمجمة وتبتسم ... احتار من حاجة هذه المرأة الى هذه الجمجمة ؟ ولماذا تركتها معه ؟ ام انها نسيتها دون قصد ؟ لا بد ان هذا الخمار يخفي قبحا لا مثيل له وهذا واضح بدليل انها تحمل جمجمة ...

مر يوم وفارس ما يزال يفكر بامر هذه المراة..شعورٌ غريب يشده اليها لا يدري سببه ..!اهو الفضول ام شيء اخر لا يعرفه..!؟
سار فارس بسيارته دون هدف محدد ، ذهب الى كفر كنا حيث نزلت ، فربما يجدها هنا او هناك...ولكن دون جدوى وعندما عاد الى الناصرة رأى نفس المراة تجلس على ....
وعندما عاد الى الناصرة رأى نفس المراة تجلس على احد مواقف الباصات...اقترب منها واراد ان يحدثها لكنه كان خائفا من ان تكون هذه المحجبة التي يراها امرأة اخرى ...فكيف يميز ان كانت هي ام شبيهه بها ...وبحركة غير متوقعة اقتربت ذات الخمار الاسود من شباك السيارة..
  • وقالت: ليش اتاخرت يا فارس ...انا بستناك من ساعة ونص...؟

صعدت الى السيارة واغلقت الباب ...وهي ما زالت تعاتبه على تاخره وكانها على موعد مسبق معه...بقي فارس صامتا وعلامات الاندهاش والتعجب تظهر على وجهه والحيرة تعتصره لانه لم يفهم شيئا مما يدور حوله.
  • فقالت له :وصلني لحيفا .
  • ضحك فارس وقال :بتؤمري بوصلك لحيفا ولوين ما بدك ..بس قولي لي يا....
  • قاطعته وقالت : ياسمين اسمي ياسمين ، ناديني ياسمين .
  • فقال : ياسمين قولي لي عن جد كنت بتستنيني ولا بتمزحي؟
  • فقالت: آه انا كنت بستناك ...انت شو مفكرني كنت بسوي هون.. بستنا واحد تاني ...على العموم اذا ما بدك تشوفني بنزل هون.

فتحت الباب وهمت بالنزول ، لولا انه اعتذر لها

  • وقال : انا بدي اشوفك..بس مش شايف اشي منك غير هالسواد !؟
  • فردت عليه غاضبة وقالت: مش مصدقني ...؟ قلت الّك انا حلوة.. اقسم بحيات ستي اني حلوة وراح تشوفني في الوقت المناسب.
  • رد عليها فارس بصوت غلب عليه الحزن واليأس وقال: ياسمين قولي لي ..هل انت انسانة انا بعرفها وحابة تمزح معي من ورا هالخمار ولأ فيّ حدا مسلطك عليّ علشان تجنينيني.
  • قالت: لا..انا ما بعرفك وما في حدا سلطّني عليك ..بس من اللحظة الاولى الّي شفتك فيها صرت قدرك..وبعدها عرفت عنك كل اشي.
  • وقال لها : شو قصدك ...؟!
  • قاطعته وقالت له :لقد وصلت وعليّ ان اذهب.

غادرت "ياسمين " الغامضة وبدات تسير بالشارع حتى اختفت بين الزحام.. وعيون فارس لم تعد تستطيع ملاحقتها فاخذ بالضحك مستسخفا مما يحدث وقد اتخذ قرارا ان لا يفكر في هذه المرأة الغامضة التي تود فقط ان تثير فضوله في لعبة ذكية ..فلا بد ان يكون من ورائها احد ..وعاد الى عمله ليشغل نفسه ولكنه فشل في ان يطرد خيالها من مخيلته واخذ يسأل نفسه: ما الذي يشدني الى هذه المقنعة السوداء؟ هل هو الفضول ام ان اسلوبها المثير قد اثر بي؟
شقت السيارة طريقها من جديد الى الناصرة وما ان وصل فارس حتى بدإ يقوم باتصالاته لترتيب عدة مواعيد لعمله ...بدل التفكير بسخافة هذه المرأة وما ان مرت عدة ساعات واقترب الوقت من منتصف الليل وقرر العودة الى البيت حتى فوجىء بالمرأة "صاحبة الخمار الاسود " تشير بيدها له ليتوقف ...دق قلب فارس بسرعة واصابه شعور غريب لم يعرفه من قبل ...شعور ممزوج بخوف رهيب من المستقبل ...وسعادة لرؤيتها ..توقف واقتربت المرأة من السيارة وفتحت الباب ورمت بجسدها الملفوف بالسواد على الكرسي

وقالت :فارس ممكن توصلني لبئر السبع ؟

لم يستطع فارس الاجابة بل وجد نفسه يسير في الطريق المؤدية الى بئر السبع دون ان يجادل او يأبه اذ كان عليه العودة الى البيت اواذا كان احدهم بانتظاره ...خيم الصمت لدقائق طويلة عليهما كانت كانها سنوات ...لم يتكلم احدهما.. نظر فارس الى المرأة بعد ان استجمع جملة واحدة بعد الذهول الذي اصابه
  • وقال: ياسمين انا في حياتي كلها ما عرفت شو هو الحب ...ومش مهم مين بتكوني او مين انتِ ...انا بصراحة حبيتك من اول مرة سمعت صوتك فيها ..ما شفتك وبعرفش مين بتكوني...بس لاول مرة في حياتي بشعر اني مهزوم ، ايوه انا مهزوم بحبك .
  • وقالت له ساخرة :بعدك ما شفتني وحبيتني ..الله يساعدك لما تشوفني شو راح يصير فيك...
  • فقال فارس: راح احبك اكثر ..
  • فقالت: بصراحة انا كمان مفكرة اني أحبك ..وخاصة اني قدرك يا ...
  • قاطعها فارس وقال : ياسمين عن جد انت مصدقة شو بحكي ؟
  • فقالت: آه يا فارس مصدقتك .. ما انا قلت لك من اللحظة الاولى اني انا قدرك .
  • فقال : ياسمين مين انت ؟
  • فقالت : ما تسال راح تعرف لحالك مين بكون ...

وفي هذه الاثناء مرت السيارة من امام حاجز للشرطة كان بجانب الشارع السريع بين تل ابيب وبئر السبع واشار الشرطي الى سيارة فارس بالتوقف لتجاوزه السرعة...استجاب فارس للنداء وتوقف بجانب الطريق واقترب من النافذة شرطي وطلب من فارس اوراقه الخاصة "الرخصة والتامين ورخصة السيارة " وهّم فارس في اعطاء الاوراق الى الشرطي ..وفي تلك الاثناء طلبت منه ياسمين ان لا يستجيب لطلب الشرطي وان يسير بسرعة ...سار فارس وهو لا يأبه بعواقب ما فعل مع الشرطة ...واخذت ياسمين تضحك ولكن ما هي الا لحظات حتى كانت عدة سيارات شرطة تطارد سيارة فارس وتنادي عليه بان يتوقف على يمين الطريق ...
وجد فارس نفسه في ورطة كبيرة وتوقف رغم ان ياسمين طلبت منه ان لا يهتم بهم .. ونعتها بالجنون وقال لها :انت مجنونة فعلا ..مجنونة وبدك تقتلينا .
احاطت الشرطة بالسيارة بعد ان توقفت واقترب الضابط منها وعلى وجهه علامات الغضب ...وما ان اقترب حتى بادرته ياسمين قائلة : ماذا تريد؟

بدت علامات الذهول على وجه الشرطي وقال :لا شيء ...لا شيء ..!

فقالت له :اذن ابتعد من هنا !!

ابتعد الشرطي وصعد الى السيارة العسكرية دون ان يكلم احدا ...ويبدو ان احد افراد الشرطة اصابه الفضول فاقترب من السيارة هو الاخر ...ولكن ما ان راى ياسمين حتى ابتعد هو الآخر مسرعا وكأن كل منهما قد راى "رئيس دولة" او شيئا مهما او شيئا غريبا ...وبسرعة ادار فارس راسه باتجاه ياسمين وراها تحمل بيدها "جمجمة " وراى شعاعا احمر باهتا سرعان ما اختفى ، فحرك فارس عينيه من تاثير الشعاع واخذ يفحص بعينيه من اين مصدره ، وهو متاكد من انه رآه ينبعث من تحت النقاب الاسود ...اكمل فارس سيره مذهولا وهو يفكر بما حدث ، وهل ان منظر النقاب هو ما اخاف الشرطة ؟ ام ان الجمجمة ؟ ام ان هناك شيئا اخر ؟ لم يخف على المرأة ذات النقاب خوف وذهول فارس فقد كان ذلك باديا على وجهه وعلى حركات يديه وعلى اشعاله السيجارة تلو الاخرى بنهم .
  • قالت له : شو فيّ يا فارس ..فّي اشي ؟
  • فقال: اللي صار مع الشرطة غريب..؟
  • فقالت : وما هو الغريب في الامر ان تسال الشرطي ماذا يريد ...فيقولون لك لا شيء ..هذا يحدث مئة مرة في اليوم ولكن انت مرهق وانا السبب في ذلك ...اسفة ، اسفة يا حبيبي ما كان يجب ان اجعلك تقود هذه المسافة الطويلة ...

وصلت السيارة مدينة بئر السبع وهناك طلبت منه السير في طريق جانبية ، سار بها فارس اكثر من ساعة ليدب الرعب في قلبه ويزداد الخوف اكثر واكثر كلما اوغل في الطريق وكان هذا الطريق في عزلة عن العالم فلا شيء امامه او على جنبات السيارة سوى الصحراء المظلمة والكتلة السوداء التي تجلس بجانبه واصوات عواء الذئاب يملأ المكان وتزيده رهبة ...تنهدت المراة الغامضة

وقالت : اوقف السيارة ..ها قد وصلنا .

اوقف فارس السيارة وهو لا يرى شيئا يدل على عنوان .

  • فقال فارس وعلامات الذهول بادية على وجهه :الى اين اني لا ارى سوى الصحراء المظلمة؟ الى اين هل تمزحين ؟
  • قالت : كلا انا لا امزح سنسير على الاقدام وبعد دقائق سنصل ...
  • قال : على الاقدام هل انت مجنونة ؟
  • قالت : هل انت خائف ؟
  • قال : نعم انا خائف ، وهل يوجد عاقل يوافق على السير في هذه الاماكن ولو عدة امتار ؟
  • قالت : لا مكان للحب والخوف معا اما ان يقضي الحب على الخوف واما العكس فان اردت ان ازيل الخمار لتراني فتعال معي ، واعدك بانك ستسعد طوال حياتك .
  • قال : وما ادراني ماذا سيكون تحت هذا الخمار ؟
  • قالت : تعال وستعرف بنفسك ...!!

وسارت تشق طريقها في الظلام وفي عتمة الصحراء ، وكلما سارت خطوة شعر فارس بان روحه تبتعد عن جسده ...واختفت ياسمين المرأة الغامضة
وفي وسط تردده وخوفه من ان يلحق بها او لا يلحق ، بدأ يسمع عواء ذئاب آت من بعيد، تعالى صوت العواء اكثر واكثر ، ازداد صوت العواء وتكاثر واخذ الصوت يقترب ...ادار فارس محرك السيارة ليهرب من المكان بسرعة لشعور بالخطر الذي يترقبه ...وصوت الذئاب يحيط به من كل جانب ...
ابت السيارة ان تتحرك..وحاول مرة اخرى ولكن دون جدوى فمحرك السيارة لا يعمل وكأن خللا قد حل بها ، وبحركة لاشعورية وسريعة اغلق فارس نوافذ السيارة واحكم اغلاق الابواب واخذ يترقب وصول الذئاب اليه وهو يتساءل : هل تستطيع الذئاب كسر الزجاج والدخول الى السيارة ؟ وهل سأتحول الى وجبة عشاء لذيذة للذئاب ؟!!وماذا سأفعل ؟؟ وكيف سأتصدى لها ؟؟ كم يبلغ عددها ؟؟ لا بد انها عشرات الذئاب
الصوت يدل على ذلك ...الصوت قريب جدا وعلى بعد مترين او ثلاثة امتار على الاكثر ...ولكن لماذا لم تقترب من السيارة...؟ لا بد انها تعلم بانه من الصعب اقتحام السيارة فهي ستنتظر خروجي من السيارة لأصبح لها هدفا سهلا ...يا لغباء الذئاب ...هل تتوقع ان اخرج من السيارة واقدم نفسي لها بهذه السهولة
واخذ فارس يلتفت تارة الى الخلف وتارة الى الامام ...شمالا ويمينا ليرى ان كانت الذئاب قد هجمت ...وفي وسط هذا الخوف الرهيب من الموت الشنيع الذي يحيط به من كل جانب تذكر (ياسمين الغامضة ) وتمتم وقال :لعنه الله على ............."الله يسامحك يا ياسمين على ما فعلت" .
فرك فارس عينيه واخذ يحملق في الافق لتعود الطمأنينةالى قلبه بعد ان راى خيوط النور تشق طريقها وسط الظلام معلنة عن بدء شروق الشمس وعن الفرج القريب لخلاص فارس من "الموت "ومع انتشار النور تلاشى صوت الذئاب التي لم يرها .. نظر فارس حوله ليرى نفسه وسط صحراء جرداء قاحلة ...وعلى مدى نظره لا يرى أي اثر يدل على وجود حياة او بشر ...ازداد فضول فارس حول المكان الذي ذهبت اليه ياسمين
فتح باب السيارة واخذ يسير في نفس الاتجاه الذي سارت فيه ياسمين ، وبدأ يحدث نفسه ويقول :لا بد انها قريبة من هنا ، فهي قالت ان المكان الذي سنذهب اليه على بعد عدة دقائق فقط.. نظر فارس حوله بكل الاتجاهات وايقن انه لو سار عدة ساعات فلن يصل الى أي مكان ...فنظر الى الارض وراى اثار خطواته على الرمال ، فاخذ يبحث عن أي اثر لخطوات ياسمين الغامضة ولكنه لم ير أي اثر ، فقرر ان يعود الى السيارة ليصلحها ويعود ادراجه الى الناصرة بعد ان يأس من وجود أي امل يدله على ياسمين ذات الخمار
وفي طريقه الى السيارة لمح عن بعد شيئا يثير الانتباه في وسط الرمال فسار نحوه لدقائق وما ان وصله واقترب حتى دبت القشعريرة في جسمه فقد راى قبرا قديما يدل شكله على انه موجود منذ مئات السنوات وكان لون حجارته عبارة عن مزيج من الاسود والبني ولون الغبار المتراكم عليه ...
فتساءل فارس بينه وبين نفسه : يا ترى ما هي حكاية هذا القبر؟؟ ولمن هو ؟ لماذا هو في هذا المكان بالذات ؟..لا بد ان من بناه احتاج الى وقت طويل ..حتى يبنيه بهذه الطريقة البارعة ؟...ولكن لماذا ؟.. وبدأت عشرات الاسئلة تدور في ذهن فارس ولكن دون اجوبة ...وبالرغم من الخوف الذي كان يراوده الا انه وضع يده على القبر ليتحسسه ، ورفع يده التي التصق الغبار بها ، وشعر فارس ان على القبر كتابة معينة فاخذ يزيل الغبار عن القبر لعله يستطيع قراءة الكلمات المكتوبة ، فدبت بجسمه قشعريرة الموت والخوف...حينما قرأ
.. افتح القبر لا مكان للحب والشك معا .. اما ان يقضي الحب على الشك واما ان يقضي الشك على الحب ( افتح القبر وسترى ما يسعدك ) وما ان قرأ فارس الكلمات المكتوبة على القبر حتى اخذ يهرول مسرعا الى السيارة وهو يتمتم : يا الهي...ماذا يوجد داخل هذا القبر ومن هو الشخص الذي دفن فيه ..ومن يكون صاحبه ؟!
فتح فارس بوابة السيارة وادار المفتاح وتحرك بسرعة وهو ما زال يتمتم : ياالهي من يكون صاحب القبر ...من يكون ؟ وتذكر فارس ان السيارة التي كانت معطلة بالامس اشتغلت الان ...واخذت السيارة تشق طريقها بسرعة جنونية الى الناصرة
هدأ روع فارس فابطء السرعة واخذ يكلم نفسه بصوت مسموع : لن ادع هذه المراة تلعب في حياتي ..انا لم ارها ولم اسمع سوى صوتها ولا ادري من تكون ...لماذا اوهمت نفسي باني احبها ولماذا اتركها تتلاعب في مصيري ...اقسم بالله وبكل شيء عزيز باني لا اريدها ولهذا لن افكر فيها حتى لو جاءت ولتكن من تكون ، فهي لا شيء ...لا شيء ..ولن ادع خيالي يصنع منها شيئا.
عادت الثقة لنفس فارس وعاد الى حياته الطبيعية ليمارس العمل والنجاح بعيدا عن الاوهام وبالرغم من نجاح فارس في قدرته على طرد(ياسمين المرأة ذات الخمار) من عقله وافكاره ، الا انه ادرك ان الحياة لم تعد مثل السابق وانه غير قادر على الخلاص من شعور الآسى والحزن لفقدانه شيئا مهما في حياته
وأخذ يحدث نفسه قائلا: يا رب ...ما الذي يربطني بهذه المرأة الغريبة ؟ هل هو الحب ؟ فانا لا اؤمن بالحب... ولن اؤمن به ...وان كان هناك حب فلماذا لم اعرفه من قبل...؟ لماذا هي ؟ فانا اعرف عشرات الفتيات الجميلات ، لماذا هي وانا لم ارها ولا اعرف ما هو شكلها ؟ سوداء ، بيضاء ، شقراء ، قبيحة او جميلة ...
لماذا اربط نفسي بامرأة الخمار والقبور والجماجم والذئاب والصحراء، والخوف والجنون ..؟ لماذا؟ وما الذي يجبرني على ذلك ، اي حب هذا ، لا بد انه الفضول ، ولكن منذ اللحظة الاولى اشعر بهذا الشعور ...يا الهي هل هو الحب؟! هل الحب مجنون لهذه الدرجة ، ام انها لعنة علقت بها لتدمر حياتي ، كلا لن ادعها ...لن افكر فيها ...كفاني جنونا وغباءا وضعفا ...كفى ! سار فارس في شوارع الناصرة ، مرة يشعر بالفرح والثقة لخلاصه منها وتارة يشعر بالحزن والاحباط لفقدانه اياها ...
وفجاة لمح فارس في اخر الشارع عن بعد امرأة ترتدي السواد والخمار وتسير في الشارع مبتعدة ...خفق قلب فارس بقوة ولم يتمالك نفسه فاخذ يسير خلفها بسرعة ليلحق بها وكأن هناك قوة تسيره نحوها دون ارادته...اقترب فارس ولم تعد تفصله عنها سوى عشرة امتار او اقل ، ودخلت ذات الخمار الى احد المحلات التجارية في الشارع ووقف فارس ينتظر خروجها ..
وبنفس اللحظة كانت هناك يد تربت على كتفه وبصوت جميل هادىء يقول له :اثقل يا مجنون ...
فتلفت فارس الى الخلف نحو مصدر الصوت فرأى (ياسمين ذات الخمار الاسود ) واقفة تضحك .
  • فقال فارس :ياسمين حبيبتي ، اين كنت ؟ اين اختفيت ...؟ اين ذهبت ..؟ لماذا لم تأت ...؟ انا احبك ولا حياة لي بدونك ...لا استطيع ان احيا بدون سماع صوتك او ان أراك ...مع انني لا ارى سوى الخمار ...ارجوك ارحميني .
  • قالت ياسمين ذات الخمار : فارس لماذا تسير خلف هذه المرأة ... من اين تعرفها ، وماذا تريد منها؟..انت كاذب انت لا تحبني ...وان كنت تحبني فلماذا تسير خلف امرأة اخرى...
  • قال فارس : ياسمين ، حبيبتي اعتقدت انها انت ، خاصة وانها تشبهك في الاسود والخمار.
  • قالت ياسمين : لا يا حبيبي ، انا احلى منها بكثير ، وشو جاب لجاب ، انا يا حبيبي ما في واحدة احلى مني.
  • قال فارس : ياسمين بدك تجننيني ، هو انا شايفك ولأ شايفها ، هو في حد بقدر يشوف من تحت هالعبايه والخمار ...فانا يا دوب سامع صوتك ...كيف بدي اعرف ان كنت احلى منها واللى هي احلى منك ...يالله ان كنت واثقة من جمالك ارفعي الخمار علشان اشوفك . -

ضحكت ياسمين وقالت : انا موافقة على رفع الخمار ، وهلأ بتشوف اني احلى من كل بنات الناصرة ...واحلى من البنت اللي انت لاحقها كمان ...بس بشرط اول بتنادي عليها وبتخليها ترفع الخمار وبتشوفها، تفضل ادخل المحل وراها وشوفها ...
  • قال فارس : شو القصة بهذه البساطة ...بدك ادخل واقول لواحدة متدينة بالله ارفعي الخمار ، علشان اشوف وجهك ...شو المناسبة ...ولأ بدك اتبهدل ؟
  • فقالت ياسمين : شو هي احسن مني ، شو بتفكرني ...ولأ بس بدك ...
  • فقال :حبيبتي انا بحبك ومن حقي اشوفك وأما هي ما بتهمني ، ليش اشوفها .
  • فقالت : لقد قلت لك اني جميلة جدا ...والله العظيم انا حلوة كثير ..بدك اوصفلك نفسي ...انا شعري طويل وناعم ، وعيوني وساع ، وبشرتي ...

قاطعها فارس وقال :ياسمين انا ما بيهمني ان كنت جميلة ولا لأ ، وعلى فكرة ما فّي واحدة بتقول عن حالها مش حلوة.
  • فقالت : انا حلوة، صدقني وما تستعجل الامور ، وستفخر بي فانا عندما رايتك لاول مرة قررت ان اختار نفسي زوجة لك ..."ولأ انت مش واثق بذوقي ".
  • ضحك فارس بصوت عال وقال ساخرا : انت اخترت نفسك زوجة لي ، جميل انا موافق ...هيا بنا اذن نتزوج...
  • فقالت : لكن يجب ان تصبر بضعة اسابيع حتى انهي بعض المشاكل العائلية ومن ثم نتزوج فورا ان وافق اهلي او لم يوافقوا ولكن الاهم من ذلك يجب ان اتاكد بانك تحبني فعلا ...والان هيا تعال اوصلني ...
  • فقال فارس ساخرا : والى اين هذه المرة تريدين ان اوصلك ...الى صحراء سيناء ام الى جنوب لبنان ؟
  • فقالت ياسمين بنبرة حزينة : اسفة ...انا اسفة اللي طلبت منك توصلني. وسارت مسرعة واختفت وسط الزحام وفارس خلفها يناديها ولكنه لم يستطع اللحاق بها ...

عاد فارس سائرا الى سيارته وهو حزين وخائف من ان تكون ياسمين قد غضبت وان لا تعود من جديد ...جلس فارس في سيارته وهو لا يدري ماذا يفعل وفي لحظة رأى ياسمين ذات الخمار تقترب من السيارة -
وتقول له : انا اسفة اللي دخلت في حياتك ...خلص هذه اخر مرة بتشوفني فيها .
وهمت ياسمين بالذهاب لولا ان فارس امسك بها واصر على ان تركب السيارة، وقال لها : حبيبتي انا بمزح معك لا اكثر ، والله لو طلبت مني اوصلك الى اخر نقطة في العالم لفعلت ، فلا تكوني مزاجية لهذه الدرجة ...والان اين تريدين ان اوصلك ؟
فهزت المرأة الغامضة راسها وقالت :اوصلني الى طبريا .
فتحرك فارس باتجاه طبريا وقال لها : ياسمين ما حكاية تحركك من مكان الى اخر وفي اوقات مختلفة وما حكاية القبور والجماجم؟
  • فقالت غاضبة : اية قبور ...وما دخلي انا بالقبور ، وعن اية جماجم تتكلم ، اين هي الجماجم ؟

فمد فارس يده الى جيب السيارة وفتحه واخرج منه الجمجمة الصغيرة وقال :...
انا اتحدث عن هذه الجمجمة وعن الجمجمة الاخرى التي تحملينها بيدك واقصد بالقبور القبر الذي ذهبت اليه في الصحراء ...ام تراك نسيتي؟
  • قالت ياسمين : انت مجنون أي قبر في الصحراء ...؟ انا لم اذهب الى أي قبر ...شو انت بتفكرني ...الم اطلب منك ان تاتي معي لترى اين اسكن ولكنك خفت وتركتني اسير لوحدي ...وهذه ليست جمجمة ...انظر اليها ، انها ليست جمجمة انها مجرد حجر يجلب الحظ.
  • فقال فارس: كلا يا حبيبتي انها جمجمة صغيرة ، اما ان تكون لطفل صغير حديث الولادة او لشيء اخر لا ادري ما هو ...
  • فقالت : ان كنت مصرا على انها جمجمة فليكن ذلك ...انها تجلب الحظ ...انظر اليها اليست جميلة؟ لماذا انت خائف ؟ هل تخاف من حجر او كما تقول من جمجمة ؟ دعها معك وستجلب لك الحظ السعيد صدقني يا فارس..



التعليقات (7)
جولينا ابراهيم قزاز
جولينا ابراهيم قزاز
تكلمة الجزء الاول
#################
فارس يا ابن الدهري
ملعون القلب اللي حبك
وملعونة انا ان رحمتك
لازم تعرف قذارة اصلك
روح اسأل امك كيف حملت فيك
واسالها مين ابوك
وفي أي بلاد اختك واخوك
وذكرها بربيحة الملعونة
ليش اختفت بليلة قمر
وقلها انو القدر ما منو مفر
ولعنة جورجيت حتطارد كل ذكر
وعلشان تصدق شو بقول .. افتح الصندوق اللي طلعته من قبر ربيحة بايديك وشوف شو فيه ...
واسرع فارس الى الصندوق ليفتحه ويرى ما بداخله وقلبه يدق وفكره يقول ان اللعبة ابتدات حيث انتهت ... فتح فارس الصندوق وذهل مما راى .. فقد وجد بداخل الصندوق حقيبة جلدية داخلها قطعة من قماش ملفوفة بعناية .... فتح فارس قطعة القماش ليجد فيها قطع ذهبية ومجوهرات من اساور وسناسيل واحجار كريمة تدل على ان صاحبها على درجة عالية من الثراء ، كما وجد مجموعة من الاوراق والصور القديمة ... نظر فارس نظرة فاحصة وسريعة الى الصور ليذهل مما رأى .. !!
كانت تجمع مجموعة من الشباب والفتيات وعجوز وعجوزة ... وبشكل بديهي تبين ان الصورة جمعت في محتواها عائلة مكونة من اب وام وابناء ، وصعق فارس .. ليس من الصورة وحدها ولا المجوهرات والاحجار الكريمة وقيمتها .. انما من وجود احد الاشخاص الظاهرين في الصورة ... وهو فارس نفسه بطوله وعرضه ووجهه وعيونه وشعره وانفه حتى الندبة الظاهرة في ذقنه واضحة في الصورة وجميع الظاهرين في الصورة فيهم تشابه واضح وكبير يرى لاي ناظر بانه تشابه عائلي ، تمعن فارس بالصورة مرة ومرات وهو بحالة ذهول يتسائل عن كيفية وجوده ضمن الصورة التي تم تصويرها قبل عشرات السنين !!!
كان فارس للوهلة الاولى سيشك بنفسه بانه قد تصورها مع هذه العائلة قبل سنوات ونسي ذلك مع الايام لولا ان الملابس التي يرتديها في الصورة كانت لأجيال سابقة ولا يمكن ان يكون قد ارتداها يوما ما .. تساءل بينه وبين نفسه ان هذه التشابه الكبير لا يمكن ان يكون الا لاخ توأم !! ولكن قدم الصورة والملابس وعمر فارس الحالي وعمره في الصورة يجعل الفكرة غير معقولة ...
حار فارس وتساءل : لمن هذه الصورة ...؟!! لست انا وليس توأمي ؟!! ليست صورتي ولكن انا من في الصورة ؟!! لست انا !! ولكن انا هو !! ايعقل ان يخلق الله تشابها الى هذا الحد .. وصرخ فارس باعلى صوته بعد ان غلبته الحيرة : ... من انا ؟؟؟ من الذي في الصورة !!؟؟ ملتفتا الى حيث سقطت ياسمين بعد ان صفعها .. ولكن اين ياسمين...!
استدار وبحث عنها حوله اختفت ياسمين ولم يعد لها اثر وكأن الارض انشقت وابتلعتها او انها قد استغلت انشغال فارس بمحتويات الصندوق وذهبت لتتركه في حيرته .. كلمات ياسمين الاخيرة اخذت تدور في رأس فارس وترن بأذنيه بشكل متلاحق ..
روح اسال امك كيف حملت فيك ؟ روح اسال امك كيف حملت فيك ؟ واسألها مين ابوك وفي أي بلاد اختك واخوك ؟
ركض فارس باتجاه السيارة وفتح الباب وجلس خلف المقود وانطلق وهو يتمنى لو ان السيارة تطير وتوصله سريعا الى امه لعله يجد عندها بعض التفسيرات.. اخذ فارس يشق طريقه بسرعة وكأنه يسابق الوقت او يهرب من كلمات ياسمين ليطرد من مخيلته أي فكرة تقوده للشك بوالدته التي هي اغلى واعز الناس على قلبه .. ولكن هيهات ان ينجح في ايجاد فكرة معقولة ومقبولة تبعد امه عن هذه القصة الغريبة .. اقترب فارس بعد وقت من البيت وما زالت تدور في داخله خواطر مجنونة يجيب عليها ويسألها ويرفضها ويؤكد وينفي ..
اوقف فارس السيارة بجانب البيت وحمل الصندوق ودخل مسرعا الى البيت ، اسرع الى غرفته ووضع الصندوق الذي بيده على سريره وخرج يبحث عن والدته في ارجاء البيت ولكن لا اثر لها ... غيابها زاد من قلقه واشعل النار بداخله .. النار التي لن يطفئها غير أمه بجوابها ..!!؟اسئلة تحاصر مخيلة فارس عن سر غيابها عن البيت !!! لا بد انها ذهبت الى السوق او ربما عند الجيران.. ربما.. وربما
جلس فارس واستسلم لأمر واحد فليس بيده ما يعمله سوى ان ينتظرها الى ان تعود .. مرت دقائق كانها سنوات لم يستطع خلالها الصبر فقفز مسرعا الى الجيران لعله يجدها هناك ولكن حظه لم يسعفه اذ انها لم تكن هناك واقنع نفسه مجددا بالانتظار حتى تعود .. مرت الدقائق ببطء وانتهت الساعة والنصف وفارس يجلس شارد الذهن ينظم ويرتب افكاره .. كيف سيسأل امه وكيف ستكون طريقة الحوار ... ؟
خرخشة مفاتيح تقترب من الباب الرئيسي ترافقها خطوات متلاحقة وصرير الباب سبق دخول امه الى البيت انتفض مسرعا باتجاه الباب لاستقبالها .. كانت الام تحمل في يدها مجموعة من الاكياس المليئة ساعدها فارس وحمل عنها الاكياس وتوجه بها الى المطبخ ، جلس فارس على الكرسي وطلب من امه ان تجلس ليحدثها ... ولكنها قالت له : ان يتكلم على راحته حيث ستقوم هي بترتيب الاغراض ، فقام وساعدها وهو يعلم انها لن تصغي اليه ما دامت تشعر بأن هناك شيئا ليس في مكانه .. وبعد الانتهاء من الترتيب جلست
وقالت :خير شو قصتك .. وشو اللي ذكرك انه ألك ام تعطيها من وقتك ؟
- امسك فارس يدها بكلتا يديه .....وقال : امي حبيبتي.. فهميني انا شاعر انه في سر كبير في حياتك ؛ في قصة ؛ في اشي ؟ احكيلي عنه ؟
- وبنظرة دافئة من عينيها قالت : سر شو يمّا اللي بتحكي عنه...؟
- فرد متلعثما : سر بيتعلق فيّ انا ؟!!
- فقالت : يمّا شو هالكلام مالك انت الله يهديك ؟
- حار فارس اكثر ولم يملك الشجاعة ليتحدث بصراحه ، صمت قليلا ليفكر وبسرعة قال : اسمعت قبل هالمرة بأسم الدهري ؟
لم تجب عن السؤال وبدت على وجهها علامات الاضطراب والقلق والارتباك .. اعاد فارس السؤال مرة اخرى فاجابته متلعثمة : لا ما سمعت في ها الاسم شو فّي ؟ شو القصة ؟ مين هذا وانت شو خصك فيهم ؟ انا ما بعرفهم ولا عمري اسمعت عنهم ، ومين حكالك عنهم ؟ واحنا شو خصنا فيهم وليش بتسأل عن ناس ما بنعرفهم ؟!! بلاش كلام فاضي وبكفي اني متحمليتك ومتحملة عمايلك يوم بتناملي في الدار وعشرة ما حدا بعرف الك طريق بكفي لهان بكفيك انا مش راح اظل ساكته ..
بقي فارس صامتا وقد اتكأ على الطاولة منتظرا ان تفرغ امه من كلامها .. وما ان انهت كلامها حتى قال لها فارس بهدوء : انت ليش معصبة يمّا .. انا بس سألتك ان كنت اسمعتي قبل هالمرة في اسم الدهري انا ما حكيت اشي .. شو القصة يمّا شو فيّ ..
ردت امه غاضبة : ارجعنا لنفس الموضوع انا قلتلك ما في اشي وما بعرفهم واذا بتحكي كمان مرة في هالموضوع ما راح احكي معك طول عمري ...
وبحركة لا شعورية مد فارس يده الى جيبه واخرج الصورة والقاها على الطاولة امام والدته دون ان يتكلم بكلمة واحدة .. امسكت امه بالصورة ويداها ترتجفان وقد اصفر وجهها واغرورقت عيناها بالدموع ..
اشفق فارس على حالها فهي اغلى الناس على قلبه ولا تستحق ان تذرف دمعة واحدة من عينيها فانتقل الى جانبها وضمها اليه وقال : شو القصة يمّا ؟ احكيلي من شأن الله احكي وريحيني.
وزاد بكاء ام فارس واخذت تقول : ما بدي تضيع مني .. انا خايفة عليك ، خايفة عليك يمّا
- هدأ فارس من روعها وقال : لا تخافي يمّا لا تخافي.
- فقالت باكية : كيف ما اخاف كيف ..؟ انا شو عملت يا ربي تيصير فّي كل هذا يا ريتني مت وارتحت .
- فقال فارس : بعيد الشر .. لا تخافي واحكي شو الموضوع ؟
- ردت غاضبة : شو احكيلك هو في اشي بينحكى انت من وين جبت هالصورة ومين اللّي اعطاك اياها.
- فقال : مش مهم مين اعطاني اياها المهم شو قصتها...؟
- فقالت : لا هلأ بدك تقول لي مين اعطاك اياها ومن وين جبتها ؟
- فقال : طيب اذا مهم عندك انك تعرفي راح اقولك اعطتني اياهم وحدة حلوة زي القمر
- اخذت ام فارس تلطم على وجهها وتبكي وتصرخ وتقول: يا خراب بيتي .. يا ويلي عليك يمّا هي لحقتك لهون وين بدي اهرب فيك وين بدي اخبيك وبتقول يما حلوة مثل القمر..؟! ضعت مني يا فارس وانت قدامي والله قلبي كان حاسس راح ييجي اليوم الّلي يوخذنك مني.
عبثا حاول فارس ان يهديء من روعها حتى انه شعر بندم كبير لتهوره بفتح هذا الموضوع معها وادخلها في هذه المتاهة ونبش لها ماضيا كان واضحا انه انتهى بالنسبة لها ولكن حدث ما حدث ولم يكن امام فارس فرصة للتراجع ، ويجب ان يفهم ما حدث وما يحدث لعله يجد مخرجا وخاصة ان شعوره قد تأكد بأن الذي يواجهه لم يعد مجرد لعبة او تسلية .. ومغامرة ... وان خلف ياسمين ام الجماجم قصة حقيقية عمل فارس كل جهده ليهدىء من روع وخوف امه..
ضحك ومزح وابتسم واظهر لها انه لا يوجد هناك ما يستحق ، ولكن كان من العبث ان يعيد الاطمئنان الى قلب امه بعد ان فجر بداخلها خوف المستقبل وألم الماضي معا ..
وبلهجة صارمة قال فارس : اسمعي يمّا ما بصير الا اللّي الله كاتبه والبكا مش راح يفيد .. انا بعرف في القصة واذا انت بدك تساعديني بلاش تظلي تبكي وتندبي حظك احكيلي عن القصة .
- قالت امه : يمّا القصة طويلة وشو بدي احكيلك تحكيلك !!
- قال : احكي يمّا انا بدي اسمع وبدي افهم احكي لي مين اللي في الصورة ومين عيلة الدهري .
- قالت : اللي في الصورة يمّا ابوك واعمامك وعماتك وجدتك وجدك وهذه الصورة قبل ما انت تخلق على الدنيا بكثير وهي يمّا عيلة الدهري الي بتسأل انت عنهم .
- فقال : يعني المرحوم ابوي اللي رباني مش ابوي .
- فقالت : لا يمّا ابوك الحقيقي من عيلة الدهري واللي رباك الله يرحمه مش ابوك .
- فقال : كيف يمّا .. كيف اشرحي لي ... كيف وانا عايش اكثر من ثلاثين سنة ولا عمري حسيت انو ابوي وعمامي وكل هالعيلة انهم مش عيلتي الاصلية
- فقالت : ما حدا يمّا بعرف انك ابن الدهري وكلهم بفكروا انك منهم وابنهم .
- فقال : شو افهم من هالحكي انو المرحوم كمان ما بعرف اني مش ابنو..!؟
- فقالت : لا يمّا لا تفكر غلط المرحوم رباك وهو بعرف انك مش ابنوا .. هو الوحيد اللي بعرف قصتك .. المرحوم اتجوزني لما كان مسافر ولما رجع وجابني معه قال لهم انك ابنو
- فقال فارس : وابن الدهري اللي هو ابوي .. كيف يمّا..؟
- فقالت : لا يمّا لا تفكر غلط كان جوزي على سنة الله ورسوله ..
وبدا الارتياح على وجه فارس وكانه منذ البداية كان يريد ان يحصل على هذه الاجابة بانه ابن شرعي ولم يأت بطريقة اخرى .
- وقال : طيب شو قصة اللعنة اللي بتطارد هالعيلة "عيلة الدهري والشامي" ومين هاي "جورجيت"
وما ان سمعت ام فارس بأسم جورجيت حتى تغير لونها واخذت تردد : باسم الله.. بسم الله.. الله يحفظنا الله يحفظنا لا تحكي اسمها يمّا وصمتت قليلا وقالت جورجيت يمّا احلى بنات الشام لا احلى بنات الدنيا كلها ظلموها ودفنوها وهي حبلى جوى قبر وهي .. وهي .. وتلعثمت ام فارس واخذت تستعيذ بالله .. وفارس يلح عليها ان تكمل حديثها ويصر على ذلك .. وتجيبه : يمه والله انا ماني متذكرة .. هاي قصة صارت زمان قبل ما انخلق على وجه الدنيا .. وما صارت على جيلي وسمعت فيها ، وكانوا يحكو ...
- فقال فارس : احكي يمّه القصة اللي انتِ بتعرفيها .. احكيلي قصة جورجيت ولعنتها ..وكيف تعرفتي على ابوي وتجوزتيه.. احكيلي .
وتحت ضغط فارس والحاحه على والدته وفشلها بالتهرب من الحديث في هذا الموضوع .. الا انها رضخت لطلبه واخذت تروي قصتها منذ البداية , وقالت : حينما تعرفت على ابوك "منير الدهري" كان يعمل في التجارة ويتنقل بين المدن وكان كريماً الى ابعد الحدود .. ربطته بوالدي علاقة وثيقة بحكم عملهم في نفس المجال .. تقدم ابوك وطلب يدي من والدي وكان عمري وقتها 17 عاما ... وافق والدي على زواجي منه ولم يكن بحاجة للأخذ برأيي وانا لم استطع ان اعارض .. تزوجت والدك وانتقلت للسكن معه في "الشام"...
وفر لي كل سبل العيش والراحة وكان لطيفاً معي الى ابعد الحدود بل انه كان زوجاً مثالياً .. كان يرفض دائماً ان يعرفني على عائلته "عائلة الدهري" بحجة ان هناك خلافات قائمة بينهما وكنت اعلم بأن ما يقوله غير صحيح وكان هو يعرف ان كلامه غير مقنع لي ولكن لم يكن امامي ما افعله سوى ان ارضى بالامر الواقع وابقى في عزلتي التي وضعوني بها .
سارت الامور طبيعية حتى جاء ذلك اليوم الذي انتظرت فيه عودته الى البيت لأبشره بأنني حامل وانه سيرزق بطفل... لكن الخبر وقع عليه كأنه مصيبة فبدلاً من ان يفرح .. حزن حزناً شديداً.. ومنذ تلك اللحظة تحولت حياتنا الى قلق وتعاسة ولم اكن افهم وقتها لماذا كل هذا واكثر ما كان يحزنني انه كان دائماً يردد : مصيبة اذا جبتِ ولد .. واخذ الغموض الذي يحيط بوالدك يزداد يوماً بعد يوم وهذا الغموض حول حياتي الى جحيم وقررت وقتها ان اتمرد على والدك واخرج من سجني وعزلتي ..
سألت عن عائلة ابوك وتوجهت اليهم وعرفتهم بنفسي وبأني زوجة ابنهم وعلمت وقتها بأن والدك كان متزوجاً من امرأة اخرى وقد انجب منها " طفلة " وبعدها جن جنون ابوك وبدأ يعاملني اسوأ معاملة .. نقلني للعيش وسط عائلة الدهري .. اثرى عائلات الشام في ذلك الوقت .. وبالرغم من انني زوجة ابنهم الا ان الغموض كان يحيط بكل تصرفاتهم فهم لا يثقون بأحد ولا يحبون احداً .. لست انا لوحدي وايضاً زوجة والدك وكذلك زوجات اعمامك وحتى عماتك لم يكونوا يعاملوهن معاملة حسنة .. فجدك كان مستبداً وقاسيا بشكل كبير وكذلك والدك ... وبعد ذلك قام بتطليقي واراد ان اعود الى اهلي ... ولكن جدك رفض ان يسمح لي بالرحيل وقد خيرني .. ان اردت العودة الى اهلي ان اعود لوحدي .. واتركك .. او ان ابقى وسط العائلة واقوم بتربيتك .. فلم يكن امامي الا ان ابقى معك ..
وجدك هو الذي سماك " فارس " وقد كان يحبك كثيراً .. وكان جدك كبير العائلة ... واعمامك كانوا يتعاملون مع الجميع بإحتقار وكان الناس يخافون منهم ولا يحبواهم ولم يكونوا يسمحوا لنا بالاختلاط بأي شخص غريب من خارج العائلة ... وحينما انجبتك وعلم والدك بأني وضعت " ذكرا " اخذ يشتمني ويلعنني .. ولم تكن عائلة الدهري صغيرة وبالرغم من كبرها الا انها كانت متماسكة وكان جدك يتحكم بالصغيرة والكبيرة من شؤون العائلة ... لم يكن اي من اعمامك او اعمام ابوك يستطيع القيام بشيء دون اذن من جدك .. وكون جدك احبك فهذا يعني انك تميزت وسط هذه العائلة .. وللحقيقة بالرغم من قسوة جدك الا انه كان يعاملنا معاملة خاصة مقارنة بباقي نساء عائلة الدهري ، الا انه كان يغضب لو اني قمت بالسؤال عن اي شيء من الامور الغريبة اللي كانوا يقيمونها في الليل بسرية تامة .. والخوف الدائم الذي يعيشون به .
مرت اشهر واصبح عمرك يقارب السنة وانا لا افهم ماذا يحدث حتى اختفى احد اعمامك ولميعد الى البيت ، فخيم على العائلة جو من الحزن والقلق واكثرهم حزناً على غيابه كانت عمتك " ربيحة " التي ربطتني بها علاقة مميزة وقوية .. كنت اهدىء من روعها واخفف من حزنها واحاول ان اطمأنها بأنه سيعود بمشيئة الله .. وان الغائب حجته معاه .. ولا داعي للخوف .. فأجابتني وهي تبكي : انت مش عارفة يا ام فارس اشي .. هو في مرة " ابن الدهري " اختفى ورجع .. ولاد الدهري مصيرهم معروف .. الله يحميلك فارس وما يجيه الدور.
اقشعر بدني من كلام عمتك " ربيحة " وضممتك الى صدري وانتابني شعور بالخوف عليك واستحلفتها ان تخبرني بالقصة.
في البداية رفضت ان تخبرني بشيء ولكنها زادت من فضولي وخوفي .. بقولها .. بقتلوني لو حكيت.. انتِ ما بتعرفيهم .. والله بقتلوني وما برحموني .. لأنهم ما بعرفو الله وقلوبهم ما فيها رحمة.
وخوفي عليك يا فارس ..جعلني الح واتحايل عليها بكل الطرق وليتني لم افعل ذلك ..
- بدأت ربيحة تروي لي القصة التي تقشعر لها الابدان قصة "جورجيت" التي اقسمت ...
على ان تنتقم من كل " ذكر " يحمل دم عائلة الدهري ..
وروت لي كيف ان ابناء عائلة الدهري يختفون الواحد تلو الآخر منذ عشرات السنين .. وكيف ان ستة من اعمامها .. منذ كانت صغيرة .. اختفوا الواحد تلو الآخر وان هذا ثالث اخ يختفي ولا يعود وانهم قد وجدوا واحداً منهم بالصدفة داخل احد القبور ... وكل الجهود التي بذلوها وبالرغم من استعانتهم بعشرات الشيوخ والسحرة من مختلف البلدان لم يستطيعوا ان يمنعوا جورجيت من الانتقام ومطاردتهم في كل مكان..
وروت لي كيف انها رأت وهي صغيرة جدك واعمامها يقتلون زوجة عمها ويدفنونها عقاباً لأنها اخبرت شخصا بهذا الموضوع الذي يعتبرونه سراً ممنوع البوح به على اعتبار انه يشكل " اهانة كبيرة " لعائلة الدهري وخاصة ان عدوها مجرد " امرأة ".
وبعد سماعي لما روته ربيحة انتابني خوف شديد عليك وعلى نفسي من جورجيت ومن هذه العائلة واقسمت لعمتك ربيحة ان لا اخبر احداً بما عرفت وان لا اتصرف بأية طريقة تشير بأني عرفت شيئاً وفعلاً هكذا تصرفت .. ومرت الايام واصبح عمرك سنة بالتمام .. وفي يوم عيد ميلادك الاول وانا في البيت دخلت بيتي امرأة ترتدي الخمار وكلمتني بإسمي وكأنها تعرفني منذ مدة طويلة .. رفعت الخمار عن وجهها ليهل من خلفه " البدر " بجماله
وقالت : لو انك خلفتي بنت كنت ارتحتي .. بس انتِ خلفتي " دهري جديد " وعيلة الدهري حتنقص ومش حتزيد .. والقدر ما منو مفر .. ولعنة جورجيت حتطارد كل ذكر .. غطت وجهها بالخمار .. ولا اذكر ما حدث .. فقد اغمي عليّ وحينما صحوت كان جدك واعمامك يحيطون بي .
سألني جدك عما حدث .. لم استطع وقتها النطق بكلمة وكان جدك واعمامك ينظرون اليّ بنظرة غريبة تثير الخوف .
تركوني وشأني وذهبوا .. اخذت صحتي تتدهور وتسوء مع الوقت ولم اكن اتكلم مع احد .. حبست نفسي في البيت وكنت ارفض الخروج ... وجاءت بعد ايام زوجة والدك لزيارتي وكانت حامل .. وحينما رأيتها وبطريقة تلقائية ودون تفكير .. قلت : يا ربي تخلفي بنت وما تخلفي ولد .. ولم انتبه لوجود جدك معها ولم اعرف ان كان جدك قد سمعني .. ام لم يسمعني ... فهو لم يعلق على شيء ... الا انه طلب مني ان اخرج من البيت وان لا اعزل نفسي عن العائلة وانني ان لم افعل ذلك فسيغضب ...
خوفي من جدك جعلني افعل ذلك واعود من جديد الى سابق عهدي للاختلاط بالعائلة وبزوجات اعمامك واقاربك من عائلة الدهري ... وزادت مصيبتي اكثر حينما اختفت عمتك " ربيحة " ليجن جنون جدك ويقوم بالتحقيق مع معظم نساء العائلة ان كان هناك من يعرف اين ذهبت ولكن دون جدوى ...
خرج جدك واعمامك ووالدك يبحثون عنها واختفوا عدة ايام ثم عادوا من جديد وكانوا يغضبون لو ان احدنا سأل او نطق بإسم " ربيحة " وشعرت بإن مكروهاً ما قد اصاب عمتك " ربيحة " ودب الخوف بقلبي وعلمت بأن الدور سيأتي عليّ لا محالة وقررت الهرب متى سنحت لي الفرصة .
هربت الى والدي في حلب ورويت له القصة بالكامل .. وكان والدي ينوي السفر الى الاردن لغرض التجارة فأصطحبني معه واقمت معه هناك .وفي الاردن اكتملت مصيبتي حينما توفي والدي بحادث سير في الاردن ومرت اسوأ واصعب ايام حياتي بعدها حتى تعرفت على شاب من فلسطين وتزوجته وقد كانت طبيعة عمله تجعله ينتقل من بلد الى آخر .. سافرت معه الى المغرب ومن ثم الى اليمن وبعدها الى مصر واستمر تنقلنا اربع سنوات .. حتى عدنا الى فلسطين واستقر بنا المطاف في الجليل .. وقد اخبر اهله والجميع بأنك ابنه ولم يكن ليشك احد بذلك فقد احبك اكثر من اي شيء آخر .. حتى بعد ان انجبت اخاك " علاء " كان يحبك انت يا فارس اكثر منه .. ومع مرور السنوات نسيت عائلة الدهري وجورجيت وكل هذه القصة ، حتى انها لم تعد تخطر على بالي منذ سنوات ... وهذه هي قصتي مع عائلة الدهري ، التي طواها الزمن قد فُتحت من جديد ..
- كان فارس يصغي بتأثر شديد لقصة والدته المأساوية وما تحملته من عذاب شديد والم .. وقال لها وهو يمسك بيدها : يمّه يا حبيبتي .. انا آسف اللي ذكرتك ورجّعتِك للماضي .. لو كنت بعرف ما فتحت الموضوع .. سامحيني يمه.- فردت عليه : الذنب مش ذنبك يمّه .. هيك القدر بدو .. والله يستر من الايام الجاية عليك .. وهي بعد ثلاثين سنة الدور اجاك يا فارس .
- فقال فارس: انا فهمت يمّه قصتك وقصة ابوي وعمتي ربيحة .. بس لهلأ .. ما فهمت قصة " جورجيت " ولعنة الانتقام اللي عندها .. وقصة جورجيت اذا كانت على زمن جد جدي .. يعني الها اكثر من " مية سنة " وانا مش فاهم جورجيت طيبة ولا ميتة ؟
- فقالت : يمّه .. يا فارس جورجيت ماتت وما ماتت ، جورجيت بتقدر تكون موجودة من خلال بنتها .
- فقال فارس: مش فاهم يمّه شو بتقصدي ؟
- فقالت : جورجيت يمّه كانت حامل لما دفنوها .. وخلفت بنت " جوا " القبر وبنتها كبرت و... يمّه من شأن الله ما بدي احكي بسيرة جورجيت ..، والله سنين وانا ما بعرف انام وما صدقت وانا انساها .. بترجاك سكّر على الموضوع .
- فقال فارس: انا بعرف انو صعب عليك تحكي في هالموضوع ، بس يمّة لازم نواجه الامور ، مش نهرب منها .. علشان هيك يمّه لازم تتحملي وتفهميني سيرة هالمجنونة جورجيت ..
- فقالت: لا يمّه .. لا ياحبيبي .. لاتحكي هيك ! جورجيت مش مجنونة .. جورجيت مظلومة .. لا تحكي يمّه مثل عيلة الدهري.
- فقال : والله يمّه هالقصة قصة مجانين ، ما الها اول من اخر .. لا انا قادر اصدقها ، ولا انا قادر اكذبها .. بسمع كلام ما بصدقه مجنون ، وشفت اشي اللّي ما بدخل العقل .. قصة بدايتها جنون وما بتنتهي إلا بجنون .
- فقالت ام فارس والدموع في عينيها متوسلة : بترجاك يمّه ما تجيب سيرة جورجيت .. روح يمّه سافر لبعيد ، بلكي الله نجاك .. جورجيت اقسمت ومش راح تتراجع عن قسمها .
- فقال فارس بإستغراب : وانت شو اللي بخليك متأكدة القصة ما صارت على زمنكو انتِ سمعتِ فيها مثل غيرك وما بتقدري تعرفي اذا كانت صحيحة ولا مش صحيحة .
- فقالت : يمّه مشان الله ما بدي اكذب عليك ولا تخليني احكي اشي ما بدي احكيه ولا تفكر حالك انت الوحيد اللي بتفهم .. يمّه انت بعدك صغير .. اسمع كلامي وروح سافر..
- فقال فارس : انا مش حسافر ومش حروح ولازم افهم كل شي واذا بدك تساعديني لازم تحكيلي اللي ما حكتيه .. ولازم تفهمي انو الزمن تغير واليوم مش مثل زمان والخرافات اللي بتخوفكم ما بتخوفنا .. ومش راح اهرب من شان خرافة وهبل جورجيت.
- فقالت : صحيح يمّه انو اصل الانسان بردَّ ..انت ما عرفت عيلة الدهري وما تربيت عندهم .. بس تصرفاتك وطباعك دهري...
- اسمع يمّه : انا قعدت سنين وانا بضوي شمع يوم .. يوم على روح جورجيت وبترجاها تبعد عنك وما تجيك لما تكبر وبقلها انك عمرك ما راح تحمل اسم الدهري ... افهم يمّه كل نسوان وبنات الدهري واللي حملوا اسم الدهري بعرفوا قصة جورجيت وضوّوا الشمع على روحها وبكوا على بقصتها ، علشان هيك عيلة الدهري كانت بتشوف في كل النسوان عدو الها ... ويا ويل اللي كانت تغلط ..
.. كانوا يقتلوها وما يرحموها .. عيلة الدهري كانوا بشوفوا في كل مرة " جورجيت "... جورجيت يمّه كانت تطلع لكل واحدة من عيلة الدهري متزوجة او بنت .. ان كانت بنت عيلة الدهري كانت تقولها : لا تتجوزي حدا من عيلتك علشان ما تخلفي ابن يحمل دم الدهري علشان راح يصله الدور ومن

جولينا ابراهيم قزاز
جولينا ابراهيم قزاز
على ان تنتقم من كل " ذكر " يحمل دم عائلة الدهري ..
وروت لي كيف ان ابناء عائلة الدهري يختفون الواحد تلو الآخر منذ عشرات السنين .. وكيف ان ستة من اعمامها .. منذ كانت صغيرة .. اختفوا الواحد تلو الآخر وان هذا ثالث اخ يختفي ولا يعود وانهم قد وجدوا واحداً منهم بالصدفة داخل احد القبور ... وكل الجهود التي بذلوها وبالرغم من استعانتهم بعشرات الشيوخ والسحرة من مختلف البلدان لم يستطيعوا ان يمنعوا جورجيت من الانتقام ومطاردتهم في كل مكان..
وروت لي كيف انها رأت وهي صغيرة جدك واعمامها يقتلون زوجة عمها ويدفنونها عقاباً لأنها اخبرت شخصا بهذا الموضوع الذي يعتبرونه سراً ممنوع البوح به على اعتبار انه يشكل " اهانة كبيرة " لعائلة الدهري وخاصة ان عدوها مجرد " امرأة ".
وبعد سماعي لما روته ربيحة انتابني خوف شديد عليك وعلى نفسي من جورجيت ومن هذه العائلة واقسمت لعمتك ربيحة ان لا اخبر احداً بما عرفت وان لا اتصرف بأية طريقة تشير بأني عرفت شيئاً وفعلاً هكذا تصرفت .. ومرت الايام واصبح عمرك سنة بالتمام .. وفي يوم عيد ميلادك الاول وانا في البيت دخلت بيتي امرأة ترتدي الخمار وكلمتني بإسمي وكأنها تعرفني منذ مدة طويلة .. رفعت الخمار عن وجهها ليهل من خلفه " البدر " بجماله
وقالت : لو انك خلفتي بنت كنت ارتحتي .. بس انتِ خلفتي " دهري جديد " وعيلة الدهري حتنقص ومش حتزيد .. والقدر ما منو مفر .. ولعنة جورجيت حتطارد كل ذكر .. غطت وجهها بالخمار .. ولا اذكر ما حدث .. فقد اغمي عليّ وحينما صحوت كان جدك واعمامك يحيطون بي .
سألني جدك عما حدث .. لم استطع وقتها النطق بكلمة وكان جدك واعمامك ينظرون اليّ بنظرة غريبة تثير الخوف .
تركوني وشأني وذهبوا .. اخذت صحتي تتدهور وتسوء مع الوقت ولم اكن اتكلم مع احد .. حبست نفسي في البيت وكنت ارفض الخروج ... وجاءت بعد ايام زوجة والدك لزيارتي وكانت حامل .. وحينما رأيتها وبطريقة تلقائية ودون تفكير .. قلت : يا ربي تخلفي بنت وما تخلفي ولد .. ولم انتبه لوجود جدك معها ولم اعرف ان كان جدك قد سمعني .. ام لم يسمعني ... فهو لم يعلق على شيء ... الا انه طلب مني ان اخرج من البيت وان لا اعزل نفسي عن العائلة وانني ان لم افعل ذلك فسيغضب ...
خوفي من جدك جعلني افعل ذلك واعود من جديد الى سابق عهدي للاختلاط بالعائلة وبزوجات اعمامك واقاربك من عائلة الدهري ... وزادت مصيبتي اكثر حينما اختفت عمتك " ربيحة " ليجن جنون جدك ويقوم بالتحقيق مع معظم نساء العائلة ان كان هناك من يعرف اين ذهبت ولكن دون جدوى ...
خرج جدك واعمامك ووالدك يبحثون عنها واختفوا عدة ايام ثم عادوا من جديد وكانوا يغضبون لو ان احدنا سأل او نطق بإسم " ربيحة " وشعرت بإن مكروهاً ما قد اصاب عمتك " ربيحة " ودب الخوف بقلبي وعلمت بأن الدور سيأتي عليّ لا محالة وقررت الهرب متى سنحت لي الفرصة .
هربت الى والدي في حلب ورويت له القصة بالكامل .. وكان والدي ينوي السفر الى الاردن لغرض التجارة فأصطحبني معه واقمت معه هناك .وفي الاردن اكتملت مصيبتي حينما توفي والدي بحادث سير في الاردن ومرت اسوأ واصعب ايام حياتي بعدها حتى تعرفت على شاب من فلسطين وتزوجته وقد كانت طبيعة عمله تجعله ينتقل من بلد الى آخر .. سافرت معه الى المغرب ومن ثم الى اليمن وبعدها الى مصر واستمر تنقلنا اربع سنوات .. حتى عدنا الى فلسطين واستقر بنا المطاف في الجليل .. وقد اخبر اهله والجميع بأنك ابنه ولم يكن ليشك احد بذلك فقد احبك اكثر من اي شيء آخر .. حتى بعد ان انجبت اخاك " علاء " كان يحبك انت يا فارس اكثر منه .. ومع مرور السنوات نسيت عائلة الدهري وجورجيت وكل هذه القصة ، حتى انها لم تعد تخطر على بالي منذ سنوات ... وهذه هي قصتي مع عائلة الدهري ، التي طواها الزمن قد فُتحت من جديد ..
- كان فارس يصغي بتأثر شديد لقصة والدته المأساوية وما تحملته من عذاب شديد والم .. وقال لها وهو يمسك بيدها : يمّه يا حبيبتي .. انا آسف اللي ذكرتك ورجّعتِك للماضي .. لو كنت بعرف ما فتحت الموضوع .. سامحيني يمه.- فردت عليه : الذنب مش ذنبك يمّه .. هيك القدر بدو .. والله يستر من الايام الجاية عليك .. وهي بعد ثلاثين سنة الدور اجاك يا فارس .
- فقال فارس: انا فهمت يمّه قصتك وقصة ابوي وعمتي ربيحة .. بس لهلأ .. ما فهمت قصة " جورجيت " ولعنة الانتقام اللي عندها .. وقصة جورجيت اذا كانت على زمن جد جدي .. يعني الها اكثر من " مية سنة " وانا مش فاهم جورجيت طيبة ولا ميتة ؟
- فقالت : يمّه .. يا فارس جورجيت ماتت وما ماتت ، جورجيت بتقدر تكون موجودة من خلال بنتها .
- فقال فارس: مش فاهم يمّه شو بتقصدي ؟
- فقالت : جورجيت يمّه كانت حامل لما دفنوها .. وخلفت بنت " جوا " القبر وبنتها كبرت و... يمّه من شأن الله ما بدي احكي بسيرة جورجيت ..، والله سنين وانا ما بعرف انام وما صدقت وانا انساها .. بترجاك سكّر على الموضوع .
- فقال فارس: انا بعرف انو صعب عليك تحكي في هالموضوع ، بس يمّة لازم نواجه الامور ، مش نهرب منها .. علشان هيك يمّه لازم تتحملي وتفهميني سيرة هالمجنونة جورجيت ..
- فقالت: لا يمّه .. لا ياحبيبي .. لاتحكي هيك ! جورجيت مش مجنونة .. جورجيت مظلومة .. لا تحكي يمّه مثل عيلة الدهري.
- فقال : والله يمّه هالقصة قصة مجانين ، ما الها اول من اخر .. لا انا قادر اصدقها ، ولا انا قادر اكذبها .. بسمع كلام ما بصدقه مجنون ، وشفت اشي اللّي ما بدخل العقل .. قصة بدايتها جنون وما بتنتهي إلا بجنون .
- فقالت ام فارس والدموع في عينيها متوسلة : بترجاك يمّه ما تجيب سيرة جورجيت .. روح يمّه سافر لبعيد ، بلكي الله نجاك .. جورجيت اقسمت ومش راح تتراجع عن قسمها .
- فقال فارس بإستغراب : وانت شو اللي بخليك متأكدة القصة ما صارت على زمنكو انتِ سمعتِ فيها مثل غيرك وما بتقدري تعرفي اذا كانت صحيحة ولا مش صحيحة .
- فقالت : يمّه مشان الله ما بدي اكذب عليك ولا تخليني احكي اشي ما بدي احكيه ولا تفكر حالك انت الوحيد اللي بتفهم .. يمّه انت بعدك صغير .. اسمع كلامي وروح سافر..
- فقال فارس : انا مش حسافر ومش حروح ولازم افهم كل شي واذا بدك تساعديني لازم تحكيلي اللي ما حكتيه .. ولازم تفهمي انو الزمن تغير واليوم مش مثل زمان والخرافات اللي بتخوفكم ما بتخوفنا .. ومش راح اهرب من شان خرافة وهبل جورجيت.
- فقالت : صحيح يمّه انو اصل الانسان بردَّ ..انت ما عرفت عيلة الدهري وما تربيت عندهم .. بس تصرفاتك وطباعك دهري...
- اسمع يمّه : انا قعدت سنين وانا بضوي شمع يوم .. يوم على روح جورجيت وبترجاها تبعد عنك وما تجيك لما تكبر وبقلها انك عمرك ما راح تحمل اسم الدهري ... افهم يمّه كل نسوان وبنات الدهري واللي حملوا اسم الدهري بعرفوا قصة جورجيت وضوّوا الشمع على روحها وبكوا على بقصتها ، علشان هيك عيلة الدهري كانت بتشوف في كل النسوان عدو الها ... ويا ويل اللي كانت تغلط ..
.. كانوا يقتلوها وما يرحموها .. عيلة الدهري كانوا بشوفوا في كل مرة " جورجيت "... جورجيت يمّه كانت تطلع لكل واحدة من عيلة الدهري متزوجة او بنت .. ان كانت بنت عيلة الدهري كانت تقولها : لا تتجوزي حدا من عيلتك علشان ما تخلفي ابن يحمل دم الدهري علشان راح يصله الدور ومن قبله ابوه .. وكانت تشرح قصتها وكيف ظلموها ... وان كانت مثلي مش من عيلة الدهري ومتجوزة مع حدا من عيلة الدهري كانت تقولها : ان خلفت بنت حنحبها وربنا يحميها .. وان خلفتي ولد وحمل دم الدهري ..مصيره مصير ابوه وجده .. حيجي اليوم اللي نوخذه .. لا تلوميني وسامحيني.
- لا تسألني يمّه كيف كانت تطلع وتحكي معنا .. كيف كانت تيجي وتروح ان كانت ميتة ولا طيبة .. الله وحده بعلم .. بس كلنا شفناها وحكينا معها ... الله يرحمك يا جورجيت والله يسامحك على اللي بتسويه فينا ..
اسمع يا فارس : والله العظيم والله العظيم ان فتحت سيرة جورجيت مرة ثانية ، لا انتابني ولا بعرفك.وخرجت ام فارس تاركة فارس خلفها حائراً مذهولاً لا يدري ماذا يفعل .. لا يدري ايصدق ام يكذب.
وجد نفسه انه سيصبح ضحية لقصة حدثت قبل اكثر من مائة عام بكثير .. لا يدري ماهي تفاصيلها ..
كانت امه فرصته الاخيرة ليفهم القصة ولكن امه اقسمت...
ولكن امه اقسمت اليمين واغلقت الطريق امامه وهو لا يجرؤ على ان يفتح الموضوع معها من جديد ... لمعت في رأس فارس فكرة بأنه لو وجد ام الجماجم " ياسمين " فسيدفعها لتحكي له هذه القصة الغريبة ولكن اين يجد ياسمين وهو لايعرف لها عنوانا.
فكر ان يذهب ويبحث عنها في المقابر حيث كانت تصطحبه .. لم يتردد فارس في ان ينفذ ما دار برأسه .. بدأ رحلة البحث عن ياسمين ام الجماجم في المقابر .. ايام مرت وهو يبحث في مقابر حيفا وطبريا وبئر السبع لم يترك مقبرة الا ودخلها .. كان يدخلها كالمجنون وينادي بأعلى صوته : يا ياسمين .. يا ام الجماجم .. اين انت ؟
كل محاولات فارس باءت بالفشل حتى يأس وعاد الى البيت وهو على يقين من انها ستظهر في ساعة ما .. او في يوم ما ، حتماً ستظهر ... وفي طريق عودته الى البيت توقف امام احد مطاعم الناصرة ودخل لتناول الطعام الذي لم يذقه منذ ايام .. جلس وطلب الطعام وما هي الا لحظات حتى رأى ذات الخمار الاسود التي لايرى منها اصبعا ولا عينا تقترب حيث كان يجلس وتسحب احد الكراسي وتجلس امام فارس وتقول له : بلاش تطلع مثل الاهبل وتلفت نظر الناس الموجودين في المطعم .. ابتسم وخليك طبيعي .. شو هذه اول مرة بتشوفني فيها ..؟
- تصرف فارس بشكل طبيعي وابتسم وبصوت منخفض حتي لايسمعه احد قال : بصراحة ما توقعت اشوفك هون يا ياسمين .. انا هلكت وانا بدور عليك .
- فقالت : ما حدا قلك دوّر في المقابر .. كان ممكن تيجي على بيتي وهناك بتلقاني ..
- فقال : وين بيتك هذا يا ياسمين ؟
- فقالت : اذا انت ما بتعرف ، بكرة حتعرف .. في هذه اللحظات اقترب من الطاولة حيث يجلس فارس وياسمين ذات الخمار شابان من اصدقاء فارس .. احمر وجه فارس وتمنى لو انهم لم يروه ويبتعدوا عنه حتي لا يسألوه عن علاقته بهذه المقنعة .. ولكن حدث العكس وجلسا على الطاولة الملاصقة لطاولة فارس وقال احدهم : مرحبا يا فارس .. وين مش مبين .. وين غاطس يا فارس وما حدا بشوفك ، وادار وجهه ناحية ياسمين وابتسم وقال مرحبا .." يا شيخة ".
- تدخل فارس على الفور وهو يبتسم ابتسامة مصطنعة واشار بيده الى ياسمين وقال : ياسمين..! واشار بيده نحوهم وقال : اصدقاء لي من حيفا...!
هزت ياسمين رأسها وقالت : تشرفنا يا اصدقاء فارس .. وعلى فكرة انا مش شيخة .. بس شو اعمل فارس بدو البس هيك علشان بغار كثير وانا ما برضى ازعّله .. خطيبي وحبيبي وما برفضلو طلب.
احمر وجه فارس اكثر واكثر لهذا الاحراج الذي وضعته فيه ياسمين امام اصدقائه وفضل الصمت على ان يعلق على كلامها وبحركة سريعة وظريفة ارادت ياسمين ان تخرجه من هذه الورطة او قصدت ان لا تعطيه المجال ليرد على اي سؤال .. وقفت وامسكت بيد فارس وقالت : فارس يالله .. تأخرنا كثير عن الحفلة وسحبته بقوة وسارت .. والتفتت الى اصدقائه واشارت بيدها قائلة : باي باي يا اصدقاء خطيبي ... ولا تنسوا تدفعوا الحساب عنا علشان فارس مش حامل فلوس ..باي .
وسحبت فارس من يده وقبل ان تخرج من باب المطعم التفتت الى الجرسون وقالت له : الحساب عند الشباب الحلوين على الطاولة..باي.
وخرجت الي الشارع وفارس وكل من في المطعم مذهول ويبتسم لظرافة ياسمين ..
ركبت ياسمين بجانب فارس في السيارة واخذت تضحك وقالت : كيف وانا اوفر عليك الحساب .. سار فارس وهو لايدري ايضحك ام يغضب ولكن ما حصل اضحك فارس.
اخذت ياسمين ترشد فارس كعادتها الى اين يذهب من هنا وهناك ثم طلبت منه ان يتوقف بجانب الطريق السريع ما بين شفاعمرو والناصرة ..
اوقف فارس السيارة وابتسم وقال لياسمين : انتِ بتعرفي من ورا هالمقلب اللي عملتيه شو حيصير ، راح اصحابي .. قاطعته ياسمين ولم تتركه يكمل حديثه وبلهجة جادة قالت : بلاش كلام فاضي يافارس .. لا انت ولا اصحابك بتهموني وفش عندي وقت للكلام الفاضي انت بدك تعرف قصة جورجيت اللي امك ما رضت تحكيلك اياها بالرغم من انها تعرفها مليح مليح ... وقبل ما اجيب اجلك وافتحلك قبر .. راح احكيلك اياها يا ابن الدهري علشان تفهمها مليح مليح .. القصة بدت من زمان قبل ( مية وخمس سنين ) .. جورجيت كان عمرها 14 سنة وحيدة امها وابوها .. والدها " عيسى الشامي " كان فقيراً في وسط عائلة فاحشة الثراء كان يعمل لدى عمه سائساً للخيل وفي احد الايام واثناء قيامه بالاعتناء بالخيل تعرض لرفسة من احد الخيول الجامحة .. لم تكن الضربة بسيطة بل ادت الى اصابته بشلل تام وعدم قدرته على تلقي العلاج اللازم ساعد في زيادة الشلل عنده ...
عاشت اسرة جورجيت في ظروف مأساوية وصلت الى حد انهم لم يجدوا ما يأكلونه .. اخوة عيسى الشامي " والد جورجيت " واقاربه لم يكترثوا للوضع السيء الذي تمر به عائلة عيسى الشامي وخاصة ان اقرباءه كانوا من اثرياء الشام وما كانوا يبذرونه ويصرفونه على خيولهم كان يكفي ليسد حاجة عائلة عيسى الشامي لعام كامل ... اصرت والدة جورجيت على ان تعمل خادمة في بيوت اقارب زوجها .. تحملت شتى الاهانات لتعيل اسرتها وتعالج زوجها وكانت وبسبب جمالها المميز وعجز زوجها تتعرض لمضايقات لا حدود لها وتنتهي بإهانات تمس بكرامتها .. كان كبرياء والدة جورجيت لا يسمح لها بقبول صدقة او احسان من احد ... ازداد الوضع الصحي لوالد جورجيت سوءاً مما تطلب توفير مبالغ كبيرة من المال لعلاجه ... ابنتة جورجيت لم تحتمل الوضع والحت على والدتها ان تخرج من البيت للعمل لمساعدتها من اجل توفير المال الكافي للعلاج ولكن والدة جورجيت رفضت وبشدة خروج جورجيت من البيت للعمل تحت اي ظرف من الظروف وكانت حجتها ان جورجيت يجب ان تبقى في البيت للاعتناء بوالدها .. لم تكن هذه الحجة هي السبب الحقيقي وراء رفض والدة جورجيت السماح لها بالخروج وانما السبب الحقيقي كان يكمن بإدراك والدة جورجيت ان خروجها من البيت سيسبب مشاكل لا اول لها ولا اخر ... وسيعرض جورجيت للخطر وذلك كون جمالها من الجمال النادر الوجود الذي لا تتمتع به اية فتاة اخرى في زمنها ، وكانت والدة جورجيت حريصة على ان تبعد جورجيت عن الانظار وساعدها في ذلك انزواء العائلة حتى ان والدة جورجيت كانت تعمل على اظهارها كأية فتاة اخرى من خلال انتقاء اسوأ الملابس وتسريح شعرها بطريقة غريبة وبالرغم من كل هذا لم يكن ليخفى جمال جورجيت الاسطوري .... جورجيت ابنة الرابعة عشرة لم تدرك لجهلها ان جمالها نقمة وسيحول حياتها الى جحيم .. جهلها هذا دفعها الى الخروج من البيت دون علم والدتها وبطفولة وبراءة بدأت تبحث عن عمل .. فرآها احد الاشخاص وذُهل لجمالها وسألها : ابنة من انتِ ؟
- فقالت : ابنة عيسى الشامي ..
- فصُعق وقال : لا يمكن لسايس الخيل ان ينجب مثلك.
لم تفهم جورجيت ماذا قصد وماذا حدث ولكن بأسرع من البرق انتشر الخبر ودفع الفضول الكثير لرؤية ابنة سايس الخيل وأولهم اقاربها واعمامها وابناؤهم.
انتشر الخبر واصبح اسم جورجيت حكاية الشام كلها وانتقل الخبر من مكان الى آخر ووالدة جورجيت ادركت الخطر وتوافد الى بيتها العشرات من العرسان واستعد الكثير لعلاج عيسى الشامي ولكن والدة جورجيت رفضت بشدة ان تقبل اي شيء من اي واحد منهم وهي تعلم ان الثمن المطلوب بالمقابل هو ابنتها جورجيت .. وهنا ازدادت الامور سوءاً ..
فبدأت تُرسَم الخطط لاذلال والدة جورجيت .. لم تعد تستطيع الخروج من البيت للعمل حتى لا تترك جورجيت في البيت لوحدها خوفاً عليها .. ولم تكن تستطيع الرحيل لظروف عجز زوجها .. جورجيت ابنتها اصبحت حكاية البلاد باسرها ووصلت الامور الى حد التهديدات من قبل اقاربها بأنهم سيأخذون جورجيت بالقوة اذ لم يكن بالتفاهم .
وفي هذه الاجواء العاصفة التي تحمل قصة جورجيت من اذن الى اخرى .. هبت عاصفة اخرى لتنسي الناس قصة جورجيت وجمالها .. ولينشغلوا بمصيبة كبيرة وقعت على عائلة الشامي بالذات حينما قام احد ابناء عائلة الشامي بقتل احد ابناء عائلة الدهري التي خرجت للثأر من عائلة الشامي وتدخل الوجهاء ليمنعوا حرباً كبرى بين كبرى عائلات الشام في ذلك الوقت والتي ان حدثت ستحصد ارواح الكثيرين من كلا العائلتين عرضت عائلة الشامي اموالاً طائلة واراض واملاك على عائلة الدهري ( دية ) لمقتل ابنهم .. فرفضت عائلة الدهري ( الدية ) واقسمت ان يكون مقابل حياة ابنهم خيرة شباب عائلة الشامي واستمرت المفاوضات وقال سالم الدهري اخ القتيل انه سيقبل ( بالدية ) ولكن سيكون اضافة اليها ان تُحمل " جورجيت الشامي " وتعطى له .
فوجدت عائلة الشامي نفسها في موقف محرج ومهين امام العائلات الاخري فجورجيت تحمل اسم الشامي وان اعطوها لدهري فهم بذلك لن يسلموها فقط بل يطلبو منها ان تتحول من ديانة الشامي الى ديانة الدهري.
اجتمعت عائلة الشامي بكبارها وصغارها ودار الحديث بينهم .. على انه لا مفر فإما ان يسلموا قاتل ابن الدهري او ان يقوم الدهري بقتل احد شباب الشامي ثأراً لابنهم ... ولا احد على استعداد ان يضحي بإبنه والنتيجة ان الحرب لن تنتهي الا بمقتل الكثيرين من كلا العائلتين فأتفق الجميع بدون معارضة على ان جورجيت ابنة سايس الخيل ارخص ما يقدم لدهري .. ولنعلن اننا كنا قد تبرأنا من عيسى الشامي منذ زمن بعيد وان جورجيت لا تعتبر من عائلة الشامي ولا يهم ان تزوجها ابن الدهري او غيره .
نقل الوجهاء لعائلة الدهري ان سالم يستطيع ان يتزوج جورجيت متى شاء وان هذا الامر لايعني عائلة الشامي بشيء ... فردت عائلة الدهري وقالت : ومن قال ان " سالم " سيتزوجها .. اننا طلبنا جورجيت كجارية نفعل بها ما نشاء وليست كزوجة لإبننا .
فوجىء الوجهاء والوسطاء برد عائلة الدهري وفوجئوا اكثر حينما ردت عائلة الشامي بأن هذا الامر لا يعنيهم بشيء .. فجورجيت لا تعني عائلة الشامي بشيء .
الوسطاء والوجهاء من العائلات الاخرى اعتبروا ان احضار جورجيت مع الجاهة ستكون اهانة للوجهاء اذا لم تكن زوجة.
استمرت المفاوضات اياما اخرى واستطاع احد الوجهاء ان يقنع سالم الدهري بعمل عقد زواج مجرد كلام على ورق للخروج من هذا المأزق ووافق الدهري على ذلك وحُدد موعد الصلحة بين عائلتي الشامي والدهري .
ووصل الخبر الى ام جورجيت التي كاد ان يطير عقلها .. وبدأت تفكر اين تهرب لتخبىء ابنتها ولكن لم يكن هناك وقت للتفكير فقد حضر شبان وكبار عائلة الشامي لأخذ جورجيت وارسالها الى عائلة الدهري .. امسكت ام جورجيت بإبنتها .. واخذت تبكي وتبكي معها ابنتها .. امسكوا ام جورجيت من شعرها والقوها ارضاً وهي تصرخ وسحبوا جورجيت معهم وهي تصرخ وهم يشتموا والدتها وينعتوها بالداعرة وان ابنتها ابنة حرام .
تعالى صوت الصراخ والبكاء والنحيب وتلقت ام جورجيت وجورجيت عشرات الصفعات والركلات .
فسقطت ام جورجيت على الارض مغشياً عليها ليتبين فيما بعد انها ماتت بنوبة قلبية من القهر والغيظ وحُملت جورجيت واُرسلت الى عائلة الدهري وهي لم تبلغ الخامسة عشرة من العمر .
وتم الصلح بين العائلتين وعادت المياه الى مجاريها وكأن شيئا لم يحدث.
جورجيت التي ما زالت تبكي وهي لاتدري ماذا يحدث حولها .. لماذا وكيف وماذا فعلت ؟.. لم تعلم انها وعائلتها كبش الفداء للشامي والدهري .. ارُسلت جورجيت الى بيت سالم الدهري حيث تسكن زوجته الثانية وطلب منها ان تُبقي جورجيت عندها حتى يفرغ سالم الدهري من العزاء في اخيه وحتى تلك اللحظة لم يرى سالم الدهري جورجيت بل سمع عنها مثله مثل الآخرين.
جورجيت امضت ايام في بيت زوجة سالم الثانية وكانت تبكي ليل نهار وترجو زوجة سالم ان تعيدها الى امها قائلة : " منشان الله يا خالتي رجعيني علي امي .. انا ما عملت اشي .. مشان الله انا لازم اروح واطعم ابوي علشان ما بقدر يوكل لوحدو" ..
ولم يكن بيد زوجة سالم شيء لتفعله لهذه المسكينة سوى ان تحضنها وتبكي لبكائها وتقول : يا ريت يا بنتي بايدي شيء اعمله .. ويا ريت بقدر ارجعك لاهلك .. انت اليوم زوجة سالم الدهري الثالثة وعلى ذمته ، وين ما حتروحي راح يلحقك ويجيبك ...
وفي ساعات ما بعد منتصف الليل وبعد ان انتهى سالم الدهري من اخذ العزاء بأخيه الذي قُتل وودع ضيوفه عاد الى البيت وما ان فتح الباب حتى رأى ما لم يصدقه عقله.. ووقف مذهولا ، جمال جورجيت الاخاذ اذهل سالم الدهري وهو الذي سمع بها ولم يراها من قبل لم يصدق سالم الدهري ولم يكن ليصل خياله وتصوره بأن على هذه الارض مثل هذا الجمال ... وقف كالصنم وعيونه تتفحص جورجيت من اخمص قدمها الى رأسها وقال لها : لقد كذبوا جميعا في وصفك فأنت اجمل مئات المرات من الوصف الذي ذكروه .
جورجيت جالسة في زاوية الغرفة بعد ان انهكها التعب والارهاق وما زالت اثار الدموع في عينيها ، لم تفهم ما قصده سالم الدهري ولم تعرف من يكون هذا الشخص الغريب ...
اقترب سالم من جورجيت وجلس بجانبها واخذ يتحسس جدائل شعرها الطويل واتقدت في عينيه نار الشهوة كذئب جائع استفرد بحمل وديع وبأصابعه اخذ يفك الجدائل وبكل عفوية وبراءه سحبت جورجيت جدائل شعرها من يد سالم وقالت : لا تفكها يا عمو ... ماما بتزعل مني بعدين ، ابتسم سالم الدهري ابتسامة صفراء خبيثة ممزوجة بالشهوة ... وقال : لا تخافي ماما مش راح تزعل وانت كبرت على الجدايل ولازم تفردي شعرك علشأن تصيري عروسه .
- فقالت : لا انا ما بدي ماما بتزعل مني الله يخليك عمو رجعني عند ماما .
- فقال سالم وهو يكتم غيظه : خليكي شاطره واسمعي الكلام وبكره بوخذك على الماما
صمتت جورجيت واحنت رأسها واطرقت بعينيها الى الارض وضمت يدها على الاخرى ظنا منها انها بهذه الطريقة ترضي سالم وتكون " شاطرة " ليعيدها الى امها ولم يكن سالم الدهري من الانسانية ليشعر انه امام فتاة بريئة لا تفقه من امور الحياة شيئا وانها عاشت حياتها منذ ولادتها معزولة عن الدنيا بحكم ظروف عائلتها ولم تعرف الا والدتها ووالدها اللذين كانا مشغولين عنها ليلا ونهارا في العمل الشاق من اجل توفير لقمة العيش لهم .. ولم يكن لها اخ او اخت ولا صديق او صديقة ولم تكن تسنح لها الفرصة الا كل عدة اشهر لساعات معدودة للعب مع مجموعة من الاطفال القادمين مع عائلاتهم لتتنزه بالقرب من المزرعة التي سكنتها مع عائلتها وهذه الظروف جعلت من جورجيت تبدو في تصرفاتها كطفلة لم تبلغ العاشرة من العمر بالرغم من انها بلغت الخامسة عشرة ذات جسد ممشوق وجمال يبهر الابصار ...
استمر سالم الدهري يفك جدائل شعرها .. ولم يكن ليستطيع ان يتمالك نفسه ويجمح نار الشهوة المشتعلة بداخله والتي كانت تزيد التهابا كل

جولينا ابراهيم قزاز
جولينا ابراهيم قزاز
فقال لها:"مبسوطة هلأ لما خسرتيني المئة دينار للأهبل هذا..؟"
فقالت: الأهبل اللي راح عنده ..وانت شو اللي خلاك تروح عند المجانين ..شو بتفكرهم بفهموا بشيء ولا بطلع بايديهم يساعدوك تهرب مني يا فارس؟.
نظر فارس الى عيني ياسمين وقال بحنان :انا اهرب منك يا ياسمين؟ ...انا بهرب من كل الدنيا وما بهرب منك.
فقالت:طيب ليش رحت عندهم ..شو عندك...
تعبان من شيء ..واخذت ياسمين تضحك وضحك معها فارس على ما المحت اليه.
وقالت ياسمين:هلأ مش مهم اذا كنت انت بتفكر انو هيك دجالين بيقدروا يساعدوك في حل مشكلتك فأنت غلطان ...
ويالله هلأ اعزمني على شي محل نوكل فيه علشان انا عندي الك خبر بسوى حياتك .فضحك فارس وقال: "على وين بدك نروح هو انا ظل معي فلوس ؟..البركة فيك ما انت خليتني ادفعهم لكبيرنا مثل ما بتحكي.
ابتسمت ياسمين وقالت: يا اهبل انت نسيت اني انا ياسمين ومعقول انا اخلي واحد اهبل مثله يضحك عليك؟ ..هاي الفلوس ..
وأخرجت من عباءتها النقود التي دفعها فارس للكاهن وفارس ينظر اليها مستغربا ..كيف حدث ذلك وهو لم يرها تقترب من الكاهن ولو للحظة ؟..فارس وفي اعماق نفسه اصبح على قناعة بأن ياسمين تملك قوة سحرية ما وبقناعته فهذه هي الطريقة الوحيدة التي يستطيع ان يفسر بها تصرفات ياسمين وقدراتها الغريبة ...ولكن فارس يخجل من ان يفكر بما يدور في خلده بصوت مسموع ويفضل ان يتجاهل ما يحدث حتى لا يبدو سخيفا.
سار فارس للبحث عن مكان ليتناول الغداء فيه مع ياسمين "ام الجماجم" وكان يفضل ان لا يكون هذا المكان في الناصرة او أي منطقة اسرائيلية لعلمه بأن ما ترتديه ياسمين سيثير انتباه الموجودين ...ووقع اختيار فارس على احد المطاعم في مدينة جنين فهناك الناس معتادون على رؤية فتيات يرتدين الخمار والعباءة على طريقة ياسمين....
وقبل ان يوقف السيارة بمحاذاة مطعم .. حذر ياسمين من القيام بأية حركة وان تتوقف عن حركاتها ومزاجها الذي اعتاد عليه وقال لها:
"لو انت مش لابسه هالخمار امزحي كيف بدك، بس الناس هون لما يشوفكي لابسه هيك بفكروكي متدينة وراح يستغربو أي مزحة او حركة من حركاتك ..
ابتسمت ياسمين بخبث وقالت لفارس: "خلص انا بوعدك اني احاول ما احرجك"
ترجل فارس وياسمين من السيارة وسارا بإتجاه المطعم ، إلا ان ياسمين امسكت بذراع فارس ..
توقف فارس و"تنحنح" طالباً منها ان تترك يده وتسير بشكل طبيعي .
فقالت ياسمين: "اسمع لا تعقدني يا بمسك ايدك وبندخل مع بعض يا بدخل قبلك وانت بتدخل وراي يا بظل واقفة محلي ..اختار شو بدك"؟
فوافق فارس على ان تسير امامه ..دخلت ياسمين المطعم وجلست على احدى الموائد وتبعها فارس وجلس الى جانبها وهمس مذكراً اياها بالوعد ان لا تحرجه..
ابتسمت ياسمين وقالت : "انا وعدتك اني احاول علشأن هيك اتركني اتصرف على راحتي.
فقال فارس:الله يستر وهلأ احكيلي عن الخبر السعيد..
فقالت:لا يا حبيبي اول شيء بتطلب اكل وبنوكل وبعدين بتطلبلي ارجيلة وبعدها بحكيلك..
ضحك فارس وقال:ارجيلة مرة وحدة ؟هذا اللي ناقص بس كيف بدك تدخنيها وانت لابسه هالخمار ما بتخافي حد يشوف وجهك ؟
فقالت:هاي مشكلتي انا مثل ما راح اعرف أوكل بدون ما يشوفو وجهي راح اعرف ادخن.
طلب فارس الطعام وبعد ان انتهيا من تناوله رجاها فارس ان تنسى امر الارجيلة ..الا ان ياسمين اصرت على ذلك وكان لها ما ارادت ..احضر فارس الارجيلة ووضعها امامه..فتناولتها ياسمين من امامه ووضعتها امامها هي ورفعت ساق على ساق وامسكت بالارجيلة بطريقة ملفتة للانتباه وقالت له: هيك انا مزاجي رايق وبقدر احكي ..
فقال لها: تفضلي احكي جلطيني..
فقالت: خلص يا فارس رايحين نتجوز ونعيش بره مثل كل الناس ..حنشوف الشمس وحنشوف النور ونبدأ نعيش بين الناس..
استغرب فارس ولم يصدق ما تقوله ياسمين فهل من المعقول ان ينتهي كل شيء بهذه السهولة وقال لها: ياسمين لا تمزحي معي...
فقالت: ما عم بمزح بحكي جد وفي هالموضوع هادا مش ممكن امزح.
فقال فارس بعد ان امسك يد ياسمين بحركة لا شعورية: احلفي انك ما بتمزحي زي عوايدك ...
فقالت: "وحياة ستي جورجيت اني بحكي جد"..فقال فارس..:انا مش مصدق..
فقالت ياسمين محتدة:حلفتلك بستي جورجيت اني بحكي جد واحنا بنحلف بكل الدنيا كذب الا بجورجيت.
فقال فارس: ما هاذا اللي مجنني ...معقول اللعنة تنتهي بالبساطة هاي؟ ..فقالت ياسمين:على مهلك يا حبيبي انا ما حكيت انو اللعنة انتهت ولسه المشوار باولو...وان كنت بتحبني صحيح راح تنتهي.
فقال:انا بحبك بس مش فاهم ..فقالت ياسمين:خالتو العجوز وافقت يا فارس انو نتجوز بدون ما نسكن القبور...بس بشروط.فقال: فارس مين هاي العجوز يا ياسمين انا اول مره بسمعك بتحكي عنها ...
فقالت:هاي امنا كلنا أم المظاليم وما بنعمل اشي الا بموافقتها.
فقال فارس: يعني هي انسانة مثلك ومثل اختك وامك.
فقالت: تكون شو ما تكون هذا مش شغلك ومش موضوعنا علشان نحكي فيه المهم انك توافق على شروطها.
فقال فارس: انا موافق على كل شروطها..
فقالت ياسمين: مش لما اول تعرف شو الشروط..
فقال:انا موافق يا روحي على أي شرط بالدنيا ممكن يخليكي جنبي.
صمتت ياسمين ، فأستهتار فارس بالأمور اقلقها ..وحاول فارس ان يخرجها من صمتها ولكنه لم ينجح حتى استغرب سبب هذا الصمت المفاجيء واخذ يبحث اين أخطأ هو؟..
خرجت ياسمين من صمتها وقالت بلهجة حزينة: فارس كلامك بخوفني انت ماخذ كل الامور ببساطة. فارس انا علشانك زعلت امي مني انا بحبك وما بدي يصير فيك اشيء هاي مش لعبة يا فارس.. لا تستهر بالموضوع .شروط العجوز مش بسيطة يا فارس صحيح هي اسهل من السكن بالقبور بس كمان مش بسيطة وان شروط العجوز ما تنفذت ضاعت الفرصة الوحيدة علي وعليك...فقال فارس:انا ما كان قصدي استهتر انا قصدت اقلك انو علشانك ممكن اعمل أي شيء ..فقالت :انا بعرف يا فارس بس كمان بعرف الإشي اللي بتقدر عليه واللي ما بتقدر عليه..للعجوز ثلاثة شروط ححكيلك عليها..الاول: العرس حيكون بالليل وبمقبرة ومن طرفي حتحضر امي واختي والعجوز ومن طرفك لازم يحضر 9 اشخاص لا اقل ولا اكثر وانا حفضل لابسه الخمار ومش حيشوف وجهي حدا...
والشرط الثاني: مش رايحين نتجوز على طريقة دينك ولا ديني ..العجوز حتعلن زواجنا والحضور كلهم الشهود..
والشرط الثالث: حنعيش مع بعض زوج وزوجة ومش حتدخل عليّ ولا حتشوف وجهي لمدة 90 يوم وبعد ما يمرو بتقدر تكتب كتابك عليّ مثل كل الناس..بس ممنوع حدا يشوف وجهي غيرك لحد ما احمل منك واخلف بنت انسميها جورجيت ..واخذها معي على الشام نزور قبر ستنا جورجيت وهيك بتنتهي اللعنة وبتطلع .....
امي واختي وبعيشوا مثل كل الناس..
ذهل فارس مما قالته ياسمين وكاد ان يصرخ لولا انه تنبه الى انه في مكان عام والكثير
ينظر اليه ..صك على اسنانه وابتسم ابتسامة صفراء وقال بهدوء كتم به غضبه: "ياسمين انت بتمزحي اكيد..
اكيد بتمزحي ..انت فاهمة شو عم بتحكي ...هذا كلام بدخل برأس واحد عاقل ..هذا اللي انا بقدر عليه..في بني ادم بقدر على هيك اشي وهذا الأشي اللي اسهل من السكن بالقبور ..
لا يا حبيبتي يكثر خير خالتك العجوز على هيك تسهيلات ..انا مش عارف كيف اشكرها اللي ما طلبت اني اجيب فرقة موسيقية على المقبرة ولا انها ما طلبت احطونا بتابوت ويرقصوا فينا ..من شان الله يا ياسمين هذا كلام بدخل العقل؟ انت خايفة عليّ انجن بس يا حبيبتي بها الطريقة مش انا بس راح انجن ..كل العيلة معي راح ينجنو .
.يسعد لي العجوز تاعتك وافكارها ..ما بدها اكتب على كرت العرس تفضلوا لحضور حفل الزفاف في المقبرة الفلانية وابدا الف اوزع الكروت على الناس علشان اجيبلها معازيم بس انا لازم اكتب على الكرت :
"الرجاء عدم اصطحاب من هم دون سن السادسة عشرة ونحن غير مسؤولين عن "عقول" الحضور" ..
يا ياسمين خافي الله والله لحكي هالحكي لمجانين لصاروا يضحكوا عليّ..
"حبيبتي انا موافق اني اسكن القبر وموافق اعيش معاك تحت القبور ارحم من شروط العجوز...
قرصت ياسمين فارس بيده وقالت له: اطلع حواليك وبلفتة عين ادرك فارس بأن حركاته لفتت انظار الجميع اليه بطريقة غريبة واعتدل في جلسته على الكرسي وحاول ان يبتسم ..وقالت ياسمين:
"اول اشيء اذا مرة ثانية بتحكي معي بهالطريقة بحمل حالي وبمشي ومش حخليك تشوف وجهي من مرة ..شو انت انجنيت ..اسمع انا عارفه اني لازم اتعامل معاك مثل الولاد الصغار وعلى فكرة انا فاهمه شو بحكي مليح وكل اللي حكيته انت ولا شيء مقابل انك تنام ليلة وحدة داخل قبر علشان هيك لا تحكم على الامور بسرعة وهاي الفرصة الوحيدة اللي عندنا واذا انا مش راح اهتم فيها علشانك انت فأنا عندي اسباب ثانية اللي هي امي واختي اللي ما بدي يظلوا طول
عمرهم تحت القبور وبدي يطلعو يعيشو مثل الناس...
فقال فارس :"طيب يا ياسمين مش انت حكيتي انو انا ممكن اتجوزك واعيش معك تحت القبور لحد ما تخلفي بنت وبعدين هيك بتخلص اللعنة ويطلعو للنور؟ ..انا موافق هاي طريقة اسهل من شروط العجوز"...
ابتسمت ياسمين وقالت: يا فارس افهمني بهالطريقة مافي امل انت مش عارف شو بتحكي ..وانا بحبك وما بدي تنجن يا فارس اللي عايش بالنور ما بقدر يعيش بالعتمة...صدقني يا فارس يوم واحد ما بتقدر ..
انا بعرف اكثر منك لا تدفعني اشرحلك اكثر من هيك واحسن الك ما تعرف ..صدقني ، شروط العجوز اسهل بكثير والأشي الصعب ممكن اساعدك انا على انو يصير سهل...
فقال فارس: "طيب يا ياسمين تعالي نحكي بالعقل 90 يوم ما اشوف وجهك وانت عايشه معاي سهله وفش مشكلة كمان ما يشوف وجهك اي انسان لحد ما تخلفي بنت ..كمان سهلة وفش مشكلة اني اتجوزك على طريقة العجوز كمان هاي ممكن تصير ..نعمل عرس وما حدا يشوف وجهك كمان هاي ما بتدخل العقل بس كمان ممكن تصير.
يكون العرس في المقبرة وبالليل كمان هاي لألي انا لوحدي فش مشكلة ..بس كل قوة الدنيا ممكن تخليني اقدر اقنع واحد بحضر معي على مقبرة بالليل وكمان علشان شو ؟ علشان عرسي.. انا أي فهميني كيف ممكن؟ ..
ضحكت ياسمين وقالت: شايف كل المشاكل انحلت وما ظل قدامك الا مشكلة وحده كيف بدك تعزم الناس علشان يحضرو عرسك؟
فقال فارس مغتاظا: "اتفضلي انت واعزميهم اشوف شطارتك"
فقالت: انا بالنسبة الي هاي مسألة بسيطة كثير"..وبحركة سريعة اشارت بيدها للجرسون في المطعم وعندما حضر ابتسمت وقالت له: " ممكن اطلب منك خدمة صغيرة؟..شوف.. عرس فارس الأسبوع الجاي يا ريت تعزم كل القاعدين في المطعم وتقلهم يتفضلو عنا وطبعا بس قلهم انو العرس حيكون في مقبرة؟
فرد الجرسون محاولا ان يستوضح ..فقد ظن انه سمع الكلمة الاخيرة خطأ..
- عفوا مش فاهم وين العرس؟
فقالت ياسمين: في المقبرة ..المقبرة اللي بدفنو فيها الناس والتفتت الى فارس وقالت: اي مقبرة يا فارس حيكون العرس؟
ابتسم الجرسون واصطنع فارس الابتسامة وقال:
- هاي بتحكي عن قاعة افراح زي الزفت بتصلح تكون مقبرة مش قاعة افراح.
ذهب الجرسون وقالت ياسمين: هيك شاطر وبتعرف تغير الموضوع من جد لمزح...فقال:"اتعلمت منك!!"
فقالت: طيب خلينا نشوف شطارتك وكيف بدك تعزم الناس على عرسك؟
فقال فارس: انت مقتنعة اني ممكن انضرب بعقلي وافكر مجرد التفكير في هالموضوع.
فقالت:آه مقتنعة؟؟
فقال:اذن انت غلطانه..
فقالت:اذن انت ما بتحبني..
فقال : لأ بحبك بس لو اعمل هيك بكون مجنون والمجانين ما بتعرف تحب...
فقالت: "مش صحيح فش احلى من حب المجانين..ضحك فارس وقال: "ياسمين انت متخايله الموقف ..
ممكن احكي مع حد بهالموضوع وما يفكرني مجنون ؟
طيب مش مهم خليهم يحكوا عني اني مجنون ممكن يمشو ورا مجنون؟
فقالت: "جرب وبعدين بتحكم على الامور...صدقني يا فارس انها سهلة كثير وان صممت راح تقدر تقنعهم" ..ضحك فارس وقال: "طيب اذا هاي سهلة ممكن تحكيلي شو الصعبة..؟
"
هزت ياسمين رأسها وقالت : "الصعبة يا فارس انهم يقتنعوا بعدها ما يشوفو وجهي وما يحاولو يعرفوا مين أنا ، وما تطلع انت هلا وراك ..
لم تكمل ياسمين الجملة حتى التفت فارس ليرى ما يوجد خلفه..!تلفت فارس ليرى ما يوجد خلفه متناسيا طلب ياسمين منه ان لا ينظر الى الخلف ..
.ولكنه لم ير خلفه أي شيء..
فقال لياسمين:
ما في اشي وراي ليش قلتي لي ما اطلع وراي، شو كان في!!؟
فقالت ياسمين:لا شيء لم يكن هناك شيء في المرة القادمة حينما اطلب منك ان لا تنظر الى الخلف فأرجوك ان لا تنظر،
لقد قلت لك ان من اصعب الأمور ان تقنعهم ان لا يروا وجهي وان لا تنظر انت الى الخلف ،ولكن في اقل من ثانية نظرت خلفك فكيف يمكن ان تقنع عائلتك واقاربك ان لا يروا وجه زوجة ابنهم..؟!!
فقال فارس: هذه ليست مشكلتنا ان اقتنعوا فليكن وان لم يقتنعوا فهي مشكلتهم هم.
فقالت ياسمين:ولكن انت مشكلتي فان طلبت منك ان لا تنظر خلفك فهل ستقبل؟!
فقال فارس: نعم اعدك بأن لا انظر خلفي ابدا حينما تطلبي مني ذلك...ولكن ما دخل ذلك بما نحن فيه الان ؟!
فقالت: ستعرف قريبا والآن هيا تحرك وابدأ بأقناع تسعة اشخاص ليحضروا حفل زفافنا..
فقال فارس: ولكنك قلت لي انك ستساعديني بأقناعهم ..
فقالت :سافعل ذلك يا فارس ولم انس وارجو منك ان لا تنسى وعدك لي بأن لا تنظر خلفك ان طلبت منك ذلك..
خرج فارس وياسمين من المطعم واستقلا السيارة وسارا بأتجاه الناصرة ودار بينهما حوار طويل حول الزفاف وشروطه...وسأل فارس ياسمين الى اين تريد ان يوصلها..فطلبت منه ان ينزلها في أقرب مكان من جبل الطور ...غير فارس اتجاهه حتى وصل بالقرب من جبل الطور..وهناك طلبت منه ياسمين ان ينزلها ويكمل طريقه الى البيت فسألها فارس:الى اين ستذهبين يا ياسمين..؟فقالت له: لا تسأل ،وارجوك ان تسير الى الامام وان لا تنظر خلفك حتى ولو بمرآة السيارة...
سار فارس وتركها بجانب الطريق وتجنب النظر الى الخلف حتى ابتعد عنها...واخذ يفكر طوال الطريق كيف يستطيع ان يقنع عائلته بحضور زفافه داخل مقبرة وماذا سيقول لهم ؟.
وصل فارس الى البيت وجلس يفكر قليلا وقرر ان يحدث امه بهذا الموضوع خاصة وان امه هي الوحيدة التي تعرف ب "لعنة جورجيت"احتار فارس كيف يبدأ معها الحديث ولم ينس بعد ما حدث لها حينما تحدث معها بهذا الموضوع وانه وعدها بأن لا يتحدث بشأنه امامها.. قرر فارس انه لا بد من ذلك وتوجه الى حيث تقعد امه وقال لها...
:"يا امي بدي احكي معك بموضوع انا وعدتك وبعرف انك ما بتحبي تسمعيه ..!!!"
احتدت ام فارس وقالت له:"بدك تحكي بموضوع
"جورجيت" انا ما عندي اشي احكيلك اياه انا حكيتلك كل اللي بعرفو وانت عمرك ما راح تصدق ..انت راسك ناشف وحترجع تقل لي هاي قصص عواجيز ما بتخوف...انتو يا اولاد المدارس ما بتصدقوا انو في اشياء كثيرة ممكن تصير وبتفكروا حالكم انتم بس اللي بتفهموا .."
ربت فارس على كتف امه وقال لها:يا امي انا مصدق كل اشي عن قصة جورجيت ..وانت ما كذبت علّي وكل كلامك مزبوط..
نظرت اليه وقالت: "طيب يا امي ما دمت مصدق اعمل زي ما قلتلك وسافر لبعيد ولا تخلي جورجيت تعرف محلك بلك الله نجاك منها" ..امسك فارس بيد امه وقال :"لا تخافي يا امي ، جورجيت ماتت واللعنة حتخلص قريب كثير".
قاطعته امه قائلة :"ارجعت تحكي لي جورجيت ماتت والبنت الحلوة اللي حكيت لي انها اعطتك صورة ابوك وجدك ما هاي هي جورجيت ،ليش ما بتصدق ؟ قلتلك جورجيت ما بتموت...!
فقال فارس: لا يا امي فش حدا ما بموت، وكمان مش معقول بعد مية سنة جورجيت تكون لسه عايشة ،والبنت الحلوة اللي حكيتلك عنها هاي مش جورجيت هاي اسمها ياسمين ..وجورجيت بتكون ستها..
فقاطعته امه وقالت:لا يمه لا تصدق هاي جورجيت ..
فرد فارس:يا امي انا صرت بعرف بالقصة اكثر منك هاي بنت بنتها وانا بحبها وراح اتجوزها.
فقالت الام وهي تبكي:بدك تتجوزها يمه ..هاي جاي تنتقم منك لانك من ولاد الدهري لا تصدقها يمه ..!!
فقال فارس:صدقيني يمه لو بدها تعمل فّي اشي كان عملت زمان وما في حد منعها ..افهميني الله يخليكي يا امي بعد ما اتجوز ياسمين راح تنتهي اللعنة كلها ..وفي اشياء كثيرة ما بتعرفيها انت بس انت اطمئني ولا تخافي.
صمتت ام فارس وهي لا تدري ماذا تقول او تفعل وايمانها كبير بأن ما سيرسمه القدر لا يمكن ان تغيره..وشرد فارس بخياله هو ايضا فهو لا يدري كيف سيشرح لامه بأن زواجه من ياسمين لا يتم الا بشروط واحداها ان الزواج سيكون في احد المقابر وفي ساعات الليل.
وتجرأ فارس وبدأ يشرح لامه محاولا اقناعها بطريقة الزواج الغريبة ولكنه فوجيء بأن امه اخذت تصرخ وكاد ان يغمي عليها فور سماعها لما قاله وعبثا حاول فارس ان يهدئها ..وبالرغم انه قال لها انه بيمزح لا اكثر ولا اقل ولكن امه ظلت تصرخ وتبكي بصوت عال واستسلم فارس وتركها لتهدأ لوحدها ،وفي هذه الاجواء المشحونة بالبكاء والصراخ دخل علاء الاخ الاصغر لفارس الغرفة ليستوضح سبب بكاء امه وصراخها...!!
وقبل ان يسأل قالت امه :شايف يا علاء اخوك فارس انجن وبدو يجننا معاه ...
بدو يتجوز في المقابر ..اخوك هذا بدو مستشفى مجانين.. "جورجيت" طيرت مخو من راسه..
اخذ علاء يهدىء من روع امه وهو يزم على شفتيه محاولا حبس ضحكته مما سمعه منها ...هدأت امه واصطحبها الى شرفة المنزل لتستنشق قليلا من الهواء وعاد الى فارس ليسأله عما يحدث....فأجابه فارس:لا شيء يا علاء لا شيء ..فأصر علاء ان يعرف القصة والسبب الذي دفع امه لتصاب بهذه الهستيريا..فقال له فارس بانه لا توجد اية قصة وان كل ما فّي الموضوع انه يحب فتاة ويريد ان يتزوجها واشترطت هذه الفتاة ان يتم الزفاف في احدى المقابر..
حاول علاء ان لا يضحك ولكنه لم يستطع واستفز فارس من ضحك علاء وهم بمغادرة البيت الا ان علاء امسك بيده وقال له: "لا تزعل يا فارس ولا تلومني مهو يا بضحك يا بصير اصرخ وألطم على وجهي زي امك"..الطريقة التي تحدث بها علاء جعلت فارس يضحك هو ايضا وجلس وقال لعلاء:معك حق تضحك بس افرض اني انا بمشكلة كبيرة وهالمشكلة هاي ما بحلها الا اني اتجوز في المقبرة ...انت بتساعدني وبتيجي معي ولا لأ..؟!!
صمت علاء قليلا وبداخله اعتقد ان اخاه فارس يمزح لا اكثر ولا اقل وفكر انه لم يكن فارس يمزح بل هو فعلاقد جن وقال لفارس:
"طبعا انا معك وانا جاهز اروح معك وين ما بدك".
لم يخف على فارس ما فكر به علاء وابتسم وقال له:"انا بمزح يا علاء بمزح" وخرج فارس وركب سيارته واخذ يتجول من شارع الى اخر وهو يفكر ماذا يستطيع ان يفعل وقد اغلقت امامه كل الابواب فهو لم يستطع ان يقنع امه واخاه وهما اقرب الناس ...
وتذكر فارس غضب امه وعاد الى البيت مسرعا خشية ان تحكي امه قصة جورجيت لعلاء ، خاصة ان علاء لا يعرف عن هذا الموضوع شيئا. توجه فارس لامه فوجدها لا تزال تبكي وهي تجلس مع علاء ..فاقترب فارس منهما وهو يدعو الله ان لا تكون امه قد قالت
شيئآً لاخيه .
.فجلس معهم واكتشف ان امه لم تحك لعلاء سوى ان فارس "بحب بنت غريبة وراح تجننه" ..
.وشاركهما فارس الحديث واطمئن حينما شعر بأن امه حريصه اكثر منه ان لا يعرف علاء ان فارس من عائلة اخرى غير عائلته..
.خرج فارس مره اخرى وسار بالسيارة لساعات وبعد ذلك اوقف السيارة واخذ يسير على قدميه حتى ساعات متأخرة من الليل وهو شارد الذهن يسير الى حيث تأخذه قدماه ..ولم يقطع شروده وسرحانه الا صوت مفاجيء جاءه من الخلف :"فارس لا تطلع وراك
" ،وفور سماع صوت ياسمين الذي ميزه فارس بسرعة تلفت خلفه ليراها تسير بعيدة عنه عدة اقدام...اقتربت ياسمين من فارس وسارت بجانبه وطلبت منه ان يستمر في سيره ..وقالت له غاضبة: انت وعدتني لما اطلب منك ما تطلع وراك مش راح تطلع ليش اطلعت وراك ليش ما حافظت على وعدك انا كيف بدي اثق فيك واركن عليك ولسه ما مر يوم على وعدك وانسيتو...
قاطعها فارس وقال لها: "ما صار شيء يستحق كل هالزعل انسيت وطلعت شو صار.. طارت الدنيا".
فقالت ياسمين:"يا فارس لا تستهتر بالامور انا طلبت منك اشي .. سويه وبس..."
فقال فارس محاولا ان يحسم الموضوع: "حاضر والله العظيم ما راح اتطلع وراي واعتبريها اخر مرة .."!
فقالت ياسمين: طيب يا فارس بس بحب احكيلك اني انا ما بعرف شو حيصير في وحده من المرات اللي بطلب منك فيها ما تّطلع وراك وتنسى انت وتطلع لا تستغرب ان قلتلك انو ممكن يصير اشي كثير مش مليح علشأنك وعلشاني..
فقال فارس: حاضر حاضر مش راح انسى.
فقالت ياسمين وهي تضحك: "المهم حكيت مع حماتي على العرس؟...اكيد انبسطت كثير."
فقال فارس :انبسطت كثير كثير ومن الفرحة كان راح يغمى عليها.
فقالت ياسمين: بعرف قديش فرحت هي وكمان اخوك علاء ما في داعي تحكيلي المهم انت بعد فشلك الكبير مع امك واخوك شو راح تسوي ...؟
فقال فارس مستغربا: اول شيء انا بدي اعرف هلأ كيف انت بتعرفي شو صار بيني وبين امي واخوي وانا تاركك جنب جبل الطور؟
فهزت ياسمين رأسها وقالت ..انا ما بعرف اعتبرني خمنت مش اكثر ، المهم شو راح تسوي ..
فقال: فش امل مستحيل ، هاي فكرة مجنونة ولازم اول ينجنو علشان يوافقو... !
ضحكت ياسمين وقالت: طيب بسيطه خليهم ينجنو وهيك انحلت المشكلة واذا بدك بساعدك.."!
فقال فارس: انك تجننيهم ما عنديش شك انه بطلع بايدك وزيادة يا ياسمين ..لازم انسى هالموضوع ، ما بدي يصير بأمي اشي بسببي .."... ......
فقالت ياسمين: سلامتها حماتي وانا كمان ما بدي يصير فيها اشي واكثر من هيك انا
كمان حساعدك وحخليلك امك تنسى كل اشي بتعرفو عن هالموضوع من اولو لاخره ومن اول يوم عرفت فيه ابن الدهري لليوم ..هذا واكثر من هيك.. كمان ما في داعي انها تيجي وتحضر عرسك بالمقبرة ..شرط العجوز انو يحضروا تسع انفار من طرفك ..ومش ضروري امك تكون بينهم...فكر فارس قليلا وقال: "ولا اخوي علاء .."
فقالت ياسمين :وكمان علاء ما في داعي ييجي...
فقال فارس: طيب ما بنفع اكون انا لوحدي وتخلص هالمشكلة"!؟
فقالت ياسمين: لو هالموضوع بأيدي بينفع بس الشرط شرط تسع انفار من طرفك لازم يحضرو مش مهم شو يكونو ..اقاربك او معارفك او اصحابك .. انت حر اختار اللي يناسبك.
لمعت برأس فارس فكرة ان يقوم بأستئجار تسعة اشخاص ما دام لا يهم من يكونوا بالنسبة له مقابل النقود وليس من المستحيل ان يقنع تسعة اشخاص او عشرة ولكن فرحته تلاشت حينما فكر بانه يحتاج الى مبلغ كبير ليستطيع اغراء الاشخاص بحضور حفل زفافه داخل المقبرة خاصة وان ظروفه المالية في الآونة الاخيرة سيئة جدا.
فشرح لياسمين فكرته وقال لها انه سيضطر لبيع سيارته ليوفر مبلغا قد يكون كافيا ..
فقالت ياسمين: اذا الم

جولينا ابراهيم قزاز
جولينا ابراهيم قزاز
000000000000000000
وقالت مازحة: فارس امك بتتخايلك جاجة وبتفكر اني راح اوكلك..ضحك فارس وضحكت ياسمين ومن ثم اخرجت من عبائتها "قلادة" غلب عليها اللون الازرق مع الفضة وناولتها لفارس وقالت له :..خذ هاي القلادة وحطها في البيت وما دامت في البيت ..امك مش راح تتذكر أي شيء يخص هالقصة ومش راح تتذكرني حتى لو شافتني مرة تانية ..راح ترجع تتذكر بس نخلف بنتنا.
اخذ فارس القلادة ودخل وخبأها في البيت وخرج الى ياسمين وقال لها :انت متأكدة انها مش راح تتذكر أي شيء ؟ ..فقالت ياسمين بتحب تجرب جرب وروح ناديها بس انا بنصحك بلاش ...
فقال فارس: "راح اناديها" شو بدو يصير اكثر من اللي صار ودخل الى البيت بسرعة واصطحب امه معه الى حيث ياسمين ووقف ينظر الى امه ليرى ماذا سيحدث ..نظرت ام فارس الى ياسمين بأستغراب وكأنها تراها للمرة الاولى..ونظرت الى فارس وعيونها تتساءلان من هي؟.. فرح فارس لأن امه لا تتذكر وقال لها بسرعة: "هاي ياسمين يمه" ..
فقالت الام :اهلا وسهلا يا بنتي ليش قاعدين بره؟..تفضلوا ادخلوا"
فقالت ياسمين متعمدة..معلش يا حماتي احنا مستعجلين بكره برجع عندك"
..استغربت ام فارس من كلمة"حماتي" وقبل ان تستوضح ،سبقتها ياسمين وقالت : مالك يا حماتي؟.. شو فارس ما حكالك انوا احنا مخطوبين وراح نتجوز الاسبوع الجاي واحتمال نسكن عندك في البيت ..مش معقول انو فارس نسي يحكيلك..
يا الله يا فارس احكيلها..واحكيلها كمان انك حلفت علي بالطلاق انو ما حد يشوف مني شيء حتى عيوني وأولهم امك..معقول يا فارس امك "حماتي" ما تشوفني؟ بلكي انا لوقة ولا حوله كيف بدها تعرف؟.. طيب انا راح استناك في السيارة احكي لامك ولا تتأخر عليّ..!
توجهت ياسمين الى السيارة ووقف فارس امام امه وهو لا يدري كيف يخرج من هذه الورطة الكبيرة ..بقيت عيون ام فارس تراقب ياسمين حتى أطمانت الى انها ابتعدت ونظرت الى فارس غاضبة وقالت:شو اللي بتقولوا هاي المجنونة يا فارس؟
ضحك فارس وقال:"هاي بتمزح هلأ بوصلها بسرعة وبرجع احكيلك.."
واسرع فارس بإتجاه السيارة حتى لا يعطي امه فرصة لتتحدث ..ركب السيارة وقادها فقالت له ياسمين :"انا نصحتك وانت ما سمعت ..!".
فقال لها:ولا يهمك لازم اتعود على افلامك ..فقالت ياسمين :طيب خلينا في المهم..العرس يوم الثلاثاء الساعة (03،11 ) بالليل يعني بعد اربعة ايام..في مقبرة الارقام..جاهز يا فارس؟
فأخبرها فارس بانه جاهز وان الاشخاص المطلوبين لهذه المهمة ايضا جاهزون ...فقالت ياسمين :
"فارس.. في شغله مهمة لازم تتذكرها مليح ..الاشخاص اللي انت جايبهم جايين على عرس مش على تصوير فيلم وانا بحذرك هاي فرصتنا الاخيرة لا تستهتر فيها..وهلأ وقف السيارة وامشي ولا تتطلع وراك.".
..اوقف فارس السيارة وترجلت ياسمين وتوجه فارس الى صديقه وابلغه بأن الاشخاص يجب ان يعرفوا بأنهم ذاهبون الى حفل زفاف وان فارس يجب ان يلتقي بهم ليبلغهم هذا بنفسه...فرد عليه صديقه بأن هذا مستحيل ..ووجد فارس نفسه بأنه لا بد ان يستعين بصديق اخر له من احدى المدن الفلسطينية فتوجه اليه بسرعة وبعد حوار وجدال ومحاولات كثيرة استمرت ليومين اشرف عليها فارس بنفسه..حتى لا يكون هناك مجال للفهم الخطأ استطاع فارس ان يقنع تسعة اشخاص باغرائهم بمبالغ مالية كبيرة وصلت الى ثلاثة الاف دولار للشخص الواحد وحتى يضمن فارس حضورهم دفع لهم جزءاً من المبلغ والباقي اشترط ان يدفع بعد حفل الزفاف..
عاد فارس بعد ان اتفق معهم على الموعد المحدد للقائهم ...وفي الطريق اخذ فارس يفكر بالمبلغ الذي معه وبانه لا يكفي لاتمام المهمة فخطر بباله انه لو يرى ياسمين ويطلب منها المزيد من القطع الذهبية وما كاد ان يصل الى البيت حتى لمح ياسمين تقف على ناصية الشارع وكأنها تنتظره بناء على موعد توقف فارس بجانبها فاقتربت من الشباك ولم تصعد الى السيارة وقالت له : "كيفك يا فارس اشتقت لك ".
فقال لها:وانا كمان.. اركبي...
فقالت :لا معلش عندي شيء لازم اعملو ..
فقال لها: شو بدك تعملي في حارتنا ؟
فقالت :مش مهم تعرف شو صار معك انت..؟
فقال: كل شيء تمام بس...؟
فقاطعته:الفلوس ما كفو ؟..
طيب مش مشكلة لما تروح على الدار حتلاقي المشكلة محلولة .. وهلأ امشي ولا تتطلع وراك ومش حتشوفني الا في موعد الزفاف"!
سار فارس بالسيارة عدة امتار وسمع صوت ياسمين من الخلف يقول له..
- :"فارس لا تطلع وراك ولا تخلي الناس يضحكو عليك.."
ابتسم فارس وعاد الى البيت ..لاقته امه على الباب واخذت تنظر اليه نظرات غريبة ..ضحك فارس وعلم انه الان في ورطة ويجب ان يجيب على اسئلة امه حول ياسمين ذات الخمار ...امسكت ام فارس بإبنها وسحبته الى الداخل وهو يضحك وقالت له : "وهلأ بدك تحكيلي قصة الشيخة المجنونة ..ولّي بتحكيه..وعلى فكرة المجنونة اجت على البيت وتركتلك هاي "القطعة " ..وقالت لي اقلك لا تخلي الناس يضحكو عليك.."
امسك فارس بالقطعة الذهبية التي تركتها ياسمين له وهي من نفس نوعية القطع السابقة ووضعها في جيبه واستفسر من امه ان كانت قد تركت له شيئا اخر فردت امه بأنها لم تترك له شيئا اخر..وانها جاءت مسرعة وذهبت مسرعة حتى انها رفضت الدخول..وحاول فارس ان يتهرب من امه بالاجابة عن موضوع الشيخة المجنونة ولكن امه امسكت به لعدة ساعات وهي تستجوبه حتى ملت ..وفي صباح اليوم التالي توجه فارس لبيع القطعة لعلها تغطي جزءاً من المبلغ المطلوب ..دخل فارس الى نفس المحل وناول صاحبه القطعة..اخذ صاحب المحل يتفحصها ليرى اذا كانت حقيقية كالسابقات ..ففوجىء فارس وصاحب المحل حينما دخلت ياسمين وسحبت القطعة من يد صاحب المحل وناولتها لفارس وقالت له بصوت مرتفع ..
:"بتعرف شو يعني حمار ..لا تطلع وراك"..
وخرجت ياسمين من المحل ونظر صاحب المحل الى فارس وسأله عن من تكون هذه المقنعة..؟
فقال له فارس: بحكيلك مين هي بس بتقدر تقلي شو قصدها اني حمار..!؟".
فقال له:"اسألها ..وهات القطعة .."
فقال فارس :بطلت ابيع لحد ما افهم ليش انا حمار..!
وبعد حوار طويل وجولة طويلة في عدة مناطق اكتشف فارس بأن سعر القطعة هو عشرة اضعاف مما كان ينوي بيعها ...
وفي صباح يوم الثلاثاء استعد فارس لليوم المشهود وبدأ يشعر بالقلق والخوف والساعات تقترب من الموعد وكان اكثر ما يخيفه هو مفاجآت قد تطرأ وتقلب الأمور راسا على عقب ......
وفي الساعة الثامنة مساء توجه الى مكان اللقاء بالاشخاص التسعة الذين احضرهم صديقه وكان واضحا على وجوههم انهم قلقون اكثر منه وان الخوف قد اعتراهم وبالرغم من المبالغ المدفوعة التي لم تستطع ازالة الخوف والقلق ..من حدوث شيء غريب وقناعتهم بأن الموضوع اكثر من مجرد زفاف فمن وجهة نظرهم لا يوجد مجنون على الارض يفكر في اجراء زفافه داخل مقبرة ..فأي مجنون هذا يدفع ايضا للحضور اجرهم..؟..جلس فارس معهم وحاول ان يطمأنهم وقال لهم: بانهم لن يخسروا شيئاً من وقوفهم لعدة دقائق..
ولتشجيعهم اكثر اخرج فارس النقود من جيبه واراهم اياها وقال لهم :"بعد ان ينتهي الحفل ساقوم باعطائكم هذه النقود فورا" ...ولكنه حذرهم ان هذا مشروط ببقائهم جميعا وان انسحب احدهم يعتبر العقد لاغيا ...فبادره احدهم وقال :
شو بتفكرنا يا زلمة ...بدك كمان نحفر القبور بنحفرها انت لسه مش عارف مين احنا ؟!
فقال فارس: "ما بدي تحفرو قبور بدي اياكم توقفو وتتصرفو طبيعي وما تخافو ..لا اكثر ولااقل
اقتربت الساعة من العاشرة وتحرك فارس واصدقاؤه باتجاه المقبرة قبل الوقت المحدد تحسبا لحدوث أي خلل طاريء على الطريق قد يؤخرهم وفي تمام الساعة الحادية عشرة تسلل فارس واصدقاؤه الى داخل المقبرة بهدوء حذرين من اثارة اية شكوك حول دخولهم هذا المكان في هذه الساعة المتأخرة من الليل ..اصبح الجميع داخل المقبرة ولم يبق على موعد الزفاف المتفق عليه سوى عشرون دقيقة....
اقتربت الساعة من الحادية عشرة والنصف وفارس يتلفت يمينا وشمالا مترقبا حضور ياسمين ، بناءا على الموعد واخذ فارس يفكر ويتذكر ويراجع نفسه ليتأكد انه لم يخطيء بالموعد والمكان ...وتوصل لنتيجة ان المكان هو المكان الذي فيه والوقت ايضا وياسمين تأخرت عن الموعد عشر دقائق اما الاشخاص التسعة فكل منهم يغتنم التفات فارس الى الاتجاه الاخر ليهمس في اذن الاقرب اليه..ولا يختلف واحد مع الاخر بأن فارس مجنون..
وبدت الابتسامة والراحة على وجوههم بأن لا شيء مما قاله فارس سيحدث ولكن سرعان ما تلاشت هذه الابتسامة مع ظهور امرأة مقنعة بالاسود من بين القبور ليدب الخوف في قلوبهم ،حتى ان البعض بدأ يرتجف وعلى العكس ابتسم فارس..واقترب من المرأة المقنعة ،واقترب منها وقال: ياسمين ليش تأخرتي..؟ فكرتك مش راح تيجي ..وانو اللي عم بصير واحد من افلامك...؟
خلصينا بسرعة بلاش الشباب اللي معاي يهربوا...استمر فارس بحديثه بسرعة وقد اخفض من صوته ولكنه شعر بيد من الخلف تمسك به وتسحبه لعدة اقدام ليدب الرعب والخوف في قلب فارس حينما تلفت ورأى امرأة مقنعة هي الأخرى بالأسود ..وبنفس حجم الاولى..وتقول له :هاي مش انا يا مجنون هاي امي..!!
شعر فارس بقليل من الراحة جعلته يقوى على شد اعصابه قليلا بعد ان سمع صوت ياسمين وشعر بالاحراج حينما علم ان التي كلمها هي ام ياسمين ...اراد فارس ان يكلم ياسمين ولكنها قاطعته بلكزة بطرف يدها هامسة مش هلأ بعدين ارجع عند جماعتك لحد ما اناديلك:
عاد فارس الى حيث يقف الاشخاص شهود الزفاف ورأى ان وجوههم مصفرة ومكفهرة ...اقترب منهم وارادوا ان يسألوه ولكنه اشار اليهم بأصبعه ان يبقوا صامتين ...اصر احدهم على ان يتكلم ولم يستطع فارس منعه ...وقال لفارس:اسمع انت ما حكيتلنا انك بدك تجيبنا عند الجن ..مثل ما دخلتنا اطلعنا.
شعر فارس بأنه سيواجه مشكلة لم يحسب حسابها وان اصحابه يفكرون بالانسحاب بعد ان اعتراهم الخوف..واخذ فارس يهدئهم ويقسم لهم بأن اللواتي رأونهن هن انسيات ومن البشر ولا علاقة لهن بالجن...وساعده صديقه بتشجيع الشباب وكاد ان ينجح باقناعهم ..لولا ان احدهم تجمد مكانه من الخوف وهو يشير بأصبعه باتجاه ياسمين وامها..لتظهر بجانبهم مقنعة اخرى بالاسود..واخذ كل منهم ينظر بوجه الآخر..وفارس يقول لهم:لا تخافوا والله هذولا انسيات وانا حكيتلكم هذا ...عرس يا جماعة ومش بس احنا اللي راح نيجي عليه ..الله يخليكم خليكم زلام ولا تخربو عليّ الخطة...!
فقال احدهم متحديا : فارس اسمع يا حبيبي الله يرضى عليك خلينا نروح ونملص بجلدنا هذا انا شايف كل شوي بتطلع وحده جديدة..
فقال له فارس:عادي شو القصة هذولا قريبات العروس ..اقترب صديق فارس وهمس بأذنه ..قل لي دخلك هن من وين بطلعن؟ ..فلكزه فارس بأن يصمت..
واصدقاء صديق فارس يتلفتون حولهم وهم على قناعة بأن القبور ستفتح وستمتلىء المقبرة بالمقنعات..وكل منهم يفكر بالهرب وفارس وصديقه يبذلان جهدهما لاقناعهم بأن الأمر سينتهي خلال دقائق لا أكثر...
وعلى بعد امتار من فارس واصدقائه تقف المقنعات الثلاثة يتهامسن وتحيط بهن القبور من كل جانب لتظهر من طرف المقبرة عجوز بيضاء ليست مقنعة وتقترب منهن وحيث يقف فارس قال احد الشباب بعد ان رأى العجوز من حيث يقف :السلام عليكم هاي ليلة مش راح تخلص..واخذ يركض هاربا مبتعدا.
لم يتوقف الامر عند هذا الحد بل بدأ الآخرون يتبعونه بالهرب بسرعة وبطريقة هستيرية..وبسرعة دفعتهم ليتعثروا بالقبور وببعضهم البعض..لم يبق بجانب فارس الا صديقه الذي زاد الرعب بقلبه طريقة هروب الشباب ولكنه بقي بجانب فارس مذهولاً مما يحدث حوله.
جلس فارس على احد القبور حزينا صامتا يفكر بالاحراج الذي وقع فيه وبالفشل الكبير الذي حدث وكيف سيواجه ياسمين وهي التي حذرته كل الوقت ليحرص من وقوع أي خطأ...
صديق فارس الواقف الى جانبه يدفع بفارس ليتلفت باتجاه اليمين ليحذره من أن المرأة العجوز البيضاء لا تبعد عنه سوى عدة اقدام ...
تقترب منه العجوز وتمسك بيده وتسحبه مبتعدة عن صديقه وتقترب من المقنعات الثلاثة...وهي تمسك بيد فارس وتمسك بيد احدى المقنعات اللواتي يصعب ان تميز الواحدة منهن عن الاخرى..وتبتعد عدة امتار مصطحبة معها المقنعة تاركة خلفها المقنعتين..تتوقف بعد ان ابتعدت عن الجميع وتقول : يا فارس ويا ياسمين ..احد الشروط التي اتفقنا عليها ليتم زواجكما اليوم قد أخل به وكلامي لكما الاثنين ..ان لم تستطيعا القيام بأبسط الامور فكيف ستواجها ما هو اعقد ؟
اطرقت ياسمين برأسها الى الارض وكذلك فعل فارس ولم يردا على كلام العجوز ..فوجهت العجوز كلامها لياسمين قائلة:يا ياسمين اما زلت مصرة على المضي في هذا الطريق بعد كل ما حدث ...؟!
فقالت العجوز بلهجة أمر :ياسمين هل ما زلت مصره..؟ لم تجب ياسمين ولم تنبس بحرف وبقيت مطرقة برأسهاالى الارض..فقالت العجوز :"لا ادري الى اين سيوصلك عنادك هذا ..لا اشعر بأن زواجك من
فارس سينجح ..ولكن من حقك ان تحصلي على فرصة لانجاح هذا الزواج..وبرغم عدم قناعتي الا اني سأتمم هذا الزواج..وسأكتفي بصديق فارس الذي لم يهرب ليكون شاهدا عليه "..ونظرت العجوز لفارس ..وقالت له:لا افعل هذا من اجلك بل من اجلها ولا اتمنى لكما الفشل في حياتكما ..ايضا من اجلها..واتمنى بأن لا يكون مصيرك كمصير اقربائك..
عاد الامل والحياة الى فارس بعد ان سمع كلمات العجوز ..برغم انه يشعر بأن العجوز لا تحبه..
وفجأة هز المقبرة صوت قوي قادم من خلف فارس اثار بداخله الرعب وقبل ان يتلفت صرخت فيه ياسمين قائلة له:لا تطلع وراك..!
قاوم فارس الفضول والخوف مما يحدث خلفه ولم يتلفت استجابة لتحذير ياسمين له وحرصا على وعده لها بأن لا ينظر الى الخلف كلما طلبت منه ذلك...
العجوز لم تكترث للصوت الصادر وقالت لفارس ..والان سأتمم زفافكما بناء على شروطي ..على امل ان لا يخرق أي منها وان حدث ذلك فسيبطل كل شيء ...والشرط الذي لن يستوفى سيتم استبداله بشرط اخر وسينفذ الليلة ..ان وافقت عليه سيتم الزفاف وان لم توافق سيلغى كل شيء ...شرطي هو :قاطعتها ياسمين وقالت :لا يا خالتو بلاش ...!!
نهرتها العجوز وقالت بغضب: ياسمين..
اطرقت ياسمين برأسها الى الارض وقالت :اسفة يا خالتو..!
واكملت العجوز ..شرطي هو ان تقضي الليلة في داخل قبر مغلق تخرج منه قبل شروق الشمس ومعك للخروج من دقيقة الى13 دقيقة ..ان خرجت قبلها تبقى اللعنة تطاردك كما طاردت اجدادك وان سبقتك الشمس ولم تخرج لن تستطيع الخروج قبل مضي سبعة ايام ..ومن كل قلبي اتمنى لك التوفيق واتمنى ان لا تسبق الشمس بكثير ولا تجعلها تسبقك ولكن ان حدث ان سبقتك الشمس فحبك لياسمين ان كان صادقا سينير لك القبر خلال السبعة ايام التي ستمضيها فيه فحافظ على عقلك ان حدث هذا وسأتركك الان لعدة دقائق لتفكر فالخيار خيارك انت..وامسكت العجوز بيد ياسمين وسارت معها باتجاه المقنعتين الآخريين
وحينما وصلن قالت ياسمين للعجوز : ارجوكي يا خالتو بلاش مش راح يقدر..!
فقالت العجوز: هاي مشكلتو ومش مشكلتنا..بلاش تخلي قلبك يحكمك وهاي مش لعبة علشان تمشي كيف بدك...!
وتكلمت احدى المقنعات وهي ام ياسمين وقالت لياسمين: يا بنتي انا بنصحك تنسي هالموضوع عمر الجواز من ابن عيلة الدهري ما راح يمشي ..اسمعي كلام امك .. ولاد الدهري واحد ...الفرصة بأيدك يا ياسمين بلاش تضيعيها في كلام فاضي وبلاش يصير لك اللي صار لي مع ابوكي..صمتت ياسمين ولم تجب وعلقت العجوز وقالت:انا نصحتها ومن حقها توخذ فرصتها...خرجت ياسمين من صمتها وقالت سأخذ فرصتي وسأبذل جهودي لانجاحها..مهما كلفني ذلك من ثمن...فقالت لها العجوز اصبري لنرى ان كان فارس قد وافق على شرطي الاول..فقالت ياسمين انا واثقة انه موافق واتمنى ان يصمد هزت العجوز رأسها وقالت لأم ياسمين...لا ارى أي مانع من اعلان زواجهما تمنى لابنتك التوفيق فقالت "لعنة" ام ياسمين ..بنبرة حزينة اتمنى لها ان تحافظ على العهد...اشارت العجوز لفارس بيدها فتقدم فارس نحوهما وسألته العجوز اوافقت على شرطي..فأجاب فارس نعم انا موافق فقالت العجوز اذن سأعلن الان زفافكما وسأسجله في احد القبور فأبذل جهودك لانجاح كل الشروط المطلوبة حتى لا اراك من جديد لان رؤيتك لي مرة اخرى بعد اعلان زواجكما لن يجلب لك السرور سيشهد على زواجكما انت وياسمين ..صديقك واخت ياسمين ورده وامها "لعنة" ولتعلم انت وياسمين ان زواجكما ما كان ليتم الا بموافقة جورجيت ..هيا يا فارس نادي على شاهدك ...توجه فارس الى حيث يقف صديقه مشدوها خائفا يرقب ما يجري حوله ولا يجرؤ على القيام بأية حركة قال له فارس: ستقترب معي لتكون شاهدا على زواجي وبعد ذلك بامكانك الذهاب ولكن بعد ذلك ارجوك ان تحضر الى منزلي في الغد فان لم تجدني فأبلغهم اني قد سافرت في عمل وساعود بعد سبعة ايام وافحص بعد سبعة ايام فان لم تجدني قد عدت فحاول ان تبلغهم بطريقتك بأني قد سافرت بعيدا ولا اعلم متى اعود
صديق فارس الذي كان يحبه كثيرا ..تجهم وجهه وقال لفارس بانه لن يتركه هناك ولن يخرج الا وهو في صحبته مهما كان الثمن فأن كان سيحدث شيء فليحدث لهم الاثنين معا ...شد فارس على يده وقال له ما فعلته اليوم معي لن انساه لك ابد الدهر فلولاك لكان الله وحده يعلم ما كان قد يحدث ولكن ارجوك ان تثق بي فانا اعرف ما افعله ولا تخف فلن يحدث لي أي شيء ولكن هذه امور افعلها بمحض ارادتي ولا استطيع الان ان اخبرك عنها فافعل ما قلته لك واطمئن بأنه لن يحدث الا الخير ...لم يكن امام صديق فارس ما يفعله سوى تنفيذ ما طلبه فارس ...سار الاثنان الى حيث العجوز ورأت العجوز ان صديق فارس يكاد ان يغمى عليه من الخوف فقالت مبتسمة ..لا تخف يا بني فلن يؤذيك احد انت اليوم شاهد على زفاف اخ لك وثبت لنا ان امره يعنيك قولا وفعلا وعليه فقد وافقنا على ان تكون شاهده وبعدها وجهت العجوز كلامها لفارس وقالت تستطيع ان تصرف شاهدك يا فارس الا ان احببت ان يبقى فاقترب فارس من صديقه وصافحه وودعه وسار صديق فارس بطريقه خارج المقبرة وقالت العجوز : والان يا فارس قبل ان نودعك واشارت بيدها باتجاه احدى المقنعتين وقالت ..هذه وردة اخت ياسمين ...مد فارس يده وصافحها..واشارت العجوز مرة اخرى بيدها وقالت وهذه لعنة ام ياسمين مد فارس يده ليصافحها الا ان ام ياسمين لم تمد يدها رافضة ان تصافحه ...شعر فارس بالحرج واعاد يده..وقالت ام ياسمين لفارس: اتمنى من كل قلبي ان اكون مخطئة من اجل ياسمين واتمنى ان يأتي يوم واسلم عليك وتستطيع ان تسّلم عليّ ولكن ليس الان يا أبن الدهري .
فقال فارس اعدك ان هذا اليوم سيأتي ..فقالت العجوز والان يا فارس سأودعك واتمنى لك ان تلتقي بأم ياسمين واختها قريبا واتمنى ان لا تراني مرة اخرى...وسارت النسوة الأربعة بالاتجاه المعاكس لفارس وحينما مرت ياسمين من جانب فارس لكزنه بيدها وقالت لا "لا تطلع وراك" وقف فارس مذهولا وقال بصوت عال ...طيب شو اسوي هلا شو اعمل وين اروح يا عجوز انت ما حكيتيلي ولكن لا حياة لمن تنادي فلا احد يرد على فارس وقف فارس وهو لا يدري ماذا يفعل وايضا لا يستطيع التلفت للخلف ولا يدري ان كانت العجوز والنسوة خلفه ام انهن قد اختفين ولم يقل له احد ماذا يجب ان يفعل والعجوز قبل الزفاف اشترطت عليه ان يدخل قبرا ويخرج قبل شروق الشمس من دقيقة الى 13 دقيقة ولكنها لم تقل له أي قبر وفكر فارس هل العجوز نسيت ان تقول له ام انها تحدته حتى يفشل وان كانت العجوز قد نسيت فلماذا ياسمين لم تقل له وما هذا الزواج كلام والسلام اغتاظ فارس اكثر واخذ يحدث نفسه بصوت عال وهو لا يجرؤ على التلفت الى الخلف واخذ يسخر من نفسه ومما يحدث ويقول بصوت عال ...فارس ادخل قبر ولا تطلع منو فارس لا تطلع وراك فارس اصحى الشمس تسبقك.. يلعن فارس وابو فارس..
تمالك فارس اعصابه وبدأ يستعيدها بهدوء وهو يعلم ان الوقت ليس لصالحه ...وسار بين القبور دون التلفت الى الخلف لعله يهتدي الى شيء ما يساعده على ماذا يجب ان يفعل وحصل ذلك فعلا فقد رأى فارس قبرا قديما تذكره فورا وتذكر ان هذا القبر قد رأه في منطقة بئر السبع في المرة الاولى التي رأى فيها ياسمين واقترب فارس منه ليتأكد ...فوجد فارس ان على بلاطة القبر نفس الكتابة التي رأها في المرة الاولى ...افتح القبر فلا مكان للحب والشك معا..فأعتزم فارس ان يفتح القبر ليدخله فلا بد انه القبر المقصود الذي يجب ان يمضي فيه ليلته بناء على شرط العجوز ولكن عيني فارس لمحتا قبرا اخر بجانبه وتذكره هو ايضا فقد رأه في مقبرة طبريا فاقترب منه فوجد عليه نفس الكتابة التي كانت في المرة الاولى ...
يا زائري لا تخف
وانت تنظر قبري ..
يا زائري
انا قدرك
وانت قدري
يا زائري
اغلق قبرك
يفتح قبري...الخاحتار فارس وزادت حيرته حينما رأى قبرا ثالثا كان قد رأه في السابق في حيفا
اقترب منه ورأى ان نفس الكتابة عليه في كل قبر سر ولكل سر قبر اذا خرج السر من القبر سار وان كشف القبر عن السر انهار ...فتعال في الظلمة لتكون سري او اهرب من خيط نور قادم واغلقني فتبين فارس ان هذا القبر المقصود فالعبارات التي عليه تشير الى نصيحة العجوز وخاصة مقطع "اهرب من خيط نور قادم" وقال فارس في نفسه ولكن هذا القبر رأيته في السابق في بداية عهدي بياسمين فلماذا يكون هو..وبدأ فارس بالبحث بين القبور ورأى ايضا قبر عمته ربيحة الذي اخرج منه الصندوق وقد كتب عليه...هنا دفنت الحقيقة ومن هنا يجب ان تخرج ...ايقن فارس بان كل قبر قد فتحه بالسابق انتقل الى هنا ..احتار كيف انتقلت هذه القبور من مناطق مختلفة ومتباعدة واجتمعت في مكان واحد ام انها نسخة عن القبور السابقة؟..
لم يستطع فارس ان يحسم امره حول أي قبر يجب ان يختار فكل العبارات التي على القبور تشير إلى ان القبر هو المقصود.. عاد فارس وقرأ كل ما كتب على القبور وبدأ بالقبر الاول الذي فتحه الى القبر الاخير الذي ضمه ...واخذ يحلل ما كتب على كل قبر ووجد ان لكل قبر قصة لم يفهمها في حينه وتذكر انه كلما دخل مقبرة كان يقوم بفتح قبر جديد وايقن فورا ان هذه المقبرة يدخلها لاول مرة وان قبرا اخر يجب ان يكون فبحث بين كل القبور التي على يمينه وعلى شماله فلم يجد قبرا مناسبا للقصة التي حدثت فكلها قبور عادية وهنا فكر في انه ربما القبر المقصود سيكون خلفه ولكن كيف سيتلفت الى الخلف وياسمين حذرته ان لا ينظر خلفه كلما طلبت منه ذلك فقرر ان لا يتلفت الى الخلف وبدأ بالسير الى الامام بشكل دائري لعدة دقائق حتى اصبح النصف الثاني للمقبرة امامه وحينما نظر نحو القبور فوجيء بانه يرى عشرات القبور ا

جولينا ابراهيم قزاز
جولينا ابراهيم قزاز
وقالت له:ما رجعت للشغل ؟
فابتسم فارس فقالت صحيح انا انسيت...
فتناولا طعام الغداء وامضيا بقية النهار بالحديث عن مخططات المستقبل.
وفي صباح اليوم التالي افاق فارس مبكرا كعادته وايضا لم يجد ياسمين بجانبه وكالمعتاد توجه الى المطبخ فوجد امه وياسمين بمنتهى الانسجام يعدان معا طعام الافطار وشعر ان امه قد تعلقت بياسمين بطريقة غير عادية ولم يعتد فارس ان يرى امه سعيدة كما رآها باليومين السابقين وتساءل بينه وبين نفسه هل تعلم امه انه ينام في غرفة ياسمين ولم تهتم ام انها لا تعلم...
ففارس لا يجرؤ ان يسأل ياسمين وفي نفس الوقت لا يدري كيف يعرف ..
جلس وتناول معهما طعام الافطار وبعدها قالت ياسمين له امام
والدته:فارس ما تأخرت عن شغلك ..؟
فرد فارس ساخرا: لا اليوم انا عندي اجازة؟
فردت له ياسمين الابتسامة بابتسامة خبيثة وطلبت منه ان يجلس ويتحدث بما انه لا يعمل...
ضحك فارس وجلس مع ياسمين في برندة البيت فسألته
ياسمين :فارس امك حكتلي عن جارتكم اللي مات جوزها وعن وضعها المادي لازم انت تساعدها وبعدين الفلوس ما الها قيمة واشي ثاني مهم سيارة المرسيدس هاي انا مش حابيتها ...
اليوم ما بدي اشوفها هون يالله هلأ روح وما ترجع الا تتلاقيلها حل...
خرج فارس وهو يضحك وارضاء لياسمين توجه الى احد المعارف وقام ببيعها له باقل من ثمنها بكثير وقام باستئجار سيارة وعاد بعد الظهر الى البيت ..
استقبلته ياسمين وقالت له:رحت على الشغل اليوم!! ..وضربت يدها على رأسها وقالت:شو مالي انا صرت اتصرف زي امك..انسيت انو اليوم عندك اجازة..
فأخبرها فارس انه قام ببيع السيارة وقبض ثمنها ...ففرحت ياسمين وقبلت فارس من خلف الخمار وقال لها فارس:هاي بوسة ما بتنفع ..فضحكت ياسمين
وقالت:اصبر ما ظل كثير وهلأ علشان اكون مرتاحة روح اعطي جارتكم فلوس ..حرام عندها ثلاث بنات وظروفها مش ولا بد..فأخرج فارس من المغلف بعض النقود.
فاستدارت ياسمين الى الغرفة غاضبة ولحق بها فارس لا يعلم سر غضبها فقالت له:شو انت ما بتفهم بحكيلك جارتكم عندها ثلاثة بنات وانت بتعرف انو احنا قديش بنحب البنات وكل بنات الدنيا خواتي وانت بخلان عليهم بشوية فلوس ؟ضحك فارس وقال :حاضر يا حبيبتي اذا بدك بعطيهم كل الفلوس ...
فضحكت ياسمين وقالت بدلال: لا مش كل الفلوس شيل1500 دولار ورجعهم لاخوك علاء ولا انت ناسي انك اخذتهم منو زمان؟ فابتسم فارس واخرج من النقود مبلغ1500 دولار واعاد اغلاق المغلف وهم بالخروج ولكن ياسمين استوقفته وطلبت منه ان يرسل للجارة النقود بطريقة ذكية ودون ان يشعرها بانها مساعدة ...
خرج فارس واحتار بالطريقة حتى وجدها وعاد بعد ساعتين وطلبت ياسمين ان يعطي1500 دولار لعلاء ففعل ذلك وامضيا بقية النهار ..وفي صباح اليوم التالي استيقظت ياسمين باكرا فقام وتناول طعام الافطار
وقالت له :انها تنتظره بعد العودة من العمل ليذهبا ويشتريا بقية الاغراض ...
خرج فارس من المنزل وهو يفكر بتصرفات ياسمين هذه وبما انه لم يعد معه أي مبلغ من المال فقد توجه الى البنك واستدان مبلغ ثلاثة الاف شيكل وعاد الى المنزل فاستقبلته ياسمين
وقالت: ...شو اليوم مروح من الشغل بكير كثير ...فضحك فارس وقال لها:وبعدين يا ياسمين انت انسيت ...فضحكت ياسمين وقالت له:انا بمزح معك
وخرجا معا بسيارة الاجرة الى احد الاسواق وقامت ياسمين بشراء اشياء كثيرة للبيت لم يكف المبلغ الذي يحمله فارس فاضطر الى الاستدانة من احد المحلات بناء على معرفة سابقة وعادا الى البيت في ساعات المساء ..
ومرة اكثر من عشرة ايام وياسمين لا تخرج من البيت الا اذا كانت تريد ان تشتري شيئا ضروريا للبيت وليس لها ..واحبتها ام فارس والجارات والقريبات حبا لا يوصف وكانت حكاية النذر مقنعة للجميع واعتادوا على ان لا يروا وجهها بناء على وعدها لهم بانهم سيرونها قريبا بعد ان ينفك النذر وينتهي وبعد مضي عشرين يوما من مكوث ياسمين في بيت فارس وفي صباح اليوم الحادي والعشرين افاق فارس كعادته...
وتناول طعام الافطار.. ورفضت ياسمين ان تاكل شيئا وخرج فارس كالمعتاد وهو يتسائل لماذا تصر ياسمين ان تكلمه بنفس الطريقة في كل صباح لدى خروجه ولدى عودته ولكنه ظن ان الامر يتعلق بوالدته ..
وحينما عاد فارس استقبلته ياسمين كالعادة وسألته عن عمله فاجابها نفس الجواب فضحكت وقالت له انا بمزح...فاعدت له طعام الغذاء ورفضت ياسمين تناول الغداء وكذلك الامر مع طعام العشاء امسكت ام فارس بفارس واخذته جانبا وسالته:" ما لها ياسمين من الصبح رافضة تحط بفمها اشي..؟
فاجابها فارس انه لا يوجد شيء بل على العكس كل شيء يسير كالمعتاد...وفي اليوم التالي تكرر الامر فجلس فارس مع ياسمين وسألها:شو القصة يا ياسمين انت زعلانة من اشي؟
فضحكت ياسمين وقالت: شو يا فارس باين علّي زعلانة من اشي..هو في اشي بزعل..!؟
فقال لها: طيب ليش مش عم توكلي ..
فقالت: ما في اكل في البيت شو اوكل ..!؟
فضحك فارس وقال:اذا الاكل مش عاجبك انا حطلع واجيبلك كل انواع الاكل...؟
فضحكت ياسمين وخرج فارس وقام باحضار انواع كثيرة من الطعام ..وبالرغم من كل هذا رفضت ياسمين ان تأكل شيئا..جن جنون ام فارس وصرخت في فارس :بدك هلأ تحكيلي شو فيه ..البنت صارلها يومين مش عم توكل..
احتار فارس واقنع ياسمين ان يخرجا معا فخرجا في المساء ..توقف فارس بجانب احد المطاعم وجلسا هناك وياسمين تضحك سعيدة كعادتها ..طلب فارس الطعام ورفضت ياسمين ان تؤكل شيء فلم يأكل فارس وعاد الى السيارة وقال لياسمين: شو الموضوع انت ما كنت هيك شو صارلك..؟
فضحكت ياسمين وقالت: ولا شيء يا حبيبي انا قررت اني مش راح اوكل شيء الا اذا انت جبتوا...
فأستغرب فارس وقال: انا جبت اشياء كثيرة بس مش عاجبتك..ممكن تحكيلي اشي واحد عاجبك وانا هلأ بروح اجيبوا..
فقالت:أي اشي بتقدر تجيبوا انا حيكفيني ..
لم يفهم فارس ..ماذا تقصد ياسمين وشعر انها تعمل على استفزازه وقال: ياسمين شو القصة انت بدك ترجعي تجننيني زي اول..
فقالت ساخرة:لا يا حبيبي سلامتك من الجنون انا ما بدي اشي كثير بس بدي اعيش مثل كل البنات بدي اشعر انو جوزي مسؤول عني وكمان بدي اشعر انو الأكل الي راح اوكلوا ..
جوزي بيجيبو مش امه ولا اخوه ومش راح يستقرض من حدا فلوس علشان يعزمني على مطعم..
انا يا حبيبي ما بدي مطاعم انا لو بدي مطاعم بشتري كل مطاعم البلد وانت بتعرف مليح وكمان انا مليت واحنا كل يوم بنحكي عن القصور والسيارات والخدم وانت يا حبيبي مش عم تقدر تجيب اكل للبيت ..
لما تبطل تحلم بصناديق الذهب والكنوز وتفكر كيف راح تشتغل علشان تقدر تعيش ..ولحد ما تصير تفهم بحب اقولك انا لو بموت من الجوع مش راح اوكل شيء انت مش قادر تجيبوا..
ذهل فارس من طريقة تفكير ياسمين وشعر ان كل احلامه قد انهارت في لحظات ولم يفهم لماذا تتصرف ياسمين هكذا ..ولماذا دفعته ليصرف كل ما يملك ويستدين..
وسألها :لماذا يا ياسمين ؟ فقالت له:لاني بدي انسان يحبني واحبوا وبحبوا الحقيقي حطلع من العتمة للنور وما بدي لا قصور ولا خدام فقال بهدوء :بس يا حبيبتي المنطق بحكي اذا كانت الفلوس موجودة وكثيرة ، بنقدر نستغلها وممكن نعمل فيها اشياء كثيرة .
فقالت ياسمين: الفلوس ما الها قيمة عندي واللي عاش حياة مثل حياتنا بعرف معنى كلامي والاحلام والسعادة عمرها ما بتنشرى ..
والقرار هلأ بايدك ويا الله رجعني على البيت عاد فارس وياسمين الى البيت وكلما حاول ان يقنعها ان تأكل تصدت له ومنعته من الحديث في هذا الموضوع وفي اليوم التالي وجد فارس نفسه في ورطة كبيرة فهو يعرف انه اذ لم يعمل بسرعة فلن تأكل ياسمين وهي عنيده ولن تتراجع..
فخرج من البيت وعاد بعد ساعات الظهر سعيدا ...استقبلته ياسمين كعادتها وسألته فأخبرها انه استطاع عقد صفقة تجارية صغيرة حصل منها على بعض النقود واحضر معه الطعام ...
فرحت ياسمين وقال لها فارس :والان سنتاول الطعام معا ..اعدت ياسمين الطعام وجلس وبدأ بتناوله وياسمين جالسة تبتسم ولا تأكل...
توقف فارس عن الاكل وسألها :شو القصة فابتسمت وقالت له :كل يا حبيبي بالهنا والشفا ..علم فارس انه لن يستطيع خداع ياسمين وشعر بتأنيب الضمير فترك الطعام وخرج من البيت واصر ان يعمل بأي شيء هذه الليلة حتى يحضر الطعام..
وحالفه الحظ ووجد عملا لعدة ساعات مقابل مبلغ صغير ولم يكن يتخيل فارس نفسه انه سيقوم بمثل هذه العمل ...وبعد منتصف الليل عاد ومعه الطعام فأكل هو وياسمين وفي اليوم التالي فعل الشيء نفسه واخذ فارس يصارع الوقت ويسابقه فهو مجبور على توفير الطعام لعدة ايام بأي ثمن والطريقة الوحيدة التي ترضى بها ياسمين هي من خلال عمله وفي نفس الوقت يحاول ان يكسب الوقت للعودة لعمله القديم المريح في عقد الصفقات التجارية التي تحتاج الى وقت لتثمر ثمارها ..
وهكذا اخذ فارس يعمل بالليل وبالنهار يبذل جهده للعودة الى عمله السابق وايجاد طريقة للخروج من ديونه التي بدأت تلاحقه حتى وصلت البيت...
وصل فارس الى درجة من الارهاق لم يعهده من قبل وكانت ياسمين تترقبه وهو عائد الى البيت لا يقوى على الحراك وتلح عليه ان يحدثها عن عمله وتضحك احيانا بصوت عالي وخاصة حينما يحدثها فارس بانه عمل في احد الاعمال التي لا تتناسب مع شخصيته وهكذا استمرت ياسمين توقظ فارس في الصباح الباكر وفارس مجبرا وليس مخيرا في الذهاب الى العمل ويتنقل فارس من عمل الى اخر وكلما كاد ينجح في عقد صفقة ما..تعب عليها لعدة ايام حتى تغنيه عن الاعمال الجسدية في المطاعم وغيرها ليتقاضى اجرا يوميا وجد ان الصفقة فشلت وضاع الامل.
في احد المطاعم بالجليل حيث عمل فارس لثلاثة ايام الاخيرة وفي ساعة متأخرة من الليل لمح فارس على احدى الطاولات في زاوية المطعم امرأة ترتدي العباءة والخمار خفق قلب فارس وارتبك وهو يقترب منها ليتأكد ان كانت هذه ياسمين ام واحدة اخرى.. ومن الطريقة التي تمسك بها السيجارة ادرك فارس انها ياسمين فلا يمكن لواحدة اخرى ترتدي هذه الملابس ان تحضر الى هذا المكان في الليل لوحدها اقترب من الطاولة وحرص على ان لا يثير الاهتمام
وقال :ياسمين شو بتسوي هون انت انجنيتي..؟
فقالت بلهجة الامر: اذا سمحت كاس ويسكي مع ثلج.
فقال لها: ياسمين بس مزح..
فقالت: بتحب اطلب من جرسون ثاني..؟!
وتجنبا للأحراج ذهب فارس واحضر كأس الويسكي وهو يعلم انه اذا لم يفعل ذلك فلن تهتم ياسمين ان طلبت ذلك من أي شخص اخر..وضع فارس كأس الويسكي امامها
وقال:لا تقول لي انك حتشربيه ..فأمسكت ياسمين الكأس بيدها وشربته على دفعة واحدة وقالت:انت مش احسن مني يا حبيبي ..
واخذ فارس يلتفت حوله ورأى ان كل من في المطعم ينظر بأتجاه ياسمين
فقال لها: شايفة الناس كيف بتطلع..
فوقفت ياسمين وقالت له: طيب بلاش احرجك اكثر من هيك امشي نطلع من هون ..
خرج فارس معها دون ان يستأذن احد وسارا لعدة امتار ...
وقالت له ياسمين: تعال اوصلك بسيارتي الحلوة...فوجيء فارس حينما رأى ياسمين تستقل سيارة المرسيدس التي باعها قبل مدة...وركب بجانبها واخذت ياسمين تقود السيارة كعادتها..وطلب منها فارس ان تتمهل..
فقالت له: سيارتي وانا حرة كيف اسوقها .
.
فابتسم فارس وقال: بس انت قبل مدة كنت متشائمة منها..!
فقالت:مش صحيح انا كنت مش مرتاحة لوجودها ومش معقول اتشائم منها....وفيها كان اول لقاء بيني وبينك ولا انسيت انك وصلتني فيها على كفركنا.
فقال فارس:ولو كيف ممكن انا انسى بس ممكن اعرف كيف حضرتك رجعتيها..
فقالت: بسيطة كثير اعرفت المعرض الي انت بعتها فيه بتراب الفلوس واتصلت فيه وشتريتها منو من جديد.
فقال فارس مستاءا:طيب ليش هاللفة والدورة يا ياسمين ..ماكان من الاول ممكن تخلي السيارة وما تخليني ابيعها.
فقالت:انا ما قلتلك تبيعها انت بعتها لوحدك ..
فقال :طب ممكن افهم ليش جايتني بهاليل ...!!
فقالت: اشتقتلك كثير وحبيت اجي اشوفك...وبعدين اجيت اذكرك انو ماظل الا عشرة ايام على موعد زواجنا وحضرتك بتطلع من الصبح وبترجعلي بنصف الليل تعبان وقبل ما احكي معك بتكون نايم ايش اعمل انا قررت اني اجيك على شغلك علشان اذكرك ..
فقال: طيب ممكن حضرتك تحكيلي شو اعمل علشان اعمله..
فقالت: معك حق انا انسيت انو لازم احكيلك احنا بدنا نتجوز بعد عشرة ايام وانا الي لازم احكيلك شو تسوي..انت حتصير جوزي بقى الامر بأيدك مش بأيدي الا اذا بتحب تتجوز على طريقتي انا ..ما عندي مشكلة.
فقال فارس: مش مشكلة من هان لعشرة ايام بصير خير .
فقالت ياسمين:طيب بنشوف بس جيت اطمئن انك دبرت حالك علشان مصاريف العرس والبدلة والحفلة ..
ما انت عارف هاي اشياء بتكلف ولا يا حبيبي مركن على امك تجوزك.
استفز فارس واخذ يضحك ضحكة قهر وهو ينظر الى ياسمين وهو يعلم ان ياسمين ان قالت كلمة لن تتنازل عنها وان كانت تنوي على ما قالته حول الحفل فهذه ستكون نهايته
وقال:يا ياسمين يا حبيبتي انت بتستمتعي في اللي بتعمليه في...ّ يا روحي ..انا بني ادم ممكن اعمل بس الي بقدر عليه حضرتك بدك اياني اشتغل أي شغل وان انا ما اشتغلت ما بترضي توكلي ...
وانت اكثر وحده في الدنيا بتعرفي اني على الحديدة وبدك خلال عشرة ايام اشتغل واجيب فلوس واعمل حفلة
وعرس يا حبيبتي ما انت عارفه البير وغطاه وبعدين حفلة شو هاي الي بتحكي عليها وانت ما بدك حد يشوف وجهك وبدله عرس كمان ..ممكن افهم انت بتخططي لشو وشو رايك تحكيلي من الاخر علشان انا متأكد انو الي بدك اياه انت هو الي راح يمشي والله يخليك لا تفكري انك توقفي السيارة بنص الشارع.
فقالت ياسمين :اول شيء صحيح انا كنت مفكره اوقف السيارة بنص الشارع لانو كلامك استفزني بس علشان طلبت مش راح اوقفها..وبعدين ممكن افهم انا شو حكيت اشي غلط وكيف حضرتك مفكر تتجوزني.
فقال فارس بهدوء خشية ان تغضب ياسمين:انا يا حبيبتي كيف بدك انت ..انا جاهز.. بدك حفلة حاضر..بدك بدلة عرس جاهز ..انا ما عندي مشكلة..بس علشان الوضع وشروط العجوز انو ما حد يشوف وجهك فكرت انو ممكن تعملي حفلة صغيرة في البيت.
فاحتدت ياسمين وقالت: شو يا فارس وليش هالغلبة ممكن تعمل مثل ما عمل سيدك سالم الدهري وتكتب ورقة والسلام...ما انا من بنات جورجيت.. كمان والورقة كثيرة عليّ خليني جارية عندك احسن.
فقال فارس: كلامك مش صحيح يا ياسمين انت احسن من كل بنات الدنيا وايش بدك انا جاهز .
فقالت: بعرف انه انا احسن من كل بنات الدنيا ...انا بدي مثل ما بتتمناه أي بنت لنفسها...
بدي حفلة كبيرة يحضروها ناس كثير وبدي اغلى واجمل فستان فرح وبدي كل شيء ممكن تحلم فيه أي عروس يوم فرحها...وكمان يا حبيبي الأهم من كل هذا حنتجوز مرتين مرة على طريقتك ومرة على طريقتي...
فقال فارس:مش فاهم بس بفكر انو تجوزنا على طريقتك في المقبرة.
فقالت: يا حبيبي خلي المقابر لاهل المقابر...هلأ احنا برا المقابر حتجوزك على طريقتك وحتجوزني على طريقتي ولا تنسى اني من بنات جورجيت ..
شعر فارس ان الامور تتأزم وهو يعرف انه لا يملك أي خيار فالأمور يجب ان تسير كما خططت لها ياسمين ولن تتنازل ياسمين عن شيء وقال لها:ياسمين اكيد انت فكرت وخططت وعارفه شو راح يصير...
ممكن اعرف كيف انا بدي ادبر كل هالمصاريف هاي خلال عشرة ايام..
فقالت:اطلب مساعدتي حساعدك.
وشعر فارس بالأنفراج والأمل ..وقال: ساعديني يا حبيبتي.
فقالت: شوف يا فارس انا فكرت وحسبت كيف انت ممكن تدبر فلوس لكل هالمصاريف وانت بالعافية مش قادر تصرف على حالك ..وبعد ما فكرت اجتني فكرة انك تبيع بيتكم ما هو مسجل على اسمك والك حصة كبيرة فيه وبعدين بيتكم كبير بجيب مبلغ مش بسيط ...
وبعدين انت اكثر من مرة قلت لي انك مستعد تبيع الدنيا واللي فيها علشاني..انا ما بدي تبيع الدنيا علشان هي مش الك بس بيع البيت..!
شبك فارس اصابعه ببعض وابتسم ابتسامة صفراء وهز راسه واغلق عيونه وشعر وكأنه بسفينة تغرق به وهو ينظر اليها ولا يستطيع فعل شيء ولم ينطق بكلمة طوال الطريق...
ولم يدري كيف وصلت السيارة الى البيت وكيف استلقى ونام ..ليحلم تلك الليلة بكوابيس مزعجة افاق في الصباح يأئسا بائسا يحمل هموم الدنيا على راسه..ولم يتناول الافطار وشرب القهوة فقط .
وقالت له ياسمين:ظل تسع ايام يا فارس وقامت وناولته مفاتيح السيارة وقالت ممكن تستعمل سيارتي اليوم واستغل الوقت علشان نلحق نحضر للحفلة ...
خرج فارس تأئها على وجهه يدور في الشوارع ويفكر بأمه واخوه وكيف سيجرؤ على بيع البيت..
وماذا سيحدث لو عرف احد بذلك وفكر انه ربما فعلا ياسمين تفكر في تدميره انتقاما او تواصلا لحمله الانتقامات القديمة بكل ما يخص عائلة الدهري لم يستطيع فارس اتخاذ أي قرار واخذ يدور ويدور من شارع الى اخر حتى اقتنع انه لا يملك القرار وان امكانية التراجع مستحيلة فهو يعشق ياسمين ولا يتصور حياته لحظة واحدة بدونها ..
توجه فارس الى احد الاقارب الذي يعمل في مجال العقارات وعرض عليه الموضوع ولم يكن قريبه هذا ليتردد للحظة بشراء بيت عائلة فارس بل عرض عليه ان ينهي الصفقة فورا وفي نفس الساعة ...
فعاد فارس الى البيت واحضر الاوراق اللازمة لهذه الصفقة وتوجه لقريبه وخلال اقل من خمس ساعات تمت الصفقة
وقبض فارس المبلغ وعاد في المساء والقى النقود امام ياسمين وقال لها:ما في عندي اغلى منك فقفزت ياسمين من الفرح وحضنت فارس ونام فارس تلك الليلة وهو يشعر بتأنيب الضمير لما فعله وفي صباح اليوم التالي خرج هو وياسمين بناءا على طلبها للبحث عن مكان مناسب لاقامة الحفلة فتجولا في عدة مدن للبحث عن قاعة مناسبة تتسع لأكثر من الف شخص ولم يكن من السهولة ايجاد المكان المناسب الذي يرضي ياسمين وكان من المستحيل ان تتوفر القاعة التي تبحث عنها ياسمين الا في المناطق الاسرائيلية البعيدة عن منطقة الناصرة وامام اصرار ياسمين استطاعوا الوصول الى احدى القاعات الكبيرة ورفضت ياسمين ان يقوم فارس لوحده بحجز القاعة فرافقته لرؤية القاعة بنفسها لتثير الفضول والتساؤلات حول شخصها ولباسها الغريب وقامت ياسمين وفارس ومدير القاعة بالتجول في انحاء القاعة بعد ان تأكد لهم بانهم يستطيعوا حجزها بالتاريخ الذي حددوه واخذ مدير القاعة يشرح الامكانيات التي يستطيع ان يوفرها وكان فارس يترجم لياسمين كل كلمة يقولها مدير القاعة وياسمين تهز راسها..
وبعد ان انهيا جولتهما توجها الى المكتب للاتفاق على كل الاجراءات واتفق فارس وصاحب القاعة على كل التفاصيل وحتى المبلغ الذي يجب دفعه بحضور ياسمين ودون ان تبدي أي معارضة ..تم كل شيء..
ودفع فارس العربون الى مدير القاعة واستلم وصل بالمبلغ الذي دفعه وتنفس الصعداء لانتهاء الأمر بسلام وكانت ياسمين تجلس على المقعد لا تكترث بما يحدث ولا تعارض...
فنظر اليها صاحب القاعة وابتسم وقال بلغة عربية مكسرة وغير صحيحة:ان شاء الله مبسوطة انت واذا بدك اشي كمان احنا جاهزين...!!
فاعتدلت ياسمين بجلستها ووضعت ساق على ساق وقالت له بلغة عبرية سليمة وبطلاقة:انا بدي شوية اشياء صغيرة تسويها اذا ممكن..ذهل مدير القاعة لطلاقة اللغة العبرية التي تحدثت بها ياسمين وخاصة انه قبل ساعة كان فارس يترجم لها..
فساورت الشكوك مدير القاعة حول الشخصية التي يخفيها الخمار فاكد لها انه جاهز لاي شيء تطلبه...؟
فردت عليه ياسمين وقالت :
اول شيء اريده هو ان تقطع الكهرباء عن القاعة وعن كل شيء له علاقة بمبنى القاعة بدءا من المطبخ وانتهاءا بالحمام وان يتم ذلك يوم الحفل من لحظة غروب الشمس حتى نهاية الحفل وخروج اخر شخص من القاعة وهذا يشمل مدخل المبنى وموقف السيارات ...
وثانيا :ان يتم استبدال كل الستائر في القاعة بأخرى تكون قادرة على حجب النور من خارج القاعة الى داخلها أي انه لا يسمح بانعكاس أي ضوء من خارج القاعة حتى ولو كان مجرد ضوء سيارة قادم من الخارج...
ثالثا:اشعال شموع في كل انحاء القاعة ومرافقها بدءا من مدخل
القاعة ...أي ان الاضاءة التي ستكون في القاعة ومرافقها يجب ان تكون اضاءة الشموع فقط..
رابعا: ان يتم تزيين القاعة بكل مرافقها بالورود مهما تطلب ذلك من كميات.
خامسا:ان لا يتواجد بالقاعة تلك الليلة أيا كان وحتى على مقربة منها بمسافة عشرة امتار وهذا يعني ان يتم تحضير الحلوى والمشروبات والطعام بكافة انواعه ليكفي لألف شخص مسبقا ...
استمرت ياسمين بطرح الاشياء التي تريدها من مدير القاعة ان يحضرها ..وفارس مبهور مما يحدث ..اما مدير القاعة فلا يصدق ما يحدث امامه ولم يكن ليراوده شك ان التي تتحدث معه عاقلة وانما مجنونة ولكن الطريقة التي تتحدث بها ياسمين جعلته لا يجرؤ على مقاطعتها.
انهت ياسمين طلباتها ووقفت واقتربت من فارس وتناولت الحقيبة التي حملها فارس بناء على طلبها وفتحتها واخرجت منها مبلغ 70 الف دولار وضعتهم على الطاولة امام مدير القاعة ..وقالت له بالعبرية ايضا:بفكر انو المبلغ هذا بغطي المصاريف وزيادة وعلشان تؤخذ قد المبلغ هذا بعد الحفل لازم تكون حريص على توفير كل اللي انا طلبته بدون اخطاء وعلى فكرة خطأ واحد وبكون كل شيء ملغي...
واتذكر مليح ان واحد فكر ان يقترب من القاعة ويتلصص من باب الفضول انت الي حتخسر... واذا انا اجيت وجربت اضوي ضو واحد وقدرت انت حتخسر... واذا فعلا انت حاب تربح نفس المبلغ هذا بعد الحفلة ابدا اشتغل من اليوم ومفش داعي تحكي هالقصة هاي لحدا علشانك انت وعلشان الضرايب وبعدين علشان ما يصير عند حدا فضول وهلأ احنا رايحين ومش محتاجين وصل ومفش داعي نسجل المبلغ..
وخرجت ياسمين وفارس يسير خلفها ومدير القاعة لم يستطيع الوقوف او التحدث فما يحصل امامه شيء اشبه بالقصص الخيالية والمبلغ الكبير جعله يظن انه بحلم او ان النقود مزورة او ان هناك كاميرا خفية تصوره .
فارس بقي صامتا حتى استقلا السيارة وقال لياسمين:هل تعلمي انك دفعت نصف ثمن البيت فقط من اجل القاعة.
فردت عليه ساخرة:مش كثير لو بعرف ان ظروفك المالية بتساعدك كنت طلبت منو يضوي الشارع كلوا بالشمع بس انا مقدرة وضعك المادي..ومش معقول احملك اشي اكثر من قدرتك وهلأ لازم نروح ندور على احلى فستان فرح واذا ما لقينا لازم نفصل واحد تفصيل وانت بتعرف ما فيّ وقت...
فقال فارس: فستان فرح ولونه ابيض..
فقالت ياسمين:آه فستان فرح ولونه ابيض وم

jojo_2007
jojo_2007
قصتك جمييل لة اوى
اوى
اوى
اوى تسلملى

جولينا ابراهيم قزاز
جولينا ابراهيم قزاز
يا هلا
بالطيبات
جولينا
.

أعذروني أن أقول لكم أن هذا العضو يعجبني
عريس حطم عظام زوجته ليلة الزفاف والسبب