^جمان^
27-02-2022 - 11:22 am
هذه القصة حقيقية تماما .. غير أني لست " فاطمة " إنها صديقتي ,, هي حكت لي , و أنا كتبت لكم :: منذ أن و لد هذا الطفل لجارنا و أنا لا أتقبل وجوده معي في نفس المكان ,, لا أظن أنني أكرهه .. لا يوجد سبب يبرر كرهي له أصلاً .. هو فقط شيءٌ من الاشمئزاز لخِلقتِه .. أو شيءٌ من الخوفِ لأن أكون مثله فجأة .. أكون مثله ؟؟!!! يا إلهي .. لا .. لا .. و كيف سيكون هذا ,, !! "حاتم" خلقه الله مُشوّه الوجه منذ ولادته .. و بلا يدين أيضاً .. و أنا خُلِقتُ جميلة .. هل يمكن أن أتشوه فيما بعد .. !! أيُّ تفكيرٍ قاسٍ هذا ..
عقدتُ حاجبيّ و نفضتُ رأسي ,, لأطرد ذلك الوسواس قمت من مكاني .. أنادي أخي : ماجد .. ماجد .. أين أنت .. ؟ أجابني تركي : ماجد يلعب مع حاتم في بيته . مططتُ شفتيّ .. وقلتُ هازئة : وماذا يلعبُ معه ياترى .. !! أنا لا أدري ماسرُّ الحبِّ العميق الذي يُكنُّه ماجد لحاتم .. إنه يحبه و يهتم به و كأنه قطعةٌ منه ! ماجد في عمر حاتم .. و هذا الأخير لم يدخل في حياته المدرسة ,, إنه لا يجيد إلا اللعب .. و اللعب بقدميه فقط ! : ذات يوم بهيجٍ أولُه .. حزينٍ آخرُه قررنا أن نتنزه في رحلةٍ طويلة .. لكن ماجد قبل أن يوافقنا الرأي اشترط أن يرافقنا حاتم .. أجبته : لا .. أرجوك .. خذ كل أصدقائك إلا حاتم ,, إني أقشَعِرُّ منه فأبى إلا ذلك .. فوافقت على مضض .. و في السيارة التي اكتظت بنا و مع حرَّ الشمس .. تصببنا عرقاً .. أدرتُ وجهي فضولاً إلى الصديقين : ماجد و حاتم ,, فعجبتُ مما رأيت !!!!! وَجهُ ماجد احمرَّ من الحرارة بل إنه يتصبب عرقاً .. لكنه و بكل حنان أراه يمسحُ العرقَ عن وجهِ حاتم !! اغتظتُ في البداية من أجل أخي .. لكنني شَردتُ سريعا إلى تأملاتي .. : : لمَ لم بمسح ماجد العرق عن وجهه أولاً .. هل يحب حاتم أكثر من نفسه ؟ ماجد لا يعرف نفاق الكبار و لا رياء الأشرار .. إنه مجردَ طفلٍ بريء يتفانى من أجلِ صديقه و أنا .. بأعوامي العشرين .. أتكبر عن الرأفة بحاتم ! بل و أستقبح وجهه و أشمئز منه !! لدرجة الخوف من عدوى قبح وجهه إلي وجهي !! سخيفة .. و قاسية أيضا .. أعترف لنفسي بذلك :: أخذت تلك التأملات مني ساعة حتى دنا مغيب الشمس .. نزلنا من السيارة لصلاة المغرب بعد فراغي من صلاتي .. شرعتُ بمراقبة حاتم و هو يصلي .. : إنه يقف بين يدي الله .. بلا يدين يركع مكبرا.. بدون أن يرفع يدين .. يقوم رافعا بلا يدين .. كل هذا.. يمكن أن يمرَّ بلا غصةٍ تقفُ في حلقي .. لكني أراه الآن يسجد بلا يدين .. !! إنه لا يحتضن الأرض كما يجب .. ! هنا ابتلعتُ غصتي وكأنها شوكةٌ مدببة .. جَرَحَت قلبي و أجرَت دمعاتي .. هاهو حاتم ينتهي من صلاته مسلّماً .. جلس قليلا .. وانتبه لوجودي .. فجاءني مسرعا كمن وجد بغيته هاتفني : فاطمة ! أجبته : نعم حبيبي .. – نعم , قلت له حبيبي , شفقة بالغة و حبا بدأ قبل قليل - قال : أنتِ تدرسين في الكليّة ؟ أجبته بالإيجاب فقال : هل تعلمتِ في الكلية كيف يدعو الله من لا يدين له ؟ : : : ياه يا حاتم هل تفكر في الدعاء لدرجة أنك تتمنى أن تتعلمه !! فهمت تماما مايقصده حاتم .. إنه يقصد كيف أرفع يدي إلى الله بالدعاء و أنا بلا يدين .. ! كيف أظهر افتقاري بدون بسط اليدين ! و هل يجوز الدعاء أصلاً بلا يدين ؟!! قررت أن أجيبه بمرح .. قلت له : بسيطة .. و مددت ذراعيّ من خلف ظهره حتى ارتفع كفاي قريبا من وجهه وقلت له بابتسامة عريضة : أنا أمد لك يديّ و أنت تدعو الله .. فقال ببراءة حبيبة حزينة : لا .. لا أريد .. إذا فعلتُ ذلك , سيسقطُ الدعاءُ من عندِ اللهِ في يدََيكِ و تأخذينه لك هذه المرة لم أجب بمرح .. ! بل سكت الكلامُ عندي وضجّ قلبي ,, : تأملتُ حاتم ذا التسعةِ أعوام ,, كيف له أن قدّر أهميةَ الدعاء ؟ ترى .. مالذي يرجوهُ من الله ؟ وأنا ..! ماذا عني ؟؟ متى آخر مرة رفعت يديَّ إلى الله و دعوته بافتقار ؟ أو على الأقل متى دعوته بدون أن أرفع يديَّ ؟ متى سأفكر كثيرا في الدعاء إلى درجة أن أتمناه .. ؟ ربما يجب أن أفقد ذراعيّ أولا حتى أحتاج إلى الدعاء .. كيف أفقدهما إذن .. ؟؟ هل أدعو الله أن أفقدهما .. حتى أبقى ذليلة لله فقيرة إليه مدى الحياة ؟!! ربما .. سأفعل .. منقول