- وبعدها شعرت بالأرق فنمت على الطاولة...
- ودارت الأيام دورتها الطبيعية ..
- وقالت لي : ما هذه الحواجب لو ترتبيها سوف تبدين أكثر جمالاً
- فعدنا على ما كنا عليه .
- فصمتت برهة!
- ثم قالت: إنه أخي خالد يدرس هنا ويسكن بسكن الطلاب وهو على وشك التخرج
نورة
امها
سارة
خالد
داعيه
خيّم عليّ التعب أثناء امتحانات الثانوية العامة فأصبح جسمي هزيل, ووجهي تبدو عليه أثر التعب, وعلامات الأرق و الشحوب...
وبينما كنت منهمكة بالمذاكرة إذ بدخول والدتي عابسة...
وتقول: نوره ألم تعديني بقطع علاقتك بسارة ؟
قلت لها: حاولت ولكن لا أستطيع تركها..
قالت : ألا تخافي على مستقبلك وعلى سمعتنا أيضاً ...
قلت: إنني أحببتها ولا أستطيع مفارقتها..
قالت لي: نورة يجب عليك قطع علاقتك بتلك الفتاة وإلا سوف أنقلك من هذه المدرسة إلى مدرسة أخرى..
فخرجت والدتي من غرفتي وهي غاضبة ..
وبعد ذلك عدت إلى المذاكرة ولكن كلام والدتي لم يزل في ذهني
وبعدها شعرت بالأرق فنمت على الطاولة...
ودارت الأيام دورتها الطبيعية ..
وفي الصباح الباكر ارتفع صوت الهاتف بالرنين فتوجهت إليه مسرعة لأتلقى الخبر السعيد، فانطلقت مسرعة فحضنت والدتي وقبلتها بحرقه, لقد حققت أمنيتك يا أمي أخذت والدتي تذرف دموع الفرح وتقول بارك الله فيك يا ابنتي
و بعد مرور شهر أخذ أبي يقلب صفحات الجريدة وتوالى نداءه نورة..نورة لقد قبلت في الجامعة ،لم أتمالك نفسي فاندفعت بشدة نحوه أقبل رأسه ، وأخذت أقفز في جميع أنحاء المجلس , وبعد مرور الأيام قرب بدأ العام الجديد ، وفي ليلة الخميس قمت بتجهيز حقيبة السفر ، والحرقة تقطع قلبي على فراق والديّ اللذان طالما أعتدت على القرب منهما والأنس بهما ..
نعم لأسكن بسكن الطالبات وفي تلك الليلة أخذت أتقلب على السرير أفكر حتى غلبني النعاس..
وفي صباح اليوم التالي حان وقت الوداع شعرت برغبة ملحة للبكاء على فراق والداي, فانفجرت بالبكاء
أخذ أبي يهدئني ويقول : تذكري قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( من سلك طريقا يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة ) وأخذت أمي تمسح دموعي ..
لتبدأ رحلتي ولأتجرع مرارة الفراق وشدته وعندما وصلت دخلت والحزن يغمر قلبي والدموع تنهمر على و جهي ، وأخذت أروح عن نفسي وأتذكر أن هذا الحلم الذي طالما انتظرته؛ لكي أشعر بالحرية وأتحرر من قيود الثانوية ، وقمت بمسح دموعي فإذا بالمفاجأة التي أسعدت قلبي أن صديقتي سارة تسكن معي وسريرها بجانب سريري ،وهي من الطبقة الاجتماعية الرفيعة تحب إتباع الموضة, وتعشق سماع الأغاني ، تحب ارتداء الضيق والقصير، تنمص حواجبها ، وتضع عباءتها على كتفيها، فرحت فرحا شديداً ؛ لأن صديقتي عصرية ...
كنت أتحرج منها في كثير من الأوقات؛ لأنها كانت تعايرني بعباءة الرأس حتى رغبتني بلبس عباءة الكتف فقلت: وماذا بشأن والديّ ؟
أجابت علي بكل سخرية وكيف سيعلمان ؟!
وقالت لي : ما هذه الحواجب لو ترتبيها سوف تبدين أكثر جمالاً
شيئاً فشيئاً حتى تبعتها وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم : ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) .
فأصبحنا نذهب الجامعة سوياً , جلسنا على طاولة الطعام ثم أخرجت سارة جهاز التسجيل ووضعت السماعة في أذنها والأخرى في أذني , وبينما كنا في صالة الطعام إذ بطالبة جميله تتجه إلينا ويسبغ عليها ذاك اللباس الساتر فسلمت علينا أغلقنا المسجل ثم رددنا عليها السلام
وقالت : لماذا تستمعان إلى هذه الأغاني الساقطة ؟! لو تسمعان القرآن لكان خيراً لكما..
قلت لها: نسمع القرآن أحياناً فما يمنع أن نستمع للأغاني..
فقالت : ولكن الله حرمها .
قلت: ومن قال أنها محرمة .
فقالت: قول الله تعالى:( ومن الناس من يشري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم )
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم :( سيأتي زمان على أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ) .
فقالت لها سارة : لقد قطعتي حديثنا وأرى أن نصيحتك قد انتهت فدعينا وشئننا ..
قالت: آسفة لقطعي حديثكما ولكن تذكرا أن هذا العمل مخالف لأنظمة الجامعة ثم انصرفت.
فعدنا على ما كنا عليه .
وبعد انتهاء الدوام عدنا إلى السكن وصورة تلك الفتاة لم تغب عن مخيلتي , فقلت لسارة عن ذلك فقالت: دعيها وشأنها إنها بنت دونيه ولا تعبئي بأمرها, ولا تنسٍِِ أن اليوم الثلاثاء جهزي حقيبتك كي لا يفوتك القطار غداً
فقلت لها: نعم سأفعل يالها من فرحه كم اشتقت لوالديّ
وفي صباح يوم الأربعاء بعد انتهاء الدوام ذهبنا إلى محطة القطار وركبنا القطار وإذ بسارة تتحدث مع شاب قلت لها: سارة من هذا الشاب ؟
فصمتت برهة!
ثم قالت: إنه أخي خالد يدرس هنا ويسكن بسكن الطلاب وهو على وشك التخرج
وقالت: لا تخافي تعالي واجلسي بجواري وبينما كنت أتحدث معها إذ بخالد ينظر إلي نظرات غريبة وعند وصولي اتصلت بالسائق ليأخذني من المحطة ثم وصلنا المنزل فرأيت والداي ينتظراني بحرقة وعند دخولي المنزل حضنت أمي وأبي وقبلّت رأسهما ثم ذهبت إلى غرفتي لآخذ قسطاً من الراحة واستلقيت على السرير وأخذت أفكر بخالد وتلك النظرات التي كان يبادلني حتى شعرت بالنعاس فنمت إلى غروب الشمس,واستيقظت فإذا بجوالي يعلو صوته بالرنين فإذا هو رقم غريب! أخذ الرقم يتكرر حتى وصلتني رسالة
( نورة) ردي علي أنا خالد
وجلست مع أمي وجاءت خالتي وابنتها ( رؤى) فأخذنا نتبادل أطراف الحديث حتى منتصف الليل فخرجت خالتي وابنتها
فقلت لأمي: تصبحين على خير يا أمي وذهبت كي أخلد للنوم ويأتي صباح يوم الجمعة وأستعد للذهاب للسكن والتقيت في القطار بسارة ولم يأتِ معها أخيها خالد..
وقالت لي: أن خالد مريض بسببك؛ لأنك لم تجيبي على مكالمته ! نظرت إليها نظرات تعجب !
وقلت لها: ومن أذن لك أن تعطيه رقمي
قالت في دهشة هو الذي أخذ الرقم مني دون علمي..
ولكن نورة لماذا لم تجيبي على مكالمته؟
لا يا سارة ماذا عن والداي إذا علما بالأمر..
قالت سارة : نورة لابد أن تتعرفي عليه فقد يكون انسجام بينكما فهذه الفطرة !!
و لِقلتْ علمي لم أجيب على وجهة نظرها..
وأخذت اتصالات خالد تتكرر وأنا صامدة كالطود رغم إلحاح سارة علي فإذا بهاتفي يرن ذهبت لأرى من المتصل فإذا هي رسالة من خالد..
يقول فيها (نورة) لقد مزقت قلبي من كثر التفكير بك ..
قرأت الرسالة ولم أتمالك نفسي حتى وقعت في ( وهم الحب ) شيئاً فشيئاً حتى انخفض مستواي الجامعي وأصبح جسمي نحيل ووجهي تبدو عليه علامات الشحوب..
وفي يوم الأربعاء أخذ الجوال يضج بالرنين فإذا هي والدتي وتقول
هل ستأتي اليوم؟
أمي لن آتي هذه الأجازة بسبب الامتحانات..
فألحت علي أمي بالمجيء إلى البيت
وقالت لي: سوف نهيأ لك سبل الراحة للمذاكرة و التركيز لكن الأهم أن تأتي إلينا فكم اشتقت أنا وأبيك إليك يا نورة , وبعد الانتهاء من مكالمة أمي اتجهت مسرعة نحو حقيبتي وأخذت أجهزها بسرعة حتى ألحق على موعد القطار فذهبت إلى المحطة و ركبت القطار , وعند وصولي إلى مدينتنا اتصلت بالسائق ليأخذني إلى المنزل.
دخلت المنزل ووالدي ينظران إليّ بنظرة استغراب ألقيت عليهم السلام ولم أنتظر الرد انطلقت مسرعة إلى غرفتي فإذا بأمي تتبعني وتقول لي :
ما هذا يا نورة ؟
أمي لم أفعل شيء ..
نورة كل ذلك وتقولين لم أفعل شيئاً
ما هذه العباءة ؟ التي تحتاج إلى عباءة أخرى تسترها ؟
وما هذا النقاب الذي تظهر منه معظم وجنتيك ؟
ما هذه السماعات التي تضعينها في أذنيك.؟
يا ابنتي ؟! لا تكوني كدودة القز تموت وسط ما تنسجه, الألفة بينها وبين شهوتها عجيبة, و المآخاة بينها وبين شيطانها عجيبة, فأنت مثلها تسيرين إلى النار بخطى ثابتة شعارك في الحياة تهلكين نفسك بشهواتك!
دعيني وشأني إلى متى وأنت تتدخلين في كل صغيرة وكبيرة..
خرجت المسكينة و الدموع تنهمر على وجنتيها فلم ألقِ لها بالاً..
فخلدت إلى النوم فإذا بصوت هاتفي يعلو بالرنين
فإذا بسارة تقول: تعالي منزلي كي نذاكر سوياً..
فرحت فرحاً شديداً, لأني سأقابل خالد
قلت لها: نعم سأفعل.
جهزت نفسي ولبست أحسن الملابس, وعند خروجي قابلتني والدتي
وقالت لي: إلى أين ستذهبين ؟
قلت: إلى صديقتي سارة كي نستذكر دروسنا سوياً..
خرجت ولم أنتظر موافقة أمي , فذهبت مع السائق إلى المنزل سارة وعند وصولي
قالت لي سارة: ما رأيك أن نخرج سوياً حينها لم أفكر بالاختبار لأن خالد هو الذي سوف يقوم بصحبتنا في هذه النزهة..
سبقت سارة فركبت السيارة
فإذا بخالد يقول لي: تعالي يا نورة بجواري
وقلت : وسارة
فرد علي .. نورة ستصبحين زوجتي مستقبلاً !!
فلم أتردد ركبت بجواره فانطلق مسرعاً...
فقلت له: انتظر أختك سارة لم تركب بعد, فرد خالد عليّ بنبره غريبة!!
ومن قال لك أن عندي أخوات ؟؟ أنا وحيد أمي وأبي!!