الفراشة أصبح فتيات Ftayat.com : يتم تحديث الموقع الآن ولذلك تم غلق النشر والمشاركات لحين الانتهاء من اتمام التحديث ترقبوا التحديث الجديد مزايا عديدة وخيارات تفاعلية سهلة وسريعه.
فتيات اكبر موقع وتطبيق نسائي في الخليج والوطن العربي يغطي كافة المجالات و المواضيع النسائية مثل الازياء وصفات الطبخ و الديكور و انظمة الحمية و الدايت و المكياج و العناية بالشعر والبشرة وكل ما يتعلق بصحة المرأة.
ملــ الفراشات ــكة
25-04-2022 - 07:59 am
  1. أعجبت في الموضوع فوضعته لكم

  2. المقدمة

  3. لهذا أخرجت هذا الكتاب وأسميته ((قصص من هموم الفتيات)).

  4. ولا تنسونا من صالح الدعاء في ظهر الغيب.

  5. المؤلف

  6. (1) جريدة الهدف الكويتية، العدد: 1867.

  7. (1) المجلة العربية، العدد: 236.

  8. وكانت تردد دائماً قول القائل:

  9. ما أقبح الناس في عيني وأسمجهم *** إذا نظرت فلم أبصرك في الناس


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أعجبت في الموضوع فوضعته لكم

المقدمة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد :
إن الفتاة – هذا المخلوق اللطيف – تئن وتتوجع وتغرق في بحر من الهموم والأحزان. لا يسمع لها أحد. ولا يفهمها أحد هموم تحطم الفتيات. نعم إنها صرخة تخرج من قلوب تلك الفتيات فهناك صرخة فتاة مطلقة. أو عانس، وصرخة فتاة مظلومة من زوجها، أو من أبنائها، أو من أهلها.
صرخات مكتومة، وهموم محبوسة في الصدور تقتل في الفتاة كل معاني الجمال فيها. من يسمع هذه الصرخات والآهات والهموم؟ من ينقذها من هذا المستنقع؟
إن هذه الفتاة هي أختي وأختك، بنتي وابنتك، أمي وأمك، زوجتي وزوجتك إذا لم نسمع لها ونشاركها همومها فمن يسمعها .. هل نتركها تعيش في غياهب الهموم والأحزان؟

لهذا أخرجت هذا الكتاب وأسميته ((قصص من هموم الفتيات)).

جمعت فيه غيض من فيض من هموم الفتيات. أحببت أن أخرج هذه الهموم والآهات والصرخات من مكامنها ومن صدور صاحباتها. فأرجو من الله أن أكون قد أخرجت بعضاً من هذه الهموم والآهات، من صدور الفتيات، فقد تجد من يهتم بهن ويرعاهن.

ولا تنسونا من صالح الدعاء في ظهر الغيب.

المؤلف

1 لا تسرقي العقد مني فأنا يتيمة إن سنة 2003 كانت سنة أولها رزق وفير وحصاد جيد. أما في نهايته، فلقد استوطنت الكآبة والإحباط في قلبي بل وحتى الخوف من الله العزيز الحكيم أما عذاب الضمير قد كان له أثر وشأن في نفسي كبير. لهذا أصبحت لا أنام من الليل إلا قليلاً لذلك أحاول ألا أذهب إلى فراشي إلا إذا غلبني النعاس وسيطر علي التعب. وقصدي هو أن لا تأتيني تلك الطفلة الصغيرة في الحلم. ورغماً عني تعاتبني على جرم وخطأ ارتكبته في حقها في يوم من الأيام، فأفسد علي حياتي بل وأفسد علي نومي، وعكّر مزاجي، فضلاً عن حالتي عندما أصحو من النوم. فإني لا أتمالك نفسي فأبكي بحرارة وحسرة. وندم على ما فعلت. ولكن هيهات فلقد قضى الأمر وانتهى. أقول لم يردعني دين أو خلق في يوم من الأيام على ما كنت أفعل. بل كنت على يقين بأنه لا ضمير عندي وإن كان فلن يعذبني هذا الضمير إلا يوم أو يومين، ثم ينتهي كل شيء ولا يبقى له أثر في قلبي. أما أن يكشف أمري أمام الناس ورجال الأمن، فذلك أمر كنت أراه بعيداً عني وهذا هو شعور كل لص قبل أن يرتكب جريمته. وعلى هذا الأساس وبناءً على حاجتي الماسة للمادة، فكرت في كيفية الحصول عليه بأسهل وأيسر الطرق من دون تعب كوني امرأة ولكن كيف؟ إلى أن جاء ذلك اليوم الذي تلقيت فيه دعوة لزواج صديقة لي بالدراسة. فذهبت في اليوم الموعود وفكرة الحصول على المال بطرق ملتوية تراودني، بل وتسيطر على تفكيري. وعندما دخلت الصالة أقول بصراحة، وجدت الذهب والألماس من كثرته كأنه ملقىً على الأرض. وبحاجة إلى من يأخذه فلقد رأيت النساء تتزين بذلك المعدن الثمين، وبكثرة، فهو ((الذهب)) في أياديهن ورقابهن وفوق رؤوسهن وحتى في أرجلهن. وهنا شعرت أن دوري يقتضي أن آخذ هذا الذهب. وتلك هي الفرصة الثمينة التي كنت أبحث عنها. وفي الوقت نفسه كان صوت الأغاني والرقص يساعداني على إتمام جريمتي. والنساء مشغولات، فلا يعلمن عن ذهبهن وعن بناتهن الصغيرات شيئاً، فلقد تركنهن يسرحن ويركضن في أطراف الصالة والذهب معلق في رقابهن وأياديهن الصغيرة. وهنا برزت الفكرة في بالي وبوضوح، وقلت في نفسي: ما يمنع أن أجرب حظي وأسرق هذه المرة ولو بإسورة أو حتى خاتم صغير ولكن استوقفتني عقبة صغيرة وهي كيف؟ ولكن سرعان ما اهتديت إلى فكرة جهنمية فجريت مسرعة من الصالة إلى أقرب بقالة، واشتريت بعض الحلويات والشكولاتة التي يحبها الأطفال الصغار. وقصدي من ذلك هو اصطيادهن وإغرائهن بهذا الطعم وفعلاً، نجحت الفكرة وأقبلت إحداهن ويقيني أنها لم تتجاوز السنوات الأربع من عمرها وهي تلبس من الذهب والحلي الشيء الكثير فدنوت منها وقلت في نفسي، هذه هي الفريسة، وتلك هي الضحية، فشاغلتها وأشغلتها بالكلام، وأعطيتها قطعة من الحلوى. وبهذه الطريقة استطعت أن أنزع الأساور من يدها الصغيرة، وخرجت مسرعة من الصالة. ولكني أقول الحقيقة أنه في تلك الليلة شعرت بعذاب الضمير إلا أني كنت سعيدة بالغنيمة وتلك السرقة الصغيرة، فبعتها وحصلت على ثمنها. وعلى هذا الأساس وذلك النجاح قررت تكرار التجربة مرة ثانية، شريطة أن أضع النقاب على وجهي حتى لا يتعرف علي أحد، وأدخل صالات الأعراس مع الداخلين وكأني مدعوة أو كأني منهم. وهكذا كررت التجربة مرات كثيرة وطوال سنة كاملة وهي سنة 2003م حيث كنت مشغولة طوال الأسبوع بالتردد على حفلات الزواج. حيث كان الرزق وفيراً. إلى أن جاءت ليلة ودخلت إحدى الصالات، وجلست أبحث عن فريسة في أركان الصالة فوجدتها جالسة بعيداً، وكأنها لا تشارك بالفرحة فانتهزت الفرصة، وقلت في نفسي تلك هي الفريسة، وهاهي الغنيمة. فتوجهت إليها بخطوات مسرعة وأنا ابتسم لها ابتسامة عريضة، والطعم كان في يدي، وهو بعض من الحلوى التي يستميت الأطفال على أكلها فدنوت منها وقلت: ما اسمك يا حلوة؟ فقالت: ((شعاع)) ، قلت والسنة الدراسية قالت: رابعة ابتدائي. وناجحة بامتياز. فقلت: لها اقتربي لأهنئك وأقبل رأسك وأعطيك هذه الحلوة فأنت حلوة، وتستحقين كل الخير فاقتربت المسكينة ببراءة الأطفال مني. وفي تلك اللحظة كانت يدي اليمنى تمتد لتلتف حول رقبتها لأفتح العقد، فشعرت هي وأوجست في نفسها خوفاً، وكأنها علمت مرادي وقصدي فقالت لي: لا تسرقي العقد مني فأنا يتيمة، ولن يشتري لي أحد غيره. فسحبت يدي منبهرة من كلامها، ولكن كوني إنسانة تجردت من الدين والأخلاق ومات ضميرها. فلقد قررت معاودة المحاولة مرة أخرى، ولا أخرج من هذه الحفلة خالية اليدين فقلت لها: لا تخافي يا ابنتي فقط أحب أن أرى هذا العقد الذي تتزينين به، لأنه جميل وحتى أشتري لابنتي واحد مثله. فاقتربت مني وصدقتني ونزعته ثم ناولتني إياه وناولتها قطعة الحلوى. فانشغلت هي بها، فخرجت أنا من الصالة مسرعة متوجهة إلى سيارتي. ووصلت البيت وعندما استلقيت على فراشي شعرت وللمرة الأولى بوخز الضمير بل ولقد كان جبيني يتصبب عرقاً. وحتى دقات قلبي هي الأخرى تزايدت وشعرت بخوف شديد وحاولت أن أغمض عيني لأنام. وما هي إلا سويعات، وإذا بشعاع تأتيني في المنام وهي تبكي، وتقول: أين عقدي فلقد ضربني أبي ضرباً مبرحاً، وانظري إلى جسدي فتلك هي آثار الضرب واضحة عليه. فأرجوك أرجعيه إلي فنهضت من نومي فزعة أتلفت يميناً ويساراً، لأني لم أستبعد بأن تكون تلك الطفلة معي في غرفتي. وعليه وبناء على ما شعرت به وما عانيته فقررت التوقف عن ممارسة نشاطي ولو لفترة محدودة حتى أرتاح. لكن ((شعاع)) جاءتني بعد يومين في الحلم مرة ثانية، وكررت على مسامعي ما كررته في المرة الأولى وهنا فقط شعرت بفداحة الجرم الذي ارتكبته وقررت التوبة والتوقف عن سرقة ذهب الأطفال بالأعراس. وبسبب تلك اليتيمة فقط قررت التوبة النصوح والرجوع إلى الله وذلك عندما وقفت بين يديه سبحانه وللمرة الأولى أصلي، وأطلب العفو والمغفرة والصفح منه. وما زلت على ذلك الطريق وأرجو أن أظل عليه إلى أن يتوفاني الله في يوم من الأيام. رغم مرور مدة طويلة على آخر سرقة وعلى آخر حلم بتلك الطفلة، إلا أن صورتها ما زالت في ذهني وتأتيني في الحلم ولو في الشهر مرة. وفي الوقت نفسه فإني ما تركت مكاناً ذهبت إليه إلا وتفحصت وجوه الأطفال فلعل أن تكون شعاع بينهم فأعطيها العقد الذي سرقته. منها لأني ما زلت أحتفظ به. وفي الوقت نفسه فما زال ضميري يعذبني منذ ذلك الوقت. وعليه فلن يهدأ لي بال، أو أن أعيش في سعادة، إلى أن أجدها وأعطيها عقدها الذي سرقته منها في يوم من الأيام. فأرجو أن يكون ذلك اليوم بل وتلك اللحظة التي ألتقي فيها شعاع قريبة جداً (1) .

(1) جريدة الهدف الكويتية، العدد: 1867.

2 وبكيت بين يديه كانت تجلس إلى جوار زوجها .. وهو يكتب رجل هادئ متواضع حنون، يتحمل منها الكثير، في صبر وصمت ما ذنبه؟ سألت نفسها، لماذا أعذبه وهو غير مسؤول عن رواسب في داخلي؟
إنه يتألم، بل أصابه العذاب في جسده، وأصبح زائراً مستمراً للأطباء، كل هذا لأنه يحبني، فيحتملني كما أنا، من أنا إذن؟ أنا إنسانة أصبحتُ لا أثق بأي رجل، بعد تجربة مضت لزوج خائن وغادر، حاولت أن أنسى الجرح القديم دون جدوى. شيء ما يؤكد لأعماقي أن كل الرجال متشابهون، كلهم خائنون، كذابون، لا وعد لهم ولا ذمة، كيف تقول هذا الكلام إنسانة متعلمة مثلي؟ كيف تشبعت أعماقي بهذه الاتهامات لجنس الرجال في الكرة الأرضية شرقاً وغرباً؟ كيف أظلم بذنب رجل واحد كل الرجال، ومنهم زوجي الطيب جداً، والذي يتألم لعدم ثقتي به كرجل وزوج وأب لأولادي؟ إنني أرفض أن أطلعه على راتبي، وأقول له بلهجة ناهرة: ليس من حقك أن تعرف كم راتبي، تماماً كما لا أسألك عن راتبك! فصمت .. والأكثر من هذا أنني رفضت المساهمة معه بأي مبلغ نقدي لمصروفات البيت، ومنذ زواجنا قلت له بحدة: هذه مسؤولية الرجل وحده، ولن أسمع بقلب الأوضاع، كل ما سأدفعه أجر الخادمة التي تقوم بعملي أثناء غيابي في العمل، غير ذلك أنت مسؤول عنا جميعاً، تنفق عليَّ وعلى أولادك، هذه مسؤولية الرجل شرعاً، وهو - زوجي – يصمت، ليته يثور أو ينفعل أو يعبّر عما بداخله، إن صمته يحقرني، يمزقني، يجعلني أفكر هل أهملني، أم هو رجل ضعيف لا يستطيع مواجهتي بقوة كزوجي الأول، الذي أكرهه اسماً وذكرى، هل صمت الرجل دائماً ضعف؟ حينما انتهى زوجها من كتابة تقرير مهم في العمل، التفت إليها قائلاً: لماذا تسهرين بجواري لهذا الوقت؟
وكيف تذهبين لعملك مبكراً بعد هذا السهر الطويل؟ هل تحتاجين شيئاً؟ لم تتمالك نفسها، تساقطت دموعها قائلة: بل هل تحتاج أنت شيئاً؟ أشعر أنك تفكر بقلق منذ أيام، هل تعاني شيئاً في عملك أو في البيت؟ قال باسماً: لا يا عزيزتي، كل الأمور على ما يرام، فقط معدتي، والقرحة، تؤلمني سواء أتناول طعاماً خفيفاً أم ثقيلاً، يبدو أنني كبرت، بينما أنت ما شاء الله، تزدادين جمالاً.. فجأة فوجئت به يتقيأ بحراً من الدماء، ويسقط مغشياً عليه. صرخت، الهاتف، الدكتور، المستشفى، من المستشفي أكد الطبيب على ضرورة مراعاة انفعالات زوجي، وتجنيبه كل الضغوط ، ومزاولته لعمل سهل. عدنا إلى البيت بعد عدة أيام، كان زوجي شاحباً هزيلاً، كأنه خيال، يستند إلى كتفي، ويعتذر أنه أرهقني في ليالي المستشفى الطويلة، وظل يشكرني بعبارات تفيض حباً وحناناً، قائلاً: لست أدري ماذا كنت أفعل لو لم يرزقني الله بزوجة تحبني وتحنو عليّ مثلك، إنني أحبك أكثر من نفسي، لكني سأصبح عبئاً عليك؛ لأن صلاحية معدتي قد انتهت، وأصبحت في حالة يرثى لها، كان وجهي قد غمرته دموعي، وزوجي الطيب لا يلاحظ ذلك، بل هو مسترسل في تعبيره الرقيق لي عن امتنانه، لا يعرف أنه يقتلني بهذه الكلمات، لأنني كثيراً ما آلمته بالشك وبفقد الثقة وبالحدة والعنف. لكنه رجل رقيق بطبعه فلا يذكر حالياً، إلا حناني معه وهو مريض راقد بالمستشفى! آه يا قلبي القاسي، كم قسوت على هذا الرجل حتى أمرضته، وآه يا خيالي المريض الذي عاقب رجلاً بريئاً بذنب آخر. نام زوجي كطفل شاحب، وتسللت إلى مكتبه، أرى التقرير الأخير الذي لم يرسله لعمله بسبب مرضه الأخير. فوجئت بأن الورقة، كان زوجي يسجل فيها حساباته، فعرفت أنه مدين بمبلغ كبير لأحد الأصدقاء، ولم يخبرني. نعم هو المبلغ الذي اشترى به السيارة حينما طلبت منه ذلك، كان زوجي يسهر إذن مؤرقاً لهذا الدين الكبير، لم يخبرني؛ لأنه فقد الأمل في تعاوني معه، كم أنا قاسية حقاً لتجربة ضيعت الأمان من نفسي، يا للماضي الذي كاد يحطم حاضري. في صباح اليوم التالي دخلت لزوجي وهو يتناول شاي الصباح، ووضعت أمامه كل مجوهراتي، وكل مدخراتي وكل حياتي، وبكيت بين يديه عله ينسى (1) !

(1) المجلة العربية، العدد: 236.

3 فتاة في وادي الأحزان كانت سلمى تنصت باهتمام إلى حديث أخيها أحمد الذي كان يكبرها بعدة سنوات. فقد كان عائداً لتوه من رحلته الأخيرة إلى خارج البلاد، تلك البلاد التي بدأت تجذب أنظار السياح لما يوجد فيها من مزايا عديدة هي محط آمالهم ومنتهى تطلعاتهم. وبعفوية تامة، وبغير مبالاة، بدأ أحمد يقص على أخته أخبار مغامراته المثيرة التي كانت تبدأ مع غروب الشمس، ولا تنتهي إلا قبيل بزوغها. واستمر أحمد يسرد أحداث رحلته، وهي في مجملها لا تتعدى مغامراته الليلية وبعض الأحداث التافهة الأخرى. كان الامتعاض يبدو جلياً على وجه سلمى وهي تنصت لأحاديث أخيها التافهة الذي لم يكن يدرك جسامة أخطائه ولا المتاهات الكبيرة التي كان ضائعاً فيها. وكادت سلمى أكثر من مرة أن تنفجر في وجهه لتسكته، لكنها كانت تكبت هذه الرغبة لعلمها أن لا فائدة منها لأنه رجل. وأخطاء الرجل في مجتمعها مغفورة، وفوق ذلك فهي فتاة، والفتاة لا يحق لها أن تنتقد رجلاً حتى وان كان هذا الرجل أخاها. وقررت سلمى أن تستعين بوالديها لإصلاح ما فسد من أمر أخيها أحمد .. فقد كانت تتألم من وضعه المتردي والذي يزداد يوماً بعد يوم. ورغم مواقفه السيئة منها، فقد كانت تتمنى له الصلاح، واغتنمت سلمى فرصة خلوها بوالديها فانطلقت تحدثهما عن أخبار أخيها، وأهمية العمل على إصلاحه لاسيما وهو الابن الأكبر الذي سيخلف والده في الإشراف على الأسرة. هذا الإشراف الذي يحتاج إلى حنكة ودراية لا يحسنهما أحمد بل ولا يقترب منهما. وكم كانت دهشة سلمى كبيرة عندما عرفت أن والديها يعلمان كل شيء عن أخيها وأنهما تركا مسألة إصلاحه للزمن فهو – على حد قولهما- كفيل بذلك. ورجعت سلمى إلى غرفتها، وارتمت على سريرها، وراحت تفكر فيما مر بها من أحداث ومتناقضات كان بعضها يكفي لجعلها تفقد عقلها واتزانها لولا رحمة الله. وعادت بذاكرتها إلى الأمس البعيد تسترجع شريط الذكريات، ذكريات الطفولة وأيام الدراسة والمآسي التي مرت بها أثناء دراستها. وبعد تلك الدراسة تذكرت سلمى كيف سمعت بخبر افتتاح مدرسة ابتدائية في قريتهم من بعض صديقاتها اللواتي كن يلعبن معها، وهي في السادسة من عمرها وتلقت هذا النبأ بفرح كبير فقد كانت تود أن تبقى مع أترابها أطول فترة ممكنة والمدرسة تحقق لها هذه الرغبة التي تكمن في أعماقها. وكما كان ألمها كبيراً عندما عرفت أن والدها يعارض إدخالها المدرسة بحجة أن الفتاة لا تستفيد من هذه الدراسة، وقد تتأثر بها بشكل معاكس، ثم ما يدريه أن بعض الناس قد يسخر منه وهم يرونه يرسل ابنته لهذه المدارس الجديدة التي كثر الحديث عنها، وتلقاها الناس ما بين مؤيد لها ومعارض. انصرفت معظم صديقات سلمى عنها، إذ التحقن بهذه المدرسة، وبدأن أولى خطواتهن نحو التعليم. وبكت سلمى كثيراً وهي ترى نفسها، وقد أصبحت وحيدة في منزل والديها وآلمها أن لا تجد من يؤنسها فذوى جسمها وظهر ذلك جلياً عليها. ومضت سنتان كاملتان وسلمى تقبع في بيتها، والألم يعتصرها والحزن قد نال من جسمها الصغير. ويحاول عمها الذي كان يسكن في العاصمة أن يقنع والدها بالتخلي عن رأيه وإدخالها المدرسة وينجح بعد جهد جهيد. وتبدأ سلمى حياة جديدة، وتستطيع بصبرها ومثابرتها أن تجتاز مراحل التعليم الأولى وحتى الثانوية بنجاح منقطع النظير. وفي هذه الأثناء تحدث متغيرات اجتماعية واقتصادية كبيرة في حياة مجتمعها مما حدا بوالدها وأسرتها إلى الانتقال إلى العاصمة، والانخراط في الحياة اليومية الجديدة التي تغاير حياة القرية بشكل كبير. وأثرت الحياة الجديدة على فكر الأب وتصرفاته لاسيما وقد أصبح المال عنصراً هاماً من عناصر هذا التفكير وذلك التصرف. وتدخل سلمى الجامعة لإكمال دراستها، وقد كانت تجد في هذه الدراسة طريقاً لإصلاح ما فسد من أوضاع بنات جنسها، كما كانت تجد فيها متنفساً لها من الضيق والعنت الذي تجده في منزل والديها. وفي الجامعة تتعرف سلمى على العديد من زميلاتها، وتحاول إقناعهن بترتيب زيارات بينهن للتشاور في حل بعض المشكلات التي تعترضهن ولتدارس أوضاعهن بشكل عام. لكن هذه الفكرة على أهميتها تصطدم برفض أهلهن، فمعظم الآباء أو الإخوة مشغولون بمشاكلهم الخاصة وشؤونهم الخارجية، ولا يجدون ما يدفعهم أو يشجعهم على الالتزام بأي شكل لهؤلاء الفتيات، ولو بجزء يسير من الوقت الذي يقضون معظمه في غير فائدة. وتحاول سلمى إقناع والدها بفائدة لقائها مع زميلاتها بين وقت وآخر ولكن محاولتها تصطدم برغبات الوالد الخاصة وانصرافه لشؤونه فلا تجدي هذه المحاولة معه شيئاً. ولم تقف المشكلة عند رفض والدها زيارتها لأولئك الصديقات، بل كانت تجد كذلك عنتاً في قضاء بعض حاجاتها الخاصة والتي لا بد منها. وكم كان يؤلم سلمى أن تجد نظرات الشك والارتياب تلاحقها من والدها، فهو لا يثق بتصرفاتها، ولا بفكرها، ولا بمقدراتها على خوض غمار الحياة، والتعامل معها بشكل مناسب وكان يشعرها دائماً بأنها ضعيفة، وبأنها معرضة للوقوع في المصائب في كل حين، وأن صرامة رغباته عليها لصالحها لأنها لا تعرف هذا الصالح كما يعرفه هو. وكانت تناقضات والدها تثير فيها الكثير من الدهشة والاستغراب والتساؤلات التي لا تجد لها تفسيراً في بعض الأحيان. فبينما كان والدها يمنعها من زيارة صديقاتها ويشعرها بضرورة رغباته كي لا تخطئ وكان يردد دائماً: إن العادات والتقاليد أساسية في كل خطوة نخطوها. بينما هو كذلك كانت ترى منه عجباً عندما يسافر إلى خارج البلاد. كان ينقلب إلى شخص آخر في أقواله وأفعاله. فكان يرتكب كل المنكرات على مسمع منها ومشهد دون حياء أو خجل. بل كان يتبجح أحياناً بما يفعل. وكان ينسى أنها فتاة في ريعان الشباب لها من العواطف أكثر مما له وأن الشيطان قد يؤثر عليها كما أثر عليه. وفي تلك البلاد لم يكن يهتم بمراقبتها، بل ولا يهمه أن يسأل عنها غابت أو حضرت. وكانت تسأله دائماً: أين العادات والتقاليد يا أبى؟ وهل ما تفعله الآن يتناسب معها؟ وكان يكفهر وجهه لهذا السؤال لأنه يدرك أنها تسخر منه لتشدقه بمثل هذا الكلام في بلاده، ونسيانه لكل أقواله عندما يكون خارجها. ويتكرر هذا المنظر أمام سلمى في كل مرة تسافر فيها مع أسرتها، ولم تكن تملك إزاءه غير الألم والحسرة، وإطلاق بعض الصيحات الخافتة في بعض الأحيان. وتبلغ سلمى العشرين، ويخطبها أخ لإحدى صديقاتها. وكانت تسمع من صديقتها عنه الشيء الكثير من نبل الأخلاق والتمسك بالإسلام والخلال الحميدة والصفات الحسنة. وهفا قلبها الغض لهذا الشاب. وكانت ترى فيه منقذاً لها من الحياة البائسة التي تحياها في بيت والدها. هذه الحياة المليئة بالمتناقضات والمشاكل والمضايقات. وإذا تعلق القلب بمن يهوى صعب عليه أن يتخلص منه. وتصاب المسكينة بخيبة أمل كبيرة عندما علمت أن والدها رفض هذا الشاب لا لشيء، إلا أن العادات والتقاليد التي يتشدق بها تعارض مثل هذا الزواج. وتحاول سلمى عبثاً إقناع والدها بالعدول عن رأيه، فتذكره بالإسلام فلا تجدي هذه التذكرة شيئاً. كما تذكره بأنه يحطم هذه العادات كلما سافر إلى الخارج فما باله يتمسك بها الآن. وتضيع صيحاتها في أوديته المجدية، وتعنته العفن، ورجولته الكاذبة. وتمضي الأيام بسلمى كثيبة حزينة تذرف دموع الحزن كلما تذكرت ذلك الشاب الذي سكن شغاف قلبها وكانت دائماً تتذكره، فالمحب قل أن ينسى، وكان لسان حالها يقول:
تطاول ليلى فلم أنمه تقلباً *** كأن فراشي حال من دونه الجمر
فإن تكن الأيام قد فرقن بيننا *** فقد بان مني في تذكره العذر

وكانت تردد دائماً قول القائل:

ما أقبح الناس في عيني وأسمجهم *** إذا نظرت فلم أبصرك في الناس

وكانت تحاول دائماً أن تتلمس سلواها في استذكار دروسها، والجلوس مع زميلاتها في الكلية ولكن أني لمثلها أن يسلو؟! وتتزوج سلمى من شخص آخر بعد أن تعرضت لضغوط رهيبة من والدها ووالدتها، وكانا يتوقعان أن ينسيها هذا الزواج ذلك الشاب الذي تعلقت به، وجعلها تعيش في عزلة تامة أثرت على صحتها وعلى فكرها، بل وعلى دراستها كذلك. وتبذل المسكينة جهوداً كبيرة للتكيف مع هذا الزوج، وتحاول أن تنسى من سكن شغاف قلبها، ويأبى الساكن الخروج.
دخولك من باب الهوى إن أردته *** يسير ولكن الخروج عسير
وكانت كلما تذكرت صاحبها *** الأول تذرف عليه دموع الحزن.
أرى آثارهم فأذوب شوقا


التعليقات (1)
ツغــفـــღـــورهـツ
ツغــفـــღـــورهـツ
الله يعطيك
العافيه
حفظت الموضوع عنديي
قي اقرب فرصة ان شاء الله

كيس الحلوى قصة قصيرة برعاية شلة احلى صبايا
قصة لكل بنت مهر بدون زواج قصة للعبرة