- نعم .. وللحكاية بداية ....
- دخلت المنزل .. وسلمت على جدتي .. وجلست أتحدثُ معها ..
- كم أحبها .. فهي الصدر الحنون الذي آوي إليه بعد أن انشغل عني والداي!!
- كان هذا خيراً لي .. فقد كانت جذوري غير راسخة ...
لا....لا....لا....
صرخة خرساء !
تعطف في داخلي ....
لم أستطع إنقاذها.... كنت أخشى على السر أن ينكشف ! وأمام الصندوق البني ...... خارت قواي .... ولم أتمالك نفسي ...
سقطت على ركبتي ...... وانهمكت في البكاء شديد..... وأخذت أصرخ .. وأصرخ ولكن في أعماقي!!!
لم أكن أشعر بمن حولي ... كانوا كلهم واقفين .... ويقرؤون كلام لا أفهمه ...ولكني وحدي .. وحدي فقط .... من يعرف السر المكنون في ذلك الصندوق !!! كنت عاجزة عن كل شئ ...إلا عن البكاء... والنظر إلى داخل الصندوق البني .. حتى حملو من بين يدي..حملوه ...وأنا أنظر..لا أقوى على شئ.. كانت نظراتي تلاحقه... وصرخة مخنوقة في صدري :
إنه لنا .. إنه منا ... مالكم وله ؟؟! أتركوه .. أتركوه...أت....
وختفى ذلك الصندوق عن نظراتي العاجزة .. ومضوا به إلى المكان البعيد ... وهناك دفنوه... ودفنوا معه السر المكتوم !!
نعم .. وللحكاية بداية ....
أعترف لكم ...لم أكن أعرف قدر ماعندي ...كنت ظامئة والماء بجانبي ...حائرة والنور في داخلي ...أركض خلف السراب ...لم أشعر يوماً أنني أمتلك كنزاً لا يساوم بثمن ... لم أكن أدرك شيئاً من ذالك ...حتى التقيت بها! في معهد الكمبيوتر..جمعتنا مقاعد المدرسة ..في العشرين من عمرها ..متوسطة الطول..بيضاء ..جميلة الملامح .. يزينها شعرٌ أشقر ..ولها عينان خضراوا ن ..كانت هادئة الطبع ..حسنت الخلق .. انجذبت نحوها كثيراً .. قررت أن أتعرف عليها أكثر ...اقتربت منها .. مرحباً.. أنا (( ناديا )).. ما أسمك ؟
أسمي (( مايا)) .. ((مايا )) !! هذا يعني أنك .. ! نعم..نصرانية...
لا يهم...لا يهم...المهم أن نكون صديقتين..
وكان اللقاء...وكانت الصداقة...
كانت طباعنا متقاربة...توافقنا في كل شيء...والعجيب
أن مولدنا أيضًا كان في يوم واحد!
كنا لا نكاد نفترق.. نجتمع دائماً إما في المعهد .. وإما في النادي …
كانت تحب لعبة الإسكواش والتنس .. وأما أنا فكنت أهوى ركوب الخيل ..
وأتدرب كثيراً.. حتى أصبحت فارسة ماهرة !
ركبت معي (( مايا)) ذات مره على الفرس .. لكنها سقطت … أيام جميله حقاً… وذكريات لا تنسى … لو أستطيع أن أدير عقارب الزم إلى الوراء لفعلت … ولكن !هيهات ..
كنت أزورها كثيراً في منزلها .. وهي أيضاً.. كانت تمكث معي في بيت جدتي الساعات الطوال حتى أن جدتي أحبتها كثيراً …
أستهواني الدين النصراني …
كنت أريد أن أعرف عنه كل شئ …. ذهبت معها أكثر من مرة إلى كنائس... كنت أسأل عن أشياء لا أفهمها .. وتجيبني عنها في إيجاز ..أما هي فكانت تجلس صامتة .. وعلى وجهها ملامح الحيرة....
طلبت مني ذات يوم أن أذهب معها إلى الكنيسة ... لنؤدي صلاة عيد القيامة ... لم أمانع أبداً!!!!
كانت جذوري غير راسخة... لم أكن أعرف قدر ما عندي !!
ذهبت معها ...كانت تختلس النظر إلي .. تريد أن ترى ردة فعلي .. لم أعلق على شيء ... كان الذي يدور أمامي طلاسم محيره .. لا أستطيع فهمها...
وهي أيضاً ... كنت ألمح في عينيها نظراتٍ حائرة ...
في اليوم التالي ... زرتها في منزلها ... تحدثنا كثيراً .. وضحكنا كثيراً .. لمنكن نحسب للزمن حساباً .. المهم أن نبقى معاً ..
وعندما هممت بالانصراف لمحت عندها بعض الكتب التي تتحدث عن النصرانية .. دفعني الفضول إلى طلبها من صديقتي ... فوافقت ..
أخذت تلك الكتب معي إلى المنزل ... وأنا في شوق إلى قراءتها ... فقد كنت أحب أن أفهم هذا الدين المليء بالألغاز .
دخلت المنزل .. وسلمت على جدتي .. وجلست أتحدثُ معها ..
كم أحبها .. فهي الصدر الحنون الذي آوي إليه بعد أن انشغل عني والداي!!
في أثناء الحديث .. وقع نظر جدتي على تلك الكتب ... ودهشت عندما رأت الصليب مرسوماً على الغلاف .. نظرت إلي في حدة .. وثارت في وجهي .. وصرخت بصوت عالٍ .. وسبتني سباً شديداً لم أسمعه منها من قبل . ثم حملت الكتب ورمت بها في وجهي ..
مالها!! لم أرها غاضبة من قبل ... لم أكن أعرف ماذا يجري ... وكل ما أدركته أن إحضاري لهذه الكتب أمر مزعج ... خطأ كبير...
اعتذرت إلى جدتي ... وفي اليوم التالي أرجعت الكتب إلى ((مايا)) ... وقلت لها إنني قد قرأتها ...
كان هذا خيراً لي .. فقد كانت جذوري غير راسخة ...
أجهل الكثير من الدين .. وأتجاوز الحدوده .. لم أكن أعرف الحجاب .. وأفرط كثيراً في الصلاة... وفي غرفتي كم هائل من أشرط الغناء .. وفي النادي أمضي الساعات الطويلة أمتطي صهوة الحصان .. وفي نفسي جوانب مظلمة.. لا أريد أن يراها أحد .. وأحاول إخفاءها حتى عن نفسي !
كان الشيء الوحيد الذي يربطني بالإسلام .. أنني أذهب كل جمعه إلى المسجد لأشهد صلاة الجمعة مع المسلمين !!!
وفي ذات يوم ... بعد صلاة الجمعة .. رجعت إلى المنزل ... ووجدت صديقتي ((مايا)) جالسة مع جدتي تنتظرني .. جلسنا معاً نتحدث .. ثم انصرفت جدتي لتعد الغداء ... اقتربت مني ((مايا)) .. وقالت لي : إنها تريد بعض الكتب التي تتحدث عن الإسلام .. قلت لها : ولماذا ؟ قالت إنها تود أن تعرف بعض المعلومات عن الإسلام .. اعتذرت لها ... فلم يكن عندي شيء من الكتب الدينية !!
ولكني وعدتها بأن أحضر لها ما تريد ... في اليوم التالي ... ذهبت إلى بيت والدي ... وبحثت في مكتبه .. فلم أجد شيئاً سوى ( القرآن الكريم بالتفسير) .. فأخذته و انصرفت.. ولم يعرف والدي أو والدتي أنني جئت إلى المنزل ... ولم أنتظر هما حتى يعودا من العمل ! حملت (المصحف المفسر) إلى صديقتي ((مايا)) .. أخذته مني في لهفة .. وشكرتني كثيراً على ذلك ... ثم افترقنا .. في الصباح اليوم التالي ... ذهبت إلى المعهد .. وكلي شوق للقاء صديقتي ..
ولكنها لم تحضر!!!
أتفحص وجوه البنات ولم أرى ((مايا)) ... ماذا جرى؟!
ازدادت مخاوفي ... وذهبت بي الظنون كل مذهب ...
في اليوم الثالث : لم تحضر (( مايا))
ما الذي حدث ؟!
أين هي الآن ؟!
هل.....؟!
قطعت كل التساؤلات ... وقررت أن أذهب إلى منزلها...
لأطمئن عليها ... طرقت الباب ... فإذا بصديقتي تستقبلني...
((مايا)) الحمد الله ..أنتِ بخير ..لقد ..
لم تدع لي فرصة للتحدث ... ولم تجبني عن شيء ...
ابتسمت لي .. وأخذت بيدي ... وخرجت بي مسرعة .. وذهبنا إلى بيت جدتي ... وكانت جدتي غائبة عن المنزل .
في بيت جدتي ...
تحدثنا قليلاً .. ثم انصرفت لأحضر العصير ...
رجعت إليها ... فإذا بها مطرقة الرأس ... غارقة في تفكير عميق ...
شعرت بأنها تخفي شيئاً .. سر كبير يناديني من وراء تلك العينين الحائرتين ... اقتربت منها ...همست إليها ...
شوفو إذاعجبتكم هذي القصة قلولي علشان أكملها لينها طويله ونهيتها حلوه مره